الباحث القرآني
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإذا كُنْتَ فِيهِمْ﴾، هَذِهِ الهاءُ والمِيمُ يَعُودانِ عَلى المُؤْمِنِينَ، أيْ: وإذا كُنْتَ أيُّها النَّبِيُّ في المُؤْمِنِينَ في غَزَواتِهِمْ وخَوْفِهِمْ، ﴿فَأقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنهم مَعَكَ ولْيَأْخُذُوا أسْلِحَتَهم فَإذا سَجَدُوا﴾، أيْ: فَإذا سَجَدَتِ الطّائِفَةُ الَّتِي قامَتْ مَعَكَ، ﴿فَلْيَكُونُوا مِن ورائِكم ولْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ ولْيَأْخُذُوا حِذْرَهم وأسْلِحَتَهُمْ﴾، جائِزٌ أنْ يَكُونَ - واللَّهُ أعْلَمُ -: ولْتَأْخُذِ الجَماعَةُ حِذْرَهُمْ، وأسْلِحَتَهُمْ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الَّذِينَ هم وُجاهَ العَدُوِّ يَأْخُذُونَ أسْلِحَتَهُمْ، لِأنَّ مَن في الصَّلاةِ غَيْرُ مُقاتِلٍ، وجائِزٌ أنْ تَكُونَ الجَماعَةُ أُمِرَتْ بِحَمْلِ السِّلاحِ، وإنْ كانَ بَعْضُها لا يُقاتِلُ، لِأنَّهُ أرْهَبُ لِلْعَدُوِّ، وأحْرى ألّا يُقْدِمَ عَلى الحَذِرِينَ المُتَيَقِّظِينَ المُتَأهِّبِينَ لِلْحَرْبِ في كُلِّ حالٍ، وقَدِ اخْتَلَفَ النّاسُ في صَلاةِ الخَوْفِ، فَزَعَمَ مالِكُ بْنُ أنَسٍ أنَّ أحَبَّ ما رُوِيَ فِيها إلَيْهِ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قامَ يُصَلِّي، وقامَتْ خَلْفَهُ طائِفَةٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ، وطائِفَةٌ وُجاهَ العَدُوِّ، فَصَلّى بِالطّائِفَةِ الَّتِي خَلْفَهُ رَكْعَةً، وقامَ فَأتَمَّتِ الطّائِفَةُ بِرَكْعَةٍ أُخْرى، وسَلَّمَتْ، وهو ﷺ واقِفٌ، ثُمَّ انْصَرَفَتْ، وقامَتْ وُجاهَ العَدُوِّ، والنَّبِيُّ ﷺ واقِفٌ (p-٩٨)فِي الصَّلاةِ، وأتَتِ الطّائِفَةُ الَّتِي كانَتْ وُجاهَ العَدُوِّ، فَصَلّى بِهِمْ رَكْعَةً ثانِيَةً لَهُ، وهي الأُولى لِهَذِهِ الطّائِفَةِ الأُخْرى، وجَلَسَ النَّبِيُّ ﷺ، وقامُوا فَصَلَّوْا رَكْعَةً ثانِيَةً وحْدَهُمْ، وهو ﷺ قاعِدٌ، وقَعَدُوا في الثّانِيَةِ، فَسَلَّمَ، وسَلَّمُوا بِتَسْلِيمِهِ، فَصَلَّتْ كُلُّ طائِفَةٍ مِنهم رَكْعَتَيْنِ، وصَلّى النَّبِيُّ ﷺ رَكْعَتَيْنِ،» وقالَ مالِكٌ: هَذا أحَبُّ ما رُوِيَ في صَلاةِ الخَوْفِ إلَيَّ، وأمّا ”أسْلِحَةٌ“، فَجَمْعُ ”سِلاحٌ“، مِثْلَ ”حِمارٌ“، و”أحْمِرَةٌ“، و”سِلاحٌ“، اِسْمٌ لِجُمْلَةِ ما يَدْفَعُ النّاسُ بِهِ عَنْ أنْفُسِهِمْ في الحُرُوبِ، مِمّا يُقاتَلُ بِهِ خاصَّةً، لا يُقالُ لِلدَّوابِّ، وما أشْبَهَها: ”سِلاحٌ“، فَأمّا ”وَلْيَأْخُذُوا“، فالقِراءَةُ عَلى سُكُونِ اللّامِ: ”وَلْيَأْخُذُوا“، و”وَلِيَأْخُذُوا“، هو الأصْلُ، بِالكَسْرِ، إلّا أنَّ الكَسْرَ اسْتُثْقِلَ، فَيُحْذَفُ اسْتِخْفافًا، وحَكى الفَرّاءُ أنَّ لامَ الأمْرِ قَدْ فَتَحَها بَعْضُ العَرَبِ في قَوْلِكَ: ”لِيَجْلِسْ“، فَقالُوا: ”لَيَجْلِسْ“، فَفَتَحُوا، وهَذا خَطَأٌ، لا يَجُوزُ فَتْحُ لامِ الأمْرِ، لِئَلّا تُشْبِهَ لامَ التَّوْكِيدِ، وقَدْ حَكى بَعْضُ البَصْرِيِّينَ فَتْحَ لامِ الجَرِّ، نَحْوَ قَوْلِكَ: ”اَلْمالُ لِزَيْدٍ“، تَقُولُ: ”اَلْمالُ لَزَيْدٍ“، وهَذِهِ الحِكايَةُ في الشُّذُوذِ كالأُولى، لِأنَّ الإجْماعَ، والرِّواياتِ الصَّحِيحَةَ كَسْرُ لامِ الجَرِّ، ولامِ الأمْرِ، ولا يُلْتَفَتُ إلى الشُّذُوذِ، خاصَّةً إذا لَمْ يَرْوِهِ النَّحْوِيُّونَ القُدَماءُ الَّذِينَ هم أصْلُ الرِّوايَةِ، وجَمِيعُ مَن ذَكَرْنا مِنَ الَّذِينَ رَوَوْا هَذا الشّاذَّ عِنْدَنا صادِقُونَ في الرِّوايَةِ، إلّا أنَّ الَّذِي سَمِعَ مِنهم مُخْطِئٌ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ﴾، (p-٩٩)”اَلْجُناحُ“: اَلْإثْمُ، وتَأْوِيلُهُ: مِن ”جَنَحْتُ“، إذا عَدَلْتُ عَنِ المَكانِ، أيْ: أخَذْتُ جانِبًا عَنِ القَصْدِ، فَتَأْوِيلُ ”لا جُناحَ عَلَيْكم“، أيْ: لا تَعْدِلُونَ عَنِ الحَقِّ إنْ وضَعْتُمْ أسْلِحَتَكُمْ، ﴿إنْ كانَ بِكم أذًى مِن مَطَرٍ﴾، و”أذًى“، مَقْصُورَةٌ، تَقُولُ: ”أذِيَ، يَأْذى، أذًى“، مِثْلَ: ”فَزِعَ، يَفْزَعُ، فَزَعًا“، ومَوْضِعُ ”أنْ تَضَعُوا“: نَصْبٌ، أيْ: لا إثْمَ عَلَيْكم في أنْ تَضَعُوا، فَلَمّا سَقَطَتْ ”في“، عَمِلَ ما قَبْلَ ”أنْ“، فِيها، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَوْضِعُها جَرًّا، بِمَعْنى ”في“ .
{"ayah":"وَإِذَا كُنتَ فِیهِمۡ فَأَقَمۡتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَلۡتَقُمۡ طَاۤىِٕفَةࣱ مِّنۡهُم مَّعَكَ وَلۡیَأۡخُذُوۤا۟ أَسۡلِحَتَهُمۡۖ فَإِذَا سَجَدُوا۟ فَلۡیَكُونُوا۟ مِن وَرَاۤىِٕكُمۡ وَلۡتَأۡتِ طَاۤىِٕفَةٌ أُخۡرَىٰ لَمۡ یُصَلُّوا۟ فَلۡیُصَلُّوا۟ مَعَكَ وَلۡیَأۡخُذُوا۟ حِذۡرَهُمۡ وَأَسۡلِحَتَهُمۡۗ وَدَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَوۡ تَغۡفُلُونَ عَنۡ أَسۡلِحَتِكُمۡ وَأَمۡتِعَتِكُمۡ فَیَمِیلُونَ عَلَیۡكُم مَّیۡلَةࣰ وَ ٰحِدَةࣰۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ إِن كَانَ بِكُمۡ أَذࣰى مِّن مَّطَرٍ أَوۡ كُنتُم مَّرۡضَىٰۤ أَن تَضَعُوۤا۟ أَسۡلِحَتَكُمۡۖ وَخُذُوا۟ حِذۡرَكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلۡكَـٰفِرِینَ عَذَابࣰا مُّهِینࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق