الباحث القرآني

﴿وَإذا كُنْتَ﴾ يا مُحَمَّدُ ﴿فِيهِمْ﴾ في أصْحابِكَ ﴿فَأقَمْتَ لَهُمُ الصَلاةَ﴾ فَأرَدْتَ أنْ تُقِيمَ الصَلاةَ بِهِمْ، وبِظاهِرِهِ تَعَلَّقَ أبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ فَلا يَرى صَلاةَ الخَوْفِ بَعْدَهُ عَلَيْهِ السَلامُ. وقالا: الأئِمَّةُ نُوّابٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ في كُلِّ عَصْرٍ، فَكانَ الخِطابُ لَهُ مُتَناوِلًا لِكُلِّ إمامٍ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿خُذْ مِن أمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ﴾ [التَوْبَةُ: ١٠٣]. دَلِيلُهُ فِعْلُ الصَحابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهم بَعْدَهُ عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ. ﴿فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنهم مَعَكَ﴾ فاجْعَلْهم طائِفَتَيْنِ، فَلْتَقُمْ إحْداهُما مَعَكَ فَصَلِّ بِهِمْ، وتَقُومُ طائِفَةٌ تُجاهَ العَدُوِّ ﴿وَلْيَأْخُذُوا أسْلِحَتَهُمْ﴾ أيِ: الَّذِينَ تُجاهَ العَدُوِّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: وإنْ كانَ المُرادُ بِهِ المُصَلِّينَ، فَقالُوا: يَأْخُذُونَ مِنَ السِلاحِ ما لا يَشْغَلُهم عَنِ الصَلاةِ، كالسَيْفِ، والخِنْجَرِ، ونَحْوِهِما. ﴿فَإذا سَجَدُوا﴾ أيْ: قَيَّدُوا رَكْعَتَهم بِسَجْدَتَيْنِ، فالسُجُودُ عَلى ظاهِرِهِ عِنْدَنا، وعِنْدَ مالِكٍ بِمَعْنى الصَلاةِ ﴿فَلْيَكُونُوا مِن ورائِكُمْ﴾ أيْ: إذا صَلَّتْ هَذِهِ الطائِفَةُ الَّتِي مَعَكَ رَكْعَةً، فَلْيَرْجِعُوا لِيَقِفُوا بِإزاءِ العَدُوِّ. ﴿وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا﴾ في مَوْضِعِ رَفْعِ صِفَةٍ لِطائِفَةٍ ﴿فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾ أيْ: ولْتَحْضُرِ الطائِفَةُ الواقِعَةُ بِإزاءِ العَدُوِّ، فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ الرَكْعَةَ الثانِيَةَ. ﴿وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ﴾ ما يَتَحَرَّزُونَ بِهِ مِنَ العَدُوِّ، كالدِرْعِ، ونَحْوِهِ. ﴿وَأسْلِحَتَهُمْ﴾ جَمْعُ سِلاحٍ، وهو ما يُقاتِلُ بِهِ، وأخْذُ السِلاحِ شَرْطٌ عِنْدَ الشافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ، وعِنْدَنا مُسْتَحَبٌّ، وكَيْفِيَّةُ صَلاةِ الخَوْفِ مَعْرُوفَةٌ. ﴿وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أسْلِحَتِكم وأمْتِعَتِكُمْ﴾ أيْ: تَمَنَّوْا أنْ يَنالُوا مِنكم غِرَّةً في صَلاتِكم ﴿فَيَمِيلُونَ عَلَيْكم مَيْلَةً واحِدَةً﴾ فَيَشُدُّونَ عَلَيْكم شِدَّةً واحِدَةً ﴿وَلا جُناحَ عَلَيْكم إنْ كانَ بِكم أذًى مِن مَطَرٍ أوْ كُنْتُمْ مَرْضى أنْ تَضَعُوا﴾ في أنْ تَضَعُوا ﴿أسْلِحَتَكم وخُذُوا حِذْرَكُمْ﴾ رَخَّصَ لَهم في وضْعِ الأسْلِحَةِ إنْ ثَقُلَ (p-٣٩٢)عَلَيْهِمْ حَمْلُها، بِسَبَبِ ما يَبُلُّهم مِن مَطَرٍ، أوْ يُضْعِفُهم مِن مَرَضٍ، وأمَرَهم مَعَ ذَلِكَ بِأخْذِ الحَذَرِ لِئَلّا يَغْفُلُوا، فَيَهْجُمَ عَلَيْهِمُ العَدُوُّ. ﴿إنَّ اللهَ أعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذابًا مُهِينًا﴾ أخْبَرَ أنَّهُ يُهِينُ عَدُوَّهُمْ، لِتَقْوى قُلُوبُهُمْ، ولِيَعْلَمُوا أنَّ الأمْرَ بِالحَذَرِ لَيْسَ لِتَوَقُّعِ غَلَبَتِهِمْ عَلَيْهِمْ، وإنَّما هو تَعَبُّدٌ مِنَ اللهِ تَعالى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب