الباحث القرآني
ثم قال الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ [المائدة ٥٤]، سبق لنا الكلام على قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ وما فائدة تصدير الخطاب بالنداء ثم بوصف الإيمان.
وقوله: ﴿مَنْ يَرْتَدَّ﴾ فيها قراءتان: ﴿يَرْتَدِدْ﴾ بفك الإدغام، و﴿يَرْتَدَّ﴾ بالإدغام، أما على قراءة ﴿يَرْتَدِدْ﴾ فهي مجزومة والجزم ظاهر بـ(مَن) الشرطية، لكن ﴿مَنْ يَرْتَدَّ﴾؟
* طالب: مجزومة.
* الشيخ: لا، مفتوحة يا إخوان!
* طالب: السكون مدغم في حركة الياء.
* الشيخ: نقول: لما أُدْغِمَت الدال في الأخرى حُرِّكَتِ الثانية بالفتح لالتقاء الساكنين.
﴿مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ﴾ ﴿عَنْ دِينِهِ﴾ يعني: عن عمله الذي يدين الله به وهو العبادة.
﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ﴾ الفاء رابطة للجواب؛ أي: جواب الشرط، لأن هذا أحد المواضع السبعة التي يجب اقترانها بالفاء إذا وقعت جوابًا للشرط، والبقية مذكورة في بيت ما هو؟
؎اسْمِيَّةٌ طَلَبِيَّةٌ وَبِجَامِدٍ ∗∗∗ وَبِمَا وَقَدْ وَبِلَنْ وَبِالتَّنْفِيسِ
هذه سبعة مواضع إذا وقعت جوابًا للشرط سواء كان الشرط جازمًا أم غير جازم فلا بد أن تقترن بالفاء ولا تحذف إلا قليلًا ولا سيما عند ضرورة الشعر كما في قول الشاعر:
؎مَنْ يَفْعَلِ الْحَسَنَاتِ اللَّهُ يَشْكُرُهَا ∗∗∗ .............................
والواجب أن يقال: (فالله)؛ لأنها جملة اسمية.
﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ قالوا: إن سوف والسين تتفقان في دلالتهما على التأكيد، لكنهما تختلفان بأن (السين) تدل على الفورية، و(سوف) تدل على الإمهال.
﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ ﴿بِقَوْمٍ﴾ يعني: غير المرتدين، ولم نتكلم على الارتداد ما هو، الارتداد عن الدين ينحصر في شيئين؛ إما الجحود، وإما الاستكبار.
لو قرأت جميع ما ذكره الفقهاء في كتاب المرتد لوجدته لا يخرج عن هذين الأمرين وهما: الجَحْدُ والاستكبار؛ الجَحْد يعني التكذيب في الأخبار، والاستكبار عن الامتثال، كل الردة تعود على هذين الأمرين، وما يذكر من التفاصيل فهذا عبارة عن تشقيق لهذه الجملة وتفريع عليها.
﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ﴾ وذَكَرَ أوصافًا فَلْنُعَدِّدْهَا: ﴿يُحِبُّهُمْ﴾، ﴿وَيُحِبُّونَهُ﴾، ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾، ﴿أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾، ﴿يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، ﴿وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ﴾ سِتَّة أوصاف؛ يعني إن ارتددتم فلن تضروا الله شيئًا ولن تضروا الإسلام شيئًا، بل إن الله سيأتي بقوم هذه صفاتهم.
﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ فما معنى المحبة؟ المحبة هي المحبة، ولا يمكن أن تُعَرِّفَها بأوضح من لفظها، وهكذا جميع الأشياء الانفعالية لا يمكن أن تَحُدَّهَا بأكثر من لفظها، لو قلت: ما هو الغضب؟ الغضب هو الغضب.
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في الكتاب المنسوب إليه وهو روضة المحبين، ذكر للمحبة أسماء كثيرة يعني تعريفاتٍ كثيرة لكنه قال: كلها لا تصح، كلها تفسير لها بلوازمها أو آثارها أو ما أشبه ذلك.
﴿يُحِبُّهُمْ﴾ هو سبحانه وتعالى، ﴿وَيُحِبُّونَهُ﴾ لكن يجب أن نعلم أن محبة الله تخالف محبة الإنسان في أسبابها وآثارها وكيفيتها؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى ١١].
﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ يعني: أنهم لا يستكبرون على المؤمنين ولا يَتَرَفَّعُون عليهم بل يَتَطَامَنُون لهم، ويَذِلُّون لهم أي: يتواضعون كما في قول الله تبارك وتعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح ٢٩]؛ ولهذا عُدِّيَتْ ﴿أَذِلَّةٍ﴾ بـ (على) دون اللام؛ يعني لم يقل: (أذلة للمؤمنين)، بل قال: (أذلة عليهم)؛ يعني: ذوي شفقة عليهم وحنان عليهم دون استعلاء واستكبار.
﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ ﴿أَعِزَّةٍ﴾ يعني: أقوياء، يُرُونَ الكافرين القوة والعزة والافتخار بما هم عليه من الدين.
ثالثًا: ﴿يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ والجهاد: بذل الجهد لإدراك الشيء، والمراد به هنا: بذل الجهد لقتال الأعداء، ثم إن كان لإعلاء كلمة الله فهو جهاد في سبيل الله، وقد بَيَّن النبي ﷺ الجهاد في سبيل الله بأنه الذي يُقاتِل لتكون كلمة الله هي العليا لا لأن يعلو هو، بل لتكون كلمة الله هي العليا؛ فقد «سُئِلَ النبي عليه الصلاة والسلام عن الرجل يُقاتِل شجاعةً وحَمِيَّةً ورِياءً، أَيُّ ذلك في سبيل الله؟ قال: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِي الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٧٤٥٨) ومسلم (١٩٠٤ / ١٥٠) من حديث أبي موسى الأشعري.]] وسبيل الله طريقه الموصل إليه، وقد أضافه الله إلى نفسه وأضافه إلى غيره فقال تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء ١١٥].
وأضاف الله السبيل إليه في آيات كثيرة ولا منافاة فإن الله أضاف السبيل إليه لوجهين: الأول أنه هو الذي شرعه وفتح طريقًا إليه، والثاني أنها موصلة إليه كما تقول: هذا سبيل مكة، تعني طريقها الموصل إليها، أما إضافته إلى المؤمنين فلأنهم سالكوه، فهو يضاف إلى الله باعتبار وإلى المؤمنين باعتبار، فلما اختلفت الجهة لم يكن هناك تناقض.
قال: ﴿وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ﴾ اللوم هو العذل يعني إن الإنسان ما يخاف إذا جاهد في سبيل الله وصار عزيزًا على الكافرين ذليلًا على المؤمنين لا يهمه أن يُلَام أو لا يُلَام لأنه يريد هدفًا آخر، لا يريد أن يكون محمودًا عند الناس ولا مذمومًا عندهم، وإنما يريد مرضاة الله سبحانه وتعالى.
﴿وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ﴾ وقوله: ﴿لَوْمَةَ لَائِمٍ﴾ يعني: أَيّ لومة من أَيِّ لائم، أخذنا (أَيّ لَوْمة) من كلمة ﴿لَوْمَةَ﴾ وهي وحدها.
﴿لَائِمٍ﴾ نكرة فيشمل كل من يلوم سواء كان من الأقارب أو الأباعد أو الأصحاب أو غيره لا يخافون لومة لائم.
ثم قال الله عز وجل: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ ﴿ذَلِكَ﴾ المشار إليه الاتصاف بهذه الأوصاف.
﴿فَضْلُ اللَّهِ﴾ أي: عطاؤه ورزقه.
﴿يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ ولكن كلما قرأت شيئًا معلقًا بالمشيئة فاعلم أنه مقرون بالحكمة ولا بد، والدليل لهذا قول الله تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الإنسان ٣٠] فلا يشاء شيئًا إلا وهو يعلم أن الحكمة في مشيئته حتى يفعله سبحانه وتعالى.
وقوله: ﴿وَاسِعٌ﴾ (واسع) أي: في فضله أو في كل صفاته؟ أيهما أعم؟
* طلبة: في كل صفاته.
* الشيخ: كل صفاته وإذا جاءك معنى يكون أعم فخذ به إذا كان النص يحتمل سواء في الكتاب أو السنة، فإذا قلنا: واسع في فضله وعطائه -نعم هو واسع في فضله وعطائه- لكن إذا قلنا واسع في جميع صفاته فإن ذلك أعم، والأخذ بالأعم أولى لأنه يدخل فيه الأخص.
وقوله: ﴿عَلِيمٌ﴾ أي: ذو علم، والعلم واسع ولَّا غير واسع؟ ﴿وَاسِعٌ﴾، كما قال: ﴿وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ وقال تعالى: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا﴾ [غافر ٧].
* في هذه الآية من الفوائد؛ أولًا: الإشارة إلى أن مِنَ المؤمنين مَنْ سيرتد؛ لقوله: (من يرتد فسوف) هكذا قال كثير من المفسرين: إن هذا إشارة إلى أنه سيكون مِنَ المؤمنين مَنْ يرتد، وفي نفسي من هذا شيء؛ لأنه قد يكون المراد بالآية التحذير من الردة بقطع النظر، هل تقع أو لا تقع، أما كونها واقع فهذا لا شك فيه أنها وقعت الردة.
قال العلماء: إنه وقعت ردة إحدى عشر طائفة؛ ثلاث في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، وسبع في عهد أبي بكر وواحدة في عهد عمر من طوائف العرب، في عهد الرسول ظهر مسيلمة والأسد العنسي وصاحب غسان، وفي عهد أبي بكر سبع طوائف كلهم ارتدوا ولكن الله سبحانه وتعالى دحرهم -والحمد لله- ولم تقم لهم قائمة وعرف كذبهم وردتهم.
المهم هذه الفائدة وهي أن الآية تشير إلى أنه سيكون من المؤمنين مَنْ يرتد، قالها كثير من المفسرين المتأخرين والمتقدمين ولكنه لا يظهر لي؛ إذ قد يكون المراد بذلك التحذير كقوله: ﴿أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾ [آل عمران ١٤٤].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الله غَنِيٌّ عن العباد لو ارتد قوم جاء الله بقوم آخرين كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ [محمد ٣٨].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن المرتدين مَبْغُوضُون عند الله، تؤخذ من أيش؟ ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: بيان قدرة الله تعالى، وأنه سبحانه وتعالى إذا أذهب أقوامًا أتى بآخرين خير منهم.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات أفعال الله الاختيارية التي يفعلها باختياره، تؤخذ من أين؟ ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي﴾ و(سوف) للمستقبل، وإنما ذكرت ذلك لأن كثيرًا من المتكلمين من الأشاعرة وغيرهم ينكرون أن تقوم الأفعال الاختيارية بالله؛ يقول: ما فيه شيء إلا أزلي، ليس فيه شيء من صفات الله إلا وهو أزلي أما شيء حادث لا يمكن؛ تعليلهم يقولون: إن الحوادث لا تقوم إلا بحادث، وهذا لا شك إنه خطأ بل كون أفعال الله حادثة تدل على كماله سبحانه وتعالى وأنه فَعَّال لما يُرِيد، فإذا قلنا: إنه ليس يفعل فلا شك أن هذا تَعْطِيل محضٌّ وتَنَقُّصٌ في الله عز وجل.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات المحبة مِن الله ولله؛ (مِنَ الله) في أي كلمة؟ في ﴿يُحِبُّهُمْ﴾، و(لله) ﴿وَيُحِبُّونَهُ﴾، وهذه الآية جمعت بين محبة الله لعباده الصالحين ومحبة العباد الصالحين لله.
وفي آيات كثيرة إثبات المحبة من الله لعباد الله الصالحين المستحقين لها، وهي عندنا -مَعْشرَ أهلِ السنة الذين نأخذ بما أخذ به السلفُ الصالح- محبةٌ حقيقية تليق بالله عز وجل، وعند آخرين ليست محبةً حَقِيقِيَّة، بل يحرفونها إما بالثواب وإما بإرادة الثواب؛ إما بالثواب عند مَنْ لا يُثْبِت الصفات السبع، يثبتون الثواب؛ لأن الثواب مُنْفَصِلٌ مخلوق لكن لا يجعلون المحبة صفةً قائمة بالله.
أو إرادة الثواب عند مَنْ يُثْبِتُ الصفاتِ السبع كالأشاعرة؛ ولهذا الأشاعرة تجدهم يفسرونها إما بإرادة الثواب وإما بالثواب، لكنهم متناقضون في الواقع؛ لأن الثواب لا يقع إلا بإرادة، وإرادة الثواب لغير المحبوب أمر مُنْكَر لا يمكن، فإن الله لا يُثِيبُه إلا وقد أحب عمله وأثابه عليه، لكنهم متناقضون، وهكذا جميع الأقوال الباطلة -اجعلوها على بالكم- كل الأقوال الباطلة تجدونها متناقضة؛ الدليل ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء ٨٢] ولهذا من أكبر الأدلة على ضعف القول أو بطلانه أن يكون متناقضًا، فإذا رأيت القول متناقضا فاعلم أنه ضعيف لا يمكن أن يكون حقًّا.
إذنْ نحن نؤمن بأن الله عز وجل يُحِبُّ ويُحَبُّ، وأن المحبة التي يَجِدها الإنسان في قلبه لله عز وجل لا تساويها أيُّ محبة؛ الإنسان يحبُّ ولده ويحب أباه ويحب أمه ويحب أهله ويحب أصدقائه لكن المحبة لله غير هذا، من نوع آخر يجد الإنسان فيها لذةً وراحةً لا يعرفها إلا من فَقَدَها -والعياذ بالله- فهي محبة عظيمة لا تشبه تعلق الإنسان بغير الله عز وجل، إذن الآية فيها رد على مَن؟ على الأشاعرة والمعتزلة والجهمية وكلِّ مَنْ لا يُثْبِت الأفعال الاختيارية أو لا يُثْبِت المحبة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الثناء على من كان ذليلًا على المؤمنين، وهو الذي يخفض جناحه لهم ويَتَطَامَنُ ويتواضع فإن هذه من الصفات التي يحبها الله عز وجل، عكس ذلك.
* يؤخذ منه فائدة ثانية: عكس ذلك وهو ترفع الإنسان عن إخوانه المؤمنين ليس محمودًا عند الله، بل ولا عند الخلق، ولذلك اعلم أنه كلما ازداد إيمانك ازددت تواضعًا، وكلما ازداد علمك ازددت تواضعًا، بعض الناس -نسأل الله ألّا يجعلنا منهم- إذا ازداد علمه انتفخ وتكبر وصار لا يكلم الناس إلا بأنفه وصار إذا كلمه الناس يتجاهل يقول: وأيش تقول؟ وهو يدري قد ملأ سمعه كلامهم لكن من باب الاستكبار، وهذا لا شك أنه نقص، نقص عظيم، لأنه كلما كَثُر علمُك ينبغي أن يَكْثُر تواضعُك.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الثناء على عزة النفس وقوة الشخصية أمام مَن؟ أمام الكفار، أن نكون أعزاء عليهم، نرى في أنفسنا العلو عليهم والظهور عليهم لا بذواتنا ولكن بما معنا من الدين لأن الله تعالى قال: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ﴾ [التوبة ٣٣] لأيش؟ ﴿لِيُظْهِرَهُ﴾ أي: الدين أو الرسول صاحب الدين.
يجب علينا -نحن المسلمين- أن نعرف قيمتنا في المجتمع الأممي وأننا أحق الناس بالبقاء على الأرض وأحق الناس برزق الله وأحق الناس أن نعلو عليهم، هكذا إذا كان لنا شخصية إسلامية لكن لضعف الإيمان وضعف التوكل على الله عز وجل صرنا أذنابًا لغيرنا، أعزَّاء على قومنا أذلاء أمام الكافرين، نسأل الله السلامة والعافية، نسأل الله أن يُهَيِّئَ لهذه الأمة أمر رُشْدٍ يُعَزُّ فيها أهل الطاعة ويذل فيها أهل المعصية.
* طالب: هذا يا شيخ، بارك الله فيك، يشمل حتى الفساق (...) الإيمان لكن الإنسان يرى أهل المعاصي ويعني حالته حالة وحتى إذا رآه يتقزز منهم (...) لكن لا يخرج من الإيمان.
* الشيخ: شوف، بارك الله فيك، الذي لا يخلو من الإيمان لا ترى نفسك عزيزًا عليه ولا ذليلًا عليك؛ لأن معه إيمانًا يقتضي أن تكون ذليلًا ومعه معصية يقتضي أن تكون عزيزًا، لكن لا كعزتك على الكافر بل أَحِبَّهُ لما معه من الإيمان واكْرَهْهُ لما معه من المعاصي وحاول أن تصلحه، إن كثيرًا من الفُسَّاق الآن يبتعدون عن الاستقامة؛ لأنهم يجدون مِنْ بعض الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر شدةً وصعوبةً وتنفيرًا لكن لو أنهم سلكوا سبيل الرفق لحصل خير كثير.
* طالب: أحيانًا يقع الإنسان مع واحد يعني (...) بسيط بأسلوب طيب يقول: ويش دخلك؟ ويش عليك، ملهوف؟
* الشيخ: ما يخالف إذا قال: ويش دخلك وأنت ويش عليك، أقول: يا أخي، أنت أخي والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، واصبر اصبر على ما أصابك، أما أن تقول: (...) منك، أنت فاسق يجب أن نربيك يجب نؤدبك، ما يستقيم هذا.
* طالب: هل يستقيم القول أنه على قدر ما يكون في الإنسان من صفات النفاق على قدر ما يحبط مقابلها من العمل أو يقال: لا بد من وصف للنفاق؟
* الشيخ: حبوط العمل الكامل لا، ما يكون إلا في النفاق الكامل، في المقابل تأتي الموازنة يعني هناك موازنة بين الحسنات والسيئات سواء كانت السيئات من أعمال المنافقين أو لا.
* طالب: لكن ما يقال: (...) إذا كان الإنسان فيه من صفات المنافقين إخلاف الوعد والكذب وأشياء كثيرة..
* الشيخ: ما يمكن نقول: يُحْبَط من عمله الصالح مقابل ذلك، لا يمكن؛ لأنه يجيئنا إنسان آخر يقول: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ [هود ١١٤] فيقال: الموازنة، لكن لا شك أن الذي فيه خصال المنافقين الظاهرة يُخْشَى أن تتحول إلى صفات المنافقين الباطنة؛ لأن الشيء يجر بعضه بعضًا والشبه الظاهر قد يؤدي إلى الشبه الباطن.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (٥٥) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (٥٦) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [المائدة ٥٥ - ٥٧].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
* من فوائد الآية الكريمة: فضيلة الجهاد في سبيل الله؛ لقوله: ﴿يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾.
* ومن فوائدها: الإشارة إلى الإخلاص في قوله: ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾؛ لأن الجهاد وهو القتال يحمل عليه عدة أسباب، والجهاد المحمود هو الجهاد في سبيل الله، فإن قال قائل: ما هو الجهاد في سبيل الله؟ قلنا: فسره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنه «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٧٤٥٨)، ومسلم (١٩٠٤ / ١٥٠) من حديث أبي موسى الأشعري.]].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه ينبغي للإنسان ألّا تأخذه في الله لومة لائم ما دام على حق فلا يهمنه أحد، لأنه لا بد لكل عابد من عدو، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الفرقان ٣١] وأتباع الأنبياء كذلك لا بد أن يكون لهم أعداء من المجرمين، ولكن ﴿كَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا﴾ [الفرقان ٣١] انظر لماذا ختم الآية بقوله: ﴿كَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا﴾ لأن هؤلاء الأعداء إما أن يضلوا الناس بالفكر والتشكيك وما أشبه ذلك فقطع طمعهم بقوله: ﴿وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا﴾ وإما أن يحاولوا صد الناس بالقوة فقابل ذلك بقوله: ﴿وَنَصِيرًا﴾ إذنْ لا بد من ملامة، كل إنسان يتمسك بالشريعة لا بد من ملامة، يلومه أكثر الناس لأن بني آدم من كل ألف تسع مئة وتسعة وتسعون في النار وواحد في الجنة -جعلنا الله وإياكم منهم- قبل أن نعدو هذه الفائدة هل يدخل في قوله: ﴿وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ﴾ أن الإنسان يتهور ولا يستعمل الحكمة أو لا بد من استعمال الحكمة؟
الثاني: لا بد من استعمال الحكمة؛ لأن التهور يحصل منه إنعكاس المقصود، ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يدع ما يمكن أن يُقال خوفًا من المفاسد أو ما يمكن أن يُفْعَل خوفًا من المفاسد حتى إنه ليَسُبُّ الرجل لسوء خلقه أو دينه فإذا استأذن عليه لاقاه بوجه منشرح، كل ذلك من أجل التأليف؛ لأن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن هذه الصفات العظيمة من فضل الله تعالى ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن كل من سعى في فعل الخير فإن الله تعالى يجود عليه؛ لأن قوله: ﴿مَنْ يَشَاءُ﴾ ليس لمشيئة مطلقة بل لمشيئة مقيدة، بماذا؟ بالحكمة، مقيدة بالحكمة؛ ولهذا قال الله عز وجل: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام ١٢٤] فمن كان أهلًا للرسالة أرسله، كذلك الله أعلم حيث يجعل آثار هذه الرسالة وأتباع هذه الرسالة فمن كان أهلًا لذلك أعطاه ومن لم يكن أهلًا حرمه، اقرأ قول الله تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ [الصف ٥] واقرأ ما مر علينا قبل كم ليلة ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ﴾ [المائدة ٤٩].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات المشيئة لله عز وجل فيما يتعلق بفعل العبد؛ لقوله: ﴿يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ وهذا هو الذي عليه السلف الصالح وعليه أهل السنة والجماعة وأئمة المسلمين؛ أن لله مشيئة في أفعال الخلق كما أن له مشيئة في أفعاله جل وعلا؛ قال الله تعالى: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [التكوير ٢٨، ٢٩] ولهذا دائمًا الإنسان يريد أن يفعل شيئًا وإذا به يعدل عنه دون أي سبب ظاهر ولكنها مشيئة الله عز وجل.
قيل لأعرابي: بم عرفت ربك؟ قال: بنقض العزائم وصرف الهمم، معناه أن الإنسان قد يعزم على الشيء ثم به ينتقض عزمه، صرف الهمم يتجه إلى شيء معين وإذا به ينصرف بدون أي سبب ظاهر، لكنها مشيئة الله تبارك وتعالى.
المشيئة مشيئة الله عز وجل لأفعال العباد من تمام ربوبيته حتى لا يكون في ملكه ما لا يريد؛ لأن الذين يقولون: إن الإنسان منفرد بمشيئته وليس لله مشيئة في فعله يلزمهم أن يقولوا: إن في ملك الله ما لا يريد.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: بيان سعة الله عز وجل في كل شيء في الإحاطة بالخلق علمًا وقدرة وسلطانًا ورحمة وغير ذلك، الله واسع وكفى في كل شيء سبحانه وتعالى.
* ومن فوائدها: إثبات العلم لله عز وجل؛ لقوله: ﴿عَلِيمٌ﴾ والعلم هو إدراك الشيء على ما هو عليه، فمن لم يدرك الشيء فهو جاهل ونوع جهله بسيط، ومن أدركه على خلاف ما هو عليه فهو جاهل ونوع جهله مركب، لأنه لا يدري ولا يدري أنه لا يدري.
* وفي هذه الآية من الفوائد: إثبات هذين الاسمين من أسماء الله عز وجل: واسع وعليم، وعلى هذا لك أن تدعو الله بذلك فتقول: اللهم يا واسع، أوسع علي في رزقي، اللهم يا عليم، اختر لي ما فيه صلاحي، وما أشبه ذلك؛ لأن الله قال: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف ١٨٠].
واعلم أن جميع أسماء الله مشتقة يعني دالة على معنى ليس في أسماء الله اسم جامد لا يدل على معنى أبدًا حتى اسم (الله)، (الله) مشتق خلافًا لمن قال: إنه جامد لأنه مشتق من أين؟ من الألوهية، والألوهية مصدر يدل على معنى، فكل أسماء الله دالة على معنى، ولو لم نقل: إنها دالة على معنى لم تكن حسنى؛ لأن الجامد ما فيه مدح ولا ثناء، إذنْ كل أسماء الله؟
* طالب: حسنى.
* الشيخ: حسنى، لكن هل كل أسماء الله مشتقة؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: نعم؛ ولذلك نقول: كل اسم لا بد أن يكون متضمنًا لصفة، وليس كل صفة يشتق منها اسم، فيه بعض الصفات ما يمكن أن تشتق لله اسم مثل: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ﴾ [الأنفال ٣٠] لا يمكن أن تثبت لله اسم ماكر؛ لأن هذا وصف والوصف يتقيد بما قيد به.
بقي علينا شيء مهم في مسألة الردة، الردة هنا لم يذكر الله سبحانه وتعالى، لم يذكر الله ما يترتب عليها من عقوبة في الدنيا، بل قال: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ [المائدة ٥٤].
الردة ذكرنا أنها هي أيش؟ هي الخروج عن الإسلام، وتدور على شيئين: التكذيب والاستكبار، وهنا بحوث أولًا: هل كل ردة يمكن التوبة منها؟
الجواب: نعم، كل ردة تمكن التوبة منها لعموم قول الله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ [الزمر ٥٣]، ولقوله تعالى في سورة الفرقان: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ [الفرقان ٦٨] يعني؟ لا يشركون، ﴿وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ لا يعتدون على الأنفس، ﴿وَلَا يَزْنُونَ﴾ لا يعتدون على الأعراض ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان ٦٨ - ٧٠].
إذن القول الراجح أن كل إنسان أذنب ذنبًا مهما عَظُم ثم تاب إلى الله توبة نصوحًا فإن توبته مقبولة، استثنى بعض العلماء من هذا مسائل أولًا: صاحب البدعة، قالوا: المبتدع ولو تاب لا تقبل توبته، ولكن يقال: أين الدليل على خروجه من العمومات؟
قالوا: لأن مفسدته متعدية، فنقول في الجواب عن هذا: هذه المفسدة المتعدية يمكن إصلاحها بأن يقول هذا الذي ابتدع إنه رجع عن بدعته وأن الصواب كذا وكذا، مثل ما جرى كما يقال لأبي الحسن الأشعري رحمه الله؛ أبو الحسن الأشعري كان في الأول معتزليًّا تمامًا، معتزليًّا جَلْدًا ما يلين وبقي على ذلك مدة طويلة من الزمن، ثم تاب وأعلن توبته في المسجد الجامع وخلع عمامته وقال: من كان يعرفني فهو يعرفني ومن لا يعرفني فأنا فلان، ثم أنكر إنكارًا شديدًا على المعتزلة، هذه توبة وربما يكون أجره على إنكار البدعة أعظم من عقوبته على هذه البدعة مع أن العقوبة انمحت بالتوبة، كذلك أيضًا يعني لا بد لتحقيق توبة المبتدع من أن يكتب ما يُبطِل بدعته حتى يكون صادقًا في توبته.
فإن قال قائل: أرأيت لو أن الذين أخذوا ببدعته أَبَوْا أن يرجعوا برجوعه فهل يأثم بإثم بقية هؤلاء؟ فالجواب: لا يأثم، لا يأثم لأنه أدى ما يجب عليه من التوبة وبين الحق وإذا أَصَرَّ هؤلاء على باطلهم فهم على باطلهم.
المسألة الثانية: من سَبَّ الله هل تُقْبَل توبتُه أو لا تُقْبَل؟ في هذا خلاف بين العلماء؛ من العلماء من قال: مَنْ سَبَّ الله لا تقبل توبته وذلك؛ لأن ردته عظيمة جدًّا حيث سَبَّ رب العالمين جل وعلا، فلا تُقْبَل توبتُه لعظم جُرْمِه بهذه الردة، ولكن هذا التعليل في مقابلة النصوص والتعليل في مقابلة النصوص مرفوض كالقياس بمقابلة النص، إذنْ هذا مرفوض، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام ١٠٨] فدلت الآية على أن مِنَ الكفار مَنْ يسبُّ الله عز وجل إذا سُبَّتْ آلهتهم.
ثم يقال: إن الله سبحانه وتعالى قال في المنافقين: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (٦٤) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ﴾ [التوبة ٦٤، ٦٥] يعني: نتحدث حديثًا لا نقصد معناه، نتحدث حديث الرَّكْب لِنَقْطَع به الطريق، فقال الله تعالى للرسول عليه الصلاة والسلام: ﴿قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ [التوبة ٦٥، ٦٦] وهذا نصٌّ صريح بأن المستهزئ بالله أو آياته أو رسوله كافر، لكنه قال عز وجل: ﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً﴾ [التوبة ٦٦] وهذا يدل على أنه قد يكون منهم طائفة يُعْفَى عنها ولا يمكن أن يُعْفَى عنها إلا بتوبة، وعلى هذا فالقول الراجح أن من سَبَّ الله ورسوله ثم تاب فإن توبته مقبولة، لكن من سَبَّ الرسول عليه الصلاة والسلام ثم تاب تقبل توبته لكن يقتل، يقتل مرتدًا أو مسلمًا؟ يُقْتَل مسلمًا؛ لأن هذا حق آدميٍّ، وهو الرسول عليه الصلاة والسلام فلا بد أن نَثْأَرَ له لا بد أن نقتل من سَبَّه.
أما من سَبَّ الله فالله عز وجل قد أخبرنا الله عز وجل عن نفسه أنه يتوب عليه، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام هل يتوب على من سَبَّه؟ ما ندري؛ ولهذا فيه أناس سَبُّوا الرسول عليه الصلاة والسلام في حياته وعفا عنهم لأن الحق حقه، لما تابوا عفا عنهم، فالحق حقه، أما بعد موته فإن الحق علينا -نحن أتباعَه- لا بد أن نثأر لرسولنا ﷺ ونقتل من سَبَّه ثم الحمد لله، ماذا يكون له إذا قُتِلَ؟ ينتقل من الدنيا إلى الآخرة وينتقل بصفته مسلمًا، والذي لا يموت اليوم يموت غدًا لكننا إذا أخذنا بالثأر للرسول عليه الصلاة والسلام كان هذا من أدنى الواجبات علينا.
الرابع: الساحر الذي يَكْفُر بسحره؛ لأن السحر نوعان: نوع يَكْفُر به الساحر، ونوع لا يَكْفُر به؛ أما الذي لا يكفر به الساحر فإنه يُقْتَل حدًّا كما جاء ذلك عن الصحابة، وكَفًّا لفساده؛ لأنه من الساعين في الأرض فسادًا وقد قال الله تبارك وتعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة ٣٢]، ولا أحد يشكُّ في إفساد السحرة في الأرض، فيُقْتَلُون كَفًّا لشرِّهم ورَدْعًا لغيرهم.
لكن الساحر الكافر إذا أسلم -والساحر الكافر هو الذي يستعين بالشياطين ومردة الجن على إيذاء عباد الله بأن يضع سحرًا يستهوي به الشيطان أو مردة الجن حتى يسكنوا في جسم إنسان ويأبوا أن يخرجوا منه إلا بحل السحر- هذا يكفر، في قول الله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ﴾ [البقرة ١٠٢] شوف ملائكة من ملائكة الله أنزل الله عليهم علم السِّحْر وهم ملائكة، لكن لا من أجل أن يجعلوه مهنة لكن من أجل الاختبار، ولهذا قال عز وجل: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾ فهذا يُقْتَل كما قلتُ، يُقْتَل كفرًا وردة، لكن إذا تاب فهل تقبل توبته؟ في هذا خلاف بين العلماء؛ منهم من قال: لا تُقْبَل، ومنهم من قال: تُقْبَل، من هو الأسعد بالدليل؟
* طلبة: من قال: تُقْبَل.
* الشيخ: من قال: تُقْبَل، فنَقْبَل توبته ونرفع عنه القتل ونجعله من إخواننا، لكن لا بد أن يكون هناك دليل على استقامته وصلاح حاله ولا يكفي مجرد أن يقول: تُبْتُ.
طيب هذه أربعة. الخامس: المنافقُ نفاقَ كفرٍ هو كافر بلا شك ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا﴾ [النساء ١٤٥].
والنفاق من شر خصال بني آدم، المنافق إذا علمنا نفاقه يقينًا لا مجرد وَهْم وقرائن؛ لأن مجرد الوهم والقرائن لا يجوز أن نتهم أحدًا بالنفاق فإننا لم نؤمر أن ننقب عن قلوب الناس وبطونهم، لكن إذا علمنا يقينًا رأينا هذا الرجل يذهب إلى مجتمعات اليهود والنصارى والملحدين ويقول: إنه معهم ويأتي للمسلمين يتملَّق ويقول: إنه مسلم، هذا ظهر نفاقه نحكم عليه بالنفاق، وهل يقتل أو لا يقتل؟
يقتل؛ لأن هذا معلوم النفاق، لكن المنافقون في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام رُفِعَ عنهم القتل لسببٍ وهو ألّا يُنَفِّر الناس عن الإسلام والإيمان بالرسول عليه الصلاة والسلام، ولهذا قال: «لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٩٠٥)، ومسلم (٢٥٨٤ / ٦٣) من حديث جابر بن عبد الله. ]] وهو يعلمهم عليه الصلاة والسلام لكن خوفًا من تنفير الناس عن الإسلام امتنع لهذه المصلحة العظيمة أن يقتلهم وأخذ بظواهرهم، ولكن إذا تاب، إذا تاب المنافق فهل تُقْبَل توبته؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: المذهب لا ما تُقْبَل توبته؛ لأن الرجل من الأصل يقول: إنه لم يكفر، يقول: إنه مسلم، فإذا قلنا: أنت منافق، قال: أبدًا، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وستجدوني في الصف الأول في كل الصلوات، فيقولون: إنه لا يقبل. قال السفّاريني رحمه الله: لأنه لم يبدُ من إيمانه إلا الذي أذاع من لسانه فلا نقبله؛ لأنه من الأصل يقول: إنه مسلم، ولكن الصحيح أن توبته مقبولة إذا دلت القرائن على صدقه بدليل قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (١٤٥) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ﴾ [النساء ١٤٥، ١٤٦] شوف الشروط؛ لأن المسألة ما هي هينة هذا الرجل يبدي إيمانه ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا﴾ بعده؟ ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
شروط ثقيلة في توبتهم لأنهم لا يظهرون إلا الإسلام، فإذا تيقنا ذلك فالله يقول: ﴿فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ ومنهم هؤلاء المنافقون الذين تابوا؛ لأن الله يقول: ﴿فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
فإذا قال قائل: مسألة هل يُسْتَتاب المرتدُّ أو لا؟ بمعنى إذا ثَبَتَ كفرُه فهل يستتاب؟
فالجواب: أما الذين لا تُقْبَل توبتُهم -على رأي من يقول: إنها لا تقبل- فلا يحتاج إلى استتابة، لأيش؟ الذين يقولون: إنها لا تقبل توبة هؤلاء هل يقولون بالاستتابة؟
* طلبة: لا.
* الشيخ: لا، لماذا؟
* طلبة: لأنها لا تُقْبَل توبتهم.
* الشيخ: لأنها لا تُقْبَل توبتهم، لو تابوا ما تُقْبَل، وأما الذين تُقْبَل توبتهم، ومنهم الأصناف التي ذكرنا على القول الراجح فإن هذا يرجع إلى رأي الإمام، هذا القول الراجح؛ لأن النصوص بعضها فيه قتل المرتد بدون استتابة، وبعضها فيه قتل المرتد باستتابة، فيرجع في ذلك إلى رأي الإمام أو نائبه في الحكم كالقضاة، فإذا رأوا أن يُسْتَتَاب استُتِيب وإذا رَأَوْا ألّا يُسْتَتَاب لم يُسْتَتَبْ.
فإن قال قائل: الاستتابة حق له فلماذا تمنعونه منها؟
قلنا: ليست حقًّا مطلقًا، بل هي حق إذا دَعَتِ المصلحةُ إليها وإذا كانت المصلحة في عدم الاستتابة فالحق الآن للمسلمين، ومَنْعُهم من التلاعب في الدين أهمُّ من حق هذا الرجل الخاصِّ.
إذا قال قائل: إذا ارتدت طائفة من الناس أو قبيلة من القبائل فهل يجوز قتالهم؟
الجواب: يجب قتالهم؛ لأن هذا هو الذي أجمع عليه الصحابة بقيادة مَن؟ أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فيجب أن نُقاتِلَهم، ولكن بشرط أن يكون لدينا قوة نستطيع بها المقاتلة، فإن لم يكن لدينا قوة فإن الله لم يُوجِب القتال على المسلمين في مكة لعدم القوة.
ومن المعلوم أنه من التَّهَوُّر الذي لا يأمر به الشرع ولا يقتضيه عقل أن يقاتل الإنسان الجحافل المسلحة بالأسلحة المتطورة وليس معه إلا سكاكين المطبخ، هذا ليس من الحكمة ولا يمكن أن تأمر به الشريعة ولا يقتضيه العقل، انتظر حتى يكون لديك قوة ثم حينئذ قاتل.
فإن قال قائل: أليس أبو بكر رضي الله عنه أرسل جيش أسامة مع حاجته إليهم في قتال أهل الردة؟
فالجواب: بلى، لكن يُجاب عن هذا بأمرين؛ الأمر الأول: أن جيش أسامة عقد رايتَه محمدٌ رسول الله ﷺ؛ ولهذا قال أبو بكر: «والله لا أَحُلُّ راية عقدها الرسول عليه الصلاة والسلام»[[أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٣١٦٨) من حديث حذيفة بن اليمان بلفظ: مَا كُنْتُ لِأَحُلَّ عُقْدَةً عَقَدَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ.]].
والثاني: أن في ذلك إظهارًا لعزة المسلمين وقوتهم، ولهذا لما رأى العرب المرتدون أن أهل المدينة صاروا يبعثون الجيوش إلى الشام قالوا: هؤلاء عندهم قوة وقدرة، فتراجع بعضهم، فصار في التَّأَسِّي برسول الله ﷺ صار بركةٌ عظيمة تُغْنِي عن القتال أشهرًا، وهذا مما يدلنا على أن التمسك بالإسلام له بركاتٌ عظيمة قد لا يَشْعُرُ بها الإنسان إلا بعد مدة.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَن یَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِینِهِۦ فَسَوۡفَ یَأۡتِی ٱللَّهُ بِقَوۡمࣲ یُحِبُّهُمۡ وَیُحِبُّونَهُۥۤ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِینَ یُجَـٰهِدُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَلَا یَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَاۤىِٕمࣲۚ ذَ ٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ یُؤۡتِیهِ مَن یَشَاۤءُۚ وَٱللَّهُ وَ ٰسِعٌ عَلِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق