الباحث القرآني

﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكم عَنْ دِينِهِ﴾ قَرَأهُ عَلى الأصْلِ نافِعٌ وابْنُ عامِرٍ وهو كَذَلِكَ في الإمامِ، والباقُونَ بِالإدْغامِ وهَذا مِنَ الكائِناتِ الَّتِي أخْبَرَ اللَّهُ تَعالى عَنْها قَبْلَ وُقُوعِها، وقَدِ ارْتَدَّ مِنَ العَرَبِ في أواخِرِ عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثَلاثُ فِرَقٍ: بَنُو مُدْلِجٍ وكانَ رَئِيسُهم ذا الحِمارِ الأسْوَدَ العَنْسِيَّ، تَنَبَّأ بِاليَمَنِ واسْتَوْلى عَلى بِلادِهِ ثُمَّ قَتَلَهُ فَيْرُوزُ الدَّيْلَمِيُّ لَيْلَةَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِن غَدِها وأُخْبِرَ الرَّسُولُ ﷺ في تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَسُرَّ المُسْلِمُونَ وأتى الخَبَرُ في أواخِرِ رَبِيعِ الأوَّلِ. وَبَنُو حَنِيفَةَ أصْحابُ مُسَيْلِمَةَ تَنَبَّأ وكَتَبَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: مِن مُسَيْلِمَةَ رَسُولِ اللَّهِ إلى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أمّا بَعْدُ، فَإنَّ الأرْضَ نِصْفُها لِي ونِصْفُها لَكَ، فَأجابَ مِن مُحَمَّدٍ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى مُسَيْلِمَةَ الكَذّابِ أمّا بَعْدُ فَإنَّ الأرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ والعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، فَحارَبَهُ أبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ بِجُنْدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ وقَتَلَهُ وحْشِيٌّ قاتِلُ حَمْزَةَ. وبَنُو أسَدٍ قَوْمُ طُلَيْحَةَ بْنِ خُوَيْلِدٍ تَنَبَّأ (p-132)فَبَعَثَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خالِدًا فَهَرَبَ بَعْدَ القِتالِ إلى الشّامِ ثُمَّ أسْلَمَ وحَسُنَ إسْلامُهُ. وَفِي عَهْدِ أبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَبْعٌ فَزارَةُ قَوْمُ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ، وغَطَفانُ قَوْمُ فِرَّةَ بْنِ سَلَمَةَ القُشَيْرِيِّ وبَنُو سَلِيمٍ قَوْمُ الفُجاءَةِ بْنِ عَبْدِ يالِيلَ، وبَنُو يَرْبُوعَ قَوْمُ مالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ، وبَعْضُ تَمِيمَ قَوْمُ سِجاحَ بِنْتِ المُنْذِرِ المُتَنَبِّئَةِ زَوْجَةِ مُسَيْلِمَةَ، وكِنْدَةُ قَوْمُ الأشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، وبَنُو بَكْرِ بْنِ وائِلٍ بِالبَحْرَيْنِ قَوْمُ الحَطْمِ بْنِ زَيْدٍ وكَفى اللَّهُ أمْرَهم عَلى يَدِهِ، وفي إمْرَةِ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ غَسّانُ قَوْمُ جِبِلَّةَ بْنِ الأيْهَمِ تَنَصَّرَ وسارَ إلى الشّامِ. ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهم ويُحِبُّونَهُ﴾ قِيلَ هم أهْلُ اليَمَنِ لِما رُوِيَ « (أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أشارَ إلى أبِي مُوسى الأشْعَرِيِّ وقالَ: هم قَوْمُ هَذا» . وَقِيلَ الفَرَسُ لِأنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ «سُئِلَ عَنْهم فَضَرَبَ يَدَهُ عَلى عاتِقِ سَلْمانَ وقالَ: هَذا وذَوُوهُ.» وَقِيلَ الَّذِينَ جاهَدُوا يَوْمَ القادِسِيَّةِ ألْفانِ مِنَ النَّخْعِ وخَمْسَةُ آلافٍ مِن كِنْدَةَ وبُجَيْلَةَ، وثَلاثَةُ آلافٍ مِن أفْناءِ النّاسِ. والرّاجِعُ إلى مِن مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ مَكانَهُمْ، ومَحَبَّةُ اللَّهِ تَعالى لِلْعِبادِ إرادَةُ الهُدى والتَّوْفِيقِ لَهم في الدُّنْيا وحُسْنُ الثَّوابِ في الآخِرَةِ، ومَحَبَّةُ العِبادِ لَهُ إرادَةُ طاعَتِهِ والتَّحَرُّزُ عَنْ مَعاصِيهِ. ﴿أذِلَّةٍ عَلى المُؤْمِنِينَ﴾ عاطِفِينَ عَلَيْهِمْ مُتَذَلِّلِينَ لَهُمْ، جَمْعُ ذَلِيلٍ لا ذَلُولَ فَإنَّ جَمْعُهُ ذُلُلٌ، واسْتِعْمالُهُ مَعَ عَلى إمّا لِتَضَمُّنِهِ مَعْنى العَطْفِ والحُنُوِّ أوْ لِلتَّنْبِيهِ عَلى أنَّهم مَعَ عُلُوِّ طَبَقَتِهِمْ وفَضْلِهِمْ عَلى المُؤْمِنِينَ خاضِعُونَ لَهم أوْ لِلْمُقابَلَةِ. ﴿أعِزَّةٍ عَلى الكافِرِينَ﴾ شِدادٍ مُتَغَلِّبِينَ عَلَيْهِمْ مِن عَزَّهُ إذا غَلَبَهُ، وقُرِئَ بِالنَّصْبِ عَلى الحالِ. ﴿يُجاهِدُونَ في سَبِيلِ اللَّهِ﴾ صِفَةٌ أُخْرى لِقَوْمٍ، أوْ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ في أعِزَّةٍ. ﴿وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ﴾ عَطْفٌ عَلى يُجاهِدُونَ بِمَعْنى أنَّهُمُ الجامِعُونَ بَيْنَ المُجاهَدَةِ في سَبِيلِ اللَّهِ والتَّصَلُّبِ في دِينِهِ، أوْ حالٌ بِمَعْنى أنَّهم مُجاهِدُونَ وحالُهم خِلافُ حالِ المُنافِقِينَ، فَإنَّهم يَخْرُجُونَ في جَيْشِ المُسْلِمِينَ خائِفِينَ مَلامَةَ أوْلِيائِهِمْ مِنَ اليَهُودِ فَلا يَعْمَلُونَ شَيْئًا يَلْحَقُهم فِيهِ لَوْمٌ مِن جِهَتِهِمْ، واللَّوْمَةُ المَرَّةُ مِنَ اللَّوْمِ وفِيها وفي تَنْكِيرِ لائِمٍ مُبالَغَتانِ. ﴿ذَلِكَ﴾ إشارَةٌ إلى ما تَقَدَّمَ مِنَ الأوْصافِ. ﴿فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشاءُ﴾ يَمْنَحُهُ ويُوَفِّقُ لَهُ ﴿واللَّهُ واسِعٌ﴾ كَثِيرُ الفَضْلِ. ﴿عَلِيمٌ﴾ بِمَن هو أهْلُهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب