الباحث القرآني

المُرادُ بِالطَّلاقِ المَذْكُورِ هو الرَّجْعِيُّ بِدَلِيلِ ما تَقَدَّمَ في الآيَةِ الأُولى: أيِ الطَّلاقُ الَّذِي تَثْبُتُ فِيهِ الرَّجْعَةُ لِلْأزْواجِ هو مَرَّتانِ: أيِ الطَّلْقَةُ الأُولى والثّانِيَةُ، إذْ لا رَجْعَةَ بَعْدَ الثّالِثَةِ، وإنَّما قالَ سُبْحانَهُ: مَرَّتانِ ولَمْ يَقُلْ طَلْقَتانِ إشارَةً إلى أنَّهُ يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ الطَّلاقُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، لا طَلْقَتانِ دَفْعَةً واحِدَةً، كَذا قالَ جَماعَةٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ، ولَمّا لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الطَّلْقَةِ الثّانِيَةِ إلّا أحَدُ أمْرَيْنِ، إمّا إيقاعُ الثّالِثَةِ الَّتِي بِها تَبِينُ الزَّوْجَةُ، أوِ الإمْساكُ لَها واسْتِدامَةُ نِكاحِها، وعَدَمُ إيقاعِ الثّالِثَةِ عَلَيْها قالَ سُبْحانَهُ: ﴿فَإمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أوْ تَسْرِيحٌ بِإحْسانٍ﴾ أيْ فَإمْساكٌ بَعْدَ الرَّجْعَةِ لِمَن طَلَّقَها زَوْجُها طَلْقَتَيْنِ بِمَعْرُوفٍ: أيْ بِما هو مَعْرُوفٌ عِنْدَ النّاسِ مِن حُسْنِ العِشْرَةِ ﴿أوْ تَسْرِيحٌ بِإحْسانٍ﴾ أيْ بِإيقاعِ طَلْقَةٍ ثالِثَةٍ عَلَيْها مِن دُونِ ضِرارٍ لَها، وقِيلَ المُرادُ: ﴿فَإمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ﴾ أيْ بِرَجْعَةٍ بَعْدَ الطَّلْقَةِ الثّانِيَةِ ﴿أوْ تَسْرِيحٌ بِإحْسانٍ﴾ أيْ بِتَرْكِ الرَّجْعَةِ بَعْدَ الثّانِيَةِ حَتّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُها. والأوَّلُ أظْهَرُ. وقَوْلُهُ: ﴿الطَّلاقُ﴾ مُبْتَدَأٌ بِتَقْدِيرِ مُضافٍ: أيْ عَدَدُ الطَّلاقِ الَّذِي تَثْبُتُ فِيهِ الرَّجْعَةُ مَرَّتانِ. وقَدْ اخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ في إرْسالِ الثَّلاثِ دُفْعَةً واحِدَةً هَلْ يَقَعُ ثَلاثًا أوْ واحِدَةً فَقَطْ فَذَهَبَ إلى الأوَّلِ الجُمْهُورُ، وذَهَبَ إلى الثّانِي مَن عَداهم وهو الحَقُّ. وقَدْ قَرَّرْتُهُ في مُؤَلَّفاتِي تَقْرِيرًا بالِغًا، وأفْرَدْتُهُ بِرِسالَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ. قَوْلُهُ: ﴿ولا يَحِلُّ لَكم أنْ تَأْخُذُوا مِمّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا﴾ الخِطابُ لِلْأزْواجِ: أيْ لا يَحِلُّ لِلْأزْواجِ أنْ يَأْخُذُوا مِمّا دَفَعُوهُ إلى نِسائِهِمْ مِنَ المَهْرِ شَيْئًا عَلى وجْهِ المُضارَّةِ لَهُنَّ، وتَنْكِيرُ شَيْئًا لِلتَّحْقِيرِ: أيْ شَيْئًا نَزْرًا فَضْلًا عَنِ الكَثِيرِ، وخَصَّ ما دَفَعُوهُ إلَيْهِنَّ بِعَدَمِ حَلِّ الأخْذِ مِنهُ مَعَ كَوْنِهِ لا يَحِلُّ لِلْأزْواجِ أنْ يَأْخُذُوا شَيْئًا مِن أمْوالِهِنَّ الَّتِي يَمْلِكْنَها مِن غَيْرِ المَهْرِ لِكَوْنِ ذَلِكَ هو الَّذِي تَتَعَلَّقُ بِهِ نَفْسُ الزَّوْجِ، وتَتَطَلَّعُ لِأخْذِهِ دُونَ ما عَداهُ، مِمّا هو في مِلْكِها، عَلى أنَّهُ إذا كانَ أخَذَ ما دَفَعَهُ إلَيْها لا يَحِلُّ لَهُ كانَ ما عَداهُ مَمْنَوْعًا مِنهُ بِالأوْلى، وقِيلَ: الخِطابُ في قَوْلِهِ: ﴿ولا يَحِلُّ لَكُمْ﴾ لِلْأئِمَّةِ والحُكّامِ لِيُطابِقَ قَوْلَهُ: ﴿فَإنْ خِفْتُمْ﴾ فَإنَّ الخِطابَ فِيهِ لِلْأئِمَّةِ والحُكّامِ، وعَلى هَذا يَكُونُ إسْنادُ الأخْذِ إلَيْهِمْ لِكَوْنِهِمُ الآمِرِينَ بِذَلِكَ. والأوَّلُ أوْلى لِقَوْلِهِ: ﴿مِمّا آتَيْتُمُوهُنَّ﴾ فَإنَّ إسْنادَهُ إلى غَيْرِ الأزْواجِ بِعِيدٌ جِدًّا؛ لِأنَّ إيتاءَ الأزْواجِ لَمْ يَكُنْ عَنْ أمْرِهِمْ، وقِيلَ: إنَّ الثّانِي أوْلى لِئَلّا يَتَشَوَّشَ النَّظْمُ. قَوْلُهُ: ﴿إلّا أنْ يَخافا﴾ أيْ لا يَجُوزُ لَكم أنْ تَأْخُذُوا مِمّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إلّا أنْ يَخافا ﴿ألّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ﴾ أيْ عَدَمَ إقامَةِ حُدُودِ اللَّهِ الَّتِي حَدَّها لِلزَّوْجَيْنِ، وأوْجَبَ عَلَيْهِما الوَفاءَ بِها مِن حُسْنِ العِشْرَةِ والطّاعَةِ، فَإنْ خافا ذَلِكَ ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيما افْتَدَتْ بِهِ﴾ أيْ لا جُناحَ عَلى الرَّجُلِ في الأخْذِ، وعَلى المَرْأةِ في الإعْطاءِ بِأنْ تَفْتَدِيَ نَفْسَها مِن ذَلِكَ النِّكاحِ بِبَذْلِ شَيْءٍ مِنَ المالِ يَرْضى بِهِ الزَّوْجُ فَيُطَلِّقُها لِأجْلِهِ، وهَذا هو الخُلْعُ وقَدْ ذَهَبَ الجُمْهُورُ إلى جَوازِ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ، وأنَّهُ يَحِلُّ لَهُ الأخْذُ مَعَ ذَلِكَ الخَوْفِ وهو الَّذِي صَرَّحَ بِهِ القُرْآنُ. وحَكى ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ بَعْضِ أهْلِ العِلْمِ أنَّهُ لا يَحِلُّ لَهُ ما أخَذَ ولا يُجْبَرُ عَلى رَدِّهِ، وهَذا في غايَةِ السُّقُوطِ. وقَرَأ حَمْزَةُ: " إلّا أنْ يُخافا " عَلى البِناءِ لِلْمَجْهُولِ، والفاعِلُ مَحْذُوفٌ، وهو الأئِمَّةُ والحُكّامُ واخْتارَهُ أبُو عُبَيْدٍ قالَ: لِقَوْلِهِ: ﴿فَإنْ خِفْتُمْ﴾ فَجَعَلَ الخَوْفَ لِغَيْرِ الزَّوْجَيْنِ. وقَدِ احْتَجَّ بِذَلِكَ مَن جَعَلَ الخُلْعَ إلى السُّلْطانِ، وهو سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ والحَسَنُ وابْنُ سِيرِينَ. وقَدْ ضَعَّفَ النَّحّاسُ اخْتِيارَ أبِي عُبَيْدٍ المَذْكُورَ. وقَوْلُهُ: ﴿فَإنْ خِفْتُمْ ألّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ﴾ أيْ إذا خافَ الأئِمَّةُ والحُكّامُ، أوِ المُتَوَسِّطُونَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وإنْ لَمْ يَكُونُوا أئِمَّةً وحُكّامًا عَدَمَ إقامَةِ حُدُودِ اللَّهِ مِنَ الزَّوْجَيْنِ، وهي ما أوْجَبَهُ عَلَيْهِما كَما سَلَفَ. وقَدْ حُكِيَ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المَدَنِيِّ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ مَنسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعالى في سُورَةِ النِّساءِ: ﴿وإنْ أرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وآتَيْتُمْ إحْداهُنَّ قِنْطارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنهُ شَيْئًا أتَأْخُذُونَهُ بُهْتانًا وإثْمًا مُبِينًا﴾ [النساء: ٢٠] وهو قَوْلٌ خارِجٌ عَنِ الإجْماعِ ولا تَنافِي بَيْنَ الِاثْنَيْنِ. وقَدِ اخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ إذا طَلَبَ الزَّوْجُ مِنَ المَرْأةِ زِيادَةً عَلى ما دَفَعَهُ إلَيْها مِنَ المَهْرِ وما يَتْبَعُهُ ورَضِيَتْ بِذَلِكَ المَرْأةُ هَلْ يَجُوزُ أمْ لا ؟ وظاهِرُ القُرْآنِ الجَوازُ لِعَدَمِ تَقْيِيدِهِ بِمِقْدارٍ مُعَيَّنٍ، وبِهَذا قالَ مالِكٌ والشّافِعِيُّ وأبُو ثَوْرٍ، ورُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ جَماعَةٍ مِنَ الصَّحابَةِ والتّابِعِينَ وقالَ طاوُسٌ وعَطاءٌ والأوْزاعِيُّ وأحْمَدُ وإسْحاقُ: إنَّهُ لا يَجُوزُ، وسَيَأْتِي ما ورَدَ في ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾ أيْ أحْكامُ النِّكاحِ والفِراقِ المَذْكُورَةُ هي حُدُودُ اللَّهِ الَّتِي أُمِرْتُمْ بِامْتِثالِها، فَلا تَعْتَدُوها بِالمُخالَفَةِ لَها فَتَسْتَحِقُّوا ما ذَكَرَهُ اللَّهُ مِنَ التَّسْجِيلِ عَلى فاعِلِ ذَلِكَ بِأنَّهُ ظالِمٌ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإنْ طَلَّقَها﴾ أيِ الطَّلْقَةَ الثّالِثَةَ الَّتِي ذَكَرَها سُبْحانَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿أوْ تَسْرِيحٌ بِإحْسانٍ﴾ أيْ فَإنْ وقَعَ مِنهُ ذَلِكَ فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِالتَّثْلِيثِ ﴿فَلا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ أيْ حَتّى تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ. وقَدْ أخَذَ بِظاهِرِ الآيَةِ سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ ومَن وافَقَهُ قالُوا: يَكْفِي مُجَرَّدُ العَقْدِ لِأنَّهُ المُرادُ بِقَوْلِهِ: ﴿حَتّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ وذَهَبَ الجُمْهُورُ مِنَ السَّلَفِ والخَلَفِ إلى أنَّهُ لا بُدَّ مَعَ العَقْدِ مِنَ الوَطْءِ لِما ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ (p-١٥٤)صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ مِنِ اعْتِبارِ ذَلِكَ وهو زِيادَةٌ يَتَعَيَّنُ قَبُولُها، ولَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ ومَن تابَعَهُ، وفي الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى أنَّهُ لا بُدَّ مِن أنْ يَكُونَ ذَلِكَ نِكاحًا شَرْعِيًّا مَقْصُودًا لِذاتِهِ لا نِكاحًا غَيْرَ مَقْصُودٍ لِذاتِهِ، بَلْ حِيلَةٌ لِلتَّحْلِيلِ، وذَرِيعَةٌ إلى رَدِّها إلى الزَّوْجِ الأوَّلِ، فَإنَّ ذَلِكَ حَرامٌ لِلْأدِلَّةِ الوارِدَةِ في ذَمِّهِ وذَمِّ فاعِلِهِ، وأنَّهُ التَّيْسُ المُسْتَعارُ الَّذِي لَعَنَهُ الشّارِعُ ولَعَنَ مَنِ اتَّخَذَهُ لِذَلِكَ. قَوْلُهُ: ﴿فَإنْ طَلَّقَها﴾ أيِ الزَّوْجُ الثّانِي ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْهِما﴾ أيِ الزَّوْجِ الأوَّلِ والمَرْأةِ ﴿أنْ يَتَراجَعا﴾ أيْ يَرْجِعَ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما لِصاحِبِهِ. قالَ ابْنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ عَلى أنَّ الحُرَّ إذا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلاثًا ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُها ونَكَحَتْ زَوْجًا ودَخَلَ بِها ثُمَّ فارَقَها وانْقَضَتْ عِدَّتُها ثُمَّ نَكَحَها الزَّوْجُ الأوَّلُ أنَّها تَكُونُ عِنْدَهُ عَلى ثَلاثِ تَطْلِيقاتٍ. قَوْلُهُ: ﴿إنْ ظَنّا أنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ﴾ أيْ حُقُوقَ الزَّوْجِيَّةِ الواجِبَةَ لِكُلٍّ مِنهُما عَلى الآخَرِ. وأمّا إذا لَمْ يَحْصُلْ ظَنُّ ذَلِكَ بِأنْ يَعْلَما أوْ أحَدُهُما عَدَمَ الإقامَةِ لِحُدُودِ اللَّهِ، أوْ تَرَدَّدا أوْ أحَدُهُما ولَمْ يَحْصُلْ لَهُما الظَّنُّ، فَلا يَجُوزُ الدُّخُولُ في هَذا النِّكاحِ لِأنَّهُ مَظِنَّةٌ لِلْمَعْصِيَةِ لِلَّهِ والوُقُوعِ فِيما حَرَّمَهُ عَلى الزَّوْجَيْنِ. وقَوْلُهُ: ﴿وتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾ إشارَةٌ إلى الأحْكامِ المَذْكُورَةِ كَما سَلَفَ، وخَصَّ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَعَ عُمُومِ الدَّعْوَةِ لِلْعالِمِ وغَيْرِهِ، ووُجُوبِ التَّبْلِيغِ لِكُلِّ فَرْدٍ، لِأنَّهُمُ المُنْتَفِعُونَ بِالبَيانِ المَذْكُورِ. وقَدْ أخْرَجَ مالِكٌ والشّافِعِيُّ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ والتِّرْمِذِيُّ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنْ هِشامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أبِيهِ قالَ: كانَ الرَّجُلُ إذا طَلَّقَ امْرَأتَهُ ثُمَّ ارْتَجَعَها قَبْلَ أنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُها كانَ ذَلِكَ لَهُ وإنْ طَلَّقَها ألْفَ مَرَّةٍ، فَعَمَدَ رَجُلٌ إلى امْرَأتِهِ فَطَلَّقَها حَتّى إذا ما دَنا وقْتُ انْقِضاءِ عِدَّتِها أرْجَعَها، ثُمَّ طَلَّقَها، ثُمَّ قالَ: واللَّهِ لا آوِيكِ إلَيَّ ولا تَحِلِّينَ أبَدًا، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أوْ تَسْرِيحٌ بِإحْسانٍ﴾ فاسْتَقْبَلَ النّاسُ الطَّلاقَ جَدِيدًا مِن يَوْمِئِذٍ مَن كانَ مِنهم طَلَّقَ ومَن لَمْ يُطَلِّقْ. وأخْرَجَ نَحْوَهُ التِّرْمِذِيُّ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنْ هِشامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أبِيهِ عَنْ عائِشَةَ. وأخْرَجَ البُخارِيُّ عَنْها: أنَّها أتَتْها امْرَأةٌ فَسَألَتْها عَنْ شَيْءٍ مِنَ الطَّلاقِ، قالَتْ: فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ: ﴿الطَّلاقُ مَرَّتانِ﴾ . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وأحْمَدُ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وأبُو داوُدَ في ناسِخِهِ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ عَنْ أبِي رَزِينٍ الأسَدِيِّ قالَ: «قالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ أرَأيْتَ قَوْلَ اللَّهِ ﴿الطَّلاقُ مَرَّتانِ﴾، فَأيْنَ الثّالِثَةُ ؟ قالَ: التَّسْرِيحُ بِإحْسانٍ الثّالِثَةُ» . وأخْرَجَ نَحْوَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ مَرْفُوعًا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجاهِدٍ أنَّهُ قالَ: قالَ اللَّهُ لِلثّالِثَةِ: ﴿فَإمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أوْ تَسْرِيحٌ بِإحْسانٍ﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبِي حَبِيبٍ قالَ: التَّسْرِيحُ في كِتابِ اللَّهِ الطَّلاقُ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ مِن طَرِيقِ السُّدِّيِّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وابْنِ مَسْعُودٍ وناسٍ مِن أصْحابِ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ في قَوْلِهِ: ﴿الطَّلاقُ مَرَّتانِ﴾ قالُوا: وهو المِيقاتُ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ الرَّجْعَةُ، فَإذا طَلَّقَ واحِدَةً أوِ اثْنَتَيْنِ، فَإمّا أنْ يُمْسِكَ ويُراجِعَ بِمَعْرُوفٍ، وإمّا أنْ يَسْكُتَ عَنْها حَتّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُها فَتَكُونَ أحَقَّ بِنَفْسِها. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَ الرَّجُلُ يَأْكُلُ مِن مالِ امْرَأتِهِ الَّذِي نَحَلَها وغَيْرِهِ، لا يَرى أنَّ عَلَيْهِ جُناحًا، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ولا يَحِلُّ لَكم أنْ تَأْخُذُوا مِمّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا﴾ فَلَمْ يَصِحَّ لَهم بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ أخْذُ شَيْءٍ مِن أمْوالِهِنَّ إلّا بِحَقِّها، ثُمَّ قالَ: ﴿إلّا أنْ يَخافا ألّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَإنْ خِفْتُمْ ألّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ﴾ وقالَ: ﴿فَإنْ طِبْنَ لَكم عَنْ شَيْءٍ مِنهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: ٤] . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إلّا أنْ يَخافا ألّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ﴾ قالَ: إلّا أنْ يَكُونَ النُّشُوزُ وسُوءُ الخُلُقِ مِن قِبَلِها، فَتَدْعُوكَ إلى أنْ تَفْتَدِيَ مِنكَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ فِيما افْتَدَتْ بِهِ. وأخْرَجَ مالِكٌ والشّافِعِيُّ وأحْمَدُ وأبُو داوُدَ والنَّسائِيُّ والبَيْهَقِيُّ مِن طَرِيقِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أسْعَدَ بْنِ زُرارَةَ عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ الأنْصارِيِّ: «أنَّها كانَتْ تُحِبُّ ثابِتَ بْنَ قَيْسٍ، وأنَّ رَسُولَ اللَّهِ خَرَجَ إلى الصُّبْحِ فَوَجَدَها عِنْدَ بابِهِ في الغَلَسِ فَقالَ: مَن هَذِهِ ؟ قالَتْ: أنا حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ، فَقالَ: ما شَأْنُكِ ؟ قالَتْ: لا أنا ولا ثابِتٌ، فَلَمّا جاءَ ثابِتُ بْنُ قَيْسٍ قالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: هَذِهِ حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ، فَذَكَرَتْ ما شاءَ اللَّهُ أنْ تَذْكُرَ، فَقالَتْ حَبِيبَةُ: يا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ ما أعْطانِي عِنْدَهُ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: خُذْ مِنها، فَأخَذَ مِنها وجَلَسَتْ في أهْلِها» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في ثابِتِ بْنِ قَيْسٍ وفي حَبِيبَةَ، وكانَتِ اشْتَكَتْهُ إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: تَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قالَتْ: نَعَمْ، فَدَعاهُ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقالَ: ويَطِيبُ لِي ذَلِكَ، قالَ: نَعَمْ، قالَ ثابِتٌ: قَدْ فَعَلْتُ، فَنَزَلَتْ ﴿ولا يَحِلُّ لَكم أنْ تَأْخُذُوا﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وأبُو داوُدَ وابْنُ جَرِيرٍ والبَيْهَقِيُّ مِن طَرِيقِ عَمْرَةَ عَنْ عائِشَةَ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ البُخارِيُّ والنَّسائِيُّ وابْنُ ماجَهْ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «أنَّ جَمِيلَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ سَلُولَ امْرَأةَ ثابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمّاسٍ أتَتِ النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ ثابِتُ بْنُ قَيْسٍ ما أعْتِبُ عَلَيْهِ في خُلُقٍ ولا دِينٍ، ولَكِنْ لا أُطِيقُهُ بُغْضًا وأكْرَهُ الكُفْرَ في الإسْلامِ، قالَ: أتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ: اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وطَلِّقْها تَطْلِيقَةً» . ولَفْظُ ابْنِ ماجَهْ «فَأمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ أنْ يَأْخُذَ مِنها حَدِيقَتَهُ ولا يَزْدادَ» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ مِن طَرِيقِ عَطاءٍ قالَ: «أتَتِ امْرَأةٌ النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ وقالَتْ: إنِّي أبْغَضُ زَوْجِي وأُحِبُّ فِراقَهُ، قالَ: أتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ الَّتِي أصْدَقَكِ ؟ قالَتْ: نَعَمْ وزِيادَةً، فَقالَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: أمّا الزِّيادَةُ مِن مالِكِ فَلا» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ أبِي الزُّبَيْرِ أنَّ ثابِتَ بْنَ قَيْسٍ ذَكَرَ القِصَّةَ، وفِيهِ «أمّا الزِّيادَةُ فَلا» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ بِإسْنادٍ جَيِّدٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وفِيهِ «أنَّهُ أمَرَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ ثابِتًا أنْ يَأْخُذَ (p-١٥٥)ما ساقَ ولا يَزْدادُ» " . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ أبِي سَعِيدٍ وذَكَرَ القِصَّةَ، وفِيها " فَرَدَّتْ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ وزادَتْ " . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عُمَرَ أنَّهُ قالَ في بَعْضِ المُخْتَلِعاتِ: اخْلَعْها ولَوْ مِن قُرْطِها. وفِي لَفْظٍ أخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنْهُ أنَّهُ قالَ لِلزَّوْجِ: " خُذْ ولَوْ عِقاصَها " . قالَ البُخارِيُّ: أجازَ عُثْمانُ الخَلْعَ دُونَ عِقاصِها. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ والبَيْهَقِيُّ عَنْ عَطاءٍ «أنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ كَرِهَ أنْ يَأْخُذَ مِنَ المُخْتَلِعَةِ أكْثَرَ مِمّا أعْطاها» . وقَدْ ورَدَ في ذَمِّ المُخْتَلِعاتِ أحادِيثُ مِنها عَنْ ثَوْبانَ عِنْدَ أحْمَدَ وأبِي داوُدَ والتِّرْمِذِيِّ وحَسَّنَهُ وابْنِ ماجَهْ وابْنِ جَرِيرٍ والحاكِمِ وصَحَّحَهُ والبَيْهَقِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: «أيُّما امْرَأةٍ سَألَتْ زَوْجَها الطَّلاقَ مِن غَيْرِ ما بَأْسٍ فَحَرامٌ عَلَيْها رائِحَةُ الجَنَّةِ، وقالَ: المُخْتَلِعاتُ هُنَّ المُنافِقاتُ» . ومِنها عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ عِنْدَ ابْنِ ماجَهْ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ قالَ: «لا تَسْألُ المَرْأةُ زَوْجَها الطَّلاقَ في غَيْرِ كُنْهِهِ فَتَجِدُ رِيحَ الجَنَّةِ، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مَسِيرَةَ أرْبَعِينَ عامًا» . ومِنها عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أحْمَدَ والنَّسائِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ قالَ: «المُخْتَلِعاتُ والمُنْتَزِعاتُ هُنَّ المُنافِقاتُ» ومِنها عَنْ عُقْبَةَ عِنْدَ ابْنِ جَرِيرٍ مَرْفُوعًا مِثْلُ حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ. وقَدِ اخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ في عِدَّةِ المُخْتَلِعَةِ، والرّاجِحُ أنَّها تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ لِما أخْرَجَهُ أبُو داوُدَ والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ والنَّسائِيُّ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «أنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ أمَرَ امْرَأةَ ثابِتِ بْنِ قَيْسٍ أنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ» . ولِما أخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْراءَ «أنَّها اخْتَلَعَتْ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، فَأمَرَها النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ أنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ، أوْ أُمِرَتْ أنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ» . قالَ التِّرْمِذِيُّ: الصَّحِيحُ أنَّها أُمِرَتْ أنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ. وأخْرَجَ النَّسائِيُّ وابْنُ ماجَهْ عَنْها أنَّها قالَتِ: اخْتَلَعْتُ مِن زَوْجِي، فَجِئْتُ عُثْمانَ فَسَألْتُهُ ماذا عَلَيَّ مِنَ العِدَّةِ ؟ فَقالَ: لا عِدَّةَ عَلَيْكِ إلّا أنْ يَكُونَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِكِ فَتَمْكُثِينَ حَتّى تَحِيضِي حَيْضَةً، قالَتْ: إنَّما أتْبَعُ في ذَلِكَ قَضاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ في مَرْيَمَ المُغالِيَةِ، وكانَتْ تُحِبُّ ثابِتَ بْنَ قَيْسٍ فاخْتَلَعَتْ مِنهُ. وأخْرَجَ النَّسائِيُّ عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ «أنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ أمَرَ امْرَأةَ ثابِتِ بْنِ قَيْسٍ أنَّ تَتَرَبَّصَ حَيْضَةً واحِدَةً فَتَلْحَقَ بِأهْلِها» ولَمْ يَرِدْ ما يُعارِضُ هَذا مِنَ المَرْفُوعِ، بَلْ ورَدَ عَنْ جَماعَةٍ مِنَ الصَّحابَةِ والتّابِعِينَ أنَّ عِدَّةَ المُخْتَلِعَةِ كَعِدَّةِ الطَّلاقِ، وبِهِ قالَ الجُمْهُورُ. قالَ التِّرْمِذِيُّ: وهو قَوْلُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ مِنَ الصَّحابَةِ وغَيْرِهِمْ، واسْتَدَلُّوا عَلى ذَلِكَ بِأنَّ المُخْتَلِعَةَ مِن جُمْلَةِ المُطَلَّقاتِ، فَهي داخِلَةٌ تَحْتَ عُمُومِ القُرْآنِ. والحَقُّ ما ذَكَرْناهُ؛ لِأنَّ ما ورَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ يُخَصِّصُ عُمُومَ القُرْآنِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَإنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ﴾ يَقُولُ: فَإنْ طَلَّقَها ثَلاثًا فَلا تَحِلُّ لَهُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتادَةَ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ وعَبْدُ الرَّزّاقِ وابْنُ أبِي شَيْبَةَ وأحْمَدُ والبُخارِيُّ ومُسْلِمٌ والتِّرْمِذِيُّ والنَّسائِيُّ وابْنُ ماجَهْ والبَيْهَقِيُّ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «جاءَتِ امْرَأةُ رِفاعَةَ القُرَظِيِّ إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ فَقالَتْ: إنِّي كُنْتُ عِنْدَ رِفاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلاقِي، فَتَزَوَّجَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزُّبَيْرِ وما مَعَهُ إلّا مِثُلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ فَقالَ: أتُرِيدِينَ أنْ تَرْجِعِي إلى رِفاعَةَ ؟ لا حَتّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ ويَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» . وقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذا عَنْها مِن طُرُقٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وابْنُ أبِي شَيْبَةَ وأحْمَدُ والنَّسائِيُّ وابْنُ ماجَهْ وابْنُ جَرِيرٍ والبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ. وأخْرَجَ أحْمَدُ وابْنُ جَرِيرٍ والبَيْهَقِيُّ عَنْ أنَسٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ أيْضًا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، ولَمْ يُسَمِّ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةُ الصَّحابَةُ صاحِبَةَ القِصَّةِ. وأخْرَجَ أحْمَدُ والنَّسائِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ " أنَّ العُمَيْصاءَ أوِ الرُّمَيْصاءَ أتَتِ النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ " وفي آخِرِهِ فَقالَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: «لَيْسَ ذَلِكَ لَكِ حَتّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ رَجُلٌ غَيْرُهُ» . وقَدْ ثَبَتَ لَعْنُ المُحَلِّلِ في أحادِيثَ، مِنها عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ أحْمَدَ والتِّرْمِذِيِّ وصَحَّحَهُ والنَّسائِيِّ والبَيْهَقِيِّ في سُنَنِهِ قالَ: " «لَعَنَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ المُحَلِّلَ والمُحَلَّلَ لَهُ» ومِنها عَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ أحْمَدَ وأبِي داوُدَ والتِّرْمِذِيِّ وابْنِ ماجَهْ والبَيْهَقِيِّ مَرْفُوعًا مِثْلُ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، ومِنها عَنْ جابِرٍ مَرْفُوعًا عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِثْلُهُ، ومِنها عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ مَرْفُوعًا عِنْدَ ابْنِ ماجَهْ مِثْلُهُ، ومِنها عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عامِرٍ عِنْدَ ابْنِ ماجَهْ والحاكِمِ وصَحَّحَهُ والبَيْهَقِيُّ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ، ومِنها عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا عِنْدَ أحْمَدَ وابْنِ أبِي شَيْبَةَ والبَيْهَقِيِّ مِثْلُهُ. وفِي البابِ أحادِيثُ في ذَمِّ التَّحْلِيلِ وفاعِلِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَإنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أنْ يَتَراجَعا﴾ يَقُولُ: إذا تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الأوَّلِ فَدَخَلَ بِها الآخَرُ فَلا حَرَجَ عَلى الأوَّلِ أنْ يَتَزَوَّجَها إذا طَلَّقَها الآخَرُ أوْ ماتَ عَنْها فَقَدْ حَلَّتْ لَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُقاتِلٍ في قَوْلِهِ: ﴿أنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ﴾ قالَ: أمْرَ اللَّهِ وطاعَتَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب