الباحث القرآني

﴿فَإنْ طَلَّقَها﴾؛ أيْ: بَعْدَ الطَّلْقَتَيْنِ؛ ﴿فَلا تَحِلُّ﴾؛ هِيَ؛ ﴿لَهُ مِن بَعْدُ﴾؛ أيْ: مِن بَعْدِ هَذا الطَّلاقِ؛ ﴿حَتّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾؛ أيْ: تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ؛ (فَإنَّ النِّكاحَ أيْضًا يُسْنَدَ إلى كُلٍّ مِنهُما؛ وتَعَلَّقَ بِظاهِرِهِ مَنِ اقْتَصَرَ عَلى العَقْدِ؛ والجُمْهُورُ عَلى اشْتِراطِ الإصابَةِ؛ لِما رُوِيَ «أنَّ امْرَأةَ رِفاعَةَ قالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: إنَّ رُفاعَةَ طَلَّقَنِي؛ فَبَتَّ طَلاقِي؛ وإنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرٍ تَزَوَّجَنِي؛ وإنَّ ما مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ؛ فَقالَ ﷺ: "أتُرِيدِينَ أنْ تَرْجِعِي إلى رِفاعَةَ؟"؛ قالَتْ: نَعَمْ؛ قالَ ﷺ: "لا.. إلّا أنْ تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ؛ ويَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ"؛» وبِمِثْلِهِ تَجُوزُ الزِّيادَةُ عَلى الكِتابِ؛ وقِيلَ: النِّكاحُ بِمَعْنى: "الوَطْءُ؛ والعَقْدُ"؛ مُسْتَفادٌ مِن لَفْظِ "الزَّوْجُ"؛ والحِكْمَةُ مِن هَذا التَّشْرِيعِ الرَّدْعُ عَنِ المُسارَعَةِ إلى الطَّلاقِ؛ والعَوْدُ إلى المُطْلَّقَةِ ثَلاثًا؛ والرَّغْبَةُ فِيها؛ والنِّكاحُ بِشَرْطِ التَّحْلِيلِ مَكْرُوهٌ عِنْدَنا؛ ويُرْوى عَدَمُ الكَراهَةِ فِيما لَمْ يَكُنِ الشَّرْطُ مُصَرَّحًا بِهِ؛ وفاسِدٌ عِنْدَ الأكْثَرِينَ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ « "لَعَنَ اللَّهُ المُحَلِّلَ؛ والمُحَلَّلَ لَهُ".» ﴿فَإنْ طَلَّقَها﴾؛ أيْ: الزَّوْجُ الثّانِي؛ ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْهِما﴾؛ أيْ: عَلى الزَّوْجِ الأوَّلِ؛ والمَرْأةِ؛ ﴿أنْ يَتَراجَعا﴾؛ أنْ يَرْجِعَ كُلٌّ مِنهُما إلى الآخَرِ بِالعَقْدِ؛ ﴿إنْ ظَنّا أنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ﴾؛ الَّتِي أوْجَبَ مُراعاتِها عَلى الزَّوْجَيْنِ مِنَ الحُقُوقِ؛ ولا وجْهَ لِتَفْسِيرِ الظَّنِّ بِالعِلْمِ؛ لِما أنَّ العَواقِبَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ؛ ولِأنَّ "أنْ" النّاصِبَةَ لِلتَّوَقُّعِ المُنافِي لِلْعِلْمِ؛ ولِذَلِكَ لا يَكادُ يُقالُ: "عَلِمْتُ أنْ يَقُومَ زَيْدٌ". ﴿وَتِلْكَ﴾: إشارَةٌ إلى الأحْكامِ المَذْكُورَةِ إلى هُنا؛ ﴿حُدُودَ اللَّهِ﴾؛ أيْ: أحْكامُهُ المُعَيَّنَةُ؛ المَحْمِيَّةُ مِنَ التَّعَرُّضِ لَها بِالتَّغْيِيرِ والمُخالَفَةِ؛ ﴿يُبَيِّنُها﴾؛ بِهَذا البَيانِ اللّائِقِ؛ أوْ سَيُبَيِّنُها فِيما سَيَأْتِي؛ بِناءً عَلى أنَّ بَعْضَها يَلْحَقُهُ زِيادَةُ كَشْفٍ وبَيانٍ بِالكِتابِ؛ والسُّنَّةِ. والجُمْلَةُ خَبَرٌ ثانٍ؛ عِنْدَ مَن يُجَوِّزُ كَوْنَهُ جُمْلَةً؛ كَما في قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿فَإذا هي حَيَّةٌ تَسْعى﴾؛ أوْ حالٌ مِن "حُدُودُ اللَّهِ"؛ والعامِلِ مَعْنى الإشارَةِ؛ ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾؛ أيْ: يَفْهَمُونَ؛ وتَخْصِيصُهم بِالذِّكْرِ؛ مَعَ عُمُومِ الدَّعْوَةِ؛ والتَّبْلِيغِ؛ لِما أنَّهُمُ المُنْتَفِعُونَ بِالبَيانِ؛ أوْ لِأنَّ ما سَيَلْحَقُ بَعْضَ النُّصُوصِ مِنَ البَيانِ لا يَقِفُ عَلَيْهِ إلّا الرّاسِخُونَ في العِلْمِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب