الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿فَإنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾، أيْ: فَإنْ طَلَّقَها الثّالِثَةَ، لِأنَّ الثِّنْتَيْنِ قَدْ جَرى ذِكْرُهُما، أيْ: فَلا تَحِلُّ لَهُ حَتّى تَتَزَوَّجَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وفَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لِعِلْمِهِ بِصُعُوبَةِ تَزَوُّجِ المَرْأةِ عَلى الرَّجُلِ، (p-٣٠٩)فَحَرَّمَ عَلَيْهِ التَّزَوُّجَ بَعْدَ الثَّلاثِ، لِئَلّا يُعَجِّلُوا بِالطَّلاقِ، وأنْ يَتَثَبَّتُوا. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿بَعْدَ ذَلِكَ أمْرًا﴾ [الطلاق: ١]، يَدُلُّ عَلى ما قُلْناهُ. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿فَإنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أنْ يَتَراجَعا﴾، أيْ: فَإنْ طَلَّقَها الزَّوْجُ الثّانِي، فَلا جُناحَ عَلَيْها وعَلى الزَّوْجِ الأوَّلِ أنْ يَتَراجَعا، ومَوْضِعُ ”أنْ“: نَصْبٌ، المَعْنى: لا يَأْثَمانِ في أنْ يَتَراجَعا، فَلَمّا سَقَطَتْ ”في“، وُصِلَ مَعْنى الفِعْلِ، فَنُصِبَ، ويُجِيزُ الخَلِيلُ أنْ يَكُونَ مَوْضِعُ ”أنْ“، خَفْضًا، عَلى إسْقاطِ ”في“، ومَعْنى إرادَتِها في الكَلامِ، وكَذَلِكَ قالَ الكِسائِيُّ، والَّذِي قالاهُ صَوابٌ، لِأنَّ ”أنْ“، يَقَعَ فِيها الحَذْفُ، ويَكُونُ جَعْلُها مَوْصُولَةً عِوَضًا مِمّا حُذِفَ، ألا تَرى أنَّكَ لَوْ قُلْتَ: ”لا جُناحَ عَلَيْهِما الرُّجُوعُ“، لَمْ يَصْلُحْ؟ والحَذْفُ مَعَ ”أنْ“، سائِغٌ، فَلِهَذا أجازَ الخَلِيلُ، وغَيْرُهُ أنْ يَكُونَ مَوْضِعَ جَرٍّ، عَلى إرادَةِ ”في“، ومَعْنى ﴿إنْ ظَنّا أنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ﴾، أيْ: إنْ كانَ الأغْلَبُ عَلَيْهِما أنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُها﴾، ويُقْرَأُ: ”نُبَيِّنُها“، بِالياءِ، والنُّونِ، جَمِيعًا، ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾، أيْ: يَعْلَمُونَ أنَّ وعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، وأنَّ ما أتى بِهِ رَسُولُهُ صِدْقٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب