الباحث القرآني
(p-٦٣)﴿الم﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿الم﴾ اخْتَلَفَ فِيهِ المُفَسِّرُونَ عَلى ثَمانِيَةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُ اسْمٌ مِن أسْماءِ القُرْآنِ كالفُرْقانِ والذِّكْرِ، وهو قَوْلُ قَتادَةَ وابْنِ جُرَيْجٍ.
والثّانِي: أنَّهُ مِن أسْماءِ السُّوَرِ، وهو قَوْلُ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ.
والثّالِثُ: أنَّهُ اسْمُ اللَّهِ الأعْظَمِ، وهو قَوْلُ السُّدِّيِّ والشَّعْبِيِّ. (p-٦٤)
والرّابِعُ: أنَّهُ قَسَمٌ أقْسَمَ اللَّهُ تَعالى بِهِ، وهو مِن أسْمائِهِ، وبِهِ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ وعِكْرِمَةُ.
والخامِسُ: أنَّها حُرُوفٌ مُقَطَّعَةٌ مِن أسْماءٍ وأفْعالٍ، فالألِفُ مِن أنا واللّامُ مِنَ اللَّهِ، والمِيمُ مِن أعْلَمُ، فَكانَ مَعْنى ذَلِكَ: أنا اللَّهُ أعْلَمُ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ونَحْوُهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أيْضًا.
والسّادِسُ: أنَّها حُرُوفٌ يَشْتَمِلُ كُلُّ حَرْفٍ مِنها عَلى مَعانٍ مُخْتَلِفَةٍ، فالألِفُ مِفْتاحٌ اسْمُهُ اللَّهُ، واللّامُ مِفْتاحٌ اسْمُهُ لَطِيفٌ، والمِيمُ مِفْتاحٌ اسْمُهُ مَجِيدٌ، والألِفُ آلاءُ اللَّهِ، والمِيمُ مَجْدُهُ، والألِفُ سَنَةٌ، واللّامُ ثَلاثُونَ سَنَةً، والمِيمُ أرْبَعُونَ سَنَةً، آجالٌ قَدْ ذَكَرَها اللَّهُ.
والسّابِعُ: أنَّها حُرُوفٌ مِن حِسابِ الجُمَّلِ، لِما جاءَ في الخَبَرِ عَنِ الكَلْبِيِّ، عَنْ أبِي صالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وجابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قالَ: «مَرَّ أبُو ياسِرِ بْنُ أخْطَبَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وهو يَتْلُو فاتِحَةَ الكِتابِ وسُورَةَ البَقَرَةِ: ﴿الم﴾ ﴿ذَلِكَ الكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ﴾ فَأتى أخاهُ حُيَيَّ بْنَ أخْطَبَ في رِجالٍ مِنَ اليَهُودِ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالُوا: يا مُحَمَّدُ، ألَمْ تَذْكُرْ لَنا أنَّكَ تَتْلُو فِيما أنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ: ﴿الم﴾ ﴿ذَلِكَ (p-٦٥)الكِتابُ﴾ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (بَلى، فَقالُوا: (أجاءَكَ بِها جِبْرِيلُ مِن عِنْدِ اللَّهِ.
قالَ: (نَعَمْ، قالُوا: (لَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ قَبْلَكَ أنْبِياءَ ما نَعْلَمُ أنَّهُ بُيِّنَ لِنَبِيٍّ مِنهم مُدَّةُ مُلْكِهِ وما أكْلُ أُمَّتِهِ غَيْرَكَ، فَقالَ حُيَيُّ بْنُ أخْطَبَ وأقْبَلَ عَلى مَن كانَ مَعَهُ، فَقالَ لَهُمُ: (الألِفُ واحِدَةٌ واللّامُ ثَلاثُونَ والمِيمُ أرْبَعُونَ فَهَذِهِ إحْدى وسَبْعُونَ سَنَةً، ثُمَّ أقْبَلَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ قالَ: (يا مُحَمَّدُ هَلْ كانَ مَعَ هَذا غَيْرُهُ؟ قالَ: (نَعَمْ، قالَ: (ماذا؟ قالَ: (المص) قالَ هَذِهِ أثْقَلُ وأطْوَلُ، الألِفُ واحِدَةٌ واللّامُ ثَلاثُونَ والمِيمُ أرْبَعُونَ، والصّادُ تِسْعُونَ، فَهَذِهِ إحْدى وسِتُّونَ ومِائَةُ سَنَةٍ، فَهَلْ مَعَ هَذا يا مُحَمَّدُ غَيْرُهُ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: ماذا؟ قالَ: (الر) قالَ: هَذِهِ أثْقَلُ وأطْوَلُ، الألِفُ واحِدٌ، واللّامُ ثَلاثُونَ، والرّاءُ مِائَتانِ، فَهَذِهِ إحْدى وثَلاثُونَ ومِائَتانِ سَنَةٍ، فَهَلْ مَعَ هَذا يا مُحَمَّدُ غَيْرُهُ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: ماذا؟ قالَ: (المر) قالَ: هَذِهِ أثْقَلُ وأطْوَلُ، الألِفُ واحِدَةٌ، واللّامُ ثَلاثُونَ، والمِيمُ أرْبَعُونَ، والرّاءُ مِائَتانِ، فَهَذِهِ إحْدى وسَبْعُونَ ومِائَتا سَنَةٍ.
.، ثُمَّ قالَ: لَقَدِ التَبَسَ عَلَيْنا أمْرُكَ حَتّى ما نَدْرِي أقَلِيلًا أُعْطِيتَ أمْ كَثِيرًا؟ ثُمَّ قامُوا عَنْهُ، فَقالَ أبُو ياسِرٍ لِأخِيهِ حُيَيِّ بْنِ أخْطَبَ ولِمَن مَعَهُ مِنَ الأحْبارِ: ما يُدْرِيكم لَعَلَّهُ قَدْ جُمِعَ هَذا كُلُّهُ لِمُحَمَّدٍ إحْدى وسَبْعُونَ، وإحْدى وسِتُّونَ ومِائَةٌ، وإحْدى وثَلاثُونَ ومِائَتانِ، وإحْدى وسَبْعُونَ ومِائَتانِ، فَذَلِكَ سَبْعُمِائَةِ سَنَةٍ وأرْبَعٌ وثَلاثُونَ سَنَةً، قالُوا: لَقَدْ تَشابَهَ عَلَيْنا أمْرُهُ!» فَيَزْعُمُونَ أنَّ هَذِهِ الآياتِ نَزَلَتْ فِيهِمْ: ﴿هُوَ الَّذِي أنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتابَ مِنهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتابِ وأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ﴾ والثّامِنُ: أنَّهُ حُرُوفُ هِجاءٍ أعْلَمَ اللَّهُ تَعالى بِها العَرَبَ حِينَ تَحَدّاهم بِالقُرْآنِ، أنَّهُ مُؤَلَّفٌ مِن حُرُوفِ كَلامٍ، هي هَذِهِ الَّتِي مِنها بِناءُ كَلامِهِمْ لِيَكُونَ عَجْزُهم عَنْهُ أبْلَغَ في الحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، إذْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَلامِهِمْ.
فَأمّا حُرُوفُ أبْجَدَ فَلَيْسَ بِناءُ كَلامِهِمْ عَلَيْها، ولا هي أصْلٌ، وقَدِ اخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ فِيها عَلى أرْبَعَةِ أقاوِيلَ: (p-٦٦)
أحَدُها: أنَّها الأيّامُ السِّتَّةُ، الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ تَعالى فِيها الدُّنْيا، وهَذا قَوْلُ الضَّحّاكِ بْنِ مُزاحِمٍ.
والثّانِي: أنَّها أسْماءُ مُلُوكِ مَدْيَنَ، وهَذا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وفي قَوْلِ بَعْضِ شُعَراءِ مَدْيَنَ دَلِيلٌ عَلى ذَلِكَ قالَ شاعِرُهُمْ:
؎ ألا يا شُعَيْبُ قَدْ نَطَقْتَ مَقالَةً سَبَبْتَ بِها عَمْرًا وحَيَّ بَنِي عَمْرٍو ∗∗∗ مُلُوكُ بَنِي حُطِّي وهَوَّزُ مِنهُمُ ∗∗∗ وسَعْفَصُ أصْلٌ لِلْمَكارِمِ والفَخْرِ ∗∗∗ هُمُ صَبَّحُوا أهْلَ الحِجازِ بِغارَةٍ ∗∗∗ كَمِثْلِ شُعاعِ الشَّمْسِ أوْ مَطْلَعِ الفَجْرِ
والثّالِثُ: ما رَوى مَيْمُونُ بْنُ مِهْرانَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ لِأبِي جادٍ حَدِيثًا عَجَبًا: (أبى) آدَمُ الطّاعَةَ، و(جَدَّ) في أكْلِ الشَّجَرَةِ، وأمّا (هَوَّزُ) فَنَزَلَ آدَمُ فَهَوى مِنَ السَّماءِ إلى الأرْضِ، وأمّا (حُطِّي) فَحُطَّتْ خَطِيئَتُهُ، وأمّا (كَلَمُنْ) فَأكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ، ومُنَّ عَلَيْهِ بِالتَّوْبَةِ، وأمّا (سَعْفَصُ) فَعَصى آدَمُ، فَأُخْرِجَ مِنَ النَّعِيمِ إلى النَّكَدِ، وأمّا (قَرَشَتْ) فَأقَرَّ بِالذَّنْبِ، وسَلِمَ مِنَ العُقُوبَةِ.
والرّابِعُ: أنَّها حُرُوفٌ مِن أسْماءِ اللَّهِ تَعالى، رَوى ذَلِكَ مُعاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ . (p-٦٧)
{"ayah":"الۤمۤ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق