الباحث القرآني

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم القَوْل فِي تَفْسِير سُورَة الْبَقَرَة اعْلَم أَن سُورَة الْبَقَرَة مَدَنِيَّة بِاتِّفَاق الْأَئِمَّة، وَحكى عَن بعض الْعلمَاء أَنه قَالَ: يكره، تَسْمِيَتهَا بِسُورَة الْبَقَرَة، وَالْأولَى أَن يُقَال: السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا الْبَقَرَة، وَكَذَا فِي سَائِر السُّور من أَمْثَالهَا. وَالأَصَح أَنه يجوز؛ لما روى عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه رمى جَمْرَة الْعقبَة من بطن الْوَادي ثمَّ قَالَ: هَذَا وَالله مقَام الَّذِي أنزلت عَلَيْهِ سُورَة الْبَقَرَة. وروى عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " تعلمُوا سُورَة الْبَقَرَة، فَإِن أَخذهَا بركَة، وَتركهَا حسرة، وَلَا يستطيعها البطلة " أَي: السَّحَرَة. وَفِي هَذَا دَلِيل على فَضِيلَة هَذِه السُّورَة، وعَلى جَوَاز تَسْمِيَتهَا سُورَة الْبَقَرَة، وسمى بعض الْمُتَقَدِّمين هَذِه السُّورَة: فسطاط الْقُرْآن؛ لشرفها وفضلها. قَوْله تَعَالَى: ﴿آلم﴾ قَالَ الشّعبِيّ وَجَمَاعَة من الْمُتَقَدِّمين، فِي هَذَا وَسَائِر حُرُوف التهجي فِي فواتح السُّور: والفائدة فِي أَوَائِل السُّور لَا (يعلم) مَعْنَاهَا، وَهِي سر الْقُرْآن، وَلكُل كتاب سر، وسر الْقُرْآن حُرُوف التهجي من فواتح السُّور، والفائدة من ذكرهَا طلب الْإِيمَان بهَا، وَأَن يعلم أَنَّهَا من عِنْد الله تَعَالَى. وَقَالَ غَيرهم: هِيَ مَعْلُومَة الْمعَانِي. وَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: معنى قَوْله: ﴿آلم﴾ أَنا الله أعلم، وكل حرف يدل على معنى، وَالْألف دَلِيل قَوْله: " أَنا "، وَاللَّام دَلِيل قَوْله: " الله "، وَالْمِيم دَلِيل قَوْله: " أعلم ". وَكَذَا قَالَ فِي أَمْثَاله، فَقَالَ فِي ﴿آلمص﴾ : مَعْنَاهُ: أَنا الله أعلم وأفصل. وَفِي ﴿آلمر﴾ : أَنا " الله " أعلم وَأرى. وَفِي ﴿آلر﴾ : أَنا الله أرى. قَالَ الزّجاج: هَذَا حسن، وبمثله قَالَت الْعَرَب فِي قَوْلهَا. فَإِن الْعَرَب قد تَأتي فِي كَلَامهَا بِحرف وتريد بِهِ معنى، كَمَا قَالَ الْقَائِل: (قلت لَهَا قفي فَقَالَت قَاف ... لَا تحسبي أَنا نَسِينَا الإيجاف) وَمعنى قَوْلهَا قَاف، أَي: وقفت. فَدلَّ الْحَرْف على معنى، كَذَا هَذَا. وَقَالَ قَتَادَة فِي حُرُوف التهجي: إِنَّهَا اسْم لِلْقُرْآنِ. وَقَالَ مُجَاهِد: إِنَّهَا أَسمَاء للسور وَقَالَ غَيرهم: هُوَ قسم، أقسم الله تَعَالَى بِهَذِهِ الْحُرُوف؛ لشرفها وفضلها؛ لِأَنَّهَا مباني كتبه الْمنزلَة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب