الباحث القرآني
(p-٥٥)وَمِن سُورَةِ ”اَلْبَقَرَةِ“
﷽
قَوْلُهُ - تَبارَكَ وتَعالى -: ﴿الم﴾، زَعَمَ أبُو عُبَيْدَةَ، مُعَمَّرُ بْنُ المُثَنّى، أنَّها حُرُوفُ الهِجاءِ، افْتِتاحُ كَلامٍ، وكَذَلِكَ ”المر“، و”المص“، وزَعَمَ أبُو الحَسَنِ الأخْفَشُ أنَّها افْتِتاحُ كَلامٍ، ودَلِيلُ ذَلِكَ أنَّ الكَلامَ الَّذِي ذُكِرَ قَبْلَ السُّورَةِ قَدْ تَمَّ، وزَعَمَ قُطْرُبٌ أنَّ: ”الم“، و”المص“، و”المر“، و”كهيعص“، و”ق“، (p-٥٦)و”يس“، و”نون“، حُرُوفُ المُعْجَمِ، ذُكِرَتْ لِتَدُلَّ عَلى أنَّ هَذا القُرْآنَ مُؤَلَّفٌ مِن هَذِهِ الحُرُوفِ المُقَطَّعَةِ، الَّتِي هي حُرُوفُ ”أ ب ت ث“، فَجاءَ بَعْضُها مُقَطَّعًا، وجاءَ تَمامُها مُؤَلَّفًا، لِيَدُلَّ القَوْمَ الَّذِينَ نَزَلَ عَلَيْهِمُ القُرْآنُ أنَّهُ بِحُرُوفِهِمُ الَّتِي يَعْقِلُونَها، لا رَيْبَ فِيهِ.
وَيُرْوى عَنِ الشَّعْبِيِّ أنَّهُ قالَ: لِلَّهِ في كُلِّ كِتابٍ سِرٌّ، وسِرُّهُ في القُرْآنِ حُرُوفُ الهِجاءِ المَذْكُورَةِ في أوائِلِ السُّوَرِ، ويُرْوى عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ في ”الم“، وما أشْبَهَها، فَوَجْهٌ مِنها أنَّهُ قالَ: أقْسَمَ اللَّهُ بِهَذِهِ الحُرُوفِ أنَّ هَذا الكِتابَ الَّذِي أُنْزِلَ عَلى مُحَمَّدٍ ﷺ هو الكِتابُ الَّذِي عِنْدَهُ - عَزَّ وجَلَّ -، لا شَكَّ فِيهِ، والقَوْلُ الثّانِي عَنْهُ أنَّ ”الر“، و”حم“، و”نون“، اِسْمٌ لِلرَّحْمَنِ - عَزَّ وجَلَّ -، مُقَطَّعٌ في اللَّفْظِ، مَوْصُولٌ في المَعْنى، والثّالِثُ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: ”الم“، مَعْناهُ: ”أنا اللَّهُ أعْلَمُ“، و”الر“، مَعْناهُ: ”أنا اللَّهُ أرى“، (p-٥٧)و”المص“، مَعْناهُ: ”أنا اللَّهُ أعْلَمُ وأفْصِلُ“، و”المر“، مَعْناهُ: ”أنا اللَّهُ أعْلَمُ وأرى“، فَهَذا جَمِيعُ ما انْتَهى إلَيْنا مِن قَوْلِ أهْلِ اللُّغَةِ، والنَّحْوِيِّينَ، في مَعْنى ”الم“، وجَمِيعُ ما انْتَهى إلَيْنا مِن أهْلِ العِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ.
وَنَقُولُ في إعْرابِ ”الم“، و”الر“، و”كهيعص“، وما أشْبَهَ هَذِهِ الحُرُوفَ: هَذا بابُ التَّهَجِّي.
(p-٥٨)(p-٥٩)هَذا بابُ حُرُوفِ التَّهَجِّي
وَهِيَ: اَلْألِفُ، والباءُ، والتّاءُ، والثّاءُ، وسائِرُ ما في القُرْآنِ مِنها، فَإجْماعُ النَّحْوِيِّينَ أنَّ هَذِهِ الحُرُوفَ مَبْنِيَّةٌ عَلى الوَقْفِ، لا تُعْرَبُ، ومَعْنى قَوْلِنا: ”مَبْنِيَّةٌ عَلى الوَقْفِ“: أنَّكَ تَقْدِرُ أنْ تَسْكُتَ عَلى كُلِّ حَرْفٍ مِنها، فالنُّطْقُ: ”ألِفْ لامْ مِيمْ ذَلِكَ...“، والدَّلِيلُ عَلى أنَّكَ تَقْدِرُ السَّكْتَ عَلَيْها جَمْعُكَ بَيْنَ ساكِنَيْنِ في قَوْلِكَ: ”لامْ“، وفي قَوْلِكَ: ”مِيمْ“، والدَّلِيلُ عَلى أنَّ حُرُوفَ الهِجاءِ مَبْنِيَّةٌ عَلى السَّكْتِ، كَما بُنِيَ العَدَدُ عَلى السَّكْتِ، أنَّكَ تَقُولُ فِيها بِالوَقْفِ، مَعَ الجَمْعِ بَيْنَ ساكِنَيْنِ، كَما تَقُولُ إذا عَدَدْتَ: ”واحِدْ، اِثْنانْ، ثَلاثَهْ، أرْبَعَهْ...“، ولَوْلا أنَّكَ تَقْدِرُ السَّكْتَ لَقُلْتَ: ”ثَلاثَةٌ“، بِالتّاءِ، كَما تَقُولُ: ”ثَلاثًا يا هَذا“، فَتَصِيرُ الهاءُ تاءً مَعَ التَّنْوِينِ، واتِّصالِ الكَلامِ، وحَقُّها مِنَ الإعْرابِ أنْ تَكُونَ سَواكِنَ الأواخِرِ، زَعَمَ سِيبَوَيْهِ أنَّكَ أرَدْتَ أنَّ المُعْجَمَ حُرُوفٌ يُحْكى بِها ما في الأسْماءِ المُؤَلَّفَةِ مِنَ الحُرُوفِ، فَجَرى (p-٦٠)مُجْرى ما يُحْكى بِهِ، نَحْوَ ”غاقْ“، و”غاقْ يا فَتى“، إنَّما حَكى صَوْتَ الغُرابِ، والدَّلِيلُ أيْضًا عَلى أنَّها مَوْقُوفَةٌ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎أقْبَلْتُ مِن عِنْدِ زِيادٍ كالخَرِفْ ∗∗∗ تَخُطُّ رِجْلايَ بِخَطٍّ مُخْتَلِفْ
تُكَتِّبانِ في الطَّرِيقِ لامَ الِفْ
كَأنَّهُ قالَ: ”لامْ ألِفْ“، بِسُكُونِ ”لامْ“، ولَكِنَّهُ ألْقى حَرَكَةَ هَمْزَةِ ”ألِفْ“، عَلى المِيمِ، فَفَتَحَها، قالَ أبُو إسْحاقَ: وشَرْحُ هَذِهِ الحُرُوفِ وتَفْسِيرُها أنَّها لَيْسَتْ تُجْرى مُجْرى الأسْماءِ المُتَمَكِّنَةِ، والأفْعالِ المُضارِعَةِ الَّتِي يَجِبُ لَها الإعْرابُ، وإنَّما هي تَقْطِيعُ الِاسْمِ المُؤَلَّفِ الَّذِي لا يَجِبُ الإعْرابُ فِيهِ، إلّا مَعَ كَمالِهِ، فَقَوْلُكَ: ”جَعْفَرٌ“، لا يَجِبُ أنْ تُعْرَبَ مِنهُ الجِيمُ، ولا العَيْنُ، ولا الفاءُ، ولا الرّاءُ، دُونَ تَكْمِيلِ الِاسْمِ، فَإنَّما هي حِكاياتٌ وُضِعَتْ عَلى هَذِهِ الحُرُوفِ، فَإنْ أجْرَيْتَها مُجْرى الأسْماءِ، وحَدَّثْتَ عَنْها، قُلْتَ: ”هَذِهِ كافٌ حَسَنَةٌ“، وهَذا كافٌ حَسَنٌ ”، وكَذَلِكَ سائِرُ حُرُوفِ المُعْجَمِ، فَمَن قالَ:“ هَذِهِ كافٌ "، أنَّثَ لِمَعْنى الكَلِمَةِ، ومَن ذَكَّرَ فَلِمَعْنى الحَرْفِ، والإعْرابُ وقَعَ فِيها لِأنَّكَ تُخْرِجُها مِن بابِ الحِكايَةِ، قالَ الشّاعِرُ:
؎كافًا ومِيمَيْنِ وسِينًا طاسِما
(p-٦١)وَقالَ أيْضًا:
؎كَما بَيَّنَتْ كافٌ تَلُوحُ ومِيمُها
ذَكَّرَ ”طاسِما“، لِأنَّهُ جَعَلَهُ صِفَةً لِلسِّينِ، وجَعَلَ السِّينَ في مَعْنى الحَرْفِ، وقالَ: ”تَلُوحُ“، فَأنَّثَ الكافَ، ذَهَبَ بِها مَذْهَبَ الكَلِمَةِ، قالَ الشّاعِرُ - يَهْجُو النَّحْوِيِّينَ، وهو يَزِيدُ بْنُ الحَكَمِ -:
؎إذا اجْتَمَعُوا عَلى ألِفٍ وواوٍ ∗∗∗ وياءٍ لاحَ بَيْنَهُمُ جِدالُ
فَأمّا إعْرابُ ”أبِي جادٍ“، و”هَوَزٍ“، و”حُطِّي“، فَزَعَمَ سِيبَوَيْهِ أنَّ هَذِهِ مَعْرُوفاتُ الِاشْتِقاقِ في كَلامِ العَرَبِ، وهي مَصْرُوفَةٌ، تَقُولُ: ”عَلِمْتُ أبا جادٍ“، و”اِنْتَفَعْتُ بِأبِي جادٍ“، وكَذَلِكَ ”هَوَزٌ“، تَقُولُ: ”نَفَعَنِي هَوَزٌ“، و”اِنْتَفَعْتُ بِهَوَزٍ“، وكَذَلِكَ ”حُطِّي“، وهُنَّ مَصْرُوفاتٌ مُنَوَّناتٌ، فَأمّا ”كَلَمْوَنُ“، و”سَعْفَصُ“، و”قُرَيْشِياتٌ“، فَأعْجَمِيّاتٌ، تَقُولُ: ”هَذِهِ كَلَمْوَنُ يا هَذا“، و”تَعَلَّمْتُ كَلَمْوَنَ“، و”اِنْتَفَعْتُ بِكَلَمْوَنَ“، وكَذَلِكَ ”سَعْفَصُ“، فَأمّا ”قُرَيْشِياتٌ“، فاسْمٌ لِلْجَمْعِ، مَصْرُوفَةٌ بِسَبَبِ الألِفِ والتّاءِ، تَقُولُ: ”هَذِهِ (p-٦٢)قُرَيْشِياتٌ يا هَذا“، وعَجِبْتُ مِن قُرَيْشِياتٍ يا هَذا " .
وَلِقُطْرُبٍ قَوْلٌ آخَرَ في ”الم“، زَعَمَ أنَّهُ يَجُوزُ، لَمّا لَغا القَوْمُ في القُرْآنِ فَلَمْ يَتَفَهَّمُوهُ، حِينَ قالُوا: ”لا تَسْمَعُوا لِهَذا القُرْآنِ والغَوْا فِيهِ“، أُنْزِلَ ذِكْرُ هَذِهِ الحُرُوفِ، فَسَكَتُوا لَمّا سَمِعُوا الحُرُوفَ، طَمَعًا في الظَّفَرِ بِما يُحِبُّونَ، لِيَفْهَمُوا - بَعْدَ الحُرُوفِ - القُرْآنَ وما فِيهِ، فَتَكُونَ الحُجَّةُ عَلَيْهِمْ أثْبَتَ إذا جَحَدُوا بَعْدَ تَفَهُّمٍ، وتَعَلُّمٍ.
قالَ أبُو إسْحاقَ: والَّذِي أخْتارُهُ مِن هَذِهِ الأقْوالِ الَّتِي قِيلَتْ في قَوْلِهِ - عَزَّ وجَلَّ -: ”الم“، بَعْضُ ما يُرْوى عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ -، وهو أنَّ المَعْنى: ”الم“: ”أنا اللَّهُ أعْلَمُ“، وأنَّ كُلَّ حَرْفٍ مِنها لَهُ تَفْسِيرُهُ، والدَّلِيلُ عَلى ذَلِكَ أنَّ العَرَبَ تَنْطِقُ بِالحَرْفِ الواحِدِ تَدُلُّ بِهِ عَلى الكَلِمَةِ الَّتِي هو مِنها، قالَ الشّاعِرُ:
؎قُلْنا لَها قِفِي قالَتْ قافْ ∗∗∗ لا تَحْسَبِي أنّا نَسِينا الإيجافْ
فَنُطِقَ بِقافٍ فَقَطْ، يُرِيدُ قالَتْ: ”أقِفُ“، وقالَ الشّاعِرُ أيْضًا:
؎نادَوْهُمُ أنْ ألْجِمُوا ألاتا ∗∗∗ قالُوا جَمِيعًا كُلُّهم ألا فا
(p-٦٣)تَفْسِيرُهُ: ”نادَوْهم أنْ ألْجِمُوا، ألا تَرْكَبُونَ؟ قالُوا جَمِيعًا: ألا فارْكَبُوا“، فَإنَّما نُطِقَ بِتاءٍ، وفاءٍ، كَما نُطِقَ الأوَّلُ بِقافِ، وأنْشَدَ بَعْضُ أهْلِ اللُّغَةِ لِلْقَيِّمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مالِكٍ:
؎إنْ شِئْتَ أشْرَفْنا كِلانا فَدَعا ∗∗∗ اللَّهَ رَبًّا جُهْدَهُ فَأسْمَعا
؎بِالخَيْرِ خَيْراتٍ وإنْ شَرًّا فَآ ∗∗∗ ولا أُرِيدُ الشَّرَّ إلّا أنْ تَآ
وَأنْشَدَ النَّحْوِيُّونَ:
؎بِالخَيْرِ خَيْراتٍ وإنْ شَرًّا فا ∗∗∗ ولا أُرِيدُ الشَّرَّ إلّا أنْ تا
يُرِيدُونَ: ”إنْ شَرًّا فَشَرٌّ، ولا أُرِيدُ الشَّرَّ إلّا أنْ تَشاءَ“، أنْشَدَ جَمِيعُ البَصْرِيِّينَ ذَلِكَ، فَهَذا الَّذِي أخْتارُهُ في هَذِهِ الحُرُوفِ، واللَّهُ أعْلَمُ بِحَقِيقَتِها.
فَأمّا ”ص“، فَقَرَأ الحَسَنُ: ”صادِ والقُرْآنِ“، فَكَسَرَ الدّالَ، فَقالَ أهْلُ (p-٦٤)اللُّغَةِ: مَعْناهُ ”صادِ القُرْآنَ بِعَمَلِكَ“، أيْ: تَعَمَّدْهُ، وسَقَطَتِ الياءُ لِلْأمْرِ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونُ كُسِرَتِ الدّالُ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، إذا نَوَيْتَ الوَصْلَ، وكَذَلِكَ قَرَأ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي إسْحاقَ: ”صادِ والقُرْآنِ“، وقَرَأ أيْضًا: ”قافِ والقُرْآنِ المَجِيدِ“، فالكَسْرُ في مَذْهَبِ ابْنِ أبِي إسْحاقَ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، وقَرَأ عِيسى بْنُ عُمَرَ: ”صادَ والقُرْآنِ“، بِفَتْحِ الدّالِ، وكَذَلِكَ قَرَأ: ”نُونَ والقَلَمِ“، و”قافَ والقُرْآنِ“، بِالفَتْحِ أيْضًا، لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، قالَ سِيبَوَيْهِ: إذا نادَيْتَ ”أسْحارَّ“ - و”اَلْأسْحارُّ“: اِسْمُ نَبْتٍ، مُشَدَّدُ الرّاءِ -، قُلْتَ في تَرْخِيمِهِ: ”يا أسْحارَ أقْبِلْ“، فَفَتَحْتَ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، كَما اخْتَرْتَ الفَتْحَ في قَوْلِكَ: ”عَضَّ يا فَتى“، فَإتْباعُ الفَتْحَةِ الفَتْحَةَ كَإتْباعِ الألِفِ الفَتْحَةَ، ويَجُوزُ: ”يا أسْحارِ أقْبِلْ“، فَتَكْسِرُ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، وقالَ أبُو الحَسَنِ الأخْفَشُ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ ”صادَ“ و”قافَ“، و”نُونَ“، أسْماءً لِلسُّورِ، مَنصُوبَةً، إلّا أنَّها لا تُصْرَفُ، كَما لا تُصْرَفُ جُمْلَةُ أسْماءِ المُؤَنَّثِ، والقَوْلُ الأوَّلُ - أعْنِي التِقاءَ السّاكِنَيْنِ، والفَتْحَ، والكَسْرَ مِن أجْلِ التِقائِها - أقْيَسُ، لِأنَّهُ يَزْعُمُ أنَّهُ يَنْصِبُ هَذِهِ الأشْياءَ، كَأنَّهُ قالَ: ”أذْكُرُ صادَ“، وكَذَلِكَ يُجِيزُ في ”حم“، (p-٦٥)و”طس“، اَلنَّصْبَ، و”ياسِينْ“ أيْضًا، عَلى أنَّها أسْماءٌ لِلسُّورِ، ولَوْ كانَ قُرِئَ بِها لَكانَ وجْهُهُ الفَتْحَ، لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، فَأمّا ”كهيعص“، فَلا تَبِينُ فِيها النُّونُ مَعَ الصّادِ في القِراءَةِ، وكَذَلِكَ ”حم عسق“، لا تَبِينُ فِيها النُّونُ مَعَ السِّينِ، قالَ الأخْفَشُ وغَيْرُهُ مِنَ النَّحْوِيِّينَ: لَمْ تُبَيَّنِ النُّونُ لِقُرْبِ مَخْرَجِها مِنَ السِّينِ، والصّادِ، فَأمّا ”نُونْ والقَلَمِ“، فالقِراءَةُ فِيها تَبْيِينُ النُّونِ مَعَ الواوِ الَّتِي في ”والقَلَمِ“، وبِتَرْكِ التَّبْيِينِ، إنْ شِئْتَ بَيَّنْتَ، وإنْ شِئْتَ لَمْ تُبَيِّنْ، فَقُلْتَ ”نُونْ والقَلَمِ“، لِأنَّ النُّونَ بَعُدَتْ قَلِيلًا عَنِ الواوِ.
وَأمّا قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ - ”الم اَللَّهُ“، فَفي فَتْحِ المِيمِ قَوْلانِ، أحَدُهُما لِجَماعَةٍ مِن النَّحْوِيِّينَ، وهو أنَّ هَذِهِ الحُرُوفَ مَبْنِيَّةٌ عَلى الوَقْفِ، فَيَجِبُ بَعْدَها قَطْعُ ألِفِ الوَصْلِ، فَيَكُونُ الأصْلُ: ”أ ل م اَللَّهُ لا إلَهَ إلّا هو“، ثُمَّ طُرِحَتْ فَتْحَةُ الهَمْزَةِ عَلى المِيمِ، وسَقَطَتِ الهَمْزَةُ، كَما تَقُولُ: ”واحِدْ، اِثْنانِ“، وإنْ شِئْتَ قُلْتَ: ”واحِدِ اثْنانِ“، فَألْقَيْتَ كَسْرَةَ ”اِثْنَيْنِ“، عَلى الدّالِ، وقالَ قَوْمٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ: لا يَسُوغُ في اللَّفْظِ أنْ يُنْطَقَ بِثَلاثَةِ أحْرُفٍ سَواكِنَ، فَلا بُدَّ مِن فَتْحَةِ المِيمِ في ”المَ اللَّهُ“، لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، يَعْنِي المِيمَ، واللّامَ، والَّتِي بَعْدَها، وهَذا القَوْلُ صَحِيحٌ، لا يُمْكِنُ في اللَّفْظِ غَيْرُهُ.
(p-٦٦)فَأمّا مَن زَعَمَ أنَّهُ إنَّما أُلْقِيَ حَرَكَةُ الهَمْزَةِ فَيَجِبُ أنْ يَقْرَأ: ”المِ اللَّهُ“، وهَذا لا أعْلَمُ أحَدًا قَرَأ بِهِ إلّا ما ذُكِرَ عَنِ الرُّؤاسِيِّ، فَأمّا مَن رَواهُ عَنْ عاصِمٍ، فَلَيْسَ بِصَحِيحِ الرِّوايَةِ، وقالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: لَوْ كانَتْ مُحَرَّكَةً لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ لَكانَتْ مَكْسُورَةً، وهَذا غَلَطٌ لَوْ فَعَلْنا في التِقاءِ السّاكِنَيْنِ إذا كانَ الأوَّلُ مِنهُما ياءً، لَوَجَبَ أنْ تَقُولَ: ”كَيْفِ زَيْدٍ؟“، و”أيْنِ زَيْدٍ؟“، وهَذا لا يَجُوزُ، وإنَّما وقَعَ الفَتْحُ لِثِقَلِ الكَسْرَةِ بَعْدَ الياءِ.
{"ayah":"الۤمۤ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق