الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ ﴿الم﴾: إجماع النحويين أن [[من هذا الموضع نقل المؤلف هذا الكلام من كتاب "سر صناعة الإعراب" لأبي الفتح عثمان بن جني، فصل: في تصريف حروف المعجم واشتقاقها وجمعها. قال: اعلم أن هذِه الحروف مادامت حروف هجاء غير معطوفة ولا ... الخ 2/ 781 - 784.]] هذه الحروف ما دامت حروف هجاء غير معطوفة، ولا موقعة موقع الأسماء، أنها سواكن الأواخر في الإدراج والوقف، وذلك قولك [[في (ب): (قوله).]]: (ألف [[في (أ)، (ج): (أ) وما في (ب) موافق لـ "سر صناعة الإعراب" 2/ 781]]، با تا ثا) إلى آخرها، وذلك أنها أسماء الحروف الملفوظة بها في صيغ الكلم، بمنزلة أسماء الأعداد، نحو: ثلاثة، أربعة، خمسة. ولا تجد لها رافعاً، ولا ناصباً، ولا جاراً، وإذا [[في (ب): فإذا.]] جرت مجرى الحروف لم يجز تصريفها، ولا اشتقاقها [[في (ج): (اشقاقها).]]، ولا تثنيتها، ولا جمعها، كما أن الحروف كذلك. ويدلك [[في (ب): (وبذلك).]] على كونها بمنزلة (هل، وبل، وقد، وحتى، وسوف) أنك [[في (ب): (أنها).]] تجد فيها ما هو على حرفين الثاني منهما ألف نحو: (با، تا، طا) ولا تجد [[في (ب): (ولا يجوز).]] في الأسماء المعربة ما هو على حرفين الثاني منهما حرف لين، إنما ذلك في الحروف نحو: (ما، ولا، ويا [[(ويا) ساقط من (ب).]]، وأو، ولو، وكي، وأي) فلا تزال [[في (ب): (فلا يزال)، وفي (ج): (فلا تنال).]] هذِه الحروف هكذا مبنية غير معربة؛ لأنها أصوات بمنزلة: (صه) [[اسم فعل بمعنى: اسكت. انظر "المقتضب" 3/ 202، "سر صناعة الإعراب" 2/ 494، 600.]]، و (مه) [[اسم فعل بمعنى. اكفف. انظر المصدرين السابقين.]]، و (غاق) [[في (ب): (عاقه). و (غاق) حكايته لصوت الغراب. انظر "الكتاب" 3/ 302، "المقتضب" 3/ 180، "سر صناعة الإعراب" 2/ 494.]]، و (إيه) [[اسم فعل. تقول: إيه يا فتى: إذا أردت أن يزيدك من الحديث. انظر "المقتضب" 3/ 25، "سر صناعة الإعراب" 2/ 494.]]. حتى توقعها مواقع الأسماء فتعربها حينئذٍ كما تفعل بالأسماء، وذلك قولك [[في (ب): (قول).]]: أول الجيم (جيم) وآخر الصاد (دال) وأوسط الكاف (ألف) وكتبتُ جيمًا حسنةً [[انظر: "سر صناعة الإعراب" 2/ 782، وانظر: "المقتضب" 1/ 371.]]. وكذلك العطف [[عند أبي الفتح (العاطف) 2/ 782.]]، لأنه نظير التثنية، فتقول: ما هجاء بكر؟ فيقول المجيب: (باء، وكاف، وراء) فيعرب، لأنه قد عطف، فإن لم يعطف بني، فقال: (باء، كاف، را). ونظير هذِه الحروف في أنها موقوفة غير موصولة، أسماء العدد نحو ثلاثة وأربعة [["سر صناعة الإعراب" 2/ 782، وانظر "معاني القرآن" للأخفش1/ 168، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 21، (الأصول في النحو) لابن السراج 2/ 139.]]. وإذا أخبرت عن حروف الهجاء، أو أسماء الأعداد فقد أخرجتها بذلك عن حيز الأصوات، وأدخلتها في جملة الأسماء المتمكنة [[غير واضح في (ب). (المتمكن) هو الاسم الذي يتغير آخره بتغير العوامل، ولم يشبه الحرف، انظر "معجم المصطلحات النحوية" ص 213.]]، فاستحقت أن تعرب للإخبار عنها، فإنه لا معنى [للحرفية فيها إذا] [[ما بين المعقوفين غير واضح في (ب).]] زال إدارة الحكاية بها، فدخل بذلك في حد [المتمكنات، وخرج] [[ما بين المعقوفين غير واضح في (ب).]] من باب الأصوات. وكذلك العدد إذا أردت به معدودًا، ولم ترد به العدد وحده دون المعدود أعربت كقولك [[في (ب): (كقوله).]]: ثمانية ضعف أربعة، وسبعة أكثر من أربعة بثلاثة، فأعربت هذه الأسماء ولم تصرفها لاجتماع التأنيث والتعريف فيها، ألا ترى أن [[في (ج): (أنك).]] (ثلاثة) عدد معروف القدر، وأنه أكثر من اثنين بواحد، وكذلك سائر الأعداد [["سر صناعة الإعراب" 2/ 783، وانظر: "الكتاب" 3/ 264 - 266، "الأصول في النحو" 2/ 139.]]. وأنشدوا قول أبي النجم [[هو الفضل بن قدامة بن عجل، كان ينزل الكوفة، أحد رجاز الإسلام المتقدمين من الطبقة التاسعة. انظر "الشعر والشعراء" ص400، "طبقات فحول الشعراء" 2/ 737، "الخزانة" 1/ 103.]]: أقبلت من عند زياد كالخرف ... تخطّ رجلاي بخط مختلف تكتبان في الطريق لامَ الف [[معنى الأبيات: كان لأبي النجم صديق يسقيه الخمر، فينصرف من عنده ثملًا. لا يملك نفسه، مثل الخرف وهو الذي فسد عقله من الكبر، وكان يتمايل فتخط رجلاه في الطريق ما يشبه: لام ألف، أو أنه تارة يمشي معوجاً فتخط رجلاه ما يشبه: اللام، وتارة يمشي مستقيماً فتخط رجلاه خطأ مستقيما يشبه: الألف. والأبيات في "ديوان أبي النجم" ص 141، وهي عند أبي عبيدة في "المجاز" 1/ 28 والمبرد في "المقتضب" 1/ 237، 3/ 357، والزجاج في "معاني القرآن" 1/ 22، و"المخصص" 14/ 95،17/ 53، و"سر صناعة الإعراب" 2/ 651، و"الخزانة" 1/ 99 - 102، والبيت الثالث عند سيبويه 3/ 266.]] كأنه قال [[(قال) ساقط من (ج).]]: (لام ألف) إلا أنه ألقى حركة (الهمزة) على (الميم) للوزن ولم يعرب [[في (ب) (يعرف). أي أنها ساكنة، لم يجر عليها الإعراب، وعلى هذا استشهد بها سيبويه، ومكان إيراد هذِه الأبيات بعد ذكر وجه البناء، كما هو عند سيبويه والزجاج وغيرهما. ولابن جني توجيه آخر للأبيات غير ما ذكر، رده البغدادي في (الخزانة). انظر "سر صناعة الإعراب" 2/ 652، (الخزانة) 1/ 99.]]. قال أبو إسحاق [[هو الزجاج. انظر "معاني القرآن" 1/ 22، نقل عنه بتصرف.]]: وهذه الحروف ليست كالحروف [[في "معاني القرآن": (.. ليست تجري مجرى الأسماء المتمكنة، والأفعال المضارعة ..) 1/ 22، فقوله هنا (ليست كالحروف المتمكنة) لعله تصحيف.]] المتمكنة، والأفعال المضارعة التي يجب لها الإعراب، وإنما هي تقطيع الاسم المؤلف الذي لا يجب الإعراب إلا مع كماله [[في (ب): (كمالها) وفي (ج): (طاسما).]]، فقولك: (جعفر) لا يعرب منه حرف دون تكميل الاسم. فأما قول الشاعر: كافاً وميمَين وسينًا طاسما [[(ب): (كاسما). الرجز استشهد به سيبويه 3/ 260، وابن الأنباري في "المذكر والمؤنث" ص 450، والزجاج في "معاني القرآن" 1/ 23، والأزهري في "التهذيب" 1/ 91، وابن سيده في "المخصص" 17/ 49، "اللسان" 1/ 16. والشاهد عندهم أنه ذكر (طاسما) وهي صفة (للسين) فذكره، ولو أنثه لجاز ذلك. واستشهد به ابن جني في "سر صناعة الإعراب" على أنه أعرب الحروف وأجراها مجرى الأسماء، كما عند المؤلف هنا 2/ 782. ولم ينسب البيت أحد. ومعنى البيت. أنه يشبه آثار الديار بحروف الكتاب. والطاسم: الدارس. وقد روى (طامسا) انظر: "الكتاب" 3/ 260 (مع هامش عبد السلام هارون).]] فإنما أعرب لأنه أجرى الحروف مجرى الأسماء. وقال يزيد بن الحكم [[هو يزيد بن الحكم بن أبي العاص الثقفي البصري، من فصحاء الشعراء، وقد على سليمان بن عبد الملك فوصله وأكرمه. وكان قد عُيِّن لإمرة فارس. انظر ترجمته في "الجرح والتعديل" 4/ 2/ 257، "سير أعلام النبلاء" 4/ 519، "الخزانة" 1/ 113.]]: إذا اجتمعوا على ألف وياء [[في (ب): (وباء).]] ... وواو هاج بينهم جدال [[أورده المبرد في "المقتضب" 1/ 236، قال: قال رجل من الأعراب يذم النحويين إذ سمع خصومتهم فيه: إذا اجتمعوا على ألف وباء ... وتاء هاج بينهم قتال وأورده في 4/ 43، وقافيته (جدال) وأورده الزجاج في "المعاني" 1/ 23، ونصه: إذا اجتمعوا على ألف وواو ... وياء لاح بينهمُ جدال ونسبه لزيد بن الحكم، وأورده ابن سيده في "المخصص" 14/ 95، وابن جني في == "سر صناعة الإعراب" 2/ 782، والبغدادي في "الخزانة" 1/ 110، 113.والبيت آخر ما نقله عن الزجاج بتصرف. انظر: "معاني القرآن" 1/ 22، 23.]] فأعرب لأنه أدخل حرف العطف، وجعلها في حكم الأسماء. ويجوز [[في (ب): (وبجو).]] تأنيث هذه الحروف وتذكيرها، فمن أنث فلمعنى [الكلمة. ومن ذكر فلمعنى] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] الحرف [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 22، "المذكر والمؤنث" لابن الأنباري ص 449، 450، "المخصص" 17/ 49.]]. ولا محل لها من الإعراب لأنها حكايات وضعت على هذه الحروف، ولم تجر مجرى الأسماء المتمكنة، ولا الأفعال المضارعة، وإنما هي كقولهم: (غاق يا فتى) إذا حكوا صوت الغراب، فهذه الحروف وإن كانت إشارات إلى معان فلا موضع لها من الإعراب [[انظر: "الكتاب" 3/ 266، "المقتضب" 1/ 236 - 238، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 22، "سر صناعة الإعراب" 2/ 781، 782. قال السمين الحلبي: في إعراب الحروف المتقطعة في أوائل السور ثلاثة أقوال: إحداها: أنها أسماء حروف التهجي لا محل لها من الإعراب، وهو أصحها، والثاني: أنها معربة بمعنى أنها صالحة للإعراب، وإنما فات شرط وهو التركيب، وإليه مال الزمخشري، والثالث: أنها موقوفة لا معربة ولا مبنية. "الدر المصون" 1/ 79.]]. ومن قال: إنها أسماء للسور [[في (ب): (اسما للسورة)، و (جـ): (لسور).]] والقرآن، قال: محلها رفع [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 90، و"ابن عطية" 1/ 96، "البحر المحيط" 1/ 141، "البيان في غريب القرآن" 1/ 43، و"القرطبي" 1/ 157، "الدر المصون" 1/ 81 قال الزمخشري: ومن لم يجعلها أسماء للسور لم يتصور أن تكون لها محل في مذهبه، كما لا محل للجمل المبتدأة وللمفردات المعددة. "الكشاف" 1/ 107، 108، ونحوه قال الرازي 2/ 12.]]، كأنه قيل: هذه ألم، كما تقول: هذا زيد، أو يكون رفعًا على الابتداء، وخبره ﴿ذَلِكَ اَلكِتَابُ﴾ كما تقول [[في (أ): (يقول) وأثبت ما في (ب، جـ) لأنه أنسب للسياق.]]: زيد ذلك الرجل، ويحتمل أن يكون رفعًا على أنه خبر مقدم، كأنه قال: ذلك الكتاب الذي وعدتك [[في (ب): (وعد بك).]] أن أنزله إليك [[في (ج): (عليك).]] ﴿الم﴾ [[ذكر الواحدي بعض الأوجه في إعراب الحروف المقطعة في أوائل السور وهناك أوجه أخرى، فقيل: إنها في محل نصب بتقدير: أقرأ (ألم)، وقيل: في موضع خفض بالقسم، لقول ابن عباس: إنها قسم أقسم الله بها. انظر ابن عطية 1/ 141، "البحر المحيط" 1/ 35، "البيان في غريب القرآن" 1/ 43، والقرطبي 1/ 136، "الدر المصون" 1/ 81.]]. فأما التفسير: فقد كثر اختلاف الناس في هذه الحروف المقطعة وأشباهها في القرآن. فذهب قوم إلى أن الله لم يجعل لأحد سبيلا إلى إدراك معانيها، وأنها مما استأثر الله بعلمها، فنحن نؤمن بظاهرها ونكل [[في (ب): (وبكل).]] علمها إلى الله تعالى [[ذكره الثعلبي في "الكشف" 1/ 37/ أ. انظر الطبري 1/ 88، "تفسير أبي الليث" 1/ 87، وذكره ابن عطية ونسبه للشعبي وسفيان الثوري وجماعة من المحدثين 1/ 138، وذكره في "البحر المحيط"، ومال إليه. 1/ 35، والقرطبي 1/ 154، وقال: روي عن أبي بكر وعلي، وابن كثير1/ 38.]]. وعن الشعبي [[هو عامر بن شراحيل بن عبد، تابعي شهر بالرواية والحفظ، ولد ونشأ بالكوفة. والشعبي نسبة إلى (شعب) بطن من همدان، مات سنة خمس ومائة، وقيل: غير ذلك، انظر: "تاريخ بغداد" 12/ 227، "حلية الأولياء" 4/ 310.]] أنه قال: لله في كل كتاب سر، وسره في القرآن حروف التهجي [[قال الواحدي في "الوسيط" 1/ 25، قال داود بن أبي هند: كنت أسأل الشعبي عن فواتح السور، فقال: يا داود: إن لكل كتاب سرا وإن سر القرآن فواتح السور، فدعها وسل عما سوى ذلك. وبهذا اللفظ ذكره السيوطي في (الدر) وعزاه لابن المنذر، وأبي الشيخ، ابن حبان في "التفسير". "الدر" 1/ 56، وذكره الطبري ولم يعزه لأحد 1/ 88، وذكره أبو الليث عن الشعبي1/ 87، والزجاج في "المعاني" 1/ 19، وانظر: القرطبي 1/ 133، 134. وقد روي عن الشعبي أنه فسرها: بأنها من أسماء الله. كما في الطبري 1/ 87، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 33، وذكره الأزهري في "التهذيب" 1/ 90.]]. ومثل هذا روي عن أبي بكر الصديق وعلي [[انظر أقوالهم في "تفسير الثعلبي" 1/ 40/ أ، و"القرطبي" 1/ 134، و"ابن كثير" 1/ 38. روي عن علي: أنها اسم الله الأعظم. انظر: "تفسير أبي الليث" 1/ 87، و"ابن عطية" 1/ 138، و"ابن كثير" 1/ 39.]] رضي الله عنهما. والأكثرون من أهل التفسير تكلموا في معاني هذه الحروف واستنبطوا لها وجوها من التأويل [[انظر: الطبري 1/ 86 - 93، و"ابن عطية" 1/ 140، و"البحر المحيط" 1/ 35، و"القرطبي" 1/ 155.]]، وقالوا: لا يجوز أن يلغى شيء من كتاب الله تعالى، لأنه قال: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: 195]. فيروى عن ابن عباس في ﴿الم﴾ ثلاثة أوجه [[انظر. "معاني القرآن" للزجاج 1/ 19، 20، "تهذيب اللغة" 1/ 88.]]: أحدها: أن الله تعالى أقسم بهذه الحروف، أن هذا الكتاب الذي أنزل على محمد الكتاب الذي عند الله، لا شك فيه [[بهذا اللفظ ذكره الزجاج في "معاني القرآن" 1/ 19، والأزهري في "تهذيب اللغة" 1/ 88، وأبو الليث ونسبه للكلبي1/ 87. وأخرج ابن جرير بسنده عن ابن عباس قال: هو قسم أقسم الله به، وهو من أسماء الله، وذكره السيوطي في "الدر" == وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في "الأسماء والصفات". "الدر" 1/ 54، وانظر "تفسير ابن عطية" 1/ 138، وابن كثير 1/ 39، وروي عن عكرمة أنها قسم. انظر: الطبري 1/ 207وابن أبي حاتم 1/ 170.]]. وهذا الوجه من تفسير ابن عباس اختيار [[في (ب): (اختاره).]] الأخفش، لأنه قال: أقسم الله تعالى بهذه الحروف لشرفها [[في (ب): (وشرفها).]] وفضلها [[في (ب): (وفضّلها).]]، لأنها [[في (ب): (أنها).]] مباني كتبه المنزلة بالألسنة [[في (ب): (بالألسن).]] المختلفة، ومباني أسمائه الحسنى وصفاته العلى، وأصول كلام الأمم، بها يتعارفون ويذكرون الله عزّ وجلّ ويوحدونه، فكأنه [[في (ب): (وكأنه).]] أقسم بهذه الحروف أن القرآن كتابه وكلامه لا ريب فيه [[كلام الأخفش ذكره الثعلبي 1/ 40 ب، ولم أجده في "معاني القرآن" للأخفش.]]. الوجه الثاني: أن هذه الحروف وإن كانت متفرقة في النزول، فإذا ألّفت ضربًا من التأليف كانت [[في (ب). (كان).]] اسمًا لله، وإن كنا لا نقف على تأويلها، فـ (ألف، لام، را)، و (حم)، و (ن) [[في (ب): (كألف لام حاميم نون).]] اسمه: الرحمن [[في "معاني القرآن" للزجاج (الر)، و (حم)، و (نون) اسم للرحمن، مقطع في اللفظ موصول في المعنى 1/ 20، ونحوه في "تهذيب اللغة" 1/ 88، وقد أخرج ابن جرير بسنده عن ابن عباس في قوله: (ألم) و (حم) و (ن) قال اسم مقطع. وفي سنده (الباهلي) قال شاكر: لم أقف له على ترجمة. انظر الطبري مع تحقيق شاكر 1/ 207، وأخرجه ابن أبي حاتم، وفي سنده الباهلي قال محققه: لم أقف له على == ترجمة. "تفسير ابن أبي حاتم" مع الهامش 1/ 168 رسالة دكتوراه. وذكره السيوطي في "الدر" وعزاه إلى ابن جرير، وابن أبي حاتم وابن مردويه. "الدر" 1/ 54 انظر ابن عطية 1/ 138.]]. إلا أنا لا نقف على كيفية نظمها. قال سعيد بن جبير [[هو سعيد بن جبير بن هشام الأسدي بالولاء، كان من سادات التابعين علمًا وفضلًا وورعًا وفقهًا، قتله الحجاج سنة خمس وتسعين. انظر ترجمته في: "تذكرة الحفاظ" 1/ 76، "طبقات المفسرين" للداودي 1/ 188.]]: لو أحسن الناس تأليفها لعلموا [[في (ب): (تعلموا).]] اسم الله الأعظم [[ذكره الثعلبي بدون سند. 1/ 40 أ، وأبو حيان في "البحر المحيط" 1/ 34.]]. الوجه الثالث عنه [[أي عن ابن عباس.]]: ﴿الم﴾: أنا الله أعلم، و ﴿الر﴾ [[في (ب): (الرا).]]: أنا الله أرى، و ﴿المص﴾ [الأعراف: 1]: أنا الله أعلم وأفصل [[في (ب): (وأفضل).]]، و ﴿المر﴾ [الرعد: 1]: أنا الله أعلم وأرى [[ذكره الزجاج بنصه حيث قال: والثالث عنه: ثم ذكره 1/ 20، وفي تهذيب القول الثالث: (الم) معناه: أنا الله أعلم وأرى 15/ 677، وأخرج ابن جرير بسنده عن ابن عباس: (الم) قال: أنا الله أعلم. الطبري 1/ 88، وأخرجه ابن أبي حاتم بنحو رواية ابن جرير. قال المحقق: في سنده عطاء وشريك، اختلطا وساء حفظهما. (تفسير ابن أبي حاتم) 1/ 32، وأخرجه أبو جعفر النحاس في "القطع والائتناف" قال: (الم) أنا الله أعلم. و (المر) قال أنا الله أرى، و (المص) قال أنا الله أفصل. ص 111، وذكره السيوطي في "الدر" بمثل رواية ابن جرير وعزاه إلى وكيع وعبد ابن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والنحاس 1/ 54.]]. وهذا الوجه اختيار الزجاج. قال: المختار: ما روي عن ابن عباس وهو أن معنى: (الم) أنا الله أعلم، وأن كل حرف منها له تفسير [[في (المعاني): (تفسيره) 1/ 24.]]. قال: والدليل على ذلك أن العرب تنطق بالحرف الواحد تدل به على الكلمة التي هو [[(هو) ساقط من (ب).]] فيها، وأنشد: قلت لها قفي فقالت قاف [[البيت بتمامه في (المعاني): قلنا لها قفي قالت: قاف ... لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف "معاني القرآن" 1/ 24 ومثله عند الطبري 1/ 90، وكذا في "الخصائص" 1/ 30، 80، 426، 2/ 361، وهو في (تأويل مشكل القرآن) وفيه (... قالت لي: قاف ...) ص 308، وورد في "معاني القرآن" للفراء3/ 75، "اللسان" (وقف) 8/ 4898، "البحر المحيط" 1/ 35. والرجز للوليد بن عقبة خرج يريد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - لما طلبه حين شهد عليه عنده أنه يشرب الخمر، فخرج الوليد مع بعض رفقته ونزل يسوق الإبل بهم ويرتجز بأبيات منها المذكورة هنا.]] ... ................ فنطق [[في (ج). (تنطق).]] - بقاف- فقط، يريد قالت: أقف [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 24.]]. وقال الفراء: معنى هذه الحروف [المقطعة في أوائل السور: أن هذه الحروف] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] ذلك الكتاب الذي وعدتك أن أنزله عليك، لأن قوله: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى﴾ [الأعلى: 6] وعد من الله تعالى أن ينزل عليه كتابا، فلما أنزل عليه القرآن قال: ﴿الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ الذي وعدتك أن أقرئكه فلا تنسى، فاكتفى من حروف (أ، ب، ت، ث) بـ ﴿الم﴾، و ﴿المص﴾، وأشباه ذلك؛ لأن هذه الحروف لما كانت موضوعة للكتاب معروفة، كان الحرفان [[في (ج): (الجرفان) بالجيم.]] والثلاثة منها يدل على الجمع، والعرب تعبر ببعض الشيء عن كله. كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اُرْكَعُواْ لَا يَرْكَعُونَ﴾ [المرسلات: 48] أي: صلوا لا يصلون، وقال: ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَت يَدَاكَ﴾ [الحج: 10] وقال الشاعر: لما رأيت أنها في حُطِّي ... أخذتُ منها بقرونٍ شُمْطِ [[الأبيات لبعض بني أسد، وسماه بعضهم بأبي القماقم الأسدي، يتحدث عن امرأة لا يرضى خلقها، حاول إصلاحها فلم تنقد له، كأنها تستمر في أول تعلمها كالصبي الذي لا يعدو في تعلمه حروف الهجاء. و (القرون الشمط). خصل الشعر المختلط فيه السواد والبياض. والأبيات عند الفراء: لما رأيت أمرها في حُطِّي ... وفَنَكَتْ في كذب ولَطِّ أخذتُ منها بقرون شمط ... ولم يزل ضربي لها ومَعْطِي حتى علا الرأس دم يغُطِّي "معاني القرآن" للفراء 1/ 369، وذكر منها في "تأويل مشكل القرآن" البيتين اللذين ذكرهما الواحدي ص 30، وكذا الثعلبي 1/ 41، وذكر الطبري الأبيات مثل ما عند الفراء مع اختلاف يسير 1/ 89، ووردت في "كنز الحفاظ في كتاب تهذيب الألفاظ" ص 447، "أمالي القالي" 2/ 200، "تفسير السجاوندي" ص 24.]] فعبر بفظة (حطى) عن جميع حروف (أبجد) [[الكلام الذي نسبه للفراء لم أجده بهذا النص في "معاني القرآن"، وللفراء كلام بمعناه 1/ 368، 2/ 3، وذكر الثعلبي قريبا مما ذكر الواحدي هنا، قال بعده: هذا قول المبرد وجماعة من أهل (المعاني). الثعلبي 1/ 40/ ب، 41/ أوذكر الواحدي في "البسيط" نحو الكلام الذي نسبه للفراء، وعزاه لابن الأنباري. انظر "الوسيط" 1/ 26.]]. وهذا القول اختيار الحسن [[في (ب): (الحسين).]] بن محمد بن نصر الجرجاني [[هو الحسن بن محمد أو ابن يحيى بن نصر الجرجاني، أبو علي، صاحب "نظم القرآن" نقل عنه الواحدي كثيرا، انظر ما تقدم في مصادر الواحدي في تفسيره.]]، فإنه قال: ﴿الم﴾ مبتدأ مرصد لخبر [[في (ب): (بخير).]]، أو لأن يبنى عليه خبر، أي: أن هذه الحروف التي منها (الم) الكتاب الذي [[في (ب): (التي).]] وعدتك إنزاله عليك، فتكون هذه الحروف الثلاثة اسما لجميع الحروف المعجمة، كما يستدل ببعض الشيء على كله، يقول الرجل: قرأت (نون) و (صاد) و (حم) [[في (ب): (ص) و (حم) و (نون).]] وهو لا يريد [[في (ب): (لا يريد به).]] هذه الحروف بعينها، وإنما يريد كلّ ما اتصل به مما [[(مما) ساقط من (ب).]] بعده. ومنه قول النبي ﷺ "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله" [[الحديث بلفظ: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ... الحديث). عن أبي هريرة: قال السيوطي: متواتر: "فيض القدير" 2/ 238، وكذا قال الألباني. انظر "الأحاديث الصحيحة" 1/ 691 (407). والحديث أخرجه البخاري (1399) كتاب الزكاة، باب: وجوب الزكاة، "الفتح" 3/ 262، و"كتاب استتابة المرتدين" باب (قتل من أبى قبول الفرائض) 12/ 275، وكتاب "الاعتصام بالكتاب والسنة" باب "الإقتداء بسنن رسول الله ﷺ" 13/ 250، ومسلم 20، 21 كتاب الإيمان، باب: الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، وأبو داود (1556) كتاب الزكاة، والترمذي (2607) كتاب الإيمان، باب: أمرت أن أقاتل الناس .. ، والنسائي 5/ 14 كتاب الزكاة، باب: مانع الزكاة. وأحمد في "المسند" 1/ 19، 35، 48، 2/ 423، 528. والأحاديث بنحو لفظه كثيرة عن ابن عمر وأنس وغيرهم.]] وقد كان ﷺ يقاتل اليهود والنصارى، وهم يقولون: لا إله إلا الله، [وهو أراد (لا إله إلا الله)] [[مابين المعقوفين ساقط من (ب).]] وما اتصل بها من أسبابها، فجعل (لا إله إلا الله) اسماً لجميع الإيمان. وعلى هذا قوله: ﴿وذلك﴾ مبتدأ ثان و ﴿الكتاب﴾ [[في (ج): (بالكتاب).]] خبره، وهما جميعا خبر للمبتدأ الأول [[انظر "تفسير الثعلبي" 1/ 42/ ب، "مشكل إعراب القرآن" 1/ 16، وابن عطية 1/ 143، "البحر" 1/ 36.]]، لأنهما صارا قصة وشأنا، مثل قولك: (زيد أبوه قائم) و (عمرو وجهه حسن). وزعم قطرب [[هو محمد بن المستنير المعروف بـ (قطرب) أحد العلماء المشهورين بالنحو واللغة، أخذ عن سيبويه، مات سنة ست ومائتين. انظر ترجمته في: "طبقات النحويين واللغويين" ص 99، "تاريخ بغداد" 3/ 298، "معجم الأدباء" 19/ 52، "إنباه الرواة" 3/ 219، "المزهر" 2/ 405.]]: أن هذه الحروف المقطعة ذكرت في القرآن لتدل على أن هذا القرآن المؤلف من هذه الحروف المقطعة التي هي مقدورة للمشركين في تخاطبهم، فلولا أنه من عند الله نزل وأنه معجز في نفسه، وإلا وهلا جئتم بمثله لأنكم [[في (ب): (وأنتم).]] متمكنون من المخاطبة بهذه الحروف. [[ذكر المؤلف قول قطرب بمعناه، وتصرفه في اللفظ أخل به، انظر نص قوله في "معاني القرآن" للزجاج 1/ 19، "تهذيب اللغة" 1/ 89، "اللسان" 1/ 15.]] وحكي عنه- أيضا- قول آخر، وهو أنه قال [[(قال) ساقط من (ب).]]: يجوز أن يكون لما لغا القوم في القرآن فلم يتفهموه [[في (ب): (يتفهموا).]] حين قالوا: ﴿لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ [[في (ب): (القول) تصحيف في الآية.]] وَالْغَوْا فِيهِ﴾ [فصلت: 26] أنزل الله سبحانه هذه الحروف المقطعة، ولم تجر لهم عادة بسماع مثلها حتى إذا سكتوا واستمعوا إلى ذلك، هجم القرآن أسماعهم وقرع [[في (ب): (وقرعت).]] المعاني آذانهم، فيكون في إنزال هذه الحروف [[هذا آخر وجه (أ) من لوحة (39) في نسخة (ب) وفي أسفل الصفحة في الهامش كتب بخط مختلف: (هذا آخر الاختلاف وليس في هذِه النسخة غيره).]] المقطعة نوع من المبالغة في الدعوة وتأكيد [[في (ب) (وتأكيداً).]] للحجة عليهم [[انظر نص كلام قطرب في: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 24، "تهذيب اللغة" 1/ 89، "اللسان" 1/ 11، "تفسير أبي الليث" 1/ 87، وذكره الطبري ولم يعزه 1/ 89، وذكره الرازي ونسبه لابن روق وقطرب 2/ 6، ومال إليه 2/ 11.]]. ويروى عن الحسن أنه قال: ﴿الم﴾ وسائر حروف التهجي في القرآن أسماء للسور [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 26، وأبو حيان في "البحر" 1/ 34، وأورد الطبري هذا القول ونسبه لزيد بن أسلم 1/ 206، وكذا الثعلبي 1/ 40/ أ، وابن عطية 1/ 138، وابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 21، وأبو حيان في (البحر) 1/ 34، والسيوطي في "الدر" 1/ 55.]]. فعلى هذا إذا قال القائل [[نقل عن الطبري بتصرف. انظر الطبري 1/ 90.]]: قرأت (المص) عرف السامع أنه قرأ السورة المخصوصة التي افتتحت بـ (المص) كما أنه إذا قال: لقيت عمرا، علم السامع أنه يريد شخصاً معلومًا عنده. ويجوز أن يكون ﴿الم﴾ اسما للسورة المفتتحة بها، ثم لا تعرف تلك السورة بعينها ما لم يقرن بـ ﴿الم﴾ لفظ آخر، فيقال: سورة ﴿الم ذَلِكَ﴾، وسورة (الم الله) [[عند الطبري (.. قرأت (الم البقرة). وفي آل عمران: قرأت (الم آل عمران) و (الم ذلك الكتاب) و (الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم) الطبري 1/ 90.]]، لأنه وقع الاشتراك، ولا يمنع احتياجهم [[في (ب). (احتاجهم).]] إلى ذكر القرينة أن يكون ذلك اسما له في الأصل. ألا ترى أنه إذا قال: رأيت زيدا، والسامع عرف [[(عرف) ساقط من (ب).]] رجلين اسمهما زيد، فيقول: أيما [[في (ب): (أبا).]] زيد؟ فيقول: الأزدي أو [[في (ب): (و).]] التميمي [[انظر الطبري 1/ 90، وانظر "تأويل المشكل" لابن قتيبة ص 300.]]. فلا يمنع هذا أن يكون (زيد) اسما [[في (ب): (زيدا في الأصل).]] في الأصل لذلك الشخص، وإن [[في (ب): (فإن).]] لم يحصل به التمييز حتى ذكر معه النسبة [[في (ب). (التشبه).]] عند وقوع الاشتراك، ويجوز تسمية الشيء ببعضه، أو بما هو من جملة معناه، كالقصائد التي تسمى بما افتتحت به كقولهم: (لخولة أطلال)، و (قفا نبك)، و (أما صحا) [[قوله: (لخولة أطلال) مطلع معلقة طرفة بن العبد. انظر "شرح القصائد المشهورات" للنحاس ص 53. و (قفا نبك) مطلع معلقة امرئ القيس. انظر "شرح القصائد" ص 3. وقوله "أما صحا" لم أعثر عليها فيما قرأت.]]. وقول الحسن [[وهو أن الحروف المقطعة أسماء للسور، وهذا القول نسبه أكثر المفسرين لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه. انظر ما سبق ص 389.]] هذا مختار عند النحويين، من قبل أن الأسماء الأعلام منقولة عن معانيها للتفرقة بين المسميات [[انظر "شرح المفصل" 1/ 29.]]، ونقلت هاهنا حروف المعجم إلى التسمية. وقد جاء نظير ذلك [[في (ب): (ذاك).]] في أسماء العرب، قالوا: (أوس بن حارثة بن لأم الطائي) [[ذكره ابن دريد قال: أوس بن حارثة بن لأم، رأس طييء، عاش مائتي سنة. وفسر (لأم) فقال: (اللأم) السهم المريش إذا استوت قذذه. (الاشتقاق) ص 382، 383. وانظر مادة (لأم) في "اللسان" 7/ 3976، "القاموس" ص1156. وقد أورد الواحدى الاسم على أن المراد (لام) الحرف، نقل فأصبح علمًا على اسم معين، وعلى ما ذكر ابن دريد لا شاهد فيه للواحدي.]]. ولا خلاف بينهم أن لك أن تسمي بحروف المعجم كما أن لك أن تسمي بالجمل [[تحكى الجملة على حالها فتصبح علمًا للمسمى انظر "الكتاب" 3/ 326 "المقتضب" 4/ 9، "شرح المفصل" 1/ 28.]] كقولهم [[في (ب): (كقولك).]]: (تأبط شرًّا [[في (ب): (سابط). قيل: سمي بذلك لأنه تأبط حية. انظر (شرح المفصل) 1/ 28.]])، و (ذرّى حبًّا [[دي (ب): (وروا حبا). وذرى حبا: اسم رجل. انظر: "الكتاب" 3/ 326، "المقتضب" 4/ 9، "شرح المفصل" 1/ 28، و"اللسان" (حبب) 1/ 296.]])، قال الشاعر: إن لها لَرَكَبًا [[في (ب). (الركبا).]] إرزَبَّا [[في (ج). (اردبا).]] ... كأنه جبهةُ ذرّى حَبَّا [[نسبه سيبويه لرجل من بني طهية. يروى (مركبا) و (مركنا) وهو منبت المعانة == و (الإرزب) الضخم شبهه بجبهة ذلك الرجل المسمى (ذرى حبا). ورد البيت في "الكتاب" 3/ 326، "المقتضب" 4/ 9، "معجم مقاييس اللغة" 2/ 391، "اللسان" (حبب) 2/ 746، و (رزب) 3/ 1634، و"شرح المفصل" 1/ 28.]] فكل [[في (ب): (كل).]] كلمة لم تكن على معنى الأصل فهي منقولة إلى التسمية للفرق، فمن ذلك (زيد [[(زيد) ساقط من (ب).]]) لما لم يرد به معنى الزيادة، لم يكن إلا منقولا [[انظر: "شرح المفصل" 1/ 30.]]. وكذلك جميع الأسماء الأعلام ولو سميت رجلا: (ب ت ث)، [لقلت (هذا ب ت ث)] [[مابين المعقوفتين ساقط من (ب).]]، ورأيت: (ب ت ث) فحكيت هذا القول كان جائزا. وقال أبو العالية: ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسماء الله عز وجل، وليس منها حرف إلا وهو في آلائه وبلائه، وليس منها حرف إلا وهو في مدة قوم وآجال آخرين [[بهذا النصر ذكره الثعلبي في "تفسيره" بدون نسبه 1/ 40 أ، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" بسنده عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية: في قوله (الم) قال: (هذِه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفا، دارت فيها الألسن كلها. ليس منها حرف ...) الخ الأثر كما عند المؤلف هنا. قال المحقق: رجال هذا الإسناد يحتج بروايتهم، لكن أبا العالية يرسل كثيراً، ورواية أبي جعفر الرازي عن أنس مضطربة والمتن في بعض ألفاظه نكارة. "تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 168 (رسالة دكتوراه). وأخرجه ابن جرير بسنده عن الربيع بن أنس، بنفس اللفظ1/ 88، وذكره ابن كثير في " تفسيره" عن أبي العالية، وتكلم فيه من جهة معناه. ابن كثير 1/ 41، وذكره == السيوطي في "الدر" وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم. "الدر" 1/ 56، وذكره أبو حيان في "البحر المحيط" 1/ 34.]]. فالاختلاف في هذه الحروف كما ترى، وقد ذكرت عيون أقاويل أهل [[في (ب): (هذا).]] التأويل. وليس يبعد أن يقال: إن جميع ما ذكر من هذه التأويلات كلها مرادة بهذه الحروف مودعة فيها، ولا تنافي في هذه الأقوال، لأنه ليس كون هذه الحروف مفاتح أسماء الله تعالى بمانع أن تكون [[في (ب): (يكون).]] مما [[في (ب). (ما).]] أقسم الله بها، ولا أن يشير بها إلى مدة قوم وآجال أناس عرف الله نبيه عليه السلام ذلك على الخصوص [[وإلى نحو هذا مال ابن جرير حيث قال: (والصواب من القول عندي في تأويل مفاتيح السور، التي هي حروف المعجم: أن الله جل ثناؤه جعلها حروفا مقطعة، ولم يصل بعضها ببعض -فيجعلها كسائر الكلام المتصل الحروف- لأنه عز ذكره أراد بلفظه الدلالة بكل حرف منه على معان كثيرة، لا على معنى واحد، كما قال الربيع بن أنس. وإن كان الربيع قد اقتصر به على معان ثلاثة، دون ما زاد عليها. والصواب في تأويل ذلك عندي: أن كل حرف منه يحوي ما قاله الربيع، وما قاله سائر المفسرين غيره فيه .... الخ. واستثنى بعض الأقوال لضعفها. انظر الطبري 1/ 93، وانظر "تأويل المشكل" لابن قتيبة ص 299، 300، وقد ذكر ابن كثير كلام الطبري، ولم يرضه، ثم ذكر أقوالاً أخرى وبين ضعفها ثم قال: وقال آخرون: بل إنما ذكرت هذِه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانا لإعجاز القرآن وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، هذا مع أنه مركب من هذِه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها، وقد حكى هذا المذهب الرازي في "تفسيره" عن المبرد وجمع من المحققين، وحكى القرطبي عن الفراء وقطرب نحو هذا، وقرره الزمخشري في "كشافه" ونصره أتم نصر، واليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية، == شيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي، وحكاه لي عن ابن تيمية. ابن كثير 1/ 40.]]. فإن قيل: كيف كتبوا في المصحف هذه الحروف موصولة، والهجاء منقطع لا يتصل بعضه ببعض؟ قلنا: لأنه لم يقصد به الهجاء، إنما هي حروف اجتمعت يراد بكل حرف منها معنى، فهي وإن كانت في صورة الهجاء فإن تحتها معاني، فكانت من هذا الوجه في معنى الكلمات الموصولة [[هذا السؤال والإجابة عليه ذكره ابن الأنباري في "إيضاح الوقف والابتداء" ص 479، وانظر: "القطع والائتناف" للنحاس ص 109، "البرهان في علوم القرآن" 1/ 431.]]. فإن قيل: فلم قطعت ﴿حم عسق﴾ ولم تقطع ﴿كهيعص﴾. قلنا: لأن (حم) قد ذكرت في أوائل سور أخرى، فقطعت مما [[في (ب): (ما).]] بعدها، لأن هذه السور كغيرها [[في (ب): (لغيرها).]] مما افتتح بـ (حم) [[ذكره ابن الأنباري في "إيضاح الوقف والابتداء" ص 479، والنحاس في "القطع والائتناف" ص 109، والزركشي في "البرهان" 1/ 431.]]. هذا هو الكلام في الحروف المقطعة في هذه السورة. [[أي في سورة (البقرة) (الم).]] فأما في سائر السور فسنأتي على بيانها إن شاء الله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب