الباحث القرآني

﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ﴾، نزلت في سرية قاتلوا المشركين أول رجب وهم يظنون أنه من الجمادى فعيرهم المشركون وقالوا: إن محمدًا استحل الشهر الحرام، ﴿قِتالٍ فِيهِ﴾، بدل اشتمال، ﴿قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾، أي: ذنب كبير، واختلف في أنه منسوخ أو لا، ﴿وصَدٌّ﴾: منع، ﴿عَن سَبيلِ اللهِ﴾، كمنعهم المسلمين عن العمرة، ﴿وكُفْرٌ بِهِ﴾: بالله، ﴿والمَسْجدِ الحَرامِ﴾، أي: صد عنه، ﴿وإخْراجُ أهْلِهِ﴾: أهل المسجد، وهم المؤمنون، ﴿منهُ﴾: من المسجد، ﴿أكْبَرُ عِندَ اللهِ﴾، وزرًا مما فعلته السرية خطأً، ﴿والفِتْنَةُ﴾، أي: الشرك، أو ما يرتكبونه من الإخراج والكفر، ﴿أكبَرُ مِنَ القَتْلِ﴾: أفظع مما ارتكبوه، ﴿ولاَ يَزالُونَ﴾، أي: المشركون، ﴿يُقاتِلُونَكم حَتّى يَرُدوكم عَن دِينِكُمْ﴾، أي: ثم هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه غير تائبين، وحتى معناه التعليل، أي: يقاتلونكم كي يردوكم، ﴿إنِ اسْتَطاعُوا﴾، هو استبعاد لاستطاعتهم كقول الواثق بنفسه: إن استطعت فاضربني، ﴿ومَن يَّرتَدِدْ مِنكم عَن دِينِهِ﴾: من يرجع عن دينه إلى دينهم، ﴿فيَمُتْ وهو كافرٌ﴾، أي: يرجع ثم يموت على الكفر، ﴿فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أعْمالُهُمْ﴾: النافعة وبطلت، ﴿فِى الدنيا﴾، لما يفوتهم بالردة ما للمسلمين في الدنيا من ثمرات الإسلام، ﴿والآخِرَةِ﴾، بسقوط الثواب، ﴿وأُولَئِكَ أصْحابُ النّارِ هم فِيها خالِدُونَ﴾، قيد الردة بالموت عليها في إحباط الأعمال وهو مذهب الشافعي، ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هاجَروا وجاهَدُوا في سَبِيلِ اللهِ﴾، نزلت فى تلك السرية لما ظن بهم أنهم لو سلموا من الإثم ليس لهم أجر، ﴿أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ﴾: ثوابه، ﴿واللهُ غفور﴾، لما فعلوا من قلة الاحتياط، ﴿رحِيمٌ﴾: بإجزال الأجر، ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ﴾، أي: عن تعاطيهما، قال عمر ومعاذ وسعد: يا رسول الله أفتنا في الخمر واليسر فإنهما مذهبة للعقل مسلبة للمال؟ فنزلت، واليسر: القمار، ﴿قُلْ فيهِما﴾، أي: في تعاطيهما، ﴿إثْمٌ كَبيرٌ﴾، حيث يؤدي إلى مخاصمة وفحش وزور وهذا لا يدل صريحًا على حرمتهما لأنه مؤدي إلى الإثم لا أن الإثم يحصل منه، والمحرِّمة ما في المائدة، ﴿ومَنافِعُ لِلنّاسِ﴾: من كسب المال والطرب وغيرهما، ﴿وإثْمُهُما أكبرُ مِن نَّفْعِهِما﴾، فإن مفاسدهما التي تنشأ منهما أعظم من المنافع المتوقعة منهما، ﴿ويَسْألونَكَ ماذا يُنفقون﴾، لما نزل قوله: ”فللوالدين والأقربين“ سأل عمرو بن الجموح عن مقدار ما ينفق فنزل، ﴿قُلِ العَفْوَ﴾، أي: ما فضل من المال عن العيال، أو أفضل مالك وأطيبه، قيل: إنها منسوخة بآية الزكاة، وقيل: مبينة بها قاله مجاهد وغيره، ﴿كَذَلِكَ﴾، أي: مثل ما فصل وبين لكم هذه الأحكام، ﴿يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآياتِ﴾، أي: سائر الآيات في أحكامه ووعده ووعيده، أى يبين تبيينًا مثل لهذا، ﴿لَعَلَّكم تَتَفَكَّرُونَ فِي﴾، أمر، ﴿الدُّنْيا والآخِرَةِ﴾، لتعلموا زوالها وفناءها وإقبال الآخرة وبقاءها، وقيل: متعلق بـ يبين أي: يبين لكم الأيات في أمر الدارين لعلكم تتفكرون، ﴿ويسْألونكَ عَنِ اليَتامى﴾، لما نزل ”إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا“ [النساء: ١٠] إلخ، اعتزلوا مخالطة اليتامى ولا يأكل أحد معهم، فشق ذلك عليهم فذكر ذلك للنبي ﷺ، فنزلت، ﴿قُلْ إصْلاحٌ لهم خَيْرٌ﴾، أي: على حدة، أو مداخلتهم لإصلاحهم خير من مجانبتهم، قيل: أو إصلاح أموالهم من غير أجرة خير، ﴿وإن تُخالِطُوهُمْ﴾، أي: إن خلطتم طعامكم وشرابكم بطعامهم وشرابهم، وقيل: إن تصيبوا من أموالهم أجرة من قيامكم بأمورهم، ﴿فَإخْوانُكُمْ﴾، أي: فهم إخوانكم، ولا بأس من الخلطة أو من إصابة بعضكم من مال بعض، ﴿واللهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ﴾، أي: يعلم من قصده الإفساد أو الإصلاح فيجازيه، ﴿ولَوْ شاءَ اللهُ لَأعْنَتَكُمْ﴾، العنت: المشقة، أي: لو شاء الله إعناتكم لأعنتكم: كلفكم ما يشق عليكم من المجانبة مطلقًا دون المخالطة، ﴿إنَّ الله عَزِيزٌ﴾: غالب يقدر على الإعنات، ﴿حَكِيمٌ﴾: يحكم بحكمته فيتسع لكم، ﴿ولاَ تَنكِحُوا الُمشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ﴾، كانت لأبي مرثد الغنوي خليلة مشركة فبعدما أسلم أراد أن يتزوج بها، فنزلت ﴿والمشركات﴾ هاهنا عامة في كل من كفرت بالنبي عليه الصلاة والسلام لكن خصت منها حرائر الكتابيات بقوله: ”والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب“ [المائدة: ٥]، وقيل: المراد بها عبدة الأوثان؛ فلا يدخل فيها أهل الكتاب، ﴿ولَأمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِن مُشْرِكَةٍ﴾، أي: من حرة مشركة كانت لعبد الله بن رواحة فأعتقها كفارة أن لطمها وتزوجها فطعنوا فيه وعرضوا عليه نسيبة مشركة، فنزلت، ﴿ولَوْ أعْجَبَتْكُمْ﴾، الواو للحال، وبمعنى أن، أي: وإن أعجبتكم بمالها وجمالها، ﴿ولاَ تُنكِحُوا الُمشْرِكِينَ حَتّى يُؤْمِنُوا﴾، أي: لا تزوجوا منهم المؤمنات حتى يؤمنوا وهو على عمومه، ﴿ولَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِن مُشْرِكٍ ولَوْ أعْجَبَكُمْ﴾، أي: رجل مؤمن وإن كان عبدًا خير من مشرك وإن كان سريًا، ﴿أُولَئِكَ﴾، أي: المشركون والمشركات، ﴿يدْعُونَ إلى النّارِ﴾، أي: الأعمال الموجبة لها، ﴿واللهُ يَدْعُو إلى الجَنَّةِ والمَغْفِرَةِ﴾، أي: العمل الموجب لهما، قيل: تقديره وأولياء الله يدعون، بإقامة المضاف إليه مقام المضاف تعظيمًا لهم، ﴿بِإذْنِهِ﴾، أي: بأمره وشرعه أو بتوفيقه أو بقضائه، ﴿ويُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنّاسِ لَعَلَّهم يَتَذَكَّرُونَ﴾: لكي يتذكروا، أو ليكونوا بحيث يرجى عنهم التذكر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب