الباحث القرآني
﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ﴾ رُوِيَ « (أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ ابْنَ عَمَّتِهِ عَلى سَرِيَّةٍ في جُمادى الآخِرَةِ. قَبْلَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ. لِيَتَرَصَّدَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ فِيها عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الحَضْرَمِيُّ وثَلاثَةٌ مَعَهُ، فَقَتَلُوهُ وأسَرُوا اثْنَيْنِ واسْتاقُوا العِيرَ وفِيها مِن تِجارَةِ الطّائِفِ، وكانَ ذَلِكَ غُرَّةَ رَجَبٍ وهم يَظُنُّونَهُ مِن جُمادى الآخِرَةِ، فَقالَتْ قُرَيْشٌ: اسْتَحَلَّ مُحَمَّدٌ الشَّهْرَ الحَرامَ شَهْرًا يَأْمَنُ فِيهِ الخائِفُ، ويَنْذَعِرُ فِيهِ النّاسُ إلى مَعايِشِهِمْ. وشَقَّ ذَلِكَ عَلى أصْحابِ السَّرِيَّةِ وقالُوا ما نَبْرَحُ حَتّى تَنْزِلَ تَوْبَتُنا، ورَدَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ العِيرَ والأسارى) .»
وَعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما «لَمّا نَزَلَتْ أخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الغَنِيمَةَ وهي أوَّلُ غَنِيمَةٍ في الإسْلامِ» والسّائِلُونَ هُمُ المُشْرِكُونَ كَتَبُوا إلَيْهِ في ذَلِكَ تَشْنِيعًا وتَعْيِيرًا وقِيلَ أصْحابُ السَّرِيَّةِ. ﴿قِتالٍ فِيهِ﴾ بَدَلُ اشْتِمالٍ مِنَ الشَّهْرِ الحَرامِ. وقُرِئَ « عَنْ قِتالٍ» بِتَكْرِيرِ العامِلِ. ﴿قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾ أيْ ذَنَبٌ كَبِيرٌ، والأكْثَرُ أنَّهُ (p-137)مَنسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ خِلافًا لِعَطاءٍ وهو نَسْخُ الخاصِّ بِالعامِّ وفِيهِ خِلافٌ، والأوْلى مَنعُ دَلالَةِ الآيَةِ عَلى حُرْمَةِ القِتالِ في الشَّهْرِ الحَرامِ مُطْلَقًا فَإنَّ ﴿قِتالٍ فِيهِ﴾ نَكِرَةٌ في حَيِّزٍ مُثْبَتٍ فَلا يَعُمُّ. ﴿وَصَدٌّ﴾ صَرْفٌ ومَنعٌ. ﴿عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ أيِ الإسْلامِ أوْ ما يُوصِلُ العَبْدَ إلى اللَّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى مِنَ الطّاعاتِ. ﴿وَكُفْرٌ بِهِ﴾ أيْ بِاللَّهِ. ﴿والمَسْجِدِ الحَرامِ﴾ عَلى إرادَةِ المُضافِ أيْ وصَدُّ المَسْجِدِ الحَرامِ كَقَوْلِ أبِي دُؤادٍ:
؎ أكُلَّ امْرِئٍ تَحْسَبِينَ امْرَأً... ونارٌ تُوقِدُ بِاللَّيْلِ نارا
وَلا يَحْسُنُ عَطْفُهُ عَلى سَبِيلِ اللَّهِ لِأنَّ عَطْفَ قَوْلِهِ: ﴿وَكُفْرٌ بِهِ﴾ عَلى ﴿وَصَدٌّ﴾ مانِعٌ مِنهُ إذْ لا يَتَقَدَّمُ العَطْفُ عَلى المَوْصُولِ عَلى العَطْفِ عَلى الصِّلَةِ ولا عَلى الهاءِ في ﴿بِهِ﴾، فَإنَّ العَطْفَ عَلى الضَّمِيرِ المَجْرُورِ إنَّما يَكُونُ بِإعادَةِ الجارِّ. ﴿وَإخْراجُ أهْلِهِ مِنهُ﴾ أهْلِ المَسْجِدِ الحَرامِ وهُمُ النَّبِيُّ ﷺ والمُؤْمِنُونَ. ﴿أكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ مِمّا فَعَلَتْهُ السَّرِيَّةُ خَطَأً وبِناءً عَلى الظَّنِّ، وهو خَبَرٌ عَنِ الأشْياءِ الأرْبَعَةِ المَعْدُودَةِ مِن كَبائِرِ قُرَيْشٍ. وأفْعَلُ مِمّا يَسْتَوِي فِيهِ الواحِدُ والجَمْعُ والمُذَكَّرُ والمُؤَنَّثُ. ﴿والفِتْنَةُ أكْبَرُ مِنَ القَتْلِ﴾ أيْ ما تَرْتَكِبُونَهُ مِنَ الإخْراجِ والشِّرْكِ أفْظَعُ مِمّا ارْتَكَبُوهُ مِن قَتْلِ الحَضْرَمِيِّ. ﴿وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكم حَتّى يَرُدُّوكم عَنْ دِينِكُمْ﴾ إخْبارٌ عَنْ دَوامِ عَداوَةِ الكُفّارِ لَهم وأنَّهم لا يَنْفَكُّونَ عَنْها حَتّى يَرُدُّوهم عَنْ دِينِهِمْ، وحَتّى لِلتَّعْلِيلِ كَقَوْلِكَ أعْبُدُ اللَّهَ حَتّى أدْخُلَ الجَنَّةَ.
﴿إنِ اسْتَطاعُوا﴾ وهو اسْتِبْعادٌ لِاسْتِطاعَتِهِمْ كَقَوْلِ الواثِقِ بِقُوَّتِهِ عَلى قَرْنِهِ: إنْ ظَفِرْتَ بِي فَلا تُبْقِ عَلَيَّ، وإيذانٌ بِأنَّهم لا يَرُدُّونَهم. ﴿وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكم عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وهو كافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أعْمالُهُمْ﴾ قَيَّدَ الرِّدَّةَ بِالمَوْتِ عَلَيْها في إحْباطِ الأعْمالِ كَما هو مَذْهَبُ الشّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعالى، والمُرادُ بِها الأعْمالُ النّافِعَةُ. وقُرِئَ « حَبَطَتْ» بِالفَتْحِ وهي لُغَةٌ فِيهِ. في الدُّنْيا لِبُطْلانِ ما تَخَيَّلُوهُ وفَواتِ ما لِلْإسْلامِ مِنَ الفَوائِدِ الدُّنْيَوِيَّةِ والآخِرَةِ بِسُقُوطِ الثَّوابِ. ﴿وَأُولَئِكَ أصْحابُ النّارِ هم فِيها خالِدُونَ﴾ كَسائِرِ الكَفَرَةِ.
{"ayah":"یَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهۡرِ ٱلۡحَرَامِ قِتَالࣲ فِیهِۖ قُلۡ قِتَالࣱ فِیهِ كَبِیرࣱۚ وَصَدٌّ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ وَكُفۡرُۢ بِهِۦ وَٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَإِخۡرَاجُ أَهۡلِهِۦ مِنۡهُ أَكۡبَرُ عِندَ ٱللَّهِۚ وَٱلۡفِتۡنَةُ أَكۡبَرُ مِنَ ٱلۡقَتۡلِۗ وَلَا یَزَالُونَ یُقَـٰتِلُونَكُمۡ حَتَّىٰ یَرُدُّوكُمۡ عَن دِینِكُمۡ إِنِ ٱسۡتَطَـٰعُوا۟ۚ وَمَن یَرۡتَدِدۡ مِنكُمۡ عَن دِینِهِۦ فَیَمُتۡ وَهُوَ كَافِرࣱ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











