الباحث القرآني
﴿یَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهۡرِ ٱلۡحَرَامِ قِتَالࣲ فِیهِۖ﴾ الآية - قراءات
٧٥٤٨- عن الأعمش، قال: في قراءة عبد الله [بن مسعود]: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ عَن قِتالٍ فِيهِ)[[أخرجه ابن أبي داود في المصاحف ص٥٨. وهي قراءة شاذة، تروى أيضًا عن ابن عباس، والربيع بن أنس. انظر: البحر المحيط ٢/١٥٤.]]. (٢/٥٤٣)
٧٥٤٩- عن عكرمة مولى ابن عباس، أنّه كان يقرأ هذا الحرف: (قَتْلٍ فِيهِ)[[أخرجه ابن أبي داود ص٨٩. وهي قراءة شاذة، تروى أيضًا عن عكرمة، وأبي السمال. انظر: مختصر ابن خالويه ص٢٠.]]. (٢/٥٤٣)
٧٥٥٠- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- أنّه كان يقرؤها: (عَن قِتالٍ فِيهِ)[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٤٨.]]. (٢/٥٤٢)
﴿یَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهۡرِ ٱلۡحَرَامِ قِتَالࣲ فِیهِۖ﴾ الآية - نزول الآية
٧٥٥١- عن جُندُب بن عبد الله -من طريق أبي السَّوّارِ- عن النبي ﷺ: أنّه بَعَثَ رَهْطًا، وبعث عليهم أبا عبيدة ابن الجراح، أو عبيدة بن الحارث، فلمّا ذهب لينطلق بكى صَبابَة إلى رسول الله ﷺ، فجلس، وبعث مكانه عبد الله بن جَحْش، وكتب له كتابًا، وأمره ألا يقرأ الكتاب حتى يَبْلُغَ مكان كذا وكذا، وقال: «لا تُكْرِهَنَّ أحدًا من أصحابك على المسير معك». فلما قرأ الكتاب اسْتَرْجَعَ، وقال: سمعًا وطاعة لله ولرسوله. فخَبَّرهم الخبرَ، وقرأ عليهم الكتاب، فرجع رجلان، ومضى بَقِيَّتُهم، فلَقُوا ابن الحَضْرَمِيِّ فقتلوه، ولم يدروا أنّ ذلك اليوم من رجب أو جُمادى، فقال المشركون للمسلمين: قتلتم في الشهر الحرام. فأنزل الله: ﴿يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه﴾[[أخرجه النسائي في الكبرى ٨/١٠٧ (٨٧٥٢)، وابن جرير ٣/٦٥٥-٦٥٦، وابن أبي حاتم ٢/٣٨٤ (٢٠٢٢)، والطبراني في الكبير ٢/١٦٢ (١٦٧٠). قال الهيثمي في المجمع ٦/١٩٨ (١٠٣٣٦): «رواه الطبراني، ورجاله ثقات». وقال ابن حجر في العُجاب في بيان الأسباب ١/٥٣٩: «أخرج الطبراني في المعجم الكبير ... وهذا سنده حسن، وقد علَّق البخاري طَرَفًا منه في كتاب العلم من صحيحه». وقال السيوطي: «بسند صحيح».]]. (٢/٥٣٤)
٧٥٥٢- عن عبد الله بن عباس: في قوله: ﴿يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه﴾، قال: بعث رسول الله ﷺ عبد الله بن فلان في سَرِيَّة، فلَقُوا عمرو بن الحضرميِّ ببَطْنِ نَخْلَة[[بطن نخلة: موضع بين مكة والطائف. لسان العرب (نخل).]]. فذكر الحديث[[أخرجه البزار -كما في كشف الأستار ٣/٤١ (٢١٩١)-. قال الهيثمي في المجمع ٦/١٩٨-١٩٩ (١٠٣٣٧): «رواه البزار، وفيه أبو سعيد البَقّال، وهو ضعيف».]]. (٢/٥٣٥)
٧٥٥٣- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- قال: إنّ المشركين صَدُّوا رسولَ الله ﷺ، وردُّوه عن المسجد الحرام في شهرٍ حرام، ففتح الله على نبيِّه في شهرٍ حرام من العام المقبل، فعاب المشركون على رسول الله ﷺ القتالَ في شهر حرام، فقال الله: ﴿قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله﴾ من القتال فيه، وإنّ محمدًا ﷺ بعث سَرِيَّةً، فلَقُوا عمرو بن الحضرميِّ وهو مُقْبِلٌ من الطائف في آخر ليلة من جمادى وأول ليلة من رجب، وإنّ أصحاب محمد كانوا يظُنُّون أنّ تلك الليلة من جمادى، وكانت أول رجب ولم يشعروا، فقتله رجل منهم، وأخذوا ما كان معه، وإن المشركين أرسلوا يعيِّرونه بذلك؛ فقال الله: ﴿يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه﴾[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٥٧-٦٥٨، وابن أبي حاتم ٢/٣٨٥ (٢٠٢٨)، عن محمد بن سعد العوفي، عن أبيه، عن عمه الحسين بن الحسن، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس. وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء، كما بين ذلك الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه لتفسير الطبري ١/٢٦٣.]]. (٢/٥٣٦)
٧٥٥٤- عن عبد الله بن عباس -من طريق الكلبي، عن أبي صالح- قال: نزل فيما كان من مُصاب عمرو بن الحضرميِّ: ﴿يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه﴾ إلى آخر الآية[[أخرجه ابن إسحاق -كما في تفسير ابن كثير ١/٥٧٥-. وإسناده تالف، شيخ ابن إسحاق هو محمد بن السائب الكلبي، متهم بالكذب. ينظر: ميزان الاعتدال ٣/٥٥٦.]]. (٢/٥٣٦)
٧٥٥٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة-: أنّ النبي ﷺ بَعَثَ صفوان ابن بيضاء في سَرِيَّة عبد الله بن جحشٍ قِبَل الأَبْواء، فغَنِمُوا، وفيهم نزلت: ﴿يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه﴾ الآية[[أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة ٣/١٥٠٤ (٣٨٢٥)، وابن عساكر في تاريخه ٢٤/١٧٧ (٢٨٩١) في ترجمة صفوان بن بيضاء. قال ابن عساكر: «قال ابن منده: هذا حديث غريب بهذا الإسناد؛ تفرد به ابن عائذ». وفيه عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخراساني أبو مسعود المقدسي، ضعيف كما في التقريب (٤٥٣٤).]]. (٢/٥٣٦)
٧٥٥٦- عن عروة بن الزبير -من طريق الزُّهْرِيِّ-: أنّ رسول الله ﷺ بعث سَرِيَّةً من المسلمين، وأمَّر عليهم عبد الله بن جحش الأسدي، فانطلقوا حتى هبطوا نَخْلَة، فوجدوا بها عمرو بن الحضرميِّ في عِير تجارة لقريش في يوم بَقِي من الشهر الحرام، فاختصم المسلمون؛ فقال قائل منهم: هذه غِرَّةٌ من عدوٍّ، وغُنْمٌ رُزِقْتُموه، ولا ندري أمن الشهر الحرام هذا اليوم أم لا؟ وقال قائل منهم: لا نعلم اليوم إلا من الشهر الحرام، ولا نرى أن تَسْتَحِلُّوه لطَمَعٍ أشْفَيْتُم عليه. فغَلَبَ على الأمر الذين يريدون عَرَضَ الدنيا، فشدُّوا على ابن الحضرميِّ، فقتلوه، وغنموا عِيرَه، فبلغ ذلك كفّار قريش، وكان ابنُ الحضرميِّ أولَ قتيل قُتِل بين المسلمين والمشركين، فركب وفدُ كفار قريش حتى قدموا على النبي ﷺ بالمدينة، فقالوا: أتُحِلُّ القتال في الشهر الحرام؟! فأنزل الله ﷿: ﴿يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله﴾ إلى آخر الآية ... فبَلَغَنا: أنّ النبي ﷺ عَقَلَ ابنَ الحضرمي[[عَقَلَ القتيلَ: وداه. يعني: دفع ديته. لسان العرب (عقل).]]، وحرَّم الشهر الحرام كما كان يُحَرِّمُه، حتى أنزل الله ﷿: ﴿براءة من الله ورسوله﴾ [التوبة:١][[أخرجه البيهقي في الدلائل ٣/١٧-١٨.]]. (٢/٥٣٩)
٧٥٥٧- عن عروة بن الزبير -من طريق يزيد بن رَوْمان- قال: بعث رسولُ الله ﷺ عبد الله بن جحش إلى نَخْلَة، فقال له: «كُن بها حتى تأتينا بخبرٍ من أخبار قريش». ولم يأمره بقتال، وذلك في الشهر الحرام، وكتب له كتابًا قبل أن يُعْلِمَه أين يسير، فقال: «اخرج أنت وأصحابُك، حتى إذا سِرْتَ يومين فافتح كتابك، وانظر فيه، فما أمرْتُك به فامضِ له، ولا تَسْتَكْرِهَنَّ أحدًا من أصحابك على الذهاب معك». فلمّا سار يومين فتح الكتاب، فإذا فيه أن: «امضِ حتى تنزل نخلةً، فتأتينا من أخبار قريش بما اتَّصل إليك منهم». فقال لأصحابه حين قرأ الكتاب: سمعٌ وطاعةٌ، مَن كان منكم له رغبة في الشهادة فلينطلق معي، فإنِّي ماضٍ لأمر رسول الله ﷺ، ومَن كَرِه ذلك منكم فلْيَرْجِع، فإنّ رسول الله ﷺ قد نهاني أن أسْتَكْرِه منكم أحدًا. فمضى معه القوم، حتى إذا كانوا ببُحْران أضَلَّ سعدُ بنُ أبي وقاص وعتبةُ بن غَزْوان بعيرًا لهما كانا يَتَعَقَّبانِه، فتخلَّفا عليه يَطْلُبانِه، ومضى القوم حتى نزلوا نخلةً، فمَرَّ بهم عمرو بن الحضرمي، والحكم بن كَيْسان، وعثمان والمغيرة ابنا عبد الله، معهم تجارة قد مَرُّوا بها من الطائف؛ أُدْمٌ[[أدم -بالضم-: ما يؤكل بالخبز أي شيء كان. لسان العرب (أدم).]]، وزبيب، فلمّا رآهم القومُ أشرف لهم واقدُ بن عبد الله، وكان قد حَلَق رأسه، فلما رأوه حَلِيقًا قالوا: عُمّار، ليس عليكم منهم بأس. وائْتَمَر القوم بهم أصحاب رسول الله ﷺ، وهو آخرُ يوم من رجب، فقالوا: لَئِن قتلتموهم إنّكم لتقتلونهم في الشهر الحرام، ولئن تركتموهم ليدخُلُنَّ في هذه الليلة مكة الحرم، فَلَيَمْتَنِعُنَّ منكم. فأجمع القوم على قتلهم، فرمى واقدُ بن عبد الله التميمي عمرَو بن الحضرميِّ فقتله، واسْتَأْسَر عثمانَ بن عبد الله، والحكمَ بن كيسان، وهرب المغيرةُ فأَعْجَزَهم، واسْتاقُوا العِيرَ، فقَدِموا بها على رسول الله ﷺ، فقال لهم: «واللهِ، ما أمرتُكم بقتالٍ في الشهر الحرام!». فأوقف رسول الله ﷺ الأسيرين والعِير، فلم يأخُذْ منها شيئًا، فلمّا قال لهم رسول الله ﷺ ما قال سُقِط في أيديهم، وظنُّوا أن قد هَلَكوا، وعنَّفهم إخوانُهم من المسلمين، وقالت قريش حين بلغهم أمر هؤلاء: قد سفك محمدٌ الدمَ الحرامَ، وأخذ المال، وأسر الرجال، واستحل الشهر الحرام. فأنزل الله: ﴿يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه﴾ الآية. فلمّا نزل ذلك أخذ رسول الله ﷺ العيرَ، وفَدى الأسيرين، فقال المسلمون: يا رسول الله، أتَطْمَعُ أن يكون لنا غزوة؟ فأنزل الله: ﴿إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله﴾. وكانوا ثمانية، وأميرُهم التاسع عبدُ الله بن جحش[[أخرجه ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام ١/٦٠١-٦٠٥-، والبيهقي في الكبرى ٩/٩٩-١٠٠ (١٧٩٨٩)، وابن جرير ٣/٦٥٠-٦٥٣، وابن أبي حاتم ٢/٣٨٨ (٢٠٤٢). قال ابن حجر في تغليق التعليق ٢/٧٦: «رواه عبد الملك بن هشام في تهذيب السيرة، عن زياد بن عبد الله، عن ابن إسحاق نحوه، وهو مرسل جَيِّدٌ قوي الإسناد، وقد صرح فيه ابن إسحاق بالسماع».]]. (٢/٥٤٠)
٧٥٥٨- عن مِقْسَم -من طريق مَعْمَر، عن الزُّهْرِيِّ- قال: لَقِي واقدُ بنُ عبد الله عمروَ بنَ الحضرميِّ أوَّل ليلةٍ من رجب، وهو يرى أنه من جُمادى، فقتله، فَعَيَّر المشركون المسلمين، فقالوا: أتقتلون في الشهر الحرام؟! فأنزل الله: ﴿يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه﴾ الآية[[أخرجه عبد الرزاق١/٨٧-٨٨، وابن جرير ٣/٦٥٧، وابن أبي حاتم ٢/٣٨٤ (٢٠٢٣). وعزاه السيوطي إلى أبي داود في ناسخه، وذكره عن مقسم والزهري من قولهما معًا، وفي المصادر السابقة عن مقسم من طريق الزهري.]]. (٢/٥٤٠)
٧٥٥٩- عن مجاهد بن جَبْر -من طريق ابن أبي نَجِيح- قال: إن رجلًا من بني تميم أرسله النبي ﷺ في سَرِيَّة، فمَرَّ بابن الحضرمي يحمل خمرًا من الطائف إلى مكة، فرماه بسهم، فقتله، وكان بين قريش ومحمد عَقْدٌ، فقتله في آخر يوم من جمادى الآخرة وأول يوم من رجب، فقالت قريش: في الشهر الحرام ولنا عهد! فأنزل الله: ﴿قل قتال فيه كبير﴾ الآية[[تفسير مجاهد ص٢٣١، وأخرجه ابن جرير ٣/٦٥٦-٦٥٧. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٢١٧-. وعزاه السيوطي إلى الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (٢/٥٣٨)
٧٥٦٠- عن مجاهد بن جبر= (ز)
٧٥٦١- وعكرمة مولى ابن عباس= (ز)
٧٥٦٢- ومحمد ابن شهاب الزهري -من طريق ابن جُرَيْج- في قوله: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ قِتالٍ فِيهِ﴾ أنّها نزلت في عمرو بن الحضرمي[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٥٩.]]. (ز)
٧٥٦٣- عن أبي مالك الغِفارِيِّ -من طريق حصين بن عبد الرحمن- قال: بعث رسول الله ﷺ عبد الله بن جحش، فلقي ناسًا من المشركين ببطَنِ نَخْلة، والمسلمون يحسبون أنه آخر يوم من جمادى، وهو أول يوم من رجب، فقتل المسلمون ابن الحضرمي، فقال المشركون: ألستم تزعمون أنكم تُحَرِّمون الشهر الحرام، والبلد الحرام، وقد قتلتم في الشهر الحرام؟! فأنزل الله: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ قِتالٍ فِيهِ﴾[[أخرجه آدم بن أبي إياس -كما في تفسير مجاهد ص٢٣٢-، وابن جرير ٣/٦٥٨. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٢/٥٣٨)
٧٥٦٤- عن قتادة بن دِعامة -من طريق أبي جعفر- قال: -وكان يُسَمِّيهُما- يقول: لَقِيَ واقدُ بن عبد الله التميميُّ عمروَ بن الحضرميِّ ببَطْنِ نخلةَ، فقتله[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٥٩.]]. (ز)
٧٥٦٥- عن إسماعيل السُّدِّيِّ -من طريق أسْباط-: أنّ رسول الله ﷺ بعث سَرِيَّة، وكانوا سبعة نفر، عليهم عبد الله بن جحش الأسدي، وفيهم عمار بن ياسر، وأبو حذيفة ابن عتبة بن ربيعة، وسعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غَزْوان السُّلَمِيّ حليفٌ لبني نَوْفَل، وسهيل بن بيضاء، وعامر بن فُهَيْرَة، وواقد بن عبد الله اليَرْبُوعِيّ حليفٌ لعمر بن الخطاب، وكتب مع ابن جحش كتابًا، أمره ألّا يقرأه حتى ينزل مَلَل، فلما نزل ببَطْنِ مَلَل فتح الكتاب، فإذا فيه أن: «سِر حتى تنزل بَطْنَ نَخْلَة». قال لأصحابه: مَن كان يريد الموت فليمضِ ولْيُوصِ، فإني مُوصٍ وماضٍ لأمر رسول الله ﷺ. فسار، وتخلَّف عنه سعد بن أبي وقاص، وعُتْبَةُ بن غُزْوان، أضَلّا راحلةً لهما، وسار ابن جحش إلى بطن نخلة، فإذا هم بالحكم بن كَيْسان، وعبد الله بن المغيرة، والمغيرة بن عثمان، وعمرو بن الحضرمي، فاقتتلوا، فأسروا الحكم بن كيسان، وعبد الله بن المغيرة، وانقلب المغيرة، وقُتِل عمرو الحضرمي، قَتَله واقدُ بن عبد الله، فكانت أولَ غنيمة غنمها أصحاب محمد ﷺ، فلمّا رجعوا إلى المدينة بالأسيرين وما غَنِموا من الأموال قال المشركون: محمد يَزْعُمُ أنه يتَّبِعُ طاعةَ الله، وهو أوَّلُ مَنِ اسْتَحَلَّ الشهرَ الحرامَ، وقتل صاحبنا في رجب! فقال المسلمون: إنّما قتلناه في جُمادى. فأنزل الله: ﴿يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير﴾[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٥٤-٦٥٥، وفي تاريخه ٢/٤١٣-٤١٤ مرسلًا.]]٧٨٤. (٢/٥٣٧)
٧٥٦٦- قال مقاتل بن سليمان: ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ﴾، وذلك أنّ النبي ﷺ بعث عُبَيْدة بن الحارِث بن عبد المطَّلِب على سَرِيَّة في جمادى الآخرة قبل قتال بدر بشهرين، على رأس ستة عشر شهرًا بعد قدوم النبي ﷺ المدينة، فلَمّا ودَّع رسولَ الله ﷺ فاضت عيناه، ووَجِدَ مِن فِراق النبي ﷺ بعد أن عَقَدَ له اللِّواء، فلَمّا رَأى النبيُّ ﷺ وجْدَه بَعَثَ مكانه عبد الله بن جَحْشٍ الأَسَديّ -من بني غَنْم بن دُودان، وأُمُّه عَمَّة النبي ﷺ أُمَيْمَةُ بنت عبد المطَّلِب، وهو حليفٌ لبني عبد شمس-، وكتب له كتابًا، وأمره أن يَتَوَجَّهَ قِبَل مكة، ولا يقرأ الكتابَ حتّى يسيرَ ليلتين، فلَمّا سار عبدُ الله ليلتين قرأ الكتاب، فإذا فيه: «سِرْ باسم الله إلى بَطْنِ نَخْلَة على اسم الله وبركته، ولا تُكْرِهَن أحدًا من أصحابك على السَّيْر، وامضِ لأمري ومَنِ اتَّبَعَك منهم، فتَرَصَّد بها عِير قريش». فلَمّا قرأ الكتابَ اسْتَرْجَعَ عبدُ الله، وأَتْبَع اسْتِرْجاعَه بسمعٍ وطاعةٍ لله ﷿، ولرسوله ﷺ، ثُمَّ قال عبد الله لأصحابه: مَن أحَبَّ منكم أن يسير معي فلْيَسِرْ، ومَن أحَبَّ أن يرجع فلْيَرْجِع. وهم ثمانية رهط من المهاجرين: عبد الله بن جحش الأَسَديّ، وسعد بن أبي وقّاص الزُّهْرِيّ، وعُتْبَة بن غَزْوان المُزَني حليف لقريش، وأبي حُذَيْفة ابن عُتْبَة بن ربيعة بن عبد شمس، وسهل بن بيضاء القُرَشِيّ، ويُقال: سهل من بني الحارِث بن فهد، وعامر بن رَبِيعَة القُرَشِيّ من بني عَدِيّ بن كَعْب، وواقِد بن عبد الله التَّميْميّ. فرجع من القوم سعدُ بن أبي وقّاص، وعُتْبَة بن غَزْوان، وسار عبد الله ومعه خمسة نفر، وهو سادسُهم، فلَمّا قَدِموا لبَطْنِ نَخْلَةَ بين مكة والطائف حملوا على أهل العِير، فقتلوا عمرو بن الحَضْرَمِيِّ القُرَشِيَّ، قتله واقِدُ بن عبد الله التَّميْميّ، رماه بسهم، فكان أول قتيل في الإسلام من المشركين، وأسروا عثمان بن عبد الله بن المُغِيرَة، والحَكَم بن كَيْسان مَوْلى هشام بن المُغِيرَة المَخْزُومِيّ، فغَدَيا بعد ذلك في المدينة، وأَفْلَتَهم نوفلُ بن عبد الله بن المغيرة المَخْزُومِيّ على فرس له جواد أنثى، فقَدِم مكةَ من الغد، وأخبر الخبر مشركي مكة، وكَرِهوا الطَّلَب؛ لأنّه أول يوم من رجب، وسار المسلمون بالأُسارى والغنيمة حتى قدِموا المدينة، فقالوا: يا نبي الله، أصَبْنا القومَ نهارًا، فلَمّا أمْسَيْنا رأينا هلال رجب، فما ندري أصبناهم في رجب أو في آخر يوم من جمادى الآخرة. وأَقْبَل مُشْرِكو مكة على مُسْلِمِيهم، فقالوا: يا مَعْشَر الصُّباة، ألا ترون أنّ إخوانكم اسْتَحَلُّوا القتال في الشهر الحرام، وأخذوا أُسارانا وأموالنا، وأنتم تزعمون أنّكم على دين الله، أفَوَجدتُم هذا في دين الله حيثُ أمِن الخائفُ، ورُبِطَتِ الخيلُ، ووُضِعَتِ الأَسِنَّةُ، وبدأ[[هكذا في الأصل.]] الناس لِمعاشهم؟! فقال المسلمون: الله ورسوله أعلم. وكتب مسلمو مكة إلى عبد الله بن جحش: أنّ المشركين عابُونا في القتال وأَخْذِ الأسرى والأموال فِي الشهر الحرام، فاسألْ رسول الله ﷺ: ألَنا في ذلك مُتَكَلَّمٌ، أو أنزل الله بذلك قرآنًا؟ فدفع عبدُ الله بنُ جَحْشٍ الأَسَديُّ الكتاب إلى النبي ﷺ؛ فأنزل الله ﷿: ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وكُفْرٌ بِهِ والمَسْجِدِ الحَرامِ وإخْراجُ أهْلِهِ مِنهُ أكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ والفِتْنَةُ أكْبَرُ مِنَ القَتْلِ﴾، ... فكتب عبدُ الله بنُ جحش إلى مسلمي أهل مكة بهذه الآية، وكتب إليهم: إنْ عَيَّروكم فعَيِّرُوهم بما صنعوا. ... فكانت هذه أوَّل سرية، وأوَّل غنيمة، وأوَّل خُمُس، وأوَّل قتيل، وأوَّل أسْر كان في الإسلام. فأمّا نَوْفَلُ بن عبد الله الذي أفْلَتَ يومئذ فإنّه يوم الخندق ضرب بَطْنَ فرسه ليدخل الخندق على المسلمين في غزوة الأحزاب، فوقع في الخندق، فتَحَطَّم هو وفرسُه، فقتله الله تعالى، وطَلَب المشركون جِيفَتَه بثَمَنٍ، فقال ﷺ: «خُذُوه؛ فإنّه خبيثُ الجِيفَةِ، خبيثُ الدِّيَة»[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٨٤-١٨٨.]]٧٨٥. (ز)
﴿یَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهۡرِ ٱلۡحَرَامِ قِتَالࣲ فِیهِۖ﴾ - تفسير
٧٥٦٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق جُوَيْبِر، عن الضَّحّاك- قال: قوله: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ قِتالٍ فِيهِ﴾، أي: في الشهر الحرام[[أخرجه النحاس في ناسخه ص١٢٢.]]. (٢/٥٤٣)
٧٥٦٨- عن عروة بن الزبير -من طريق الزهري، ويزيد بن رُومان- في قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ قِتالٍ فِيهِ﴾، أي: عن قتالٍ فيه[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٥٣، وابن أبي حاتم ٢/٣٨٥ (٢٠٢٤).]]. (ز)
٧٥٦٩- عن عكرمة مولى ابن عباس، نحوه[[علَّقه ابن أبي حاتم ٢/٣٨٥ (عَقِب ٢٠٢٤).]]. (ز)
٧٥٧٠- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- في قوله: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ قِتالٍ فِيهِ﴾، قال: يقول: يسألونك عن قتالٍ فيه. قال: وكذلك كان يقرؤها: (عَن قِتالٍ فِيهِ)[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٤٨.]]. (٢/٥٤٢)
﴿قُلۡ قِتَالࣱ فِیهِ كَبِیرࣱۚ﴾ - تفسير
٧٥٧١- عن عبد الله بن عباس -من طريق جُوَيْبِر، عن الضحاك- قال: قوله: ﴿قل قتال فيه كبير﴾، أي: عظيم[[أخرجه النحاس في ناسخه ص١٢٢.]]. (٢/٥٤٣)
٧٥٧٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- قوله: ﴿قل قتال فيه كبير﴾، قال: وغير ذلك أكبر منه[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٥٧-٦٥٨، وابن أبي حاتم ٢/٣٨٥ (٢٠٢٦).]]. (٢/٥٣٦)
٧٥٧٣- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- ﴿قل قتال فيه كبير﴾، قال: لا يحِلُّ، وما صنعتم -أنتم يا معشر المشركين- أكبرُ من القتل في الشهر الحرام[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٥٥، وابن أبي حاتم ٢/٣٨٥ (٢٠٢٧).]]. (٢/٥٣٧)
٧٥٧٤- قال مقاتل بن سليمان: ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾، ولَم يُرَخَّص فيه القتالُ[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٨٦.]]. (ز)
﴿قُلۡ قِتَالࣱ فِیهِ كَبِیرࣱۚ﴾ - النسخ في الآية
٧٥٧٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق جُوَيْبِر، عن الضَّحّاك- قال: قوله: ﴿قل قتال فيه كبير﴾، أي: عظيم، فكان القتال محظورًا، حتى نسخته آية السيف في براءة: ﴿فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم﴾ [التوبة:٥]، فأَبِيحُوا القتالَ في الأشهر الحرام وفي غيرها[[أخرجه النحاس في ناسخه ص١٢٢.]]. (٢/٥٤٣)
٧٥٧٦- عن عروة بن الزبير -من طريق الزُّهْرِيِّ- قال: ... فبَلَغَنا: أنّ النبي ﷺ عَقَل ابنَ الحضرمي، وحَرَّم الشهر الحرام كما كان يُحَرِّمُه، حتى أنزل الله ﷿: ﴿براءة من الله ورسوله﴾ [التوبة:١][[أخرجه البيهقي في الدلائل ٣/١٧-١٨.]]. (٢/٥٣٩)
٧٥٧٧- عن عطاء بن أبي رَباح -من طريق ابن جُرَيْج- في قوله: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ قِتالٍ فِيهِ﴾، أنه قيل له: ما لهم! وإذ ذاك لا يحِلُّ لهم أن يغزوا أهل الشرك في الشهر الحرام، ثم غَزَوْهم بعدُ فيه. فحلف عطاءُ بالله: ما يحِلُّ للناس أن يغزوا في الشهر الحرام، ولا أن يُقاتِلوا فيه، وما يُستَحَبُّ. قال: ولا يُدْعَوْن إلى الإسلام قبل أن يُقاتَلوا، ولا إلى الجزية، تركوا ذلك[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٦٣.]]. (ز)
٧٥٧٨- عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه﴾، فأَمَر نبيَّه ﷺ أن لا يقاتلوهم عند المسجد الحرام إلا أن يبدؤوا فيه بقتال، ثم نسخها: ﴿يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير﴾ [البقرة:٢١٧]. نَسَخَ هاتين الآيتين جميعًا في براءة قولُه: ﴿فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم﴾ [التوبة:٥]، ﴿وقاتلوا المشركين كافة﴾ [التوبة:٣٦][[أخرجه ابن أبي شيبة (ت: محمد عوامة) ٢٠/٣٠٠ (٣٧٨٠٧)، والنحاس في ناسخه ص١١١. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وأبي داود في ناسخه. كما أخرج نحوه عبد الرزاق في تفسيره ١/٧٣ مختصرًا من طريق معمر.]]. (٢/٣١٤)
٧٥٧٩- قال محمد ابن شهاب الزُّهْرِي -من طريق مَعْمَر-: كان النبي ﷺ -فيما بَلَغَنا- يُحَرِّم القتالَ في الشهر الحرام، ثم أُحِلَّ بَعْدُ[[أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/٨٧-٨٨، وابن جرير ٣/٦٥٧، وابن أبي حاتم ٢/٣٨٤ (٢٠٢٣). وعزاه السيوطي إلى أبي داود في ناسخه.]]. (٢/٥٤٠)
٧٥٨٠- عن عطاء بن مَيْسَرَة -من طريق ابن جُرَيْج- قال: أُحِلَّ القتالُ في الشهر الحرام في براءة في قوله: ﴿فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة﴾ [التوبة:٣٦][[أخرجه ابن جرير ٣/٦٦٣. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي داود. وعطاء بن ميسرة هو عطاء بن أبي مسلم الخراساني.]]. (٢/٥٤٣)
٧٥٨١- عن أبي إسحاق الفَزارِيّ، قال: سألتُ سفيان الثوري عن قول الله: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ قِتالٍ فِيهِ﴾. فقال: هذا شيء منسوخ، وقد مضى، ولا بأس بالقتال في الشهر الحرام وفي غيره[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٨٥.]]٧٨٦. (٢/٥٤٣)
٧٥٨٢- قال يحيى بن سلام: وكان هذا قبل أن يُؤْمَر بقتالهم عامَّة[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٢١٨-.]]. (ز)
﴿قُلۡ قِتَالࣱ فِیهِ كَبِیرࣱۚ﴾ - آثار متعلقة بالآية
٧٥٨٣- عن جابر، قال: لم يكن رسول الله ﷺ يغزو في الشهر الحرام إلا أن يُغْزى، أو يغزو حتى إذا حضر ذلك أقامَ حتى ينسلخ[[أخرجه أحمد ٢٢/٤٣٩، ٢٣/٦٠ (١٤٥٨٣، ١٤٧١٣)، وابن جرير ٣/٦٤٨، والنحاس في ناسخه (ت: اللاحم) ١/٥٣٥.]]. (ز)
﴿وَصَدٌّ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ وَكُفۡرُۢ بِهِۦ وَٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَإِخۡرَاجُ أَهۡلِهِۦ مِنۡهُ أَكۡبَرُ عِندَ ٱللَّهِۚ﴾ - تفسير
٧٥٨٤- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- قوله: ﴿وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه﴾: إخراج أهل المسجد الحرام أكبرُ من الذي أصابَ أصحابَ محمد، والشركُ بالله أشدُّ[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٥٧-٦٥٨، وابن أبي حاتم ٢/٣٨٥، ٣٨٦ (٢٠٢٧،٢٠٣١، ٢٠٣٢).]]. (٢/٥٣٦)
٧٥٨٥- عن عروة بن الزبير -من طريق الزُّهْرِيِّ- في قوله: ﴿يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله﴾ إلى آخر الآية، قال: فحدَّثهم اللهُ في كتابه: إنّ القتال في الشهر الحرام حرامٌ كما كان، وإنّ الذي يَسْتَحِلُّون من المؤمنين هو أكبر من ذلك؛ مِن صدِّهم عن سبيل الله حين يسجنونهم، ويعذبونهم، ويحبسونهم أن يهاجروا إلى رسول الله ﷺ، وكفرهم بالله، وصدِّهم المسلمين عن المسجد الحرام في الحج والعمرة والصلاة فيه، وإخراجهم أهلَ المسجد الحرام، وهم سكانه من المسلمين، وفَتْنهم إيّاهم عن الدين[[أخرجه البيهقي في الدلائل ٣/١٧-١٨.]]. (٢/٥٣٩)
٧٥٨٦- عن مِقْسَم -من طريق مَعْمَر، عن الزهري- قوله: ﴿وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام﴾ يقول: وصد عن سبيل الله، وكفر بالله، ﴿والمسجد الحرام﴾ وصد عن المسجد الحرام، ﴿وإخراج أهله منه أكبر عند الله﴾ من قتل عمرو بن الحضرمي[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٥٧، وابن أبي حاتم ٢/٣٨٦ (٢٠٣٠، ٢٠٣٣).]]. (ز)
٧٥٨٧- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- ﴿قل قتال فيه كبير﴾ الآية، يقول: كفرٌ بالله، وعبادةُ الأوثان أكبرُ من قتلِ ابن الحضرمي[[تفسير مجاهد ص٢٣١. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٢١٧-. وعزاه السيوطي إلى الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (٢/٥٣٨)
٧٥٨٨- قال مجاهد بن جبر -من طريق ابن جُرَيْج- ﴿قل قتالٌ فيه كبيرٌ وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام﴾، قال: يقول: صَدٌّ عن المسجد الحرام، وإخراجُ أهله منه، فكل هذا أكبرُ من قتل ابن الحضرمي[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٥٩.]]. (ز)
٧٥٨٩- عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق عبيد بن سليمان- في قوله: ﴿يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتالٌ فيه كبير﴾، قال: كان أصحاب محمد ﷺ قتلوا ابن الحضرميِّ في الشهر الحرام، فعَيَّر المشركون المسلمين بذلك، فقال الله: قتالٌ في الشهر الحرام كبيرٌ، وأكبرُ من ذلك صدٌّ عن سبيل الله، وكفرٌ به، وإخراجُ أهل المسجد الحرام من المسجد الحرام[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٦٠.]]. (ز)
٧٥٩٠- عن أبي مالك الغِفارِيِّ -من طريق حُصَيْن بن عبد الرحمن- قال: ﴿وصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وكُفْرٌ بِهِ والمَسْجِدِ الحَرامِ وإخْراجُ أهْلِهِ مِنهُ أكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ مِن الذي استكبرتم[[كذا في تفسير ابن جرير والدر المنثور، من الاستكبار: وهو استعظام الشيء. وفي تفسير مجاهد بلفظ: استنكرتم.]] من قتل ابن الحضرمي[[أخرجه آدم بن أبي إياس -كما في تفسير مجاهد ص٢٣٢-، وابن جرير ٣/٦٥٨. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٢/٥٣٩)
٧٥٩١- عن قتادة بن دِعامة -من طريق شَيْبان- ﴿وإخْراجُ أهْلِهِ مِنهُ﴾، قال: إخراجُ محمد وأصحابه من مكة أكبرُ عند الله من القتال في الشهر الحرام[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٨٦.]]. (ز)
٧٥٩٢- عن إسماعيل السُّدِّيِّ -من طريق أسباط- قال: وإخراجُ أهل المسجد الحرام منه -حين أخرجوا محمدًا وأصحابَه- أكبرُ من القتل عند الله[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٥٤-٦٥٥، وفي تاريخه ٢/٤١٣-٤١٤.]]. (٢/٥٣٧)
٧٥٩٣- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ يعني: دين الإسلام، ﴿وكُفْرٌ بِهِ﴾ أي: وكفرٌ بالله، ﴿وصد عن المَسْجِدِ الحَرامِ وإخْراجُ أهْلِهِ مِنهُ﴾ من عند المسجد الحرام، فذلك صَدُّهم، وذلك أنّهم أخْرَجُوا النبي ﷺ وأصحابَه من مكة ﴿أكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ فهذا أكبر عند الله مِن القتل، والأَسْر، وأَخْذِ الأموال[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٨٦.]]. (ز)
﴿وَٱلۡفِتۡنَةُ أَكۡبَرُ مِنَ ٱلۡقَتۡلِۗ﴾ - تفسير
٧٥٩٤- عن عبد الله بن عمر: ﴿والفِتْنَةُ أكْبَرُ مِنَ القَتْلِ﴾، قال: الشرك[[علَّقه ابن أبي حاتم ٢/٣٨٧ (عَقِب ٢٠٣٥). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٢/٥٤٣)
٧٥٩٥- عن جُندُب بن عبد الله -من طريق أبي السَّوّار- ﴿والفِتْنَةُ أكْبَرُ مِنَ القَتْلِ﴾، قال: الشِّرْك[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٥٦، وابن أبي حاتم ٢/٣٨٧ (٢٠٣٥).]]. (ز)
٧٥٩٦- عن عروة بن الزبير -من طريق الزهري، ويزيد بن رُومان- في قوله تعالى: ﴿قل قتال فيه كبير﴾ إلى قوله: ﴿والفتنة أكبر من القتل﴾، أي: قد كانوا يَفْتِنونكم في دينكم وأنتُم في حُرْمَةِ الله، حتى تكفروا بعد إيمانكم، فهذا أكبرُ عند الله من أن تقتلوهم في الشهر الحرام[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٥٣، وابن أبي حاتم ٢/٣٨٦ (٢٠٣٤) واللفظ له.]]. (ز)
٧٥٩٧- عن مِقْسَم -من طريق مَعْمَر، عن الزُّهْرِيِّ- قوله: ﴿والفتنة﴾، يقول: الشِّرْكُ الذي أنتم فيه أكبر من ذلك أيضًا[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٥٧.]]. (ز)
٧٥٩٨- قال مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- ﴿والفتنة أكبر من القتل﴾، يعني: الكفر بالله وعبادة الأوثان أكبرُ من هذا كله[[تفسير مجاهد ص٢٣٢، وأخرجه ابن جرير ٣/٦٥٩ من طريق ابن جريج، وكذا الحربيُّ في غريب الحديث ٣/٩٣١ نحوه.]]. (ز)
٧٥٩٩- عن عامر الشعبي -من طريق إسماعيل بن سالم- في قوله: ﴿والفتنة أكبر من القتل﴾، قال: يعني به: الكفر[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٦٠.]]٧٨٧. (ز)
٧٦٠٠- عن أبي مالك الغِفارِي -من طريق حُصَيْن بن عبد الرحمن- قال: ﴿والفتنة﴾ التي أنتم عليها مقيمون، يعني: الشرك ﴿أكبر من القتل﴾[[أخرجه آدم بن أبي إياس -كما في تفسير مجاهد ص٢٣٢-، وابن جرير ٣/٦٥٩. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٢/٥٣٩)
٧٦٠١- عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- ﴿وإخراجُ أهله منه أكبر عند الله﴾ من ذلك. ثُمَّ عَيَّر المشركين بأعمالهم؛ أعمالِ السوء، فقال: ﴿والفتنة أكبر من القتل﴾ أي: الشرك بالله أكبرُ من القتل[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٦٠.]]. (ز)
٧٦٠٢- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- ﴿والفتنة﴾: وهي الشرك، أعظمُ عند الله من القتل في الشهر الحرام[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٥٤-٦٥٥، وفي تاريخه ٢/٤١٣-٤١٤.]]٧٨٨. (٢/٥٣٧)
٧٦٠٣- قال مقاتل بن سليمان: ثُمَّ قال سبحانه: ﴿والفِتْنَةُ﴾ يعني: الإشراك الذي أنتم فيه ﴿أكْبَرُ﴾ عند الله ﴿مِنَ القَتْلِ﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٨٦.]]. (ز)
﴿وَلَا یَزَالُونَ یُقَـٰتِلُونَكُمۡ حَتَّىٰ یَرُدُّوكُمۡ عَن دِینِكُمۡ إِنِ ٱسۡتَطَـٰعُوا۟ۚ﴾ - تفسير
٧٦٠٤- عن عروة بن الزبير -من طريق الزهري، ويزيد بن رُومان- في قوله تعالى: ﴿ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردُّوكم عن دينكم إن استطاعوا﴾، أي: هم مقيمون على أخبثِ ذلك وأعظمِه، غير تائبين ولا نازعين[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٥٣، ٦٦٥، وابن أبي حاتم ٢/٣٨٧ (٢٠٣٨).]]. (ز)
٧٦٠٥- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- ﴿ولا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ﴾، قال: كُفّارُ قريش[[تفسير مجاهد ص٣٣٢، وأخرجه ابن جرير ٣/٦٦٥، وابن أبي حاتم ٢/٣٨٧ (٢٠٣٦). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٢/٥٤٤)
٧٦٠٦- قال مقاتل بن سليمان: ثُمَّ أخبر ﷿ عن رأيِ مشركي العرب في المسلمين، فقال سبحانه: ﴿ولا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ﴾ يعني: مشركي مكة ﴿حَتّى يَرُدُّوكُمْ﴾ يا معشر المؤمنين ﴿عَنْ دِينِكُمْ﴾ الإسلام ﴿إنِ اسْتَطاعُوا﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٨٦.]]. (ز)
﴿وَمَن یَرۡتَدِدۡ مِنكُمۡ عَن دِینِهِۦ فَیَمُتۡ وَهُوَ كَافِرࣱ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ ٢١٧﴾ - تفسير
٧٦٠٧- عن محمد بن كعب القُرَظِيّ -من طريق أبي صخر- قوله: ﴿ومَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَنْ دِينِهِ﴾، قال: مَن يرتدَّ عن الحق[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٨٧ (٢٠٣٩).]]. (ز)
٧٦٠٨- قال مقاتل بن سليمان: ثُمَّ خَوَّفهم، فقال: ﴿ومَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَنْ دِينِهِ﴾ الإسلام، يقول: ومَن ينقلب كافرًا بعد إيمانه ﴿فَيَمُتْ وهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ﴾ يعني: بَطَلَت ﴿أعْمالُهُمْ﴾ الخبيثة؛ فلا ثواب لهم في الدنيا ولا في الآخرة، ﴿وأُولئِكَ أصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ﴾ يعني: لا يموتون[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٨٧.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.