الباحث القرآني
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وكُفْرٌ بِهِ والمَسْجِدِ الحَرامِ﴾ قَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الآيَةُ تَحْرِيمَ القِتالِ في الشَّهْرِ الحَرامِ، ونَظِيرُهُ في الدَّلالَةِ عَلى مِثْلِهِ قَوْلُهُ: ﴿الشَّهْرُ الحَرامُ بِالشَّهْرِ الحَرامِ والحُرُماتُ قِصاصٌ﴾ [البقرة: ١٩٤] وقَوْلُهُ: ﴿إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا في كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ مِنها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة: ٣٦]
وحَدَّثَنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الواسِطِيُّ قالَ: حَدَّثَنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اليَمانِ قالَ: حَدَّثَنا أبُو عُبَيْدٍ قالَ: حَدَّثَنا حَجّاجٌ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قالَ: حَدَّثَنِي أبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: «لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَغْزُو في الشَّهْرِ الحَرامِ إلّا أنْ يُغْزى، فَإذا حَضَرَ ذَلِكَ أقامَ حَتّى يَنْسَلِخَ» .
وقَدِ اخْتُلِفَ في نَسْخِ ذَلِكَ، فَقالَتْ طائِفَةٌ: حُكْمُهُ باقٍ لَمْ يُنْسَخْ؛ ومِمَّنْ قالَ ذَلِكَ عَطاءُ بْنُ أبِي رَباحٍ، حَدَّثَنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قالَ: حَدَّثَنا أبُو عُبَيْدٍ قالَ: حَدَّثَنا حَجّاجٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: قُلْتُ لِعَطاءٍ: ما لَهم إنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ يَحِلُّ لَهم أنْ يَغْزُوا في الشَّهْرِ الحَرامِ ثُمَّ غَزَوْهم بَعْدُ فِيهِ. قالَ: فَحَلَفَ لِي ما يَحِلُّ لِلنّاسِ أنْ يَغْزُوا في الحَرَمِ ولا في الشَّهْرِ الحَرامِ إلّا أنْ يُقاتَلُوا، قالَ: وما نُسِخَتْ.
ورَوى سُلَيْمانُ بْنُ يَسارٍ وسَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ: " أنَّ القِتالَ جائِزٌ في الشَّهْرِ الحَرامِ " وهو قَوْلُ فُقَهاءِ الأمْصارِ. والأوَّلُ مَنسُوخٌ بِقَوْلِهِ: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] وقَوْلِهِ: ﴿قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ولا بِاليَوْمِ الآخِرِ﴾ [التوبة: ٢٩] الآيَةَ؛ لِأنَّها نَزَلَتْ بَعْدَ حَظْرِ القِتالِ في الشَّهْرِ الحَرامِ.
وقَدِ اخْتُلِفَ في السّائِلِينَ عَنْ ذَلِكَ مَن هم، فَقالَ الحَسَنُ وغَيْرُهُ: " إنَّ الكُفّارَ سَألُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ عَلى جِهَةِ العَيْبِ لِلْمُسْلِمِينَ بِاسْتِحْلالِهِمُ القِتالَ في الشَّهْرِ الحَرامِ " . وقالَ آخَرُونَ: " المُسْلِمُونَ سَألُوا (p-٤٠٢)عَنْ ذَلِكَ لِيَعْلَمُوا كَيْفَ الحُكْمُ فِيهِ " .
وقِيلَ: إنَّها نَزَلَتْ عَلى سَبَبٍ وهو قَتْلُ واقِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَمْرَو بْنَ الحَضْرَمِيِّ مُشْرِكًا، فَقالَ المُشْرِكُونَ: قَدِ اسْتَحَلَّ مُحَمَّدٌ القِتالَ في الشَّهْرِ الحَرامِ، وقَدْ كانَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَ القِتالِ في هَذِهِ الأشْهُرِ، فَأعْلَمَهُمُ اللَّهُ تَعالى بَقاءَ حَظْرِ القِتالِ في الشَّهْرِ الحَرامِ وأرى المُشْرِكِينَ مُناقَضَةً بِإقامَتِهِمْ عَلى الكُفْرِ مَعَ اسْتِعْظامِهِمُ القَتْلَ في الشَّهْرِ الحَرامِ، مَعَ أنَّ الكُفْرَ أعْظَمُ الإجْرامِ ومَعَ إخْراجِ أهْلِ المَسْجِدِ الحَرامِ مِنهُ وهُمُ المُؤْمِنُونَ؛ لِأنَّهم أوْلى بِالمَسْجِدِ الحَرامِ مِنَ الكُفّارِ لِقَوْلِهِ: ﴿إنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَن آمَنَ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ﴾ [التوبة: ١٨] فَأعْلَمَهُمُ اللَّهُ أنَّ الكُفْرَ بِاللَّهِ وبِالمَسْجِدِ الحَرامِ، وهو أنَّ اللَّهَ جَعَلَ المَسْجِدَ لِلْمُؤْمِنِينَ ولِعِبادَتِهِمْ إيّاهُ فِيهِ، فَجَعَلُوهُ لِأوْثانِهِمْ ومَنَعُوا المُسْلِمِينَ مِنهُ، فَكانَ ذَلِكَ كُفْرًا بِالمَسْجِدِ الحَرامِ، وأخْرَجُوا أهْلَهُ مِنهُ وهُمُ المُؤْمِنُونَ؛ لِأنَّهم أوْلى بِهِ مِنَ الكُفّارِ، فَأعْلَمَهُمُ اللَّهُ أنَّ الكُفّارَ مَعَ هَذا الإجْرامِ أوْلى بِالعَيْبِ مِن قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ المُشْرِكِينَ في الشَّهْرِ الحَرامِ.
واللهُ سُبْحانَهُ وتَعالى أعْلَمُ.
تَمَّ الجُزْءُ الأوَّلُ ويَلِيهِ الجُزْءُ الثّانِي وأوَّلُهُ بابُ تَحْرِيمِ الخَمْرِ
{"ayah":"یَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهۡرِ ٱلۡحَرَامِ قِتَالࣲ فِیهِۖ قُلۡ قِتَالࣱ فِیهِ كَبِیرࣱۚ وَصَدٌّ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ وَكُفۡرُۢ بِهِۦ وَٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَإِخۡرَاجُ أَهۡلِهِۦ مِنۡهُ أَكۡبَرُ عِندَ ٱللَّهِۚ وَٱلۡفِتۡنَةُ أَكۡبَرُ مِنَ ٱلۡقَتۡلِۗ وَلَا یَزَالُونَ یُقَـٰتِلُونَكُمۡ حَتَّىٰ یَرُدُّوكُمۡ عَن دِینِكُمۡ إِنِ ٱسۡتَطَـٰعُوا۟ۚ وَمَن یَرۡتَدِدۡ مِنكُمۡ عَن دِینِهِۦ فَیَمُتۡ وَهُوَ كَافِرࣱ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق