الباحث القرآني
ثم قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا﴾.
نقول في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ما قلناه في الآية الأولى.
﴿لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ أي: لا تنتهكوا حرماتها، و(الشعائر) جمع (شعيرة)، وهي العبادات الكبار، كالحج والعمرة ونحو ذلك؛ وذلك لأن الأحكام الشرعية شعائر وغير شعائر، الأحكام الكبيرة تسمى شعائر، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة ١٥٨].
﴿وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ﴾ الشهر هنا المراد به الجنس وليس المراد به الواحد، فما هو الشهر الحرام؟ الشهر الحرام شهور أربعة بيَّنها الله تعالى في قوله: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ [التوبة ٣٦]، وبيَّن النبي ﷺ أعيان هذه الأشهر بأنها ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، والرابع رجب؛ رجب: مضر الذي بين جمادى وشعبان[[متفق عليه؛ البخاري (٤٤٠٦)، ومسلم (١٦٧٩ / ٢٩) من حديث أبي بكرة.]].
هذه الأشهر الحرم، يعني لا تحِلُّوها بالمعاصي، ولا تحِلُّوها بالقتال أيضًا؛ لأن القتال في الأشهر الحرم حرام، حتى الكفار لا يحل أن نبدأهم بالقتال في الأشهر الحرم إلا دفاعًا عن النفس أو إذا كان امتدادًا لقتال سابق، انتبه، وهذه المسألة يأتي -إن شاء الله- بيان حكمها واختلاف العلماء فيها.
﴿وَلَا الْهَدْيَ﴾ يعني: ولا تحلوا الهدي، والمراد بالهدي ما يهدى إلى الحرم من إبل أو بقر أو غنم، وكيف إحلاله؟ إحلاله: أن يذبحه قبل أن يبلغ محله، هذا إحلال، فلو أن الإنسان ساق الهدي من الميقات؛ من ذي الحليفة، ثم أراد أن يذبحه أو ينحره قبل الوصول إلى مكة كان هذا حرامًا لا يحِل؛ ولهذا قال: ﴿وَلَا الْهَدْيَ﴾.
﴿وَلَا الْقَلَائِدَ﴾ (القلائد) جمع أيش؟
* طالب: قلادة.
* الشيخ: جمع (قلادة)، فما المراد بالقلائد؟ المراد بالقلائد ما تقلد به أعناق الهدي، وكان من عادتهم أن يجعلوا في عنق كل واحدة قلادة، إشارة إلى أنها هدي، ويجعل في هذه القلادة يعلق فيها النعال البالية وأطراف الأسقية، يعني: أطراف القرب والأسقية وما أشبه ذلك، إشارة إلى أن هذه للفقراء، فمن حين أن يرى الإنسان هذه الشاة أو هذه البعير وعليها هذه القلادة يعرف أنها هدي، فيحترمها ولا يضيرها بشيء.
﴿وَلَا الْقَلَائِدَ﴾ ويحتمل أن يقال: إن القلائد أعم من ذلك، وأن المراد: ولا ما تقلدتموه من عهود ووعود وغيرها، ولكن السياق يدل على المعنى الأول، الهدي والقلائد يعني: قلائد الهدي.
﴿وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا﴾ يعني: ولا تحلوا أيضًا، ﴿آمِّينَ﴾ بمعنى قاصدين، ﴿الْبَيْتَ الْحَرَامَ﴾ وهو الكعبة، ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا﴾، وسماه الله بيتًا؛ لأنه بيت في الواقع؛ إذ إنه حجرة ذات أركان وسقف فهي بيت، ووصفها الله بالحرام لما لها من الحرمة والتعظيم؛ ولهذا كان ما حولها محترمًا، حتى الأشجار محترمة في الحرم مع أن الأشجار جماد.
والحصى؟
* طالب: كذلك.
* الشيخ: لا، غير محترم، الحصى والتراب غير محترم؛ ولهذا لك أن تكسِّر الحصى، ولك أن تنقل التراب إلى خارج الحرم بخلاف الأشجار.
الأشجار التي لا تنمو كالتي قد يبست وكأغصان انكسرت هل هي حرام أو غير حرام؟ الجواب ليست حرامًا، اليابسة التي انتهت ليست حرامًا.
﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا﴾ جملة ﴿يَبْتَغُونَ﴾ في موضع نصب على الحال من ﴿آمِّينَ﴾، أما ﴿الْبَيْتَ الْحَرَامَ﴾ فهي مفعول به لـ﴿آمِّينَ﴾، ﴿يَبْتَغُونَ﴾ أي: يطلبون، ﴿فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ﴾، والفضل هنا يشمل الفضل الدنيوي والفضل الأخروي، دليل ذلك قوله تبارك وتعالى لما ذكر أحكام الحج قال: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة ١٩٨]، وهذا فضل الدنيا يشير به إلى من أتى إلى الحج يبيع ويشتري أو يكاري إبله أو سيارته أو ما أشبه ذلك، وهنا يقول: ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ﴾ يعم الفضلين: فضل الدنيا وفضل الآخرة.
وقوله: ﴿وَرِضْوَانًا﴾ أي: رضًا من الله عز وجل، وفيها قراءتان: ضم الراء وكسرها: ﴿رُضْوَانًا﴾ و﴿رِضْوَانًا﴾، وقوله:﴿وَرِضْوَانًا﴾ أي: من ربهم أو أعم من ذلك، يعني هل هم يريدون رضوانًا من الله عز وجل، أو رضوانًا من الله ومن أنبيائه وأوليائه وأصفيائه؟ العموم، لكن الأصل الأصيل أنهم يريدون الفضل من الله عز وجل.
* طالب: شيخ، بارك الله فيكم، بالنسبة قلنا: إن الوعد عهد، وإن العهد يجب الوفاء به، إذا استثنى الرجل وقال: إن شاء الله في الوعد مثلًا، هو بكل حال يجب أن يقول: إن شاء الله؛ لأن الوعد فيما سيأتي؟
* الشيخ: نعم، فيما يستقبل.
* الطالب: فيما يستقبل، ولا بد أن يأتي بإن شاء الله، فإذا لم يفِ بالوعد هل عليه شيء؟
* الشيخ: فالظاهر أنه لا شيء عليه؛ وذلك لأن صاحبه الذي سمعه يقول: إن شاء الله يعرف أنه لم يرد الوفاء التام إلا إذا فهم المخاطب من قوله: إن شاء الله التحقيق؛ لأنه أحيانًا يريد ذاك التحقيق.
* الطالب: شيخ كيف يفرق السامع يبن..؟
* الشيخ: حسب السياق، وربما يكون حركة الواعد تدل على هذا: إن شاء الله يقول هكذا بيده، المعنى التحقيق.
* طالب: هل الوعد عقد؟
* الشيخ: نعم؛ لأنه معاقدة بين الواعد والموعود.
* طالب: شيخ، عفا الله عنك، عندنا في الكويت اتحاد الجمعيات التعاونية ذهبوا إلى بعض البلاد بأوربا ووجدوا أن الذبح على غير الشريعة الإسلامية مثل بعض الدجاج الفرنسي وكذا؟
* الشيخ: إي، لكن هل هذا الذي يُذبَح هناك هل هو الذي يرد إلى البلاد الإسلامية؟
* الطالب: إي نعم، مثل دول فرنسا وكذا وكتبوا قوائم في هذا.
* الشيخ: إحنا رأيناه وقرأناه، لكن الآن الإشكال في هل إن هذا الذي يذبحونه على غير الطريقة الإسلامية، هل هو الذي يرد إلى البلاد الإسلامية أو غيره، أو يرد إلى بلاد أخرى؟
* الطالب: هو الذي يرد؛ لأن الجمعيات التعاونية هم اللي يستوردون هذا.
* الشيخ: لكنهم أخبروهم بأنه لا يصح؟
* الطالب: كيف؟
* الشيخ: الجمعية التعاونية أخبروا الجزارين هناك بأن هذا لا يصح.
* الطالب: إي نعم، هم كفار أخبروهم يصلح ولَّا ما يصلح سيذبحون على طريقتهم.
* الشيخ: أبدًا، الشركات لو تقول لها: اذبحي عشر مرات، ذبحت تريد الفائدة، يعني لو قالوا لها مثلًا: إما أن تذبحي على الطريقة الإسلامية وإلا قاطعناك، ذبحوا، ويش يضرهم؟
* طالب: شيخ، أحسن الله إليكم، قلنا بوجوب الوفاء بالشروط المشترطة في العقد، فهل -مثلًا- عقد الزواج: إذا اشترطت الزوجة أن لا يزيد عليها.
* الشيخ: أن لا يتزوج عليها.
* الطالب: إي نعم، فهل يجب عليه أن يوفي بهذا الشرط أم له أن يقول هذا الشرط..؟
* الشيخ: هذا سؤال يقول: هل يدخل في الوفاء في الشروط شروط النكاح؟
الجواب نعم، بل قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٧٢١) واللفظ له، ومسلم (١٤١٨ / ٦٣) من حديث عقبة بن عامر.]].
يقول: فإذا اشترطت المرأة على زوجها أن لا يتزوج عليها هل يصح الشرط؟ يصح، وإذا اشترطت الزوجة أن يطلق زوجته التي معه؟ لا يصح، والفرق ظاهر؛ لأن الثاني فيه عدوانٌ على الزوجة الأولى، والأول لا عدوان فيه على أحد، الأول فيه أن الزوج يمتنع مما أباح الله له لكن باختياره، هو الذي رضي، ولكن لو صمم أن يتزوج وتزوج فماذا يكون؟ نقول: لها الخيار، إن شاءت بقيت معه، وإن شاءت فسخت النكاح.
* طالب: شيخ، بارك الله فيك، بالنسبة إلى ألفاظ العقود في الزواج هل يصح الزواج بكل لفظ أم إلا بالألفاظ الواردة في القرآن الكريم؟
* الشيخ: لا، يصح بكل لفظ، أبدًا، لو قال: ملكتك بنتي، وهبتك بنتي، وعلم أن المراد بالهبة هنا ليس مجانًا فلا بأس، كل ما دل عليه العقد فهو صحيح بدون تفصيل.
* طالب: قلنا: ذكر أهل العلم في قوله عز وجل: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ أن الخطاب لأهل الكتاب هل يدخل في ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ أن يصدقوا بما جاء به؟
* الشيخ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ هذا للمؤمنين.
* الطالب: نقول: ما تحتمل هكذا؟
* الشيخ: لا، ما تحتمل؛ لأن الكافر يقال له: أسلم أولًا، ثم يؤمر بفروع الإسلام.
* الطالب: استدلوا بحديث يا شيخ.
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: ما كتبه عمرو بن حزم في تفسير هذه الآية أنه يقصد بها أهل الكتاب؟
* الشيخ: ما هو صحيح، واضح؟ وأيضًا ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ هل الكافر بيحرم؟
* الطالب: شيخ، لو مثلًا قلنا بأن الآية تحمل كلا المعنيين؟
* الشيخ: لا، ما تحتمل، أي إلا المؤمنين.
* طالب: شيخ، بارك الله فيك، ذكرنا أنه إذا تنازع المتعاقدان في شرط من شروط العقد فالقول قول المثبت؟
* الشيخ: إذا تنازع في أيش؟
* طالب: في شرط من شروط العقد هذا يقول: هذا الشرط، وهذا يقول: لا، هذا غير موجود في العقد.
* الشيخ: ذكرنا هذا؟ لا لا في صحة العقد، إذا تنازع المتعاقدان فقال أحدهما: العقد صحيح وقال الثاني: العقد غير صحيح، هذا اللي ذكرنا، ما صحة الشرط.
* الطالب: بالنسبة للشروط يا شيخ؟
* الشيخ: الشروط الأصل عدمها، يعني لو تنازعا في وجود الشرط أو عدمه فالأصل عدم الشرط، تنازعا في صحة الشرط هل هذا شرط صحيح أو لا بعد أن التزما به فالأصل صحته.
* طالب: أكرمك الله يا شيخ، مسألة المرأة التي اشترطت ألا يتزوج زوجها عليها فقلنا بأنه إذا تزوج فلها الفسخ، فهل يطالب الزوج بالمهر؟
* الشيخ: لا، الزوج لا مهر له؛ لأنه هو الذي أخل بالشرط، مع أن ذمته لا تبرأ حتى في هذه الحال؛ لأنها في هذه الحال ما فسخت إلا إكراهًا، وهو غرها في الواقع، لكننا نقول: له أن يتزوج؛ لأننا لا نحجر عليه، إلا أنه لم يفِ بالشرط، وهي ربما لا تفسخ؛ لأنها تريد أن تبقى مع زوجها لكن مكرهة.
* طالب: يأثم يا شيخ؟
* الشيخ: إي نعم، هو للإثم أقرب، إلا إذا دعت الحاجة واضطرته الحاجة فهذا شيء آخر.
* طالب: شيخ، قوله تعالى: ﴿وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ﴾ نزلت في الكفار؟
* الشيخ: عامة هي عامة مع أن الفوائد ما جاءت.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة ٢].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ هذا مبتدأ المناقشة؟
* طالب: أول السورة؟
* الشيخ: أول السورة نعم. يقول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ ذكرنا أنه إذا صدر الخطاب بـ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ففيه فوائد؟
* طالب: الفائدة الأولى: أن ما بعدها يكون إما أمرًا أو (...).
* الشيخ: أو خبرًا يدل على أهمية ما بعده، هذا إذا صدر الخطاب بالنداء مطلقًا حتى (يا أيها الناس) يدل على أهمية ما بعده لكن إذا صدر بـ(يا أيها الذين آمنوا) خاصة؟
* الطالب: تكون خاصة بالمؤمن.
* الشيخ: لا.
* طالب: يكون ما بعدها من مقتضيات الإيمان.
* الشيخ: أحسنت يدل على أن ما بعده من مقتضيات الإيمان؛ لأنه لولا ذلك ما صح توجيه الخطاب إلى المؤمن.
الثاني؟
* طالب: الثاني أن امتثاله من أسباب زيادة الإيمان.
* الشيخ: أن امتثاله يزيد به الإيمان، ومخالفته ينقص بها الإيمان.
في أثر عن ابن مسعود حول هذا الموضوع؟
* طالب: نعم، «قال رضي الله عنه: إذا سمعت الله تعالى يقول: (يا أيها الذين آمنوا) فأرعها سمعك؛ فإنه خير يأمر به، أو شر ينهى عنه».
* الشيخ: «إذا سمعت الله يقول: (يا أيها الذين آمنوا) فأرعها سمعك، فإما خير تؤمر به، وإما شر تنهى عنه»[[أخرجه ابن المبارك في الزهد (٣٦)، وسعيد بن منصور في السنن (٥٠) من حديث عبد الله بن مسعود.]].
قوله: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ أي عقد أراد؟
* طالب: جميع العقود.
* الشيخ: جميع العقود، سواء؟
* الطالب: ما يبرمه الإنسان بينه وبين غيره.
* الشيخ: نعم، العقد ما أبرمه الإنسان بينه وبين غيره، فيشمل؟
* الطالب: عقد النكاح والإجارة والبيع.
* الشيخ: النكاح والإجارة والبيع والشركة وغير ذلك.
هل الأمر بالوفاء بالعقود يشمل الأمر بالوفاء بما شرط فيها؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: ما وجهه؟
* الطالب: لأن الأمر بالشيء أمر بمتعلقه (...) شروط العقد اللازمة (...).
* الشيخ: شروط العقد أوصاف في العقد، والأمر بالوفاء بالعقد يشمل الأمر به أصله ووصفه.
رجل باع بيتًا واشترط على المشتري أن يسكنه سنة؟
* طالب: يجوز.
* الشيخ: يجوز؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: وهل يجب على المشتري أن يمكن البائع من ذلك؟ أي من سكناه إياه سنة؟
* الطالب: إن وافق.
* الشيخ: طبعًا اشترط عليه ووافق.
* الطالب: نعم يجب.
* الشيخ: يجب؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: من أين يؤخذ من الآية؟
* الطالب: ﴿أَوْفُوا﴾.
* الشيخ: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ والأمر؟
* طالب: للوجوب.
* الشيخ: رجل باع أمة على إنسان واشترط عليه أن تبقى عنده لمدة سنة أو حتى يتزوج ليطأها، ماذا تقولون؟
* طالب: لا أعلم.
* الشيخ: جزاك الله خيرًا، من قال: لا أعلم فيما لا يعلم فقد علم.
* طالب: لا يجوز.
* الشيخ: لأيش؟
* الطالب: لأن هذا شرط ليس في كتاب الله.
* الشيخ: هذا لا يجوز؛ لأنه شرط ليس في كتاب الله، وما كان ليس في كتاب الله فهو باطل.
ما وجه كونه ليس في كتاب الله؟
* طالب: لأن هكذا (...) الأمة أنها تباع..
* الشيخ: لا، نريد دليلًا من القرآن والسنة؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إي، لكن ما في القرآن ما يدل على تحريم ذلك؟
* طالب: قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ [المؤمنون ٥-٧].
* الشيخ: وهذه؟
* الطالب: قد خرجت عن ملكه.
* الشيخ: قد خرجت عن ملكه، صح، إذن هذا الشرط لا يصح.
باع أمة واشترط أن تخدمه سنة؟
* طالب: ليس له ذلك.
* الشيخ: ليس له ذلك، لأيش؟
* الطالب: لأنها خرجت من ملكه إلى ملك غيره بمجرد البيع.
* الشيخ: طيب، أليس يجوز أن يستأجر الأمة للخدمة؟
* الطالب: إن كانت على سبيل الإجارة جاز.
* الشيخ: وهذا؟
* الطالب: هو باعها يا شيخ.
* الشيخ: إي نعم، باعها واستثنى منفعتها لمدة سنة؟
* الطالب: إذا استثنى جائز ذلك، إذا استثنى المنفعة.
* الشيخ: عدلت عن الجواب الأول؟
* الطالب: إي نعم.
* الشيخ: ما تقولون؟ صحيح؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: وهو كذلك. هل لهذا شاهد من السنة للمسألة الثانية أن يبيع الإنسان شيئًا ويستثني منفعته؟
* طالب: حينما باع جابر رضي الله عنه إلى رسول الله ﷺ جمله..
* الشيخ: حين باع جابر جمله على رسول الله ﷺ واستثنى؟
* الطالب: حمله إلى المدينة.
* الشيخ: جمله إلى المدينة، إي نعم صح.
امرأة اشترطت على زوجها عند العقد ألا يتزوج عليها وأخرى اشترطت على زوجها عند العقد أن يطلق زوجته السابقة أيهما الذي يصح؟
* طالب: الأول.
* الشيخ: الأول؟
* الطالب: نعم، أما الثاني لا يصح؛ لأن فيه الاعتداء على الأخرى، أما الأول ففيه إسقاط للحق.
* الشيخ: هل في الثاني نص يدل على أنه لا يجوز أن تشترط الطلاق المرأة السابقة؟
* طالب: نهى النبي ﷺ المرأة أن تكفأ..
* طالب آخر: حديث الرسول ﷺ نهى أن تشارط المرأة طلاق أختها لتكفأ ما عندها.
* الشيخ: «لَا تَسْأَلِ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ مَا فِي إِنَائِهَا» أو قال: «صَحْفَتِهَا»[[متفق عليه؛ البخاري (٢١٤٠)، ومسلم (١٤١٣ / ٥١) واللفظ له من حديث أبي هريرة.]].
وفيه عدوان، لكن المسألة الأولى إذا اشترطت ألا يتزوج ففيه أن الزوج أسقط حقه ولا مانع، لا مانع أن يسقط حقه.
امرأة تزوجها رجل واشترطت عليه أنه إن جاز لها المقام مع أهله، وإلا فلها الفسخ؟
* طالب: لا يجوز.
* الشيخ: لا يجوز، لماذا؟
* الطالب: فلو (...) الفرقة بين الرجل و..
* الشيخ: هي تقول: إن جاز لي المقام، وإلا فلي الفسخ؛ لأنها سمعت أن أمه شريرة طويلة اللسان سريعة الغضب فقالت: أقع أنا في مشاكل معها، واشترطت أنه إن جاز لها المقام وإلا فلها الفسخ؟
* طالب: يجوز.
* الشيخ: يجوز؟
* الطالب: لأن هذا الأمر لا يحل حرامًا.
* الشيخ: ما هي القاعدة في الشروط الصحة أو الفساد؟ الصحة ما لم يوجد دليل، هنا ما فيه دليل؛ لأن ما هي مضرة هذه، إذا لم يجز لها المقام عند أهله فلها الفسخ، ولكن ينبغي في مثل هذه الحال أن يجعل الباب مفتوحًا بعض الشيء فتقول: لها الفسخ أو المطالبة بأن تسكن في مكان وحدها.
بهيمة الأنعام ما هي؟
* طالب: الإبل.
* الشيخ: هل البهيمة هي الإبل والبقر والغنم أو الأنعام؟
* طالب: الأنعام.
* الشيخ: الأنعام، والبهيمة ما هي؟
* طالب: كل الحيوانات بهائم.
* الشيخ: كل الحيوانات بهائم؛ لأنها لا تعرب عما في ضميرها.
قوله: ﴿إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ المراد به؟
* طالب: هذا مستثنى مما سيأتي بعده ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ﴾.
* الشيخ: المراد به قوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ﴾ إلى آخره.
ما المراد بالصيد المحرم في حال الإحرام؟
* طالب: كل الصيد.
* الشيخ: كل الصيد؟
* طالب: كل حيوان بري مأكول اللحم متوحش أصله.
* الشيخ: كل حيوان حلال متوحش بري، متوحش أصله. تستطيع أن تمثل لذلك؟
* الطالب: نعم، كالغزال.
* الشيخ: الغزال، الظباء، الضب.
* الطالب: والحمام.
* الشيخ: الحمام، الغراب؟
* الطالب: لا يؤكل.
* الشيخ: ما يدخل في الصيد؟
* الطالب: لا يؤكل.
* الشيخ: إي، أنا أسأل هل يدخل في الصيد ولا لا؟
* الطالب: لا يدخل.
* الشيخ: لا يدخل؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: لأيش؟
* الطالب: لأنه لا يؤكل.
* الشيخ: لأنه لا يؤكل، توافقون على هذا يا جماعة؟ بل هذا مما أمر بقتله.
هل يدخل في ذلك الحمام المتأهل؟
* طالب: لا يدخل في ذلك الحمام المتأهل.
* طالب آخر: نعم يا شيخ، يدخل الحمام المتأهل.
* الشيخ: المتأهل إنسان مثلًا..
* طالب: لا، إن كان في الحرم أوكان الرجل محرمًا فلا يجوز صيده.
* الشيخ: ما هو متأهل يعني هذا نزل ضيفًا على إنسان وعنده حمام قبل أن يدخل حرم مكة، وهو محرم فاشترى منه حمامًا متأهلًا يجوز؟
* الطالب: نحن اشترطنا يا شيخ أن يكون..
* الشيخ: دعنا من إن إحنا اشترطنا قل: يجوز ولَّا لا؟
* الطالب: يجوز.
* الشيخ: يجوز؟
* طالب: لا يجوز.
* الشيخ: ليش؟
* طالب: لأنه صيد.
* الشيخ: صيد؛ لأن المقصود بالمتوحش باعتبار أصله.
محرم اشترى من شخص دجاجة غير مقدور على إمساكها، كالحمام تطير وصعب إمساكها؟
* طالب: لا يجوز.
* الشيخ: لا يجوز، ليش؟
* طالب: لأنها تستوحش من الناس.
* الشيخ: لكن نحن اشترطنا المتوحش أصلًا، والدجاج؟
* طالب: غير متوحش.
* الشيخ: إذن
* الطالب: يجوز
* الشيخ: يجوز، صح.
ذكر العلماء أن إرادة الله تعالى تنقسم إلى أيش؟
* طالب: إلى قسمين: كونية وشرعية.
* الشيخ: أحسنت، كونية وشرعية، بارك الله فيك.
بينهما فرق؟
* طالب: الكونية بمعنى المشيئة، والشرعية بمعنى المحبة.
* الشيخ: الكونية هي التي بمعنى المشيئة، والشرعية هي التي بمعنى المحبة، هذا من حيث المعنى، من حيث الأثر؟
* الطالب: لأن الكونية هي اللي تقع، الله سبحانه وتعالى إذا أمر بشيء كونًا فإنه يقع سواء يحبه أو لا يحبه.
* الشيخ: إذا أراد الله شيئًا كونًا وقع سواء يحبه أو لا يحبه.
والشرعية؟
* الطالب: الشرعية إذا أراد بشيء فلا يلزم أن يقع.
* الشيخ: فلا يلزم أن يقع. توافقون على هذا؟
* طلبة: نعم.
* الشيخ: أمثلة وإن كان ما أتيت بها لكن لا بأس، إيمان أبي بكر رضي الله عنه هل هو من المراد كونًا أو شرعًا؟
* طالب: شرعًا.
* الشيخ: شرعًا، غير مراد؟
* طالب: كونًا.
* الشيخ: كونًا؛ لأنه لم يقع؟ كيف؟ هل يمكن أن يقع شيء فتقول: لم يرد كونًا؟ كل ما وقع فهو مراد كونًا، ما تقول الآن؟
* طالب: إرادة شرعية.
* الشيخ: ولا فيه إرادة كونية؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: السؤال الآن أسألك عن إيمان أبي بكر الصديق رضي الله عنه، مؤمن فهل وقع إيمانه بإرادة الله الكونية أو الشرعية؟
* الطالب: الشرعية.
* الشيخ: الشرعية دون الكونية؟
* الطالب: دون الكونية نعم.
* طالب آخر: متلازمة.
* الشيخ: لا، ما هي ملازمة، متلازمة غير صحيح.
هذا السؤال محدد أبو بكر مؤمن فهل كان مؤمنًا بإرادة الله الكونية أو الشرعية؟
* طالب: الكونية والشرعية.
* الشيخ: بالإرادتين الكونية والشرعية، توافقون على ذلك؟
* طلبة: نعم.
* الشيخ: كفر أبي لهب واقع بأي الإرادتين؟
* طالب: الكونية.
* الشيخ: بالإرادة الكونية؟ تأمل.
* طالب: الإرادة الشرعية لا (...).
* الشيخ: أنا ما أسألك عن التعليل، الآن سؤال محدد أريد جوابًا محددًا، هل كفر أبي لهب واقع بالإرادة الكونية أو الشرعية؟
* طالب: الكونية.
* الشيخ: فقط؟
* طالب: فقط؛ لأن الشرعية لا تكون إلا فيما يحبه.
* الشيخ: ويش تقولون؟
* طلبة: صحيح.
* الشيخ: صحيح، بالإرادة الكونية فقط؛ لأن الله لا يريد الكفر شرعًا، لكن قدرًا يريده لحكمة بالغة.
إيمان أبي طالب مراد كونًا أو شرعًا؟
* طالب: شرعًا؟
* الشيخ: شرعًا، لأيش ما وقع؟
* الطالب: لأنه لم يقع.
* الشيخ: مراد شرعًا، أقول: لماذا لم يقع والله يريده شرعًا؟
* الطالب: لأن الإرادة الشرعية..
* الشيخ: لا تستلزم الوقوع، توافقون على ذلك؟
* طلبة: نعم.
* الشيخ: لا تستلزم الوقوع، ولو أراده كونًا لوقع.
قول الله تعالى: ﴿لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ ما معنى ﴿لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ﴾؟
* طالب: (شعائر) جمع (شعيرة).
* الشيخ: إي نعم صحيح، لكن ما معنى إحلالها؟
* طالب: أي: لا تنتهكوا محارم الله.
* الشيخ: نعم، لا تنتهكوها؛ لأن فاعلها كالمحِل لها.
﴿وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ﴾ أي الأشهر الحرم؟
* طالب: أشهر أربعة.
* الشيخ: اللهم اهده،. الشهر واحد يكون؟
* الطالب: الأشهر الأربعة.
* الشيخ: كيف؟ الشهر واحد؟
* الطالب: ما أراد الشهر الواحد.
* الشيخ: اللي معك الآن، اللفظ اللي أمامك؟
* طالب: أراد الجنس.
* الشيخ: أراد الجنس، بارك الله فيك، إذن الشهر الحرام بمعنى الأشهر الحرم، فما هي الأشهر الحرم؟
* طالب: ذو القِعدة.
* الشيخ: ذو القِعدة ولا القَعدة، وذو الحِجة ولا الْحَجة؟
* طالب: ذو الحِجة.
* الشيخ: صح، هذا الأفصح.
* الطالب: ذو الحِجة، ومحرم، ورجب.
* الشيخ: ذو القَعدة، وذو الحِجة ومحرم ورجب.
بماذا يكون إحلال الشهر الحرام يعني بأيش؟
* طالب: بالقتال.
* الشيخ: بالقتال فيه.
ذكرنا الخلاف في القتال في الأشهر الحرم؟
* طالب: لا، ما ذكرناه.
* الشيخ: الفوائد ما قرأنا، طيب.
﴿وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ﴾ الهدي؟
* طالب: الهدي الذي يساق للحج.
* الشيخ: ما هو الهدي؟
* الطالب: الهدي يعني ما ينحر في منى.
* طالب آخر: ما يهدى إلى الحرم من إبل أو غنم وبقر.
* الشيخ: وما معنى إحلالها؟
* طالب: أن يذبحها قبل أن تبلغ محلها.
* الشيخ: أن يذبحها قبل أن تبلغ محلها، طيب، بارك الله فيك، زين.
﴿الْقَلَائِدَ﴾ ويش القلائد؟
* طالب: (القلائد) جمع (قلادة)، وهي ما يعلق على أعناق الهدي، ويجعل فيها -مثلًا- أشياء بالية كالنعال أو..
* الشيخ: ما يعلق في أعناق الهدي إشارة إلى أنه هدي فيحترم.
* طالب: نعم.
* الشيخ: بارك الله فيك.
وقفنا على ﴿آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ﴾؟
* طالب: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾.
* الشيخ: نعم، ﴿آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ﴾ يعني: قاصدي البيت الحرام حال كونهم يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا.
قال: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ إذا حللتم من أي شيء؟ من الإحرام؛ لقوله: ﴿وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ في الأول، ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾، ثم قال: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ﴾ أي: من إحرامكم، ﴿فَاصْطَادُوا﴾ والمراد بالإحلال هنا: الإحلال الأول الذي يحصل برمي جمرة العقبة يوم العيد والحلق أو التقصير، هذا هو المراد بقوله: ﴿إِذَا حَلَلْتُمْ﴾، وليس المراد إذا حللتم من كل الإحرام، كما جاءت بذلك السنة «أن من رمى وحلق حلَّ له كل شيء إلا النساء»[[أخرجه أبو داود (١٩٧٨) من حديث عائشة، والنسائي (٣٠٨٤)، وابن ماجه (٣٠٤١) من حديث عبد الله بن عباس. ]].
وقوله: ﴿فَاصْطَادُوا﴾ أصلها (فاصتادوا)، لكن لعلة تصريفية قلبت التاء طاءً، والمعنى صيدوا الصيد، لكنه لم يقل: فصيدوا؛ لأن الصيد يحتاج إلى عمل وحركة وافتعال، وإن شئت فقل: وانفعال أيضًا، ﴿إِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾، وسيأتينا -إن شاء الله تعالى- هل الأمر هنا للإباحة أو لرفع النهي، وينظر في حكم الاصطياد الأصلي.
﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا﴾ وفيه قراءة: ﴿شَنْآنُ﴾ بسكون النون، وفي قراءة: ﴿إِنْ صَدُّوكُمْ﴾ ، فالشنآن هو البغض، والمراد بالقوم هنا وإن كان نكرة لكنه معلوم المراد بهم أهل مكة، أي: لا يحملكم بغضهم إن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا، وهذه إشارة إلى أنهم سوف يصدونهم عن المسجد الحرام، لكن إن صدوكم فلا تعتدوا.
أما على قراءة: ﴿أَنْ صَدُّوكُمْ﴾ فتكون الجملة تعليلًا، أي: لا يحملنكم بغضهم من أجل صدهم إياكم أن تعتدوا، واضح؟
إذن يختلف المعنى باختلاف القراءتين، فعلى قراءة كسر الهمزة إخبار عما يتوقع، وعلى قراءة فتح الهمزة إخبار عما وقع، فيكون المعنى الأول: ولا يحملكم بغض هؤلاء إن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا، وعلى الثانية: ولا يحملكم بغض قوم لكونهم صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا.
وقوله: ﴿صَدُّوكُمْ﴾ أي: صرفوكم، وهذا ينطبق تمامًا على ما فعلته قريش في غزوة الحديبية؛ فإنها صدت النبي ﷺ وأحلت شعائر الله، وأحلت الشهر الحرام والهدي والقلائد، كل ما نهى الله عنه في الآية هذه انتهكتها قريش، وصدوا أولى الناس بالبيت عن بيت الله عز وجل.
وقوله: ﴿عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ أي: ذي الحرمة والتعظيم، ولا شك أن هذا المسجد له حرمة وعظمة، فهو أول بيت وضع للناس؛ ليتعبدوا الله تعالى عنده هو المسجد الحرام، وهو الذي يجب على كل مسلم، فرض عين لا يتم إسلامه إلا به أن يؤمه، بحج بالإجماع، أو بحج وعمرة على خلاف بين العلماء رحمهم الله في وجوب العمرة، فهو مسجد الحرام.
ووصف بالمسجد إما أن يقال: لأن جميع الأرض مسجد وأولى أرض تتصف بذلك هي هذه البقعة، أو يقال: إن المراد بالمسجد الحرام هو مسجد الكعبة الذي اتخذ مسجدًا؛ لأنهم صدوهم عن الوصول إليه، وما حول المسجد فهو تابع له، والأصل هو المسجد؛ ولهذا أجمع العلماء رحمهم الله على ركنية الطواف في العمرة والحج، طواف الإفاضة وطواف العمرة مجمع على أنه ركن، وأنه لا يصح الحج إلا به، ولا العمرة إلا به.
﴿أَنْ تَعْتَدُوا﴾ هذه متعلقة بقوله: ﴿يَجْرِمَنَّكُمْ﴾ يعني: لا يحملكم على العدوان، و(أن) في تأويل مصدر منصوب بنزع الخافض وتقديره أيش؟ على أن تعتدوا، يعني: لا يحملكم هذا على العدوان.
ثم قال: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ أي: تعاونوا تفاعلوا، ولا يكون هذا إلا من جانبين، فإنك إذا قلت: أَعِنْ صاحبك، فطلب الإعانة من جانب واحد، لكن يقول: تعاونوا، صار المعنى: ليُعنْ كل واحد أخاه، ﴿عَلَى الْبِرِّ﴾ وهو فعل الطاعات، ﴿وَالتَّقْوَى﴾ وهو ترك المحرمات، فإذا استعانك أخوك على عبادة من العبادات فأعنه؛ لتشاركه في الأجر، قال لك: قرب لي ماء الوضوء، قرب، قال لك: اشترِ ثوبًا أستر به عورتي في الصلاة، اشترِ له، قال لك: دلني على اتجاه القبلة، دله عليها، بل وإن لم يستعنك فأعنْه أيضًا.
كذلك التقوى تعاونوا على التقوى أي: على ترك المحرمات، إذا استعانك إنسان على تكسير مزمار، أعنْه، على إراقة خمر، أعنْه، على إتلاف كتب بدع، أعنْه، وهلم جرًّا.
﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ على الإثم هي المعاصي المتعلقة بحق الله عز وجل، والعدوان المعاصي المتعلقة بحق العباد، وإذا أفردت إحداهما عن الأخرى صارت شاملة لها، يعني لو أطلق الإثم صار شاملًا للعدوان على الناس، ولو أطلق العدوان صار شاملًا للإثم؛ لأن العدوان على حق الله عز وجل إثم.
﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ لما ذكر هذه الأوامر والنواهي أمر بتقواه عز وجل، يعني: اتقوا الله أن تخالفوا أمره أو أن تقعوا في نهيه، والتقوى فسرت بعدة تفاسير وأحسنها أن يقال: إن التقوى اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه، وينقص من التقوى بقدر ما نقص من ذلك، فالإنسان الذي عنده معاصٍ ومآثم لكنها لا تخرجه من الإسلام نقول: إن تقواه ناقصة، وقد كان بعض السلف إذا قيل له اتق الله، ابتعد وربما سقط من مخافة الله عز وجل، وأدركنا من الناس من هذه حاله، أي إنك إذا قلت له: اتق الله اضطرب واحمر وجهه وخشع، بالعكس الآن إذا قلت له: اتق الله، قال: ويش أنا مسوي؟ مع أنه منتهك لحرمة الله عز وجل، فالواجب على العبد تقوى الله عز وجل امتثالًا لأمره تعالى.
﴿إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ الجملة صلتها بما قبلها أنها وعيد لمن لم أيش؟ لمن لم يتق الله، والعقاب هو المعاقبة، أي المؤاخذة على الذنب.
* في هذه الآية فوائد؛ أولًا: تحريم تحليل الشعائر؛ لقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ﴾.
* ومن فوائدها: أن إحلال شعائر الله وما ذكر في الآية نقص في الإيمان؛ لقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾.
* ومن فوائدها: أن امتثال ما ذكر في الآية من مقتضيات الإيمان التي يزيد بها الإيمان.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تعظيم الشعائر؛ لأن الله أضافها إلى نفسه، والمضاف يشرف ويعظم بحسب المضاف إليه.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تحريم إحلال الشهر الحرام بالقتال، وكذلك أيضًا بالمعاصي سوى القتال، فإن المعاصي في هذه الأشهر الحرم أعظم من المعاصي في غيرها.
القتال في الشهر الحرام اختلف فيه العلماء:
فمنهم من يقول: إنه منسوخ.
ومنهم من يقول: إنه محكم وليس بمنسوخ، فالقائلون بأنه منسوخ يقولون: إن الرسول عليه الصلاة والسلام قاتل في الشهر الحرام، فإنه بعد فتح مكة برمضان خرج إلى هوازن وثقيف وقاتلهم في ذي القعدة، وكذلك كانت غزوة تبوك في الشهر الحرام، متى؟ في محرم، وهذا يدل على أن القتال في الشهر الحرام نسخ تحريمه.
ولكن الصحيح أنه باقٍ، وأنه لا يجوز القتال في الشهر الحرام ابتداء، أما إذا كان دفاعًا أو كان امتدادًا لغزوة سابقة فإن ذلك جائز، وعليه تحمل قصة هوازن وتبوك؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما غزاهم لأنه قيل له: إنهم قد جمعوا له فلا بد من الدفاع.
* ومن فوائد الآية الكريمة: تحريمُ إحلالِ الهدي واحترامُه؛ لقوله: ﴿وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: العمل بالقرائن؛ لأن القلائد هذه قرينة على أن هذا هدي، والعمل بالقرائن جاءت به السنة، بل أشار إليه القرآن، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ﴾ [الأنبياء ٧٨، ٧٩] وكانت رعته ليلًا وعلم ذلك بآثارها.
كذلك أيضًا سليمان عليه الصلاة والسلام لما تنازعت المرأتان عنده في الولد الباقي -وهو للصغرى- وطلب سكينًا يشقه بين المرأتين نصفين وافقت الكبرى وامتنعت الصغرى، فحكم به لمن؟ للصغرى؛ لأن كونها امتنعت من أن يشق يدل على أنها هي الأم لشفقتها.
وكذلك شاهد يوسف قال: ﴿إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [يوسف ٢٦، ٢٧].
وكذلك السنة جاءت بالعمل بالقرائن، فإن النبي ﷺ لما فتح خيبر وطلب مال حيي بن أخطب قال له سلام بن مشكم: إنه فني، قال: كيف يفني؟ العهد قريب والمال كثير؟! ثم أمر الزبير بن العوام أن يمسه بعذاب، لما أحس بالعذاب، قال: اصبروا، أنا أرى حيي يطوف حول خربة هناك، فذهبوا إلى الخربة وإذا فيها ذهب عظيم مدفون، قيل: إنه ملء جلد الثور، لماذا حكم النبي عليه الصلاة والسلام بأن المال كثير، بأنه لا بد من مال؟ لأن العهد قريب والمال كثير، أين يذهب؟
ولا بد من العمل بالقرائن لكن بشرط أن لا تكون مجرد تهمة، فإن كانت مجرد تهمة ليس لها أصل فإنه لا يجوز، الأصل البراءة والسلامة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب احترام الحجاج والعمار؛ لقوله: ﴿وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ﴾، وهو يفيد أن العدوان عليهم أشد من العدوان على غيرهم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الإشارة إلى الإخلاص لقاصد المسجد الحرام، من أين تؤخذ؟ من قوله: ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا﴾.
وهنا يسأل: من قصد البيت لغير هذا الغرض بأن قصد البيت لزيارة قريب أو لتجارة، لزيارة قريب ربما نقول: هذه مما يبتغى به وجه الله، لكن لتجارة هل يدخل في هذا أو لا؟
يدخل لا شك، لكن ذكر ذلك بناء على الأغلب، والقيد المبني على الأغلب يقول أهل الأصول: إنه لا مفهوم له، وعلى هذا فيكون قوله: ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا﴾ ليس قيدًا ولكنه بناء على الأغلب، كقوله تعالى في بنات الزوجات: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ [النساء ٢٣]، فإن ابنة الزوجة تحرم على الزوج إذا دخل بها وإن لم تكن في حجره، لكن ذكر الحجور بناء على الغالب.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه يجوز للإنسان أن يعمل العبادة لطلب الأجر والرضى من الله، وأن هذا من أعلى المقامات خلافًا لمن؟ للصوفية الذين يقولون: اعبد الله لله، فإن عبدته لثوابه فعبادتك ناقصة، قاتلكم الله! أليس الله تعالى امتدح محمدًا ﷺ وأصحابه في قوله: ﴿تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾ [الفتح ٢٩]، ولا شك أن محمدًا صلوات الله وسلامه عليه وأصحابه هم أعلى الناس مقامًا، لكن هؤلاء لقصورهم ظنوا أنك لا بد أن تعبد اللهَ للهِ فقط -نسأل الله العافية- وهذا خلاف ما كان عليه النبي ﷺ وأصحابه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الإشارة إلى مِنَّة الله عز وجل على هؤلاء الذين قصدوا البيت الحرام، إشارة إلى مِنَّته، من أين تأخذها؟
* طالب: (...).
* الشيخ: الله المستعان، الله يهديك، هذه أبعد ما يكون، لكن لما كانت جاءت بعد هذه..
* طالب: ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا﴾.
* الشيخ: عندك ﴿فَضْلًا﴾ و﴿مِنْ رَبِّهِمْ﴾ ﴿وَرِضْوَانًا﴾ من أي الكلمات؟
* الطالب: ﴿فَضْلًا﴾.
* الشيخ: لا.
* طالب: ﴿رِضْوَانًا﴾.
* الشيخ: لا، ما قاعد غير ﴿رَبِّهِمْ﴾، إضافة الربوبية إليهم دليل على عنايته تبارك وتعالى بهم؛ لأن الربوبية نوعان: عامة وخاصة، وإليها الإشارة في قوله تعالى: ﴿قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ [الأعراف ١٢١، ١٢٢] أيهما العامة؟ ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، ﴿رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ خاصة، إذن كون الله تعالى أضاف ربوبيته إليهم إشارة إلى عنايته بهم عز وجل، ومن ذلك أن وفقهم للحضور إلى المسجد الحرام.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الرضى لله عز وجل، وأنه من أكبر غايات المؤمنين، بل هو أكبر غاياتهم، أفهمتم يا جماعة؟ الرضا صفة من صفات الله عز وجل التي يثبتها أهل السنة والجماعة على وجه الحقيقة، يقولون: إن الله يرضى ويكره ويغضب، ورضاه من صفات كماله عز وجل وهو سبب للثواب، إذا رضي الله عن العبد أثابه.
وحمل أهل التعطيل الرضوان على أنه الثواب، وقالوا: إنه مجاز عن الثواب عبر به؛ لأنه سببه، فهو من التعبير بالسبب عن المسبب، فيقال: ما المانع؟ أثبت الله لنفسه الرضا في القرآن وأثبته النبي ﷺ في السنة «إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا»[[أخرجه مسلم (١٧١٥ / ١٠) من حديث أبي هريرة.]]، والنصوص في هذا كثيرة، وأجمع عليه سلف الأمة، أجمعوا عليه، وطريق إجماعهم: أنه لم يرد عنهم ما يخالف ذلك وهم يقرؤون الكتاب والسنة ولم يرد عن واحد منهم أنه فسر الرضا بالثواب.
وهذا طريق ينبغي أن يتفطن له الإنسان؛ لأنه قد يقول القائل: ما الدليل على أن السلف أجمعوا على أن الرضا على معناه الحقيقي؟
نقول: الدليل هو أنهم يتلون كتاب الله وسنة رسوله ﷺ بهذا اللفظ ولم يرد عنهم حرف واحد يدل على أنه غير مراد.
إذا كان الله يرضى والرضى من صفته فهل هو من الصفات الذاتية أو الفعلية؟
الجواب هو من الصفات الفعلية؛ لأن كل صفة لله تكون لسبب فهي من الصفات الفعلية؛ إذ إن كونها تقع لسبب يدل على أنها كانت بمشيئة الله، فالرضا صفة فعلية، والغضب صفة فعلية، والنزول صفة فعلية، وهكذا.
فالقاعدة عندك: أن كل صفة من صفات الله تكون لسبب فهي فعلية؛ لأنها قبل وجود السبب غير موجودة.
هذا هو القول الذي ندين الله به: أن الله عز وجل يرضى ويغضب، ويكره ويحب، حقيقة لا مجازًا، والله أعلم.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة ٣].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ﴾ هذا بيان لقوله تعالى: ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾.
* طالب: فوائد بقيت.
* الشيخ: إذن نكمل فوائد الآية التي قبلها، يقول الله عز وجل: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ ﴿إِذَا حَلَلْتُمْ﴾ أي: من الإحرام، ﴿فَاصْطَادُوا﴾ وهذا كالمستثنى من قوله: ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾.
* يستفاد من هذه الجملة: أن الإنسان إذا حل فإنه يحل له الصيد، وهل المراد الحل كله أو بعضه؟ بينت السنة أن المراد الحل بعضه[[أخرجه أبو داود (١٩٧٨) من حديث عائشة، والنسائي (٣٠٨٤)، وابن ماجه (٣٠٤١) من حديث عبد الله بن عباس. ]]؛ لأنه إذا حل التحلل الأول جاز له الصيد وجاز له جميع محظورات الإحرام إلا النساء، وعلى هذا فقوله: ﴿إِذَا حَلَلْتُمْ﴾ يكون فيه نوع من الإجمال وبينته السنة.
إذا كان الله يرضى، والرضا من صفته، فهل هو من الصفات الذاتية أو الفعليّة؟
الجواب: هو من الصفات الفعلية؛ لأن كل صفة لله تكون لسبب فهي من الصفات الفعلية؛ إذ إن كونها تقع لسبب يدل على أنها كانت بمشيئة الله، فالرضا صفة فعلية، والغضب صفة فعلية، والنزول صفة فعلية، وهكذا، فالقاعدة عندك: أن كل صفة من صفات الله تكون لسبب فهي فعلية؛ لأنها قبل وجود السبب غير موجودة، هذا هو القول الذي ندين الله به، أن الله عز وجل يرضى ويغضب، ويكره ويحب، حقيقة لا مجازًا، والله أعلم.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة ٣].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ﴾، هذا بيان لقوله تعالى: ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى﴾.
إذن نكمل فوائد الآيات التي قبلها، يقول الله عز وجل: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ [المائدة ٢].
﴿إِذَا حَلَلْتُمْ﴾ أي: من الإحرام.
﴿فَاصْطَادُوا﴾ وهذا كالمستثنى من قوله: ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾.
* يستفاد من هذه الجملة: أن الإنسان إذا حَلَّ فإنه يحل له الصيد، وهل المراد الحل كله أو بعضه؟ بيّنت السنة أن المراد الحِلّ بعضه، لأنه إذا حلّ التحلل الأول جاز له الصيد، وجاز له جميع محظورات الإحرام إلا النساء، وعلى هذا فقوله: ﴿إِذَا حَلَلْتُمْ﴾ يكون فيه نوع من الإجمال، وبيّنته السنة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: ذكرنا حل الصيد، وقد بيّنت السنة أن لحل الصيد شروطًا معروفة في كتب أهل العلم.
فإن قال قائل: ذكرتم أن الاصطياد بعد الحِلّ مباح مع أنه أمر، كيف يكون ذلك؟
نقول: لأنه إذا ورد الأمر بعد النهي فإنه للإباحة، هذا الذي عليه أكثر الأصوليين، وقيل: إن الأمر بعد النهي رفع للنهي، والفرق بين القولين أننا إذا قلنا: إنه للإباحة، صار الشيء الذي أُمر به مباحًا فقط، وإذا قلنا: إنه رفع للنهي؛ عاد حكم الشيء الذي أُمر به إلى ما كان عليه قبل النهي، ولكل من القولين وجه، أما الذين قالوا: إن الأمر بعد النهي للإباحة، فقالوا: إنه لما ورد النهي على الإباحة نسخها نهائيًّا حتى ولو كان النهي عن شيء مستحب فإنه ينسخه نهائيًّا، ثم يرجع الأمر بعد النهي فيكون معناه أيش؟ الإباحة.
وأما الذين قالوا: إن الأمر بعد النهي رفع للنهي، فقالوا: إنه لما ورد النهي عن شيء صار منهيًّا عنه، فإذا رُفع النهي وجب أن يبقى المنهيّ عنه على ما كان عليه من قبل، فلننظر الآن هل نقول: يسن لكل إنسان حل من إحرامه أن يأخذ البندق من أجل أن يصيد الصيد؟ لا، لا أحد يقول بهذا، لكن يباح له، أما قوله تعالى في الجمعة: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ﴾ [الجمعة ١٠]، فهذا الأمر يكون للاستحباب؛ لأن طلب الرزق أمر مستحب، وعلى القول الثاني الذي يقول: إن الأمر بعد النهي للإباحة يكون مباحًا، والأقرب ما ذكرناه في نظم القواعد، وهو أنه لرفع النهي، ولهذا قلنا: أيش؟ (خذ به تفِ).
؎وَالْأَمْرُ بَعْدَ النَّهْيِ لِلْحِلِّ وَفِي ∗∗∗ قَوْلٍ لِرَفْعِ النَّهْيِ خُذْ بِهِ تَفِ
فهذا هو الأقرب.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه يجب على الإنسان العدل حتى مع خصمه ومن أساء إليه؛ لقوله: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا﴾ [المائدة ٨].
* من فوائد الآية الكريمة: أنه لا يجوز الاعتداء على الغير ولو كان الإنسان مبغضًا له، ولو كان قد صده عن الطاعة.
فأما إذا عامله بمثل ما عامله به فهذا لا بأس به، كما قال تعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة ١٩٤].
* ومن فوائد الآية الكريمة: التحذير من اتباع الهوى، وحمل النفس على العدوان عند العداوة والبغضاء؛ لأن العادة والطبيعة أن الإنسان إذا أبغض شخصًا فإنه يعامله بماذا؟ بالعدوان والشدة؛ لأنه تحمله نفسه على هذا، فحذّر الله عز وجل من ذلك.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الإشارة إلى ما وقع من قريش في غزوة الحديبية؛ لقوله: ﴿أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾، وسواء كانت القراءة بكسر الهمزة: ﴿إِنْ صَدُّوكُمْ﴾ أو بفتحها، فإن كانت بفتحها فلا إشكال فيما سبق، وإن كانت بالكسر ففيها إشكال؛ لأن المائدة نزلت بعد الحديبية، ولكن يكون المعنى: إن تكرر صدهم عن المسجد الحرام على الفرض والتقدير، وقلنا في الآية قراءتان: ﴿أَنْ صَدُّوكُمْ﴾، وهذه لا إشكال فيها؛ لأن (أن) هنا للتعليل؛ يعني لا يحملكم بغضهم من أجل صدكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا، لكن الذي فيه إشكال ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ إِنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا﴾ فيقال: هذا شرط، والشرط يكون أيش؟ للمستقبل، فيقال في الجواب عن ذلك: أن معنى الآية إن تكرر صدهم إياكم، أو إن فُرض أن يصدوكم فلا تعتدوا.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات حرمة المسجد الحرام؛ لقوله: ﴿عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾.
استدل بعض العلماء بقوله: ﴿عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ أن قول النبي ﷺ في تضعيف «الصلاة في المسجد الحرام بمئة ألف»[[أخرجه ابن ماجه في سننه (١٤١٣) واللفظ له، وأحمد في مسنده (١٥٢٧١) من حديث جابر، بلفظ: «وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاة فيما سواه».]]. يشمل جميع حدود الحرم كل ما أدخلته حدود الحرم، ولكن هذا الاستدلال فيه نظر، أولًا: أننا لا نسلم أن المراد بالمسجد الحرام هنا ما كان داخل حدود الحرم؛ لأنا لو سُئلنا ماذا أراد رسول الله ﷺ ومن معه؟ هل أرادوا أن يدخلوا إلى حدود الحرم فقط، أو أن يصلوا إلى مسجد الكعبة؟
* طلبة: الثاني.
* الشيخ: الثاني بلا شك، فيكون المعنى أنه ذكر أعلى ما يصدونهم عنه، وهو الوصول إلى المسجد الذي فيه الكعبة.
ثانيًا: أن نقول: ما دام هناك دليل صريح واضح عن الرسول عليه الصلاة والسلام أن المراد بما فيه التضعيف هو مسجد الكعبة كما في صحيح مسلم: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ»[[أخرجه مسلم (١٣٩٦ / ٥١٠)، والنسائي في سننه (٢٨٩٨)، واللفظ له من حديث ميمونة. ]] ما دام عندنا شيء صريح في هذا فلا حاجة إلى أن نتأول النصوص على ما فهمناه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب التعاون على البر والتقوى؛ لقوله: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾، وهل هذا متوقّف على استعانة الغير بك أو مطلقًا؟
* طالب: مطلقًا.
* الشيخ: الآية عامة، مطلقًا، سواء طُلب منك المعونة أم لا، فيجب عليك أن تعين على البر والتقوى.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الحث على البر والتقوى، من أين تؤخذ؟ لأنه إذا أُمر بالتعاون عليه فالأمر به من باب أولى؛ يعني أُمرنا بالتعاون على البر، ففعل البِرّ من باب أولى.
* ومن فوائد الآية الكريمة: النهي عن التعاون على الإثم والعدوان؛ لقوله: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾، وسواء طُلب منك المعونة أم لا، فلا تُعِنه على الإثم والعدوان. هل من المعونة على الإثم والعدوان أن يؤجّر الإنسان بيته لمن يصنع فيه الخمر؟ نعم.
هل من المعونة أن يبيع التلفزيون على من يستعمله في المحرمات؟ نعم، وهذه قاعدة عامة، ولها فروع كثيرة جدًّا.
* ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب تقوى الله، وأن مخالفة ما ذُكر مناقض لتقوى الله؛ لقوله بعد أن أمر بما أمر به ونهى عما نهى عنه: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: شدة عقاب الله عز وجل والتحذير من مخالفته؛ لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُحِلُّوا۟ شَعَـٰۤىِٕرَ ٱللَّهِ وَلَا ٱلشَّهۡرَ ٱلۡحَرَامَ وَلَا ٱلۡهَدۡیَ وَلَا ٱلۡقَلَـٰۤىِٕدَ وَلَاۤ ءَاۤمِّینَ ٱلۡبَیۡتَ ٱلۡحَرَامَ یَبۡتَغُونَ فَضۡلࣰا مِّن رَّبِّهِمۡ وَرِضۡوَ ٰنࣰاۚ وَإِذَا حَلَلۡتُمۡ فَٱصۡطَادُوا۟ۚ وَلَا یَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ أَن صَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ أَن تَعۡتَدُوا۟ۘ وَتَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَ ٰنِۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق