الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿ياأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ ولا الشَّهْرَ الحَرامَ ولا الهَدْيَ ولا القَلائِدَ ولا آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِن رَبِّهِمْ ورِضْوانًا وإذا حَلَلْتُمْ فاصْطادُوا ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أنْ صَدُّوكُمْ عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ أنْ تَعْتَدُوا وتَعاوَنُوا عَلى البِّرِّ والتَّقْوى ولا تَعاوَنُوا عَلى الإثْمِ والعُدْوانِ واتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقابِ ﴾ [المائدة: ٢].
تكرَّرَ النِّداءُ للمؤمِنينَ مع قُرْبِ العهدِ بنداءٍ مِثْلِه، وإذا تكرَّرَ النداءُ المتقارِبُ، دَلَّ على عِظَمِ المُنادى لأجلِه.
وقد بيَّنَ اللهُ عِظَمَ شعائرِ اللهِ، فلا تُحِلُّوها وتَعْتَدُوا عليها، وقال ابنُ عبّاسٍ: «شعائرُ اللهِ مناسكُ الحجِّ»، وبنحوِه قال مجاهدٌ وغيرُه[[«تفسير الطبري» (٨ /٢٢ ـ ٢٣).]]، والمرادُ بتحليلِها في قولِه: ﴿لا تُحِلُّوا﴾، يعني: لا تُغَيِّرُوا حُكْمَها وتُبدِّلُوهُ إمّا بتشريعٍ وتبديلٍ قوليٍّ، أو تشريعٍ وتبديلٍ فِعْليٍّ، فتتواطؤوا على التغييرِ والتبديلِ حتى يكونَ تشريعًا للناسِ ولو لم تَتلفَّظُوا به.
تعظيمُ الأشهُرِ الحُرُمِ:
وقولُه: ﴿ولا الشَّهْرَ الحَرامَ﴾، يعني: تعظيمَ الأشهُرِ الحُرُمِ، وهي أربعةٌ، كما في قولِه في سورةِ التوبةِ: ﴿إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ والأَرْضَ مِنها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ [٣٦]، وهي: ذو القَعْدَةِ، وذو الحِجَّةِ، ومُحَرَّمٌ، ورَجَبٌ، ثلاثةٌ متتاليةٌ، وواحدٌ وحدَه.
وهذه الآيةُ عدَّها أحمدُ الآيةَ التي لم يُنْسَخْ غيرُها في المائدةِ، وأنّ ما عداها مُحْكَمٌ[[«بدائع الفوائد» (٣ /٩٩).]].
وقد تقدَّمَ في سورةِ البقرةِ الكلامُ على الأشهُرِ الحُرُمِ وتعظيمِها وتحريمِ القتالِ فيها ومراحلِ نَسْخِه، حتى نُسِخَ القتالُ وبَقِيَ التعظيمُ.
ويتَّفقُ العلماءُ خلا عطاءٍ ونَزْرٍ غيرِه على نسخِ القتالِ في الأشهُرِ الحُرُمِ، وحكى الإجماعَ ابنُ جريرٍ[[«تفسير الطبري» (٨ /٣٩).]] وغيرُه، وأمّا تعظيمُها: فبالتشديدِ في ارتكابِ المحرَّماتِ والإتيانِ بالطاعاتِ، ولا يَلزَمُ مِن ذلك: تحريمُ القتالِ فيها بمجاهدةِ المشرِكينَ ودفعِ الصائلِ والباغِي، لأنّه مِن أعمالِ البِرِّ والطاعةِ، وذلك لقولِه في براءةَ: ﴿فَإذا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الحُرُمُ فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥].
وقد صحَّ عن النبيِّ ﷺ قتالُهُ في الأشهُرِ الحُرُمِ، حيثُ غزا هوازنَ بحُنَيْنٍ وثقيفًا بالطائفِ في شهرِ ذي القَعْدةِ، كما في كُتُبِ الصحيحِ.
وأَغْزى أبا عامرٍ إلى أوْطاسٍ في الشهرِ الحرامِ.
وغزوةُ ذاتِ الرِّقاعِ لثمانٍ خَلَوْنَ مِن شهرِ المحرَّمِ، وغَزا بني قُريظةَ لسبعٍ بَقِينَ مِن ذي القَعْدةِ، وغَزا غَزْوَتَهُ في تَبُوكَ لخمْسٍ خَلَوْنَ مِن رجَبٍ.
وقد بايَعَ النبيُّ ﷺ على قتالِ قريشٍ بَيْعةَ الرِّضْوانِ في ذي القَعْدةِ، لمّا بَلَغَهُ أنّ قريشًا قتَلتْ رسولَهُ عثمانَ بنَ عفّانَ حينَما أرسَلَهُ إليهم، فغَدَرُوا به، فبايَعَهم على القتالِ، فبانَ أنّ عثمانَ لم يُقتَلْ فصالَحَهُم.
شعيرةُ الهَدْي:
وقولُه تعالى: ﴿ولا الهَدْيَ ولا القَلائِدَ ولا آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ﴾ حُمِلَ على معنيَيْنِ:
المـعـنـى الأولُ: يعني لا تُعَطِّلُوا الإهداءَ إلى البيتِ ولا تقليدَ الهَدْيِ عندَ سَوْقِه، فذلك مِن شعائرِ اللهِ، وهذه الآيةُ دليلٌ على فضلِ سَوْقِ الهَدْيِ مِن خارجِ مكةَ إليها ماشِيةً وراكِبةً، فإنّ هذا مِن شعائرِ اللهِ المقصودةِ في ذاتِها، ومِن هَجْرِ إحياءِ سَوْقِ الهَدْيِ وتقليدِهِ تربيةُ الهَدْيِ للحُجّاجِ في مزارعِ مكةَ ومَحْمِيّاتِها، فهذا وإنْ أسقَطَ الواجبَ إلا أنّه يضيِّعُ سَوْقَ الهَدْيِ وتقليدَه.
والقلائدُ تميِّزُ الهدايا مِن الأنعامِ عن غيرِها مِن الدوابِّ المركوبةِ والمحلوبةِ وحاملةِ المتاعِ، ويُسَنُّ تقليدُ الهَدْيِ مِن المِيقاتِ، كما فعَلَ النبيُّ ﷺ في حَجَّةِ الوداعِ، وعُمرةِ الحُدَيْبِيَةِ.
والمعنى الثـاني: أنّ الجاهليِّينَ كانوا يُقلِّدونَ أنفُسَهُمْ شعرَ الأنعامِ وصُوفَها، وربَّما وضَعُوا على أجسادِهِمْ مِن شجرِ الحَرَمِ، ثمَّ خرَجُوا منه، ليؤمِّنُوا أنفُسَهُمْ مِن القتالِ وقُطّاعِ الطريقِ، رُوِيَ هذا المعنى عن عطاءٍ ومجاهدٍ وقتادةَ ومقاتلِ بنِ حَيّانَ ومطرِّفٍ[[ينظر: «تفسير الطبري» (٨ /٢٧، ٢٩)، و«تفسير ابن كثير» (٢ /١٠).]]، واللهُ يَنهاهُم عن هذا الفعلِ، لأنّ فيه تبديلًا وتغييرًا لحدودِ اللهِ، فاللَّهُ قال في أولِ الآيةِ: ﴿لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ ولا الشَّهْرَ الحَرامَ ولا الهَدْيَ ولا القَلائِدَ﴾، فنهاهُم اللهُ عن تغييرِ حُكْمِ اللهِ وتحليلِهِ بتبديلِه وإضاعةِ حُكْمِهِ عمّا حَدَّهُ اللهُ.
وعلى المعنى الثاني: يُحمَلُ ما رُوِيَ عن ابنِ عبّاسٍ مِن نسخِ آيةِ القلائدِ هذه، حيثُ إنّ الآيةَ جاءتْ بتعظيمِ القلائدِ عمومًا ممّا جرى عليه عملُ الناسِ عندَ نزولِ الآيةِ، ثمَّ نُسِخَ عملُهُمُ الزائدُ عن هَدْيِ النبيِّ ﷺ الخاصِّ، وقد رُوِيَ عن ابنِ عبّاسٍ نسخُ آيةِ القلائدِ هذه وآيةٍ أُخرى، كما رواهُ الحَكَمُ، عن مجاهدٍ، عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهما، قال: «نُسِخَ مِن هذه السورةِ آيتانِ: آيةُ القلائدِ، وقولُهُ: ﴿فَإنْ جاءُوكَ فاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أوْ أعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ [المائدة: ٤٢]»، أخرَجَهُ ابنُ أبي حاتمٍ[[«تفسير ابن أبي حاتم» (٤ /١١٣٥).]].
وجاء عن عامرٍ ومجاهدٍ وقتادةَ[[«تفسير الطبري» (٨ /٣٥ ـ ٣٦).]]: أنّ اللهَ نَسَخَ مِن سورةِ المائدةِ هذه الآيةَ: ﴿لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ ولا الشَّهْرَ الحَرامَ ولا الهَدْيَ ولا القَلائِدَ﴾.
ورُوِيَ عن الحَسَنِ: أنّه لم يُنسَخْ منها شيءٌ[[سبق تخريجه.]]، والأظهرُ: أنّه نُسِخَ شيءٌ منها، وقد حكى ابنُ جريرٍ الإجماعَ على ذلك[[«تفسير الطبري» (٨ /٣٩).]]، وإنّما الخلافُ في تعيينِه مِن هذه السُّورةِ.
تقليدُ الهَدْيِ:
ومِن آيةِ القلائدِ هذه أخَذَ غيرُ واحدٍ مِن السلفِ حُرْمةَ الهدايا المقلَّدةِ إلى البيتِ، وعدمَ جوازِ تغييرِ النيَّةِ فيها، وأنّ مَن ساق الهَدْيَ وقلَّدَهُ، فقد أحرَمَ، فيجبُ عليه نزعُ قميصِه، جاء ذلك عن ابنِ عبّاسٍ[[«تفسير الطبري» (٨ /٢٧).]].
وذهَبَ جماعةٌ مِن السلفِ والفقهاءِ: إلى أنّ الهَدْيَ المقلَّدَ يكونُ حقًّا للهِ بتقليدِه، ويخرُجُ حتى مِن مِلْكِ صاحِبِه، فلا يُورَثُ منه لو مات قبلَ ذَبْحِه، وهذا قولُ مالكٍ.
وقال أحمدُ: بجوازِ إبدالِه بأحسنَ منه.
وقال الشافعيُّ: إنّه لا يصيرُ هَدْيًا محرَّمًا إلاَّ بالنطقِ باللِّسانِ أنّه هَدْيٌ.
وإشعارُ الهَدْيِ هو جَرْحُهُ مِن صفحةِ سَنامِهِ ليسيلَ الدمُ عليه فيَعرِفَهُ الناسُ أنّه هَدْيٌ، وهو سُنَّةٌ، خلافًا لأبي حنيفةَ فقد كَرِهَهُ، وهو سُنَّةٌ والقولُ بكراهتِه مكروهٌ، لثبوتِ السُّنَّةِ فيه.
ويقلَّدُ الهَدْيُ أيضًا بالصُّوفِ والوَبَرِ المَفْتُولِ، كما في حديثِ عائشةَ[[أخرجه البخاري (١٦٩٦) (٢ /١٦٩)، ومسلم (١٣٢١) (٢ /٩٥٧).]]، أو النعالِ، كما في حديثِ ابن عبّاسٍ[[«تفسير ابن كثير» (٢ /١٠ ـ ١١).]]، وذلك لتُعرَفَ أنّها هَدْيٌ كذلك.
وحُكْمُ البقرِ كالإبلِ: الإشعارُ والقلائدُ معًا، والأظهرُ: أنّ الغنمَ تُقلَّدُ ولا تُشْعَرُ.
وقولُهُ تعالى: ﴿ولا آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِن رَبِّهِمْ ورِضْوانًا﴾، فيه حُرْمةُ قاصِدِ البيتِ، وتحريمُ التعدِّي عليه وتخويفِهِ وصدِّهِ عن قصدِ الكعبةِ ولو كان في الحِلِّ، لأنّه قاصدٌ للهِ ولبيتِه، فلا يجوزُ أنْ يُصَدَّ عن عبادتِه. وفيه: أنّ السيرَ إلى البيتِ الحرامِ عبادةٌ عظيمةٌ، لصاحِبِها حقٌّ ولو كان في أقصى الأرضِ.
التجارةُ في الحجِّ والعُمْرة:
ومَن قصَدَ البيتَ الحرامَ مِن المسلِمينَ ولو للتجارةِ، فله حقُّ التأمينِ وعدمِ تخويفِه، لأنّه يَسُوقُ لأهلِ الحَرَمِ رزقًا: طعامًا وكساءً وسكنًا، فيجبُ احترامُهُ وتأمينُه، وعلى هذا حُمِلَ قولُه تعالى: ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِن رَبِّهِمْ﴾، قال مجاهدٌ وعطاءٌ وأبو العاليةِ: «هي التِّجارةُ»[[أخرجهُ مسلم (١٢٤٣).]]، ثمَّ ذكَرَ اللهُ قَصْدَ البيتِ للعبادةِ بقولِه: ﴿ورِضْوانًا﴾، ومَن قصَدَ البيتَ الحرامَ للتجارةِ والعبادةِ ونَوى في تجارتِه نَفْعَ أهلِها وقاصِدِيها، كانتْ تجارتُهُ عبادةً.
وفي هذا: فضلُ التجارةِ بمَكَّةَ، لما فيها مِن نفعِ أهلِها والمجاوِرِينَ فيها والقاصِدينَ للبيتِ مِن الحُجّاجِ والعُمّارِ والعاكِفِينَ والطّائِفِينَ والمُصَلِّينَ.
وهذا خاصٌّ بالمسلِمينَ، وأمّا المشرِكونَ، فيجوزُ قتالُهم في الأشهُرِ الحُرُمِ وتخويفُهُمْ إنْ لم يكونوا أهلَ أمانٍ وعهدٍ، ولو زعَمُوا قصدَ البيتِ، لأنّه لا يجوزُ دخولُهُمْ إليه أصلًا، كما في قولِهِ تعالى: ﴿إنَّما المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرامَ﴾ [التوبة: ٢٨]، وقال تعالى: ﴿ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ﴾ [التوبة: ١٧]، وقال: ﴿إنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَن آمَنَ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ﴾ [التوبة: ١٨].
الصيدُ بعد التحلُّلِ:
وقولُهُ تعالى: ﴿وإذا حَلَلْتُمْ فاصْطادُوا﴾ بيانٌ لغايةِ نهيِ تحريمِ الصيدِ للمحرِمِ، فالمحرِمُ لا يجوزُ له الصيدُ منذُ بَدْءِ إحرامِهِ مِن المِيقاتِ، وكذلك لو أحرَمَ قبلَ المِيقاتِ، حَرُمَ عليه الصيدُ، لتعلُّقِ الصيدِ بالإحرامِ لا بالمكانِ، فبيَّنَ اللهُ نهايةَ تحريمِ الصيدِ بانتهاءِ إحرامِهِ ولو كان في طريقِهِ بعدَ خروجِهِ مِن حدودِ حَرَمِ مكةَ، دفعًا للظنِّ أنْ يَبْقى المحرِمُ على تحريمِ الصيدِ حتى يَرجعَ إلى موضعِ إحرامِه الذي بدَأَ منه.
العَدْلُ مع العدوِّ:
وقولُه تعالى: ﴿ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أنْ صَدُّوكُمْ عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ أنْ تَعْتَدُوا﴾، والشَّنَآنُ البُغْضُ، وهذا تذكيرٌ بصَدِّ كفارِ قريشٍ للنبيِّ ﷺ يومَ الحُدَيْبِيَةِ عن دخولِ مَكَّةَ وهو محرِمٌ: ألَّا يَحمِلَهُمْ ما فُعِلَ بهم على العُدْوانِ عليهم بغيرِ حقٍّ، وكذلك أنْ تَفعَلُوا مِثلَهم، لأنّ الحَرَمَ للهِ وهو بيتُهُ، فإنْ أخطَؤُوا في حقِّ اللهِ معكم، فلا تُخطِئُوا في حقِّ اللهِ معهم، فذلك عُدْوانٌ، وفي هذا أمرٌ منه للمؤمِنينَ أنْ يَعزِلُوا حَظَّ أنفُسِهم وحقَّهم عن حقِّ اللهِ، فالمؤمِنُ باع نفسَهُ للهِ، فلا ينتصِرُ لها بمعصيةِ اللهِ.
وقد بيَّن اللهُ ما يجبُ على المؤمِنينَ مِن التعاونِ على البِرِّ وتسهيلِ سبيلِهِ وتيسيرِ أسبابِه للناسِ، وعدمِ التعاونِ على الإثمِ وتسهيلِ سبيلِهِ وتيسيرِ أسبابِه، وأنّ مُهِمَّتَهم العدلُ مع الخَلْقِ وإقامةُ حقِّ اللهِ وحُكْمِه.
ثمَّ قال: ﴿واتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقابِ ﴾، فذكَرَ شدَّةَ عقابِه، ولم يَذْكُرْ سَعَةَ رحمتِه، لأنّ الأمرَ في سياقِ حقِّ اللهِ العامِّ، وهو فتحُ أبوابِ العِبادةِ للعِبادِ، وعدمُ التعرُّضِ لها بقطعِها وإحداثِ أسبابِ المشقَّةِ بينَها وبينَهم، ومِن أسبابِ تقديمِ اللهِ لشِدَّةِ عقابِه وعذابِه فيما يتعلَّقُ بحقِّه: أنْ يتعلَّقَ بأمرِ الأمَّةِ عامَّةً، لا بأمرِ الإنسانِ في خاصَّتِه، وذلك أنّ حقوقَ اللهِ على نوعَيْنِ:
أنواعُ حقوقِ الله على عبادِهِ:
الأولُ: حقٌّ له لازمٌ خاصٌّ بأمرِ العبدِ في نفسِه، كشُرْبِ الخمرِ وتركِ الواجباتِ الخاصَّةِ، فهذا يقدِّمُ اللهُ فيه غالبًا ما يُشيرُ إلى رحمتِهِ وعفوِهِ لمَن تاب، ما لم يكنْ كُفْرًا، فإنّ اللهَ يتوعَّدُ عليه ولو كان خاصًّا في ذاتِ الإنسانِ.
الثاني: حقٌّ له متعدٍّ عامٌّ للناسِ، كالأوامرِ العامَّةِ مِن التشريعِ، وتعظيمِ الشعائرِ، والبيتِ الحرامِ، والحُكْمِ بينَهم بما أنزَلَ اللهُ، وكذلك الحِرابَةُ وقطعُ الطريقِ، فاللهُ يقدِّمُ عندَ المخالَفةِ له ذِكْرَ عقابِه وعذابِه، لأنّه مفسدةٌ عامَّةٌ، وهذه الآيةُ مِن هذا النوعِ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُحِلُّوا۟ شَعَـٰۤىِٕرَ ٱللَّهِ وَلَا ٱلشَّهۡرَ ٱلۡحَرَامَ وَلَا ٱلۡهَدۡیَ وَلَا ٱلۡقَلَـٰۤىِٕدَ وَلَاۤ ءَاۤمِّینَ ٱلۡبَیۡتَ ٱلۡحَرَامَ یَبۡتَغُونَ فَضۡلࣰا مِّن رَّبِّهِمۡ وَرِضۡوَ ٰنࣰاۚ وَإِذَا حَلَلۡتُمۡ فَٱصۡطَادُوا۟ۚ وَلَا یَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ أَن صَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ أَن تَعۡتَدُوا۟ۘ وَتَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَ ٰنِۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق