الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والنَّحّاسُ في (ناسِخِهِ)، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ﴾ قالَ: كانَ المُشْرِكُونَ يَحُجُّونَ البَيْتَ الحَرامَ، ويُهْدُونَ الهَدايا، ويُعَظِّمُونَ حُرْمَةَ المَشاعِرِ، ويَنْحَرُونَ (p-١٦٤)فِي حَجِّهِمْ، فَأرادَ المُسْلِمُونَ أنْ يُغِيرُوا عَلَيْهِمْ فَقالَ اللَّهُ: ﴿لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ﴾ وفي قَوْلِهِ: ﴿ولا الشَّهْرَ الحَرامَ﴾ يَعْنِي تَسْتَحِلُوا قِتالًا فِيهِ، ﴿ولا آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ﴾ يَعْنِي: مَن تَوَجَّهَ قِبَلَ البَيْتِ فَكانَ المُؤْمِنُونَ والمُشْرِكُونَ يَحُجُّونَ البَيْتَ جَمِيعًا، فَنَهى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ أنْ يَمْنَعُوا أحَدًا يَحُجُّ البَيْتَ أوْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ مِن مُؤْمِنٍ أوْ كافِرٍ، ثُمَّ أنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ هَذا: ﴿إنَّما المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هَذا﴾ [التوبة: ٢٨] وفي قَوْلِهِ: ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلا﴾ يَعْنِي: إنَّهم يَتَرَضَّوْنَ اللَّهَ بِحَجِّهِمْ، ﴿ولا يَجْرِمَنَّكُمْ﴾ يَقُولُ: يَحْمِلَنَّكُمْ، ﴿شَنَآنُ قَوْمٍ﴾ يَقُولُ: عَداوَةُ قَوْمٍ، ﴿وتَعاوَنُوا عَلى البِرِّ والتَّقْوى﴾ قالَ: البِرُّ، ما أُمِرْتَ بِهِ، والتَّقْوى ما نُهِيتَ عَنْهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في الآيَةِ قالَ: ﴿شَعائِرَ اللَّهِ﴾ ما نَهى اللَّهُ عَنْهُ أنْ تُصِيبَهُ وأنْتَ مُحْرِمٌ، والهَدْيُ ما لَمْ يُقَلَّدْ، والقَلائِدُ مُقَلَّداتُ الهَدْيِ، ﴿ولا آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ﴾ يَقُولُ: مَن تَوَجَّهَ حاجًّا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ﴾ قالَ: مَناسِكَ الحَجِّ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ﴾ قالَ: مَعالِمُ اللَّهِ في الحَجِّ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ عَطاءٍ، أنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَعائِرِ الحَجِّ فَقالَ: (p-١٦٥)حُرُماتُ اللَّهِ، اجْتِنابُ سَخَطِ اللَّهِ، واتِّباعُ طاعَتِهِ، فَذَلِكَ شَعائِرُ اللَّهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، والنَّحّاسُ في (ناسِخِهِ)، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ ولا الشَّهْرَ الحَرامَ ولا الهَدْيَ ولا القَلائِدَ ولا آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ﴾ قالَ: مَنسُوخٌ، كانَ الرَّجُلُ في الجاهِلِيَّةِ إذا خَرَجَ مِن بَيْتِهِ يُرِيدُ الحَجَّ تَقَلَّدَ مِنَ السَّمُرِ، فَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ أحَدٌ، وإذا تَقَلَّدَ بِقِلادَةِ شَعَرٍ، لَمْ يَعْرِضْ لَهُ أحَدٌ، وكانَ المُشْرِكُ يَوْمَئِذٍ لا يُصَدُّ عَنِ البَيْتِ فَأمَرَ اللَّهُ أنْ لا يُقاتَلَ المُشْرِكُونَ في الشَّهْرِ الحَرامِ، ولا عِنْدَ البَيْتِ، ثُمَّ نَسَخَها قَوْلُهُ: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] [التَّوْبَةِ: ٥] . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ في الآيَةِ قالَ: نُسِخَ مِنها: ﴿آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ﴾ نَسَخَتْها الآيَةُ الَّتِي في (بَراءَةٌ)، قالَ: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] وقالَ: ﴿ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ شاهِدِينَ عَلى أنْفُسِهِمْ بِالكُفْرِ﴾ [التوبة: ١٧] [التَّوْبَةِ: ١٧]، وقالَ: ﴿إنَّما المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هَذا﴾ [التوبة: ٢٨] [التَّوْبَةِ: ٢٨]، وهو العامُ الَّذِي حَجَّ فِيهِ أبُو بَكْرٍ، ونادى عَلِيٌّ بِالأذانِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ﴾ الآيَةَ. (p-١٦٦)قالَ: نَسَخَتْها: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الضَّحّاكِ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عَطاءٍ قالَ: كانُوا يَتَقَلَّدُونَ مِن لِحاءِ شَجَرِ الحَرَمِ، يَأْمَنُونَ بِذَلِكَ إذا خَرَجُوا مِنَ الحَرَمِ، فَنَزَلَتْ: ﴿لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ﴾ الآيَةَ، ﴿ولا الهَدْيَ ولا القَلائِدَ﴾ . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ﴾ الآيَةَ، قالَ: القَلائِدُ اللِّحاءُ في رِقابِ النّاسِ، والبَهائِمِ، أمانًا لَهُمْ، والصَّفا والمَرْوَةُ والهَدْيُ والبُدْنُ، كُلُّ هَذا مِن شَعائِرِ اللَّهِ، قالَ أصْحابُ مُحَمَّدٍ ﷺ: هَذا كُلُّهُ مِن عَمَلِ أهْلِ الجاهِلِيَّةِ، فِعْلُهُ وإقامَتُهُ، فَحَرَّمَ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ بِالإسْلامِ إلّا اللِّحاءَ القَلائِدَ، تَرَكَ ذَلِكَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَطاءٍ في الآيَةِ قالَ: أمّا القَلائِدُ، فَإنَّ أهْلَ الجاهِلِيَّةِ كانُوا يَنْزِعُونَ مِن لِحاءِ السَّمُرِ، فَيَتَّخِذُونَ مِنها قَلائِدَ يَأْمَنُونَ بِها في النّاسِ، فَنَهى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ أنْ يُنْزَعَ مِن شَجَرِ الحَرَمِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ولا الشَّهْرَ الحَرامَ﴾ قالَ: هو ذُو القَعْدَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالحُدَيْبِيَةِ (p-١٦٧)وأصْحابُهُ حِينَ صَدَّهُمُ المُشْرِكُونَ عَنِ البَيْتِ، وقَدِ اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَمَرَّ بِهِمْ أُناسٌ مِنَ المُشْرِكِينَ مِن أهْلِ المَشْرِقِ يُرِيدُونَ العُمْرَةَ، فَقالَ أصْحابُ النَّبِيِّ ﷺ: نَصُدُّ هَؤُلاءِ كَما صَدَّنا أصْحابُنا، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ولا يَجْرِمَنَّكُمْ﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ قالَ: «أقْبَلَ الحُطَمُ بْنُ هِنْدٍ البَكْرِيُّ حَتّى أتى النَّبِيَّ ﷺ فَدَعاهُ، فَقالَ: إلامَ تَدْعُو؟ فَأخْبَرَهُ، وقَدْ كانَ النَّبِيُّ ﷺ قالَ لِأصْحابِهِ: (يَدْخُلُ اليَوْمَ عَلَيْكم رَجُلٌ مِن رَبِيعَةَ، يَتَكَلَّمُ بِلِسانِ شَيْطانٍ)، فَلَمّا أخْبَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ، قالَ: انْظُرُوا لَعَلِّي أُسْلِمُ، ولِي مَن أُشاوِرُهُ، فَخَرَجَ مِن عِنْدِهِ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَقَدْ دَخَلَ بِوَجْهِ كافِرٍ، وخَرَجَ بِعَقِبِ غادِرٍ)، فَمَرَّ بِسَرْحٍ مِن سَرْحِ المَدِينَةِ، فَساقَهُ، ثُمَّ أقْبَلَ مِن عامِ قابِلٍ حاجًّا، قَدْ قَلَّدَ وأهْدى، فَأرادَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنْ يَبْعَثَ إلَيْهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ حَتّى بَلَغَ: ﴿ولا آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ﴾ فَقالَ ناسٌ مِن أصْحابِهِ: يا رَسُولَ اللَّهِ، خَلِّ بَيْنَنا وبَيْنَهُ، فَإنَّهُ صاحِبُنا، قالَ: (إنَّهُ قَدْ قَلَّدَ) قالُوا: إنَّما هو شَيْءٌ كُنّا نَصْنَعُهُ في الجاهِلِيَّةِ، فَأبى عَلَيْهِمْ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: «قَدِمَ الحُطَمُ بْنُ هِنْدٍ البَكْرِيُّ المَدِينَةَ في عِيرٍ لَهُ، تَحْمِلُ طَعامًا، فَباعَهُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلى النَّبِيِّ ﷺ فَبايَعَهُ، وأسْلَمَ، فَلَمّا ولّى خارِجًا نَظَرَ إلَيْهِ، فَقالَ لِمَن عِنْدَهُ: (لَقَدْ دَخَلَ عَلَيَّ بِوَجْهِ فاجِرٍ، ووَلّى بِقَفا غادِرٍ)، فَلَمّا قَدِمَ اليَمامَةَ ارْتَدَّ عَنِ الإسْلامِ، وخَرَجَ في عِيرٍ لَهُ تَحْمِلُ الطَّعامَ (p-١٦٨)فِي ذِي القَعْدَةِ يُرِيدُ مَكَّةَ، فَلَمّا سَمِعَ بِهِ أصْحابُ النَّبِيِّ ﷺ، تَهَيَّأ لِلْخُرُوجِ إلَيْهِ نَفَرٌ مِنَ المُهاجِرِينَ والأنْصارِ لِيَقْتَطِعُوهُ في عِيرِهِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ﴾ الآيَةَ، فانْتَهى القَوْمُ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ﴾ قالَ: هَذا يَوْمُ الفَتْحِ، جاءَ ناسٌ يَؤُمُّونَ البَيْتَ مِنَ المُشْرِكِينَ، يُهِلُّونَ بِعُمْرَةٍ، فَقالَ المُسْلِمُونَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّما هَؤُلاءِ مُشْرِكُونَ، فَمِثْلُ هَؤُلاءِ فَلَنْ نَدَعَهم إلّا أنْ نُغِيرَ عَلَيْهِمْ، فَنَزَلَ القُرْآنُ: ﴿ولا آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ﴾ . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِن رَبِّهِمْ ورِضْوانًا﴾ قالَ: يَبْتَغُونَ الأجْرَ والتِّجارَةَ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلى كُلِّ أحَدٍ إخافَتَهم. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلا مِن رَبِّهِمْ ورِضْوانًا﴾ قالَ: هي لِلْمُشْرِكِينَ، يَلْتَمِسُونَ فَضْلَ اللَّهِ ورِضْوانًا بِما يُصْلِحُ لَهم دُنْياهم. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: خَمْسُ آياتٍ في كِتابِ اللَّهِ رُخْصَةٌ، ولَيْسَتْ بِعَزْمَةٍ: ﴿وإذا حَلَلْتُمْ فاصْطادُوا﴾ إنْ شاءَ (p-١٦٩)اصْطادَ، وإنْ شاءَ لَمْ يَصْطَدْ، ﴿فَإذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فانْتَشِرُوا﴾ [الجمعة: ١٠] [الجُمُعَةِ: ١٠]، ﴿أوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤] [البَقَرَةِ: ١٨٤]، ﴿فَكُلُوا مِنها وأطْعِمُوا﴾ [الحج: ٢٨] [الحَجِّ: ٢٨، ٣٦] وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَطاءٍ قالَ: خَمْسٌ مِن كِتابِ اللَّهِ رُخْصَةٌ ولَيْسَتْ بِعَزِيمَةٍ: ﴿فَكُلُوا مِنها وأطْعِمُوا﴾ [الحج: ٢٨]، فَمَن شاءَ أكَلَ ومَن شاءَ لَمْ يَأْكُلْ، ﴿وإذا حَلَلْتُمْ فاصْطادُوا﴾، مَن شاءَ فَعَلَ، ومَن شاءَ لَمْ يَفْعَلْ، ﴿ومَن كانَ مَرِيضًا أوْ عَلى سَفَرٍ﴾ [البقرة: ١٨٥]، فَمَن شاءَ صامَ، ومَن شاءَ أفْطَرَ، ﴿فَكاتِبُوهم إنْ عَلِمْتُمْ﴾ [النور: ٣٣] [النُّورِ: ٣٣]، إنْ شاءَ كاتَبَ، وإنْ شاءَ لَمْ يَفْعَلْ، ﴿فَإذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فانْتَشِرُوا﴾ [الجمعة: ١٠] إنْ شاءَ انْتَشَرَ، وإنْ شاءَ لَمْ يَنْتَشِرْ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ولا يَجْرِمَنَّكم شَنَآنُ قَوْمٍ﴾ قالَ: لا يَحْمِلَنَّكم بُغْضُ قَوْمٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أنَسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ﴾ قالَ: الَّذِينَ يُرِيدُونَ الحَجَّ، ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلا مِن رَبِّهِمْ﴾ قالَ: التِّجارَةَ في الحَجِّ، ﴿ورِضْوانًا﴾ قالَ: الحَجَّ، ﴿ولا يَجْرِمَنَّكم شَنَآنُ قَوْمٍ﴾ قالَ: عَداوَةُ قَوْمٍ، ﴿وتَعاوَنُوا عَلى البِرِّ والتَّقْوى﴾ قالَ: البِرُّ، ما أُمِرْتَ بِهِ، والتَّقْوى ما نُهِيتَ عَنْهُ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ في هَذِهِ الآيَةِ، والبُخارِيُّ في (تارِيخِهِ) عَنْ وابِصَةَ قالَ: «أتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وأنا لا أُرِيدُ أنْ أدَعَ شَيْئًا مِنَ البِرِّ والإثْمِ إلّا (p-١٧٠)سَألْتُهُ عَنْهُ، فَقالَ لِي: (يا وابِصَةُ، أُخْبِرُكَ عَمّا جِئْتَ تَسْألُ عَنْهُ، أمْ تَسْألُ؟) قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أخْبِرْنِي قالَ: (جِئْتَ لِتَسْألَ عَنِ البِرِّ والإثْمِ)، ثُمَّ جَمَعَ أصابِعَهُ الثَّلاثَ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِها في صَدْرِي ويَقُولُ: (يا وابِصَةُ، اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، اسْتَفْتِ نَفْسَكَ، البِرُّ: ما اطْمَأنَّ إلَيْهِ القَلْبُ، واطْمَأنَّتْ إلَيْهِ النَّفْسُ، والإثْمُ: ما حاكَ في القَلْبِ، وتَرَدَّدَ في الصَّدْرِ، وإنْ أفْتاكَ النّاسُ وأفْتَوْكَ») . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، والبُخارِيُّ في (الأدَبِ)، ومُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، والحاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ في (الشُّعَبِ)، عَنِ النَّوّاسِ بْنِ سَمْعانَ قالَ: «سَألْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ البِرِّ والإثْمِ، فَقالَ: (البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ، والإثْمُ ما حاكَ في صَدْرِكَ وكَرِهْتَ أنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النّاسُ») . وأخْرَجَ أحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ حِبّانَ، والطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي أُمامَةَ «أنَّ رَجُلًا سَألَ النَّبِيَّ ﷺ عَنِ الإثْمِ فَقالَ: (ما حاكَ في نَفْسِكَ فَدَعْهُ)، قالَ: فَما الإيمانُ؟ قالَ: (مَن ساءَتْهُ سَيِّئَتُهُ، وسَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ فَهو مُؤْمِنٌ») . (p-١٧١)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قالَ: الإثْمُ حَوازُّ القُلُوبِ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: الإثْمُ حَوازُّ القُلُوبِ، فَإذا حَزَّ في قَلْبِ أحَدِكم شَيْءٌ فَلْيَدَعْهُ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(الإثْمُ حَوازُّ القُلُوبِ، وما مِن نَظْرَةٍ إلّا ولِلشَّيْطانِ فِيها مَطْمَعٌ») . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(ما مِن رَجُلٍ يَنْعَشُ لِسانُهُ حَقًّا يُعْمَلُ بِهِ، إلّا أُجْرِيَ عَلَيْهِ أجْرُهُ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، ثُمَّ بَوَّأهُ اللَّهُ ثَوابَهُ يَوْمَ القِيامَةِ») . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «(إنَّ داوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ قالَ فِيما يُخاطِبُ رَبَّهُ عَزَّ وجَلَّ: يا رَبِّ، أيُّ عِبادِكَ أحَبُّ إلَيْكَ أُحِبُّهُ (p-١٧٠)بِحُبِّكَ؟ قالَ: يا داوُدُ، أحَبُّ عِبادِي إلَيَّ نَقِيُّ القَلْبِ، نَقِيُّ الكَفَّيْنِ، لا يَأْتِي إلى أحَدٍ سُوءًا، ولا يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، تَزُولُ الجِبالُ ولا يَزُولُ، أحَبَّنِي وأحَبَّ مَن يُحِبُّنِي، وحَبَّبَنِي إلى عِبادِي، قالَ: يا رَبِّ، إنَّكَ لَتَعْلَمُ أنِّي أُحِبُّكَ وأُحِبُّ مَن يُحِبُّكَ، فَكَيْفَ أُحَبِّبُكَ إلى عِبادِكَ؟ قالَ: ذَكِّرْهم بِآلائِي، وبَلائِي، ونَعْمائِي، يا داوُدُ، إنَّهُ لَيْسَ مِن عَبْدٍ يُعِينُ مَظْلُومًا، أوْ يَمْشِي مَعَهُ في مَظْلِمَتِهِ إلّا أُثَبِّتُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ تَزُولُ الأقْدامُ») . وأخْرَجَ أحْمَدُ، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «(مَن رَدَّ عَنْ عِرْضِ أخِيهِ، رَدَّ اللَّهُ عَنْ وجْهِهِ النّارَ يَوْمَ القِيامَةِ») . وأخْرَجَ ابْنُ ماجَهْ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «(مَن أعانَ عَلى قَتْلِ مُؤْمِنٍ، ولَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: آيِسٌ مِن رَحْمَةِ اللَّهِ») . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في (الأوْسَطِ)، والحاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «(مَن أعانَ ظالِمًا بِباطِلٍ لِيُدْحِضَ بِهِ حَقًّا، فَقَدْ بَرِئَ مِن ذِمَّةِ اللَّهِ ورَسُولِهِ») . وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(مَن (p-١٧٣)أعانَ عَلى خُصُومَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، كانَ في سَخَطِ اللَّهِ حَتّى يَنْزِعَ») . وأخْرَجَ البُخارِيُّ في (تارِيخِهِ)، والطَّبَرانِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، في (شُعَبِ الإيمانِ)، عَنْ أوْسِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(مَن مَشى مَعَ ظالِمٍ لِيُعِينَهُ، وهو يَعْلَمُ أنَّهُ ظالِمٌ، فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الإسْلامِ») . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في (شُعَبِ الإيمانِ)، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَن حالَتْ شَفاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ، فَقَدْ ضادَّ اللَّهَ في أمْرِهِ، ومَن ماتَ وعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَلَيْسَ بِالدِّينارِ والدِّرْهَمِ، ولَكِنَّها الحَسَناتُ والسَّيِّئاتُ، ومَن خاصَمَ في باطِلٍ، وهو يَعْلَمُهُ، لَمْ يَزَلْ في سَخَطِ اللَّهِ حَتّى يَنْزِعَ، ومَن قالَ في مُؤْمِنٍ ما لَيْسَ فِيهِ، أسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الخَبالِ حَتّى يَخْرُجَ مِمّا قالَ» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، مِن طَرِيقِ فُسَيْلَةَ، أنَّها سَمِعَتْ أباها، وهو «واثِلَةُ بْنُ الأسْقَعِ، يَقُولُ: سَألْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: أمِنَ العَصَبِيَّةِ أنْ يُحِبَّ الرَّجُلُ قَوْمَهُ؟ قالَ: (لا، ولَكِنَّ مِنَ العَصَبِيَّةِ أنْ يُعِينَ الرَّجُلُ قَوْمَهُ عَلى الظُّلْمِ») . (p-١٧٤)وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(مَن مَشى مَعَ قَوْمٍ يَرى أنَّهُ شاهِدٌ ولَيْسَ بِشاهِدٍ، فَهو شاهِدُ زُورٍ، ومَن أعانَ عَلى خُصُومَةٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ كانَ في سَخَطِ اللَّهِ حَتّى يَنْزِعَ، وقِتالُ المُسْلِمِ كُفْرٌ، وسِبابُهُ فُسُوقٌ») . وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أبِيهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(مَن أعانَ قَوْمًا عَلى ظُلْمٍ، فَهو كالبَعِيرِ المُتَرَدِّي فَهو يَنْزِعُ بِذَنَبِهِ»)، ولَفْظُ الحاكِمِ: «(مَثَلُ الَّذِي يُعِينُ قَوْمَهُ عَلى غَيْرِ الحَقِّ، كَمَثَلِ البَعِيرِ يَتَرَدّى، فَهو يَمُدُّ بِذَنَبِهِ») .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب