الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ﴾ رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ فِيهِ وُجُوهٌ:
فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: " أنَّ الشَّعائِرَ مَناسِكُ الحَجِّ " . وقالَ مُجاهِدٌ الصَّفّا والمَرْوَةُ والهَدْيُ والبُدْنُ كُلُّ ذَلِكَ مِنَ الشَّعائِرِ " وقالَ عَطاءٌ فَرائِضُ اللَّهِ الَّتِي حَدَّها لِعِبادِهِ " .
وقالَ الحَسَنُ دِينُ اللَّهِ كُلُّهُ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ومَن يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإنَّها مِن تَقْوى القُلُوبِ﴾ [الحج: ٣٢] أيْ دِينُ اللَّهِ " . وقِيلَ: إنَّها أعْلامُ الحَرَمِ نَهاهم أنْ يَتَجاوَزُوها غَيْرَ مُحْرِمِينَ إذا أرادُوا دُخُولَ مَكَّةَ.
وهَذِهِ الوُجُوهُ كُلُّها في احْتِمالِ الآيَةِ. والأصْلُ في الشَّعائِرِ أنَّها مَأْخُوذَةٌ مِنَ الإشْعارِ وهي الإعْلامُ مِن جِهَةِ الإحْساسِ، ومِنهُ مَشاعِرُ البَدَنِ وهي الحَواسُّ. والمَشاعِرُ أيْضًا هي المَواضِعُ الَّتِي قَدْ أُشْعِرَتْ بِالعَلاماتِ؛ وتَقُولُ: قَدْ شَعَرْتُ بِهِ، أيْ عَلِمْتَهُ؛ وقالَ تَعالى: ﴿لا يَشْعُرُونَ﴾ [البقرة: ١٢] يَعْنِي: لا يَعْلَمُونَ. ومِنهُ الشّاعِرُ لِأنَّهُ يَشْعُرُ بِفِطْنَتِهِ لِما لا يَشْعُرُ بِهِ غَيْرُهُ. وإذا كانَ الأصْلُ عَلى ما وصَفْنا فالشَّعائِرُ العَلاماتُ واحِدُها شَعِيرَةٌ، وهي العَلامَةُ الَّتِي يُشْعَرُ بِها الشَّيْءُ ويُعْلَمُ
؛ فَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ﴾ قَدِ انْتَظَمَ جَمِيعَ مَعالِمِ دِينِ اللَّهِ، وهو ما أعْلَمَناهُ اللَّهُ تَعالى وحْدَهُ مِن فَرائِضِ دِينِهِ وعَلاماتِها بِأنْ لا يَتَجاوَزُوا حُدُودَهُ ولا يُقَصِّرُوا دُونَها ولا يُضَيِّعُوها، فَيَنْتَظِمُ ذَلِكَ جَمِيعَ المَعانِي الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ السَّلَفِ مِن تَأْوِيلِها؛ فاقْتَضى ذَلِكَ حَظْرَ دُخُولِ الحَرَمِ إلّا مُحْرِمًا، وحَظْرَ اسْتِحْلالِهِ بِالقِتالِ فِيهِ، وحَظْرَ قَتْلَ مَن لَجَأ إلَيْهِ، ويَدُلُّ أيْضًا عَلى وُجُوبِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفّا والمَرْوَةِ؛ لِأنَّهُما مِن شَعائِرِ اللَّهِ عَلى ما رُوِيَ عَنْ مُجاهِدٍ؛ لِأنَّ الطَّوافَ بِهِما كانَ مِن شَرِيعَةِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ وقَدْ طافَ النَّبِيُّ ﷺ بِهِما، فَثَبَتَ أنَّهُما مِن شَعائِرِ اللَّهِ.
* * *
وقَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ولا الشَّهْرَ الحَرامَ﴾ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وقَتادَةَ أنَّ إحْلالَهُ هو القِتالُ فِيهِ، قالَ اللَّهُ تَعالى في سُورَةِ البَقَرَةِ: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾ [البقرة: ٢١٧] وقَدْ بَيَّنّا أنَّهُ مَنسُوخٌ، وذَكَرْنا قَوْلَ مَن رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ وأنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ٥] نَسَخَهُ. وقالَ عَطاءٌ: " حُكْمُهُ ثابِتٌ، والقِتالُ في الشَّهْرِ الحَرامِ مَحْظُورٌ " .
وقَدِ اخْتُلِفَ في المُرادِ بِقَوْلِهِ: ﴿ولا الشَّهْرَ الحَرامَ﴾ فَقالَ قَتادَةُ: " مَعْناهُ الأشْهُرُ الحُرُمُ " . وقالَ عِكْرِمَةُ: " هو ذُو القِعْدَةِ وذُو الحِجَّةِ ومُحَرَّمٌ ورَجَبٌ " . وجائِزٌ أنْ يَكُونَ المُرادُ بِقَوْلِهِ: ﴿ولا الشَّهْرَ الحَرامَ﴾ هَذِهِ الأشْهُرُ كُلُّها، وجائِزٌ أنْ يَكُونَ جَمِيعُها في حُكْمٍ واحِدٍ مِنها. وبَقِيَّةُ الشُّهُورِ مَعْلُومٌ حُكْمُها مِن جِهَةِ دَلالَةِ اللَّفْظِ إذْ (p-٢٩٢)كانَ جَمِيعُها في حُكْمٍ واحِدٍ مِنها، فَإذا بَيَّنَ حُكْمًا واحِدًا مِنها فَقَدْ دَلَّ عَلى حُكْمِ الجَمِيعِ.
* * *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا الهَدْيَ ولا القَلائِدَ﴾ أمّا الهَدْيُ فَإنَّهُ يَقَعُ عَلى كُلِّ ما يُتَقَرَّبُ بِهِ مِنَ الذَّبائِحِ والصَّدَقاتِ قالَ النَّبِيُّ ﷺ: «المُبَكِّرُ إلى الجُمُعَةِ كالمُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كالمُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كالمُهْدِي شاةً، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كالمُهْدِي دَجاجَةً، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كالمُهْدِي بَيْضَةً»، فَسَمّى الدَّجاجَةَ والبَيْضَةَ هَدْيًا، وأرادَ بِهِ الصَّدَقَةَ. وكَذَلِكَ قالَ أصْحابُنا فَيَمَنِ قالَ: " ثَوْبِي هَذا هَدْيٌ " أنَّ عَلَيْهِ أنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ. إلّا أنَّ الإطْلاقَ إنَّما يَتَناوَلُ أحَدَ هَذِهِ الأصْنافِ الثَّلاثَةِ مِنَ الإبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ إلى الحَرَمِ وذَبْحِهِ فِيهِ، قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿فَإنْ أُحْصِرْتُمْ فَما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ﴾ [البقرة: ١٩٦] ولا خِلافَ بَيْنَ السَّلَفِ والخَلَفِ مِن أهْلِ العِلْمِ أنَّ أدْناهُ شاةٌ؛ وقالَ تَعالى: ﴿مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنكم هَدْيًا بالِغَ الكَعْبَةِ﴾ [المائدة: ٩٥] وقالَ: ﴿فَمَن تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ فَما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ﴾ [البقرة: ١٩٦] وأقَلُّهُ شاةٌ عِنْدَ جَمِيعِ الفُقَهاءِ؛ فاسْمُ الهَدْيِ إذا أُطْلِقَ يَتَناوَلُ ذَبْحَ أحَدِ هَذِهِ الأصْنافِ الثَّلاثَةِ في الحَرَمِ.
وقَوْلُهُ: ﴿ولا الهَدْيَ﴾ أرادَ بِهِ النَّهْيَ عَنْ إحْلالِ الهَدْيِ الَّذِي قَدْ جُعِلَ لَلذَّبْحِ في الحَرَمِ، وإحْلالِ اسْتِباحَتِهِ لِغَيْرِ ما سِيقَ إلَيْهِ مِنَ القُرْبَةِ؛ وفِيهِ دَلالَةٌ عَلى حَظْرِ الِانْتِفاعِ بِالهَدْيِ إذا ساقَهُ صاحِبُهُ إلى البَيْتِ أوْ أوْجَبَهُ هَدْيًا مِن جِهَةِ نَذْرٍ أوْ غَيْرِهِ، وفِيهِ دَلالَةٌ عَلى حَظْرِ الأكْلِ مِنَ الهَدايا نَذْرًا كانَ أوْ واجِبًا مِن إحْصارٍ أوْ جَزاءِ صَيْدٍ. وظاهِرُهُ يَمْنَعُ جَوازَ الأكْلِ مِن هَدْيِ المُتْعَةِ والقِرانِ لَشُمُولِ الِاسْمِ لَهُ، إلّا أنَّ الدَّلالَةَ قَدْ قامَتْ عِنْدَنا عَلى جَوازِ الأكْلِ مِنهُ.
وأمّا قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ولا القَلائِدَ﴾ فَإنَّ مَعْناهُ: لا تُحِلُّوا القَلائِدَ. وقَدْ رُوِيَ في تَأْوِيلِ القَلائِدِ وُجُوهٌ عَنِ السَّلَفِ، فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: " أرادَ الهَدْيَ المُقَلَّدَ " .
قالَ أبُو بَكْرٍ: هَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ مِنَ الهَدْيِ ما يُقَلَّدُ ومِنهُ ما لا يُقَلَّدُ، واَلَّذِي يُقَلَّدُ الإبِلُ والبَقَرُ، واَلَّذِي لا يُقَلَّدُ الغَنَمُ، فَحَظَرَ تَعالى إحْلالَ الهَدْيِ مُقَلَّدًا وغَيْرَ مُقَلَّدٍ. وقالَ مُجاهِدٌ: " كانُوا إذا أحْرَمُوا يُقَلِّدُونَ أنْفُسَهم والبَهائِمَ مِن لِحاءِ شَجَرِ الحَرَمِ، فَكانَ ذَلِكَ أمْنًا لَهم، فَحَظَرَ اللَّهُ تَعالى اسْتِباحَةَ ما هَذا وصْفُهُ وذَلِكَ مَنسُوخٌ في النّاسِ وفي البَهائِمِ غَيْرِ الهَدايا " . ورُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ قَتادَةَ في تَقْلِيدِ النّاسِ لِحاءَ شَجَرِ الحَرَمِ.
وقالَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ: " أرادَ بِهِ قَلائِدَ الهَدْيِ بِأنْ يَتَصَدَّقُوا بِها ولا يَنْتَفِعُوا بِها " . ورُوِيَ عَنِ الحَسَنِ أنَّهُ قالَ: " يُقَلَّدُ الهَدْيُ بِالنِّعالِ، فَإذا لَمْ تُوجَدْ فالجِفافُ تُقَوَّرُ ثُمَّ يُجْعَلُ في أعْناقِها ثُمَّ يُتَصَدَّقُ بِها " . وقِيلَ: هو صُوفٌ يُفْتَلُ فَيُجْعَلُ في أعْناقِ الهَدْيِ.
قالَ أبُو (p-٢٩٣)بَكْرٍ: قَدْ دَلَّتِ الآيَةُ عَلى أنَّ تَقْلِيدَ الهَدْيِ قُرْبَةٌ، وأنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ كَوْنِهِ هَدْيًا وذَلِكَ بِأنْ يُقَلِّدَهُ ويُرِيدَ أنْ يَهْدِيَهُ فَيَصِيرَ هَدْيًا بِذَلِكَ، وإنْ لَمْ يُوجِبْهُ بِالقَوْلِ، فَمَتى وُجِدَ عَلى هَذِهِ الصِّفَةِ فَقَدْ صارَ هَدْيًا لا تَجُوزُ اسْتِباحَتُهُ والِانْتِفاعُ بِهِ إلّا بِأنْ يَذْبَحَهُ ويَتَصَدَّقَ بِهِ.
وقَدْ دَلَّ أيْضًا عَلى أنَّ قَلائِدَ الهَدْيِ يَجِبُ أنْ يُتَصَدَّقَ بِها لِاحْتِمالِ اللَّفْظِ لَها، وكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ في البُدْنِ الَّتِي نُحِرَ بَعْضُها بِمَكَّةَ وأمَرَ عَلِيًّا بِنَحْرِ بَعْضِها، وقالَ لَهُ: «تَصَدَّقْ بِجِلالِها وخُطُمِها ولا تُعْطِ الجَزّارَ مِنها شَيْئًا، فَإنّا نُعْطِيهِ مِن عِنْدِنا». وذَلِكَ دَلِيلٌ عَلى أنَّهُ لا يَجُوزُ رُكُوبُ الهَدْيِ ولا حَلْبُهُ ولا الِانْتِفاعُ بِلَبَنِهِ؛ لِأنَّ قَوْلَهُ: ﴿ولا الهَدْيَ ولا القَلائِدَ﴾ قَدْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ كُلَّهُ. وقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ القَلائِدَ في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ بِما دَلَّ بِهِ عَلى القُرْبَةِ فِيها وتَعَلُّقِ الأحْكامِ بِها، وهو قَوْلُهُ تَعالى: ﴿جَعَلَ اللَّهُ الكَعْبَةَ البَيْتَ الحَرامَ قِيامًا لِلنّاسِ والشَّهْرَ الحَرامَ والهَدْيَ والقَلائِدَ﴾ [المائدة: ٩٧] فَلَوْلا ما تَعَلَّقَ بِالهَدْيِ والقَلائِدِ مِنَ الحُرُماتِ والحُقُوقِ الَّتِي هي لِلَّهِ تَعالى كَتَعَلُّقِها بِالشَّهْرِ الحَرامِ وبِالكَعْبَةِ لَما ضَمَّها إلَيْهِما عِنْدَ الإخْبارِ عَمّا فِيها مِنَ المَنافِعِ وصَلاحِ النّاسِ وقِوامِهِمْ.
ورَوى الحَكَمُ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: لَمْ تُنْسَخْ مِنَ المائِدَةِ إلّا هاتانِ الآيَتانِ: ﴿لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ ولا الشَّهْرَ الحَرامَ ولا الهَدْيَ ولا القَلائِدَ﴾ نَسَخَتْها: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] ﴿فَإنْ جاءُوكَ فاحْكم بَيْنَهُمْ﴾ [المائدة: ٤٢] الآيَةُ نَسَخَتْها: ﴿وأنِ احْكم بَيْنَهم بِما أنْزَلَ اللَّهُ﴾ [المائدة: ٤٩]
قالَ أبُو بَكْرٍ: يُرِيدُ بِهِ نَسْخَ تَحْرِيمِ القِتالِ في الشَّهْرِ الحَرامِ ونَسْخَ القَلائِدِ الَّتِي كانُوا يُقَلِّدُونَ بِها أنْفُسَهم وبَهائِمَهم مِن لِحاءِ شَجَرِ الحَرَمِ لِيَأْمَنُوا بِهِ، ولا يَجُوزُ أنْ يُرِيدَ نَسْخَ قَلائِدِ الهَدْيِ؛ لِأنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ ثابِتٌ بِالنَّقْلِ المُتَواتِرِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ والصَّحابَةِ والتّابِعِينَ بَعْدَهم.
ورَوى مالِكُ بْنُ مَغُولٍ عَنْ عَطاءٍ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا القَلائِدَ﴾ قالَ: كانُوا يُقَلِّدُونَ لِحاءَ شَجَرِ الحَرَمِ يَأْمَنُونَ بِهِ إذا خَرَجُوا، فَنَزَلَتْ: ﴿لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ﴾
قالَ أبُو بَكْرٍ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ حَظَرَ اللَّهُ انْتِهاكَ حُرْمَةِ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ عَلى ما كانَ عَلَيْهِ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ؛ لِأنَّ النّاسَ كانُوا مُقِرِّينَ بَعْدَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ ﷺ عَلى ما كانُوا عَلَيْهِ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي لا يَحْظُرُها العَقْلُ، إلى أنْ نَسَخَ اللَّهُ مِنها ما شاءَ فَنَهى اللَّهُ عَنِ اسْتِحْلالِ حُرْمَةِ مَن تَقَلَّدَ بِلِحاءِ شَجَرِ الحَرَمِ، ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ مِن قِبَلِ أنَّ اللَّهَ قَدْ أمَّنَ المُسْلِمِينَ حَيْثُ كانُوا بِالإسْلامِ.
وأمّا المُشْرِكُونَ فَقَدْ أمَرَ اللَّهُ بِقَتْلِهِمْ حَتّى يُسْلِمُوا بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] فَصارَ حَظْرُ قَتْلِ المُشْرِكِ الَّذِي تَقَلَّدَ بِلِحاءِ شَجَرِ الحَرَمِ مَنسُوخًا، والمُسْلِمُونَ قَدِ اسْتَغْنُوا عَنْ ذَلِكَ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمٌ، وبَقِيَ حُكْمُ قَلائِدِ الهَدْيِ ثابِتًا.
وقَدْ حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ (p-٢٩٤)مُحَمَّدِ بْنِ إسْحاقَ المَرْوَزِيُّ قالَ: حَدَّثَنا الحُسَيْنُ بْنُ أبِي الرَّبِيعِ الجُرْجانِيُّ قالَ: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ قالَ: أخْبَرَنا الثَّوْرِيُّ عَنْ بَيانٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قالَ: لَمْ تُنْسَخْ مِن سُورَةِ المائِدَةِ إلّا هَذِهِ الآيَةُ ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ﴾ .
وحَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قالَ: حَدَّثَنا الحُسَيْنُ بْنُ أبِي الرَّبِيعِ قالَ: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ قالَ: أخْبَرَنا مَعْمَرٌ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ ولا الشَّهْرَ الحَرامَ﴾ الآيَةُ، قالَ: مَنسُوخٌ؛ كانَ الرَّجُلُ في الجاهِلِيَّةِ إذا خَرَجَ مِن بَيْتِهِ يُرِيدُ الحَجَّ تَقَلَّدَ مِنَ السَّمُرِ فَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ أحَدٌ، وإذا رَجَعَ تَقَلَّدَ قِلادَةَ شَعْرٍ فَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ أحَدٌ، وكانَ المُشْرِكُ يَوْمَئِذٍ لا يُصَدُّ عَنِ البَيْتِ، فَأُمِرُوا أنْ لا يُقاتَلُوا في الشَّهْرِ الحَرامِ ولا عِنْدَ البَيْتِ، فَنَسَخَها قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥]
ورَوى يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿جَعَلَ اللَّهُ الكَعْبَةَ البَيْتَ الحَرامَ قِيامًا لِلنّاسِ والشَّهْرَ الحَرامَ والهَدْيَ والقَلائِدَ﴾ [المائدة: ٩٧] حَواجِزُ جَعَلَها اللَّهُ بَيْنَ النّاسِ في الجاهِلِيَّةِ، وكانَ الرَّجُلُ إذا لَقِيَ قاتِلَ أبِيهِ في الشَّهْرِ الحَرامِ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ ولَمْ يَقْرَبْهُ، وكانَ الرَّجُلُ لَوْ جَرَّ كُلَّ جَرِيرَةٍ ثُمَّ لَجَأ إلى الحَرَمِ لَمْ يَتَناوَلْهُ ولَمْ يَقْرَبْهُ، وكانَ الرَّجُلُ إذا لَقِيَ الهَدْيَ مُقَلَّدًا وهو يَأْكُلُ العَصَبَ مِنَ الجُوعِ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ ولَمْ يَقْرَبْهُ، وكانَ الرَّجُلُ إذا أرادَ البَيْتَ تَقَلَّدَ قِلادَةً مِن شَعْرٍ تَمْنَعُهُ مِنَ النّاسِ، وكانَ إذا نَفَرَ تَقَلَّدَ قِلادَةً مِنَ الإذْخِرِ أوْ مِن لِحاءِ شَجَرِ الحَرَمِ فَمُنِعَتِ النّاسُ عَنْهُ.
وحَدَّثَنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الواسِطِيُّ قالَ: حَدَّثَنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اليَمانِ قالَ: حَدَّثَنا أبُو عُبَيْدِ اللَّهِ قالَ: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صالِحٍ عَنْ مُعاوِيَةَ بْنِ صالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ ولا الشَّهْرَ الحَرامَ ولا الهَدْيَ ولا القَلائِدَ ولا آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ﴾ قالَ: كانَ المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ يَحُجُّونَ البَيْتَ جَمِيعًا، فَنَهى اللَّهُ تَعالى المُؤْمِنِينَ أنْ يَمْنَعُوا أحَدًا أنْ يَحُجَّ البَيْتَ أوْ يَعْرِضُوا لَهُ مِن مُؤْمِنٍ أوْ كافِرٍ، ثُمَّ أنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ هَذا: ﴿إنَّما المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هَذا﴾ [التوبة: ٢٨] وقالَ تَعالى: ﴿ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ شاهِدِينَ عَلى أنْفُسِهِمْ بِالكُفْرِ﴾ [التوبة: ١٧]
وقَدْ رَوى إسْحاقُ بْنُ يُوسُفَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قالَ: سَألْتُ الحَسَنَ هَلْ نُسِخَ مِنَ " المائِدَةِ" شَيْءٌ ؟ فَقالَ: لا. وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿ولا آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ﴾ إنَّما أُرِيدَ بِهِ المُؤْمِنُونَ عِنْدَ الحَسَنِ؛ لِأنَّهُ إنْ كانَ قَدْ أُرِيدَ بِهِ الكُفّارُ فَذَلِكَ مَنسُوخٌ بِقَوْلِهِ: ﴿فَلا يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هَذا﴾ [التوبة: ٢٨] وقَوْلُهُ أيْضًا: ﴿ولا الشَّهْرَ الحَرامَ﴾ حَظْرُ القِتالِ فِيهِ مَنسُوخٌ بِما قَدَّمْنا إلّا أنْ يَكُونَ عِنْدَ الحَسَنِ هَذا الحُكْمُ ثابِتًا عَلى نَحْوِ ما رُوِيَ عَنْ عَطاءٍ.
* * *
قَوْلُهُ تَعالى: (p-٢٩٥)﴿يَبْتَغُونَ فَضْلا مِن رَبِّهِمْ ورِضْوانًا﴾ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أنَّهُ قالَ: أُرِيدَ بِهِ الرِّبْحَ في التِّجارَةِ، وهو نَحْوُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكم جُناحٌ أنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِن رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨] ورُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ سُئِلَ عَنِ التِّجارَةِ في الحَجِّ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى ذَلِكَ؛ وقَدْ ذَكَرْناهُ فِيما تَقَدَّمَ. وقالَ مُجاهِدٌ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلا مِن رَبِّهِمْ ورِضْوانًا﴾ " الأجْرُ والتِّجارَةُ " .
* * *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإذا حَلَلْتُمْ فاصْطادُوا﴾ قالَ مُجاهِدٌ وعَطاءٌ في آخَرِينَ: " هو تَعْلِيمٌ، إنْ شاءَ صادَ وإنْ شاءَ لَمْ يَصِدْ " .
قالَ أبُو بَكْرٍ: هو إطْلاقٌ مِن حَظْرٍ بِمَنزِلَةِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَإذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فانْتَشِرُوا في الأرْضِ وابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ١٠] لَمّا حَظَرَ البَيْعَ بِقَوْلِهِ: ﴿وذَرُوا البَيْعَ﴾ [الجمعة: ٩] عَقَّبَهُ بِالإطْلاقِ بَعْدَ الصَّلاةِ بِقَوْلِهِ: ﴿فانْتَشِرُوا في الأرْضِ وابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ١٠] وقَوْلُهُ تَعالى ﴿وإذا حَلَلْتُمْ فاصْطادُوا﴾ قَدْ تَضَمَّنَ إحْرامًا مُتَقَدِّمًا؛ لِأنَّ الإحْلالَ لا يَكُونُ إلّا بَعْدَ الإحْرامِ، وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ قَوْلَهُ: ﴿ولا الهَدْيَ ولا القَلائِدَ ولا آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ﴾ قَدِ اقْتَضى كَوْنَ مَن فَعَلَ ذَلِكَ مُحْرِمًا، فَيَدُلُّ عَلى أنَّ سَوْقَ الهَدْيِ وتَقْلِيدَهُ يُوجِبُ الإحْرامَ.
ويَدُلُّ قَوْلُهُ: ﴿ولا آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ﴾ عَلى أنَّهُ غَيْرُ جائِزٍ لِأحَدٍ دُخُولُ مَكَّةَ إلّا بِالإحْرامِ،؛ إذْ كانَ قَوْلُهُ: ﴿وإذا حَلَلْتُمْ فاصْطادُوا﴾ قَدْ تَضَمَّنَ أنْ يَكُونَ مَن أمَّ البَيْتَ الحَرامَ فَعَلَيْهِ إحْرامٌ يَحِلُّ مِنهُ ويَحِلُّ لَهُ الِاصْطِيادُ بَعْدَهُ. وقَوْلُهُ: ﴿وإذا حَلَلْتُمْ فاصْطادُوا﴾ قَدْ أرادَ بِهِ الإحْلالَ مِنَ الإحْرامِ والخُرُوجَ مِنَ الحَرَمِ أيْضًا؛ لِأنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ حَظَرَ الِاصْطِيادَ في الحَرَمِ بِقَوْلِهِ: «ولا يُنَفَّرُ صَيْدُها» ولا خِلافَ بَيْنَ السَّلَفِ والخَلَفِ فِيهِ، فَعَلِمْنا أنَّهُ قَدْ أرادَ بِهِ الخُرُوجَ مِنَ الحَرَمِ والإحْرامِ جَمِيعًا.
وهُوَ يَدُلُّ عَلى جَوازِ الِاصْطِيادِ لِمَن حَلَّ مِن إحْرامِهِ بِالحَلْقِ، وأنَّ بَقاءَ طَوافِ الزِّيارَةِ عَلَيْهِ لا يَمْنَعُ الِاصْطِيادَ، لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وإذا حَلَلْتُمْ فاصْطادُوا﴾ وهَذا قَدْ حَلَّ؛ إذْ كانَ هَذا الحَلْقُ واقِعًا لِلْإحْلالِ.
* * *
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا يَجْرِمَنَّكم شَنَآنُ قَوْمٍ أنْ صَدُّوكم عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ أنْ تَعْتَدُوا﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ وقَتادَةُ: " لا يَجْرِمَنَّكم: لا يَحْمِلَنَّكم " . وقالَ أهْلُ اللُّغَةِ: يُقالُ جَرَمَنِي زَيْدٌ عَلى بُغْضِكَ أيْ حَمَلَنِي عَلَيْهِ. وقالَ الفَرّاءُ: لا يَكْسِبَنَّكم، يُقالُ: جَرَمْتُ عَلى أهْلِي أيْ كَسَبْتُ لَهم، وفُلانٌ جَرِيمَةُ أهْلِهِ أيْ كاسِبُهم؛ قالَ الشّاعِرُ:
؎جَرِيمَةُ ناهِضٍ في رَأْسِ نِيقٍ تَرى لِعِظامِ ما جَمَعَتْ صَلِيبا
(p-٢٩٦)ويُقالُ: جَرَمَ يَجْرُمُ جُرْمًا، إذا قَطَعَ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿شَنَآنُ قَوْمٍ﴾ قُرِئَ بِفَتْحِ النُّونِ وسُكُونِها، فَمَن فَتَحَ النُّونَ جَعَلَهُ مَصْدَرًا مِن قَوْلِكَ: " شَنِئْتُهُ أشَنْأُهُ شَنَآنًا " والشَّنَآنُ البُغْضُ فَكَأنَّهُ قالَ ولا يَجْرِمَنَّكم بُغْضُ قَوْمٍ؛ وكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وقَتادَةَ قالا عَداوَةُ قَوْمٍ " .
ومَن قَرَأ بِسُكُونِ النُّونِ فَمَعْناهُ بَغِيضُ قَوْمٍ، فَنَهاهُمُ اللَّهُ بِهَذِهِ الآيَةِ أنْ يَتَجاوَزُوا الحَقَّ إلى الظُّلْمِ والتَّعَدِّي، لِأجْلِ تَعَدِّي الكُفّارِ بِصَدِّهِمُ المُسْلِمِينَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ؛ ومِثْلُهُ قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ: «أدِّ الأمانَةَ إلى مَنِ ائْتَمَنَكَ ولا تَخُنْ مَن خانَكَ».
* * *
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وتَعاوَنُوا عَلى البِرِّ والتَّقْوى﴾ يَقْتَضِي ظاهِرُهُ إيجابَ التَّعاوُنِ عَلى كُلِّ ما كانَ طاعَةً لِلَّهِ تَعالى؛ لِأنَّ البِرَّ هو طاعاتُ اللَّهِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا تَعاوَنُوا عَلى الإثْمِ والعُدْوانِ﴾ نَهْيٌ عَنْ مُعاوَنَةِ غَيْرِنا عَلى مَعاصِي اللَّهِ تَعالى.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُحِلُّوا۟ شَعَـٰۤىِٕرَ ٱللَّهِ وَلَا ٱلشَّهۡرَ ٱلۡحَرَامَ وَلَا ٱلۡهَدۡیَ وَلَا ٱلۡقَلَـٰۤىِٕدَ وَلَاۤ ءَاۤمِّینَ ٱلۡبَیۡتَ ٱلۡحَرَامَ یَبۡتَغُونَ فَضۡلࣰا مِّن رَّبِّهِمۡ وَرِضۡوَ ٰنࣰاۚ وَإِذَا حَلَلۡتُمۡ فَٱصۡطَادُوا۟ۚ وَلَا یَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ أَن صَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ أَن تَعۡتَدُوا۟ۘ وَتَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَ ٰنِۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق