الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ ولا الشَّهْرَ الحَرامَ ولا الهَدْيَ ولا القَلائِدَ﴾، ”اَلشَّعائِرُ“: واحِدَتُها ”شَعِيرَةٌ“، ومَعْناهُ: ما أُشْعِرَ، أيْ: أُعْلِمَ لِيُهْدى إلى بَيْتِ اللَّهِ الحَرامِ، وقالَ قَوْمٌ: ”شَعائِرُ اللَّهِ“، يُعْنى بِهِ جَمِيعُ مُتَعَبَّداتِ اللَّهِ الَّتِي أشْعَرَها اللَّهُ، أيْ: جَعَلَها أعْلامًا لَنا، ﴿وَلا الهَدْيَ﴾، ”اَلْهَدْيُ“: واحِدَتُهُ ”هَدْيَةٌ“، مِثْلَ ”جَدْيَةٌ“، و”جَدْيٌ“، يَعْنِي حَدَبَةَ السَّرْجِ، و”اَلْقَلائِدُ“: كانُوا يُقَلِّدُونَ بِلِحاءِ الشَّجَرِ، ويَعْتَصِمُونَ بِذَلِكَ، وهَذا كُلُّهُ كانَ لِلْمُشْرِكِينَ، وكانَ قَدْ أُمِرَ المُسْلِمُونَ بِألّا يُحِلُّوا هَذِهِ الأشْياءَ الَّتِي يَتَقَرَّبُ بِها المُشْرِكُونَ إلى اللَّهِ، وكَذَلِكَ ﴿وَلا آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ﴾، وهَذا كُلُّهُ مَنسُوخٌ، وكَذَلِكَ ﴿وَلا الشَّهْرَ الحَرامَ﴾، وهو ”اَلْمُحَرَّمُ“، لِأنَّ القِتالَ كانَ مَرْفُوعًا فِيهِ، فَنَسَخَ جَمِيعَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهم وخُذُوهم واحْصُرُوهم واقْعُدُوا لَهم كُلَّ مَرْصَدٍ﴾ [التوبة: ٥] (p-١٤٣)وَقَوْلُهُ: ﴿وَإذا حَلَلْتُمْ فاصْطادُوا﴾، هَذا اللَّفْظُ أمْرٌ، ومَعْناهُ الإباحَةُ، لِأنَّ اللَّهَ - عَزَّ وجَلَّ - حَرَّمَ الصَّيْدَ عَلى المُحْرِمِ، وأباحَهُ لَهُ إذا حَلَّ مِن إحْرامِهِ، لَيْسَ أنَّهُ واجِبٌ عَلَيْهِ إذا حَلَّ أنْ يَصْطادَ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ: ﴿فَإذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فانْتَشِرُوا في الأرْضِ وابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ١٠]، تَأْوِيلُهُ أنَّهُ أُبِيحَ لَكم بَعْدَ الفَراغِ مِنَ الصَّلاةِ، ومِثْلُ ذَلِكَ في الكَلامِ: ”لا تَدْخُلَنَّ هَذِهِ الدّارَ حَتّى تُؤَدِّيَ ثَمَنَها“، فَإذا أدَّيْتَ فادْخُلْها، تَأْوِيلُهُ: ”فَإذا أدَّيْتَ فَقَدْ أُبِيحَ لَكَ دُخُولُها. وَقَوْلُهُ: ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكم شَنَآنُ قَوْمٍ﴾ أيْ: لا يَحْمِلَنَّكم بُغْضُ قَوْمٍ، يُقالُ:“ شَنِئْتُهُ شَنَآنًا ”، مَعْناهُ: أبْغَضْتُهُ إبْغاضًا، و“ اَلشَّنَآنُ ”، مَصْدَرٌ، مِثْلُ“ غَلى، غَلَيانًا ”، و“ نَزا، نَزَوانًا ”، فالمَعْنى: لا يُكْسِبَنَّكم بُغْضُ قَوْمٍ أنْ تَعْتَدُوا، ومَوْضِعُ“ أنْ ”: نَصْبٌ، أيْ:“ تَعْتَدُوا لِأنْ صَدُّوكم عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ ”، فَمَوْضِعُ“ أنْ ”، اَلْأُولى: نَصْبٌ، مَفْعُولٌ لَهُ، ومَوْضِعُ“ أنْ ”، اَلثّانِيَةِ: نَصْبٌ، مَفْعُولٌ بِهِ، المَعْنى:“ لا يُكْسِبَنَّكم بُغْضُ قَوْمٍ - أيْ: بُغْضُكم قَوْمًا - الِاعْتِداءَ، بِصَدِّهِمْ إيّاكم عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ ”، يُقالُ:“ فُلانٌ جَرِيمَةُ أهْلِهِ ”، أيْ: هو كاسِبُهُمْ، وقِيلَ: في التَّفْسِيرِ:“ لا يَحْمِلَنَّكم بُغْضُ قَوْمٍ ”، والمَعْنى واحِدٌ، وقالَ الأخْفَشُ: لا يَحِقَّنَّ لَكم بُغْضُ قَوْمٍ“، وهَذِهِ ألْفاظٌ مُخْتَلِفَةٌ، والمَعْنى واحِدٌ. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَتَعاوَنُوا عَلى البِرِّ والتَّقْوى﴾ (p-١٤٤)وَهَذا كُلُّهُ مَنسُوخٌ، إلّا التَّعاوُنَ مِنَ المُسْلِمِينَ عَلى البَرِّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب