الباحث القرآني

لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مَا حَرَّمَهُ فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنَ الْخَبَائِثِ الضَّارَّةِ لِمُتَنَاوِلِهَا، إِمَّا فِي بَدَنِه، أَوْ فِي دِينِهِ، أَوْ فِيهِمَا، وَاسْتَثْنَى مَا اسْتَثْنَاهُ فِي حَالَةِ [[في ر، أ: "في حال".]] الضَّرُورَةِ، كَمَا قَالَ: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ [الْأَنْعَامِ: ١١٩] قَالَ بَعْدَهَا: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾ كَمَا [قَالَ] [[زيادة من أ.]] فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ فِي صِفَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ: أَنَّهُ ﴿يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ [الْآيَةَ: ١٥٧] . قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْر، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعة، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، عَنْ عَدِيّ بْنِ حَاتِمٍ، وَزَيْدِ بْنِ المهَلْهِل الطَّائِيَّيْنِ [[في أ: "الطائي".]] سَأَلَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ الْمَيْتَةَ، فَمَاذَا يَحِلُّ لَنَا مِنْهَا؟ فَنَزَلَتْ: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾ قَالَ سَعِيدُ [بْنُ جُبَيْرٍ] [[زيادة من أ.]] يَعْنِي: الذَّبَائِحَ الْحَلَالَ الطَّيِّبَةَ لَهُمْ. وَقَالَ مُقَاتِلُ: [بْنُ حَيَّانَ] [[زيادة من د، أ.]] [فِي قَوْلِهِ: ﴿قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾ ] [[زيادة من أ.]] فَالطَّيِّبَاتُ مَا أُحِلَّ لَهُمْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَنْ يُصِيبُوهُ [[في أ: "أن تصيبوه"]] وَهُوَ الْحَلَالُ مِنَ الرِّزْقِ. وَقَدْ سُئِلَ الزُّهْرِيُّ عَنْ شُرْبِ الْبَوْلِ لِلتَّدَاوِي فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ مِنَ الطَّيِّبَاتِ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ [[سنن أبي داود برقم (٢٨١٧) .]] وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ بَيْعِ الطِّينِ الَّذِي يَأْكُلُهُ النَّاسُ. فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ مِنَ الطَّيِّبَاتِ. * * * وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾ أَيْ: أُحِلَّ لَكُمُ الذَّبَائِحُ الَّتِي ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهَا وَالطَّيِّبَاتُ مِنَ الرِّزْقِ، وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا اصْطَدْتُمُوهُ [[في د: " ما صدتموه".]] بِالْجَوَارِحِ، وَهِيَ مِنَ الْكِلَابِ وَالْفُهُودِ وَالصُّقُورِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾ وَهُنَّ [[في د: "وهي".]] الْكِلَابُ الْمُعَلَّمَةُ [[في أ: "المعلمين".]] وَالْبَازِي، وَكُلُّ طَيْرٍ يُعَلَّمُ لِلصَّيْدِ [[في د، أ: "يعلم الصيد".]] وَالْجَوَارِحُ: يَعْنِي الْكِلَابَ الضَّوَارِي وَالْفُهُودَ وَالصُّقُورَ وَأَشْبَاهَهَا. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، ثُمَّ قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ خَيْثَمَة، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَمَكْحُولٍ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، نَحْوُ ذَلِكَ. وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: الْبَازُ وَالصَّقْرُ مِنَ الْجَوَارِحِ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ مَثَلُهُ. ثُمَّ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَرِهَ صَيْدَ الطَّيْرِ كُلِّهِ، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ [عَزَّ وَجَلَّ] [[زيادة من ر.]] ﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾ قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نَحْوَ ذَلِكَ. وَنَقَلَهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ والسُّدِّي، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَنَّاد، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، أَخْبَرْنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَمَّا مَا صَادَ مِنَ الطَّيْرِ البُزاة وَغَيْرُهَا مِنَ الطَّيْرِ، فَمَا أدركتَ فَهُوَ لَكَ، وَإِلَّا فَلَا تَطْعَمْهُ. قُلْتُ: وَالْمَحْكِيُّ عَنِ الْجُمْهُورِ أَنَّ صَيْدَ الطُّيُورِ كَصَيْدِ الْكِلَابِ [[في د: "كالصيد بالكلاب".]] ؛ لِأَنَّهَا تَكْلَبُ الصَّيْدَ بِمَخَالِبِهَا [[في ر: "بمخاليبها".]] كَمَا تَكْلُبُهُ الْكِلَابُ، فَلَا فَرْقَ. وَهَذَا [[في د: "وهو".]] مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ عَنْ هَنَّادٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ مَجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عَنْ صَيْدِ الْبَازِي، فَقَالَ: "مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَكُلْ". [[تفسير الطبري (٩/٥٥٠) .]] وَاسْتَثْنَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ صَيْدَ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ مِمَّا يَجِبُ قَتْلُهُ وَلَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ؛ لِمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "يَقْطَع الصلاةَ الحمارُ والمرأةُ والكلبُ الأسودُ" فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْأَحْمَرِ [[في أ: "الأصفر".]] ؟ فَقَالَ: "الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ" [[صحيح مسلم برقم (٥١٠) .]] وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ، ثُمَّ قَالَ: "مَا بَالُهُمْ وَبَالُ الْكِلَابِ، اقْتُلُوا [[في أ: "وقالوا".]] مِنْهَا كُلَّ أَسْوَدٍ بَهِيم". [[صحيح مسلم برقم (١٥٧٣) وسنن أبي داود برقم (٧٤) وسنن النسائي (١/١٧٧) وسنن ابن ماجة برقم (٣٦٥) .]] وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتُ الَّتِي يُصْطَادُ بِهِنَّ: جَوَارِحَ، مِنَ الْجُرْحِ، وَهُوَ: الْكَسْبُ. كَمَا تَقُولُ [[في أ: "يقول".]] الْعَرَبُ: فُلَانٌ جَرح أَهْلَهُ خَيْرًا، أَيْ: كَسَبَهُمْ خَيْرًا. وَيَقُولُونَ: فُلَانٌ لَا جَارِحَ لَهُ، أَيْ: لَا كَاسِبَ لَهُ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ﴾ [الْأَنْعَامِ: ٦٠] أَيْ: مَا كَسَبْتُمْ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الحُبَاب، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنِي أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سَلْمَى أَمِّ رَافِعٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بِقَتْلِ الْكِلَابِ، فَقُتِلَتْ، فَجَاءَ النَّاسُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَحِلُّ لَنَا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي أَمَرْتَ [[في د: "أمر".]] بِقَتْلِهَا؟ قَالَ: فَسَكَتَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾ الْآيَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِذَا أَرْسَلَ الرَّجُلُ كَلْبَهُ وسَمَّى، فَأَمْسَكَ عَلَيْهِ، فَلْيَأْكُلْ مَا لَمْ يَأْكُلْ ". وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي كُرَيْب، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ لِيَسْتَأْذِنَ [[في ر: "يستأذن عليه".]] عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهُ فَقَالَ: قَدْ أَذِنَّا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: أَجَلْ، وَلَكِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ، قَالَ أَبُو رَافِعٍ: فَأَمَرَنِي أَنْ أَقْتُلَ كُلَّ كَلْبٍ بِالْمَدِينَةِ، فَقَتَلْتُ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى امْرَأَةٍ عِنْدَهَا كَلْبٌ يَنْبَحُ عَلَيْهَا، فَتَرَكْتُهُ رَحْمَةً لَهَا، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرَتْهُ فَأَمَرَنِي، فَرَجَعَتْ إِلَى الْكَلْبِ فَقَتَلْتُهُ، فَجَاءُوا فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَحِلُّ لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أبَان بْنِ صَالِحٍ، بِهِ. وَقَالَ: صَحِيحٌ ولم يخرجاه. [[ورواه الطبري في تفسيره (٩/٥٤٥) من طريق زيد بن الحباب به، ورواه الطبراني في المعجم الكبير (١/٣٢٦) من طريق موسى بن عبيدة به. قال الهيثمي في المجمع (٤/٤٢) : "فيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف". قلت: وقد توبع: تابعه محمد بن إسحاق. رواه البيهقي في السنن الكبرى (٩/٢٣٥) ، والحاكم في المستدرك (٢/٣١١) من طريق معلى بن منصور، عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسحاق به مختصرا.]] وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْج، عَنْ عِكْرَمة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا [[في أ: "بعث أبي" وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه.]] رَافِعٍ فِي قَتْلِ الْكِلَابِ، حَتَّى بَلَغَ العَوالي فَدَخَلَ [[في د: "فجاء".]] عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَسَعْدُ بْنُ خَيْثَمةَ، وعُوَيْم بْنُ سَاعِدَةَ، فَقَالُوا: مَاذَا أُحِلَّ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَنَزَلَتْ: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾ [الْآيَةَ] [[زيادة من د.]] وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ سِمَاك، عَنْ عِكْرِمَةَ [[تفسير الطبري (٩/٥٤٦) والمستدرك (٢/٣١١) .]] وَهَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرَظِيّ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ: إِنَّهُ فِي قَتْلِ الْكِلَابِ. * * * وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مُكَلِّبِينَ﴾ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي ﴿عَلَّمْتُمْ﴾ فَيَكُونُ حَالًا مِنَ الْفَاعِلِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْمَفْعُولِ وَهُوَ ﴿الْجَوَارِحِ﴾ أَيْ: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ فِي حَالِ كَوْنِهِنَّ مكلَّبات لِلصَّيْدِ، وَذَلِكَ أَنَّ تَقْتَنِصَهُ [[في د: "تصيد".]] [الْجَوَارِحُ] [[زيادة من ر.]] بِمَخَالِبِهَا أَوْ أَظْفَارِهَا [[في أ: "وأظفارها".]] فَيُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ -وَالْحَالَةُ هَذِهِ-عَلَى أَنَّ الْجَارِحَةَ إِذَا قَتَلَ الصَّيْدَ بِصَدْمَتِهِ أَوْ بِمِخْلَابِهِ وَظُفُرِهِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ، كَمَا هُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَطَائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ﴾ وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهُ اسْتَرْسَلَ، وَإِذَا أَشْلَاهُ اسْتَشْلَى [[أشلاه استشلى: أي دعاه إليه.]] وَإِذَا أَخَذَ الصَّيْدَ أُمْسَكَهُ عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَجِيءَ إِلَيْهِ وَلَا يُمْسِكُهُ لِنَفْسِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ فَمَتَى كَانَ [[في أ: "كانت".]] الْجَارِحَةُ مُعَلَّمًا وَأَمْسَكَ عَلَى صَاحِبِهِ، وَكَانَ قَدْ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عِنْدَ إِرْسَالِهِ حَلَّ الصَّيْدُ، وَإِنْ قَتَلَهُ بِالْإِجْمَاعِ. وَقَدْ وَرَدَتِ السُّنَّةُ بِمِثْلِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَدِيّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرْسِلُ الْكِلَابَ المعلَّمة وَأَذْكُرُ اسْمَ اللَّهِ. فَقَالَ: "إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ المعلَّم وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ، فَكُلْ مَا أَمْسَكَ [[في أ: "أمسكن".]] عَلَيْكَ". قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلْنَ؟ قَالَ: "وَإِنْ قَتَلْنَ مَا لَمْ يُشْرِكْهَا كَلْبٌ [[في ر: "كلب ما".]] لَيْسَ مِنْهَا، فَإِنَّكَ إِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى غَيْرِهِ". قُلْتُ لَهُ: فَإِنِّي أَرْمِي بالمِعْرَاض الصَّيْدَ فَأُصِيبُ؟ فَقَالَ: "إِذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ فَخَزق [[في أ: "فخرق"]] فَكُلْهُ، وَإِنْ أَصَابَهُ بعَرْض فَإِنَّهُ وَقِيذٌ، فَلَا تَأْكُلْهُ". وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا: "إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، فَإِنْ أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَأَدْرَكْتَهُ حَيًّا فَاذْبَحْهُ، وَإِنْ أَدْرَكْتَهُ قَدْ قُتِلَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَكُلْهُ، فَإِنَّ أخْذ الْكَلْبِ ذَكَاتُهُ". وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: "فَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ." [[صحيح البخاري برقم (٥٤٨٣) وصحيح مسلم برقم (١٩٢٩) .]] فَهَذَا دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ [[في ر، أ: "الجمهور".]] وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ مِنَ الصَّيْدِ يَحْرُمُ مُطْلَقًا، وَلَمْ يَسْتَفْصِلُوا كَمَا وَرَدَ بِذَلِكَ الْحَدِيثُ. وَحُكِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ السَّلَفِ أنهم قالوا: لا يحرم مطلقا. ذِكْرُ الْآثَارِ بِذَلِكَ: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا هَنَّاد، حَدَّثَنَا وَكِيع، عَنْ شُعْبَة، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ: كُلْ وَإِنْ أَكَلَ ثُلْثَيْهِ [[في ر: "ثلثه".]] -يَعْنِي الصَّيْدَ-إِذَا أَكَلَ مِنْهُ الْكَلْبُ. وَكَذَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَة، وَعُمَرُ [[في أ: "وعمرو".]] بْنُ عَامِرٍ، عَنْ قَتَادَةَ. وَكَذَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ سَلْمَانَ. وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ [[في ر: "عن".]] مُوسَى، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المُزَنِيّ [[في أ: "عن حميد عن ابن عبد الله المزني".]] وَالْقَاسِمِ؛ أَنَّ [[في أ: "بن".]] سَلْمَانَ قَالَ: إِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ فَكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ ثُلْثَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِي مَخْرَمَة بْنُ بُكَيْر [[في أ: "بكر".]] عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ خُثَيْم [[في أ: "هشيم".]] الدُّؤَلِيُّ؛ أَنَّهُ سَأَلَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ الصَّيْدِ يَأْكُلُ مِنْهُ الْكَلْبُ، فَقَالَ: كُلْ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا حِذْيَة [[في ر: "جذية".]] -يَعْنِي: [إِلَّا] [[زيادة من ر.]] بِضْعَةٌ. وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأشَجِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: كُلْ وَإِنْ أَكَلَ ثُلْثَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَوْ أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ فَأَكَلَ مِنْهُ، فَإِنْ أَكَلَ ثُلْثَيْهِ وَبَقِيَ ثُلْثُهُ فَكُلْ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا المُعْتَمِر قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيد اللَّهِ [[في أ: "عبد الله".]] وَحَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا [[في د: "بن".]] عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ [[في أ: "عبد الله".]] بْنِ عُمَرَ-عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ [[في أ: "اسم الله عليه".]] فَكُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ، أَكَلَ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ. وَكَذَا رَوَاهُ عَبِيدُ اللَّهِ [[في أ: "عبد الله".]] بْنُ عُمَرَ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ نَافِعٍ. فَهَذِهِ الْآثَارُ ثَابِتَةٌ عَنْ سَلْمَانَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ. وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَرَبِيعَةَ، وَمَالِكٍ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ، وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ مَرْفُوعًا، فَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ بَكَّار الكُلاعِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُوسَى اللَّاحُونِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ -هُوَ الطَّاحِيُّ-عَنْ أَبِي إِيَاسٍ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّة، عَنْ سعيد بن المسيَّب، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "إِذَا أَرْسَلَ الرَّجُلُ كَلْبَهُ عَلَى الصَّيْدِ فَأَدْرَكَهُ، وَقَدْ أَكَلَ مِنْهُ، فَلْيَأْكُلْ مَا بَقِيَ ". ثُمَّ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَفِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ نَظَرٌ، وَسَعِيدٌ غَيْرُ معلوم له سماع من سلمان، وَالثِّقَاتُ يَرْوُونَهُ مِنْ كَلَامِ سَلْمَانَ غَيْرَ مَرْفُوعٍ. [[تفسير الطبري (٩/٥٦٥، ٥٦٦) .]] وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ صَحِيحٌ، لَكِنْ قَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى مَرْفُوعًا مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ، فَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهال الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْع، حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ؛ أَنَّ أَعْرَابِيًّا -يُقَالُ لَهُ: أَبُو ثَعْلَبَةَ-قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي كِلَابًا مُكَلَّبة، فَأَفْتِنِي فِي صَيْدِهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "إِنَّ كَانَ لَكَ كِلَابٌ مُكَلَّبَةٌ، فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ". فَقَالَ: ذَكِيًّا وَغَيْرَ ذَكِيٍّ؟ قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفْتِنِي فِي قَوْسِي. فَقَالَ: "كُلْ مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ قَوْسُكَ" قَالَ: ذَكِيًّا وَغَيْرَ ذَكِيٍّ؟ قَالَ: "وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنْكَ مَا لَمْ يَصِلْ، أَوْ تَجِدْ فِيهِ أَثَرَ غَيْرِ سَهْمِكَ". قَالَ: أَفْتِنِي فِي آنِيَةِ الْمَجُوسِ إِذَا اضُّطُرِرْنَا إِلَيْهَا. قَالَ: "اغْسِلْهَا وَكُلْ فِيهَا". [[في أ: "منها".]] . هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ [[سنن أبي داود برقم (٢٨٥٧) .]] وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ. وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، مِنْ طَرِيقِ بُسْر بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ [[في ر: "يوسف بن سيف"، وفي أ: "يونس بن سيف".]] عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ، وَكُلْ مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ يَدُكَ" [[سنن أبي داود برقم (٢٨٥٢) ولم أجده في سنن النسائي.]] وَهَذَانَ إِسْنَادَانِ جَيِّدَانِ، وَقَدْ رَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنْ سِماك بْنِ حَرْب، عَنْ عَدِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَا كَانَ مِنْ كَلْبٍ ضَارٍّ أَمْسَكَ عَلَيْكَ، فَكُلْ". قُلْتُ: وَإِنْ أَكَلَ؟ قَالَ: "نَعَمْ". وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدي مَثَلَهُ. [[ورواه البخاري في صحيحه برقم (٥٤٧٥) ومسلم في صحيحه برقم (١٩٢٩) من طريق زكريا بن أبي زائدة، به.]] فَهَذِهِ آثَارٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ يُغْتَفَرُ إِنْ أَكَلَ مِنْهُ الْكَلْبُ. وَقَدِ احْتَجَّ بِهَا مَنْ لَمْ يُحَرِّمِ الصَّيْدَ بِأَكْلِ الْكَلْبِ وَمَا أَشْبَهَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ عَمَّنْ حَكَيْنَاهُ عَنْهُمْ، وَقَدْ تَوَسَّطَ آخَرُونَ فَقَالُوا: إِنْ أَكَلَ عَقِبَ مَا أَمْسَكَهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ لِحَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ. وَلِلْعِلَّةِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ ﷺ: "فَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ" وَأَمَّا إِنْ أُمْسَكَهُ ثُمَّ انْتَظَرَ صَاحِبَهُ فَطَالَ عَلَيْهِ وَجَاعَ [[في أ: "فجاع".]] فَأَكَلَ مِنَ الصَّيْدِ لِجُوعِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي التَّحْرِيمِ. وَحَمَلُوا عَلَى ذَلِكَ حَدِيثَ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيّ، وَهَذَا تَفْرِيقٌ حَسَنٌ، وَجَمْعٌ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ صَحِيحٌ. وَقَدْ تَمَنَّى الْأُسْتَاذُ أَبُو الْمَعَالِي الجُوَيني فِي كِتَابِهِ "النِّهَايَةِ" أَنْ لَوْ فَصَّلَ مُفَصِّلٌ هَذَا التَّفْصِيلَ، وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ أُمْنِيَّتَهُ، وَقَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ وَالتَّفْرِيقِ طَائِفَةٌ مِنَ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ، وَقَالَ آخَرُونَ قَوْلًا رَابِعًا فِي الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَكْلِ الْكَلْبِ فَيَحْرُمُ لِحَدِيثِ عَدِيّ، وَبَيْنَ أَكْلِ الصُّقُورِ وَنَحْوِهَا فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ إِلَّا بِالْأَكْلِ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ [[في ر، أ: "بن".]] إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّهُ قَالَ فِي الطَّيْرِ: إِذَا أَرْسَلْتَهُ فَقَتَلَ فَكُلْ، فَإِنَّ الْكَلْبَ إِذَا ضَرَّبْتَهُ لَمْ يَعُدْ، وَإِنْ تَعَلّم الطَّيْرُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى صَاحِبِهِ وَلَيْسَ يَضْرِبُ، فَإِذَا أَكَلَ مِنَ الصَّيْدِ وَنَتَفَ الرِّيشَ فَكُلْ. [[تفسير الطبري (٩/٥٥٧) .]] وَكَذَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِي، وَالشَّعْبِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَقَدْ يُحْتَجُّ لِهَؤُلَاءِ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا مُجالد، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا قَوْمٌ نَصِيدُ بِالْكِلَابِ وَالْبُزَاةِ، فَمَا يَحِلُّ لَنَا مِنْهَا؟ قَالَ: "يَحِلُّ لَكُمْ مَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ، فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ" ثُمَّ قَالَ: "مَا أَرْسَلْتَ مِنْ كَلْبٍ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكَ عَلَيْكَ". قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلَ؟ قَالَ: "وَإِنْ قَتَلَ، مَا لَمْ يَأْكُلْ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ خَالَطَتْ كِلَابُنَا كِلَابًا غَيْرَهَا؟ قَالَ: فَلَا تَأْكُلْ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ كَلْبَكَ هُوَ الَّذِي أَمْسَكَ". قَالَ: قُلْتُ: إِنَّا قَوْمٌ نَرْمِي، فَمَا يَحِلُّ لَنَا؟ قَالَ: "مَا ذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وخزَقَتْ فَكُلْ ". فَوَجْهُ الدَّلَالَةِ لَهُمْ أَنَّهُ اشْتَرَطَ فِي الْكَلْبِ أَلَّا يَأْكُلَ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ فِي الْبُزَاةِ، فَدَلَّ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْحَكَمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ أَيْ: عِنْدَ الْإِرْسَالِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: "إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ [[في أ: "المكلب".]] وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ، فَكُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ". وَفِي حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْمُخَرَّجِ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا: "إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ، فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَإِذَا رَمَيْتَ بِسَهْمِكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ"؛ وَلِهَذَا اشْتَرَطَ مَنِ اشْتَرَطَ مِنَ الْأَئِمَّةِ كَأَحْمَدَ [بْنِ حَنْبَلٍ] [[زيادة من ر، أ.]] -فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ [[في أ: "عند".]] -التَّسْمِيَةَ -عِنْدَ إِرْسَالِ الْكَلْبِ وَالرَّمْيِ بِالسَّهْمِ لِهَذِهِ الْآيَةِ وَهَذَا الْحَدِيثِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ عَنِ [[في أ: "عند".]] الْجُمْهُورِ، أَنَّ [[في أ: "وأن".]] الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْأَمْرُ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْإِرْسَالِ، كَمَا قَالَ [[في أ: "قاله".]] السُّدِّي وَغَيْرِ وَاحِدٍ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ يَقُولُ: إِذَا أَرْسَلْتَ جَارِحَكَ فَقُلْ: بِاسْمِ اللَّهِ، وَإِنْ نَسِيتَ فَلَا حَرَجَ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْأَمْرُ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْأَكْلِ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَّم رَبِيبه عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ: "سَمّ اللَّهَ، وكُل بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ". [[صحيح البخاري برقم (٥٣٧٦) وصحيح مسلم برقم (٢٠٢٢) .]] وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا -حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِكُفْرٍ-بلُحْمانٍ لَا نَدْرِي أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهَا [[في ر، أ: "عليه".]] أَمْ لَا؟ فَقَالَ: "سَمّوا اللَّهَ أَنْتُمْ وكلوا." [[صحيح البخاري برقم (٥٥٠٧) .]] حَدِيثٌ آخَرُ: وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ بُدَيل، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيد بْنِ عُمَير، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كان يَأْكُلُ الطَّعَامَ فِي سِتَّةِ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَأَكَلَهُ بِلُقْمَتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "أَمَا إِنَّهُ لَوْ [[في ر: "أما لو أنه".]] كَانَ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ لَكَفَاكُمْ، فَإِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ أَوَّلَهُ فَلْيَقُلْ: بِاسْمِ اللَّهِ [[في أ: "باسم الله على".]] أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ ". وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، بِهِ [[المسند (٦/١٤٣) وسنن ابن ماجه برقم (٣٢٦٤) .]] وَهَذَا مُنْقَطِعٌ بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ [[في أ: "عبيد الله".]] بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَعَائِشَةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهَا هَذَا الْحَدِيثَ، بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، أَخْبَرْنَا هِشَامٌ -يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتَوائي-عَنْ بُدَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ؛ أَنَّ امْرَأَةً مِنْهُمْ -يُقَالُ لَهَا: أُمُّ كُلْثُومٍ-حَدَّثَتْهُ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَأْكُلُ طَعَامًا فِي سِتَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ جَائِعٌ فَأَكَلَهُ بِلُقْمَتَيْنِ، فَقَالَ: "أَمَا إِنَّهُ لَوْ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ لَكَفَاكُمْ، فَإِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، فَإِنْ نَسِيَ اسْمَ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ: بِاسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ ". [وَ] [[زيادة من ر.]] رَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، بِهِ [[المسند (٦/٢٦٥) ، (٦/٢٤٦) وسنن أبي داود برقم (٣٧٦٧) وسنن الترمذي برقم (١٨٥٨) وسنن النسائي الكبرى برقم (١٠١١٢) .]] وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. حَدِيثٌ آخَرُ: وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ صُبْحٍ [[في أ: "صبيح"]] حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُزَاعِيُّ، وَصَحِبْتُهُ إِلَى وَاسِطٍ، فَكَانَ يُسَمِّي فِي أَوَّلِ طَعَامِهِ [[في أ: "الطعام".]] وَفِي آخِرِ لُقْمَةٍ يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ. فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّكَ تُسَمِّي فِي أَوَّلِ مَا تَأْكُلُ، أَرَأَيْتَ [[في أ: "أفرأيت".]] قَوْلَكَ فِي آخِرِ مَا تَأْكُلُ: بِاسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ؟ فَقَالَ: أُخْبِرُكَ عَنْ ذَلِكَ إِنَّ جَدِّي أُمِّيَّةَ بْنَ مُخَشَّى [[في ر: "خالد بن أمية بن مخشى".]] -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ-سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْكُلُ، وَالنَّبِيُّ يَنْظُرُ، فَلَمْ يُسَمِّ، حَتَّى كَانَ فِي آخِرِ طَعَامِهِ لُقْمَةٌ، فَقَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "وَاللَّهِ مَا زَالَ الشَّيْطَانُ يَأْكُلُ مَعَهُ حَتَّى سَمّى، فَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فِي بَطْنِهِ حَتَّى قَاءَهُ ". وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ صُبْحٍ [[في أ: "صبيح".]] الرَّاسِبِيِّ أَبِي بِشْرٍ الْبَصْرِيِّ [[المسند (٤/٣٣٦) وسنن أبي داود برقم (٣٧٦٨) وسنن النسائي الكبرى برقم (١٠١١٣) .]] وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِين وَالنَّسَائِيُّ، وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ الْأَزْدِيُّ: لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ. [[في أ: "لا يقوم به حجة.]] حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ خَيْثَمَة، عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: وَاسْمُهُ سَلَمَةُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ صُهَيْبٍ -مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ-عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كُنَّا إِذَا حَضَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ [ﷺ] [[زيادة من أ.]] عَلَى طَعَامٍ، لَمْ نَضَعْ أَيْدِيَنَا حَتَّى يَبْدَأَ رَسُولُ اللَّهِ [ﷺ] [[زيادة من أ.]] فَيَضَعُ يَدَهُ، وَإِنَّا حَضَرْنَا مَعَهُ طَعَامًا فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ، كَأَنَّمَا تُدفع، فَذَهَبَتْ تَضَعُ يَدَهَا فِي الطَّعَامِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِيَدِهَا، وَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ كَأَنَّمَا يُدفع، فَذَهَبَ يَضَعُ يَدَهُ فِي الطَّعَامِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ [ﷺ] [[زيادة من و، أ.]] بِيَدِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ إِذَا لَمْ يُذْكِرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ جَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ [[في أ: "فيستحل".]] بِهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا، وَجَاءَ بِهَذَا الْأَعْرَابِيِّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ يَدَهُ فِي يَدِي مَعَ يَدِهِمَا [[في أ: "بيديهما".]] يَعْنِي الشَّيْطَانَ. وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ بِهِ. [[المسند (٥/٣٨٢) وصحيح مسلم برقم (٢٠١٧) وسنن أبي داود برقم (٣٧٦٦) وسنن النسائي الكبرى برقم (٦٧٥٤) .]] حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى مُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ [[صحيح مسلم برقم (٢٠١٨) وسنن أبي داود برقم (٣٧٦٥) وسنن النسائي الكبرى برقم (٦٧٥٧) وسنن ابن ماجة برقم (٣٨٨٧) .]] مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْج، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللَّهَ [[في أ: "فذكر اسم الله".]] عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيت لَكُمْ وَلَا عَشَاء، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ [[في أ: "ولم".]] يُذْكَرِ اسْمَ اللَّهِ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ [[في أ: "أدركتكم".]] الْمَبِيتَ، فَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ: أَدْرَكْتُمُ [[في أ: "أدركتكم".]] الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ". لَفْظُ أَبِي دَاوُدَ. حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ وَحْشِيّ بْنِ حَرْب بْنِ وَحْشِي بْنِ حَرْب، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ؛ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنَّا نَأْكُلُ وَمَا نَشْبَعُ؟ قَالَ: "فَلَعَلَّكُمْ [[في أ: "فعلكم".]] تَأْكُلُونَ مُتَفَرِّقِينَ، اجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ ". وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ. [[المسند (٣/٥٠١) وسنن أبي داود برقم (٣٧٦٤) وسنن ابن ماجة برقم (٣٢٨٦) .]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب