الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَسْألُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهم قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ﴾ يَعْنِي بِالطَّيِّباتِ الحَلالَ، وإنَّما سُمِّيَ الحَلالُ طَيِّبًا، وإنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَلَذًّا تَشْبِيهًا بِما يُسْتَلَذُّ (p-١٥)﴿وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾ يَعْنِي وصَيْدُ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الجَوارِحِ، وهي الكَواسِبُ مِن سِباعِ البَهائِمِ والطَّيْرِ، سُمِّيَتْ جَوارِحَ لِكَسْبِ أهْلِها بِها مِن قَوْلِهِمْ: فُلانٌ جارِحَةُ أهْلِهِ أيُ كاسِبُهم، ومِنهُ قَوْلُ أعْشى بَنِي ثَعْلَبَةَ
؎ ذا جَبّارٍ مُنْضَجًا مِيسَمُهُ يَذْكُرُ الجارِحَ ما كانَ اجْتَرَحَ
أيْ ما اكْتَسَبَ.
وَفي قَوْلِهِ: ﴿مُكَلِّبِينَ﴾ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ.
أحَدُها: يَعْنِي مِنَ الكِلابِ دُونَ غَيْرِها، وأنَّهُ لا يَحُلُّ إلّا صَيْدُ الكِلابِ وحْدَها، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، والضَّحّاكِ، والسُّدِّيِّ.
والثّانِي: أنَّ التَّكْلِيبَ مِن صِفاتِ الجَوارِحِ مِن كَلْبٍ وغَيْرِهِ، ومَعْناهُ مُضْرِينَ عَلى الصَّيْدِ كَما تَضْرِي الكِلابُ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وعَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ، والحَسَنِ، ومُجاهِدٍ.
والثّالِثُ: أنَّ مَعْنى التَّكْلِيبِ مِن صِفاتِ الجارِحِ: التَّعْلِيمُ.
﴿تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ﴾ أيْ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِن طَلَبِ الصَّيْدِ لَكم مِمّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ مِنَ التَّأْدِيبِ الَّذِي أدَّبَكم وصِفاتِ التَّعْلِيمِ الَّتِي بَيَّنَ حُكْمَها لَكم.
فَأمّا صِفَةُ التَّعْلِيمِ، فَهو أنْ يُشْلى إذا أُشْلِيَ، ويُجِيبُ إذا دُعِيَ ويُمْسِكُ إذا أخَذَ.
وَهَلْ يَكُونُ إمْساكُهُ عَنِ الأكْلِ شَرْطًا في صِحَّةِ التَّعْلِيمِ أمْ لا؟ عَلى ثَلاثَةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُ شَرْطٌ في كُلِّ الجَوارِحِ، فَإنْ أكَلَتْ لَمْ تُؤْكَلْ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وعَطاءٍ.
والثّانِي: أنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ في كُلِّ الجَوارِحِ ويُؤْكَلُ وإنْ أكَلَتْ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وسَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ، وأبِي هُرَيْرَةَ، وسَلْمانَ.
(p-١٦)والثّالِثُ: أنَّهُ شَرْطٌ في جَوارِحِ البَهائِمِ فَلا يُؤْكَلُ ما أكَلَتْ، ولَيْسَ بِشَرْطٍ في جَوارِحِ الطَّيْرِ، فَيُؤْكَلُ وإنْ أكَلَتْ، وهَذا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، والنَّخَعِيِّ، والسُّدِّيِّ.
واخْتُلِفَ في سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ عَلى قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: ما رَوى القَعْقاعُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ أبِي رافِعٍ عَنْ أبِي رافِعٍ قالَ: «جاءَ جِبْرِيلُ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِيَسْتَأْذِنَ عَلَيْهِ، فَقالَ أذَنّا لَكَ، فَقالَ أجَلْ ولَكِنّا لا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ، قالَ أبُو رافِعٍ: فَأمَرَنِي أنْ أقْتُلَ كُلَّ كَلْبٍ بِالمَدِينَةِ فَقَتَلْتُ حَتّى انْتَهَيْتُ إلى امْرَأةٍ عِنْدَها كَلْبٌ يَنْبَحُ عَلَيْها فَتَرَكْتُهُ رَحْمَةً لَها ثُمَّ جِئْتُ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأخْبَرْتُهُ، فَأمَرَنِي بِقَتْلِهِ، فَرَجَعْتُ إلى الكَلْبِ فَقَتَلْتُهُ، فَجاؤُوا، فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ ما يَحِلُّ لَنا مِن هَذِهِ الأُمَّةِ الَّتِي أمَرْتَ بِقَتْلِها، قالَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يَسْألُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهم قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وما عَلَّمْتُمْ مِنَ الجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾ الآيَةُ.
» والثّانِي: ما حُكِيَ «أنَّ زَيْدَ الخَيْلِ لَمّا وفَدَ عَلى النَّبِيِّ ﷺ قالَ فِيهِ مِنَ الخَيْرِ ما قالَ فَسَمّاهُ زَيْدَ الخَيْرِ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ فِينا رَجُلانِ، يُقالُ لِأحَدِهِما دُرَيْحٌ، والآخَرُ يُكَنّى أبا دُجانَةَ، لَهُما أكْلُبٌ خَمْسَةٌ تَصِيدُ الظِّباءَ، فَما تَرى في صَيْدِها؟ وحَكى هِشامٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ أسْماءَ هَذِهِ الكِلابِ الخَمْسَةِ الَّتِي لِدُرَيْحٍ وأبِي دُجانَةَ: المُخْتَلِسُ وغِلابُ والغُنَيْمُ وسَهْلَبُ والمُتَعاطِي، قالَ: فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يَسْألُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ﴾ الآيَةُ.
»
{"ayah":"یَسۡـَٔلُونَكَ مَاذَاۤ أُحِلَّ لَهُمۡۖ قُلۡ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّیِّبَـٰتُ وَمَا عَلَّمۡتُم مِّنَ ٱلۡجَوَارِحِ مُكَلِّبِینَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُۖ فَكُلُوا۟ مِمَّاۤ أَمۡسَكۡنَ عَلَیۡكُمۡ وَٱذۡكُرُوا۟ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَیۡهِۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِیعُ ٱلۡحِسَابِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق