الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وما عَلَّمْتُمْ مِنَ الجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمّا أمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ واتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الحِسابِ ﴾ [المائدة: ٤].
إذا حرَّم اللهُ شيئًا، بيَّن الحلالَ:
ذكَرَ اللهُ في هذه الآيةِ ما حَلَّ بعدَما ذكَرَ ما حَرُمَ على الأمَّةِ، لبيانِ مِنَّتِه وفضلِه، وحتى لا تتوهَّمَ النفوسُ أنّ في تَعْدادِ المحرَّماتِ تكثيرًا لها، فاللهُ جعَلَ الأصلَ في المأكولاتِ الحِلَّ، والأصلُ لا يُعَدُّ لكثرتِهِ، ومَن انشغَلَ بِعَدِّ المحظوراتِ على نفسِهِ، استكثَرَها حتى ظنَّ التضييقَ والتشديدَ، فاللهُ يذكُرُ المحرَّمَ، ثمَّ يُعْقِبُهُ بالمباحِ، كما هنا، وعكسُ ذلك يذكُرُ المباحَ، ثمَّ يُعقِبُهُ بالمُحرَّمِ، كما في سورةِ البقرةِ، قال: ﴿كُلُوا مِن طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ﴾ [١٧٢]، ثمَّ قال: ﴿إنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ والدَّمَ﴾ الآيةَ [١٧٣]، ومِثلُها في سورةِ الأنعامِ: ﴿قُلْ لا أجِدُ فِي ما أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلاَّ أنْ يَكُونَ مَيْتَةً أوْ دَمًا مَسْفُوحًا﴾ الآيةَ [١٤٥]، ومِثلُها في سورةِ النحلِ: ﴿فَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّبًا واشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إنْ كُنْتُمْ إيّاهُ تَعْبُدُونَ إنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ﴾ الآيةَ [١١٤ ـ ١١٥].
واللهُ إذا حرَّمَ شيئًا، قرَنَهُ بحِلِّ غيرِهِ تصريحًا أو إشارةً، ولكنَّه لا يَقرِنُ في كلِّ موضعٍ الحرامَ بالحلالِ عندَ ذِكْرِ نعمةِ الحلالِ، لأنّ الحلالَ هو الأصلُ، فالإكثارُ مِن ذِكْرِ الحلالِ ونعمةِ اللهِ فيه مقصودٌ لمداواةِ خواطرِ النفوسِ ووساوسِ الشيطانِ عليها، لأنّ النفسَ تتشوَّفُ إلى الممنوعِ أكثرَ مِن تشوُّفِها إلى المسموحِ.
وهذا ما أوقَعَ آدمَ عليه السلام في أكلِ الشَّجَرةِ وهي واحدةٌ، مع كثرةِ الحلالِ في الجَنَّةِ ووَفْرَتِهِ ممّا يَذهَبُ الزَّمَنُ الطويلُ عن تذوُّقِهِ كلِّه.
ولمّا كانتِ النفوسُ كذلك، ذكَرَ اللهُ الحلالَ مع أنّه لا يُعَدُّ، أكثَرَ مِن ذكرهِ للحرامِ مع كونِهِ معدودًا، ويَنهى اللهُ في القرآنِ عن تحريمِ الحلالِ أكثَرَ مِن نهيِه عن تحليلِ الحرامِ، لأنّ التحريمَ يُشعِرُ النفوسَ بالتشديدِ ولو كان قليلًا، أكثَرَ مِن شعورِها بالتيسيرِ عندَ التحليلِ ولو كان كثيرًا.
وهذا مِن أنواعِ البلاءِ الذي تحتاجُ النفوسُ معه إلى مجاهدةٍ، ويحتاجُ معه العلماءُ إلى موازَنةٍ، وذلك بكثرةِ عَرْضِ الحلالِ والتذكيرِ به، وبيانِ المحرَّمِ وتعدادِهِ وحَصْرِه، مع عِظَمِ التعدِّي في الأمرَيْنِ في الدِّينِ: تحليلِ الحرامِ وتحريمِ الحلالِ.
فينبغي للعالِمِ إنْ سُئِلَ عن محرَّمٍ، وكان خطابُهُ عامًّا أنْ يَقتديَ بهَدْيِ القرآنِ، فيَقرِنَ معه الحلالَ ويَنُصَّ عليه، حتى لا يَشعُرَ السامعُ لتعدادِ المحرَّمِ بالضِّيقِ والتشديدِ والحرَجِ، ويضعُفَ تسليمُهُ لأمرِ ربِّه، وهذا عندَ ذِكْرِ كلِّ محرَّمٍ مِن مأكولٍ أو ملبوسٍ أو غيرِه، وخاصَّةً في الخِطابِ العامِّ، وأمّا خطابُ الأفرادِ وسؤالُهُمْ، فالأمرُ فيه أيسَرُ، لأنّ التَّبِعَةَ فيه أقلُّ، ولذا كثُرَ في السُّنَّةِ جوابُ أفرادٍ عن محرَّماتٍ مِن غيرِ أنْ يقترنَ بها مباحٌ.
تحريمُ الحلالِ أشدُّ مِن تحليلِ الحرامِ، وبيانُ الغايةِ من ذلك:
والنهيُ عن تحريمِ الحلالِ أكثَرُ في القرآنِ وأشَدُّ مِن النهي عن تحليلِ الحرامِ، مع كونِ الحلالِ لا يُعَدُّ والحرامِ معدودًا، ومن ذلك قولُهُ تعالى: ﴿ياأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٧]، وقولُهُ: ﴿قُلْ مَن حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أخْرَجَ لِعِبادِهِ﴾ [الأعراف: ٣٢]، وقولُهُ تعالى لنبيِّه: ﴿ياأَيُّها النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ [التحريم: ١]، وذلك لأمورٍ وغاياتٍ عديدةٍ، منها:
الأوَّلُ: أنّ حقَّ اللهِ في تحريمِ الأشياءِ يَظهَرُ أكثَرَ مِن حقِّه في التحليلِ، وكلُّها حقٌّ له، والتشريعُ في التحريمِ يَظهرُ معه قوةُ تصرُّفِ المحرِّمِ والانقيادُ له أكثَرَ مِن المحلِّلِ، لأنّ الحرامَ استثناءٌ، والحلالَ أصلٌ، والناسُ تَتْبَعُ المانعَ رغبةً ورهبةً، وتَتْبَعُ المُبِيحَ رغبةً، فالسُّلْطانُ الذي يُحِلُّ تنقادُ له الناسُ رغبةً، لأنّها لا تُحِبُّ المنعَ وإن لم تَقترِفِ المباحَ، ومَن يُحِلُّ ويُحرِّمُ أو يُحرِّمُ فقط، تنقادُ له الناسُ رغبةً ورهبةً، لأنّه لا يَمنعُ ـ غالبًا ـ إلاَّ القادرُ على عقوبةِ المخالِفِ.
الثـاني: أنّ الحرامَ يَلْزَمُ مِن الوقوعِ فيه عقوبةٌ، بخلافِ الحلالِ، فلا يلزمُ مِن تَرْكِهِ عقابٌ، ولا مِن فِعْلِهِ ثوابٌ، وسواءٌ كانتِ العقوبةُ مقدَّرةً أو مُضمَرةً، فهي حقٌّ للهِ.
الثالثُ: أنّ تحريمَ الحلالِ يظهَرُ فيه الظُّلْمُ في حقِّ اللهِ وحقِّ الناسِ، وأمّا تحليلُ الحرامِ، فيَغلِبُ عليه الظُّلْمُ في حقِّ اللهِ وحْدَه، لأنّ الناسَ يَغلِبُ عليها ضبطُ حياتِها والاهتمامُ بالدُّنيا، فيُحبُّونَ العدلَ بينَهم، وأمّا حقُّ اللهِ، فأكثرُ الناسِ يَحِيدُونَ عنه، ولذا ذكَرَ اللهُ أنّ أكثَرَ الناسِ لا يُؤمِنونَ ولا يَعقِلونَ ولا يَشكُرونَ.
الـرابـعُ: أنّ تحريمَ ما أحَلَّ اللهُ ينفِّرُ مِن المحرِّمِ وشريعتِهِ أكثَرَ مِن المحلِّلِ إذا أحَلَّ المحرَّمَ، لأنّ المحرَّماتِ يَغلِبُ عليها الشهواتُ، وأعظَمُ التحريمِ ما كان باسمِ اللهِ، وليس منه.
وقد جاءتْ آيةُ المائدةِ هذه بحِلِّ الطيِّباتِ، وتقدَّمَ في مواضعَ مِن سورةِ البقرةِ الكلامُ على الطيِّباتِ ومعناها وحِلِّها، منها قولُهُ تعالى: ﴿ياأَيُّها النّاسُ كُلُوا مِمّا فِي الأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا ولا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: ١٦٨]، ويأتي إنْ شاء اللهُ مزيدُ بيانٍ في قولِهِ تعالى في الأعرافِ: ﴿قُلْ مَن حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أخْرَجَ لِعِبادِهِ والطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ القِيامَةِ﴾ [٣٢].
نسبةُ العِلْمِ كُلِّهِ إلى اللهِ:
وبعدَما ذَكَرَ اللهُ حِلَّ الطيِّباتِ في الآيةِ، خَصَّ بالذِّكْرِ منها صيدَ الكلابِ المعلَّمةِ بقولِهِ: ﴿وما عَلَّمْتُمْ مِنَ الجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ﴾، وكلُّ عِلْمٍ في الأرضِ، فهو مِن اللهِ، حتى تعليمُ الإنسانِ للحَيَوانِ نعمةٌ مِن اللهِ تستوجبُ الشُّكْرَ، وإنّما نسَبَ اللهُ تعليمَ الإنسانِ للحيوانِ عِلْمَ الصيدِ إليه، لإظهارِ النعمةِ، ولِكَسْرِ غرورِ النفسِ التي يُشعِرُها عِلْمُها المنشورُ في الخَلْقِ بفضلِها عليهم، فتَنسى فضلَ اللهِ عليها، فتكفُرُ نعمةَ اللهِ، فبيَّنَ اللهُ أنّه حتى تعليمُ الإنسانِ للحيوانِ هو مِن اللهِ، فكيف بتعليمِ الإنسانِ للإنسانِ؟! وإنّما بَغى وطَغى وتكبَّرَ قارونُ بسببِ اغترارِهِ بعِلْمِهِ الذي اكتسَبَ به دُنيا، فقال: ﴿إنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ [القصص: ٧٨]، وكفرُ نعمةِ العِلْمِ أعظَمُ كُفْرِ النِّعَمِ، وهو أصلٌ لكفرِ كلِّ نعمةٍ، ولا تكفُرُ الأممُ نعمةَ الطعامِ والشرابِ إلا إذا كَفَرَتْ نعمةَ العِلْمِ بكسبِه، وفضلَ اللهِ بإيصالِهِ وتيسيرِه.
وقد أمَرَ اللهُ بإيكالِ العِلْمِ إليه في كلِّ شيءٍ، قال: ﴿عالِمُ الغَيْبِ والشَّهادَةِ﴾ [الأنعام: ٧٣]، وقال: ﴿قُلْ إنَّما العِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ [الملك: ٢٦]، وقال: ﴿وعِنْدَهُ مَفاتِحُ الغَيْبِ لا يَعْلَمُها إلاَّ هُوَ﴾ [الأنعام: ٥٩]، فبيَّنَ اللهُ مصدرَ العِلْمِ وأصلَهُ قبلَ بيانِ تشريعِهِ وحُكْمِه، فبيَّنَ أنّ تعليمَ الكلابِ مِن نِعَمِ اللهِ قبلَ بيانِ حِلِّ صيدِها، فنعمةُ العِلْمِ أعظَمُ مِن نعمةِ الصيدِ، وشُكْرُ نعمةِ العِلمِ أولى مِن شكرِ نعمةِ الصيدِ، فذكَّرَ اللهُ بالنعمةِ الأُولى، حتى لا تُنْسِيَها الثانيةُ، والعِلْمُ بنعمةِ العِلْمِ يذكِّرُ بشكرِها، وشكرُها يَزِيدُها، لعمومِ قولِهِ: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: ٧]، فمَن رزَقَهُ اللهُ علمًا وشكَرَهُ، أوْرَثَهُ اللهُ عِلْمَ ما لم يَعلَمْ، وزاد في بَرَكَةِ علمِهِ فهمًا وتدبُّرًا، وانفجَرَتْ منه ينابيعُ الحِكْمةِ والتأمُّلِ والاستنباطِ، وأُلهِمَ السَّدادَ.
نعمةُ العِلْمِ:
وفي الآيةِ: إشارةٌ إلى أنّ نعمةَ العِلْمِ أعظَمُ مِن نعمةِ الأكلِ، فقد بيَّنَ اللهُ نعمةَ العِلْمِ وأضافَها إليه، قبلَ أنْ يُتِمَّ بيانَ حُكْمِ طعامِ الصيدِ، ولم يُضِفْ هنا نعمةَ الطعامِ إليه، لوجودِ ما هو أعظَمُ منها وأحَقُّ بالإضافةِ وأَولى.
صيدُ الجوارِحِ:
وقولُه تعالى: ﴿وما عَلَّمْتُمْ مِنَ الجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾: الجوارحُ هي الكواسبُ، وفي الآيةِ: دليلٌ على حِلِّ جميعِ صيدِ الجوارحِ، سواءٌ كانتْ مِن الطيورِ أو مِن السِّباعِ، فما أمكَنَ تعليمُهُ، جاز صيدُهُ إن كان جارحًا.
وفي هذه المسألةِ خلافٌ:
فمنهم: مَن قيَّدَهُ بالكَلْبِ، لأنّه المنصوصُ عليه في الآيةِ في قولِه: ﴿مُكَلِّبِينَ﴾، وهو قولٌ يُروى عن قِلَّةٍ مِن السلفِ، ونُسِبَ لمجاهدٍ.
والصحيحُ عنه خلافُه، رواهُ عنه خاصَّةُ أصحابِهِ، كالقاسمِ بنِ أبي بَزَّةَ وابنِ أبي نَجِيحٍ.
والجمهورُ على عمومِ ذلك في كلِّ جارحٍ معلَّمٍ، جاء عن ابنِ عبّاسٍ وابنِ عمرَ وعُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، وهو الصحيحُ، لأمورٍ:
الأولُ: أنّه جاء في السُّنَّةِ والأثرِ النصُّ على البازِي، منها حديثُ عَدِيٍّ، قال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَنْ صَيْدِ البازِي، فَقالَ: (ما أمْسَكَ عَلَيْكَ، فَكُلْ)، رواهُ التِّرْمِذيُّ[[أخرجه الترمذي (١٤٦٧) (٤ /٦٦).]].
وصحَّ عن ابنِ عبّاسٍ في قولِه: ﴿وما عَلَّمْتُمْ مِنَ الجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾، أنّه قال: «يعني بـالجوارحِ: الكلابَ الضَّوارِيَ والفُهُودَ والصُّقُورَ وأشباهَها»[[«تفسير الطبري» (٨ /١٠٤).]].
ورُوِيَ عن نافعٍ، عن ابنِ عمرَ، قال: «ما صادَ مِن الطَّيْرِ ـ والبُزاةُ مِن الطَّيْرِ ـ فما أدرَكْتَ فهو لك، وإلاَّ فلا تَطْعَمْهُ»[[«تفسير الطبري» (٨ /١٠٥).]].
صيدُ الكلبِ الأسوَدِ:
واستثنى أحمدُ مِن الكلابِ الأَسْوَدَ البَهِيمَ، أنّه لا يجوزُ اتِّخاذُهُ ولا رخصةَ فيه أصلًا، لأنّه شيطانٌ، ومأمورٌ بقتلِهِ، فلا يجوزُ اقتناؤُهُ أصلًا، وتَبَعًا لا يجوزُ الصيدُ به.
واستنكَرَ بعضُ المالكيَّةِ ذلك على أحمدَ، وقولُ أحمدَ على أصلٍ صحيحٍ، أنّ ما أمَرَ اللهُ بقتلِهِ لا يجوزُ أكلُهُ نفسِهِ، وأمّا الأكلُ بكَسْبِهِ، فهو كذلك، لأنّ مُقتضى الأكلِ بكسبِهِ جوازُ اقتنائِه، والشريعةُ تَنهى عن ذلك، وإطلاقُ الحِلِّ إذا تقرَّرَ، انسحَبَ على كلِّ حالٍ، والشريعةُ لا تُطلِقُ قواعدَ حِلِّها وتحريمِها على الأمورِ العارضةِ.
الثاني: أنّ اللهَ ذكَرَ تعليمَ الجارحةِ، والبازِي يعلَّمُ كما يعلَّمُ الكلبُ، ويُؤمَرُ ويُزجَرُ ويَمتثِلُ.
الثـالثُ: أنّ اللهَ عمَّمَ في الآيةِ ذِكْرَ الجوارحِ بقولِه: ﴿مِنَ الجَوارِحِ﴾، وهذا وصفٌ يدخُلُ فيه كلُّ جارحةٍ معلَّمةٍ، والنصُّ على الكلبِ في الآيةِ لو كان المقصودُ فيه السَّبُعَ، فهو للتعريفِ لا للتقييدِ، فإنّ الكلبَ أكثَرُ في الاستعمالِ وأيسَرُ في التعليمِ وأطوَعُ لصاحِبِه، ولذا كثُر ذِكْرُهُ في الوحيِ عندَ ذِكْرِ الصيدِ.
الـرابـعُ: أنّ الصيدَ بالصَّقرِ والبازِي معروفٌ عندَ العربِ في الجاهليَّةِ والإسلامِ، ولم يَرِدْ نهيٌ عنه، ولا إخراجُهُ مِن عمومِ الآيةِ في كلامِ الصحابةِ ولا عامَّةِ التابعِينَ.
الخامسُ: قد فسَّرَ ابنُ عبّاسٍ قولَهُ تعالى: ﴿مُكَلِّبِينَ﴾ بالكَلَبِ، مُشتقٌّ مِن الشِّدَّةِ، لا مِن اسمِ الكَلْبِ، ومرادُهُ منه: مُغْرِينَ للجوارحِ على الصيدِ، ولأنّ إغراءَ الجارحِ وإرسالَهُ للصيدِ علامةٌ على تعليمِه.
صيدُ الجارِحِ غيرِ المُعَلَّم:
ويتَّفِقُ العلماءُ على عدمِ جوازِ صيدِ غيرِ المعلَّمِ مِن الجوارحِ، لظاهرِ الآيةِ، فتقييدُ الآيةِ وتخصيصُها مقصودٌ، ولأنّه يَصِيدُ لنفسِهِ، لا يصيدُ لغيرِه، ويُستثنى مِن ذلك إن أدرَكَ ذَكاتَهُ فذبَحَهُ، لما تقدَّمَ في الآيةِ بقولِهِ: ﴿إلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ﴾ [المائدة: ٣]، بعدَما قال: ﴿وما أكَلَ السَّبُعُ﴾ [المائدة: ٣].
والسَّبُعُ إنْ صاد صيدًا وهو غيرُ معلَّمٍ، أخَذَ حُكْمَ سائرِ الآلاتِ التي تُمِيتُ بلا قصدٍ ولا اختيارٍ، وقد حرَّمَ اللهُ الصيدَ الذي لم يَتيقَّنِ الرجلُ أنّ كَلْبَه صادَه أو غيرَه، ففي «الصحيحَيْنِ»، مِن حديثِ عديٍّ، أنّه سأَلَ النبيَّ ﷺ، فقال: فَإنْ وجَدتُّ مَعَ كَلْبِي كَلْبًا آخَرَ، فَلا أدْرِي أيُّهُما أخَذَهُ؟ فقال له النبيُّ ﷺ: (فَلا تَأْكُلْ، فَإنَّما سَمَّيْتَ عَلى كَلْبِكَ، ولَمْ تُسَمِّ عَلى غَيْرِهِ) [[أخرجه البخاري (٢٠٥٤) (٣ /٥٤)، ومسلم (١٩٢٩) (٣ /١٥٢٩).]].
وقولُه تعالى: ﴿عَلَّمْتُمْ مِنَ الجَوارِحِ﴾:
سُمِّيَتْ جوارحَ، والجَرْحُ: هو الكَسْبُ، والعربُ تقولُ: لا جارحَ لفلانٍ، يعني: لا كاسِبَ له، ومِن ذلك قولُهُ تعالى: ﴿وهُوَ الَّذِي يَتَوفّاكُمْ بِاللَّيْلِ ويَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ﴾ [الأنعام: ٦٠]، والمرادُ: ما كسَبْتُموهُ في النَّهارِ، وخَصَّ النهارَ، لأنّه محلُّ الكَسْبِ وجَلْبِ الرِّزْقِ.
تعريف الجارح المُعلَّم:
والجارحُ المُعلَّمُ هو الذي إذا أُمِرَ ائتمَر، وإذا زُجِرَ انزجَر في قصدِ الصيدِ، وليس المرادُ بالمُعلَّمِ عمومَ التعليمِ الذي يَعلَمُ الركوبَ والنزولَ مِن الدوابِّ، أو القيامَ والقعودَ، والذَّهابَ والمجيءَ، وإنّما المرادُ عِلمُ الصيدِ والأمرِ والزَّجْرِ المُتعلِّقِ به.
وقولُه: ﴿فَكُلُوا مِمّا أمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾: دليلٌ على تحريمِ ما صادَتْه الجوارحُ المُعلَّمةُ لنفسِها، فقولُه: ﴿أمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾، يعني: حَبَسْنَ لكم، يُقالُ: أمْسِكْ عليك لسانَك أو مالَك، يعني: احبِسْهُ لك، وفي «الصحيحَيْنِ»، مِن حديثِ عديٍّ، قال ﷺ: (إذا أرْسَلْتَ كَلْبَكَ، وذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ، فَكُلْ، فَإنْ أكَلَ مِنهُ، فَلا تَأْكُلْ، فَإنَّهُ إنَّما أمْسَكَ عَلى نَفْسِهِ) [[أخرجه البخاري (٥٤٨٦) (٧ /٨٨)، ومسلم (١٩٢٩) (٣ /١٥٢٩).]]، وذلك أنّ الكلبَ قد يَصِيدُ لنفسِهِ جوعًا أو نسيانًا، فنسيانُهُ أولى مِن نسيانِ الإنسانِ، وعلامةُ ذلك: الأكلُ، فإنْ أكَلَ، لم يَحِلَّ ما أكَلَ منه، لانتفاءِ قصدِ صيدِه لصاحِبِه، ولو كان يَحِلُّ ما صادَهُ الكلبُ المُعلَّمُ ولو لنفسِه، لم يكنْ لِعلَّةِ التعليمِ معنًى في الآيةِ، ولا لقولِه: ﴿أمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾، فاللهُ أكَّدَ قصدَ صيدِهِ لصاحِبِه في موضعَيْنِ:
الأولُ: في تقييدِ حِلِّ صيدِ الجوارحِ المُعلَّمةِ فقطْ.
الثاني: ذِكْرُ الإمساكِ عليهم، لأنّه قد يكونُ معلَّمًا ويَصِيدُ لنفسِه، فشدَّدَ في هذا القصدِ حتى في الجارحةِ المعلَّمةِ، مع أنّ الأصلَ في المُعلَّمةِ: حضورُ القصدِ في الصيدِ لصاحِبِها.
حُكْم الصيدِ الذي يأكلُ منه الجارحُ:
وبتحريمِ ما أكَلَ منه الكلبُ والطيرُ جاء النصُّ في ظاهرِ الآيةِ، وصحَّ به الحديثُ، وهو قولُ جمهورِ العلماءِ، كأبي حنيفةَ والشافعيِّ وأحمدَ والثوريِّ، خلافًا لمالكٍ، وبه أفتى أكثَرُ السلفِ، كابنِ عبّاسٍ وابنِ عمرَ وطاوسٍ ومجاهِدٍ والشَّعبيِّ وعِكْرِمةَ وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ وعطاءٍ.
وعمدةُ مَن قال بالحِلِّ: ما جاء عندَ أبي داودَ، مِن حديثِ أبي ثعلبةَ الخُشَنِيِّ، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: (إذا أرْسَلْتَ كَلْبَكَ وذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ، فَكُلْ وإنْ أكَلَ مِنهُ) [[سبق تخريجه.]]، وروى النَّسائيُّ معناهُ، مِن حديثِ عمرِو بنِ شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن جدِّه[[أخرجه النسائي (٤٢٩٦) (٧ /١٩١).]]، وبهذه الأحاديثِ قال بعضُ السلفِ، كأبي هريرةَ وابنِ عمرَ في قولِه الآخَرِ وابنِ المُسيَّبِ.
وهناك قولٌ ثالثٌ فرَّقَ بينَ أكلِ الطَّيْرِ وبينَ أكلِ الكلبِ، فأجازَ ما أكَلَ منه الطيرُ المُعلَّمُ، وحرَّمَ ما أكَلَ منه الكلبُ، وهو قولٌ آخَرُ لعطاءٍ والشعبيِّ والنَّخَعيِّ، وهو قولُ أبي حنيفةَ وأحمدَ والمُزَنِيِّ صاحِبِ الشافعيِّ، وعلَّلَ بعضُهم ذلك: بأنّ الطيرَ يَشُقُّ تعليمُهُ ولا يَقبَلُ الضربَ كالكلبِ، فخُفِّفَ فيه ويُسِّرَ.
وحديثُ عديٍّ أصَحُّ وأحوَطُ وأقرَبُ لظاهرِ القرآنِ، ويُمكِنُ أنْ يُجمَعَ بينَ الحديثَيْنِ بأنّ أكْلَ الكلبِ في حديثِ عديٍّ عندَ الصيدِ، وبه يتَّضحُ قصدُ الكلبِ المعلَّمِ، وأمّا في حديثِ أبي ثَعْلَبَةَ، فيُحمَلُ على أكلِ الكلبِ بعدَ الصيدِ لا عندَهُ، وذلك أنّ الكلبَ إنْ صادَ وطالَ لحاقُ صاحبِهِ به قد يَشتهي الصيدَ لنفسِهِ بعدَ صيدِهِ فيأكُلُ منه، وأكلُهُ منه عندَ صيدِهِ يَظهَرُ معه القصدُ، وأمّا أكلُهُ منه بعدَ صيدِهِ بزمنٍ فينفَكُّ عنه القصدُ لطولِ الفصلِ، فإنّ مِن الكلابِ مَن يعتادُ صاحبُها إطعامَها مِن صَيْدِها، فإنْ صادتْ، ربَّما أكَلَتْ ما تظنُّ أنّ صاحِبَها أذِنَ لها منه.
قرائنُ قصد الجارحِ الصيدَ لنفسه:
ويَظهَرُ قصدُ الكلبِ بقرائنَ:
منها: إنْ أرسَلَهُ صاحبُه، فالغالبُ أنّه يصيدُ لصاحبِهِ لا له، وإنِ انطلَقَ بنفسِهِ ولم يُؤمَرْ وليس في حالِ تحفُّزٍ وتَحَرٍّ مِن صاحبِهِ للصيدِ، فهذه قرينةٌ على أنّه أرادَهُ لنفسِهِ إنْ أكَلَ منه.
ومِن القرائنِ: جُوعُ الكلبِ وشِبَعُهُ، فإنْ كان جائعًا وأكَلَ منه، فالغالبُ أنّه صادَهُ لنفسِهِ.
ومِن القرائنِ: طولُ الفصلِ بينَ صيدِهِ وأكلِه، فإنْ أكَلَ مباشرةً عندَ الصيدِ، فهذه قرينةٌ على أنّه صادَ لنفسِه، وإن صادَ وانتظَرَ ثمَّ أكَلَ، فالغالبُ أنّه صادَ لصاحِبِه، واللهُ أعلَمُ.
وإنِ انطلَقَ الكلبُ أو الطيرُ بنفسِه فصادَ، فجمهورُ العلماءِ: على أنّه صادَ لنفسِهِ، فعلى هذا لا يَحِلُّ ما مات مِن صَيْدِه.
وقولُه تعالى: ﴿واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾، فيه دليلٌ على مشروعيَّةِ التسميةِ عندَ إرسالِ الجارِحةِ المعلَّمةِ، وكذلك عندَ رميِ السهمِ أو إطلاقِ الرصاصِ، وعندَ الذبحِ بالاتِّفاقِ.
وجوبُ التَّسْمِية عِند إرسالِ الجارحِ:
وفي وجوبِ التسميةِ عندَ الإرسالِ وعندَ الذَّبْحِ خلافٌ، على أقوالٍ:
الأوَّلُ: الوجوبُ، وهو قولُ أحمدَ الذي صَحَّحَهُ عنه غيرُ واحدٍ، وبه قال أهلُ الظاهرِ.
الـثـاني: الاستحبابُ، وهو قولُ الشافعيِّ ومالكٍ في إحدى روايتَيْه.
الثالثُ: فرَّقُوا بينَ تركِها عمدًا وتركِها سهوًا، فإنْ تُرِكَتْ عمدًا، لم تَحِلَّ، وإنْ تُرِكَتْ سهوًا ونسيانًا، عُفِيَ عن ذلك، وهو قولُ أبي حنيفةَ والثوريِّ ومالكٍ في روايتِهِ الأخرى.
والأظهرُ: الاستحبابُ، والمرادُ بذِكرِ اسمِ اللهِ: الإهلالُ، وهو علامةٌ على قصدِ الذبحِ للهِ لا لغيرِه، وليس الإهلالُ في ذاتِهِ قصدًا كحالِ الإهلالِ في نُسُكِ الحجِّ، وإنّما جاء ذِكْرُ اسمِ اللهِ بالأمرِ، لأنّ أهلَ الجاهليَّةِ يَذْكُرونَ غيرَ اللهِ، فأمَرَ اللهُ به، ليَظهَرَ قصدُ التوحيدِ، كما كانوا يُظهِرونَ قصدَ الشِّرْكِ، وهذا ظاهرٌ في آيةِ الأنعامِ في قولِهِ: ﴿فَكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ ﴾ [١١٨]، فذكَرَ الإيمانَ، لبيانِ أنّ المرادَ مُخالَفةُ نقيضِهِ، وهو شِرْكُ الذبحِ لغيرِ اللهِ، وهو المرادُ بقولِه تعالى في مواضعَ: ﴿وما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ [المائدة: ٣، والنحل: ١١٥] ﴿وما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٧٣].
ثمَّ إنّ اللهَ أحَلَّ طعامَ أهلِ الكتابِ بعدَ هذه الآيةِ، ولم يَذْكُرِ اشتراطَ تَسْمِيَتِهم عليها، وقد جاء في «الصحيحِ»، مِن حديثِ عائشةَ، أنّ النبيَّ ﷺ سُئِلَ: إنّ قَوْمًا يَأْتُونَنا بِاللَّحْمِ لا نَدْرِي أذَكَرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ أمْ لا؟ فَقالَ: (سَمُّوا اللهَ عَلَيْهِ، وكُلُوهُ) [[أخرجه البخاري (٢٠٥٧) (٣ /٥٤).]].
والمعروفُ مِن فُتيا الصحابةِ، كعليٍّ وعائشةَ: أنّهم يَمنَعونَ مِن ذبائحِ أهلِ الكتابِ عندَ سماعِهم يَذكُرونَ اسمَ غيرِ اللهِ عليها، ولم يَشترِطُوا سماعَ التسميةِ ولا ذِكْرَها، ولا يكادُ يُعرَفُ مَن يُخالِفُهم مِن الصحابةِ والتابِعِين.
ويأتي تفصيلُ ذلك في سورةِ الأنعامِ عندَ قولِهِ تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١١٨]، وقولِهِ: ﴿ولا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١٢١].
ثمَّ أمَرَ اللهُ في الآيةِ بتَقْواهُ، وذَكَّرَ بأنّه سريعُ الحسابِ، وقد يُعجِّلُ العقوبةَ وقد يُؤجِّلُها إن لم يَعْفُ عن المُقصِّرِ.
{"ayah":"یَسۡـَٔلُونَكَ مَاذَاۤ أُحِلَّ لَهُمۡۖ قُلۡ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّیِّبَـٰتُ وَمَا عَلَّمۡتُم مِّنَ ٱلۡجَوَارِحِ مُكَلِّبِینَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُۖ فَكُلُوا۟ مِمَّاۤ أَمۡسَكۡنَ عَلَیۡكُمۡ وَٱذۡكُرُوا۟ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَیۡهِۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِیعُ ٱلۡحِسَابِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق