الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ﴾ أمّا الشَّهْرُ فَمَأْخُوذٌ مِنَ الشُّهْرَةِ، ومِنهُ قِيلَ: قَدْ شَهَرَ فُلانٌ سَيْفَهُ، إذا أخْرَجَهُ، وأمّا رَمَضانُ فَإنَّ بَعْضَ أهْلِ اللُّغَةِ يَزْعُمُ أنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ، لِشِدَّةِ ما كانَ يُوجَدُ فِيهِ مِنَ الحَرِّ حَتّى تَرْمَضَ فِيهِ الفِصالُ، كَما قِيلَ لِشَهْرِ الحَجِّ: ذُو الحِجَّةِ، وقَدْ كانَ شَهْرُ رَمَضانَ يُسَمّى في الجاهِلِيَّةِ ناتِقًا. (p-٢٤٠)
وَأمّا مُجاهِدٌ فَإنَّهُ كانَ يَكْرَهُ أنْ يُقالَ: رَمَضانُ، ويَقُولُ: لَعَلَّهُ مِن أسْماءِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ.
وَفي إنْزالِهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّ اللَّهَ تَعالى أنْزَلَ القُرْآنَ جُمْلَةً واحِدَةً مِنَ اللَّوْحِ المَحْفُوظِ إلى سَماءِ الدُّنْيا في شَهْرِ رَمَضانَ في لَيْلَةِ القَدْرِ مِنهُ، ثُمَّ أنْزَلَهُ عَلى نَبِيِّهِ ﷺ، عَلى ما أرادَ إنْزالَهُ عَلَيْهِ.
رَوى أبُو مُسْلِمٍ عَنْ وائِلَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «نَزَلَتْ صُحُفُ إبْراهِيمَ أوَّلَ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ، وأُنْزِلَتِ التَّوْراةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِن رَمَضانَ، وأُنْزِلَ الإنْجِيلُ لِثَلاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِن رَمَضانَ، وأُنْزِلَ القُرْآنُ لِأرْبَعٍ وعِشْرِينَ مِن رَمَضانَ.
» والثّانِي: أنَّهُ بِمَعْنى أُنْزِلَ القُرْآنُ في فَرْضِ صِيامِهِ، وهو قَوْلُ مُجاهِدٍ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هُدًى لِلنّاسِ﴾ يَعْنِي رَشادًا لِلنّاسِ.
﴿وَبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى والفُرْقانِ﴾ أيْ بَيِّناتٌ مِنَ الحَلالِ والحَرامِ، وفُرْقانٌ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ.
﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ الشَّهْرُ لا يَغِيبُ عَنْ أحَدٍ، وفي تَأْوِيلِهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: فَمَن شَهِدَ أوَّلَ الشَّهْرِ، وهو مُقِيمٌ فَعَلَيْهِ صِيامُهُ إلى آخِرِهِ، ولَيْسَ لَهُ (p-٢٤١)
أنْ يُفْطِرَ في بَقِيَّتِهِ، وهَذا قَوْلُ عَلِيٍّ، وابْنِ عَبّاسٍ، والسُّدِّيِّ.
والثّانِي: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ، فَلْيَصُمْ ما شَهِدَ مِنهُ وهو مُقِيمٌ دُونَ ما لَمْ يَشْهَدْهُ في السَّفَرِ، وهَذا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ والحَسَنِ البَصْرِيِّ.
والثّالِثُ: فَمَن شَهِدَ بالِغًا عاقِلًا مُكَلَّفًا فَلْيَصُمْهُ، ولا يَسْقُطُ صَوْمُ بَقِيَّتِهِ إذا جُنَّ فِيهِ، وهَذا قَوْلُ أبِي حَنِيفَةَ، وصاحِبَيْهِ.
﴿وَمَن كانَ مَرِيضًا أوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أُخَرَ﴾ وإنَّما أعادَ ذِكْرَ الفِطْرِ بِالمَرَضِ والسَّفَرِ مَعَ قُرْبِ ذِكْرِهِ مِن قَبْلُ، لِأنَّهُ في حُكْمِ تِلْكَ الآيَةِ مَنسُوخٌ، فَأعادَ ذِكْرَهُ، لِئَلّا يَصِيرَ بِالمَنسُوخِ مَقْرُونًا، وتَقْدِيرُهُ: فَمَن كانَ مَرِيضًا أوْ عَلى سَفَرٍ في شَهْرِ رَمَضانَ فَأفْطَرَ، فَعَلَيْهِ عِدَّةُ ما أفْطَرَ مِنهُ، أنْ يَقْضِيَهُ مِن بَعْدِهِ.
واخْتَلَفُوا في المَرَضِ الَّذِي يَجُوزُ مَعَهُ الفِطْرُ في شَهْرِ رَمَضانَ، عَلى ثَلاثَةِ مَذاهِبَ: أحَدُها: أنَّهُ كُلُّ مَرَضٍ لَمْ يُطِقِ الصَّلاةَ مَعَهُ قائِمًا، وهَذا قَوْلُ الحَسَنِ البَصْرِيِّ.
والثّانِي: أنَّهُ المَرَضُ الَّذِي الأغْلَبُ مِن أمْرِ صاحِبِهِ بِالصَّوْمِ الزِّيادَةُ في عِلَّتِهِ زِيادَةً غَيْرَ مُحْتَمَلَةٍ، وهو قَوْلُ الشّافِعِيِّ.
والثّالِثُ: أنَّهُ كُلُّ مَرَضٍ انْطَلَقَ عَلَيْهِ اسْمُ المَرَضِ، وهو قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ.
فَأمّا السَّفَرُ، فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلى ثَلاثَةِ مَذاهِبَ: أحَدُها: أنَّهُ ما انْطَلَقَ اسْمُ السَّفَرِ مِن طَوِيلٍ أوْ قَصِيرٍ، وهَذا قَوْلُ داوُدَ.
والثّانِي: أنَّهُ مَسِيرَةُ ثَلاثَةِ أيّامٍ، وهو قَوْلُ أبِي حَنِيفَةَ.
واخْتَلَفُوا في وُجُوبِ الفِطْرِ فِيهِ عَلى قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّهُ واجِبٌ وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ.
والثّانِي: أنَّهُ مُباحٌ، وهو قَوْلُ الجُمْهُورِ.
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ﴾ قالَ ابْنُ (p-٢٤٢)عَبّاسٍ: اليُسْرُ الإفْطارُ، والعُسْرُ الصِّيامُ في السَّفَرِ، ونَحْوُهُ عَنْ مُجاهِدٍ وقَتادَةَ.
﴿وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ﴾ يَعْنِي عِدَّةَ ما أفْطَرَ ثُمَّ في صِيامِ شَهْرِ رَمَضانَ بِالقَضاءِ في غَيْرِهِ.
﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ﴾ قِيلَ: إنَّهُ تَكْبِيرُ الفِطْرِ مِن أوَّلِ الشَّهْرِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿عَلى ما هَداكُمْ﴾ يَعْنِي مِن صِيامِ شَهْرِ رَمَضانَ، ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ عَلى عُمُومِ ما هَدانا إلَيْهِ مِن دِينِهِ.
﴿وَلَعَلَّكم تَشْكُرُونَ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: تَشْكُرُونَ عَلى هِدايَتِهِ لَكم.
والثّانِي: عَلى ما أنْعَمَ بِهِ مِن ثَوابِ طاعَتِهِ، واللَّهُ أعْلَمُ.
{"ayah":"شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ فِیهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدࣰى لِّلنَّاسِ وَبَیِّنَـٰتࣲ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡیَصُمۡهُۖ وَمَن كَانَ مَرِیضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرࣲ فَعِدَّةࣱ مِّنۡ أَیَّامٍ أُخَرَۗ یُرِیدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡیُسۡرَ وَلَا یُرِیدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ وَلِتُكۡمِلُوا۟ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا۟ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق