الباحث القرآني

﴿شَهْرُ رَمَضانَ﴾ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ المَوْصُولُ بَعْدَهُ، ويَكُونُ ذِكْرُ الجُمْلَةِ مُقَدِّمَةً لِفَرْضِيَّةِ صَوْمِهِ بِذِكْرِ فَضْلِهِ، أوْ ﴿فَمَن شَهِدَ﴾ والفاءُ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنى الشَّرْطِ لِكَوْنِهِ مَوْصُوفًا بِالمَوْصُولِ، أوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ ذَلِكُمُ الوَقْتُ الَّذِي كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ فِيهِ، أوِ المَكْتُوبُ شَهْرُ رَمَضانَ، أوْ بَدَلٌ مِنَ الصِّيامِ بَدَلَ كُلٍّ بِتَقْدِيرِ مُضافٍ؛ أيْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ صِيامُ شَهْرِ رَمَضانَ، وما تَخَلَّلَ بَيْنَهُما مِنَ الفَصْلِ مُتَعَلِّقٌ بِـ (كَتَبَ) لَفْظًا أوْ مَعْنًى، فَلَيْسَ بِأجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا، وإنِ اعْتَبَرْتَهُ بَدَلَ اشْتِمالٍ اسْتَغْنَيْتَ عَنِ التَّقْدِيرِ، إلّا أنَّ كَوْنَ الحُكْمِ السّابِقِ - وهو فَرْضِيَّةُ الصَّوْمِ - مَقْصُودًا بِالذّاتِ، وعَدَمُ كَوْنِ ذِكْرِ المُبْدَلِ مِنهُ مُشَوِّقًا إلى ذِكْرِ البَدَلِ يُبْعِدُ ذَلِكَ، وقُرِئَ ( شَهْرَ ) بِالنَّصْبِ عَلى أنَّهُ مَفْعُولٌ لِـ ( صُومُوا ) مَحْذُوفًا، وقِيلَ: إنَّهُ مَفْعُولُ ﴿وأنْ تَصُومُوا﴾ وفِيهِ لُزُومُ الفَصْلِ بَيْنَ أجْزاءِ المَصْدَرِيَّةِ (p-60)بِالخَبَرِ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ مَفْعُولَ ( تَعْلَمُونَ ) بِتَقْدِيرِ مُضافٍ؛ أيْ: شَرَفَ شَهْرِ رَمَضانَ ونَحْوِهِ، وقِيلَ: لا حاجَةَ إلى التَّقْدِيرِ، والمُرادُ ( إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) نَفْسَ الشَّهْرِ ولا تَشُكُّونَ فِيهِ، وفِيهِ إيذانٌ بِأنَّ الصَّوْمَ لا يَنْبَغِي مَعَ الشَّكِّ، ولَيْسَ بِشَيْءٍ كَما لا يَخْفى، والشَّهْرُ المُدَّةُ المُعَيَّنَةُ الَّتِي ابْتِداؤُها رُؤْيَةُ الهِلالِ، ويُجْمَعُ في القِلَّةِ عَلى أشْهُرٍ، وفي الكَثْرَةِ عَلى شُهُورٍ، وأصْلُهُ مِن شَهَرَ الشَّيْءَ أظْهَرَهُ، وهو لِكَوْنِهِ مِيقاتًا لِلْعِباداتِ والمُعامَلاتِ، صارَ مَشْهُورًا بَيْنَ النّاسِ، ورَمَضان مَصْدَرُ رَمِضَ - بِكَسْرِ العَيْنِ - إذا احْتَرَقَ، وفي شَمْسِ العُلُومِ مِنَ المَصادِرِ الَّتِي يَشْتَرِكُ فِيها الأفْعالُ فَعَلانُ - بِفَتْحِ الفاءِ والعَيْنِ - وأكْثَرُ ما يَجِيءُ بِمَعْنى المَجِيءِ والذَّهابِ والِاضْطِرابِ - كالخَفَقانِ والعَسَلانِ واللَّمَعانِ - وقَدْ جاءَ لِغَيْرِ المَجِيءِ والذَّهابِ كَما في ( شَنَأْتُهُ شَنَآنًا إذا بَغَضْتُهُ ) فَما في البَحْرِ مِن أنَّ كَوْنَهُ مَصْدَرًا يَحْتاجُ إلى نَقْلٍ، فَإنَّ فَعَلانًا لَيْسَ مَصْدَرَ فِعْلِ اللّازِمِ، فَإنْ جاءَ شَيْءٌ مِنهُ كانَ شاذًّا، فالأوْلى أنْ يَكُونَ مُرْتَجَلًا لا مَنقُولًا ناشِئٌ عَنْ قِلَّةِ الِاطِّلاعِ، والخَلِيلُ يَقُولُ: إنَّهُ مِنَ الرَّمْضِ - مُسَكَّنَ المِيمِ - وهو مَطَرٌ يَأْتِي قَبْلَ الخَرِيفِ يُطَهِّرُ وجْهُ الأرْضِ عَنِ الغُبارِ، وقَدْ جُعِلَ مَجْمُوعُ المُضافِ والمُضافِ إلَيْهِ عَلَمًا لِلشَّهْرِ المَعْلُومِ، ولَوْلا ذَلِكَ لَمْ يَحْسُنْ إضافَةُ ( شَهْرٍ ) إلَيْهِ كَما لا يَحْسُنُ ( إنْسانُ زَيْدٍ ) وإنَّما تَصِحُّ إضافَةُ العامِّ إلى الخاصِّ إذا اشْتُهِرَ كَوْنُ الخاصِّ مِن أفْرادِهِ، ولِهَذا لَمْ يُسْمَعْ شَهْرُ رَجَبٍ وشَهْرُ شَعْبانَ، وبِالجُمْلَةِ فَقَدْ أطْبَقُوا عَلى أنَّ العَلَمَ في ثَلاثَةِ أشْهُرٍ مَجْمُوعُ المُضافِ والمُضافِ إلَيْهِ شَهْرُ رَمَضانَ، وشَهْرُ رَبِيعٍ الأوَّلِ وشَهْرُ رَبِيعٍ الثّانِي، وفي البَواقِي لا يُضافُ شَهْرٌ إلَيْهِ، وقَدْ نَظَّمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ، فَقالَ: ولا تُضِفْ شَهْرًا إلى اسْمِ شَهْرِ إلّا لِما أوَّلُهُ ( الرّا ) فادْرِ واسْتَثْنِ مِنها رَجَبًا فَيَمْتَنِعْ لِأنَّهُ فِيما رَوَوْهُ ما سُمِعْثُمَّ في الإضافَةِ يُعْتَبَرُ في أسْبابِ مَنعِ الصَّرْفِ وامْتِناعِ ( اللّامِ ) ووُجُوبِها حالَ المُضافِ إلَيْهِ، فَيَمْتَنِعُ في مِثْلِ ( شَهْرُ رَمَضانَ ) وابْنُ دايَةَ مِنَ الصَّرْفِ ودُخُولُ ( اللّامِ ) ويُنْصَرُ في مِثْلِ شَهْرِ رَبِيعٍ الأوَّلِ وابْنِ عَبّاسٍ، ويَجِبُ ( اللّامُ ) في مِثْلِ امْرِئِ القَيْسِ؛ لِأنَّهُ وقَعَ جُزْءًا حالَ تَحْلِيَتِهِ بِاللّامِ، ويَجُوزُ في مِثْلِ ابْنِ عَبّاسٍ، أمّا دُخُولُهُ فَلِلَمْحِ الأصْلِ، وأمّا عَدَمُهُ فَلِتَجَرُّدِهِ في الأصْلِ، وعَلى هَذا فَنَحْوُ مَن صامَ رَمَضانَ مِن حَذْفِ جُزْءِ العَلَمِ لِعَدَمِ الإلْباسِ، كَذا قِيلَ، وفِيهِ بَحْثٌ، أمّا أوَّلًا فَلِأنَّ إضافَةَ العامِّ إلى الخاصِّ مَرْجِعُها إلى الذَّوْقِ، ولِهَذا تَحْسُنُ تارَةً كَشَجَرِ الأراكِ، وتَقْبُحُ أُخْرى كَإنْسانِ زَيْدٍ، وقُبْحُها في ( شَهْرِ رَمَضانَ ) لا يَعْرِفُهُ إلّا مَن تَغَيَّرَ ذَوْقُهُ مِن أثَرِ الصَّوْمِ، وأمّا ثانِيًا فَإنَّ قَوْلَهُمْ: لَمْ يُسْمَعْ شَهْرُ رَجَبٍ إلَخْ مِمّا سُمِعَ بَيْنَ المُتَأخِّرِينَ - ولا أصْلَ لَهُ - فَفي شَرْحِ التَّسْهِيلِ جَوازُ إضافَةِ ( شَهْرٍ ) إلى جَمِيعِ أسْماءِ الشُّهُورِ، وهو قَوْلُ أكْثَرِ النَّحْوِيِّينَ، فادِّعاءُ الإطْباقِ غَيْرُ مُطَبَّقٍ عَلَيْهِ، ومَنشَأُ غَلَطِ المُتَأخِّرِينَ ما في أدَبِ الكاتِبِ، مِن أنَّهُ اصْطِلاحُ الكُتّابِ، قالَ: لِأنَّهم لَمّا وضَعُوا التّارِيخَ في زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ - وجَعَلُوا أوَّلَ السَّنَةِ المُحَرَّمَ، فَكانُوا لا يَكْتُبُونَ في تَوارِيخِهِمْ شَهْرًا إلّا مَعَ رَمَضانَ والرَّبِيعَيْنِ، فَهو أمْرٌ اصْطِلاحِيٌّ، لا وضْعِيٌّ لُغَوِيٌّ، ووَجْهُهُ في رَمَضانَ مُوافَقَةُ القُرْآنِ، وفي رَبِيعٍ الفَصْلُ عَنِ الفَصْلِ، ولِذا صَحَّحَ سِيبَوَيْهِ جَوازَ إضافَةِ الشَّهْرِ إلى جَمِيعِ أسْماءِ الشُّهُورِ، وفَرَّقَ بَيْنَ ذِكْرِهِ وعَدَمِهِ بِأنَّهُ حَيْثُ ذُكِرَ لَمْ يُفِدِ العُمُومَ، وحَيْثُ حُذِفَ أفادَهُ، وعَلَيْهِ يَظْهَرُ الفَرْقُ بَيْنَ ( إنْسانِ زَيْدٍ ) و( شَهْرِ رَمَضانَ ) ولا يُغَمُّ هِلالُ ذَلِكَ، وأمّا ثالِثًا فَلِأنَّ قَوْلَهُ: ( ثُمَّ ) في الإضافَةِ إلَخْ، مِمّا صَرَّحَ النُّحاةُ بِخِلافِهِ، فَإنَّ ابْنَ دايَةَ سَمِعَ مَنعَهُ وصَرْفَهُ كَقَوْلِهِ: (p-61)ولَمّا رَأيْتُ النَّسْرَ عَزَّ ابْنَ دايَةَ وعَشَّشَ في وكْرَيْهِ جاشَ لَهُ صَدْرِي قالُوا: ولِكُلٍّ وجْهٌ، أمّا عَدَمُ الصَّرْفِ فَلِصَيْرُورَةِ الكَلِمَتَيْنِ بِالتَّرْكِيبِ كَلِمَةً بِالتَّسْمِيَةِ، فَكانَ كَطَلْحَةَ مُفْرَدًا وهو غَيْرُ مُنْصَرِفٍ، وأمّا الصَّرْفُ فَلِأنَّ المُضافَ إلَيْهِ في أصْلِهِ اسْمُ جِنْسٍ - والمُضافُ كَذَلِكَ - وكُلٌّ مِنهُما بِانْفِرادِهِ لَيْسَ بِعَلَمٍ، وإنَّما العَلَمُ مَجْمُوعُهُما، فَلا يُؤَثِّرُ التَّعْرِيفُ فِيهِ؛ ولا يَكُونُ لِمَنعِ الصَّرْفِ مَدْخَلٌ فَلْيُحْفَظْ، وبِالجُمْلَةِ المُعَوَّلُ عَلَيْهِ أنَّ ( رَمَضانَ ) وحْدَهُ عَلَمٌ، وهو عَلَمُ جِنْسٍ لِما عَلِمْتَ، ومَنَعَ بَعْضُهم أنْ يُقالَ: ( رَمَضانُ ) بِدُونِ ( شَهْرٍ ) لِما أخْرَجَهُ ابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ وابْنُ عَدِيٍّ والبَيْهَقِيُّ والدَّيْلَمِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا ومَوْقُوفًا: «لا تَقُولُوا: رَمَضانَ، فَإنَّ رَمَضانَ اسْمٌ مِن أسْماءِ اللَّهِ - تَعالى -، ولَكِنْ قُولُوا: شَهْرُ رَمَضانَ» وإلى ذَلِكَ ذَهَبَ مُجاهِدٌ، والصَّحِيحُ الجَوازُ، فَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ في الصَّحِيحِ، والِاحْتِياطُ لا يَخْفى، وإنَّما سُمِّيَ الشَّهْرُ بِهِ؛ لِأنَّ الذُّنُوبَ تَرْمِضُ فِيهِ، قالَهُ ابْنُ عُمَرَ، ورَوى ذَلِكَ أنَسٌ وعائِشَةُ مَرْفُوعًا إلى النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ - وقِيلَ: لِوُقُوعِهِ أيّامَ رَمَضِ الحَرِّ؛ حَيْثُ نَقَلُوا أسْماءَ الشُّهُورِ عَنِ اللُّغَةِ القَدِيمَةِ، وكانَ اسْمُهُ قَبْلُ ناتِقًا، ولَعَلَّ ما رُوِيَ عَنْهُ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ - مُبَيِّنٌ لِما يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ وجْهُ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ المُسْلِمِينَ، وإلّا فَهَذا الِاسْمُ قَبْلَ فَرْضِيَّةِ الصِّيامِ بِكَثِيرٍ عَلى ما هو الظّاهِرُ ﴿الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ﴾ أيِ: ابْتُدِئَ فِيهِ إنْزِالُهُ، وكانَ ذَلِكَ لَيْلَةَ القَدْرِ، قالَهُ ابْنُ إسْحاقَ، ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما - وابْنِ جُبَيْرٍ والحَسَنِ، أنَّهُ نَزَلَ فِيهِ جُمْلَةً إلى السَّماءِ الدُّنْيا، ثُمَّ نَزَلَ مُنَجَّمًا إلى الأرْضِ في ثَلاثٍ وعِشْرِينَ سَنَةً، وقِيلَ: أُنْزِلَ في شَأْنِهِ القُرْآنُ، وهو قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ﴾ وأخْرَجَ الإمامُ أحْمَدُ والطَّبَرانِيُّ مِن حَدِيثِ واثِلَةَ بْنِ الأسْقَعِ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ - أنَّهُ قالَ: «”نَزَلَتْ صُحُفُ إبْراهِيمَ أوَّلَ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ، وأُنْزِلَتِ التَّوْراةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ، والإنْجِيلُ لِثَلاثَ عَشْرَةَ، والقُرْآنُ لِأرْبَعٍ وعِشْرِينَ“،» ولَمّا كانَ بَيْنَ الصَّوْمِ ونُزُولِ الكُتُبِ الإلَهِيَّةِ مُناسِبَةٌ عَظِيمَةٌ، كانَ هَذا الشَّهْرُ المُخْتَصُّ بِنُزُولِها مُخْتَصًّا بِالصَّوْمِ الَّذِي هو نَوْعٌ عَظِيمٌ مِن آياتِ العُبُودِيَّةِ، وسَبَبٌ قَوِيٌّ في إزالَةِ العَلائِقِ البَشَرِيَّةِ المانِعَةِ عَنْ إشْراقِ الأنْوارِ الصَّمَدِيَّةِ. ﴿هُدًى لِلنّاسِ وبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى والفُرْقانِ﴾ حالانِ لازِمانِ مِنَ القُرْآنِ والعامِلُ فِيهِما ( أنْزَلَ )؛ أيْ: أنْزَلَ وهو هِدايَةٌ لِلنّاسِ بِإعْجازِهِ المُخْتَصِّ بِهِ كَما يُشْعِرُ بِذَلِكَ التَّنْكِيرُ، وآياتٌ واضِحاتٌ مِن جُمْلَةِ الكُتُبِ الإلَهِيَّةِ الهادِيَةِ إلى الحَقِّ، والفارِقَةُ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ بِاشْتِمالِها عَلى المَعارِفِ الإلَهِيَّةِ والأحْكامِ العَمَلِيَّةِ كَما يُشْعِرُ بِذَلِكَ جَعْلُهُ بَيِّناتٍ مِنها، فَهو هادٍ بِواسِطَةِ أمْرَيْنِ مُخْتَصٍّ وغَيْرِ مُخْتَصٍّ، فالهُدى لَيْسَ مُكَرَّرًا، وقِيلَ: مُكَرَّرٌ تَنْوِيهًا وتَعْظِيمًا لِأمْرِهِ وتَأْكِيدًا لِمَعْنى الهِدايَةِ فِيهِ، كَما تَقُولُ عالِمٌ نِحْرِيرٌ. ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ ( مِن ) شَرْطِيَّةٌ أوْ مَوْصُولَةٌ، ( والفاءُ ) إمّا جَوابُ الشَّرْطِ، أوْ زائِدَةٌ في الخَبَرِ، ومِنكم في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ مِنَ المُسْتَكِنِّ في شَهِدَ والتَّقْيِيدُ بِهِ لِإخْراجِ الصَّبِيِّ والمَجْنُونِ، وشَهِدَ مِنَ الشُّهُودِ والتَّرْكِيبِ يَدُلُّ عَلى الحُضُورِ، إمّا ذاتًا أوْ عِلْمًا، وقَدْ قِيلَ: بِكُلٍّ مِنهُما هُنا، والشَّهْر عَلى الأوَّلِ مَفْعُولٌ فِيهِ والمَفْعُولُ بِهِ مَتْرُوكٌ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الغَرَضِ بِهِ، فَتَقْدِيرُ البَلَدِ أوِ المُصِرِّ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وعَلى الثّانِي مَفْعُولٌ بِهِ بِحَذْفِ المُضافِ؛ أيْ هِلالُ الشَّهْرِ، ( وألْ ) فِيهِ عَلى التَّقْدِيرَيْنِ لِلْعَهْدِ ووُضِعَ المُظْهَرِ مَوْضِعَ المُضْمَرِ لِلتَّعْظِيمِ، ونُصِبَ الضَّمِيرُ المُتَّصِلُ في ( يَصُمْهُ ) عَلى الِاتِّساعِ؛ لِأنَّ صامَ لازِمٌ، والمَعْنى: فَمَن حَضَرَ في الشَّهْرِ ولَمْ يَكُنْ مُسافِرًا فَلْيَصُمْ فِيهِ، أوْ مَن عَلِمَ هِلالَ الشَّهْرِ وتَيَقَّنَ بِهِ فَلْيَصُمْ، ومُفادُ الآيَةِ عَلى هَذا عَدَمُ وُجُوبِ (p-62)الصَّوْمِ عَلى مَن شَكَّ في الهِلالِ، وإنَّما قُدِرَ المُضافُ؛ لِأنَّ شُهُودَ الشَّهْرِ بِتَمامِهِ إنَّما يَكُونُ بَعْدَ انْقِضائِهِ، ولا مَعْنًى لِتَرَتُّبِ وُجُوبِ الصَّوْمِ فِيهِ بَعْدَ انْقِضائِهِ، وعَلَيْهِ يَكُونُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ومَن كانَ مَرِيضًا أوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أُخَرَ﴾ مُخَصَّصًا بِالنَّظَرِ إلى المَرِيضِ والمُسافِرِ كِلَيْهِما، وعَلى الأوَّلِ مُخَصَّصٌ بِالنَّظَرِ إلى الأوَّلِ دُونَ الثّانِي، وتَكْرِيرُهُ حِينَئِذٍ لِذَلِكَ التَّخْصِيصِ أوْ لِئَلّا يُتَوَهَّمُ نَسْخُهُ كَما نُسِخَ قَرِينُهُ، والأوَّلُ كَما قِيلَ عَلى رَأْيِ مَن شَرَطَ في المُخَصَّصِ أنْ يَكُونَ مُتَراخِيًا مَوْصُولًا، والثّانِي عَلى رَأْيِ مَن جَوَّزَ كَوْنَهُ مُتَقَدِّمًا، وهَذا بِجَعْلِ المُخَصَّصِ هو الآيَةُ السّابِقَةُ، و( ما ) هُنا لِمُجَرَّدِ دَفْعِ التَّوَهُّمِ ورُجِّحَ المَعْنى الأوَّلُ مِنَ المَعْنَيَيْنِ بِعَدَمِ الِاحْتِياجِ إلى التَّقْدِيرِ، وبِأنَّ الفاءَ في ﴿فَمَن شَهِدَ﴾ عَلَيْهِ وقَعَتْ في مَخْرِها مُفَصِّلَةً لِما أُجْمِلَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضانَ﴾ مِن وُجُوبِ التَّعْظِيمِ المُسْتَفادِ مِمّا في أثَرِهِ عَلى كُلِّ مَن أدْرَكَهُ ومُدْرِكُهُ إمّا حاضِرٌ أوْ مُسافِرٌ، فَمَن كانَ حاضِرًا فَحُكْمُهُ كَذا إلَخْ، ولا يَحْسُنُ أنْ يُقالَ مَن عَلِمَ الهِلالَ فَلْيَصُمْ، ﴿ومَن كانَ مَرِيضًا أوْ عَلى سَفَرٍ﴾ فَلْيَقْضِ لِدُخُولِ القِسْمِ الثّانِي في الأوَّلِ، والعاطِفُ التَّفْصِيلِيُّ يَقْتَضِي المُغايَرَةَ بَيْنَهُما كَذا قِيلَ، لَكِنَّ ذِكْرَ المَرِيضِ يُقَوِّي كَوْنَهُ مُخَصَّصًا لِدُخُولِهِ فِيمَن شَهِدَ عَلى الوَجْهَيْنِ، ولِذا ذَهَبَ أكْثَرُ النَّحْوِيِّينَ إلى أنَّ الشَّهْرَ مَفْعُولٌ بِهِ، فالفاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أوْ لِلتَّعْقِيبِ لا لِلتَّفْصِيلِ. ﴿يُرِيدُ اللَّهُ﴾ بِهَذا التَّرْخِيصِ ﴿بِكُمُ اليُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ﴾ لِغايَةِ رَأْفَتِهِ وسِعَةِ رَحْمَتِهِ، واسْتَدَلَّ المُعْتَزِلَةُ بِالآيَةِ عَلى أنَّهُ قَدْ يَقَعُ مِنَ العَبْدِ ما لا يُرِيدُهُ اللَّهُ - تَعالى -، وذَلِكَ لِأنَّ المَرِيضَ والمُسافِرَ إذا صاما حَتّى أجْهَدَهُما الصَّوْمُ فَقَدْ فَعَلا خِلافَ ما أرادَ اللَّهُ تَعالى؛ لِأنَّهُ أرادَ التَّيْسِيرَ ولَمْ يَقَعْ مُرادُهُ، ورُدَّ بِأنَّ اللَّهَ - تَعالى - أرادَ التَّيْسِيرَ وعَدَمَ التَّعْسِيرِ في حَقِّهِما بِإباحَةِ الفِطْرِ، وقَدْ حَصَلَ بِمُجَرَّدِ الأمْرِ بِقَوْلِهِ عَزَّ شَأْنُهُ: ﴿فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أُخَرَ﴾ مِن غَيْرِ تَخَلُّفٍ، وفي البَحْرِ تَفْسِيرُ الإرادَةِ هُنا بِالطَّلَبِ، وفِيهِ أنَّهُ التِزامٌ لِمَذْهَبِ الِاعْتِزالِ مِن أنَّ إرادَتَهُ - تَعالى - لِأفْعالِ العِبادِ عِبارَةٌ عَنِ الأمْرِ، وأنَّهُ - تَعالى - ما طَلَبَ مِنّا اليُسْرَ بَلْ شَرَعَهَ لَنا، وتَفْسِيرُ اليُسْرِ بِما يَسَّرَ بَعِيدٌ، وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ: ( اليُسْرَ ) ( والعُسْرَ ) بِضَمَّتَيْنِ. ﴿ولِتُكْمِلُوا العِدَّةَ ولِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكم ولَعَلَّكم تَشْكُرُونَ 185﴾ عَلَّلَ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ﴾ إلَخْ؛ أيْ: وشَرَعَ لَكم جُمْلَةَ ما ذُكِرَ مِن أمْرِ الشّاهِدِ بِصَوْمِ الشَّهْرِ المُسْتَفادِ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ وأمَرَ المُرَخَّصَ لَهُ بِالقَضاءِ كَيْفَما كانَ مُتَواتِرًا أوْ مُتَفَرِّقًا، وبِمُراعاةِ عِدَّةِ ما أفْطَرَهُ مِن غَيْرِ نُقْصانٍ فِيهِ المُسْتَفادَيْنِ مِن قَوْلِهِ سُبْحانَهُ وتَعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أُخَرَ﴾ ومِنَ التَّرْخِيصِ المُسْتَفادِ مِن قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ﴾ أوْ مِن قَوْلِهِ تَعالى: فَعِدَّة إلَخْ لتكملوا إلَخْ، والأوَّلُ عِلَّةُ الأمْرِ بِمُراعاةِ عِدَّةِ الشَّهْرِ بِالأداءِ في حالِ شُهُودِ الشَّهْرِ، وبِالقَضاءِ في حالِ الإفْطارِ بِالعُذْرِ، فَيَكُونُ عِلَّةً لِمُعَلَّلَيْنِ؛ أيْ: أمَرْناكم بِهَذَيْنَ الأمْرَيْنِ لِتُكْمِلُوا عِدَّةَ الشَّهْرِ بِالأداءِ والقَضاءِ، فَتُحَصِّلُوا خَيْراتِهِ، ولا يَفُوتُكم شَيْءٌ مِن بَرَكاتِهِ نَقُصَتْ أيّامُهُ أوْ كَمُلَتْ ﴿ولِتُكَبِّرُوا اللَّهَ﴾ عِلَّةُ الأمْرِ بِالقَضاءِ وبَيانِ كَيْفِيَّتِهِ، ﴿ولَعَلَّكم تَشْكُرُونَ﴾ عِلَّةُ التَّرْخِيصِ والتَّيْسِيرِ، وتَغْيِيرُ الأُسْلُوبِ لِلْإشارَةِ إلى هَذا المَطْلُوبِ بِمَنزِلَةِ المَرْجُوِّ لِقُوَّةِ الأسْبابِ المَتَآخِذَةِ في حُصُولِهِ، وهو ظُهُورُ كَوْنِ التَّرْخِيصِ نِعْمَةً، والمُخاطَبُ مُوقِنٌ بِكَمالِ رَأْفَتِهِ وكَرَمِهِ مَعَ عَدَمِ فَواتِ بَرَكاتِ الشَّهْرِ، وهَذا نَوْعٌ مِنَ اللَّفِّ لَطِيفُ المَسْلَكِ، قَلَّما يُهْتَدى إلَيْهِ؛ لِأنَّ مُقْتَضى الظّاهِرِ تَرْكُ الواوِ لِكَوْنِها عِلَلًا لِما سَبَقَ، ولِذا قالَ: مَن لَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ الكَمالِ أنَّها زائِدَةٌ أوْ عاطِفَةٌ عَلى عِلَّةٍ مُقَدَّرَةٍ ووَجْهُ اخْتِيارِهِ، أمّا عَلى الأوَّلِ فَظاهِرٌ، وأمّا عَلى الثّانِي فَلِما فِيهِ مِن مَزِيدِ الِاعْتِناءِ بِالأحْكامِ السّابِقَةِ مَعَ عَدَمِ التَّكَلُّفِ؛ لِأنَّ الفِعْلَ المُقَدَّرَ لِكَوْنِهِ مُشْتَمِلًا عَلى ما سَبَقَ إجْمالًا يَكُونُ ما سَبَقَ قَرِينَةً عَلَيْهِ مَعَ بَقاءِ التَّعْلِيلِ (p-63)بِحالِهِ، ولِكَوْنِهِ مُغايِرًا لَهُ بِالإجْمالِ والتَّفْصِيلِ يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَيْهِ، وفي ذِكْرِ الأحْكامِ تَفْصِيلًا أوَّلًا، وإجْمالًا ثانِيًا، وتَعْلِيلِها مِن غَيْرِ تَعْيِينِ ثِقَةٍ عَلى فَهْمِ السّامِعِ بِأنْ يُلاحِظَها مَرَّةً بَعْدَ أُخْرى، ويَرُدَّ كُلَّ عِلَّةٍ إلى ما يَلِيقُ بِهِ ما لا يَخْفى مِنَ الِاعْتِناءِ، وجُوِّزَ أنْ تَكُونَ عِلَلًا لِأفْعالٍ مُقَدَّرَةٍ كُلُّ فِعْلٍ مَعَ عِلَّةٍ، والتَّقْدِيرُ ﴿ولِتُكْمِلُوا العِدَّةَ﴾ أوْجَبَ عَلَيْكم عِدَّةَ أيّامٍ أُخَرَ ﴿ولِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ﴾ عَلَّمَكم كَيْفِيَّةَ القَضاءِ ﴿ولَعَلَّكم تَشْكُرُونَ﴾ رَخَّصَكَمُ في الإفْطارِ، وإنْ شِئْتَ جَعَلْتَها مَعْطُوفَةً عَلى عِلَّةٍ مُقَدَّرَةٍ؛ أيْ لِيَسْهُلَ عَلَيْكم أوْ لِتَعْلَمُوا ما تَعْمَلُونَ ﴿ولِتُكْمِلُوا﴾ إلَخْ، وجُعِلَتِ المَجْمُوعُ عِلَّةً لِلْأحْكامِ السّابِقَةِ إمّا بِاعْتِبارِ أنْفُسِها أوْ بِاعْتِبارِ الإعْلامِ بِها، فَقَوْلُهُ: لِيَسْهُلَ أوْ لِتَعْلَمُوا عِلَّةً لِما سَبَقَ بِاعْتِبارِ الإعْلامِ وما بَعْدَهُ عِلَّةً لِلْأحْكامِ المَذْكُورَةِ كَما مَرَّ، ولَكَ أنْ لا تُقَدِّرَ شَيْئًا أصْلًا، وتَجْعَلَ العَطْفَ عَلى اليُسْرِ؛ أيْ: ويُرِيدُ بِكم لِتُكْمِلُوا إلَخْ، واللّامُ زائِدَةٌ مُقَدَّرَةٌ بَعْدَها أنْ وزِيدَتْ، كَما قِيلَ: بَعْدَ فِعْلِ الإرادَةِ تَأْكِيدًا لَهُ لِما فِيها مِن مَعْنى الإرادَةِ في قَوْلِكَ جِئْتُكَ لِإكْرامِكَ، وقِيلَ: إنَّها بِمَعْنى أنَّ كَما في الرَّضِيِّ إلّا أنَّهُ يَلْزَمُ عَلى هَذا الوَجْهِ أنْ يَكُونَ ﴿ولَعَلَّكم تَشْكُرُونَ﴾ عَطْفًا عَلى (يُرِيدُ)؛ إذْ لا مَعْنًى لِقَوْلِنا: يُرِيدُ لَعَلَّكم تَشْكُرُونَ، وحِينَئِذٍ يَحْصُلُ التَّفْكِيكُ بَيْنَ المُتَعاطِفاتِ وهو بَعِيدٌ، ولِاسْتِلْزامِ هَذا الوَجْهِ ذَلِكَ وكَثْرَةِ الحَذْفِ في بَعْضِ الوُجُوهِ السّابِقَةِ وخَفاءِ بَعْضِها عَدَلَ بَعْضُهم عَنِ الجَمِيعِ، وجَعَلَ الكَلامَ مِنَ المَيْلِ مَعَ المَعْنى؛ لِأنَّ ما قَبْلَهُ عِلَّةٌ لِلتَّرْخِيصِ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: رَخَّصَ لَكم في ذَلِكَ لِإرادَتِهِ بِكُمُ اليُسْرَ دُونَ ولِتُكْمِلُوا إلَخْ، ولا يَخْفى عَلَيْكَ ما هو الألْيَقُ بِشَأْنِ الكِتابِ العَظِيمِ، والمُرادُ مِنَ التَّكْبِيرِ الحَمْدُ والثَّناءُ مَجازًا؛ لِكَوْنِهِ فَرْدًا مِنهُ، ولِذَلِكَ عُدِّيَ بِعَلى، واعْتِبارِ التَّضْمِينِ؛ أيْ: لِتُكَبِّرُوا حامِدِينَ لَيْسَ بِمُعْتَبِرٍ؛ لِأنَّ الحَمْدَ نَفْسُ التَّكْبِيرِ، ولِكَوْنِهِ عَلى هَذا عِبادَةً قَوْلِيَّةً ناسَبَ أنْ يُعَلَّلَ بِهِ الأمْرُ بِالقَضاءِ الَّذِي هو نِعْمَةٌ قَوْلِيَّةٌ أيْضًا، وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ وغَيْرُهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ، أنَّ المُرادَ بِهِ التَّكْبِيرُ يَوْمَ العِيدِ، ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما - أنَّهُ التَّكْبِيرُ عِنْدَ الإهْلالِ، وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: ”حَقٌّ عَلى المُسْلِمِينَ إذا نَظَرُوا إلى هِلالِ شَوّالٍ أنْ يُكَبِّرُوا اللَّهَ - تَعالى - حَتّى يَفْرُغُوا مِن عِيدِهِمْ؛ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى يَقُولُ: ﴿ولِتُكْمِلُوا العِدَّةَ ولِتُكَبِّرُوا اللَّهَ﴾“ وعَلى هَذَيْنَ القَوْلَيْنِ لا يُلائِمُ تَعْلِيلَ الأحْكامِ السّابِقَةِ، و(ما) يُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً وأنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً؛ أيِ الَّذِي هَداكُمُوهُ أوْ هَداكم إلَيْهِ، والمُرادُ مِنَ الشُّكْرِ ما هو أعَمُّ مِنَ الثَّناءِ، ولِذا ناسَبَ أنْ يُجْعَلَ طَلَبُهُ تَعْلِيلًا لِلتَّرْخِيصِ الَّذِي هو نِعْمَةٌ فِعْلِيَّةٌ. وقَرَأ أبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ: ( ولِتُكَمِّلُوا ) بِالتَّشْدِيدِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب