الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضانَ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ عَدِيٍّ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، والدَّيْلَمِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا ومَوْقُوفًا قالَ: ”«لا تَقُولُوا: رَمَضانُ، فَإنَّ رَمَضانَ اسْمٌ مِن أسْماءِ اللَّهِ، ولَكِنْ قُولُوا: شَهْرُ رَمَضانَ“» . وأخْرَجَ وكِيعٌ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: لا تَقُلْ: رَمَضانُ. فَإنَّكَ لا تَدْرِيِ ما رَمَضانُ، لَعَلَّهُ اسْمٌ مِن أسْماءِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، ولَكِنْ قُلْ: شَهْرُ رَمَضانَ (p-٢٠٦)كَما قالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ. وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ في ”تارِيخِهِ“، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: إنَّما سُمِّيَ رَمَضانُ؛ لِأنَّ الذُّنُوبَ تُرْمَضُ فِيهِ، وإنَّما سُمِّيَ شَوّالٌ؛ لِأنَّهُ يَشُولُ الذُّنُوبَ، كَما تَشُولُ النّاقَةُ ذَنَبَها. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والأصْبَهانِيُّ في ”التَّرْغِيبِ“، عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”إنَّما سُمِّيَ رَمَضانُ؛ لِأنَّ رَمَضانَ يُرْمِضُ الذُّنُوبَ“» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والأصْبَهانِيُّ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «قِيلَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ما رَمَضانُ؟ قالَ: ”أرْمَضَ اللَّهُ فِيهِ ذُنُوبَ المُؤْمِنِينَ، وغَفَرَها لَهُمْ“ . قِيلَ: فَشَوّالٌ؟ قالَ: ”شالَتْ فِيهِ ذُنُوبُهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ فِيهِ ذَنْبٌ إلّا غَفَرَهُ“» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، عَنْ أبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «”شَهْرا عِيدٍ لا يَنْقُصانِ (p-٢٠٧)رَمَضانُ، وذُو الحِجَّةِ“» . وأخْرَجَ البَزّارُ، والطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“ وضَعَّفَهُ، عَنْ أنَسٍ، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ إذا دَخَلَ رَجَبٌ قالَ: ”اللَّهُمَّ بارِكْ لَنا في رَجَبٍ وشَعْبانَ، وبَلِّغْنا رَمَضانَ“» . وأخْرَجَ مالِكٌ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ، والنَّسائِيُّ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، «أنَّ أعْرابِيًّا جاءَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثائِرَ الرَّأْسِ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أخْبِرْنِي ماذا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلاةِ؟ فَقالَ: ”الصَّلَواتِ الخَمْسَ إلّا أنْ تَطَوَّعَ شَيْئًا“ . فَقالَ: أخْبِرْنِيِ ماذا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصِّيامِ؟ فَقالَ: ”شَهْرَ رَمَضانَ إلّا أنْ تَطَّوَّعَ“ . فَقالَ: أخْبِرْنِي بِما فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الزَّكاةِ، فَأخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِشَرائِعِ الإسْلامِ، قالَ: والَّذِي أكْرَمَكَ لا أتَطَوَّعُ شَيْئًا، ولا أنْقُصُ مِمّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شَيْئًا، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”أفْلَحَ إنْ صَدَقَ“ . أوْ: ”دَخَلَ الجَنَّةَ إنْ صَدَقَ“» . وأخْرَجَ مالِكٌ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبُخارِيُّ، والنَّسائِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي (p-٢٠٨)هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”إذا دَخَلَ رَمَضانُ فُتِحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ جَهَنَّمَ، وسُلْسِلَتِ الشَّياطِينُ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، والنَّسائِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عَرْفَجَةَ قالَ: كُنّا عِنْدَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ وهو يُحَدِّثُنا عَنْ رَمَضانَ، إذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِن أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ، فَسَكَتَ عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ، قالَ: يا أبا عَبْدِ اللَّهِ، حَدِّثْنا عَنْ رَمَضانَ، كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ فِيهِ؟ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «”رَمَضانُ شَهْرٌ مُبارَكٌ، تُفْتَحُ فِيهِ أبْوابُ الجَنَّةِ، وتُغْلَقُ فِيهِ أبْوابُ السَّعِيرِ، وتُصَفَّدُ فِيهِ الشَّياطِينُ، ويُنادِي مُنادٍ كُلَّ لَيْلَةٍ: يا باغِيَ الخَيْرِ هَلُمَّ، ويا باغِيَ الشَّرِّ أقْصِرْ، حَتّى يَنْقَضِيَ رَمَضانُ“» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والطَّبَرانِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي أُمامَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«إنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقاءَ مِنَ النّارِ“» . وأخْرَجَ مُسْلِمٌ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ”«الصَّلَواتُ الخَمْسُ، والجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، ورَمَضانُ إلى رَمَضانَ، مُكَفِّراتٌ ما بَيْنَهُنَّ إذا اجْتُنِبَتِ الكَبائِرُ“» . (p-٢٠٩)وأخْرَجَ ابْنُ حِبّانَ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«مَن صامَ رَمَضانَ، وعَرَفَ حُدُودَهُ، وتَحَفَّظَ مِمّا يَنْبَغِي أنْ يُتَحَفَّظَ مِنهُ، كَفَّرَ ما قَبْلَهُ“» . وأخْرَجَ ابْنُ ماجَهْ، عَنْ جابِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«إنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقاءَ، وذَلِكَ في كُلِّ لَيْلَةٍ“» . وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ خُزَيْمَةَ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«إذا كانَ أوَّلُ لَيْلَةٍ مِن شَهْرِ رَمَضانَ، صُفِّدَتِ الشَّياطِينُ ومَرَدَةُ الجِنِّ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنها بابٌ، وفُتِحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنها بابٌ، ويُنادِي مُنادٍ كُلَّ لَيْلَةٍ: يا باغِيَ الخَيْرِ أقْبِلْ، ويا باغِيَ الشَّرِّ أقْصِرْ. ولِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ عُتَقاءُ مِنَ النّارِ، وذَلِكَ عِنْدَ كُلِّ لَيْلَةٍ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والنَّسائِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ لِأصْحابِهِ يُبَشِّرُهم: «”قَدْ جاءَكم رَمَضانُ، شَهْرٌ مُبارَكٌ، افْتَرَضَ اللَّهُ (p-٢١٠)عَلَيْكم صِيامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أبْوابُ الجَنَّةِ، وتُغْلَقُ فِيهِ أبْوابُ الجَحِيمِ، وتُغَلُّ فِيهِ الشَّياطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِن ألْفِ شَهْرٍ، مَن حُرِمَ خَيْرَها فَقَدْ حُرِمَ“» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبَزّارُ، وأبُو الشَّيْخِ في ”الثَّوابِ“، والبَيْهَقِيُّ، والأصْبَهانِيُّ، في ”التَّرْغِيبِ“، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”أُعْطِيَتْ أُمَّتِي في شَهْرِ رَمَضانَ خَمْسَ خِصالٍ لَمْ تُعْطَ أُمَّةً قَبْلَهم؛ خُلُوفُ فَمِ الصّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ، وتَسْتَغْفِرُ لَهُمُ المَلائِكَةُ حَتّى يُفْطِرُوا، ويُزَيِّنُ اللَّهُ كُلَّ يَوْمٍ جَنَّتَهُ، ثُمَّ قالَ: يُوشِكُ عِبادِي الصّالِحُونَ أنْ يُلْقُوا عَنْهُمُ المُؤْنَةَ والأذى ويَصِيرُوا إلَيْكِ. وتُصَفَّدُ فِيهِ الشَّياطِينُ، ولا يَخْلُصُونَ فِيهِ إلى ما يَخْلُصُونَ في غَيْرِهِ، ويُغْفَرُ لَهم آخِرَ لَيْلَةٍ“ . قِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أهِيَ لَيْلَةُ القَدْرِ؟ قالَ: ”لا، ولَكِنَّ العامِلَ إنَّما يُوَفّى أجْرَهُ إذا قَضى عَمَلَهُ“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، والأصْبَهانِيُّ في ”التَرْغِيِبِ“، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«أُعْطِيَتْ أُمَّتِي في شَهْرِ رَمَضانَ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قَبَلِي؛ أمّا واحِدَةٌ، فَإنَّهُ إذا كانَ أوَّلُ لَيْلَةٍ مِن شَهْرِ رَمَضانَ نَظَرَ اللَّهُ إلَيْهِمْ، ومَن نَظَرَ اللَّهُ إلَيْهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ أبَدًا، وأمّا الثّانِيَةُ، فَإنَّ خُلُوفَ أفْواهِهِمْ حِينَ يُمْسُونَ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ، وأمّا الثّالِثَةُ، فَإنَّ المَلائِكَةَ تَسْتَغْفِرُ لَهم في كُلِّ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ، (p-٢١١)وأمّا الرّابِعَةُ، فَإنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ جَنَّتَهُ فَيَقُولُ لَها: اسْتَعِدِّي وتَزَيَّنِي لِعِبادِي، أوْشَكَ أنْ يَسْتَرِيحُوا مِن تَعَبِ الدُّنْيا إلى دارِي وكَرامَتِي، وأمّا الخامِسَةُ، فَإنَّهُ إذا كانَ آخِرُ لَيْلَةٍ غُفِرَ لَهم جَمِيعًا“ . فَقالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: أهِيَ لَيْلَةُ القَدْرِ؟ فَقالَ: ”لا، ألَمْ تَرَ إلى العُمّالِ يَعْمَلُونَ، فَإذا فَرَغُوا مِن أعْمالِهِمْ وُفُّوا أُجُورَهم» “ . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في ”الشُّعَبِ“، والأصْبَهانِيُّ في ”التَّرْغِيبِ“، عَنِ الحَسَنِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«إنَّ لِلَّهِ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ سِتَّمِائَةِ ألْفِ عَتِيقٍ مِنَ النّارِ، فَإذا كانَ آخِرُ لَيْلَةٍ أعْتَقَ بِعَدَدِ مَن مَضى“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: ”«إذا كانَ أوَّلُ لَيْلَةٍ مِن شَهْرِ رَمَضانَ فُتِحَتْ أبْوابُ الجِنانِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنها بابٌ واحِدٌ الشَّهْرَ كُلَّهُ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنها بابٌ واحِدٌ الشَّهْرَ كُلَّهُ، وغُلَّتْ عُتاةُ الجِنِّ، ونادى مُنادٍ مِنَ السَّماءِ كُلَّ لَيْلَةٍ إلى انْفِجارِ الصُّبْحِ: يا باغِيَ الخَيْرِ تَمِّمْ وأبْشِرْ، ويا باغِيَ الشَّرِّ أقْصِرْ وأبْصِرْ، هَلْ مِن مُسْتَغْفِرٍ نَغْفِرُ لَهُ؟ هَلْ مِن تائِبٍ نَتُوبُ عَلَيْهِ؟ هَلْ مِن داعٍ نَسْتَجِيبُ لَهُ؟ هَلْ (p-٢١٢)مِن سائِلٍ نُعْطِي سُؤْلَهُ؟ ولِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ مِن شَهْرِ رَمَضانَ كُلَّ لَيْلَةٍ عُتَقاءُ مِنَ النّارِ سِتُّونَ ألْفًا، فَإذا كانَ يَوْمُ الفِطْرِ أعْتَقَ مِثْلَ ما أعْتَقَ في جَمِيعِ الشَّهْرِ ثَلاثِينَ مَرَّةً، سِتِّينَ ألْفًا، سِتِّينَ ألْفًا“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ خُزَيْمَةَ في ”صَحِيحِهِ“، والبَيْهَقِيُّ، والأصْبَهانِيُّ في ”التَّرْغِيبِ“، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”أظَلَّكم شَهْرُكم هَذا - يَعْنِي شَهْرَ رَمَضانَ - بِمَحْلُوفِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ما مَرَّ عَلى المُسْلِمِينَ شَهْرٌ خَيْرٌ لَهم مِنهُ، ولا يَأْتِي عَلى المُنافِقِينَ شَهَرٌ شَرٌّ لَهم مِنهُ، بِمَحْلُوفِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إنَّ اللَّهَ يَكْتُبُ أجْرَهُ وثَوابَهُ مِن قَبْلِ أنْ يَدْخُلَ، ويَكْتُبُ وِزْرَهُ وشَقاءَهُ قَبْلَ أنْ يَدْخُلَ، وذَلِكَ أنَّ المُؤْمِنَ يُعِدُّ فِيهِ النَّفَقَةَ لِلْقُوَّةِ في العِبادَةِ، ويُعِدُّ فِيهِ المُنافِقُ اغْتِيابَ المُؤْمِنِينَ واتِّباعَ عَوْراتِهِمْ، فَهو غُنْمٌ لِلْمُؤْمِنِ، وغُرْمٌ عَلى الفاجِرِ“» . وأخْرَجَ العُقَيْلِيُّ وضَعَّفَهُ، وابْنُ خُزَيْمَةَ في ”صَحِيحِهِ“، والبَيْهَقِيُّ، والخَطِيبُ، والأصْبَهانِيُّ في ”التَّرْغِيبِ“، عَنْ سَلْمانَ الفارِسِيِّ قالَ: «خَطَبَنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في آخِرِ يَوْمٍ مِن شَعْبانَ، فَقالَ: ”يا أيُّها النّاسُ، قَدْ أظَلَّكم شَهْرٌ (p-٢١٣)عَظِيمٌ، شَهَرٌ مُبارَكٌ، شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِن ألْفِ شَهْرٍ، جَعَلَ اللَّهُ صِيامَهُ فَرِيضَةً، وقِيامَ لَيْلِهِ تَطَوُّعًا، مَن تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنَ الخَيْرِ كانَ كَمَن أدّى فَرِيضَةً فِيما سِواهُ، ومَن أدّى فَرِيضَةً فِيهِ كانَ كَمَن أدّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيما سِواهُ، وهو شَهْرُ الصَّبْرِ، والصَّبْرُ ثَوابُهُ الجَنَّةُ، وشَهْرُ المُواساةِ، وشَهْرٌ يُزادُ في رِزْقِ المُؤْمِنِ، مِن فَطَّرَ فِيهِ صائِمًا كانَ لَهُ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِ وعِتْقَ رَقَبَتِهِ مِنَ النّارِ، وكانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِهِ مِن غَيْرِ أنْ يُنْتَقَصَ مِن أجْرِهِ شَيْءٌ“ . قُلْنا: يا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ كُلُّنا يَجِدُ ما يُفَطِّرُ الصّائِمَ! فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”يُعْطِي اللَّهُ هَذا الثَّوابَ مَن فَطَّرَ صائِمًا عَلى مَذْقَةِ لَبَنٍ، أوْ تَمْرَةٍ، أوْ شَرْبَةٍ مِن ماءٍ، ومَن أشْبَعَ صائِمًا سَقاهُ اللَّهُ مِن حَوْضِي شَرْبَةً لا يَظْمَأُ حَتّى يَدْخُلَ الجَنَّةَ، وهو شَهْرٌ أوَّلُهُ رَحْمَةٌ، وأوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ، وآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النّارِ، مَن خَفَّفَ عَنْ مَمْلُوكِهِ فِيهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، وأعْتَقَهُ مِنَ النّارِ، فاسْتَكْثِرُوا فِيهِ مِن أرْبَعِ خِصالٍ؛ خَصْلَتانِ تُرْضُونَ بِهِما رَبَّكُمْ، وخَصْلَتانِ لا غِنى بِكم عَنْهُما، فَأمّا الخَصْلَتانِ اللَّتانِ تُرْضُونَ بِهِما رَبَّكُمْ؛ فَشَهادَةُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وتَسْتَغْفِرُونَهُ، وأمّا اللَّتانِ لا غِنى بِكم عَنْهُما فَتَسْألُونَ اللَّهَ الجَنَّةَ، وتَعَوَّذُونَ بِهِ مِنَ النّارِ“» . (p-٢١٤)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قالَ: «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَمَضانَ فَقالَ: ”شَهْرٌ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكم صِيامَهُ، وسَنَنْتُ أنا قِيامَهُ، فَمَن صامَهُ وقامَهُ إيمانًا واحْتِسابًا، خَرَجَ مِن ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«الصَّلاةُ المَكْتُوبَةُ إلى الصَّلاةِ الَّتِي تَلِيها كَفّارَةٌ، والجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ الَّتِي تَلِيها كَفّارَةُ ما بَيْنَهُما، والشَّهْرُ إلى الشَّهْرِ - يَعْنِي شَهْرَ رَمَضانَ إلى شَهْرِ رَمَضانَ- كَفارَّةُ ما بَيْنَهُما، إلّا مِن ثَلاثٍ؛ الإشْراكِ بِاللَّهِ، وتَرْكِ السُّنَّةِ، ونَكْثِ الصَّفْقَةِ“ . فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أمّا الإشْراكُ بِاللَّهِ فَقَدْ عَرَفْناهُ، فَما نَكْثُ الصَّفْقَةِ وتَرْكُ السُّنَّةِ؟ قالَ: ”أمّا نَكْثُ الصَّفْقَةِ؛ فَأنْ تُبايِعَ رَجُلًا بِيَمِينِكَ، ثُمَّ تُخالِفَ إلَيْهِ فَتُقاتِلَهُ بِسَيْفِكَ، وأمّا تَرْكُ السُّنَّةِ فالخُرُوجُ مِنَ الجَماعَةِ“» . وأخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ، والبَيْهَقِيُّ، والأصْبَهانِيُّ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: «لَمّا أقْبَلَ شَهْرُ رَمَضانَ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”سُبْحانَ اللَّهِ! ماذا تَسْتَقْبِلُونَ، وماذا يَسْتَقْبِلُكُمْ؟“ قالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ: بِأبِي أنْتَ وأُمِّي يا رَسُولَ اللَّهِ، وحْيٌ نَزَلَ أوْ عَدُوٌّ حَضَرَ؟ قالَ: ”لا، ولَكِنْ شَهْرُ رَمَضانَ، يَغْفِرُ اللَّهُ في أوَّلِ لَيْلَةٍ لِكُلِّ أهْلِ هَذِهِ القِبْلَةِ“ . وفي القَوْمِ رَجُلٌ يَهُزُّ رَأْسَهُ، فَيَقُولُ: بَخٍ بَخٍ. فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: ”كَأنَّهُ ضاقَ صَدْرُكَ بِما سَمِعْتَ؟“ قالَ: لا واللَّهِ يا رَسُولَ اللَّهِ، ولَكِنْ (p-٢١٥)ذَكَرْتُ المُنافِقَ. فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: ”المُنافِقُ كافِرٌ، ولَيْسَ لِلْكافِرِ في ذا شَيْءٌ“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: «لَمّا بَنى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المِنبَرَ جَعَلَ لَهُ ثَلاثَ عَتَباتٍ، فَلَمّا صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ العَتَبَةَ الأُولى قالَ: ”آمِينَ“ . ثُمَّ صَعِدَ العَتَبَةَ الثّانِيَةَ فَقالَ: ”آمِينَ“ . حَتّى إذا صَعِدَ العَتَبَةَ الثّالِثَةَ قالَ: ”آمِينَ“، فَقالَ المُسْلِمُونَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، رَأيْناكَ تَقُولُ: ”آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ“، ولا نَرى أحَدًا! فَقالَ: ”إنَّ جِبْرِيلَ صَعِدَ قَبْلِيَ العَتَبَةَ الأُولى، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، فَقُلْتُ لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، فَقالَ: مَن أدْرَكَ أبَوَيْهِ أوْ أحَدَهُما فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَأبْعَدَهُ اللَّهُ. قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، فَلَمّا صَعِدَ العَتَبَةَ الثّانِيَةَ قالَ: يا مُحَمَّدُ. قُلْتُ: لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، قالَ: مَن أدْرَكَ شَهْرَ رَمَضانَ، فَصامَ نَهارَهُ، وقامَ لَيْلَهُ، ثُمَّ ماتَ ولَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النّارَ، فَأبْعَدَهُ اللَّهُ. قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، فَلَمّا صَعِدَ العَتَبَةَ الثّالِثَةَ قالَ: يا مُحَمَّدُ. قُلْتُ: لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، قالَ: مَن ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَماتَ ولَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النّارَ، فَأبْعَدَهُ اللَّهُ. قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ“» . وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ مِن طَرِيقِ سَعْدِ بْنِ إسْحاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”احْضُرُوا المِنبَرَ“ . فَحَضَرْنا، فَلَمّا ارْتَقى دَرَجَةً قالَ: ”آمِينَ“، فَلَمّا ارْتَقى (p-٢١٦)الثّانِيَةَ قالَ: ”آمِينَ“ . فَلَمّا ارْتَقى الثّالِثَةَ قالَ: ”آمِينَ“، فَلَمّا نَزَلَ قُلْنا: يا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ سَمِعْنا مِنكَ اليَوْمَ شَيْئًا ما كُنّا نَسْمَعُهُ. قالَ: ”إنَّ جِبْرِيلَ عَرَضَ لِي، فَقالَ: بَعِدَ مَن أدْرَكَ رَمَضانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ. قُلْتُ: آمِينَ، فَلَمّا رَقِيتُ الثّانِيَةَ، قالَ: بَعِدَ مَن ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ. قُلْتُ: آمِينَ، فَلَمّا رَقِيتُ الثّالِثَةَ قالَ: بَعِدَ مَن أدْرَكَ أبَوَيْهِ الكِبَرُ عِنْدَهُ أوْ أحَدَهُما، فَلَمْ يُدْخِلاهُ الجَنَّةَ. قُلْتُ: آمِينَ“» . وأخْرَجَ ابْنُ حِبّانَ عَنِ الحَسَنِ بْنِ مالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قالَ: «صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المِنبَرَ، فَلَمّا رَقِيَ عَتَبَةً قالَ: ”آمِينَ“، ثُمَّ رَقِيَ أُخْرى، فَقالَ: ”آمِينَ“، ثُمَّ رَقِيَ عَتَبَةً ثالِثَةً، فَقالَ: ”آمِينَ“، ثُمَّ قالَ: أتانِي جِبْرِيلُ فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، مَن أدْرَكَ رَمَضانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأبْعَدَهُ اللَّهُ، فَقَلْتُ: آمِينَ. قالَ: ومَن أدْرَكَ والِدَيْهِ أوْ أحَدَهُما، فَدَخَلَ النّارَ فَأبْعَدَهُ اللَّهُ، فَقَلْتُ: آمِينَ. قالَ: ومَن ذُكِرْتَ عِنْدَهُ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَأبْعَدَهُ اللَّهُ، فَقَلْتُ: آمِينَ» . وأخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وابْنُ حِبّانَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَعِدَ المِنبَرَ فَقالَ: ”آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ“ . قِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّكَ صَعِدْتَ المِنبَرَ فَقُلْتَ: ”آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ“ . فَقالَ: ”إنَّ جِبْرِيلَ أتانِي فَقالَ: مَن أدْرَكَ شَهْرَ رَمَضانَ (p-٢١٧)فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَدَخَلَ النّارَ فَأبْعَدَهُ اللَّهُ. قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضانَ شَدَّ مِئْزَرَهُ، ثُمَّ لَمْ يَأْتِ فِراشَهُ حَتّى يَنْسَلِخَ» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، والأصْبَهانِيُّ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذا دَخَلَ رَمَضانُ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وكَثُرَتْ صَلاتُهُ، وابْتَهَلَ في الدُّعاءِ، وأشْفَقَ مِنهُ» . وأخْرَجَ البَزّارُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضانَ أطْلَقَ كُلَّ أسِيرٍ، وأعْطى كُلَّ سائِلٍ» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: ”«إنَّ في رَمَضانَ يُنادِي مُنادٍ بَعْدَ ثُلْثِ اللَّيْلِ الأوَّلِ، أوْ ثُلْثِ اللَّيْلِ الآخِرِ: ألا سائِلٌ يَسْألُ فَيُعْطى، ألا مُسْتَغْفِرٌ يَسْتَغْفِرُ فَيُغْفَرَ لَهُ، ألا تائِبٌ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، والأصْبَهانِيُّ، عَنْ أنَسٍ قالَ: «قِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أيُّ الصَّدَقَةِ أفْضَلُ؟ قالَ: ”صَدَقَةٌ في رَمَضانَ“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ”«إنَّ الجَنَّةَ لَتَتَزَيَّنُ (p-٢١٨)مِنَ الحَوْلِ إلى الحَوْلِ لِشَهْرِ رَمَضانَ، وإنَّ الحُورَ لَتَتَزَيَّنُ مِنَ الحَوْلِ إلى الحَوْلِ لِصُوّامِ رَمَضانَ، فَإذا دَخَلَ رَمَضانُ قالَتِ الجَنَّةُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي في هَذا الشَّهْرِ مِن عِبادِكَ. ويَقُلْنَ الحُوَرُ العِينُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنا مِن عِبادِكَ في هَذا الشَّهْرِ أزْواجًا. فَمَن لَمْ يَقْذِفْ مُسْلِمًا فِيهِ بِبُهْتانٍ، ولَمْ يَشْرَبْ مُسْكِرًا، كَفَّرَ اللَّهُ عَنْهُ ذُنُوبَهُ، ومَن قَذَفَ فِيهِ مُسْلِمًا، أوْ شَرِبَ فِيهِ مُسْكِرًا، أحْبَطَ اللَّهُ عَمَلَهُ لِسَنَتِهِ، فاتَّقُوا شَهْرَ رَمَضانَ؛ فَإنَّهُ شَهْرُ اللَّهِ، جَعَلَ اللَّهُ لَكم أحَدَ عَشَرَ شَهْرًا تَأْكُلُونَ فِيهِ وتَشْرَبُونَ وتَتَلَذَّذُونَ، وجَعَلَ لِنَفْسِهِ شَهْرًا، فاتَّقُوا شَهْرَ رَمَضانَ؛ فَإنَّهُ شَهْرُ اللَّهِ“» . وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ في ”الإفْرادِ“، والطَّبَرانِيُّ، وأبُو نُعَيْمٍ في ”الحِلْيَةِ“، والبَيْهَقِيُّ، وابْنُ عَساكِرَ، عَنِ ابْنِ عَمْرٍو، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: ”«إنَّ الجَنَّةَ لَتُزَخْرَفُ لِرَمَضانَ مِن رَأْسِ الحَوْلِ إلى حَوْلٍ قابِلٍ، فَإذا كانَ أوَّلُ يَوْمٍ مِن رَمَضانَ هَبَّتْ رِيحٌ تَحْتَ العَرْشِ مِن ورَقِ الجَنَّةِ عَلى الحُورِ العِينِ، فَيَقُلْنَ: يا رَبِّ، اجْعَلْ لَنا مِن عِبادِكَ أزْواجًا، تَقَرُّ بِهِمْ أعْيُنُنا، وتَقَرُّ أعْيُنُهم بِنا“» . (p-٢١٩)وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ في ”نَوادِرِ الأُصُولِ“، وابْنُ خُزَيْمَةَ، وأبُو الشَّيْخِ في ”الثَّوابِ“، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ، والأصْبَهانِيُّ في ”التَّرْغِيبِ“، عَنْ أبِي مَسْعُودٍ الغِفارِيِّ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ذاتَ يَوْمٍ وأهَلَّ رَمَضانُ، فَقالَ: ”لَوْ يَعْلَمُ العِبادُ ما رَمَضانُ لَتَمَنَّتْ أُمَّتِي أنْ يَكُونَ السَّنَةَ كُلَّها“، فَقالَ رَجُلٌ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، حَدِّثْنا، فَقالَ: ”إنَّ الجَنَّةَ لتُزَيَّنُ لِرَمَضانَ مِن رَأْسِ الحَوْلِ إلى الحَوْلِ، فَإذا كانَ أوَّلُ يَوْمٍ مِن رَمَضانَ هَبَّتْ رِيحٌ مِن تَحْتِ العَرْشِ، فَصَفَّقَتْ ورَقَ الجَنَّةِ، فَتَنْظُرُ الحُورُ العِينُ إلى ذَلِكَ، فَيَقُلْنَ: يا رَبِّ، اجْعَلْ لَنا مِن عِبادِكَ في هَذا الشَّهْرِ أزْواجًا تَقَرُّ أعْيُنُنا بِهِمْ، وتَقَرُّ أعْيُنُهم بِنا. قالَ: فَما مِن عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا مِن رَمَضانَ إلّا زُوِّجَ زَوْجَةً مِنَ الحُورِ العِينِ في خَيْمَةٍ مِن دُرَّةٍ، مِمّا نَعَتَ اللَّهُ ﴿حُورٌ مَقْصُوراتٌ في الخِيامِ﴾ [الرحمن: ٧٢]، عَلى كُلِّ امْرَأةٍ مِنهُنَّ سَبْعُونَ حُلَّةً، لَيْسَ مِنها حُلَّةٌ عَلى لَوْنِ أُخْرى، ويُعْطى سَبْعِينَ لَوْنًا مِنَ الطِّيبِ، لَيْسَ مِنهُ لَوْنٌ عَلى رِيحِ الآخَرِ، لِكُلِّ امْرَأةٍ مِنهُنَّ سَبْعُونَ ألْفَ وصِيفَةٍ لِحاجَتِها، وسَبْعُونَ ألْفَ وصَيْفٍ، مَعَ كُلِّ وصِيفَةٍ صَحْفَةٌ مِن ذَهَبٍ، فِيها لَوْنُ طَعامٍ يَجِدُّ لِآخِرِ لُقْمَةٍ مِنها لَذَّةً لَمْ يَجِدْهُ لِأوَّلِهِ، لِكُلِّ امْرَأةٍ مِنهُنَّ سَبْعُونَ سَرِيرًا مِن ياقُوتَةٍ حَمْراءَ، عَلى كُلِّ سَرِيرٍ سَبْعُونَ فِراشًا، بَطائِنُها مِن إسْتَبْرَقٍ، فَوْقَ كُلِّ فِراشٍ سَبْعُونَ أرِيكَةً، ويُعْطى زَوْجُها مِثْلَ ذَلِكَ، عَلى سَرِيرٍ مِن ياقُوتٍ أحْمَرَ، مُوَشَّحًا بِالدُّرِّ، عَلَيْهِ سِوارانِ مِن (p-٢٢٠)ذَهَبٍ، هَذا بِكُلِّ يَوْمٍ صامَهُ مِن رَمَضانَ سِوى ما عَمِلَ مِنَ الحَسَناتِ“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، والأصْبَهانِيُّ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«إذا كانَ أوَّلُ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ فُتِحَتْ أبْوابُ السَّماءِ فَلا يُغْلَقُ مِنها بابٌ حَتّى يَكُونَ آخِرُ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ، ولَيْسَ مِن عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يُصَلِّي في لَيْلَةٍ فِيها إلّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ألْفًا وخَمْسَمِائَةِ حَسَنَةٍ بِكُلِّ سَجْدَةٍ، وبَنى لَهُ بَيْتًا في الجَنَّةِ مِن ياقُوتَةٍ حَمْراءَ، لَها سِتُّونَ ألْفَ بابٍ، فِيها قَصْرٌ مِن ذَهَبٍ مُوَشَّحٍ بِياقُوتَةٍ حَمْراءَ، فَإذا صامَ أوَّلَ يَوْمٍ مِن رَمَضانَ غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ إلى مِثْلِ ذَلِكَ اليَوْمِ مِن شَهْرِ رَمَضانَ، واسْتَغْفَرَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ مِن صَلاةِ الغَداةِ إلى أنْ تَوارى بِالحِجابِ، وكانَ لَهُ بِكُلِّ سَجْدَةٍ يَسْجُدُها في شَهْرِ رَمَضانَ بِلَيْلٍ أوْ نَهارٍ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرّاكِبُ في ظِلِّها خَمْسَمِائَةِ عامٍ“» . وأخْرَجَ البَزّارُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«سَيِّدُ الشُّهُورِ رَمَضانُ، وأعْظَمُها حُرْمَةً ذُو الحِجَّةِ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: سَيِّدُ الشُّهُورِ شَهْرُ (p-٢٢١)رَمَضانَ، وسَيِّدُ الأيّامِ الجُمْعَةُ. وأخْرَجَ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ عَنْ كَعْبٍ قالَ: إنَّ اللَّهَ اخْتارَ ساعاتِ اللَّيْلِ والنَّهارِ، فَجَعَلَ مِنهُنَّ الصَّلَواتِ المَكْتُوبَةَ، واخْتارَ الأيّامَ، فَجَعَلَ مِنهُنَّ الجُمْعَةَ، واخْتارَ الشُّهُورَ، فَجَعَلَ مِنهُنَّ شَهْرَ رَمَضانَ، واخْتارَ اللَّيالِيَ، فَجَعَلَ مِنهُنَّ لَيْلَةَ القَدْرِ، واخْتارَ البِقاعَ، فَجَعَلَ مِنهُنَّ المَساجِدَ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ في ”الثَّوابِ“، والبَيْهَقِيُّ، والأصْبَهانِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: ”«إنَّ الجَنَّةَ لَتُنَجَّدُ وتُزَيَّنُ مِنَ الحَوْلِ إلى الحَوْلِ لِدُخُولِ شَهْرِ رَمَضانَ، فَإذا كانَتْ أوَّلُ لَيْلَةٍ مِن شَهْرِ رَمَضانَ هَبَّتْ رِيحٌ مِن تَحْتِ العَرْشِ، يُقالُ لَها: المُثِيرَةُ. تُصَفِّقُ ورَقَ أشْجارِ الجَنَّةِ وحِلَقَ المَصارِيعِ، يُسْمَعُ لِذَلِكَ طَنِينٌ لَمْ يَسْمَعِ السّامِعُونَ أحْسَنَ مِنهُ، فَتَبْرُزُ الحُورُ العِينُ حَتّى يُشْرِفْنَ عَلى شُرَفِ الجَنَّةِ، فَيُنادِينَ: هَلْ مِن خاطِبٍ إلى اللَّهِ فَيُزَوِّجَهُ؟ ثُمَّ يَقُلْنَ الحُورُ العِينُ: يا رِضْوانَ الجَنَّةِ، ما هَذِهِ اللَّيْلَةُ؟ فَيُجِيبُهُنَّ بِالتَّلْبِيَةِ ثُمَّ يَقُولُ: (p-٢٢٢)هَذِهِ أوَّلُ لَيْلَةٍ مِن شَهْرِ رَمَضانَ، فُتِحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ عَلى الصّائِمِينَ مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ . ويَقُولُ اللَّهُ: يا رِضْوانُ، افْتَحْ أبْوابَ الجِنانِ، ويا مالِكُ، أغْلِقْ أبْوابَ الجَحِيمِ عَلى الصّائِمِينَ مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ويا جِبْرِيلُ اهْبِطْ إلى الأرْضِ، فاصْفِدْ مَرَدَةَ الشَّياطِينِ، وغُلَّهم بِالأغْلالِ، ثُمَّ اقْذِفْهم في البِحارِ حَتّى لا يُفْسِدُوا عَلى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ حَبِيبِي صِيامَهم. ويَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن شَهْرِ رَمَضانَ لِمُنادٍ يُنادِي ثَلاثَ مَرّاتٍ: هَلْ مِن سائِلٍ فَأُعْطِيَهُ سُؤْلَهُ؟ هَلْ مِن تائِبٍ فَأتُوبَ عَلَيْهِ؟ هَلْ مِن مُسْتَغْفِرٍ فَأغْفِرَ لَهُ؟ مَن يُقْرِضُ المَلِيءَ غَيْرَ المُعْدِمِ، والوَفِيَّ غَيْرَ الظَّلُومِ؟“ . قالَ: ”ولِلَّهِ في كُلِّ يَوْمٍ مِن شَهْرِ رَمَضانَ عِنْدَ الإفْطارِ ألْفُ ألْفِ عَتِيقٍ مِنَ النّارِ، كُلُّهم قَدِ اسْتَوْجَبُوا النّارَ، فَإذا كانَ آخِرُ يَوْمٍ مِن شَهْرِ رَمَضانَ، أعْتَقَ اللَّهُ في ذَلِكَ اليَوْمِ بِقَدْرِ ما أعْتَقَ مِن أوَّلِ الشَّهْرِ إلى آخِرِهِ، وإذا كانَتْ لَيْلَةُ القَدْرِ يَأْمُرُ اللَّهُ جِبْرِيلَ فَيَهْبِطُ في كَبْكَبَةٍ مِنَ المَلائِكَةِ إلى الأرْضِ ومَعَهم لِواءٌ أخْضَرُ، فَيَرْكُزُ اللِّواءَ عَلى ظَهْرِ الكَعْبَةِ، ولَهُ سِتُّمِائَةِ جَناحٍ مِنها جَناحانِ لا يَنْشُرُهُما إلّا في تِلْكَ اللَّيْلَةِ، فَيَنْشُرُهُما في تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَيُجاوِزانِ المَشْرِقَ إلى (p-٢٢٣)المَغْرِبِ، فَيَحُثُّ جِبْرِيلُ المَلائِكَةَ في هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَيُسَلِّمُونَ عَلى كُلِّ قائِمٍ وقاعِدٍ ومُصَلٍّ وذاكِرٍ، يُصافِحُونَهم ويُؤْمِّنُونَ عَلى دُعائِهِمْ حَتّى يَطْلُعَ الفَجْرُ، فَإذا طَلَعَ الفَجْرُ يُنادِي جِبْرِيلُ: مَعاشِرَ المَلائِكَةِ، الرَّحِيلَ الرَّحِيلَ، فَيَقُولُونَ: يا جِبْرِيلُ، فَما صَنَعَ اللَّهُ في حَوائِجِ المُؤْمِنِينَ مِن أُمَّةِ أحْمَدَ ﷺ؟ فَيَقُولُ جِبْرِيلُ: نَظَرَ اللَّهُ إلَيْهِمْ في هَذِهِ اللَّيْلَةِ، فَعَفا عَنْهُمْ، وغَفَرَ لَهم إلّا أرْبَعَةً“ . قُلْنا: يا رَسُولَ اللَّهِ، مَن هُمْ؟ قالَ: ”رَجُلٌ مُدْمِنُ خَمْرٍ، وعاقٌّ لِوالِدَيْهِ، وقاطِعُ رَحِمٍ، ومُشاحِنٌ“ . قُلْنا: يا رَسُولَ اللَّهِ، ما المُشاحِنُ؟ قالَ: ”هو المُصارِمُ، فَإذا كانَتْ لَيْلَةُ الفِطْرِ سُمِّيَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ لَيْلَةَ الجائِزَةِ، فَإذا كانَتْ غَداةُ الفِطْرِ بَعَثَ اللَّهُ المَلائِكَةَ في كُلِّ بِلادٍ، فَيَهْبِطُونَ إلى الأرْضِ، فَيَقُومُونَ عَلى أفْواهِ السِّكَكِ، فَيُنادُونَ بِصَوْتٍ يُسْمِعُ مَن خَلَقَ اللَّهُ إلّا الجِنَّ والإنْسَ، فَيَقُولُونَ: يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، اخْرُجُوا إلى رَبٍّ كَرِيمٍ، يُعْطِي الجَزِيلَ، ويَعْفُو عَنِ العَظِيمِ. فَإذا بَرَزُوا إلى مُصَلّاهم يَقُولُ اللَّهُ لِلْمَلائِكَةِ: ما جَزاءُ الأجِيرِ إذا عَمِلَ عَمَلَهُ؟ فَتَقُولُ المَلائِكَةُ: إلَهَنا وسَيِّدَنا، جَزاؤُهُ أنْ تُوَفِّيَهُ أجْرَهُ، فَيَقُولُ: فَإنِّي أُشْهِدُكم يا مَلائِكَتِي أنِّي قَدْ جَعَلْتُ ثَوابَهم مِن صِيامِهِمْ شَهْرَ رَمَضانَ وقِيامِهِ رِضايَ ومَغْفِرَتِي، ويَقُولُ: يا عِبادِي سَلُونِي، فَوَعِزَّتِي وجَلالِي لا تَسْألُونِي اليَوْمَ شَيْئًا في جَمْعِكم لِآخِرَتِكم إلّا أعْطَيْتُكُمْ، ولا لِدُنْياكم إلّا نَظَرَتُ لَكُمْ، فَوَعِزَّتِي لَأسْتُرَنَّ عَلَيْكم عَثَراتِكم ما راقَبْتُمُونِي، وعِزَّتِي لا أُخْزِيكم ولا أفْضَحُكم بَيْنَ يَدَيْ أصْحابِ الحُدُودِ، انْصَرِفُوا مَغْفُورًا (p-٢٢٤)لَكُمْ، قَدْ أرْضَيْتُمُونِي ورَضِيتُ عَنْكم، فَتَفْرَحُ المَلائِكَةُ، ويَسْتَبْشِرُونَ بِما يُعْطِي اللَّهُ هَذِهِ الأُمَّةَ إذا أفْطَرُوا مِن شَهْرِ رَمَضانَ“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في ”الشُّعَبِ“ عَنْ كَعْبِ الأحْبارِ قالَ: أوْحى اللَّهُ إلى مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ: إنِّي افْتَرَضْتُ عَلى عِبادِي الصِّيامَ، وهو شَهْرُ رَمَضانَ، يا مُوسى، مَن وافى القِيامَةَ وفي صَحِيفَتِهِ عَشْرُ رَمَضاناتٍ فَهو مِنَ الأبْدالِ، ومَن وافى القِيامَةَ وفي صَحِيفَتِهِ عِشْرُونَ رَمَضانًا فَهو مِنَ المُخْبِتِينَ، ومَن وافى القِيامَةَ وفي صَحِيفَتِهِ ثَلاثُونَ رَمَضانًا فَهو مِن أفْضَلَ الشُّهَداءِ عِنْدِي ثَوابًا، يا مُوسى، إنِّي آمُرُ حَمَلَةَ العَرْشِ إذا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضانَ أنْ يُمْسِكُوا عَنِ العِبادَةِ، فَكُلَّما دَعا صائِمُو رَمَضانَ بِدَعْوَةٍ أنْ يَقُولُوا: آمِينَ. وإنِّي أوْجَبْتُ عَلى نَفْسِي ألّا أرُدَّ دَعْوَةَ صائِمِي رَمَضانَ، يا مُوسى، إنِّي أُلْهِمُ في رَمَضانَ السَّماواتِ والأرْضَ والجِبالَ والدَّوابَّ والهَوامَّ أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِصائِمِي رَمَضانَ، يا مُوسى، اطْلُبْ ثَلاثَةً مِمَّنْ يَصُومُ رَمَضانَ؛ فَصْلِّ مَعَهم وكُلْ واشْرَبْ مَعَهُمْ، فَإنِّي لا أُنْزِلُ عُقُوبَتِي ولا نِقْمَتِي في بُقْعَةٍ فِيها ثَلاثَةٌ مِمَّنْ يَصُومُ رَمَضانَ، يا مُوسى، إنْ كُنْتَ مُسافِرًا فاقْدُمْ، وإنْ كُنْتَ مَرِيضًا فَمُرْهم أنْ يَحْمِلُوكَ، وقُلْ لِلنِّساءِ والحُيَّضِ والصِّبْيانِ الصِّغارِ أنْ يَبْرُزُوا مَعَكَ حَيْثُ يَبْرُزُ صائِمُو رَمَضانَ (p-٢٢٥)عِنْدَ تَصَرُّمِ رَمَضانَ، فَإنِّي لَوْ أذِنْتُ لِسَمائِي وأرْضِي لَسَلَّمَتا عَلَيْهِمْ ولَكَلَّمَتاهُمْ، ولَبَشَّرَتاهم بِما أُجِيزُهُمْ، إنِّي أقُولُ: عِبادِي الَّذِينَ صامُوا رَمَضانَ، ارْجِعُوا إلى رِحالِكُمْ، فَقَدْ أرْضَيْتُمُونِي، وجَعَلْتُ ثَوابَكم مِن صِيامِكم أنْ أُعْتِقَكم مِنَ النّارِ، وأنْ أُحاسِبَكم حِسابًا يَسِيرًا، وأنْ أُقِيلَ لَكُمُ العَثْرَةَ، وأنْ أُخْلِفَ لَكُمُ النَّفَقَةَ، وألّا أفْضَحَكم بَيْنَ يَدَيْ أحَدٍ، وعِزَّتِي لا تَسْألُونِي شَيْئًا بَعْدَ صِيامِ رَمَضانَ ومَوْقِفِكم هَذا مِن آخِرَتِكم إلّا أعْطَيْتُكُمْ، ولا تَسْألُونِي شَيْئًا مِن أمْرِ دُنْياكم إلّا نَظَرْتُ لَكم. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“، والبَيْهَقِيُّ، والأصْبَهانِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ: قالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: ”«ذاكِرُ اللَّهِ في رَمَضانَ مَغْفُورٌ لَهُ، وسائِلُ اللَّهِ فِيهِ لا يُخِيَّبُ“» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ في ”الشَّمائِلِ“، والنَّسائِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أجْوَدَ النّاسِ بِالخَيْرِ، وكانَ أجْوَدَ ما يَكُونُ في رَمَضانَ حِينَ يَلْقاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ يَلْقاهُ جِبْرِيلُ كُلَّ لَيْلَةٍ في رَمَضانَ حَتّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ النَّبِيُّ ﷺ عَلَيْهِ القُرْآنَ، فَإذا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ» . (p-٢٢٦)وأخْرَجَ ابْنُ ماجَهْ عَنْ أنَسٍ قالَ: «دَخَلَ رَمَضانُ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”إنَّ هَذا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِن ألْفِ شَهْرٍ، مَن حُرِمَها فَقَدْ حُرِمَ الخَيْرَ كُلَّهُ، ولا يُحْرَمُ خَيْرَها إلّا مَحْرُومٌ“» . وأخْرَجَ البَزّارُ عَنْ أبِي سَعِيدٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«إنَّ لِلَّهِ تَبارَكَ وتَعالى عُتَقاءَ في كُلِّ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ، وإنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ في كُلِّ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ دَعْوَةً مُسْتَجابَةً“» . وأخْرَجَ الأصْبَهانِيُّ في ”التَّرْغِيبِ“ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«إذا كانَ أوَّلُ لَيْلَةٍ مِن شَهْرِ رَمَضانَ نَظَرَ اللَّهُ إلى خَلْقِهِ، وإذا نَظَرَ اللَّهُ إلى عَبْدِهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ أبَدًا، ولِلَّهِ في كُلِّ يَوْمٍ ألْفُ ألْفِ عَتِيقٍ مِنَ النّارِ، فَإذا كانَتْ لَيْلَةُ تِسْعٍ وعِشْرِينَ، أعْتَقَ اللَّهُ فِيها مِثْلَ جَمِيعِ ما أعْتَقَ في الشَّهْرِ كُلِّهِ، فَإذا كانَتْ لَيْلَةُ الفِطْرِ ارْتَجَّتِ المَلائِكَةُ، وتَجَلّى الجَبّارُ بِنُورِهِ مَعَ أنَّهُ لا يَصِفُهُ الواصِفُونَ، فَيَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ وهم في عِيدِهِمْ مِنَ الغَدِ: يا مَعْشَرَ المَلائِكَةِ، ما جَزاءُ الأجِيرِ إذا وفّى عَمَلَهُ؟ تَقُولُ المَلائِكَةُ: يُوَفّى أجْرَهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ: أُشْهِدُكم أنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ“» . (p-٢٢٧)وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنْ عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ يَوْمًا، وحَضَرَ رَمَضانُ: «”أتاكم شَهْرُ بَرَكَةٍ، يَغْشاكُمُ اللَّهُ فِيهِ فَيُنْزِلُ الرَّحْمَةَ، ويَحُطُّ الخَطايا، ويَسْتَجِيبُ فِيهِ الدُّعاءَ، يَنْظُرُ اللَّهُ إلى تَنافُسِكُمْ، ويُباهِي بِكم مَلائِكَتَهُ، فَأرُوا اللَّهَ مِن أنْفُسِكم خَيْرًا، فَإنَّ الشَّقِيَّ مَن حُرِمَ فِيهِ رَحْمَةَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“، عَنْ أنَسٍ قالَ: سَمِعَتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «”هَذا رَمَضانُ قَدْ جاءَ، تُفْتَحُ فِيهِ أبْوابُ الجَنَّةِ، وتُغْلَقُ فِيهِ أبْوابُ النّارِ، وتُغَلُّ فِيهِ الشَّياطِينُ، بُعْدًا لِمَن أدْرَكَ رَمَضانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، إذا لَمْ يُغْفَرْ لَهُ فِيهِ فَمَتى؟“» . وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ في ”الثَّوابِ“ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«إنَّ شَهْرَ رَمَضانَ شَهَرُ أُمَّتِي، يَمْرَضُ مَرِيضُهم فَيَعُودُونَهُ، فَإذا صامَ مُسْلِمٌ لَمْ يَكْذِبْ، ولَمْ يَغْتَبْ، وفِطْرُهُ طَيِّبٌ، ويَسْعى إلى العَتَماتِ مُحافِظًا عَلى فَرائِضِهِ، خَرَجَ مِن ذُنُوبِهِ كَما تَخْرُجُ الحَيَّةُ مِن سَلْخِها“» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والأصْبَهانِيُّ في ”تَرْغِيبِهِ“، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«مَن صامَ يَوْمًا مِن رَمَضانَ فَسَلِمَ مِن ثَلاثٍ ضَمِنتُ لَهُ الجَنَّةَ“ . (p-٢٢٨)فَقالَ أبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرّاحِ: يا رَسُولَ اللَّهِ، عَلى ما فِيهِ سِوى الثَّلاثِ؟ قالَ: ”عَلى ما فِيهِ سِوى الثَّلاثِ؛ لِسانِهِ وبَطْنِهِ وفَرْجِهِ“» . وأخْرَجَ الأصْبَهانِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قالَ: تَسْبِيحَةٌ في شَهْرِ رَمَضانَ أفْضَلُ مِن ألْفِ تَسْبِيحَةٍ في غَيْرِهِ. وأخْرَجَ الأصْبَهانِيُّ عَنْ مُعَلّى بْنِ الفَضْلِ قالَ: كانُوا يَدْعُونَ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ سِتَّةَ أشْهُرٍ أنْ يُبَلِّغَهم شَهْرَ رَمَضانَ، ويَدْعُونَ اللَّهَ سِتَّةَ أشْهُرٍ أنْ يَتَقَبَّلَ مِنهم. وأخْرَجَ الأصْبَهانِيُّ عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «”فَضْلُ الجُمْعَةِ في شَهْرِ رَمَضانَ عَلى سائِرِ الأيّامِ كَفَضْلِ رَمَضانَ عَلى سائِرِ الشُّهُورِ“» . وأخْرَجَ الأصْبَهانِيُّ عَنْ إبْراهِيمَ النَّخَعِيِّ قالَ: صَوْمُ يَوْمٍ مِن رَمَضانَ أفْضَلُ مِن ألْفِ يَوْمٍ، وتَسْبِيحَةٌ في رَمَضانَ أفْضَلُ مِن ألْفِ تَسْبِيحَةٍ، ورَكْعَةٌ في رَمَضانَ أفْضَلُ مِن ألْفِ رَكْعَةٍ. وأخْرَجَ الأصْبَهانِيُّ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إذا سَلِمَ رَمَضانُ سَلِمَتِ السَّنَةُ، وإذا سَلِمَتِ الجُمْعَةُ سَلِمَتِ الأيّامُ”» . وأخْرَجَ الأصْبَهانِيُّ مِن طَرِيقِ الأوْزاعِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، والقاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، وعَبْدَةَ ابْنِ أبِي لُبابَةَ قالُوا: سَمِعْنا أبا أُمامَةَ الباهِلِيَّ، وواثِلَةَ بْنَ الأسْقَعِ، وعَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ، سَمِعُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:“ «إنَّ الجَنَّةَ لَتَزَيَّنُ مِنَ الحَوْلِ (p-٢٢٩)إلى الحَوْلِ لِشَهْرِ رَمَضانَ”. ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ مَن صانَ نَفْسَهُ ودِينَهُ في شَهْرِ رَمَضانَ، زَوَّجَهُ اللَّهُ مِنَ الحُوَرِ العِينِ، وأعْطاهُ قَصْرًا مِن قُصُورِ الجَنَّةِ، ومَن عَمِلَ سَيِّئَةً، أوْ رَمى مُؤْمِنًا بِبُهْتانٍ، أوْ شَرِبَ مُسْكِرًا في شَهْرِ رَمَضانَ، أحْبَطَ اللَّهُ عَمَلَهُ سَنَةً”. ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ اتَّقُوا شَهْرَ رَمَضانَ؛ لِأنَّهُ شَهْرُ اللَّهِ، جَعَلَ لَكم أحَدَ عَشَرَ شَهْرًا تَشْبَعُونَ فِيها وتُرْوُونَ، وشَهْرُ رَمَضانَ شَهْرُ اللَّهِ، فاحْفَظُوا فِيهِ أنْفُسَكُمْ”» . وأخْرَجَ الأصْبَهانِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ «أُمَّتِي لَنْ يُخْزَوْا أبَدًا ما أقامُوا شَهْرَ رَمَضانَ”. فَقالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ: وما خِزْيُهم مِن إضاعَتِهِمْ شَهْرَ رَمَضانَ؟ فَقالَ:“ انْتِهاكُ المَحارِمِ؛ مَن عَمِلَ سُوءًا أوْ زَنى أوْ سَرَقَ لَمْ يُقْبَلْ مِنهُ شَهْرُ رَمَضانَ، ولَعْنَهُ الرَّبُّ والمَلائِكَةُ إلى مِثْلِها مِنَ الحَوْلِ، فَإنْ ماتَ قَبْلَ شَهْرِ رَمَضانَ فَلْيُبَشَّرْ بِالنّارِ، فاتَّقُوا شَهْرَ رَمَضانَ، فَإنَّ الحَسَناتِ تُضاعَفُ فِيهِ، وكَذَلِكَ السَّيِّئاتُ”» . وأخْرَجَ الأصْبَهانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ قالَ: «لَمّا كانَ أوَّلُ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ قامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وأثْنى عَلى اللَّهِ، وقالَ:“يا أيُّها النّاسُ، قَدْ كَفاكُمُ اللَّهُ عَدْوَّكم مِنَ الجَنِّ، ووَعْدَكُمُ الإجابَةَ، وقالَ: ﴿ادْعُونِي أسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: ٦٠] ألا وقَدْ وكَّلَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ سَبْعَةً مِنَ المَلائِكَةِ، فَلَيْسَ بِمَحْلُولٍ حَتّى يَنْقَضِيَ رَمَضانُ، ألا وأبْوابُ السَّماءِ مُفَتَّحَةٌ مِن أوَّلِ لَيْلَةٍ مِنهُ إلى آخِرِ لَيْلَةٍ مِنهُ، ألا والدُّعاءُ فِيهِ مَقْبُولٌ”. حَتّى إذا كانَ أوَّلُ لَيْلَةٍ مِنَ العَشْرِ شَمَّرَ وشَدَّ المِئْزَرَ، وخَرَجَ مِن بَيْتِهِ (p-٢٣٠)واعْتَكَفَهُنَ، وأحْيا اللَّيْلَ، قِيلَ: وما شَدُّ المِئْزَرِ؟ قالَ: كانَ يَعْتَزِلُ النِّساءَ فِيهِنَّ» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في“شُعَبِ الإيمانِ”عَنْ إسْحاقَ بْنِ أبِي إسْحاقَ، أنَّ أبا هُرَيْرَةَ قالَ لِكَعْبٍ: تَجِدُونَ رَمَضانَ عِنْدَكُمْ؟ قالَ: نَجِدُهُ حِطَّةً. وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبَزّارُ، وابْنُ خُزَيْمَةَ، وابْنُ حِبّانَ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الجُهَنِيِّ قالَ: «جاءَ رَجُلٌ مِن قُضاعَةَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: أرَأيْتَ إنْ شَهِدْتُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وأنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وصَلَّيْتُ الصَّلَواتِ الخَمْسَ، وصَمْتُ رَمَضانَ وقُمْتُهُ، وآتَيْتُ الزَّكاةَ، فَمِمَّنْ أنا؟ فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ:“ مَن ماتَ عَلى هَذا كانَ مَعَ النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ والشُّهَداءِ يَوْمَ القِيامَةِ هَكَذا - ونَصَبَ أُصْبُعَيْهِ - ما لَمْ يَعُقَّ والِدَيْهِ» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ عَلَيٍّ، أنَّهُ كانَ يَخْطُبُ إذا حَضَرَ رَمَضانُ، ثُمَّ يَقُولُ: هَذا الشَّهْرُ المُبارَكُ الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ صِيامَهُ، ولَمْ يَفْرِضْ قِيامَهُ، لِيَحْذَرَ الرَّجُلُ أنْ يَقُولَ: أصُومُ إذا صامَ فُلانٌ، وأُفْطِرُ إذا أفْطَرَ فُلانٌ. ألا إنَّ الصِّيامَ لَيْسَ مِنَ الطَّعامِ والشَّرابِ، ولَكِنْ مِنَ الكَذِبِ والباطِلِ واللَّغْوِ، ألا لا تَقَدَّمُوا الشَّهْرَ، إذا رَأيْتُمُ الهِلالَ فَصُومُوا، وإذا رَأيْتُمُوهُ فَأفْطِرُوا، فَإنْ غُمَّ عَلَيْكم فَأتِمُّوا العِدَّةَ. * * * (p-٢٣١)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ﴾ . أخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ جَرِيرٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، والأصْبَهانِيُّ في ”التَّرْغِيبِ“، عَنْ واثِلَةَ بْنِ الأسْقَعِ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ”«أُنْزِلَتْ صُحُفُ إبْراهِيمَ في أوَّلِ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ، وأُنْزِلَتِ التَّوْراةُ لَسِتٍّ مَضَيْنَ مِن رَمَضانَ، وأُنْزِلَ الإنْجِيلُ لِثَلاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِن رَمَضانَ، وأُنْزِلَ الزَّبُورُ لِثَمانِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِن رَمَضانَ، وأُنْزِلَ القُرْآنُ لِأرْبَعٍ وعِشْرِينَ خَلَتْ مِن رَمَضانَ“» . وأخْرَجَ أبُو يَعْلى، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: أنْزَلَ اللَّهُ صُحُفَ إبْراهِيمَ أوَّلَ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ، وأنْزَلَ التَّوْراةَ عَلى مُوسى لَسِتٍّ خَلَوْنَ مِن رَمَضانَ، وأنْزَلَ الزَّبُورَ عَلى داوُدَ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ خَلَتْ مِن رَمَضانَ، وأنْزَلَ الإنْجِيلَ عَلى عِيسى لِثَمانِيَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِن رَمَضانَ، وأنْزَلَ الفُرْقانَ عَلى مُحَمَّدٍ لِأرْبَعٍ وعِشْرِينَ خَلَتْ مِن رَمَضانَ. وأخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ عَنْ أبِي الجَلْدِ قالَ: أُنْزِلَ صُحُفُ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ (p-٢٣٢)السَّلامُ في أوَّلِ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ، وأُنْزَلَتِ التَّوْراةُ لَسِتٍّ خَلَوْنَ مِن رَمَضانَ، وأُنْزِلَ الزَّبُورُ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ خَلَتْ مِن شَهْرِ رَمَضانَ، وأُنْزِلَ الإنْجِيلُ لِثَمانِ عَشْرَةَ خَلَوْنَ مِن شَهْرِ رَمَضانَ، وأُنْزِلَ القُرْآنُ لِأرْبَعٍ وعِشْرِينَ لَيْلَةً خَلَتْ مِن رَمَضانَ. «وذُكِرَ لَنا أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قالَ: ”أُعْطِيتُ السَّبْعَ الطُّوَلَ مَكانَ التَّوْراةِ، وأُعْطِيتُ المِئِينَ مَكانَ الإنْجِيلِ، وأُعْطِيتُ المَثانِيَ مَكانَ الزَّبُورَ، وفُضِّلْتُ بِالمُفَصَّلِ“» . وأخْرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: أُنْزَلَتِ الصُّحُفُ الأُولى في أوَّلِ يَوْمٍ مِن رَمَضانَ، وأُنْزَلَتِ التَّوْراةُ في سِتٍّ مِن رَمَضانَ، وأُنْزِلَ الإنْجِيلُ في اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مِن رَمَضانَ، وأُنْزِلَ الزَّبُورُ في ثَمانِيَ عَشْرَةَ مِن رَمَضانَ، وأُنْزِلَ القُرْآنُ في أرْبَعٍ وعِشْرِينَ مِن رَمَضانَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ في كِتابِ ”الصَّلاةِ“، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في ”الأسْماءِ والصِّفاتِ“ عَنْ مِقْسَمٍ قالَ: سَألَ عَطِيَّةُ بْنُ الأسْوَدِ ابْنَ عَبّاسٍ فَقالَ: إنَّهُ قَدْ وقَعَ في قَلْبِي الشَّكُّ؛ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ﴾، وقَوْلُهُ: ﴿إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ﴾ [القدر: ١]، وقَوْلُهُ: ﴿إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ﴾ [الدخان: ٣] (p-٢٣٣)وقَدْ أُنْزِلَ في شَوّالٍ وذِي القِعْدَةِ وذِي الحِجَّةِ والمُحَرَّمِ وشَهْرِ رَبِيعٍ الأوَّلِ! فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: إنَّهُ أُنْزِلَ في رَمَضانَ وفي لَيْلَةِ القَدْرِ وفي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ جُمْلَةً واحِدَةً، ثُمَّ أُنْزِلَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلى مَواقِعِ النُّجُومِ رَسَلًا في الشُّهُورِ والأيّامِ. وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، والضِّياءُ في ”المُخْتارَةِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «نَزَلَ القُرْآنُ جُمْلَةً - وفي لَفْظٍ: فُصِلَ القُرْآنُ- مِنَ الذِّكْرِ لِأرْبَعَةٍ وعِشْرِينَ مِن رَمَضانَ فَوُضِعَ في بَيْتِ العِزَّةِ في السَّماءِ الدُّنْيا، فَجَعَلَ جِبْرِيلُ يُنَزِّلُهُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، يُرَتِّلُهُ تَرْتِيلًا» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: شَهْرُ رَمَضانَ، واللَّيْلَةُ المُبارَكَةُ، ولَيْلَةُ القَدْرِ، فَإنَّ لَيْلَةَ القَدْرِ هي اللَّيْلَةُ المُبارَكَةُ، وهي في رَمَضانَ، نَزَلَ القُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً مِنَ الذِّكْرِ إلى البَيْتِ المَعْمُورِ، وهو مَوْقِعُ النُّجُومِ في السَّماءِ الدُّنْيا حَيْثُ وقَعَ القُرْآنُ، ثُمَّ نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ ﷺ بَعْدَ ذَلِكَ في الأمْرِ والنَّهْيِ وفي الحُرُوبِ رَسَلًا رَسَلًا. وأخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ، والنَّسائِيُّ، ومُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، (p-٢٣٤)والطَّبَرانِيُّ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: أُنْزِلَ القُرْآنُ كُلُّهُ جُمْلَةً واحِدَةً في لَيْلَةِ القَدْرِ في رَمَضانَ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، فَكانَ اللَّهُ إذا أرادَ أنْ يُحْدِثَ في الأرْضِ شَيْئًا أنْزَلَهُ مِنهُ حَتّى جَمَعَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نُزِّلَ القُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً عَلى جِبْرِيلَ في لَيْلَةِ القَدْرِ، فَكانَ لا يُنَزِّلُ مِنهُ إلّا ما أُمِرَ بِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: نُزِّلَ القُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً في شَهْرِ رَمَضانَ في لَيْلَةِ القَدْرِ، فَجُعِلَ في بَيْتِ العِزَّةِ، ثُمَّ أُنْزِلَ عَلى النَّبِيِّ ﷺ في عِشْرِينَ سَنَةً؛ جَوابَ كَلامِ النّاسِ. وأخْرَجَ أبُو يَعْلى، وابْنُ عَساكِرَ، عَنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، أنَّهُ لَمّا قُتِلَ عَلَيٌّ قامَ خَطِيبًا، فَقالَ: واللَّهِ لَقَدْ قَتَلْتُمُ اللَّيْلَةَ رَجُلًا في لَيْلَةٍ نَزَلَ فِيها القُرْآنُ، وفِيها رُفِعَ عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ، وفِيها قُتِلَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وفِيها تِيبَ عَلى بَنِي إسْرائِيلَ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: بَلَغَنِي أنَّهُ كانَ يَنْزِلُ فِيهِ مِنَ القُرْآنِ حَتّى انْقَطَعَ الوَحْيُ، وحَتّى ماتَ مُحَمَّدٌ ﷺ، فَكانَ يَنْزِلُ مِنَ القُرْآنِ في لَيْلَةِ القَدْرِ، كُلُّ شَيْءٍ يَنْزِلُ مِنَ القُرْآنِ في تِلْكَ السَّنَةِ، فَيَنْزِلُ ذَلِكَ مِنَ (p-٢٣٥)السَّماءِ السّابِعَةِ عَلى جِبْرِيلَ في السَّماءِ الدُّنْيا، فَلا يَنْزِلُ جِبْرِيلُ مِن ذَلِكَ عَلى مُحَمَّدٍ إلّا بِما أمَرَهُ رَبُّهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ الضُّرَيْسِ، عَنْ داوُدَ بْنِ أبِي هِنْدٍ قالَ: قُلْتُ لِعامِرٍ الشَّعْبِيِّ: ﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ﴾ . فَهَلْ كانَ نَزَلَ عَلَيْهِ في سائِرِ السَّنَةِ إلّا ما في رَمَضانَ؟ قالَ: بَلى، ولَكِنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعارِضُ مُحَمَّدًا ما أُنْزِلَ في السَّنَةِ في رَمَضانَ، فَيُحْكِمُ اللَّهُ ما يَشاءُ، ويُثْبِتُ ما يَشاءُ، ويَنْسَخُ ما يَنْسَخُ، ويُنْسِيَهُ ما يَشاءُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الضَّحّاكِ: ﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ﴾ يَقُولُ: الَّذِي أُنْزِلَ صَوْمُهُ في القُرْآنِ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هُدًى لِلنّاسِ وبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى والفُرْقانِ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ﴿هُدًى لِلنّاسِ﴾ قالَ: يَهْتَدُونَ بِهِ ﴿وبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى والفُرْقانِ﴾ قالَ: فِيهِ الحَلالُ والحَرامُ والحُدُودُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿وبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى والفُرْقانِ﴾ قالَ: بَيِّناتٍ مِنَ الحَلالِ والحَرامِ. * * * (p-٢٣٦)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: كانَ يَوْمُ عاشُوراءَ يُصامُ قَبْلَ أنْ يَنْزِلَ شَهْرُ رَمَضانَ، فَلَمّا نَزَلَ رَمَضانُ تُرِكَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، ومُسْلِمٌ، عَنْ جابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُ بِصِيامِ يَوْمِ عاشُوراءَ، ويَحُثُّنا عَلَيْهِ، ويَتَعاهَدُنا عِنْدَهُ، فَلَمّا فُرِضَ رَمَضانُ، لَمْ يَأْمُرْنا ولَمْ يَنْهَنا عَنْهُ، ولَمْ يَتَعاهَدْنا عِنْدَهُ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ قالَ: هو إهَلالُهُ بِالدّارِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ قالَ: مَن كانَ مُسافِرًا في بَلَدٍ وهو مُقِيمٌ فَلْيَصُمْهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ قالَ: إذا كانَ مُقِيمًا. وأخْرَجَ وكِيعٌ، وعَبَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قالَ: مَن أدْرَكَ رَمَضانَ وهو مُقِيمٌ ثُمَّ سافَرَ فَقَدْ لَزِمَهُ الصَّوْمُ؛ لِأنَّ اللَّهَ يَقُولُ (p-٢٣٧)﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ . وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ في قَوْلِهِ: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ قالَ: مَن أدْرَكَهُ رَمَضانُ في أهْلِهِ، ثُمَّ أرادَ السَّفَرَ، فَلْيَصُمْ. وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: ”«مَن أفْطَرَ يَوْمًا مِن شَهْرِ رَمَضانَ في الحَضَرِ فَلْيُهْدِ بَدَنَةً، فَإنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُطْعِمْ ثَلاثِينَ صاعًا مِن تَمْرٍ لِلْمَساكِينِ“» . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ومَن كانَ مَرِيضًا أوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أُخَرَ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الحَسَنِ، وإبْراهِيمَ النَّخَعِيِّ، قالا: إذا لَمْ يَسْتَطِعِ المَرِيضُ أنْ يُصَلِّيَ قائِمًا أفْطَرَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ عَطاءٍ قالَ: الصِّيامُ في السَّفَرِ مِثْلُ الصَّلاةِ، تَقْصِرُ إذا أفْطَرْتَ، وتَصُومُ إذا وفَّيْتَ الصَّلاةَ. وأخْرَجَ سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وابْنُ سَعْدٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ جَرِيرٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ القُشَيْرِيِّ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: ”«إنَّ اللَّهَ وضَعَ عَنِ المُسافِرِ الصَّوْمَ وشَطْرَ (p-٢٣٨)الصَّلاةِ، وعَنِ الحُبْلى والمُرْضِعِ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّهُ سُئِلَ عَنِ الصَّوْمِ في السَّفَرِ، فَقالَ: عُسْرٌ ويُسْرٌ، فَخُذْ بِيُسْرِ اللَّهِ. وأخْرَجَ مالِكٌ، والشّافِعِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، عَنْ عائِشَةَ «أنَّ حَمْزَةَ الأسْلَمِيَّ سَألَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ الصَّوْمِ في السَّفَرِ، فَقالَ: ”إنْ شِئْتَ فَصُمْ، وإنْ شِئْتَ فَأفْطِرْ“» . وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ وصَحَّحَهُ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأسْلَمِيِّ أنَّهُ قالَ: «يا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أجِدُ قُوَّةً عَلى الصِّيامِ في السَّفَرِ، فَهَلْ عَلَيَّ جُناحٌ؟ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”هي رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعالى، مَن أخَذَ بِها فَحَسَنٌ، ومَن أحَبَّ أنْ يَصُومَ، فَلا جُناحَ عَلَيْهِ“» . (p-٢٣٩)وأخْرَجَ أحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ، والنَّسائِيُّ، والحاكِمُ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأسْلَمِيِّ: «سَألْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ الصَّوْمِ في السَّفَرِ، فَقالَ: ”إنْ شِئْتَ أنْ تَصُومَ فَصُمْ، وإنْ شِئْتَ أنْ تُفْطِرَ فَأفْطِرْ“» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والدّارَقُطْنِيُّ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «كُلٌّ قَدْ فَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ؛ فَقَدْ صامَ وأفْطَرَ، وأتَمَّ وقَصَرَ في السَّفَرِ» . وأخْرَجَ الخَطِيبُ في ”تالِي التَّلْخِيصِ“ عَنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ قالَ: «صامَ النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَ ما أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ آيَةُ الرُّخْصَةِ في السَّفَرِ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أبِي عِياضٍ قالَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ مُسافِرًا في رَمَضانَ، فَنُودِيَ في النّاسِ: مَن شاءَ صامَ، ومَن شاءَ أفْطَرَ، فَقِيلَ لِأبِي عِياضٍ: كَيْفَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قالَ: صامَ، وكانَ أحَقَّهم بِذَلِكَ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لا أعِيبُ عَلى مَن صامَ، ولا عَلى مَن أفْطَرَ في السَّفَرِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، وعامِرٍ، أنَّهُما اتَّفَقا أنَّ أصْحابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كانُوا يُسافِرُونَ في رَمَضانَ، فَيَصُومُ الصّائِمُ، ويُفْطِرُ المُفْطِرُ، فَلا يَعِيبُ المُفْطِرُ عَلى الصّائِمِ، ولا الصّائِمُ عَلى المُفْطِرِ. (p-٢٤٠)وأخْرَجَ مالِكٌ، والشّافِعِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والبُخارِيُّ، وأبُو داوُدَ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: «سافَرْنا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في رَمَضانَ، فَصامَ بَعْضُنا، وأفْطَرَ بَعْضُنا، فَلَمْ يَعِبِ الصّائِمُ عَلى المُفْطِرِ، ولا المُفْطِرُ عَلى الصّائِمِ» . وأخْرَجَ مُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قالَ: «كُنّا نُسافِرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في شَهْرِ رَمَضانَ، فَمِنّا الصّائِمُ ومِنّا المُفْطِرُ، فَلا يَجِدُ المُفْطِرُ عَلى الصّائِمِ، ولا الصّائِمُ عَلى المُفْطِرِ، وكانُوا يَرَوْنَ أنَّهُ مَن وجَدَ قُوَّةً فَصامَ مُحْسِنٌ، ومَن وجَدَ ضَعْفًا فَأفْطَرَ مُحْسِنٌ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ، والنَّسائِيُّ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ”«لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصِّيامُ في السَّفَرِ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عاصِمٍ الأشْعَرِيِّ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: ”«لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصِّيامُ في السَّفَرِ“» . (p-٢٤١)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: لَأنْ أُفْطِرَ في رَمَضانَ في السَّفَرِ أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ أصُومَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: الإفْطارُ في السَّفَرِ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِها عَلى عِبادِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أنَّهُ سُئِلَ عَنِ الصَّوْمِ في السَّفَرِ، فَقالَ: رُخْصَةٌ نَزَلَتْ مِنَ السَّماءِ، فَإنْ شِئْتُمْ فَرُدُّوها. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أنَّهُ سُئِلَ عَنِ الصَّوْمِ في السَّفَرِ، فَقالَ: لَوْ تَصَدَّقْتَ بِصَدَقَةٍ فَرُدَّتْ، ألَمْ تَكُنْ تَغْضَبُ؟ إنَّما هو صَدَقَةٌ تَصَدَّقَها اللَّهُ عَلَيْكم. وأخْرَجَ النَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«الصائِمُ رَمَضانَ في السَّفَرِ كالمُفْطِرِ في الحَضَرِ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الإفْطارُ في السَّفِرِ عَزْمَةٌ. (p-٢٤٢)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَرَّرِ بْنِ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّهُ كانَ في سَفَرٍ، فَصامَ رَمَضانَ، فَلَمّا رَجَعَ أمَرَهُ أبُو هُرَيْرَةَ أنْ يَقْضِيَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ: أنَّ عُمَرَ أمَرَ رَجُلًا صامَ رَمَضانَ في السَّفَرِ أنْ يُعِيدَ. وأخْرَجَ وكِيعٌ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، أنَّهُ سُئِلَ عَنِ الصَّوْمِ في السَّفَرِ، فَقالَ: إنْ كانَ أهْوَنَ عَلَيْكَ فَصُمْ، وفي لَفْظٍ: إذا كانَ يُسْرٌ فَصُومُوا، وإذا كانَ عُسْرٌ فَأفْطِرُوا، قالَ اللَّهُ: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ﴾ . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ قالَ: سَألْتُ أنَسَ بْنَ مالِكٍ عَنِ الصَّوْمِ في السَّفَرِ، فَقالَ: يَصُومُ. قُلْتُ: فَأيْنَ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أُخَرَ﴾ قالَ: إنَّها نَزَلَتْ يَوْمَ نَزَلَتْ ونَحْنُ نَرْتَحِلُ جِياعًا ونَنْزِلُ عَلى غَيْرِ شِبَعٍ، واليَوْمَ نَرْتَحِلُ شِباعًا ونَنْزِلُ عَلى شِبَعٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أنَسٍ قالَ: مَن أفْطَرَ قُبِلَ رُخْصَةً، ومَن صامَ فَهو أفْضَلُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ إبْراهِيمَ، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ومُجاهِدٍ، أنَّهم قالُوا (p-٢٤٣)فِي الصَّوْمِ في السَّفَرِ: إنْ شِئْتَ فَأفْطِرْ، وإنْ شِئْتَ فَصُمْ، والصَّوْمُ أفْضَلُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِن طَرِيقِ العَوّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: «كانَ النَّبِيُّ ﷺ يَصُومُ ويُفْطِرُ في السَّفَرِ، ويَرى أصْحابُهُ أنَّهُ يَصُومُ، ويَقُولُ: ”كُلُوا إنِّي أظَلُّ يُطْعِمُنِي رَبِّي ويَسْقِينِي“ . قالَ العَوّامُ: فَقُلْتُ لِمُجاهِدٍ: فَأيَّ ذَلِكَ تَرى؟ قالَ: صَوْمٌ في رَمَضانَ أفْضَلُ مِن صَوْمٍ في غَيْرِ رَمَضانَ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِن طَرِيقِ أبِي البَخْتَرِيِّ قالَ: قالَ عَبِيدَةُ: إذا سافَرَ الرَّجُلُ، وقَدْ صامَ في رَمَضانَ، فَلْيَصُمْ ما بَقِيَ، ثُمَّ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ قالَ: وكانَ ابْنُ عَبّاسٍ يَقُولُ: مَن شاءَ صامَ، ومَن شاءَ أفْطَرَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، سَألْتُ عَبِيدَةَ قُلْتُ: أُسافِرُ في رَمَضانَ؟ قالَ: لا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ إبْراهِيمَ قالَ: إذا أدْرَكَ الرَّجُلُ رَمَضانَ فَلا يَخْرُجْ، وإنْ خَرَجَ وقَدْ صامَ شَيْئًا مِنهُ فَلْيَصُمْهُ في السَّفَرِ، فَإنَّهُ أنْ يَقْضِيَهُ في رَمَضانَ أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ يَقْضِيَهُ في غَيْرِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أبِي مِجْلَزٍ قالَ: إذا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضانَ فَلا يُسافِرَنَّ الرَّجُلُ، فَإنْ أبى إلّا أنْ يُسافِرَ فَلْيَصُمْ. (p-٢٤٣)وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القاسِمِ، أنَّ إبْراهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ جاءَ إلى عائِشَةَ يُسَلِّمُ عَلَيْها وهو في رَمَضانَ، فَقالَتْ: أيْنَ تُرِيدُ؟ قالَ: العُمْرَةَ. قالَتْ: قَعَدْتَ حَتّى دَخَلَ هَذا الشَّهْرُ! لا تَخْرُجْ. قالَ: إنَّ أصْحابِي وثَقَلِي قَدْ خَرَجُوا. قالَتْ: وإنْ، فَرُدَّهُ ثُمَّ أقِمْ حَتّى تُفْطِرَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أُمِّ دُرَّةَ قالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ عائِشَةَ، فَجاءَ رَسُولُ أخِي وذَلِكَ في رَمَضانَ، فَقالَتْ لِي عائِشَةُ: ما هَذا؟ فَقُلْتُ: رَسُولُ أخِي، يُرِيدُ أنْ يَخْرُجَ، فَقالَتْ: لا يَخْرُجُ حَتّى يَنْقَضِيَ الشَّهْرُ، فَإنَّ رَمَضانَ لَوْ أدْرَكَنِي وأنا في الطَّرِيقِ لَأقَمْتُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الحَسَنِ قالَ: لا بَأْسَ أنْ يُسافِرَ الرَّجُلُ في رَمَضانَ، ويُفْطِرُ إنْ شاءَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الحَسَنِ قالَ: لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ رَمَضانَ قَيْدًا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَطاءٍ قالَ: مَن أدْرَكَهُ شَهْرُ رَمَضانَ، فَلا بَأْسَ أنْ يُسافِرَ ثُمَّ يُفْطِرَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وأبُو داوُدَ، عَنْ سِنانِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ مُحَبِّقٍ الهُذَلِيِّ، (p-٢٤٥)عَنْ أبِيهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«مَن كانَتْ لَهُ حَمُولَةٌ تَأْوِي إلى شِبَعٍ، فَلْيَصُمْ رَمَضانَ حَيْثُ أدْرَكَهُ“» . وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”إنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ بِفِطْرِ رَمَضانَ عَلى مَرِيضِ أُمَّتِي ومُسافِرِها“» . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ، عَنْ رَجُلٍ مِن بَنِي كَعْبٍ قالَ: «أغارَتْ عَلَيْنا خَيْلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فانْتَهَيْتُ إلَيْهِ وهو يَأْكُلُ، فَقالَ: ”اجْلِسْ فَأصِبْ مِن طَعامِنا هَذا“، فَقُلْتُ: يا رَسُولُ اللَّهِ، إنِّي صائِمٌ، قالَ: ”اجْلِسْ أُحَدِّثْكَ عَنِ الصَّلاةِ وعَنِ الصَّوْمِ، إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ وضَعَ شَطْرَ الصَّلاةِ عَنِ المُسافِرِ، ووَضَعَ الصَّوْمَ عَنِ المُسافِرِ والمَرِيضِ والحامِلِ“» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أُخَرَ﴾ قالَ: إنْ شاءَ وصَلَ، وإنْ شاءَ فَرَّقَ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَضاءِ رَمَضانَ قالَ: إنْ شاءَ تابَعَ، وإنْ شاءَ فَرَّقَ؛ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى يَقُولُ: (p-٢٤٦)﴿فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أُخَرَ﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والدّارَقُطْنِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَضاءِ رَمَضانَ: صُمْهُ كَيْفَ شِئْتَ. وقالَ ابْنُ عُمَرَ: صُمْهُ كَما أفْطَرْتَهُ. وأخْرَجَ مالِكٌ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: يَصُومُ شَهْرَ رَمَضانَ مُتَتابِعًا مَن أفْطَرَهُ مِن مَرَضٍ أوْ سَفَرٍ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أنَسٍ، أنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَضاءِ رَمَضانَ فَقالَ: إنَّما قالَ اللَّهُ: ﴿فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أُخَرَ﴾ فَإذا أحْصى العِدَّةَ فَلا بَأْسَ بِالتَّفْرِيقِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والدّارَقُطْنِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الجِرّاحِ، أنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَضاءِ رَمَضانَ مُتَفَرِّقًا، فَقالَ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يُرَخِّصْ لَكم في فِطْرِهِ وهو يُرِيدُ أنْ يَشُقَّ عَلَيْكم في قَضائِهِ، فَأحْصِ العِدَّةَ واصْنَعْ ما شِئْتَ. وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ، عَنْ رافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قالَ: أحْصِ العِدَّةَ وصُمْ كَيْفَ شِئْتَ. (p-٢٤٧)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والدّارَقُطْنِيُّ، عَنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ، أنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَضاءِ رَمَضانَ، فَقالَ: أحْصِ العِدَّةَ وصُمْ كَيْفَ شِئْتَ. وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ العاصِ قالَ: فَرِّقْ قَضاءَ رَمَضانَ، إنَّما قالَ اللَّهُ: ﴿فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أُخَرَ﴾ . وأخْرَجَ وكِيعٌ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ امْرَأةً سَألَتْهُ: كَيْفَ تَقْضِي رَمَضانَ؟ فَقالَ: صُومِي كَيْفَ شِئْتِ، وأحْصِي العِدَّةَ، فَإنَّما يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ، ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، والدّارَقُطْنِيُّ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: نَزَلَتْ: ”فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أخَّرَ مُتَتابِعاتٍ“، فَسَقَطَتْ (مُتَتابِعاتٍ) . قالَ البَيْهَقِيُّ: أيْ نُسِخَتْ. وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ وضَعَّفَهُ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«مَن كانَ عَلَيْهِ صَوْمٌ مِن رَمَضانَ فَلْيَسْرُدْهُ ولا يُفَرِّقْهُ“» . وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ وضَعَّفَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ (p-٢٤٨)قَضاءِ رَمَضانَ: فَقالَ: ”يَقْضِيهِ تِباعًا، وإنْ فَرَّقَهُ أجْزَأهُ“» . وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ في قَضاءِ رَمَضانَ: «”إنْ شاءَ فَرَّقَ، وإنْ شاءَ تابَعَ“» . وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ مِن حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ، مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والدّارَقُطْنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ قالَ: بَلَغَنِي «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سُئِلَ عَنْ تَقْطِيعِ قَضاءِ صِيامِ شَهْرِ رَمَضانَ، فَقالَ: ”ذاكَ إلَيْكَ، أرَأيْتَ لَوْ كانَ عَلى أحَدِكم دَيْنٌ، فَقَضى الدِّرْهَمَ والدِّرْهَمَيْنِ، ألَمْ يَكُنْ قَضاءً؟ فاللَّهُ تَعالى أحَقُّ أنْ يَعْفُوَ ويَغْفِرَ“» . قالَ الدّارَقُطْنِيُّ: إسْنادٌ حَسَنٌ إلّا أنَّهُ مُرْسَلٌ. ثُمَّ رَواهُ مِن طَرِيقٍ آخَرَ مَوْصُولًا، عَنْ جابِرٍ مَرْفُوعًا وضَعَّفَهُ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”الأسْماءِ والصِّفاتِ“، (p-٢٤٩)عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ﴾ قالَ: اليُسْرُ الإفْطارُ في السَّفَرِ، والعُسْرُ الصَّوْمُ في السَّفَرِ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ مِحْجَنِ بْنِ الأدْرَعِ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَأى رَجُلًا يُصَلِّي، فَتَراآهُ بِبَصَرِهِ ساعَةً، فَقالَ: ”أتُراهُ يُصَلِّي صادِقًا؟“ قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، هَذا أكْثَرُ أهْلِ المَدِينَةِ صَلاةً، فَقالَ: لا تُسْمِعْهُ فَتُهْلِكَهُ”، وقالَ:“ إنَّ اللَّهَ إنَّما أرادَ بِهَذِهِ الأُمَّةِ اليُسْرَ، ولَمْ يُرِدْ بِهِمُ العُسْرَ”» . وأخْرَجَ أحْمَدُ عَنِ الأعْرابِيِّ الذِي سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «“إنَّ خَيْرَ دِينِكم أيْسَرَهُ، إنَّ خَيْرَ دِينِكم أيْسَرَهُ”» . وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وأحْمَدُ، وأبُو يَعْلى، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ عُرْوَةَ الفُقَيْمِيِّ قالَ: «سَألَ النّاسُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: هَلْ عَلَيْنا حَرَجٌ في كَذا؟ فَقالَ:“ أيُّها النّاسُ، إنَّ دِينَ اللَّهِ يُسْرٌ”. ثَلاثًا يَقُولُها» . وأخْرَجَ البَزّارُ عَنْ أنَسٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ:“ «يَسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا، (p-٢٥٠)وسَكِّنُوا ولا تُنَفِّرُوا”» . وأخْرَجَ أحْمَدُ عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ «إنَّ هَذا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ”» . وأخْرَجَ البَزّارُ، عَنْ جابِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ «إنَّ هَذا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ، فَإنَّ المُنْبَتَّ لا أرْضًا قَطَعَ، ولا ظَهْرًا أبْقى”» . وأخْرَجَ أحْمَدُ عَنْ أبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ:“ «الإسْلامُ ذَلُولٌ لا يُرْكَبُ إلّا ذَلُولًا”» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ، والنَّسائِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، في“ شُعَبِ الإيمانِ”، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ: سَمِعَتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ:“ «الدِّينُ يُسْرٌ، ولَنْ يُغالِبَ الدِّينَ أحَدٌ إلّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وقارِبُوا، وأبْشِرُوا، واسْتَعِينُوا بِالغَدْوَةِ والرَّوْحَةِ وشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ”» . وأخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ، وأحْمَدُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ بُرَيْدَةَ قالَ: «أخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِيَدِي، فانْطَلَقْنا نَمْشِي جَمِيعًا، فَإذا رَجُلٌ بَيْنَ أيْدِينا يُصَلِّي، يُكْثِرُ الرُّكُوعَ والسُّجُودَ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ تُراهُ مُرائِيًا؟”. فَقُلْتُ: اللَّهُ ورَسُولُهُ (p-٢٥١)أعْلَمُ، فَأرْسَلَ يَدِي فَقالَ: عَلَيْكم هَدْيًا قاصِدًا، فَإنَّهُ مَن يُشادَّ هَذا الدِّينَ يَغْلِبْهُ“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ عائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: ”«إنَّ هَذا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ، ولا تُكْرِّهُوا عِبادَةَ اللَّهِ إلى عِبادِهِ؛ فَإنَّ المُنْبَتَّ لا يَقْطَعُ سَفَرًا، ولا يَسْتَبْقِي ظَهْرًا“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: ”«إنَّ هَذا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ، ولا تُبَغِّضْ إلى نَفْسِكَ عِبادَةَ رَبِّكَ؛ فَإنَّ المُنْبَتَّ لا سَفَرًا قَطَعَ، ولا ظَهْرًا أبْقى، فاعْمَلْ عَمَلَ امْرِئٍ يَظُنُّ أنْ لَنْ يَمُوتَ أبَدًا، واحْذَرْ حَذَرًا تَخْشى أنْ تَمُوتَ غَدًا“» . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أبِي أُمامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ”«لا تُشَدِّدُوا عَلى أنْفُسِكُمْ، فَإنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبْلَكم بِتَشْدِيدِهِمْ عَلى أنْفُسِهِمْ، وسَتَجِدُونَ بَقاياهم في الصَّوامِعِ والدِّياراتِ“» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ مِن طَرِيقِ مَعْبَدٍ الجُهَنِيِّ، عَنْ بَعْضِ أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ (p-٢٥٢)قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”«العِلْمُ أفْضَلُ مِنَ العَمَلِ، وخَيْرُ الأعْمالِ أوْسَطُها، ودِينُ اللَّهِ بَيْنَ القاسِي والغالِي، والحَسَنَةُ بَيْنَ السَّيِّئَتَيْنِ، لا يَنالُها إلّا بِاللَّهِ، وشَرُّ السِّيَرِ الحَقْحَقَةُ» . وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ إسْحاقَ بْنِ سُوَيْدٍ قالَ: تَعَبَّدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطْرِّفٍ، فَقالَ لَهُ مُطْرِّفٌ: يا عَبْدَ اللَّهِ، العِلْمُ أفْضَلُ مِنَ العَمَلِ، والحَسَنَةُ بَيْنَ السَّيِّئَتَيْنِ، وخَيْرُ الأُمُورِ أوْساطُها، وشَرُّ السِّيَرِ الحَقْحَقَةُ. وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ تَمِيمٍ الدّارِيِّ قالَ: خُذْ مِن دِينِكَ لِنَفْسِكَ، ومِن نَفْسِكَ لِدِينِكَ، حَتّى يَسْتَقِيمَ بِكَ الأمْرُ عَلى عِبادَةٍ تُطِيقُها. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ:“ «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أنْ تُؤْتى رُخَصُهُ كَما يُحِبُّ أنْ تُؤْتى عَزائِمُهُ”» . وأخْرَجَ البَزّارُ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ حِبّانَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ (p-٢٥٣)قالَ: «“ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أنْ تُؤْتى رُخَصُهُ كَما يُحِبُّ أنْ تُؤْتى عَزائِمُهُ”» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والبَزّارُ، وابْنُ خُزَيْمَةَ، وابْنُ حِبّانَ، والطَّبَرانِيُّ في“الأوْسَطِ”، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أنْ تُؤْتى رُخَصُهُ كَما لا يُحِبُّ أنْ تُؤْتى مَعْصِيَتُهُ”» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ في“الأدَبِ المُفْرِدِ”عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ: أيُّ الأدْيانِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ:“ الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ”» . وأخْرَجَ أحْمَدُ، والطَّبَرانِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ،، «أنَّ رَجُلًا قالَ لَهُ: إنِّي أقْوى عَلى الصِّيامِ في السَّفَرِ، فَقالَ ابْنُ عُمَرَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:“ مَن لَمْ يَقْبَلْ رُخْصَةَ اللَّهِ كانَ عَلَيْهِ مِنَ الإثْمِ مِثْلُ جِبالِ عَرَفَةَ”» . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ آدَمَ قالَ: حَدَّثَنِي أبُو الدَّرْداءِ، وواثِلَةُ بْنُ الأسْقَعِ، وأبُو أُمامَةَ، وأنَسُ بْنُ مالِكٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ:“ «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أنْ تُقْبَلَ رُخَصُهُ كَما يُحِبُّ العَبْدُ مَغْفِرَةَ رَبِّهِ”» . (p-٢٥٤)وأخْرَجَ أحْمَدُ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «وضَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَقْنِي عَلى مَنكِبِهِ لِأنْظُرَ إلى زَفْنِ الحَبَشَةِ، حَتّى كُنْتُ الَّذِي مَلِلْتُ وانْصَرَفْتُ عَنْهم. قالَتْ: وقالَ يَوْمَئِذٍ:“ لِتَعْلَمَ يَهُودُ أنَّ في دِينِنا فُسْحَةً، إنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ”» . وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ في“نَوادِرِ الأُصُولِ”عَنِ الحَسَنِ قالَ: إنَّ دِينَ اللَّهِ وضْعٌ دُونَ الغُلُوِّ وفَوْقَ التَّقْصِيرِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لا تَعِبْ عَلى مَن صامَ في السَّفَرِ، ولا عَلى مَن أفْطَرَ، خُذْ بِأيْسَرِهِما عَلَيْكَ، قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ﴾ . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: خُذْ بِأيْسَرِهِما عَلَيْكَ، فَإنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ إلّا اليُسْرَ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولِتُكْمِلُوا العِدَّةَ﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الرَّبِيعِ في قَوْلِهِ: ﴿ولِتُكْمِلُوا العِدَّةَ﴾ قالَ: عِدَّةَ رَمَضانَ. (p-٢٥٥)وأخْرَجَ أبُو داوُدَ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ المُنْذِرِ، والدّارَقُطْنِيُّ في“سُنَنِهِ”، عَنْ حُذَيْفَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ «لا تَقَدَّمُوا الشَّهْرَ حَتّى تَرَوُا الهِلالَ أوْ تُكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاثِينَ، ثُمَّ صُومُوا حَتّى تَرَوُا الهِلالَ أوْ تُكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاثِينَ”» . وأخْرَجَ أبُو داوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ «لا تَقَدَّمُوا الشَّهْرَ بِصِيامِ يَوْمٍ ولا يَوْمَيْنِ، إلّا أنْ يَكُونَ شَيْءٌ يَصُومُهُ أحَدُكُمْ، ولا تَصُومُوا حَتّى تَرَوْهُ، ثُمَّ صُومُوا حَتّى تَرَوْهُ، فَإنْ حالَ دُونَهُ غَمامٌ فَأتِمُّوا العِدَّةَ ثَلاثِينَ ثُمَّ أفْطِرُوا”» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، والنَّسائِيُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ:“ «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وأفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمُ الشَّهْرُ فَأكْمِلُوا العِدَّةَ”. وفي لَفْظٍ:“ فَعُدُّوا ثَلاثِينَ”» . وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ عَنْ رافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ «أحْصُوا عِدَّةَ شَعْبانَ لِرَمَضانَ، ولا تَقَدَّمُوا الشَّهْرَ بِصَوْمٍ، فَإذا رَأيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وإذا رَأيْتُمُوهُ فَأفْطِرُوا، فَإنْ غُمَّ عَلَيْكم فَأكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاثِينَ يَوْمًا، ثُمَّ أفْطِرُوا، فَإنَّ الشَّهْرَ (p-٢٥٦)هَكَذا وهَكَذا وهَكَذا”. وخَنَسَ إبْهامَهُ في الثّالِثَةِ» . وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الخَطّابِ قالَ: «إنّا صَحِبْنا أصْحابَ النَّبِيِّ ﷺ، وإنَّهم حَدَّثُونا أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ:“ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وأفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإنْ أُغْمِيَ عَلَيْكم فَعُدُّوا ثَلاثِينَ، فَإنْ شَهِدَ ذَوا عَدْلٍ فَصُومُوا وأفْطِرُوا وأنْسِكُوا”» . وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ، عَنْ أبِي مَسْعُودٍ الأنْصارِيِّ، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أصْبَحَ صائِمًا لِتَمامِ الثَّلاثِينَ مِن رَمَضانَ، فَجاءَ أعْرابِيّانِ فَشَهِدا أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وأنَّهُما أهَلّاهُ بِالأمْسِ، فَأمَرَهم فَأفْطَرُوا» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحّاكِ في قَوْلِهِ: ﴿ولِتُكْمِلُوا العِدَّةَ﴾ قالَ: عِدَّةَ ما أفْطَرَ المَرِيضُ والمُسافِرُ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والمَرْوَزِيُّ في كِتابِ“ العِيدَيْنِ”، عَنْ (p-٢٥٧)زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ في قَوْلِهِ: ﴿ولِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ﴾ قالَ: التَّكْبِيرُ يَوْمَ الفِطْرِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: حَقٌّ عَلى المُسْلِمِينَ إذا نَظَرُوا إلى هِلالِ شَوّالٍ أنْ يُكَبِّرُوا اللَّهَ حَتّى يَفْرُغُوا مِن عِيدِهِمْ؛ لِأنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿ولِتُكْمِلُوا العِدَّةَ ولِتُكَبِّرُوا اللَّهَ﴾ . وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في“ المُعْجَمِ الصَّغِيرِ”عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ «زَيِّنُوا أعْيادَكم بِالتَّكْبِيرِ”» . وأخْرَجَ المَرْوَزِيُّ، والدّارَقُطْنِيُّ، والبَيْهَقِيُّ في“السُّنَنِ”، عَنْ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُلَمِيِّ قالَ: كانُوا في الفِطْرِ أشَدَّ مِنهم في الأضْحى - يَعْنِي في التَّكْبِيرِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ في“ المُصَنَّفِ”عَنِ الزُّهْرِيِّ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كانَ يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ فَيُكَبِّرُ حَتّى يَأْتِيَ المُصَلّى وحَتّى يَقْضِيَ الصَّلاةَ، فَإذا قَضى الصَّلاةَ قَطَعَ التَّكْبِيرَ» . وأخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ مِن وجْهٍ آخَرَ مَوْصُولًا، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سالِمٍ، عَنِ ابْنِ (p-٢٥٨)عُمَرَ وضَعَّفَهُ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في“ شُعَبِ الإيمانِ”مِن طَرِيقِ نافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كانَ يَخْرُجُ إلى العِيدَيْنِ رافِعًا صَوْتَهُ بِالتَّهْلِيلِ والتَّكْبِيرِ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ عَطاءٍ قالَ: إنَّ مِنَ السُّنَّةِ أنْ تُكَبِّرَ يَوْمَ العِيدِ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والمَرْوَزِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أنَّهُ كانَ يُكَبِّرُ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، لا إلَهَ إلّا اللَّهُ واللَّهُ أكْبَرُ، اللَّهُ أكْبَرُ ولِلَّهِ الحَمْدُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والمَرْوَزِيُّ، والبَيْهَقِيُّ في“سُنَنِهِ"، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّهُ كانَ يُكَبِّرُ: اللَّهُ أكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أكْبَرُ ولِلَّهِ الحَمْدُ، اللَّهُ أكْبَرُ وأجَلُّ، اللَّهُ أكْبَرُ عَلى ما هَدانا. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ أبِي عُثْمانَ النَّهْدِيِّ قالَ: كانَ سَلْمانُ يُعْلِّمُنا التَّكْبِيرَ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، اللَّهُ أكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُمَّ أنْتَ أعْلى وأجَلُّ مِن أنْ يَكُونَ لَكَ صاحِبَةٌ، أوْ يَكُونَ لَكَ ولَدٌ، أوْ يَكُونَ لَكَ شَرِيكٌ في المُلْكِ، أوْ يَكُونَ لَكَ ولِيٌّ مِنَ (p-٢٥٩)الذُّلِّ، وكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنا، اللَّهُمَّ ارْحَمْنا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب