الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ﴾، اختلفوا في معنى ﴿تَأَذَّنَ﴾، فقال أهل اللغة [[الأذان: الإعلام، وأذن بمعنى عَلِمَ، وأذن له أذنا استمع، وتأذن فلان أعلم وآذن، وتأذن الأمير في الكلام أي: تقدم وأعلم ونادى فيهم بالتهديد والنهي، وقال الخليل في "العين" 8/ 200: (الأذان اسم للتأذين، والتأذن من قولك: تأذنت لأفعلن كذا يراد به إيجاب الفعل في ذلك أي: سأفعل لا محالة وتأذنت تقدمت كالأمير يتأذن قبل العقوبة ومنه: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ﴾) اهـ. وانظر: "تهذيب اللغة" 1/ 139 - 140، و"الصحاح" 5/ 2068، و"المجمل" 1/ 91، و"مقاييس اللغة" 1/ 75، و"المفردات" ص 70، و"اللسان" 1/ 51 (أذن).]]: (تأذن بمعنى أذن أي: أعلم)، ونحو ذلك قال الحسن [[ذكره هود الهواري في "تفسيره" 2/ 56، والماوردي 2/ 273، وابن الجوزي 3/ 279.]]، وقال ابن عباس: (وإذ قال ربك) [["تنوير المقباس" 2/ 137، وذكره الثعلبي 6/ 15 ب، والبغوي 3/ 295.]]، وهو معنى وليس تفسير، وذلك أن الإعلام يكون بالقول ففي أعلم معنى قال.
وقال في رواية عطاء: (حتم ربك) [[ذكره ابن الجوزي 3/ 279، وأبو حيان في "البحر" 4/ 413 عن عطاء فقط، وجاء عند الثعلبي 6/ 15 ب، والبغوي 3/ 295 عن عطاء قال: (حكم ربك).]]. وقال الزجاج: (معناه: تألى ربك) [["معاني الزجاج" 2/ 387، وتألى أي: حلف وأقسم.]]. وأكثر أهل اللغة على (أن التأذن بمعنى: الإيذان وهو الإعلام) [[وهو قول أهل التفسير أيضًا، قال النحاس في "معانيه" 3/ 96: (قال أهل التفسير: معناه: أعلم ربك، وهذا قول حسن لأنه يقال: تعلم بمعنى أعلم) اهـ.
وقال أبو عبيدة في "مجاز القرآن" 1/ 231: (أي: أمر من الإذن وأحل وحرم ونهى) اهـ.
وانظر: "غريب القرآن" لليزيدي ص 152، و"تفسير غريب القرآن" 1/ 182، و"تفسير الطبري" 9/ 102، و"نزهة القلوب" ص 158، و"تفسير السمرقندي" 1/ 578، و"تفسير المشكل" ص 87]].
وقال أبو علي الفارسي: (قال سيبويه: (آذن أعلم وأذَّن نادى وصاح للأعلام، منه قوله تعالى: ﴿فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ﴾ [الأعراف: 44]. قال: وبعض العرب يجري أذنت مجرى آذنت فيجعل أذن وآذن بمعنى" [[في "الكتاب" 4/ 62 قال سيبويه: (وقد يجيء فعلت وأفعلت في معنى واحد نحو: آذنت وآذنت أعلمت وأذنت النداء والتصويت بإعلان، وبعض العرب يجري أذنت وآذنت مجرىَ سمَّيت وأسميتُ) اهـ.
وانظر: "الحجة" لأبي علي 2/ 404.]]. فإذا كان أَذَّن أعلم في لغة بعضهم فَتَأَذَّن تَفَعَّل من هذا وليس تفعل هنا بمنزلة تَقَيَّس [[تقيس - بالفتح. يقال: تقيس الرجل أي: انتسب إلى قبيلة قيس. انظر: "اللسان" 6/ 3794 (قيس).]] وتَشَجَّع [[انظر: "الكتاب" 4/ 71.]]، ولكنه بمنزلة (فعَّل) كما أن تَكَبَّر في قوله: ﴿الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ﴾ [الحشر: 23]. ليس على حد (تكبَّر زيد) إذا تعاطى الكبر، ولكن ﴿الْمُتَكَبِّرُ﴾ بمنزلة الكبير، كما أن قوله [[في: (أ): (قوله): ﴿وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ وهي الآية [النحل:1]، وفي "الحجة" 2/ 411، كما أن قوله عز وجل: ﴿وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ﴾ [الإسراء: 43].]]: ﴿وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [يونس: 18] تقديره: علا وليس على حد (تغافل) و (تناسى) إذا أظهر [[في (ب): (ظهر).]] شيئًا من ذلك ليس فيه، فبناء الفعلين يتفق والمعنى يختلف، كذلك ﴿تَأَذَّنَ﴾ بمنزلة عَلِمَ، ومثل (تَفَعَّلَ) في أنه يراد به (فَعَل)، قول زهير:
تَعَلَّمْ أن شرَّ الناس قوم ... ينادى في شعارهم يسار [["ديوانه" ص 51، و"معاني الزجاج" 2/ 387، الثعلبي 6/ 15 ب، وابن عطية 6/ 124، و"ووضح البرهان" للغزنوي 1/ 368، والقرطبي 7/ 309 وتعلم أي: اعلم، والشعار العلامة. ويسار: اسم راعي إبل له، انظر: "شرح ديوان زهير لثعلب" ص 219.]]
ليس يريد: تعلَّم هذا عن جهل، كما يريدون بقولهم: تعلم الفقه، وإنما يريد به: اعلم، كذلك ﴿تَأَذَّنَ﴾ معناه عَلِم، ومما يدل على أن معناه العلم وقوع لام اليمين بعده، كما يقع بعد العلم في نحو: علم الله لأفعلن، وكأن المعنى في ﴿تَأَذَّنَ﴾، علم ﴿لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾، فتعلق [[في (ب): (يتعلق).]] الجواب به كما يتعلق بالقسم من حيث استعمل استعمال القسم) [["الحجة" لأبي علي 2/ 404 - 412. وانظر ابن عطية 6/ 124، والقرطبي 7/ 309، و"الدر المصون" 5/ 500 ومعنى الآية: علم الله ليبعثن، ويقتضي أن ذلك العلم منه مقترن بإنفاذ وإمضاء كما تقول في أمر عزمت عليه غاية العزم: علم الله لأفعلن كذا، وأجري مجرى فعل القسم كعلم الله، ولذلك أجيب بما يجاب به القسم وهو ﴿لَيَبْعَثَنَّ﴾ أفاده ابن عطية والسمين وقالا: (قالت فرقة: تأذن أعلم، وهو قلق من جهة التصريف إذ نسبة تأذن إلى الفاعل غير نسبة أعلم وبين ذلك فرق بين التعدي وغيره) اهـ.]].
وقد ذكرنا استعمال العلم بمعنى القسم في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ﴾ [البقرة: 102]، في سورة البقرة.
وقوله تعالى: ﴿لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ﴾، يعني: على اليهود. وقوله: ﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ﴾ فيه تقديم وتأخير، أي: ليبعثن عليهم من يسومهم سوء العذاب إلى يوم القيامة] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]].
قال ابن عباس [[أخرجه الطبري 9/ 102 - 103 من طرق جيدة عن ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة والسدي وابن زيد وأخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1604 من طرق جيدة عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وابن زيد.]] والحسن [[ذكره الماوردي 2/ 273، عن ابن عباس والحسن وسعيد بن جبير وقتادة.]] وسعيد بن جبير [[أخرجه أيضًا النحاس في "معانيه" 3/ 97 بسند جيد عن سعيد بن جبير، وذكره الثعلبي 6/ 15 ب.]] وقتادة [[أخرجه أيضًا عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 2/ 239 - 240 بسند جيد عن قتادة.]]: (هم العرب؛ محمد وأمته بعثهم الله على اليهود يقاتلونهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية)، ومعنى البعث هاهنا: إرسالهم عليهم وأمرهم بذلك.
وقال عطاء: (يريد: بُخْتُ نصَّر [[بخت نصر: قائد وملك من ملوك بابل قبل الميلاد، قال في "القاموس" ص 621 (نصر): (بخت نصر بالتشديد أصله بوخت ومعناه: ابن ونصر كبقم صنم وكان وجد عند الصنم ولم يعرف له أب فنسب إليه - خرب بيت المقدس) اهـ. وانظر أخباره في "تاريخ الطبري" 1/ 538 - 560، و"الكامل" لابن الأثير 1/ 261 - 271.]] وغيره إلى اليوم) [[ذكره الرازي 15/ 42، والقرطبي 7/ 309 بلا نسبة. والقول الأول هو قول أهل التفسير كما ذكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 261 وهو اختيار القرطبي 7/ 309، والظاهر أن الآية عامة. قال ابن عطية 6/ 125: (الصحيح أنها عامة في كل من حال اليهود معه هذه الحال) اهـ.]].
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ﴾. قال ابن عباس: (يريد: في الدنيا والآخرة) [[لم أقف عليه.]].
ومعنى هذا: أنه سريع العقاب لمن استحق تعجيله؛ لأنه لا يتأخر عن وقت إرادته. عاقب اليهود في الدنيا بسوء العذاب [[انظر: "تفسير الطبري" 9/ 103، والسمرقندي 1/ 578.]].
{"ayah":"وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَیَبۡعَثَنَّ عَلَیۡهِمۡ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ مَن یَسُومُهُمۡ سُوۤءَ ٱلۡعَذَابِۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِیعُ ٱلۡعِقَابِ وَإِنَّهُۥ لَغَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق