وَقَوْلُهُ: ﴿وَإذْ تَأذَّنَ رَبُّكَ﴾، قالَ بَعْضُهم: ”تَأذَّنَ“: تَألّى رَبُّكَ، ﴿لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ﴾، وقِيلَ: إنَّ ”تَأذَّنَ“: أعْلَمَ، والعَرَبُ تَقُولُ: ”تَعَلَّمْ أنَّ هَذا كَذا“، في مَعْنى ”اِعْلَمْ“، قالَ زُهَيْرٌ:
؎تَعَلَّمْ أنَّ شَرَّ النّاسِ حَيٌّ ∗∗∗ يُنادِي في شِعارِهِمُ يَسارُ
وَقالَ زُهَيْرٌ أيْضًا:
؎فَقُلْتُ تَعَلَّمْ أنَّ لِلصَّيْدِ غِرَّةً ∗∗∗ وإلّا ∗∗∗ تُضَيِّعْها فَإنَّكَ قاتِلُهُ
وَقَوْلُهُ: ﴿لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إلى يَوْمِ القِيامَةِ مَن يَسُومُهم سُوءَ العَذابِ﴾، أيْ: مَن يُوَلِّيهِمْ سُوءَ العَذابِ.
فَإنْ قالَ قائِلٌ: قَدْ جُعِلُوا قِرَدَةً، فَكَيْفَ يَبْقَوْنَ إلى يَوْمِ القِيامَةِ؟ فالمَعْنى أنَّ الذِّكْرَ لِلْيَهُودِ، فَمِنهم مَن مُسِخَ، وجُعِلَ مِنهُمُ القِرَدَةُ والخَنازِيرُ، ومَن بَقِيَ فَمُعانِدٌ لِأمْرِ اللَّهِ، فَهم مُذَلُّونَ بِالقَتْلِ، إلّا أنْ يُعْطُوا الجِزْيَةَ، فَهم مُذَلُّونَ بِها، وهم في كُلِّ مَكانٍ أذَلُّ أهْلِهِ، قالَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أيْنَ ما ثُقِفُوا إلا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وحَبْلٍ مِنَ النّاسِ﴾ [آل عمران: ١١٢]، (p-٣٨٨)أيْ: إلّا أنْ يُعْطُوا الذِّمَّةَ، والعَهْدَ.
{"ayah":"وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَیَبۡعَثَنَّ عَلَیۡهِمۡ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ مَن یَسُومُهُمۡ سُوۤءَ ٱلۡعَذَابِۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِیعُ ٱلۡعِقَابِ وَإِنَّهُۥ لَغَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}