الباحث القرآني

* [فَصْلٌ: ضَرَرُ الذُّنُوبِ في القَلْبِ كَضَرَرِ السُّمُومِ في الأبْدانِ] مِما يَنْبَغِي أنْ يُعْلَمَ، أنَّ الذُّنُوبَ والمَعاصِيَ تَضُرُّ، ولا بُدَّ أنَّ ضَرَرَها في القَلْبِ كَضَرَرِ السُّمُومِ في الأبْدانِ عَلى اخْتِلافِ دَرَجاتِها في الضَّرَرِ، وهَلْ في الدُّنْيا والآخِرَةِ شَرٌّ وداءٌ إلّا سَبَبُهُ الذُّنُوبُ والمَعاصِي، فَما الَّذِي أخْرَجَ الأبَوَيْنِ مِنَ الجَنَّةِ، دارِ اللَّذَّةِ والنَّعِيمِ والبَهْجَةِ والسُّرُورِ إلى دارِ الآلامِ والأحْزانِ والمَصائِبِ؟ وَما الَّذِي أخْرَجَ إبْلِيسَ مِن مَلَكُوتِ السَّماءِ وطَرَدَهُ ولَعَنَهُ، ومَسَخَ ظاهِرَهُ وباطِنَهُ فَجَعَلَ صُورَتَهُ أقْبَحَ صُورَةٍ وأشْنَعَها، وباطِنَهُ أقْبَحَ مِن صُورَتِهِ وأشْنَعَ، وبُدِّلَ بِالقُرْبِ بُعْدًا، وبِالرَّحْمَةِ لَعْنَةً، وبِالجَمالِ قُبْحًا، وبِالجَنَّةِ نارًا تَلَظّى، وبِالإيمانِ كُفْرًا، وبِمُوالاةِ الوَلِيِّ الحَمِيدِ أعْظَمَ عَداوَةٍ ومُشاقَّةٍ، وبِزَجَلِ التَّسْبِيحِ والتَّقْدِيسِ والتَّهْلِيلِ زَجَلَ الكُفْرِ والشِّرْكِ والكَذِبِ والزُّورِ والفُحْشِ، وبِلِباسِ الإيمانِ لِباسَ الكُفْرِ والفُسُوقِ والعِصْيانِ، فَهانَ عَلى اللَّهِ غايَةَ الهَوانِ، وسَقَطَ مِن عَيْنِهِ غايَةَ السُّقُوطِ، وحَلَّ عَلَيْهِ غَضَبُ الرَّبِّ تَعالى فَأهْواهُ، ومَقَتَهُ أكْبَرَ المَقْتِ فَأرْداهُ، فَصارَ قَوّادًا لِكُلِّ فاسِقٍ ومُجْرِمٍ، رَضِيَ لِنَفْسِهِ بِالقِيادَةِ بَعْدَ تِلْكَ العِبادَةِ والسِّيادَةِ، فَعِياذًا بِكَ اللَّهُمَّ مِن مُخالَفَةِ أمْرِكَ وارْتِكابِ نَهْيِكَ. وَما الَّذِي أغْرَقَ أهْلَ الأرْضِ كُلَّهم حَتّى عَلا الماءُ فَوْقَ رَأْسِ الجِبالِ؟ وما الَّذِي سَلَّطَ الرِّيحَ العَقِيمَ عَلى قَوْمِ عادٍ حَتّى ألْقَتْهم مَوْتى عَلى وجْهِ الأرْضِ كَأنَّهم أعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٌ، ودَمَّرَتْ ما مَرَّ عَلَيْهِ مِن دِيارِهِمْ وحُرُوثِهِمْ وزُرُوعِهِمْ ودَوابِّهِمْ، حَتّى صارُوا عِبْرَةً لِلْأُمَمِ إلى يَوْمِ القِيامَةِ؟ وَما الَّذِي أرْسَلَ عَلى قَوْمِ ثَمُودَ الصَّيْحَةَ حَتّى قَطَعَتْ قُلُوبَهم في أجْوافِهِمْ وماتُوا عَنْ آخِرِهِمْ؟ وَما الَّذِي رَفَعَ قُرى اللُّوطِيَّةِ حَتّى سَمِعَتِ المَلائِكَةُ نَبِيحَ كِلابِهِمْ، ثُمَّ قَلَبَها عَلَيْهِمْ، فَجَعَلَ عالِيَها سافِلَها، فَأهْلَكَهم جَمِيعًا، ثُمَّ أتْبَعَهم حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أمْطَرَها عَلَيْهِمْ، فَجَمَعَ عَلَيْهِمْ مِنَ العُقُوبَةِ ما لَمْ يَجْمَعْهُ عَلى أُمَّةٍ غَيْرِهِمْ، ولِإخْوانِهِمْ أمْثالُها، وما هي مِنَ الظّالِمِينَ بِبَعِيدٍ؟ وما الَّذِي أرْسَلَ عَلى قَوْمِ شُعَيْبٍ سَحابَ العَذابِ كالظُّلَلِ، فَلَمّا صارَ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ أمْطَرَ عَلَيْهِمْ نارًا تَلَظّى؟ وَما الَّذِي أغْرَقَ فِرْعَوْنَ وقَوْمَهُ في البَحْرِ، ثُمَّ نَقَلَتْ أرْواحَهم إلى جَهَنَّمَ، فالأجْسادُ لِلْغَرَقِ، والأرْواحُ لِلْحَرْقِ؟ وَما الَّذِي خَسَفَ بِقارُونَ ودارِهِ ومالِهِ وأهْلِهِ؟ وَما الَّذِي أهْلَكَ القُرُونَ مِن بَعْدِ نُوحٍ بِأنْواعِ العُقُوباتِ، ودَمَّرَها تَدْمِيرًا؟ وَما الَّذِي أهْلَكَ قَوْمَ صاحِبِ يس بِالصَّيْحَةِ حَتّى خَمَدُوا عَنْ آخِرِهِمْ؟ وَما الَّذِي بَعَثَ عَلى بَنِي إسْرائِيلَ قَوْمًا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ، وقَتَلُوا الرِّجالَ، وسَبُوا الذُّرِّيَّةَ والنِّساءَ، وأحْرَقُوا الدِّيارَ، ونَهَبُوا الأمْوالَ، ثُمَّ بَعَثَهم عَلَيْهِمْ مَرَّةً ثانِيَةً فَأهْلَكُوا ما قَدَرُوا عَلَيْهِ وتَبَّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيرًا؟ وَما الَّذِي سَلَّطَ عَلَيْهِمْ أنْواعَ العُقُوباتِ، مَرَّةً بِالقَتْلِ والسَّبْيِ وخَرابِ البِلادِ، ومَرَّةً بِجَوْرِ المُلُوكِ، ومَرَّةً بِمَسْخِهِمْ قِرَدَةً وخَنازِيرَ، وآخِرُ ذَلِكَ أقْسَمَ الرَّبُّ تَبارَكَ وتَعالى: ﴿لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إلى يَوْمِ القِيامَةِ مَن يَسُومُهم سُوءَ العَذابِ﴾ [الأعراف: ١٦٧]. قالَ الإمامُ أحْمَدُ حَدَّثَنا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنا صَفْوانُ بْنُ عُمَرَ وحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أبِيهِ قالَ: لَمّا فُتِحَتْ قُبْرُصُ فُرِّقَ بَيْنَ أهْلِها، فَبَكى بَعْضُهم إلى بَعْضٍ، فَرَأيْتُ أبا الدَّرْداءِ جالِسًا وحْدَهُ يَبْكِي، فَقُلْتُ: يا أبا الدَّرْداءِ ما يُبْكِيكَ في يَوْمٍ أعَزَّ اللَّهُ فِيهِ الإسْلامَ وأهْلَهُ، فَقالَ: ويْحَكَ يا جُبَيْرُ، ما أهْوَنُ الخَلْقِ عَلى اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ إذا أضاعُوا أمْرَهُ، بَيْنَما هي أُمَّةٌ قاهِرَةٌ ظاهِرَةٌ لَهُمُ المُلْكُ، تَرَكُوا أمْرَ اللَّهِ فَصارُوا إلى ما تَرى. وَقالَ عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ: أنْبَأنا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قالَ: سَمِعْتُ أبا البَخْتَرِيِّ يَقُولُ: أخْبَرَنِي مَن سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لَنْ يَهْلِكَ النّاسُ حَتّى يَعْذِرُوا مِن أنْفُسِهِمْ». وَفِي مُسْنَدِ أحْمَدَ مِن حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ قالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إذا ظَهَرَتِ المَعاصِي في أُمَّتِي عَمَّهُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِن عِنْدِهِ، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أما فِيهِمْ يَوْمَئِذٍ أُناسٌ صالِحُونَ؟ قالَ: بَلى، قُلْتُ: كَيْفَ يُصْنَعُ بِأُولَئِكَ؟ قالَ: يُصِيبُهم ما أصابَ النّاسَ، ثُمَّ يَصِيرُونَ إلى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ ورِضْوانٍ». وَفِي مَراسِيلِ الحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ «لا تَزالُ هَذِهِ الأُمَّةُ تَحْتَ يَدِ اللَّهِ وفي كَنَفِهِ ما لَمْ يُمالِئْ قُرّاؤُها أُمَراءَها، وما لَمْ يُزَكِّ صُلَحاؤُها فُجّارَها، وما لَمْ يُهِنْ خِيارَها أشْرارُها، فَإذا هم فَعَلُوا ذَلِكَ رَفَعَ اللَّهُ يَدَهُ عَنْهُمْ، ثُمَّ سُلِّطَ عَلَيْهِمْ جَبابِرَتُهم فَسامُوهم سُوءَ العَذابِ، ثُمَّ ضَرَبَهُمُ اللَّهُ بِالفاقَةِ والفَقْرِ». وَفِي المُسْنَدِ مِن حَدِيثِ ثَوْبانَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ». وَفِيهِ أيْضًا عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُوشِكُ أنْ تَتَداعى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِن كُلِّ أُفُقٍ، كَما تَتَداعى الأكَلَةُ عَلى قَصْعَتِها، قُلْنا: يا رَسُولَ اللَّهِ، أمِنَ قِلَّةٍ بِنا يَوْمَئِذٍ؟ قالَ: أنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، ولَكِنَّكم غُثاءٌ كَغُثاءِ السَّيْلِ، تُنْزَعُ المَهابَةُ مِن قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ، ويُجْعَلُ في قُلُوبِكُمُ الوَهَنُ، قالُوا وما الوَهَنُ؟ قالَ: حُبُّ الحَياةِ وكَراهَةُ المَوْتِ». وَفِي المُسْنَدِ مِن حَدِيثِ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَمّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهم أظْفارٌ مِن نُحاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهم وصُدُورَهُمْ، فَقُلْتُ: مَن هَؤُلاءِ يا جِبْرِيلُ؟ فَقالَ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النّاسِ ويَقَعُونَ في أعْراضِهِمْ». وَفِي جامِعِ التِّرْمِذِيِّ مِن حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَخْرُجُ في آخِرِ الزَّمانِ قَوْمٌ يَخْتِلُونَ الدُّنْيا بِالدِّينِ، ويَلْبَسُونَ لِلنّاسِ مُسُوكَ الضَّأْنِ مِنَ اللِّينِ، ألْسِنَتُهم أحْلى مِنَ السُّكَّرِ، وقُلُوبُهم قُلُوبُ الذِّئابِ، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: أبِي يَغْتَرُّونَ؟ وعَلَيَّ يَجْتَرِئُونَ؟ فَبِي حَلَفْتُ، لَأبْعَثَنَّ أُولَئِكَ فِتْنَةً تَدَعُ الحَلِيمَ فِيها حَيْرانَ». وَذَكَرَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا مِن حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قالَ: قالَ عَلَيٌّ: يَأْتِي عَلى النّاسِ زَمانٌ لا يَبْقى مِنَ الإسْلامِ إلّا اسْمُهُ، ولا مِنَ القُرْآنِ إلّا رَسْمُهُ، مَساجِدُهم يَوْمَئِذٍ عامِرَةٌ، وهي خَرابٌ مِنَ الهُدى، عُلَماؤُهم شَرُّ مَن تَحْتَ أدِيمِ السَّماءِ، مِنهم خَرَجَتِ الفِتْنَةُ وفِيهِمْ تَعُودُ. وَذَكَرَ مِن حَدِيثِ سِماكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أبِيهِ قالَ: إذا ظَهَرَ الزِّنا والرِّبا في قَرْيَةٍ أذِنَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ بِهَلاكِها. وَفِي مَراسِيلِ الحَسَنِ: إذا أظْهَرَ النّاسُ العِلْمَ، وضَيَّعُوا العَمَلَ، وتَحابُّوا بِالألْسُنِ، وتَباغَضُوا بِالقُلُوبِ، وتَقاطَعُوا بِالأرْحامِ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ عِنْدَ ذَلِكَ، فَأصَمَّهم وأعْمى أبْصارَهم. وَفِي سُنَنِ ابْنِ ماجَهْ مِن حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ قالَ: كُنْتُ عاشِرَ عَشْرَةِ رَهْطٍ مِنَ المُهاجِرِينَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأقْبَلَ عَلَيْنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِوَجْهِهِ فَقالَ: «يا مَعْشَرَ المُهاجِرِينَ خَمْسُ خِصالٍ أعُوذُ بِاللَّهِ أنْ تُدْرِكُوهُنَّ: ما ظَهَرَتِ الفاحِشَةُ في قَوْمٍ حَتّى أعْلَنُوا بِها إلّا ابْتُلُوا بِالطَّواعِينِ والأوْجاعِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ في أسْلافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، ولا نَقَصَ قَوْمٌ المِكْيالَ والمِيزانَ إلّا ابْتُلُوا بِالسِّنِينَ وشِدَّةِ المَئُونَةِ وجَوْرِ السُّلْطانِ، وما مَنَعَ قَوْمٌ زَكاةَ أمْوالِهِمْ إلّا مُنِعُوا القَطْرَ مِنَ السَّماءِ فَلَوْلا البَهائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، ولا خَفَرَ قَوْمٌ العَهْدَ إلّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِن غَيْرِهِمْ فَأخَذُوا بَعْضَ ما في أيْدِيهِمْ، وما لَمْ تَعْمَلْ أئِمَّتُهم بِما أنْزَلَ اللَّهُ في كِتابِهِ إلّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهم بَيْنَهُمْ». وَفِي المُسْنَدِ والسُّنَنِ مِن حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سالِمِ بْنِ أبِي الجَعْدِ عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أبِيهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ مَن كانَ قَبْلَكُمْ، كانَ إذا عَمِلَ العامِلُ فِيهِمْ بِالخَطِيئَةِ جاءَهُ النّاهِي تَعْذِيرًا، فَإذا كانَ مِنَ الغَدِ جالَسَهُ وواكَلَهُ وشارَبَهُ، كَأنَّهُ لَمْ يَرَهُ عَلى خَطِيئَةٍ بِالأمْسِ، فَلَمّا رَأى اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ ذَلِكَ مِنهُمْ، ضَرَبَ بِقُلُوبِ بَعْضِهِمْ عَلى بَعْضٍ، ثُمَّ لَعَنَهم عَلى لِسانِ نَبِيِّهِمْ داوُدَ وعِيسى ابْنِ مَرْيَمَ، ذَلِكَ بِما عَصَوْا وكانُوا يَعْتَدُونَ والَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالمَعْرُوفِ، ولَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ، ولَتَأْخُذُنَّ عَلى يَدِ السَّفِيهِ، ولَتَأْطُرُنَّهُ عَلى الحَقِّ أطْرًا، أوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّهُ بِقُلُوبِ بَعْضِكم عَلى بَعْضٍ، ثُمَّ لَيَلْعَنَكم كَما لَعَنَهُمْ». وَذَكَرَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا عَنْ إبْراهِيمَ بْنِ عَمْرٍو الصَّنْعانِيِّ قالَ: أوْحى اللَّهُ إلى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ: إنِّي مُهْلِكٌ مِن قَوْمِكَ أرْبَعِينَ ألْفًا مِن خِيارِهِمْ، وسِتِّينَ ألْفًا مِن شِرارِهِمْ، قالَ: يا رَبِّ، هَؤُلاءِ الأشْرارُ، فَما بالُ الأخْيارِ؟ قالَ: لَمْ يَغْضَبُوا لِغَضَبِي، وكانُوا يُؤاكِلُونَهم ويُشارِبُونَهم. وَذَكَرَ أبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ البَرِّ عَنْ أبِي عِمْرانَ قالَ: بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ مَلَكَيْنِ إلى قَرْيَةٍ، أنْ دَمِّراها بِمَن فِيها، فَوَجَدا رَجُلًا قائِمًا يُصَلِّي في مَسْجِدٍ، فَقالا: يا رَبِّ، إنَّ فِيها عَبْدَكَ فُلانًا يُصَلِّي، فَقالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: دَمِّراها ودَمِّراهُ مَعَهُمْ، فَإنَّهُ ما تَمَعَّرَ وجْهُهُ فِيَّ قَطُّ. وَذَكَرَ الحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيانَ بْنِ عُيَيْنَةَ: قالَ: حَدَّثَنِي سُفْيانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مِسْعَرٍ: «أنَّ مَلَكًا أُمِرَ أنْ يَخْسِفَ بِقَرْيَةٍ، فَقالَ: يا رَبِّ، إنَّ فِيها فُلانًا العابِدَ، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: أنْ بِهِ فابْدَأْ، فَإنَّهُ لَمْ يَتَمَعَّرْ وجْهُهُ فِيَّ ساعَةً قَطُّ». وَذَكَرَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قالَ: لَمّا أصابَ داوُدُ الخَطِيئَةَ قالَ: يا رَبِّ اغْفِرْ لِي: قالَ قَدْ غَفَرْتُ لَكَ، وألْزَمْتُ عارَها بَنِي إسْرائِيلَ، قالَ يا رَبِّ، كَيْفَ وأنْتَ الحَكَمُ العَدْلُ لا يَظْلِمُ أحَدًا، أنا أعْمَلُ الخَطِيئَةَ وتُلْزِمُ عارَها غَيْرِي، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ، إنَّكَ لَمّا عَمِلْتَ الخَطِيئَةَ لَمْ يُعَجِّلُوا عَلَيْكَ بِالإنْكارِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب