شرح الكلمات:
تأذن: أعلم وأعلن.
ليبعثن: أي ليسلطن.
من يسومهم سوء العذاب: أي يذيقهم ويوليهم سوء العذاب كالذلة والمسكنة.
وقطعناهم: أي فرقناهم جماعات جماعات.
بلوناهم بالحسنات والسيئات: اختبرناهم بالخير والشر أو النعم والنقم.
فخلف من بعدهم خلف: الخلف بإسكان اللام خلف سوء وبالتحريك خلف خير.
ورثوا الكتاب: أي التوراة.
عرض هذا الأدنى: أي حطام الدنيا الفاني وهو المال.
يمسكون بالكتاب: أي يتمسكون بما في التوراة فيحلون ما أحل الله فيها ويحرمون ما حرم.
معنى الآيات:
ما زال السياق في شأن اليهود فقد أمر تعالى رسوله أن يذكر إعلامه تعالى بأنه سيبعث بكل تأكيد على اليهود إلى يوم القيامة من يذلهم ويضطهدهم عقوبة منه تعالى لهم على خبث طواياهم وسوء أفعالهم، وهذا الإطلاق في هذا الوعيد الشديد يقيد بأحد أمرين الأول بتوبة من تاب منهم ويدل على هذا القيد قوله تعالى في آخر هذه الآية ﴿إنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلْعِقابِ وإنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ أي لمن تاب والثاني بجوار دولة قوية لهم وحمايتها وهذا مفهوم قوله تعالى من سورة آل عمران ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ أيْنَ ما ثُقِفُوۤاْ إلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ ٱللَّهِ﴾ [آل عمران: ١١٢] وهو الإسلام ﴿وحَبْلٍ مِّنَ ٱلنّاسِ﴾ [آل عمران: ١١٢]، وهو ما ذكرناه آنفا. هذا ما دلت عليه الآية الأولى في هذا السياق [١٦٧] وهي قوله تعالى ﴿وإذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إلىٰ يَوْمِ ٱلْقِيامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذابِ إنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلْعِقابِ وإنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ وأما الآية الثانية [١٦٨] فقد تضمنت بيان فضل الله تعالى على اليهود وهو أن الله تعالى قد فرقهم في الأرض جماعات جماعات، وأن منهم الصالحين، وأن منهم دون ذلك وأنه اختبرهم بالحسنات وهي النعم، والسيئات وهي النقم تهيئة لهم وإعداداً للتوبة إن آثروا التوبة على الاستمرار في الإجرام والشر والفساد. هذا ما تضمنته الآية الثانية وهي قوله تعالى ﴿وقَطَّعْناهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أُمَماً مِّنْهُمُ ٱلصّالِحُونَ ومِنهُمْ دُونَ ذٰلِكَ وبَلَوْناهُمْ بِٱلْحَسَناتِ وٱلسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ وأما الآية الثالثة [١٦٩] فقد أخبر تعالى أنه قد خلف من بعد تلك الأمة خلف سوء ورثوا الكتاب الذي هو التوراة ورثوه عن أسلافهم ولم يلتزموا بما أخذ عليهم فيه من عهود على الرغم من قراءتهم له فقد آثروا الدنيا على الآخرة فاستباحوا الربا والرشا وسائر والمحرمات، ويدعون أنهم سيغفر لهم، وكلما أتاهم مال حرام أخذوه ومنوا أنفسهم بالمغفرة كذباً على الله تعالى قال تعالى موبخاً لهم ﴿ألَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِّيثَٰقُ ٱلْكِتَٰبِ أن لاَّ يِقُولُواْ عَلى ٱللَّهِ إلاَّ ٱلْحَقَّ﴾ وقد قرأوا هذا في الكتاب وفهموه ومع هذا يجترئون على الله ويكذبون عليه بأنه سيغفر لهم، ثم يواجههم تعالى بالخطاب مذكراً لهم واعظاً فيقول ﴿وٱلدّارُ ٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أفَلا تَعْقِلُونَ﴾؟ ويفتح الله تعالى باب الرجاء لهم في الآية الرابعة في هذا السياق فيقول ﴿وٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلْكِتابِ﴾ أي يعملون بحرص وشدة بما فيه من الأحكام والشرائع ولا يفرطون في شيء من ذلك ﴿وأَقامُواْ ٱلصَّلاةَ إنّا لا نُضِيعُ أجْرَ ٱلْمُصْلِحِينَ﴾، ومعنى هذا أنهم مصلحون إن تمسكوا بالكتاب وأقاموا الصلاة، وأن الله تعالى سيجزيهم على إصلاحهم لأنفسهم ولغيرهم أعظم الجزاء وأوفره، لأنه تعالى لا يضيع أجر المصلحين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- بيان موجز لتاريخ اليهود في هذه الآيات الأربع.
٢- من أهل الكتاب الصالحون، ومنهم دون ذلك.
٣- التنديد بإيثار الدنيا على الأخرة، وبتمني المغفرة مع الإصرار على الإجرام.
٤- تفضيل الآخرة على الدنيا بالنسبة للمتقين.
٥- الحث على التمسك بالكتاب قراءة وتعلماً وعملاً بإحلال حلاله وتحريم حرامه.
٦- فضل إقام الصلاة.
{"ayahs_start":167,"ayahs":["وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَیَبۡعَثَنَّ عَلَیۡهِمۡ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ مَن یَسُومُهُمۡ سُوۤءَ ٱلۡعَذَابِۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِیعُ ٱلۡعِقَابِ وَإِنَّهُۥ لَغَفُورࣱ رَّحِیمࣱ","وَقَطَّعۡنَـٰهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ أُمَمࣰاۖ مِّنۡهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنۡهُمۡ دُونَ ذَ ٰلِكَۖ وَبَلَوۡنَـٰهُم بِٱلۡحَسَنَـٰتِ وَٱلسَّیِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمۡ یَرۡجِعُونَ","فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفࣱ وَرِثُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ یَأۡخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلۡأَدۡنَىٰ وَیَقُولُونَ سَیُغۡفَرُ لَنَا وَإِن یَأۡتِهِمۡ عَرَضࣱ مِّثۡلُهُۥ یَأۡخُذُوهُۚ أَلَمۡ یُؤۡخَذۡ عَلَیۡهِم مِّیثَـٰقُ ٱلۡكِتَـٰبِ أَن لَّا یَقُولُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّ وَدَرَسُوا۟ مَا فِیهِۗ وَٱلدَّارُ ٱلۡـَٔاخِرَةُ خَیۡرࣱ لِّلَّذِینَ یَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ","وَٱلَّذِینَ یُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَـٰبِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِیعُ أَجۡرَ ٱلۡمُصۡلِحِینَ"],"ayah":"وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَیَبۡعَثَنَّ عَلَیۡهِمۡ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ مَن یَسُومُهُمۡ سُوۤءَ ٱلۡعَذَابِۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِیعُ ٱلۡعِقَابِ وَإِنَّهُۥ لَغَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}