الباحث القرآني
ولَمّا تَبَيَّنَ بِما مَضى مِن جُرْأتِهِمْ عَلى المَعاصِي وإسْراعِهِمْ فِيها اسْتِحْقاقُهم لِدَوامِ الخِزْيِ والصَّغارِ، أخْبَرَ أنَّهُ فَعَلَ بِهِمْ ذَلِكَ عَلى وجْهٍ مُوجِبٍ لِلْقَطْعِ بِأنَّهم مُرْتَبِكُونَ في الضَّلالِ، مُرْتَكِبُونَ سَيِّئِ الأعْمالِ، ما دامَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ النَّكالُ، فَقالَ: ﴿وإذْ﴾ وهو عَطْفٌ عَلى: ﴿واسْألْهُمْ﴾ [الأعراف: ١٦٣] أيْ: واذْكُرْ لَهم حِينَ ﴿تَأذَّنَ﴾ أيْ: أعْلَمَ إعْلامًا عَظِيمًا جَهْرًا مُعْتَنًى بِهِ ﴿رَبُّكَ﴾ أيِ: المُرَبِّي لَكَ والمُمَهِّدُ لِأدِلَّةِ شَرِيعَتِكَ والنّاصِرُ لَكَ عَلى مَن خالَفَكَ.
ولَمّا كانَ ما قِيلَ جارِيًا مَجْرى القَسَمِ، تَلَقّى بِلامِهِ، فَكانَ كَأنَّهُ قِيلَ: تَأذَنَّ مُقْسِمًا بِعِزَّتِهِ وعَظَمَتِهِ وعِلْمِهِ وقُدْرَتِهِ: ﴿لَيَبْعَثَنَّ﴾ أيْ: مِن مَكانٍ بَعِيدٍ، وأفْهَمَ أنَّهُ بَعْثُ عَذابٍ بِأداةِ الِاسْتِعْلاءِ المُفْهِمَةِ لِأنَّ المَعْنى: لَيُسَلِّطَنَّ ﴿عَلَيْهِمْ﴾ أيِ: اليَهُودَ، ومَدَّ زَمانَ التَّسْلِيطِ فَقالَ: ﴿إلى يَوْمِ القِيامَةِ﴾ الَّذِي هو الفَيْصَلُ الأعْظَمُ ﴿مَن يَسُومُهُمْ﴾ أيْ: يُنْزِلُ بِهِمْ دائِمًا ﴿سُوءَ العَذابِ﴾ بِالإذْلالِ والِاسْتِصْغارِ وضَرْبِ الجِزْيَةِ والِاحْتِقارِ، وكَذا فَعَلَ سُبْحانَهُ؛ فَقَدْ سَلَّطَ عَلَيْهِمُ الأُمَمَ ومَزَّقَهم في الأرْضِ كُلَّ مُمَزَّقٍ مِن حِينِ أنْكَرُوا رِسالَةَ المَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلامُ، كَما أتاهم بِهِ الوَعْدُ الصّادِقُ في التَّوْراةِ، وتَرْجَمَةُ ذَلِكَ مَوْجُودَةٌ بَيْنَ أيْدِيهِمُ الآنَ في قَوْلِهِ في آخِرِ السِّفْرِ الأوَّلِ: لا يَزُولُ القَضِيبُ مِن آلِ يَهُودا، لا يَعْدَمُ سِبْطُ يَهُودا مَلِكًا مُسَلَّطًا واتِّخاذَهُ نَبِيًّا مُرْسَلًا حَتّى يَأْتِيَ الَّذِي لَهُ المُلْكُ - وفي نُسْخَةٍ: (p-١٤٢)الكُلُّ - وإيّاهُ تَنْتَظِرُ الشُّعُوبُ، يَرْبُطُ بِالحَلْبَةِ جَحْشَهُ؛ وقالَ السَّمَوْألُ في أوائِلِ كِتابِهِ (غايَةُ المَقْصُودِ): نَقُولُ لَهُمْ: فَلَيْسَ في التَّوْراةِ الَّتِي في أيْدِيكم ما تَفْسِيرُهُ: لا يَزُولُ المُلْكُ مِن آلِ يَهُودا والرّاسِمُ بَيْنَ ظَهْرانَيْهِمْ إلى أنْ يَأْتِيَ المَسِيحُ فَلا يَقْدِرُونَ عَلى جَحْدِهِ، فَنَقُولُ لَهُمْ: إذا عَلِمْتُمْ أنَّكم كُنْتُمْ أصْحابَ دَوْلَةٍ ومُلْكٍ إلى ظُهُورِ المَسِيحِ ثُمَّ انْقَضى مُلْكُكم - انْتَهى.
ومِن أيّامِ رِسالَةِ المَسِيحِ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الأُمَمَ ومَزَّقَهم في الأرْضِ، فَكانُوا مَرَّةً تَحْتَ حُكْمِ البابِلِيِّينَ، وأُخْرى [تَحْتَ أيْدِي المَجُوسِ، وكَرَّةً تَحْتَ قَهْرِ الرُّومِ مِن بَنِي العِيصِ، وأُخْرى] في أسْرِ غَيْرِهِمْ إلى أنْ أتى النَّبِيُّ ﷺ فَضَرَبَ عَلَيْهِمُ الجِزْيَةَ هو وأُمَّتُهُ مِن بَعْدِهِ.
ولَمّا كانَ السِّياقُ لِلْعَذابِ ومُوجِباتِهِ، عَلَّلَ ذَلِكَ مُؤَكَّدًا بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ رَبَّكَ﴾ أيِ: المُحْسِنَ إلَيْكَ بِإذْلالِ أعْدائِكَ الَّذِينَ هم أشَدُّ الأُمَمِ لَكَ ولِمَن آمَنَ بِكَ عَداوَةً ﴿لَسَرِيعُ العِقابِ﴾ أيْ: يُعَذِّبُ عَقِبَ الذَّنْبِ بِالِانْتِقامِ باطِنًا بِالنُّكَتِهِ السَّوْداءِ في القَلْبِ، وظاهِرًا - إنْ أرادَ - بِما يُرِيدُ، وهَذا بِخِلافِ ما في الأنْعامِ فَإنَّهُ في سِياقِ الإنْعامِ بِجَعْلِهِمْ خَلائِفَ.
ولَمّا رَهَّبَ، رَغَّبَ بِقَوْلِهِ: ﴿وإنَّهُ لَغَفُورٌ﴾ أيْ: مَحّاءٌ لِلذُّنُوبِ عَيْنًا وأثَرًا لِمَن تابَ وآمَنَ ﴿رَحِيمٌ﴾ أيْ: مُكْرِمٌ مُنْعِمٌ بِالتَّوْفِيقِ لِما يَرْضاهُ ثُمَّ بِما يَكُونُ سَبَبًا لَهُ مِنَ الإعْلاءِ في الدِّينا والآخِرَةِ.
١٦٨ ١٦٩ (p-١٤٣)ذِكْرُ شَيْءٍ مِمّا هُدِّدُوا بِهِ في التَّوْراةِ عَلى العِصْيانِ والبَغْيِ والعُدْوانِ غَيْرَ ما تَقَدَّمَ في المائِدَةِ عِنْدَ: ﴿مَن لَعَنَهُ اللَّهُ وغَضِبَ عَلَيْهِ﴾ [المائدة: ٦٠] وغَيْرِها مِنَ الآياتِ، قالَ في السِّفْرِ الخامِسِ: وإنْ لَمْ تَحْفَظْ وتَعْمَلْ بِجَمِيعِ الوَصايا والسُّنَنِ الَّتِي كُتِبَتْ في هَذا الكِتابِ وتَتَّقِ اللَّهَ رَبَّكَ وتَهَبِ اسْمَهُ المَحْمُودَ المَرْهُوبَ، يَخُصُّكَ الرَّبُّ بِضَرَباتٍ مُوجِعَةٍ ويَبْتَلِيكَ بِها، ويَبْتَلِي نَسْلَكَ مِن بَعْدِكَ وتَدُومُ عَلَيْكَ، ويَبْقى مِن نَسْلِكَ عَدَدٌ قَلِيلٌ مِن بَعْدِ كَثْرَتِهِمُ الَّتِي كانَتْ قَدْ صارَتْ مِثْلَ نُجُومِ السَّماءِ، وتُجْلَوْنَ عَنِ الأرْضِ الَّتِي تَدْخُلُونَها لِتَرِثُوها، ويُفَرِّقُكُمُ الرَّبُّ بَيْنَ الشُّعُوبِ، وتَعْبُدُونَ هُنالِكَ الآلِهَةَ الأُخْرى الَّتِي عُمِلَتْ مِنَ الحِجارَةِ والخَشَبِ، ولا تَسْكُنُونَ أيْضًا بَيْنَ تِلْكَ الشُّعُوبِ، ولَكِنْ يَصَيِّرُ اللَّهُ قُلُوبَكم هُناكَ فَزِعَةً مُرْتَجِفَةً بِالغَداةِ تَقُولُونَ: مَتى نُمْسِي؟ وبِالعَشِيِّ تَقُولُونَ: مَتى نُصْبِحُ؟ وذَلِكَ مِن فَزَعِ قُلُوبِكم وخَوْفِكم وقِلَّةِ حِيلَتِكُمْ، ويَرُدُّكُمُ اللَّهُ إلى أرْضِ مِصْرَ في أُلُوفٍ في الطَّرِيقِ الَّذِي قالَ الرَّبُّ: لا تَعُودُوا أنْ تَرَوْهُ، وتُباعُونَ هُناكَ [عَبِيدًا] وإماءً، ولا يَكُونُ مَن يَشْتَرِيكُمْ، هَذِهِ أقْوالُ العَهْدِ الَّتِي أمَرَ اللَّهُ بِها مُوسى أنْ يُعاهِدَ بَنِي إسْرائِيلَ في أرْضِ مُؤابَ سِوى العَهْدِ الَّذِي عاهَدَهم بِحُورِيبَ؛ ثُمَّ دَعا مُوسى جَمِيعَ بَنِي إسْرائِيلَ وقالَ لَهُمْ: قَدْ رَأيْتُمْ ما صَنَعَ اللَّهُ بِأرْضِ مِصْرَ بِفِرْعَوْنَ (p-١٤٤)وجَمِيعِ عَبِيدِهِ وكُلِّ شَعْبِهِ والبَلايا العَظِيمَةِ الَّتِي رَأتْ أعْيُنُكم والآياتِ والأعاجِيبَ الَّتِي شَهِدْتُمُوها، ولَمْ يُعْطِكُمُ الرَّبُّ قُلُوبًا تَفْهَمُ وتَعْلَمُ، ولا أعْيُنًا تُبْصِرُ ولا آذانًا تَسْمَعُ إلى يَوْمِنا هَذا، ودَبَّرَكم في البَرِّيَّةِ أرْبَعِينَ سَنَةً، لَمْ تَبْلَ ثِيابُكم عَلَيْكم ولَمْ تَخْلُقْ خِفافُكم أيْضًا ولَمْ تَأْكُلُوا خُبْزًا، لِتَعْلَمُوا أنِّي أنا اللَّهُ رَبُّكُمْ، وأنا الَّذِي أتَيْتُ بِكم إلى هَذِهِ البِلادِ، فاحْفَظُوا وصايا هَذِهِ التَّوْراةِ واعْمَلُوا بِها وأتِمُّوا جَمِيعَ الأعْمالِ في طاعَةِ اللَّهِ وأكْمِلُوها؛ لِأنَّكم قَدْ عَرَفْتُمْ جَمِيعًا أنّا كُنّا سُكّانًا بِأرْضِ مِصْرَ وجُزْنا بَيْنَ الشُّعُوبِ، ورَأيْتُمْ نَجاسَتَهم وأصْنامَهُمْ، لَعَلَّ فِيكُمُ اليَوْمَ رَجُلًا أوِ امْرَأةً أوْ قَبِيلَةً أوْ سِبْطًا يَمِيلُ قَلْبُهُ عَنْ عِبادَةِ اللَّهِ رَبِّنا ويَطْلُبُ عِبادَةَ آلِهَةِ تِلْكَ الشُّعُوبِ، فَيَسْمَعُ هَذا العَهْدَ فَيَقُولُ: يَكُونُ لِي السَّلامُ فَأتَّبِعُ مَسَرَّةَ قَلْبِي، هَذا لا يُرِيدُ الرَّبُّ أنْ يَغْفِرَ لَهُ، ولَكِنْ هُناكَ يَشْتَدُّ غَضَبُ الرَّبِّ وزَجْرُهُ عَلَيْهِ ويَنْزِلُ بِهِ كُلُّ اللَّعْنِ الَّذِي في هَذا الكِتابِ، ويَسْتَأْصِلُ الرَّبُّ اسْمَهُ مِن تَحْتِ السَّماءِ ويَفْرِزُهُ الرَّبُّ مِن جَمِيعِ أسْباطِ بَنِي إسْرائِيلَ لِلشَّرِّ والبَلايا ويَقُولُ الحِقْبُ الآخَرُ بَنُوكُمُ الَّذِينَ يَقُومُونَ مِن بَعْدِكم والغُرَباءُ، ويَنْظُرُونَ إلى ضَرَباتِ تِلْكَ الأرْضِ والأوْجاعِ أنْزَلَ اللَّهُ بِها ويَقُولُ الشَّعْبُ: لِماذا صَنَعَ الرَّبُّ هَكَذا؟ ولِماذا اشْتَدَّ غَضَبُهُ عَلى هَذا الشَّعْبِ العَظِيمِ؟ ويَقُولُونَ: لِأنَّهم تَرَكُوا عَهْدَ اللَّهِ إلَهِ آبائِهِمْ، فاشْتَدَّ غَضَبُ الرَّبِّ عَلى هَذِهِ الأُمَّةِ وأمَرَ أنْ يَنْزِلَ بِها كُلُّ اللَّعْنِ الَّذِي كُتِبَ في هَذا (p-١٤٥)الكِتابِ، ويُجْلِيهِمُ الرَّبُّ عَنْ بِلادِهِمْ بِغَضَبٍ وزَجْرٍ شَدِيدٍ ويُبْعِدُهم إلى أرْضٍ غَرِيبَةٍ كَما تَرى اليَوْمَ، فَأمّا الخَفايا والسَّرائِرُ فَهي لِلَّهِ رَبِّنا، والأُمُورُ الظّاهِرَةُ المَكْشُوفَةُ هي لَنا.
{"ayah":"وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَیَبۡعَثَنَّ عَلَیۡهِمۡ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ مَن یَسُومُهُمۡ سُوۤءَ ٱلۡعَذَابِۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِیعُ ٱلۡعِقَابِ وَإِنَّهُۥ لَغَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











