﴿وَإذْ تَأذَّنَ رَبُّكَ﴾ مَنصُوبٌ عَلى المَفْعُولِيَّةِ بِمُضْمَرٍ مَعْطُوفٍ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: " ﴿واسْألْهُمْ﴾ "، وتَأذَّنَ بِمَعْنى آذَنَ، كَما أنَّ تَوَعَّدَ بِمَعْنى أوْعَدَ، أوْ بِمَعْنى عَزَمَ، فَإنَّ العازِمَ عَلى الأمْرِ يُحَدِّثُ بِهِ نَفْسَهُ، وأُجْرِيَ مُجْرى فِعْلِ القَسَمِ، كَعَلِمَ اللَّهُ، وشَهِدَ اللَّهُ.
فَلِذَلِكَ أُجِيبَ بِجَوابِهِ، حَيْثُ قِيلَ: ﴿لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إلى يَوْمِ القِيامَةِ﴾؛ أيْ: واذْكُرْ لَهم وقْتَ إيجابِهِ تَعالى عَلى نَفْسِهِ أنْ يُسَلِّطَ عَلى اليَهُودِ البَتَّةَ.
﴿مَن يَسُومُهم سُوءَ العَذابِ﴾ كالإذْلالِ، وضَرْبِ الجِزْيَةِ، وغَيْرِ ذَلِكَ مِن فُنُونِ العَذابِ، وقَدْ بَعَثَ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِمْ بَعْدَ سُلَيْمانَ عَلَيْهِ السَّلامُ بُخْتَ نَصَّرَ، فَخَرَّبَ دِيارَهم، وقَتَلَ مُقاتِلَتَهم، وسَبى نِساءَهم وذَرارِيَهم، وضَرَبَ الجِزْيَةَ عَلى مَن بَقِيَ مِنهم، وكانُوا يُؤَدُّونَها إلى المَجُوسِ، حَتّى بُعِثَ النَّبِيُّ ﷺ، فَفَعَلَ ما فَعَلَ، ثُمَّ ضَرَبَ الجِزْيَةَ عَلَيْهِمْ، فَلا تَزالُ مَضْرُوبَةً إلى آخِرِ الدَّهْرِ.
﴿إنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ العِقابِ﴾ يُعاقِبُهم في الدُّنْيا.
﴿وَإنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ لِمَن تابَ وآمَنَ مِنهم.
{"ayah":"وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَیَبۡعَثَنَّ عَلَیۡهِمۡ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ مَن یَسُومُهُمۡ سُوۤءَ ٱلۡعَذَابِۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِیعُ ٱلۡعِقَابِ وَإِنَّهُۥ لَغَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}