الباحث القرآني

وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ أذّن وأعلم ربّك مثل قولهم تعلم بمعنى أعلم. وأنشد المبرّد: تعلم أن خير الناس حي ... ينادي في شعارهم يسار [[تفسير القرطبي: 7/ 309.]] وقال زهير: فقلت تعلم أن للصيد غرّة ... فان لا تضيعها فإنّك قاتله [[معاني القرآن للنحاس: 3/ 96، ولسان العرب: 13/ 13.]] وقال ابن عباس: (تَأَذَّنَ رَبُّكَ) قال ربّك، وقال مجاهد: أمر ربّك، وقال عطاء: حتم، وقال أبو عبيد: أخبر، وقال قطرب: وعد. لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ هم اليهود بعث الله عليهم محمدا وأمته يقاتلونهم حتّى يسلموا أو يعطوا الجزية، وقال سعيد بن جبير: هم أهل الكتاب بعث الله عليهم العرب يجبونهم الخراج إلى يوم القيامة فهو سوء العذاب ولم يجب نبي قط الخراج إلّا موسى (عليه السلام) فهو أول من وضع الخراج فجباه ثلاث عشرة سنة ثمّ أمسك فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أي حضرت وجاء وتبدل من بعد هؤلاء الذين وصفناهم خلف. قال أبو حاتم: الخلف بسكون اللام الأولاد والواحد والجميع فيه سواء والخلف بفتح اللام البدل ولدا كان أو غريبا، وقال الآخرون: هم خلف سوء. وقال ابن الأعرابي: الخلف بالفتح الصالح و [بالجزم] الصالح. قال لبيد: ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب» ومنه قيل للرديء من الكلام: خلف، ومنه المثل السائر: سكت الفا وبطن خلفا. وقال النضر بن شميل: الخلف بجزم اللام وإسكانها في غير القرآن السوء واحد، فأمّا في القرآن الصالح [بفتح] اللام لا غير، وأنشد: إنا وجدنا خلفا بئس الخلف ... عبدا إذا ما ناء بالحمل خضف [[تفسير القرطبي: 7/ 311.]] وقال محمد بن جرير الطبري: أكثر ما جاء في المدح بفتح اللام وفي الذم بتسكينها وقد تحرك في الذم وتسكن في المدح ومن ذلك قول حسان بن ثابت: لنا القدم الأولى وإليك وخلفنا ... لأولنا في طاعة الله تابع [[لسان العرب: 9/ 89.]] قال: واحسب أنّه إذا وجّه إلى الفساد مأخوذ من قولهم: خلف اللبن وحمض من طول تركه في السقاء حتى تفسد، ومن قولهم: خلف فم الصائم إذا تغير ريحه وفسد، فكان الرجل الفاسد مشبه به. وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى والعرض متاع الدنيا أجمع. والعرض بسكون الراء ما كان من المال سوى الدراهم والدنانير. قال المفسّرون: [إن] اليهود ورثوا كتاب الله فقرأوه وعلموه وضيعوا العمل به وخالفوا حكمه يرتشون في حكم الله وتبديل كتاب الله وتغيير صفة رسول الله ﷺ‎ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا ذنوبنا ما عملناه بالليل كفّر عنا بالنهار، وما عملناه بالنهار كفر عنا بالليل تمنيا على الله الأباطيل. وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ. قال سعيد بن جبير: وإن عرض لهم ذنب آخر عملوه. وقال مجاهد: ما أشرف لهم في اليوم من شيء من الدنيا الحلال أو حرام يشتهونه أخذوه. وكلما وهف [[وهف: بدا.]] لهم شيء من الدنيا أكلوه وأخذوا من الدنيا، ما وهف أي ما سهل، لا يبالون حلالا كان أو حراما ويبتغون في المغفرة فإن يجدوا الغد مثله يأخذوه [[تفسير الطبري: 9/ 142، وتفسير مجاهد: 1/ 249.]] . قال السدي: كانت بنو إسرائيل لا يستقضون قاضيا إلّا ارتشى في الحكم. وإن خيارهم اجتمعوا فأخذوا منهم بعض العهود أن لا يفعلوا فجعل الرجل منهم إذا استقضى وارتشى يقال له: مالك ترتشي في الحكم، فيقول: سيغفر لي، فيطعن عليه البقية [عرض] من بني إسرائيل فيما صنع، فإذا مات أو نزع وجعل مكانه رجلا ممن كان يطعن فيرتشي فيقول وأن يأتي الآخرين عرض مثله يأخذوه ومعناه: وإن يأت يهود يثرب الذين كانوا عاهدوا رسول الله ﷺ‎ عرض مثله يأخذوه كما أخذ أسلافهم. والأدنى تذكير الدنيا وعرض هذه الدار الدنيا فلما ترك الاسم المؤنث ذكر النعت لتذكير اللفظ. سمعت أبا القاسم الحبيبي قال: سمعت أبا بكر محمد بن عبد [ ... ] [[كلمة غير مقروءة.]] يقول فيه تقديم وتأخير أي: يأخذون هذا العرض الأدنى أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا ما فِيهِ وقرءوا ما فيه، وقرأ السلمي: ادّارسوا أي تدارسوا مثل إذا زكّوا أي قارأ بعضهم بعضا. وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الشرك والحرام أَفَلا تَعْقِلُونَ بالياء قرأ أكثر القراء على الخبر. وقرأ الحسن وابن الأشهب بالتاء على الخطاب وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ قرأ عمر بن الخطاب وأبو العالية وعاصم ورواية أبي بكر بسكون خفيفة. وقرأ الباقون بسكون التشديد. قال أبو عبيد وأبو حاتم: لأنه يقال تمسكت بالشيء ولا يقال أمسكت بالشيء: إنما يقال أمسكته ويدل عليه قراءة أبي ابن كعب (والذين مسكوا الكتاب) على الماضي وهو جيد لقوله: (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) إذ قال ما يعطف (من) على مستقبل إلّا في المعنى. وقرأ الأعمش: (والذين استمسكوا بالكتاب) ومعنى الآية: وأن يعملوا بما في كتاب الله قال مجاهد وابن زيد: هم من اليهود والنصارى الَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ الذي جاء به موسى فلا يحرفونه ولا يكتمونه أحلّوا حلاله وحرموا حرامه ولم يتخذوه [ما كله نزل] في عبد الله بن سلام وأصحابه، وقال عطاء: فيهم أنّه محمد ﷺ‎ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ. وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ أي قلعنا الجبل. قال مجاهد: كما ينتق الزبد [[في تفسير القرطبي (1/ 436) : وقال القتيبي: أخذ ذلك من نتق السقاء وهو نفضه حتى تقتلع الزبدة منه.]] . وقال المؤرخ: قطعنا. وقال أبو عبيدة: زعزعنا. وقال الفراء: خلقنا. وقال بعضهم رفعناه. واحتج بقول العجاج: ينتقن أقتاد الشليل نتقا [[تفسير الطبري: 9/ 147.]] يعني يرفعه عن ظهره. وقال آخر: ونتّقوا أحلامنا الأثاقلا [[تفسير الطبري: 9/ 147.]] وقال بعضهم: أصل النتق والنتوق أن يقلع الشيء من موضعه فيرمى. قال أبان بن تغلب: سمعت رجلا من العرب يقول لغلامه: فخذ الحجر ألقه فانتقه أي نكسه وانثره. ويقال للمرأة الكثيرة الولد: ناتق ومنتاق لأنها ترمي [صدرها] رميا قال النابغة: لم يحرموا حسن الغذاء وأمهم ... حقت عليك بناتق مذكار [[تاج العروس: 7/ 75.]] وقال بعضهم: هو من التحريك فقال: ينتفي السير أي حركني، يقال: ينتق برجله ويركض إذا حركت رجله على الدابة حين تعدو به. كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ الظلة ما أضللك وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ نازل بهم خُذُوا أي قلنا خذوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ فاعملوا به لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ وذلك حين أبوا أن يقبلوا أحكام التوراة ويعملوا بها لتغليظها وكانت شريعة ثقيلة فرفع الله عز وجل جبلا على رؤوسهم مقدار عسكرهم وكان فرسخا في فرسخ. وقيل لهم: إن قبلتموها بما فيها ليقعن عليكم. قال الحسن البصري: فلما نظروا للجبل خرّ كل رجل ساجدا على حاجبه الأيسر ونظر بعينه اليمنى على الجبل خوفا من أن يسقط عليهم فلذلك ليس اليوم في الأرض يهودي يسجد إلّا على حاجبه الأيسر، يقولون: هذه السجدة التي رفعت عنا بها العقوبة. نشر موسى الألواح فيها كتاب الله كتب بيده لم يبق على وجه الأرض جبل، ولا بحر ولا حجر إلّا اهتزّ فليس اليوم يهودي على الأرض صغير ولا كبير يقرأ عليه التوراة إلّا اهتزّ وتعفّر لها رأسه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب