الباحث القرآني
﴿إنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ ويَسْعَوْنَ في الأرْضِ فَسادًا أنْ يُقَتَّلُوا أوْ يُصَلَّبُوا أوْ تُقَطَّعَ أيْدِيهِمْ وأرْجُلُهم مِن خِلافٍ أوْ يُنْفَوْا مِنَ الأرْضِ ذَلِكَ لَهم خِزْيٌ في الدُّنْيا ولَهم في الآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ ﴿إلّا الَّذِينَ تابُوا مِن قَبْلِ أنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فاعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ .
(p-١٨٠)تَخَلُّصٌ إلى تَشْرِيعِ عِقابِ المُحارِبِينَ، وهم ضَرْبٌ مِنَ الجُناةِ بِجِنايَةِ القَتْلِ. ولا عَلاقَةَ لِهَذِهِ الآيَةِ ولا الَّتِي بَعْدَها بِأخْبارِ بَنِي إسْرائِيلَ. نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في شَأْنِ حُكْمِ النَّبِيءِ ﷺ في العُرَنِيِّينَ، وبِهِ يُشْعِرُ صَنِيعُ البُخارِيِّ إذْ تَرْجَمَ بِهَذِهِ الآيَةِ مِن كِتابِ التَّفْسِيرِ، وأخْرَجَ عَقِبَهُ حَدِيثَ أنَسِ بْنِ مالِكٍ في العُرَنِيِّينَ. ونَصُّ الحَدِيثِ مِن مَواضِعَ مِن صَحِيحِهِ: «قَدِمَ عَلى النَّبِيءِ ﷺ نَفَرٌ مِن عُكْلٍ وعُرَيْنَةَ فَأسْلَمُوا ثُمَّ أتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالُوا قَدِ اسْتَوْخَمْنا هَذِهِ الأرْضَ، فَقالَ لَهم: هَذِهِ نَعَمٌ لَنا فاخْرُجُوا فِيها فاشْرَبُوا ألْبانَها وأبْوالَها، فَخَرَجُوا فِيها فَشَرِبُوا مِن أبْوالِها وألْبانِها واسْتَصَحُّوا، فَمالُوا عَلى الرّاعِي فَقَتَلُوهُ واطَّرَدُوا الذَّوْدَ وارْتَدُّوا، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ في آثارِهِمْ. بَعَثَ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ في خَيْلٍ فَأدْرَكُوهم وقَدْ أشْرَفُوا عَلى بِلادِهِمْ، فَما تَرَجَّلَ النَّهارُ حَتّى جِيءَ بِهِمْ، فَأمَرَ بِهِمْ، فَقُطِّعَتْ أيْدِيهِمْ وأرْجُلُهم وسُمِلَتْ أعْيُنُهم بِمَسامِيرَ أُحْمِيَتْ، ثُمَّ حَبَسَهم حَتّى ماتُوا. وقِيلَ: أمَرَ بِهِمْ فَأُلْقُوا في الحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَما يُسْقَوْنَ حَتّى ماتُوا» . قالَ جَماعَةٌ: وكانَ ذَلِكَ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الهِجْرَةِ، كانَ هَذا قَبْلَ أنْ تَنْزِلَ آيَةُ المائِدَةِ. نَقَلَ ذَلِكَ مَوْلى ابْنِ الطَّلّاعِ في كِتابِ الأقْضِيَةِ المَأْثُورَةِ بِسَنَدِهِ إلى ابْنِ جُبَيْرٍ وابْنِ سِيرِينَ، وعَلى هَذا يَكُونُ نُزُولُها نَسْخًا لِلْحَدِّ الَّذِي أقامَهُ النَّبِيءُ ﷺ سَواءٌ كانَ عَنْ وحْيٍ أمْ عَنِ اجْتِهادٍ مِنهُ، لِأنَّهُ لَمّا اجْتَهَدَ ولَمْ يُغَيِّرْهُ اللَّهُ عَلَيْهِ قَبْلَ وُقُوعِ العَمَلِ (p-١٨١)بِهِ فَقَدْ تَقَرَّرَ بِهِ شَرْعٌ. وإنَّما أذِنَ اللَّهُ لَهُ بِذَلِكَ العِقابِ الشَّدِيدِ لِأنَّهم أرادُوا أنْ يَكُونُوا قُدْوَةً لِلْمُشْرِكِينَ في التَّحَيُّلِ بِإظْهارِ الإسْلامِ لِلتَّوَصُّلِ إلى الكَيْدِ لِلْمُسْلِمِينَ، ولِأنَّهم جَمَعُوا في فِعْلِهِمْ جِناياتٍ كَثِيرَةً. قالَ أبُو قِلابَةَ: فَماذا يُسْتَبْقى مِن هَؤُلاءِ ؟ قَتَلُوا النَّفْسَ وحارَبُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ وخَوَّفُوا رَسُولَ اللَّهِ. وفي رِوايَةٍ لِلطَّبَرِيِّ: نَزَلَتْ في قَوْمٍ مِن أهْلِ الكِتابِ كانَ بَيْنَهم وبَيْنَ المُسْلِمِينَ عَهْدٌ فَنَقَضُوهُ وقَطَعُوا السَّبِيلَ وأفْسَدُوا في الأرْضِ. رَواهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ والضِّحّاكِ. والصَّحِيحُ الأوَّلُ. وأيًّا ما كانَ فَقَدْ نُسِخَ ذَلِكَ بِهَذِهِ الآيَةِ.
فالحَصْرُ بِـ (إنَّما) في قَوْلِهِ: ﴿إنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ﴾ إلَخْ عَلى أصَحِّ الرِّوايَتَيْنِ في سَبَبِ نُزُولِ الآيَةِ حَصْرٌ إضافِيٌّ، وهو قَصْرٌ قُلِبَ لِإبْطالٍ، أيْ لِنَسْخِ العِقابِ الَّذِي أمَرَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ عَلى العُرَنِيِّينَ، وعَلى ما رَواهُ الطَّبَرِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ فالحَصْرُ أنْ لا جَزاءَ لَهم إلّا ذَلِكَ، فَيَكُونُ المَقْصُودُ مِنَ القَصْرِ حِينَئِذٍ أنْ لا يَنْقُصَ عَنْ ذَلِكَ الجَزاءِ وهو أحَدُ الأُمُورِ الأرْبَعَةِ. وقَدْ يَكُونُ الحَصْرُ لِرَدِّ اعْتِقادٍ مُقَدَّرٍ وهو اعْتِقادُ مَن يَسْتَعْظِمُ هَذا الجَزاءَ ويَمِيلُ إلى التَّخْفِيفِ مِنهُ. وكَذَلِكَ يَكُونُ إذا كانَتِ الآيَةُ غَيْرَ نازِلَةٍ عَلى سَبَبٍ أصْلًا.
وأيًّا ما كانَ سَبَبُ النُّزُولِ فَإنَّ الآيَةَ تَقْتَضِي وُجُوبَ عِقابِ المُحارِبِينَ بِما ذَكَرَ اللَّهُ فِيها، لِأنَّ الحَصْرَ يُفِيدُ تَأْكِيدَ النِّسْبَةِ. والتَّأْكِيدُ يَصْلُحُ أنْ يُعَدَّ في أماراتِ وُجُوبِ الفِعْلِ المَعْدُودِ بَعْضُها في أُصُولِ الفِقْهِ لِأنَّهُ يَجْعَلُ الحُكْمَ جازِمًا.
ومَعْنى ”يُحارِبُونَ“ أنَّهم يَكُونُونَ مُقاتِلِينَ بِالسِّلاحِ عُدْوانًا لِقَصْدِ المَغْنَمِ كَشَأْنِ المُحارِبِ المُبادِئِ، لِأنَّ حَقِيقَةَ الحَرْبِ القِتالُ. ومَعْنى مُحارَبَةِ اللَّهِ مُحارَبَةُ شَرْعِهِ وقَصْدُ الِاعْتِداءِ عَلى أحْكامِهِ، وقَدْ عُلِمَ أنَّ اللَّهَ لا يُحارِبُهُ أحَدٌ فَذِكْرُهُ في المُحارَبَةِ لِتَشْنِيعِ أمْرِها بِأنَّها مُحارَبَةٌ لِمَن يَغْضَبُ اللَّهُ لِمُحارَبَتِهِ، وهو الرَّسُولُ، ﷺ . والمُرادُ بِمُحارَبَةِ الرَّسُولِ الِاعْتِداءُ عَلى حُكْمِهِ وسُلْطانِهِ، فَإنَّ العُرَنِيِّينَ اعْتَدَوْا عَلى نَعَمِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ المُتَّخَذَةِ لِتَجْهِيزِ جُيُوشِ المُسْلِمِينَ، وهو قَدِ امْتَنَّ عَلَيْهِمْ بِالِانْتِفاعِ بِها فَلَمْ يُراعُوا ذَلِكَ لِكُفْرِهِمْ فَما عاقَبَ بِهِ (p-١٨٢)الرَّسُولُ العُرَنِيِّينَ كانَ عِقابًا عَلى مُحارَبَةٍ خاصَّةٍ هي مِن صَرِيحِ البُغْضِ لِلْإسْلامِ. ثُمَّ إنَّ اللَّهَ شَرَعَ حُكْمًا لِلْمُحارَبَةِ الَّتِي تَقَعُ في زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ وبَعْدَهُ، وسَوّى عُقُوبَتَها، فَتَعَيَّنَ أنْ يَصِيرَ تَأْوِيلُ ﴿يُحارِبُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ﴾ المُحارَبَةَ لِجَماعَةِ المُسْلِمِينَ. وجُعِلَ لَها جَزاءٌ عَيْنُ جَزاءِ الرِّدَّةِ، لِأنَّ الرِّدَّةَ لَها جَزاءٌ آخَرُ فَعَلِمْنا أنَّ الجَزاءَ لِأجْلِ المُحارَبَةِ. ومِن أجْلِ ذَلِكَ اعْتَبَرَهُ العُلَماءُ جَزاءً لِمَن يَأْتِي هَذِهِ الجَرِيمَةَ مِنَ المُسْلِمِينَ، ولِهَذا لَمْ يَجْعَلْهُ اللَّهُ جَزاءً لِلْكُفّارِ الَّذِينَ حارَبُوا الرَّسُولَ لِأجْلِ عِنادِ الدِّينِ؛ فَلِهَذا المَعْنى عُدِّيَ ”يُحارِبُونَ“ إلى ”اللَّهَ ورَسُولَهُ“ لِيَظْهَرَ أنَّهم لَمْ يَقْصِدُوا حَرْبَ مُعَيَّنٍ مِنَ النّاسِ ولا حَرْبَ صَفٍّ.
وعُطِفَ ﴿ويَسْعَوْنَ في الأرْضِ فَسادًا﴾ لِبَيانِ القَصْدِ مِن حَرْبِهِمُ اللَّهَ ورَسُولَهُ، فَصارَ الجَزاءُ عَلى مَجْمُوعِ الأمْرَيْنِ، فَمَجْمُوعُ الأمْرَيْنِ سَبَبٌ مُرَكَّبٌ لِلْعُقُوبَةِ، وكُلُّ واحِدٍ مِنَ الأمْرَيْنِ جُزْءُ سَبَبٍ لا يَقْتَضِي هَذِهِ العُقُوبَةَ بِخُصُوصِها.
وقَدِ اخْتَلَفَ العُلَماءُ في حَقِيقَةِ الحِرابَةِ؛ فَقالَ مالِكٌ: هي حَمْلُ السِّلاحِ عَلى النّاسِ لِأخْذِ أمْوالِهِمْ دُونَ نائِرَةٍ ولا دَخَلٍ ولا عَداوَةٍ أيْ بَيْنَ المُحارِبِ بِالكَسْرِ وبَيْنَ المُحارَبِ بِالفَتْحِ، سَواءٌ في البادِيَةِ أوْ في المِصْرِ، وقالَ بِهِ الشّافِعِيُّ وأبُو ثَوْرٍ. وقِيلَ: لا يَكُونُ المُحارِبُ في المِصْرِ مُحارِبًا، وهو قَوْلُ أبِي حَنِيفَةَ وسُفْيانَ الثَّوْرِيِّ وإسْحاقَ. والَّذِي نَظَرَ إلَيْهِ مالِكٌ هو عُمُومُ مَعْنى لَفْظِ الحِرابَةِ، والَّذِي نَظَرَ إلَيْهِ مُخالِفُوهُ هو الغالِبُ في العُرْفِ لِنُدْرَةِ الحِرابَةِ في المِصْرِ. وقَدْ كانَتْ نَزَلَتْ بِتُونُسَ قَضِيَّةُ لِصٍّ اسْمُهُ ونّاسٌ أخافَ أهْلَ تُونُسَ بِحِيَلِهِ في السَّرِقَةِ وكانَ يَحْمِلُ السِّلاحَ، فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ المُحارِبِ في مُدَّةِ الأمِيرِ مُحَمَّدٍ الصّادِقِ بايْ وقُتِلَ شَنْقًا بِبابِ سُوَيْقَةَ.
ومَعْنى ﴿ويَسْعَوْنَ في الأرْضِ فَسادًا﴾ أنَّهم يَكْتَسِبُونَ الفَسادَ ويَجْتَنُونَهُ ويَجْتَرِحُونَهُ، لِأنَّ السَّعْيَ قَدِ اسْتُعْمِلَ بِمَعْنى الِاكْتِسابِ واللَّمِّ، قالَ تَعالى ﴿ومَن أرادَ الآخِرَةَ وسَعى لَها سَعْيَها﴾ [الإسراء: ١٩] . ويَقُولُونَ: سَعى فُلانٌ لِأهْلِهِ، أيِ اكْتَسَبَ لَهم، وقالَ تَعالى ﴿لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى﴾ [طه: ١٥] .
(p-١٨٣)وصاحِبُ الكَشّافِ جَعَلَهُ هُنا بِمَعْنى المَشْيِ، فَجَعَلَ ”فَسادًا“ حالًا أوْ مَفْعُولًا لِأجْلِهِ، ولَقَدْ نَظَرَ إلى أنَّ غالِبَ عَمَلِ المُحارِبِ هو السَّعْيُ والتَّنَقُّلُ، ويَكُونُ الفِعْلُ مُنَزَّلًا مَنزِلَةَ اللّازِمِ اكْتِفاءً بِدَلالَةِ المَفْعُولِ لِأجْلِهِ. وجَوَّزَ أنْ يَكُونَ ”سَعى“ بِمَعْنى أفْسَدَ، فَجَعَلَ ”فَسادًا“ مَفْعُولًا مُطْلَقًا. ولا يُعْرَفُ اسْتِعْمالُ ”سَعى“ بِمَعْنى أفْسَدَ.
والفَسادُ: إتْلافُ الأنْفُسِ والأمْوالِ، فالمُحارِبُ يَقْتُلُ الرَّجُلَ لِأخْذِ ما عَلَيْهِ مِنَ الثِّيابِ ونَحْوِ ذَلِكَ.
و”يُقَتَّلُوا“ مُبالَغَةٌ في ”يُقْتَلُوا“ كَقَوْلِ امْرِئِ القَيْسِ:
؎فِي أعْشارِ قَلْبٍ مُقَتَّلٍ
قُصِدَ مِنَ المُبالَغَةِ هُنا إيقاعُهُ بِدُونِ لِينٍ ولا رِفْقٍ تَشْدِيدًا عَلَيْهِمْ، وكَذَلِكَ الوَجْهُ في قَوْلِهِ: ﴿يُصَلَّبُوا﴾ .
والصَّلْبُ: وضْعُ الجانِي الَّذِي يُرادُ قَتْلُهُ مَشْدُودًا عَلى خَشَبَةٍ ثُمَّ قَتْلُهُ عَلَيْها طَعْنًا بِالرُّمْحِ في مَوْضِعِ القَتْلِ. وقِيلَ: الصَّلْبُ بَعْدَ القَتْلِ. والأوَّلُ قَوْلُ مالِكٍ، والثّانِي مَذْهَبُ أشْهَبَ والشّافِعِيِّ.
و(مِن) في قَوْلِهِ: ﴿مِن خِلافٍ﴾ ابْتِدائِيَّةٌ في مَوْضِعِ الحالِ مِن ﴿أيْدِيهِمْ وأرْجُلُهُمْ﴾ فَهي قَيْدٌ لِلْقَطْعِ، أيْ أنَّ القَطْعَ يَبْتَدِئُ في حالِ التَّخالُفِ، وقَدْ عُلِمَ أنَّ المَقْطُوعَ هو العُضْوُ المُخالِفُ فَتَعَيَّنَ أنَّهُ مُخالِفٌ لِمَقْطُوعٍ آخَرَ وإلّا لَمْ تُتَصَوَّرِ المُخالَفَةُ، فَإذا لَمْ يَكُنْ عُضْوٌ مَقْطُوعٌ سابِقٌ فَقَدْ تَعَذَّرَ التَّخالُفُ فَيَكُونُ القَطْعُ لِلْعُضْوِ الأوَّلِ آنِفًا ثُمَّ تَجْرِي المُخالَفَةُ فِيما بَعْدُ. وقَدْ عُلِمَ مِن قَوْلِهِ: ﴿مِن خِلافٍ﴾ أنَّهُ لا يُقْطَعُ مِنَ المُحارِبِ إلّا يَدٌ واحِدَةٌ أوْ رِجْلٌ واحِدَةٌ ولا يُقْطَعُ يَداهُ أوْ رِجْلاهُ؛ لِأنَّهُ لَوْ كانَ كَذَلِكَ لَمْ يُتَصَوَّرْ مَعْنًى لِكَوْنِ القَطْعِ مِن خِلافٍ. فَهَذا التَّرْكِيبُ مِن بَدِيعِ الإيجازِ. والظّاهِرُ أنَّ كَوْنَ القَطْعِ مِن خِلافٍ تَيْسِيرٌ ورَحْمَةٌ، لِأنَّ ذَلِكَ أمْكَنُ لِحَرَكَةِ بَقِيَّةِ الجَسَدِ بَعْدَ البُرْءِ وذَلِكَ بِأنْ يَتَوَكَّأ بِاليَدِ الباقِيَةِ عَلى عُودٍ بِجِهَةِ الرِّجْلِ المَقْطُوعَةِ.
(p-١٨٤)قالَ عُلَماؤُنا: تُقْطَعُ يَدُهُ لِأجْلِ أخْذِ المالِ، ورِجْلُهُ لِلْإخافَةِ؛ لِأنَّ اليَدَ هي العُضْوُ الَّذِي بِهِ الأخْذُ، والرِّجْلَ هي العُضْوُ الَّذِي بِهِ الإخافَةُ، أيِ المَشْيُ وراءَ النّاسِ والتَّعَرُّضُ لَهم.
والنَّفْيُ مِنَ الأرْضِ: الإبْعادُ مِنَ المَكانِ الَّذِي هو وطَنُهُ لِأنَّ النَّفْيَ مَعْناهُ عَدَمُ الوُجُودِ. والمُرادُ الإبْعادُ، لِأنَّهُ إبْعادٌ عَنِ القَوْمِ الَّذِينَ حارَبُوهم. يُقالُ: نَفَوْا فُلانًا، أيْ أخْرَجُوهُ مِن بَيْنِهِمْ، وهو الخَلِيعُ، وقالَ النّابِغَةُ:
؎لِيَهْنِئْ لَكم أنْ قَدْ نَفَيْتُمْ بُيُوتَنا
أيْ أقْصَيْتُمُونا عَنْ دِيارِكم. ولا يُعْرَفُ في كَلامِ العَرَبِ مَعْنًى لِلنَّفْيِ غَيْرَ هَذا. وقالَ أبُو حَنِيفَةَ وبَعْضُ العُلَماءِ: النَّفْيُ هو السَّجْنُ. وحَمَلَهم عَلى هَذا التَّأْوِيلِ البَعِيدِ التَّفادِي مِن دَفْعِ أضْرارِ المُحارِبِ عَنْ قَوْمٍ كانَ فِيهِمْ بِتَسْلِيطِ ضُرِّهِ عَلى قَوْمٍ آخَرِينَ. وهو نَظَرٌ يَحْمِلُ عَلى التَّأْوِيلِ، ولَكِنْ قَدْ بَيَّنَ العُلَماءُ أنَّ النَّفْيَ يَحْصُلُ بِهِ دَفْعُ الضُّرِّ لِأنَّ العَرَبَ كانُوا إذا أُخْرِجَ أحَدٌ مِن وطَنِهِ ذُلَّ وخُضِّدَتْ شَوْكَتُهُ، قالَ امْرُؤُ القَيْسِ:
؎بِهِ الذِّئْبُ يَعْوِي كالخَلِيعِ المُعَيَّلِ
وذَلِكَ حالٌ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالعَرَبِ فَإنَّ لِلْمَرْءِ في بَلَدِهِ وقَوْمِهِ مِنَ الإقْدامِ ما لَيْسَ لَهُ في غَيْرِ بَلَدِهِ.
عَلى أنَّ مِنَ العُلَماءِ مَن قالَ: يُنْفَوْنَ إلى بَلَدٍ بَعِيدٍ مُنْحازٍ إلى جِهَةٍ بِحَيْثُ يَكُونُ فِيهِ كالمَحْصُورِ. قالَ أبُو الزِّنادِ: كانَ النَّفْيُ قَدِيمًا إلى (دَهْلَكَ) وإلى (باضِعَ) وهُما جَزِيرَتانِ في بَحْرِ اليَمَنِ.
(p-١٨٥)وقَدْ دَلَّتِ الآيَةُ عَلى أمْرَيْنِ: أحَدُهُما التَّخْيِيرُ في جَزاءِ المُحارِبِينَ؛ لِأنَّ أصْلَ (أوْ) الدَّلالَةُ عَلى أحَدِ الشَّيْئَيْنِ أوِ الأشْياءِ في الوُقُوعِ، ويَقْتَضِي ذَلِكَ في بابِ الأمْرِ ونَحْوِهِ التَّخْيِيرَ، نَحْوَ ﴿فَفِدْيَةٌ مِن صِيامٍ أوْ صَدَقَةٍ أوْ نُسُكٍ﴾ [البقرة: ١٩٦] . وقَدْ تَمَسَّكَ بِهَذا الظّاهِرِ جَماعَةٌ مِنَ العُلَماءِ مِنهم مالِكُ بْنُ أنَسٍ، وسَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وعَطاءٌ، ومُجاهِدٌ، والنَّخَعِيُّ، وأبُو حَنِيفَةَ والمَرْوِيُّ عَنْ مالِكٍ أنَّ هَذا التَّخْيِيرَ لِأجَلِ الحِرابَةِ، فَإنِ اجْتَرَحَ في مُدَّةِ حَرابَتِهِ جَرِيمَةً ثابِتَةً تُوجِبُ الأخْذَ بِأشَدِّ العُقُوبَةِ كالقَتْلِ قُتِلَ دُونَ تَخْيِيرٍ، وهو مُدْرَكٌ واضِحٌ. ثُمَّ يَنْبَغِي لِلْإمامِ بَعْدَ ذَلِكَ أنْ يَأْخُذَ في العُقُوبَةِ بِما يُقارِبُ جُرْمَ المُحارِبِ وكَثْرَةَ مَقامِهِ في فَسادِهِ. وذَهَبَ جَماعَةٌ إلى أنَّ (أوْ) في الآيَةِ لِلتَّقْسِيمِ لا لِلتَّخْيِيرِ، وأنَّ المَذْكُوراتِ مَراتِبُ لِلْعُقُوباتِ بِحَسْبِ ما اجْتَرَحَهُ المُحارِبُ: فَمَن قَتَلَ وأخَذَ المالَ قُتِلَ وصُلِبَ، ومَن لَمْ يَقْتُلْ ولا أخَذَ مالًا عُزِّرَ، ومَن أخافَ الطَّرِيقَ نُفِيَ، ومَن أخَذَ المالَ فَقَطْ قُطِعَ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ، والحَسَنِ، والسُّدِّيِّ والشّافِعِيِّ. ويَقْرُبُ خِلافُهم مِنَ التَّقارُبِ.
والأمْرُ الثّانِي أنَّ هَذِهِ العُقُوباتِ هي لِأجَلِ الحِرابَةِ ولَيْسَتْ لِأجْلِ حُقُوقِ الأفْرادِ مِنَ النّاسِ، كَما دَلَّ عَلى ذَلِكَ قَوْلُهُ بَعْدُ ﴿إلّا الَّذِينَ تابُوا مِن قَبْلِ أنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾ الآيَةَ. وهو بَيِّنٌ. ولِذَلِكَ فَلَوْ أسْقَطَ المُعْتَدى عَلَيْهِمْ حُقُوقَهم لَمْ يَسْقُطْ عَنِ المُحارِبِ عُقُوبَةُ الحِرابَةِ.
وقَوْلُهُ: ﴿ذَلِكَ لَهم خِزْيٌ في الدُّنْيا﴾، أيِ الجَزاءُ خِزْيٌ لَهم في الدُّنْيا. والخِزْيُ: الذُّلُّ والإهانَةُ ﴿ولا تُخْزِنا يَوْمَ القِيامَةِ﴾ [آل عمران: ١٩٤] . وقَدْ دَلَّتِ الآيَةُ عَلى أنَّ لِهَؤُلاءِ المُحارِبِينَ عِقابَيْنِ: عِقابًا في الدُّنْيا وعِقابًا في الآخِرَةِ. فَإنْ كانَ المَقْصُودُ مِنَ المُحارِبِينَ في الآيَةِ خُصُوصَ المُحارِبِينَ مِن أهْلِ الكُفْرِ كالعُرَنِيِّينَ، كَما قِيلَ بِهِ، فاسْتِحْقاقُهُمُ العَذابَيْنِ ظاهِرٌ، وإنْ كانَ المُرادُ بِهِ ما يَشْمَلُ المُحارِبَ مِن أهْلِ الإسْلامِ كانَتِ الآيَةُ مُعارِضَةً لِما ورَدَ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ في حَدِيثِ عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ مِن قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حِينَ أخَذَ البَيْعَةَ عَلى المُؤْمِنِينَ بِما تَضَمَّنَتْهُ آيَةُ ﴿إذا جاءَكَ المُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ﴾ [الممتحنة: ١٢] إلَخْ فَقالَ: «فَمَن وفى مِنكم فَأجْرُهُ عَلى اللَّهِ ومَن أصابَ مِن ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ (p-١٨٦)فَهُوَ كَفّارَةٌ لَهُ ومَن أصابَ مِنها شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ فَهو إلى اللَّهِ إنْ شاءَ عَذَّبَهُ وإنْ شاءَ غَفَرَ لَهُ» . فَقَوْلُهُ: فَهو كَفّارَةٌ لَهُ، دَلِيلٌ عَلى أنَّ الحَدَّ يُسْقِطُ عِقابَ الآخِرَةِ، فَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ ما في الآيَةِ تَغْلِيظًا عَلى المُحارِبِينَ بِأكْثَرَ مِن أهْلِ بَقِيَّةِ الذُّنُوبِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ تَأْوِيلُ ما في هَذِهِ الآيَةِ عَلى التَّفْصِيلِ، أيْ لَهم خِزْيٌ في الدُّنْيا إنْ أُخِذُوا بِهِ، ولَهم في الآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ إنْ لَمْ يُؤْخَذُوا بِهِ في الدُّنْيا.
والِاسْتِثْناءُ بِقَوْلِهِ: ﴿إلّا الَّذِينَ تابُوا﴾ راجِعٌ إلى الحُكْمَيْنِ خِزْيِ الدُّنْيا وعَذابِ الآخِرَةِ، بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: ﴿مِن قَبْلِ أنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾، لِأنَّ تَأْثِيرَ التَّوْبَةِ في النَّجاةِ مِن عَذابِ الآخِرَةِ لا يَتَقَيَّدُ بِما قَبْلَ القُدْرَةِ عَلَيْهِمْ. وقَدْ دَلَّتْ أداةُ الِاسْتِثْناءِ عَلى سُقُوطِ العُقُوبَةِ عَنِ المُحارِبِ في هَذِهِ الحالَةِ؛ فَتَمَّ الكَلامُ بِها لِأنَّ الِاسْتِثْناءَ كَلامٌ مُسْتَقِلٌّ لا يَحْتاجُ إلى زِيادَةِ تَصْرِيحٍ بِانْتِفاءِ الحُكْمِ المُسْتَثْنى مِنهُ عَنِ المُسْتَثْنى في اسْتِعْمالِ العَرَبِ، وعِنْدَ جُمْهُورِ العُلَماءِ. فَلَيْسَ المُسْتَثْنى مَسْكُوتًا عَنْهُ كَما يَقُولُ الحَنَفِيَّةُ، ولَوْلا الِاسْتِثْناءُ لَما دَلَّتِ الآيَةُ عَلى سُقُوطِ عُقُوبَةِ المُحارِبِ المَذْكُورَةِ. فَلَوْ قِيلَ: فَإنْ تابُوا، لَمْ تَدُلَّ إلّا عَلى قَبُولِ التَّوْبَةِ مِنهم في إسْقاطِ عِقابِ الآخِرَةِ.
ومَعْنى ﴿مِن قَبْلِ أنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾ ما كانَ قَبْلَ أنْ يَتَحَقَّقَ المُحارِبُ أنَّهُ مَأْخُوذٌ أوْ يُضَيَّقَ عَلَيْهِ الحِصارُ أوْ يُطارَدَ في جَمِيعِ البِلادِ ويُضَيَّقَ عَلَيْهِ، فَإنْ أتى قَبْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ طائِعًا نادِمًا سَقَطَ عَنْهُ ما شَرَعَ اللَّهُ لَهُ مِنَ العُقُوبَةِ، لِأنَّهُ قَدْ دَلَّ عَلى انْتِقالِ حالِهِ مِن فَسادٍ إلى صَلاحٍ فَلَمْ تَبْقَ حِكْمَةٌ في عِقابِهِ. ولَمّا لَمْ تَتَعَرَّضِ الآيَةُ إلى غُرْمِ ما أتْلَفَهُ بِحِرابَتِهِ عُلِمَ أنَّ التَّوْبَةَ لا تُؤَثِّرُ في سُقُوطِ ما كانَ قَدِ اعْتَلَقَ بِهِ مِن حُقُوقِ النّاسِ مِن مالٍ أوْ دَمٍ، لِأنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ بِأدِلَّةٍ أُخْرى.
وقَوْلُهُ: ﴿فاعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ تَذْكِيرٌ بَعْدَ تَمامِ الكَلامِ ودَفْعٌ لِعَجَبِ مَن يَتَعَجَّبُ مِن سُقُوطِ العِقابِ عَنْهم. فالفاءُ فَصِيحَةٌ عَمّا دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِثْناءُ مِن سُقُوطِ العُقُوبَةِ مَعَ عِظَمِ الجُرْمِ، والمَعْنى: إنْ عَظُمَ عِنْدَكم سُقُوطُ العُقُوبَةِ عَمَّنْ تابَ قَبْلَ أنْ يُقَدَرَ عَلَيْهِ فاعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
وقَدْ دَلَّ قَوْلُهُ: ”فاعْلَمُوا“ عَلى تَنْزِيلِ المُخاطَبِينَ مَنزِلَةَ مَن لا يَعْلَمُ ذَلِكَ (p-١٨٧)نَظَرًا لِاسْتِعْظامِهِمْ هَذا العَفْوَ. وقَدْ رَأيْتَ أنَّ شَأْنَ فِعْلِ (اعْلَمْ) أنْ يَدُلَّ عَلى أهَمِّيَّةِ الخَبَرِ، كَما سَيَأْتِي في قَوْلِهِ تَعالى ﴿واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ﴾ [الأنفال: ٢٤] في سُورَةِ الأنْفالِ وقَوْلِهِ فِيها ﴿واعْلَمُوا أنَّما غَنِمْتُمْ﴾ [الأنفال: ٤١] .
{"ayahs_start":33,"ayahs":["إِنَّمَا جَزَ ٰۤؤُا۟ ٱلَّذِینَ یُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَیَسۡعَوۡنَ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا أَن یُقَتَّلُوۤا۟ أَوۡ یُصَلَّبُوۤا۟ أَوۡ تُقَطَّعَ أَیۡدِیهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَـٰفٍ أَوۡ یُنفَوۡا۟ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ ذَ ٰلِكَ لَهُمۡ خِزۡیࣱ فِی ٱلدُّنۡیَاۖ وَلَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمٌ","إِلَّا ٱلَّذِینَ تَابُوا۟ مِن قَبۡلِ أَن تَقۡدِرُوا۟ عَلَیۡهِمۡۖ فَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"],"ayah":"إِنَّمَا جَزَ ٰۤؤُا۟ ٱلَّذِینَ یُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَیَسۡعَوۡنَ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا أَن یُقَتَّلُوۤا۟ أَوۡ یُصَلَّبُوۤا۟ أَوۡ تُقَطَّعَ أَیۡدِیهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَـٰفٍ أَوۡ یُنفَوۡا۟ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ ذَ ٰلِكَ لَهُمۡ خِزۡیࣱ فِی ٱلدُّنۡیَاۖ وَلَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق