الباحث القرآني
قال اللهُ تعالى: ﴿وإذْ جَعَلْنا البَيْتَ مَثابَةً لِلنّاسِ وأَمْنًا واتَّخِذُوا مِن مَقامِ إبْراهِيمَ مُصَلّىً وعَهِدْنا إلى إبْراهِيمَ وإسْماعِيلَ أنْ طَهِّرا بَيْتِي لِلطّائِفِينَ والعاكِفِينَ والرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ [البقرة: ١٢٥].
جعَلَ اللهُ بيتَه ـ وهو المسجدُ الحرامُ، والمرادُ به هنا: الكَعْبةُ ـ مكانًا يُذهَبُ إليه مرةً بعدَ مرةٍ، والبيتُ اسمُ جنسٍ لكلِّ مكانٍ يُباتُ فيه أو مِثْلُهُ يُباتُ فيه، سواءٌ كان لواحدٍ أو لجماعةٍ، ومِن أيِّ شيءٍ بُنِيَ فهو بيتٌ، سواءٌ كان مِن حَجَرٍ أو طِينٍ، كما في ظاهرِ الآيةِ، أو كان مِن الشَّعَرِ والصُّوفِ، كما في قولِهِ تعالى: ﴿وجَعَلَ لَكُمْ مِن جُلُودِ الأَنْعامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَها﴾ [النحل: ٨٠]، والجامعُ في ذلك أنْ تكونَ مسقوفةً، وما ليس بمسقوفٍ لا يسمّى بيتًا، بل يسمّى حائطًا ونحوَهُ.
(البيت) علم على المسجد الحرام:
وأصبَحَ لفظُ البيتِ علَمًا على الكعبةِ، هكذا في كتابِ اللهِ، وفي السُّنَّةِ والأثرِ، قال تعالى: ﴿فَمَن حَجَّ البَيْتَ أوِ اعْتَمَرَ﴾ [البقرة: ١٥٨]، وقال تعالى: ﴿إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ﴾ [آل عمران: ٩٦]، وقال: ﴿ولِلَّهِ عَلى النّاسِ حِجُّ البَيْتِ﴾ [آل عمران: ٩٧]، وقال تعالى: ﴿ولا آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ﴾ [المائدة: ٢]، وقال تعالى: ﴿وما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ البَيْتِ إلاَّ مُكاءً وتَصْدِيَةً﴾ [الأنفال: ٣٥]، وقال تعالى: ﴿وإذْ بَوَّأْنا لإبْراهِيمَ مَكانَ البَيْتِ﴾ [الحج: ٢٦]، وقال تعالى: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذا البَيْتِ ﴾ [قريش: ٣].
وهكذا يَعرِفُهُ حتى الجاهليُّون، قال زُهَيْرٌ:
فَأَقْسَمْتُ بِالبَيْتِ الَّذِي طافَ حَوْلَهُ
رِجالٌ بَنَوْهُ مِن قُرَيْشٍ وجُرْهُمِ[[ينظر: «جمهرة أشعار العرب» (ص١٦١)، و«شرح المعلقات التسع» (ص١٩٢)، و«ثمار القلوب» (١ /١٦)، و«خزانة الأدب» للبغدادي (٣ /٧).]]
وقد بناهُ إبراهيمُ عليه السلام، مِن أجلِ عبادةِ اللهِ وتوحيدِه، يَذْهَبونَ ويَجِيئونَ إليه في مواسمَ معلومةٍ وغيرِ معلومةٍ.
ولذا قال تعالى: ﴿مَثابَةً لِلنّاسِ﴾، مِن «ثابَ يثوبُ: إذا رجَعَ»، ويلُوذونَ به مِن كلِّ سوءٍ متى ما لَحِقَ بهم مرةً بعدَ مرةٍ.
رُوِيَ هذا المعنى عن أبي العاليةِ[[«تفسير ابن أبي حاتم» (١ /٢٢٥).]]، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ في إحدى روايتَيْه[[«تفسير الطبري» (٢ /٥١٩ ـ ٥٢٠).]]، وعطاءٍ[[«تفسير الطبري» (٢ /٥١٩).]]، ومجاهدٍ[[«تفسير الطبري» (٢ /٥١٨).]]، والحسنِ[[«تفسير الرازي» (٤ /٤١).]]، وعطيةَ[[«تفسير الطبري» (٢ /٥١٩).]]، والربيعِ بنِ أنسٍ[[«تفسير الطبري» (٢ /٥٢٠).]]، والسُّدِّيِّ[[«تفسير الطبري» (٢ /٥١٨).]]، وغيرِهم.
وقيل: مَجْمَعًا للناسِ، رُوِيَ هذا عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، وعِكْرِمةَ، وغيرِهما[[«تفسير ابن أبي حاتم» (١ /٢٢٥).]].
مشروعيَّةُ المتابَعَةِ بين الحجِّ والعمرةِ:
وعلى التفسيرِ الأولِ: ففي الآيةِ دليلٌ على مشروعيَّةِ المتابَعَةِ بينَ الحجِّ والعمرةِ، وهذا المعنى مِن قولِه: ﴿مَثابَةً لِلنّاسِ﴾، ففي «المسندِ»، و«السننِ»، عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: (تابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ والعُمْرَةِ، فَإنَّهُما يَنْفِيانِ الفَقْرَ والذُّنُوبَ، كَما يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ والذَّهَبِ والفِضَّةِ، ولَيْسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثَوابٌ دُونَ الجَنَّةِ) [[أخرجه أحمد (٣٦٦٩) (١ /٣٨٧)، وغيره.]].
ورُوِيَ في «المسندِ»، عن عمرَ وعامرِ بنِ ربيعةَ، نحوُهُ[[أخرجه أحمد (١٦٧) (١ /٢٥).]].
وتَكْرارُ الحجِّ والعمرةِ لا حدَّ له، إلا أنّه ينبغي للمعتمرِ أنْ يعتمِرَ في كلِّ سَفْرةٍ مرةً واحدةً، ولو تقاربَتِ الأيامُ.
وإنْ حجَّ الإنسانُ في كلِّ عامٍ، فذاك عملٌ جليلٌ، وإنْ حجَّ كلَّ خمسةِ أعوامٍ، فقد روى سعيدُ بنُ منصورٍ، وابنُ حِبّانَ، والبيهقيُّ، والطَّبَرانيُّ، مِن حديثِ العلاءِ بنِ المسيَّبِ، عن أبيهِ، عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ، أنّ رسولَ اللهِ قال: (يَقُولُ اللهُ عزّ وجل: إنَّ عَبْدًا أصْحَحْتُ لَهُ بَدَنَهُ، وأَوْسَعْتُ عَلَيْهِ فِي الرِّزْقِ، لَمْ يَفِدْ إلَيَّ فِي كُلِّ أرْبَعَةِ أعْوامٍ لمَحْرُومٌ) [[أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» ()، وابن حبان في «صحيحه» (٣٧٠٣) (٩ /١٦)، والبيهقي في «الكبرى» (٥ /٢٦٢)، والطبراني في «الأوسط» (٤٨٦) (١ /١٥٥).]].
وروى البيهقيُّ، مِن حديثِ العلاءِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن أبيهِ، عن أبي هريرةَ، مرفوعًا، وقال: (فِي كُلِّ خَمْسَةِ أعْوامٍ) [[أخرجه البيهقي في «الكبرى» (٥ /٢٦٢).]].
ورُوِيَ عن العلاءِ بنِ المسيَّبِ، عن أبيهِ، عن أبي هريرةَ[[«السنن الكبرى» للبيهقي (٥ /٢٦٢).]].
وهو وهَمٌ، والصحيحُ: أنّه عن العلاءِ بنِ المسيَّبِ، واختُلِفَ عليه فيه:
تارَةً: عن أبيهِ، عن أبي سعيدٍ، أخرَجَهُ سعيدٌ، وابنُ حِبّانَ، والبيهقيُّ، والطبرانيُّ، مرفوعًا[[تقدم تخريجه.]]، وجاء هذا موقوفًا، أخرَجَهُ عبدُ الرزّاقِ[[أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (٨٨٢٦) (٥ /١٣).]].
وتارَةً: عن أبيهِ، عن أبي هريرةَ، ذكَرَه ابنُ أبي حاتمٍ في «عِلَلِهِ» موقوفًا ومرفوعًا[[ينظر: «علل ابن أبي حاتم» (٣ /٢٦٤)، و(٣ /٢٨٢).]].
وتارةً: عن يونُسَ بنِ خَبّابٍ، عن أبي سعيدٍ، أخرَجَهُ الدارقطنيُّ في «العللِ»، والبيهقيُّ، والخطيبُ البغداديُّ في «تاريخِ بغدادَ»[[«علل الدارقطني» (١١/٣١٠)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (٥/٢٦٢)، و«تاريخ بغداد» (٩/٢٦٣).]].
وروايةُ يونسَ تارَةً مرفوعًا، ومنهم مَن يَقِفُهُ[[ينظر: «علل ابن أبي حاتم» (٣/٢٨٣).]].
قال أبو حاتمٍ وأبو زُرْعَةَ في حديثِ أبي هريرةَ: «هذا عندَنا منكَرٌ مِن حديثِ العلاءِ بنِ عبدِ الرحمنِ، وهو مِن حديثِ العلاءِ بنِ المسيَّبِ أشْبَهُ»[[ينظر: «علل ابن أبي حاتم» (٣/٢٨٢).]].
وأنكَرَهُ البخاريُّ وابنُ عديٍّ[[ينظر: «التاريخ الكبير» (٤/٢٩٥)، و«الكامل في ضعفاء الرجال» (٥/١٢٣).]].
والذي يَرْوِيهِ عن العلاءِ بنِ عبدِ الرحمنِ: صدقةُ بنُ يزيدَ، وهو ضعيفٌ، تفرَّدَ به عن العلاءِ، عن أبيهِ، عن أبي هريرةَ[[«التاريخ الكبير» للبخاري (٤/٢٩٥)، و«الضعفاء الكبير» للعقيلي (٢/٢٠٦)، و«الضعفاء والمتروكون» للنسائي (١/٥٨)، و«الجرح والتعديل» (٤/٤٣١)، و«المجروحين» لابن حبان (١/٣٧٤)، و«الكامل في ضعفاء الرجال» (٥/١٢٢).]].
وقال أبو حاتمٍ: «والناسُ يضطرِبونَ في حديثِ العلاءِ بنِ المسيَّبِ»[[ينظر: «علل ابن أبي حاتم» (٣/٢٨٢).]].
ووصَفَهُ مَرَّةً بالاضطرابِ[[ينظر: «علل ابن أبي حاتم» (٣/٢٨٣).]].
ويميلُ أبو حاتمٍ إلى أنّ الأرجحَ فيه: مِن حديثِ العلاءِ بنِ المسيَّبِ، عن يونسَ بنِ خَبّابٍ، عن أبي سعيدٍ، وهو موقوف مرسل أشبهُ.
قال أبو حاتم فيه: «لم يسمعْ يونسُ من أبي سعيدٍ»[[المصدر السابق.]].
وأخرَجَهُ أبو يعلى، من طريقِ المسعوديِّ، عن يونسَ بنِ خَبّابٍ، عن رجلٍ، عن خَبّابِ بنِ الأَرَتِّ، مرفوعًا[[«جامع المسانيد والسنن» (٢/٦٢٥) (٢٨١٩).]].
ولا يصحُّ.
وأخرَجَهُ الخطيبُ في «المُوضِحِ»، مِن طريقِ قيسِ بنِ الربيعِ، عن عبّادِ بنِ أبي صالحٍ، عن أبيهِ، عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ ﷺ، وقال فيه: (فـي ثَـلاثِ سِـنِـينَ) [[«موضح أوهام الجمع والتفريق» (١/٢٥٥).]].
وهو منكَرٌ.
ورواهُ الطبرانيُّ وأبو يعلى، عن أبي الدرداءِ[[ينظر: «مجمع الزوائد ومنبع الفوائد» (٥٢٥٩) (٣/٢٠٦)، و«الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية» (ص٢٣).]].
ولا يصحُّ في تحديدِ أزمنةِ متابعةِ الحجِّ والعمرةِ شيءٌ، والنصوصُ جاءتْ باستحبابِ المتابعةِ بلا حدٍّ.
أمنُ المسجدِ الحرامِ وأنواعُهُ:
وقولُه: ﴿وأَمْنًا﴾: لمّا كان البيتُ آمِنًا بتحريمِ اللهِ له لإبراهيمَ، وكان سببًا لتحقُّقِ الأمنِ لِمَن لاذَ به ـ: سمّى اللهُ البيتَ أمْنًا، فكان الهارِبُ مِن ظُلْمِ ظالمٍ يلوذُ به وينجُو، فله هَيْبةٌ حتى في نفوسِ الظَّلَمةِ والجبابرةِ، يخافونَ مِن الظُّلْمِ فيه وسفكِ الدماءِ حولَهُ.
روى ابنُ أبي حاتمٍ، عن الربيعِ، عن أبي العاليةِ، قال: ﴿مَثابَةً لِلنّاسِ وأَمْنًا﴾: أمنًا مِن العدوِّ، وأنْ يُحمَلَ فيه السلاحُ[[«تفسير ابن أبي حاتم» (١/٢٢٥).]].
وهذا الأمنُ هو للظُّلْمِ فيه، وأمّا إقامةُ الحدودِ في الحَرَمِ على المُقترِفِ لجُرْمٍ، فهذا مَحَلُّ خلافٍ يأتي الكلامُ عليه عندَ قولِه تعالى: ﴿ولا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ المَسْجِدِ الحَرامِ حَتّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ﴾ [البقرة: ١٩١].
وهذا الأمنُ المذكورُ في الآيةِ مستلزِمٌ للمعنيَيْنِ الكونيِّ والشرعيِّ:
فالكونيُّ: يُظهِرُ أنّ للهِ سُنَّةً في حمايةِ بيتِهِ، وتهديدِ المتعدِّي عليه وعلى مَن فيه بالعذابِ الأليمِ، ويمكِّنُ اللهُ مَن يستبيحُهُ بقَدَرٍ أيضًا، كما في هَدْمِ ذي السُّوَيْقَتَيْنِ للكَعْبةِ[[أخرجه البخاري (١٥٩١) (٢/١٤٨)، ومسلم (٢٩٠٩) (٤/٢٢٣٢)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]]، وكما جعَلَ اللهُ ـ لِحِكْمةٍ بالغةٍ ـ مِن فِتْنةٍ، كحصارِ الحَجّاجِ لابنِ الزُّبَيْرِ والناسِ معه، وسَلْبِ القَرامِطَةِ للحَجَرِ وقتلِ الناسِ حينَما تولّى ذلك أبو طاهِرٍ سُليمانُ بنُ الحَسَنِ الجَنّابِيُّ، فللَّهِ مقدارٌ كونيٌّ مِن الأمنِ قدَّرَهُ، وهو غالبُ حالِها، فتظهَرُ مِنَّةُ اللهِ على الإنسانِ، ويقدِّرُ خلافَ ذلك لحكمةٍ بالغةٍ، كما يخلُقُ اللهُ الإنسانَ على أحسنِ تقويمٍ: ﴿لَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ فِي أحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: ٤]، وفيهم نادرًا مَن يُولَدُ معيبًا، فالصورةُ الغالبةُ والنادرةُ مِن قدَرِ اللهِ، وكلٌّ لِحِكْمةٍ.
وأمّا الشرعيُّ، فما حرَّمَ اللهُ في الحَرَمِ، مِن مقاتَلةِ المشرِكِينَ، وتنفيرِ الصيدِ، وقطعِ الشجرِ، ونحوِ ذلك المعنى.
وقولُه: ﴿واتَّخِذُوا مِن مَقامِ إبْراهِيمَ مُصَلّىً﴾: قرَأَه نافعٌ وابنُ عامرٍ بصيغةِ الماضي[[«التحرير والتنوير» (١/٧١٠).]]، أيِ: اتَّخَذَ الناسُ مقامَ إبراهيمَ مصلًّى بعدَما جعلْناهُ مَثابةً لهم وأَمْنًا، وهذا يدلُّ على أنّ الصلاةَ خلفَ المقامِ منذُ زمنِ إبراهيمَ، وهي مِن سننِ الحنيفيَّةِ السَّمْحَةِ مِن أوَّلِها، ولا تختصُّ بهذه الأمَّةِ.
والمرادُ بمقامِ إبراهيمَ: الحَجَرُ الذي كان يقفُ عليه عندَ البناءِ، قاله ابنُ عباسٍ.
وروى البخاريُّ ومسلمٌ، عن عُمَرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه، قال: «وافقتُ ربِّي في ثلاثٍ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، لو اتَّخَذْنا من مقامِ إبراهيمَ مصلًّى، فنزَلَتْ: ﴿واتَّخِذُوا مِن مَقامِ إبْراهِيمَ مُصَلّىً﴾»[[أخرجه البخاري (٤٠٢) (١/٨٩)، ومسلم (٢٣٩٩) (٤/١٨٦٥).]].
وهو المرادُ بهذه الآيةِ، وإلا فمقامُ إبراهيمَ يشملُ كلَّ مناسكِ الحجِّ.
روى ابنُ أبي حاتمٍ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، قال: سألتُ عطاءً عن: ﴿واتَّخِذُوا مِن مَقامِ إبْراهِيمَ مُصَلّىً﴾، فقال: سمعتُ ابنَ عباسٍ قال: أمّا مقامُ إبراهيمَ الذي ذُكِرَ ههنا، فمقامُ إبراهيمَ هذا الذي في المسجدِ، قال: ومقامُ إبراهيمَ الحجُّ كلُّه، ثمَّ فسَّرَهُ عطاءٌ، فقال: التعريفُ، وصلاتانِ بعَرَفةَ، والمَشْعَرُ، ومِنًى، ورميُ الجِمارِ، والطوافُ بينَ الصَّفا والمروةِ، فقلتُ: فسَّرَهُ ابنُ عباسٍ؟ قال: لا، ولكن قال: مقامُ إبراهيمَ الحجُّ كلُّه، قلتُ: أسَمِعْتَ ذلك لهذا أجْمَعَ؟ قال: نَعَمْ، سمعتُ منه[[«تفسير ابن أبي حاتم» (١/٢٢٦).]].
الصلاةُ خَلْفَ مقامِ إبراهيم:
ويُتَّخَذُ مقامُ إبراهيمَ موضعًا للصلاةِ على سبيلِ العمومِ، وآكَدُها ركعتا الطوافِ، كما ثبَتَ عن النبيِّ في «الصحيحينِ»، أنّه كان يُصلِّيهما بعدَ طوافِهِ[[أخرجه البخاري (٣٩٥) (١/٨٨)، ومسلم (١٢٣٤) (٢/٩٠٦)، من حديث ابن عمر رضي الله عنه.]]، وعلى هذا أصحابُهُ، وإنّما اختلَفُوا في صلاةِ ركعتَيِ الطوافِ في وقتِ النهيِ: هل تصلّى أو لا؟
وقال بعضُ العلماءِ: إنّ معنى قولِهِ: ﴿واتَّخِذُوا مِن مَقامِ إبْراهِيمَ مُصَلّىً﴾، أيْ: مَدْعًى، أيْ: مكانًا للدعاءِ، روى ابنُ أبي حاتمٍ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿واتَّخِذُوا مِن مَقامِ إبْراهِيمَ مُصَلّىً﴾، قال: مَدْعًى[[«تفسير ابن أبي حاتم» (١/٢٢٧).]].
وقولُه: ﴿وعَهِدْنا إلى إبْراهِيمَ وإسْماعِيلَ أنْ طَهِّرا بَيْتِي﴾: عَهِدَ اللهُ إلى إبراهيمَ وإسماعيلَ بتطهيرِ البيتِ مِن جميعِ النجاساتِ الحِسِّيَّةِ والمعنويَّةِ، مِن الشِّرْكِ قولًا وعملًا واعتقادًا أنْ يقعَ حولَهُ، ومِن الأقذارِ والأنجاسِ.
والعهدُ عدّاهُ هنا بـ«إلى»، ومعناهُ الوصيَّةُ، وإذا لم يُعَدَّ بـ«إلى»، فمعناهُ: عهدٌ مؤكَّدٌ بلزومِ وحتميَّةِ وقوعِه، وهو العهدُ القَدَرِيُّ، والعهدُ عهدانِ: عهدٌ قدريٌّ، كقولِه تعالى: ﴿لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ ﴾ [البقرة: ١٢٤]، وشرعيٌّ، وهو كما في هذه الآيةِ.
وفي هذه الآيةِ: دَلالةٌ على أنّ مَنعَ المشرِكِينَ مِن دخولِ المسجدِ الحرامِ وصيَّةُ اللهِ لإبراهيمَ وإسماعيلَ، وهذا رُوِيَ عن ابنِ عباسٍ، رواهُ ابنُ أبي حاتمٍ، عن ابنِ جُبَيْرٍ، عنه[[«تفسير ابن أبي حاتم» (١/٢٢٧).]].
قال تعالى: ﴿إنَّما المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هَذا﴾ [التوبة: ٢٨]، والنجاسةُ هنا نجاسةُ كُفْرٍ، وهي النجاسةُ المعنويَّةُ، والواجبُ فيها: التطهيرُ بالإيمانِ، أو بالإزالةِ وذلك بإخراجِ الكافرِ مِن هذا الموضعِ.
وفي الآيةِ: دَلالةٌ على أنّ هَيْبةَ المسلمينَ تكونُ باجتماعِهم بلا مُشْركٍ، خاصَّةً في مواضعِ العبادةِ.
المُكْثُ في المسجدِ، والنَّومُ فيه:
وقولُه: ﴿أنْ طَهِّرا بَيْتِي لِلطّائِفِينَ والعاكِفِينَ والرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾: العاكفُ هو الملازِمُ للشيءِ، أيِ: الماكِثُ الملازِمُ للبيتِ الحرامِ، سواءٌ كان مِن أهلِ مكةَ أو مِن غيرِ أهلِها، وسواءٌ كان مُكْثُهُ وطولُ بقائِهِ يصاحِبُهُ صلاةٌ أو طوافٌ، أو لا، ولو كان الماكثُ فيه نائمًا فهو مِن العاكِفِينَ فيه، إذا ظهَرَ مِن بقائِه قصدُ التعبُّدِ والقُرْبِ.
روى ابنُ أبي حاتمٍ، مِن حديثِ حَمّادِ بنِ سَلَمةَ، حدَّثنا ثابتٌ، قال: «قلتُ لعبدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ: ما أُراني إلا مُكلِّمَ الأميرِ أنْ يمنَعَ الذين ينامونَ في المسجدِ الحرامِ، فإنّهم يَجْنُبُونَ ويُحْدِثُونَ؟ قال: لا تَفْعَلْ، فإنّ ابنَ عمرَ سُئِلَ عنهم؟ فقال: هم العاكفون»[[«تفسير ابن أبي حاتم» (١/٢٢٩).]].
وروى عن عطاءٍ، عن ابنِ عبّاسٍ، قال: «إذا كان جالسًا، فهو مِن العاكفين»[[«تفسير ابن أبي حاتم» (١/٢٢٨).]].
ونحوُهُ عن عطاءٍ[[«تفسير الطبري» (٢/٥٣٥).]].
وأخرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ، قال: «مَن قعَدَ في المسجدِ وهو طاهرٌ، فهو عاكفٌ حتى يخرُجَ منه»[[«الدر المنثور» (١/٢٩٥).]].
التفاضُلُ بين الطواف والصلاةِ:
وفي الآيةِ قدَّمَ الطوافَ على الاعتكافِ والصلاةِ، لأنّ الطوافَ تحيةُ البيتِ، وهو يقومُ مقامَ الصلاةِ للداخلِ إليه، وبهذه الآيةِ استَدَلَّ بعضُ فقهاءِ الشافعيَّةِ على فضلِ الطوافِ على الصلاةِ[[«الحاوي الكبير» (٤/١٣٤).]].
ومِن السلفِ مَن قال: إنّ الطوافَ أفضَلُ للآفاقِيِّ خاصَّةً، يعني: الزائرَ المغترِبَ، وأمّا المكيُّ، فالصلاةُ في حقِّه أفضلُ، وبه قال ابنُ عباسٍ[[أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (١٥٠٤٢) (٣/٣٧١).]]، ومجاهِدٌ[[أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (١٥٠٤٤) (٣/٣٧٢).]]، وعطاءٌ، وسعيدُ بنُ جُبَيْرٍ[[أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (١٥٠٤١) (٣/٣٧١).]]، وغيرُهم.
روى عبدُ الرزّاقِ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، قال: كنتُ أسمعُ عطاءً يسألُهُ الغُرَباءُ: الطوافُ أفضلُ لنا أم الصلاةُ؟ فيقولُ: أمّا لكم، فالطوافُ أفضلُ، إنّكم لا تَقْدِرُونَ على الطوافِ بأرضِكم، وأنتم تَقْدِرُونَ هناك على الصلاةِ[[أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (٩٠٢٧) (٥/٧٠).]].
وهو وجيهٌ، وذلك أنّ الطوافَ لا يتحقَّقُ في كلِّ موضعٍ إلا في البيتِ، وهي خَصِيصةٌ له، ولمّا كان الآفاقيُّ لا يتحقَّقُ له الطوافُ إلا في البيتِ إذا وفَدَ إليه، فالطوافُ له أفضلُ، بخلافِ المكيِّ، فهو يُدرِكُ الصلاةَ والطوافَ على السواءِ في مسجدِ بلدِه، وهو المسجدُ الحرامُ، فبَقِيَتِ الصلاةُ أفضلَ، لفضلِ جنسِها، ولِما تشتمِلُ عليه من سجودٍ وركوعٍ ودعاءٍ وتسبيحٍ، وهذا تعظيمٌ وتذلُّلٌ لا يظهرُ في الطوافِ ظهورَهُ في الصلاةِ، ثمَّ إنّ الطوافَ ينوبُ عن الصلاةِ في تحيةِ البيتِ، والبدلُ يأتي بعدَ المُبْدَلِ منه، كالوضوءِ مع التيمُّمِ، والآفاقيُّ الأفضلُ له أنْ يطوفَ تحيَّةً للبيتِ، ولو صلّى ركعتَيْنِ، أجزَأَ عنه، والمكيُّ الأفضلُ له أنْ يصلِّيَ ركعتَيْنِ تحيةً للبيتِ، ولو طافَ، أجزَأَ عنه، ولا ينبَغي للمَكِّيِّ أنْ يُخْلِيَ نَفْسَهُ مِن تعاهُدِ البيتِ بالطوافِ، كما كان السلفُ مِن الصحابةِ والتابعينَ المكيِّينَ يَفْعَلون.
وإذا أطالَ الآفاقيُّ المقامَ عندَ البيتِ، فالصلاةُ له أفضلُ، ومِن السلفِ مَن حَدَّهُ بأربعينَ يومًا، كعطاءٍ والحسنِ، روى عبدُ الرزّاقِ، عن هشامٍ، عن الحسنِ وعطاءٍ، قالا: «إذا أقامَ الغريبُ بمَكَّةَ أربعينَ يومًا، كانتِ الصلاةُ أفضلَ له مِن الطوافِ»[[أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (٩٠٣٠) (٥/٧١).]].
أفضلُ أعمالِ الحَجِّ:
وقد استنبَطَ العِزُّ بنُ عبدِ السلامِ مِن حديثِ: «الطَّوافُ بِالبَيْتِ صَلاةٌ...»: أنّ الطوافَ أفضلُ أعمالِ الحجِّ، وذلك أنّ الصلاةَ أفضلُ مِن الحجِّ، لأنّ الصلاةَ الركنُ الثاني مِن أركانِ الإسلامِ[[ينظر: «فتح الباري» لابن حجر (٣/٤٨٢).]].
وهذا الإطلاقُ فيه نَظَرٌ، إلا إنْ كان يُرِيدُ طوافَ الإفاضةِ، وإلاَّ فالوقوفُ بعَرَفةَ أفضلُ مِن طوافِ القدومِ وطوافِ الوداعِ وطوافِ التطوُّعِ كلِّه، لأنّ (الحَجُّ عَرَفَةُ).
تنظيفُ المساجدِ وتطهيرها من النجس واللَّغْو:
وفي الآيةِ: دَلالةٌ على مشروعيَّةِ الاهتمامِ بالمساجدِ عمومًا تنظيفًا وتطييبًا، ولمّا توجَّهَ الخِطابُ إلى إبراهيمَ وابنِهِ إسماعيلَ، دلَّ على أنّ هذا مِن أعمالِ التشريفِ، وأنّ زُهْدَ الناسِ في ذلك مِن الجهلِ، والعنايةُ بها: تكونُ مِن الإنسانِ مباشرةً، أو قد يكونُ آمِرًا بها ومسؤولًا عنها يأمُرُ بتنظيفِها وتطيِيبِها.
وقد روى أبو داودَ والترمذيُّ، عن هشامِ بنِ عُرْوةَ، عن أبيهِ، عن عائشةَ، قالتْ: «أمَرَ رسولُ اللهِ ﷺ ببناءِ المساجدِ في الدُّورِ، وأنْ تنظَّفَ وتطيَّبَ»[[أخرجه أبو داود (٤٥٥) (١/١٢٤)، والترمذي (٥٩٤) (٢/٤٨٩).]].
وأخرَجَهُ الترمذيُّ مِن وجهٍ آخَرَ مرسلًا عن عُرْوةَ[[أخرجه الترمذي (٥٩٥) (٢/٤٩٠).]].
وهو الأشبهُ بالصوابِ.
وصوَّبَ الإرسالَ أحمدُ والدارقطنيُّ وابنُ رجبٍ[[«علل الدارقطني» (١٤/١٥٥)، و«فتح الباري» لابن رجب (٣/١٧٣).]].
وهكذا كان عملُ الخُلَفاءِ والمسلِمِينَ في الصدرِ الأولِ وما بعدَه، أخرَجَ ابنُ أبي شَيْبةَ وأبو يعلى، عن ابنِ عمرَ أنّ عمرَ: «كان يجمِّرُ المسجدَ في كلِّ جُمُعةٍ»[[«مصنف ابن أبي شيبة» (٧٤٤٥) (٢/١٤١)، و«مسند أبي يعلى» (١٩٠) (١/١٧٠).]].
ويُمنَعُ مِن دخولِها مَن ينقُلُ إليها الأذى والقَذَرَ، ويُؤمَرُ الناسُ بالتطهُّرِ والتجمُّلِ لها، فما أُمِرَ الناسُ بغُسْلِ الجمعةِ إلا لذلك، ومُنِعَتِ الحائضُ والجُنُبُ مِن المكثِ فيها، تعظيمًا لها.
وقولُه تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أذِنَ اللَّهُ أنْ تُرْفَعَ﴾ [النور: ٣٦]، والمرادُ أنْ تُنزَّهَ مِن الأذى والقَذَرِ والنَّجَسِ، المعنويِّ والحسيِّ.
ومِن رفعِها: أنْ تجنَّبَ اللغوَ وساقِطَ القولِ، وهذا رُوِيَ عن عِكْرِمةَ والضَّحّاكِ وغيرِهما[[«تفسير ابن أبي حاتم» (٨/٢٦٠٤).]].
ومِن اللغوِ: أنْ تُرفَعَ فيها الأصواتُ بلا ذِكْرٍ أو وعظٍ، ففي «صحيحِ البخاريِّ»، عن السائبِ بنِ يزيدَ الكِنْديِّ، قال: «كنتُ قائمًا في المسجدِ، فحَصَبَني رجلٌ، فنظَرْتُ، فإذا عمرُ بنُ الخطابِ، فقال: اذهَبْ فائْتِنِي بهذَيْنِ، فجِئتُهُ بهما، فقال: مَن أنتُما؟ أو مِن أين أنتُما؟ قالا: مِن أهلِ الطائفِ، قال: لو كنتُما مِن أهلِ البَلَدِ لَأَوْجَعْتُكما، ترفعانِ أصواتَكما في مسجدِ رسولِ اللهِ ﷺ؟!»[[«صحيح البخاري» (٤٧٠) (١/١٠١).]].
وقد كان عمرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه إذا رأى صِبْيانًا يَلْعَبُونَ في المسجدِ، ضرَبَهم بالمِخْفَقَةِ، وهي الدِّرَّةُ[[ينظر: «التاريخ الكبير» للبخاري (٤/٢٥١)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (٤/٣٤٠).]].
وكان عمرُ يفتِّشُ المسجدَ بعدَ العشاءِ، فلا يترُكُ فيه أحدًا[[«مسند الفاروق» لابن كثير (١/١٥٦).]].
{"ayah":"وَإِذۡ جَعَلۡنَا ٱلۡبَیۡتَ مَثَابَةࣰ لِّلنَّاسِ وَأَمۡنࣰا وَٱتَّخِذُوا۟ مِن مَّقَامِ إِبۡرَ ٰهِـۧمَ مُصَلࣰّىۖ وَعَهِدۡنَاۤ إِلَىٰۤ إِبۡرَ ٰهِـۧمَ وَإِسۡمَـٰعِیلَ أَن طَهِّرَا بَیۡتِیَ لِلطَّاۤىِٕفِینَ وَٱلۡعَـٰكِفِینَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق