الباحث القرآني

﴿فَإِذَا قَضَیۡتُم مَّنَـٰسِكَكُمۡ﴾ - تفسير

٧٠١٢- عن مجاهد بن جَبْر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: ﴿فَإذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ﴾، قال: إهراقه الدماء[[أخرجه ابن جرير ٣/٥٣٥، وابن أبي حاتم ٢/٣٥٥ (١٨٦٧). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]٧٣٦. (ز)

٧٣٦ فَسَّر ابنُ جرير (٣/٥٣٤) المناسك بالذَّبْحِ وبالحَجِّ، فقال: «يعني بقوله -جل ثناؤه-: ﴿فإذا قضيتم مناسككم﴾: فإذا فرغتم من حَجِّكم، فذبحتم نسائِكَكُم؛ فاذكروا الله. يُقال منه: نَسَكَ الرجلُ ينسك نسْكًا، ونُسُكًا، ونسيكة، ومنسكًا: إذا ذبح نُسُكَه. والمنسك: اسم مثل المشرق والمغرب. فأما النُّسُك في الدين فإنه يُقال منه ما كان الرجل ناسكًا، ولقد نسَك ونسُك نَسْكا ونِسْكا ونساكة، وذلك إذا تقرَّأ». واستشهد بقول مجاهد، ولم يذكر غيره. وذكر ابنُ عطية (١/٤٩١) قولَ مجاهد، ثم قال مُعَلِّقًا: «والمناسك عندي: العباداتُ في معالم الحج ومواضع النسك فيه، والمعنى: إذا فرغتم من حجكم الذي هو الوقوف بعرفة فاذكروا الله بمحامده، وأَثْنُوا عليه بآلائه عندكم».

٧٠١٣- عن عطاء بن أبي رباح -من طريق إبراهيم بن يزيد- ﴿فَإذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ﴾، قال: حجَّكم[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٥٥.]]. (٢/٤٤٤)

٧٠١٤- قال إسماعيل السدي: يعني: إذا فرغتم من مناسككم[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٢١١-.]]. (ز)

٧٠١٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فإذا قضيتم مناسككم﴾ بعد أيام التشريق[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٧٥.]]. (ز)

﴿فَٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَاۤءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرࣰاۗ﴾ - نزول الآية

٧٠١٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق مجاهد- قال: كان المشركون يجلسون في الحج، فيذكرون أيّام آبائهم وما يعدُّون من أنسابهم يومَهم أجمع؛ فأنزل الله على رسوله في الإسلام: ﴿فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا﴾[[أخرجه البيهقي في شعب الإيمان ٥/٣١٧-٣١٨ (٣٤٩١).]]. (٢/٤٤٥)

٧٠١٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- قال: كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم، يقول الرجل منهم: كان أبي يُطْعِم، ويَحْمِلُ الحَمالاتِ[[الحَمالات: جمع الحمالة، وهي ما يتحمله إنسان عن غيره من دية أو غرامة. النهاية (حمل).]]، ويحمل الدِّيات. ليس لهم ذِكْرٌ غيرُ فِعالِ آبائهم؛ فأنزل الله: ﴿فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا﴾[[أخرجه الضياء في المختارة ١٠/١١١-١١٢ (١٠٨)، وابن أبي حاتم ٢/٣٥٥-٣٥٦ (١٨٧٠). إسناده حسن.]]. (٢/٤٤٥)

٧٠١٨- عن عبد الله بن الزبير -من طريق محمد بن عبيد الله- قال: كانوا إذا فَرَغوا من حجِّهم تفاخروا بالآباء؛ فأنزل الله: ﴿فاذكروا الله كذكركم آباءكم﴾[[أخرجه الطبراني -كما في المجمع ٣/٢٤٩ (٥٥٣٥)-. وعلقه ابن أبي حاتم ٢/٣٥٦. قال الهيثمي في المجمع ٣/٢٥٠ (٥٥٣٥): «رواه الطبراني في الكبير، وفيه سعيد بن المرزبان، وقد وُثِّق، وفيه كلام كثير، وفيه غيره ممن لم أعرفه».]]. (٢/٤٤٥)

٧٠١٩- عن أنس بن مالك، قال: كانوا في الجاهلية يذكرون آباءهم، فيقول أحدهم: كان أبي يُطْعِم الطعام. ويقول الآخر: كان أبي يضرب بالسيف. ويقول الآخر: كان أبي يَجُزُّ النَّواصي. فنزلت: ﴿فاذكروا الله كذكركم آباءكم﴾[[أخرجه الفاكهي في أخبار مكة ٤/١١٩ (٢٤٧٧)، وابن جرير ٣/٥٣٥، من طريق إسحاق بن يوسف، عن القاسم بن عثمان، عن أنس به. في إسناده القاسم بن عثمان، وهو أبو العلاء البصري، قال البخاري عنه: «له أحاديث لا يتابع عليها». كما في المغني للذهبي ٢/٥٢٠.]]. (٢/٤٤٦)

٧٠٢٠- عن سعيد بن جبير وعكرمة مولى ابن عباس -من طريق خُصَيْف- قالا: كانوا يذكرون فِعْلَ آبائهم في الجاهلية إذا وقفوا بعرفة؛ فنزلت: ﴿فاذكروا الله كذكركم آباءكم﴾[[أخرجه ابن جرير ٣/٥٣٨. وعزاه السيوطي إلى وكيع.]]. (٢/٤٤٦)

٧٠٢١- عن مجاهد بن جَبْر -من طريق قيس- قال: كانوا إذا قَضَوْا مناسِكَهم وقفوا عند الجَمْرَة، فذكروا آباءهم، وذكروا أيّامهم في الجاهلية، وفِعال آبائِهم؛ فنزلت هذه الآية[[أخرجه ابن جرير ٣/٥٣٦. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٢/٤٤٥)

٧٠٢٢- قال الحسن البصري: كانت الأعراب إذا حَدَّثوا وتَكَلَّموا يقولون: وأبيك، إنّهم لَفَعَلُوا كذا وكذا. فأنزل الله تعالى هذه الآية[[علَّقه الواحدي في أسباب النزول (ت: الفحل) ص١٧٧.]]. (ز)

٧٠٢٣- عن الحسن البصري -من طريق يونس بن ميمون- قال: كان الناس في الجاهلية إذا أتَوا المُعرَّفَ قام الرجلُ فوق جبلٍ، فقال: أنا فلان بن فلان، فعلت كذا، وفعل أبي كذا، وفعل جَدِّي كذا. فأنزل الله ﷿: ﴿فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آبائكم أو أشد ذكرا﴾. يقول: كما كنتم تذكرون آباءكم في الجاهلية. فقال رسول الله ﷺ حين نزلت هذه الآية: «يا أيها الناس، إنّ الله قد رفع عنكم هذه النّخْوَةَ والتَّفاخُرَ في الآباء، فنحن ولد آدم، وخلق آدم من تراب». وقال الله ﷿: ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى﴾ إلى قوله: ﴿أتقاكم﴾ [الحجرات: ١٣][[أخرجه ابن إسحاق في السيرة ص٩٨ مرسلًا. إسناده ضعيف؛ يوسف بن ميمون قال عنه الذهبي في المغني ٢/٧٦٤: «ضعَّفه أحمد، وغيره». وتنظر ترجمته في: تهذيب الكمال للمزي ٣٢/٤٦٨. وقد تقدَّم أن أضعف المراسيل مراسيل الحسن؛ لأنه كان يأخذ عن كل أحد.]]. (ز)

٧٠٢٤- عن محمد بن السائب الكلبي -من طريق ابنه هشام- قال: ... كان كَرِبُ بن صفوان بن شحنة بن عُطارِد يأخذ بالطَّرِيق، فلا يُفِيض أحدٌ من عرفات حتى تغيب الشمس، وكان يلي ذلك منهم -يعني: الإجازة- كَرِبُ بن صفوان، وكانوا يقفون ولا يعرفون الوقوف بها، فيُقِيمون يَفْتَخِرُون بآبائهم، وبأفعالهم، ويسألون لدنياهم؛ فأنزل الله ﷿: ﴿فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا﴾ الآية ...[[أخرجه الفاكهي في أخبار مكة ٥/٢٠١-٢٠٢ (١٤٧)، وشحنة المذكور فيه بالحاء المهملة تسميه أكثر كتب التاريخ: شِجْنَة بالجيم.]]. (ز)

٧٠٢٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فاذكروا الله كذكركم آباءكم﴾، وذلك أنّهم كانوا إذا فرغوا من المناسك وقفوا بين مسجد مِنى وبين الجبل، يذكر كلُّ واحدٍ منهم أباه، ومحاسنه، ويذكر صنائعه في الجاهلية أنّه كان من أمره كذا وكذا، ويدعو له بالخير؛ فقال الله ﷿: ﴿فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٧٥.]]. (ز)

﴿فَٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَاۤءَكُمۡ﴾ - تفسير

٧٠٢٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- ﴿كذكركم آباءكم﴾، يقول: كما يذكر الأبناءُ الآباءَ[[أخرجه ابن جرير ٣/٥٣٩.]]. (٢/٤٤٦)

٧٠٢٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي الجَوْزاء- أنّه قيل له: قولُ الله: ﴿كذكركم آباءكم﴾، إنّ الرجلَ ليأتي عليه اليوم وما يذكرُ أباه. قال: إنّه ليس بذاك، ولكن يقول: تغضب لله إذا عُصِي أشدَّ من غضبك إذا ذُكِر والدُك بسوء[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٥٥. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٢/٤٤٧)

٧٠٢٨- قال ابن عبّاس: معناه: فاذكروا الله كذكر الصبيانِ الصغارِ الآباءَ، وهو قول الصبيِّ أوَّلَ ما يُفْصِح ويَفْقَهُ الكلامَ: أبَهْ أُمَّهْ. ثمّ يلهج بأبيه وأمه[[تفسير الثعلبي ٢/١١٤، وتفسير البغوي ١/٢٣١.]]. (ز)

٧٠٢٩- عن أبي وائل [شَقِيق بن سلمة] -من طريق عاصم- قال: كان أهل الجاهلية إذا فرَغوا من الحج قاموا عند البيت، فيذكرون آباءَهم وأيّامهم: كان أبي يُطعم الطعام، وكان أبي يفعل. فذلك قوله: ﴿فاذكروا الله كذكركم آباءكم﴾[[أخرجه ابن جرير ٣/٥٣٦. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٢/٣٥٦ (عقب ١٨٧٠).]]. (ز)

٧٠٣٠- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: ﴿فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم﴾، قال: تفاخَرَتِ العربُ بينها بفِعال آبائها يومَ النحر حين يفرُغون؛ فأُمِرُوا بذكر الله مكان ذلك[[أخرجه ابن جرير ٣/٥٣٧. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. كما أخرجه ابن جرير ٣/٥٣٨ من طريق ابن كثير.]]. (ز)

٧٠٣١- عن الضَّحّاك بن مُزاحِم -من طريق جويبر، وعبيد- ﴿فاذكروا الله كذكركم آباءكم﴾، يعني بالذِّكْر: ذكرَ الأبناءِ الآباءَ[[أخرجه ابن جرير ٣/٥٣٨-٥٣٩.]]. (ز)

٧٠٣٢- عن أبي سعيد ابن مسلم، قال: سألتُ عكرمة عن قول الله: ﴿فاذكروا الله كذكركم آباءكم﴾: أهو ذِكْرِي أبي؟ قال: لا، ولكن ذِكْر أبيك إيّاك؛ إنّ الوالد مُوكل بالولد[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٥٦ (١٨٧٢).]]. (ز)

٧٠٣٣- عن الضحاك بن مُزاحِم، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ٢/٣٥٦ (عَقِب ١٨٧٢).]]. (ز)

٧٠٣٤- عن عطاء، قال: كان أهل الجاهلية إذا نزلوا مِنى تفاخروا بآبائهم ومجالسهم؛ فقال هذا: فَعَل أبي كذا وكذا. وقال هذا: فَعَل أبي كذا وكذا. فذلك قوله: ﴿فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا﴾[[عزاه السيوطي إلى وكيع، وعبد بن حميد.]]. (٢/٤٤٦)

٧٠٣٥- عن عطاء بن أبي رباح -من طريق عبد الملك- في قوله: ﴿فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا﴾، قال: هو قول الصبيِّ أوَّلَ ما يُفْصِح في الكلام: أبَهْ أُمَّهْ[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٥٦، كما أخرج ابن جرير ٣/٥٣٨ نحوه من طريق عثمان بن أبي رواد.]]. (٢/٤٤٦)

٧٠٣٦- عن قتادة بن دِعامة -من طريق مَعْمَر- ﴿فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا﴾، قال: كان أهل الجاهلية إذا قَضَوْا مناسكهم بمنًى قعدوا حِلَقًا، فذكروا صنيعَ آبائهم في الجاهلية، وفِعالَهم به، يخطب خطيبُهم، ويُحدِّث مُحَدِّثهم؛ فأمر الله ﷿ المسلمين أن يذكروا الله كذكر أهل الجاهلية آباءَهم، أو أشد ذِكْرًا[[أخرجه عبد الرزاق ١/٧٩، وابن جرير ٣/٥٣٧. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٢/٣٥٦ (عقب ١٨٧٠). وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٢١١-.]]. (ز)

٧٠٣٧- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- ﴿فإذا قَضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا﴾، قال: كانت العربُ إذا قَضَت مناسكها، وأقاموا بمنًى؛ يقومُ الرجلُ، فيسألُ الله، ويقول: اللهم، إنّ أبي كان عظيم الجَفْنَة، عظيم القُبَّةِ، كثير المال، فأعطني مثل ما أعطيتَ أبي. ليس يذكر اللهَ، إنّما يذكر آباءه، ويسأل أن يُعطى في الدنيا[[أخرجه ابن جرير ٣/٥٣٩، وابن أبي حاتم ٢/٣٥٦ (عقب ١٨٧٠).]]. (ز)

٧٠٣٨- عن الحسن البصري= (ز)

٧٠٣٩- ومحمد بن كعب القُرَظِيّ= (ز)

٧٠٤٠- وعطاء الخراساني، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ٢/٣٥٦ (عقب ١٨٧٠). وينظر: تفسير الثعلبي ٢/١١٤.]]. (ز)

٧٠٤١- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- قوله: ﴿فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا﴾، يقول: كذِكْرِ الأبناءِ الآباءَ، أو أشدَّ ذكرًا[[أخرجه ابن جرير ٣/٥٣٩، وابن أبي حاتم ٢/٣٥٦ (عقب ١٨٧٠).]]. (ز)

٧٠٤٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله﴾ كذِكْرِ الأبناءِ الآباءَ؛ فإنِّي أنا فعلتُ ذلك الخير إلى آبائكم الذين تُثْنُون عليهم[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٧٦.]]. (ز)

﴿أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرࣰاۗ﴾ - تفسير

٧٠٤٣- عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف- قوله: ﴿فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا﴾؛ فإنِّي [أنا] فعلتُ الخير بكم وبآبائكم. ثم أمرهم أن يكونوا لله أشدَّ ذكرًا من آبائهم[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٥٦ (١٨٧٣).]]٧٣٧. (ز)

٧٣٧ ظاهر صنيع ابن جرير (٣/٥٤٠-٥٤١) جمعه بين الأقوال الواردة في ذكر الله كذكر الآباء؛ فقد رَجَّح أنّ الذكر بإطلاقٍ هو العبادة لله والخضوع لأمره، لكنه في هذا الموطن مراد به التكبير؛ لدلالة العقل والسياق، فقال: «وذلك الذِّكْرُ جائزٌ أن يكون هو التكبير الذي أمر به -جل ثناؤه- بقوله: ﴿واذكروا الله في أيام معدودات﴾ [البقرة:٢٠٣]، الذي أوْجَبَه على من قضى نُسُكه بعد قضائِه نُسُكَه، فألزمه حينئذ من ذِكْرِه ما لم يكن له لازمًا قبل ذلك، وحثَّ على المحافظة عليه محافظة الأبناء على ذكر الآباء في الإكثار منه؛ بالاستكانة له، والتضرع إليه بالرغبة منهم إليه في حوائجهم كتضرع الولد لوالديه، والصبي لأمه وأبيه، أو أشد من ذلك؛ إذ كان ما كان بهم وبآبائهم من نعمة فمِنه، وهو وليُّه. وإنما قلنا: الذِّكْرُ هنا هو التكبير مِن أجل أنّه لا ذكر لله أمَرَ العبادَ به بعد قضاء مناسكهم لم يكن عليهم مِن فرضه قبل قضائهم مناسكهم، سوى التكبير الذي خصَّ الله به أيام منى. فإذ كان ذلك كذلك، وكان معلومًا أنه -جل ثناؤه- قد أوْجَب على خلقه بعد قضائهم مناسكهم من ذكره ما لم يكن واجبًا عليهم قبل ذلك، وكان لا شيء من ذكره خصَّ به ذلك الوقت سوى التكبير الذي ذكرناه؛ كانت بينة صحة ما قلنا من تأويل ذلك على ما وصفنا».

٧٠٤٤- قال مقاتل بن سليمان: ثم قال سبحانه: ﴿أو أشد﴾ يعني: أكثر ﴿ذكرا﴾ لله منكم لآبائكم[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٧٥.]]. (ز)

٧٠٤٥- قال يحيى بن سلّام: ﴿أو أشدّ ذكرًا﴾، يعني: بل أشدَّ ذِكْرًا[[تفسير ابن أبي زمنين ١/٢١١.]]. (ز)

﴿فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَقُولُ رَبَّنَاۤ ءَاتِنَا فِی ٱلدُّنۡیَا وَمَا لَهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنۡ خَلَـٰقࣲ ۝٢٠٠﴾ الآيات - نزول الآيات

٧٠٤٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- قال: كان قومٌ من الأعراب يجيئون إلى الموقف، فيقولون: اللهمَّ، اجعله عام غَيْثٍ، وعام خِصْب، وعام وِلادٍ حَسَن. لا يَذْكرون من أمر الآخرة شيئًا؛ فأنزل فيهم: ﴿فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق﴾. ويجيءُ بعدهم آخرون من المؤمنين، فيقولون: ﴿ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار﴾. فأنزل الله فيهم: ﴿أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب﴾[[أخرجه الضياء في المختارة ١٠/١١٢ (١٠٩)، وابن أبي حاتم ٢/٣٥٧ (١٨٧٤، ١٨٧٦). إسناده حسن.]]. (٢/٤٤٧)

٧٠٤٧- عن عبد الله بن الزبير، قال: كان الناسُ في الجاهلية إذا وقفوا عند المشعر الحرام دَعَوْا؛ فقال أحدُهم: اللهم ارزقني إبِلًا. وقال الآخر: اللهم ارزقني غَنَمًا. فأنزل الله: ﴿فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا﴾ إلى قوله: ﴿سريع الحساب﴾[[أخرجه الطبراني في الدعاء ص٢٧٥ (٨٧٩). قال ابن حجر في العُجاب ١/٥١٦ (١١٧): «أخرج الطبراني في الدعاء من طريق أبي سعد البقال أحد الضعفاء».]]. (٢/٤٤٧)

٧٠٤٨- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- قال: كانوا يقولون: ربَّنا آتِنا رِزْقًا ونصرًا. ولا يَسْأَلون لآخرتهم شيئًا؛ فنزلت[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. وأخرجه ابن جرير ٣/٥٤٢ بنحوه.]]. (٢/٤٤٨)

٧٠٤٩- قال مقاتل بن سليمان: ... وكانوا إذا قَضَوْا مناسكَهم قالوا: اللَّهُمَّ، أكْثِرْ أموالَنا، وأبناءَنا، ومواشيَنا، وأَطِلْ بقاءَنا، وأنزل علينا الغَيْثَ، وأَنبِت لنا المَرْعى، واصْحبنا في سفرنا، وأعطنا الظَّفَر على عدوِّنا. ولا يسألون ربهم عن أمر آخرتهم شيئًا؛ فأنزل الله تعالى فيهم: ﴿فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٧٦.]]. (ز)

﴿فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَقُولُ رَبَّنَاۤ ءَاتِنَا فِی ٱلدُّنۡیَا وَمَا لَهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنۡ خَلَـٰقࣲ ۝٢٠٠﴾ - تفسير

٧٠٥٠- عن أنس بن مالك -من طريق القاسم بن عثمان- في قوله: ﴿فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا﴾، قال: كانوا يطوفون بالبيت عُراة، فيَدْعُون: اللَّهُمَّ، اسْقِنا المطر، وأَعْطِنا على عدوِّنا الظَّفَر، ورُدَّنا صالحين إلى صالحين[[أخرجه ابن جرير ٣/٥٤٢.]]. (٢/٤٤٨)

٧٠٥١- عن أبي وائل [شَقِيق بن سلمة] -من طريق عاصم- ﴿فَمِنَ النّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا﴾: هَبْ لنا غنمًا، هب لنا إبلًا، ﴿وما لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن خَلاقٍ﴾[[أخرجه ابن جرير ٣/٥٤١. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٢/٣٥٧ (عقب ١٨٧٤).]]. (ز)

٧٠٥٢- عن قتادة بن دِعامة -من طريق شَيْبان- قوله: ﴿فَمِنَ النّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وما لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن خَلاقٍ﴾، قال: هذا عبدٌ نَوى الدنيا، لها أنفق، ولها شَخَص، ولها عَمِل، ولها نَصَب، فيها هَمُّه، ونِيَّتُهُ، وسَدَمُه، وطُلْبَتُه[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٥٧ (١٨٧٥)، ٢/٣٥٨ (١٨٨٣)، وأبو نعيم في حلية الأولياء ٢/٣٣٦، وزاد في آخره: وقد علم الله تعالى أنّه سيَزِلُّ زالُّون من الناس، فتَقَدَّم في ذلك، وأَوْعَدَ فيه؛ لكي تكون الحجة لله على خلقه. وأخرجه ابن جرير ٣/٥٤٣ مختصرًا من طريق سعيد.]]. (ز)

٧٠٥٣- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- في قوله: ﴿فمن الناس من يقول رَبنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق﴾، قال: كانت العرب إذا قضت مناسكها، وأقامت بمنى؛ لا يذكر اللهَ الرجلُ منهم، وإنما يذكر أباه، ويسأل أن يُعطَي في الدنيا[[أخرجه ابن جرير ٣/٥٤٣، وابن أبي حاتم ٢/٣٥٧ (عقب ١٨٧٤).]]. (ز)

٧٠٥٤- عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف-، نحوه[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٥٧ (عقب ١٨٧٤).]]. (ز)

٧٠٥٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فمن الناس من يقول ربنا آتنا﴾ يعني: أعْطِنا ﴿في الدنيا﴾ يعني: هذا الذي ذكر. فقال سبحانه: ﴿وما له في الآخرة من خلاق﴾ يعني: من نصيب. نظيرها في براءة [٦٩]: ﴿فاستمتعوا بخلاقهم﴾ يعني: بنصيبهم. فهؤلاء مشركو العرب، فلمّا أسلموا وحجوا دَعَوْا ربَّهم؛ فقال سبحانه: ﴿ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٧٦.]]. (ز)

٧٠٥٦- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- قال: كانوا أصنافًا ثلاثةً في تلك المواطن يومئذ؛ رسول الله ﷺ والمؤمنون، وأهل الكفر، وأهل النفاق، ﴿فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق﴾ إنما حجُّوا للدنيا والمسألة، لا يريدون الآخرة ولا يؤمنون بها، ﴿ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار﴾، والصنف الثالث ﴿ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا﴾ [البقرة:٢٠٤][[أخرجه ابن جرير ٣/٥٤٣.]]. (٢/٤٥١)

    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب