﴿فَإذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ﴾؛ عِباداتِكُمُ المُتَعَلِّقَةَ بِالحَجِّ؛ وفَرَغْتُمْ مِنها؛ ﴿فاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكم آباءَكُمْ﴾؛ أيْ: فَأكْثِرُوا ذِكْرَهُ (تَعالى)؛ وبالِغُوا في ذَلِكَ؛ كَما تَفْعَلُونَ بِذِكْرِ آبائِكُمْ؛ ومَفاخِرِهِمْ؛ وأيّامِهِمْ؛ وكانَتِ العَرَبُ إذا قَضَوْا مَناسِكَهم وقَفُوا بِمِنًى؛ بَيْنَ المَسْجِدِ؛ والجَبَلِ؛ فَيَذْكُرُونَ مَفاخِرَ آبائِهِمْ؛ ومَحاسِنَ أيّامِهِمْ؛ ﴿أوْ أشَدَّ ذِكْرًا﴾: إمّا مَجْرُورٌ؛ مَعْطُوفٌ عَلى الذِّكْرِ؛ بِجَعْلِهِ ذاكِرًا؛ عَلى المَجازِ؛ والمَعْنى: فاذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كائِنًا مِثْلَ ذِكْرِكم آباءَكُمْ؛ أوْ كَذِكْرٍ أشَدَّ مِنهُ؛ وأبْلَغَ؛ أوْ عَلى ما أُضِيفَ إلَيْهِ؛ بِمَعْنى: أوْ كَذِكْرِ قَوْمٍ أشَدَّ مِنكم ذِكْرًا؛ أوْ مَنصُوبٌ بِالعَطْفِ عَلى "آباءَكُمْ"؛ و"ذِكْرًا" مِن فِعْلِ المَذْكُورِ؛ بِمَعْنى: أوْ كَذِكْرِكم أشَدَّ مَذْكُورٍ مِن آبائِكُمْ؛ أوْ بِمُضْمَرٍ دَلَّ عَلَيْهِ المَعْنى؛ تَقْدِيرُهُ: أوْ كُونُوا أشَدَّ ذِكْرًا لِلَّهِ مِنكم لِآبائِكُمْ؛ ﴿فَمِنَ النّاسِ﴾: تَفْصِيلٌ لِلذّاكِرِينَ إلى مَن لا يَطْلُبُ بِذِكْرِ اللَّهِ (تَعالى) إلّا الدُّنْيا؛ وإلى مَن يَطْلُبُ بِهِ خَيْرَ الدّارَيْنِ؛ والمُرادُ بِهِ الحَثُّ عَلى الإكْثارِ؛ والِانْتِظامِ في سِلْكِ الآخَرِينَ؛ ﴿مَن يَقُولُ﴾؛ أيْ: في ذِكْرِهِ؛ ﴿رَبَّنا آتِنا في الدُّنْيا﴾؛ أيْ: اجْعَلْ إيتاءَنا ومِنحَتَنا في الدُّنْيا خاصَّةً؛ ﴿وَما لَهُ في الآخِرَةِ مِن خَلاقٍ﴾؛ أيْ: مِن حَظٍّ ونَصِيبٍ؛ لِاقْتِصارِ هَمِّهِ عَلى الدُّنْيا؛ فَهو بَيانٌ لِحالِهِ في الآخِرَةِ؛ أوْ: مِن طَلَبِ خَلاقٍ؛ فَهو بَيانٌ لِحالِهِ في الدُّنْيا؛ وتَأْكِيدٌ لِقَصْرِ دُعائِهِ عَلى المَطالِبِ الدُّنْيَوِيَّةِ.
{"ayah":"فَإِذَا قَضَیۡتُم مَّنَـٰسِكَكُمۡ فَٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَاۤءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرࣰاۗ فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَقُولُ رَبَّنَاۤ ءَاتِنَا فِی ٱلدُّنۡیَا وَمَا لَهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنۡ خَلَـٰقࣲ"}