قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكم فاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكم آباءَكم أوْ أشَدَّ ذِكْرًا﴾:
قَضاءُ المَناسِكِ أداؤُها عَلى التَّمامِ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَإذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فاذْكُرُوا اللَّهَ قِيامًا وقُعُودًا﴾ [النساء: ١٠٣] .
وقالَ ﷺ: «فَما أدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وما فاتَكم فاقْضُوا»
يَعْنِي: فافْعَلُوا عَلى تَمامٍ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكم آباءَكُمْ﴾: فِيهِ مَعْنَيانِ مُحْتَمِلانِ:
أحَدُهُما: الأذْكارُ المُفْعُولَةُ في خِلالِ المَناسِكِ كَقَوْلِهِ: ﴿إذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق: ١] .
وهُوَ مَأْمُورٌ بِهِ قَبْلَ الطَّلاقِ عَلى مَجْرى قَوْلِهِمْ: إذا حَجَجْتَ فَطُفْ بِالبَيْتِ، وإذا صَلَّيْتَ فَتَوَضَّأْ، وإذا أحْرَمْتَ فاغْتَسِلْ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكم فاذْكُرُوا اللَّهَ﴾، (p-١٢٠)يَجُوزُ أنْ يُرِيدَ بِهِ الأذْكارَ المَسْنُونَةَ بِعَرَفاتٍ والمُزْدَلِفَةِ، وعِنْدَ الرَّمْيِ والطَّوافِ، وقَدْ قِيلَ فِيهِ: إنَّ أهْلَ الجاهِلِيَّةِ، كانُوا يَقِفُونَ عِنْدَ قَضاءِ المَناسِكِ، ذاكِرِينَ مَآثِرَهم ومَفاخِرَهُمْ، فَأبْدَلَهُمُ اللَّهُ تَعالى ذَلِكَ بِذِكْرِهِ والثَّناءِ عَلَيْهِ، وقالَ ﷺ:
«”إنَّ اللَّهَ قَدْ أذْهَبَ عَنْكم نَخْوَةَ الجاهِلِيَّةِ وتَعْظِيمَها لِلْآباءِ، النّاسُ مِن آدَمَ وآدَمُ مِن تُرابٍ، لا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلى أعْجَمِيٍّ إلّا بِالتَّقْوى“،» ثُمَّ تَلا: ﴿يا أيُّها النّاسُ إنّا خَلَقْناكم مِن ذَكَرٍ وأُنْثى﴾ [الحجرات: ١٣] إلى قَوْلِهِ: ﴿عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: ١٣] .
{"ayah":"فَإِذَا قَضَیۡتُم مَّنَـٰسِكَكُمۡ فَٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَاۤءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرࣰاۗ فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَقُولُ رَبَّنَاۤ ءَاتِنَا فِی ٱلدُّنۡیَا وَمَا لَهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنۡ خَلَـٰقࣲ"}