﴿فَإذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ﴾ فَإذا فَرَغْتُمْ مِن عِباداتِكُمُ الَّتِي أُمِرْتُمْ (p-١٧٢)بِها في الحَجِّ، ونَفَرْتُمْ ﴿فاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكم آباءَكُمْ﴾ أيْ: فاذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا مِثْلَ ذَكَرِكم آباءَكُمْ، والمَعْنى: فَأكْثِرُوا مِن ذِكْرِ اللهِ، وبالِغُوا فِيهِ، كَما تَفْعَلُونَ فى ذِكْرِ آبائِكُمْ، ومَفاخِرِهِمْ، وأيّامِهِمْ. وكانُوا إذا قَضَوْا مَناسِكَهم وقَفُوا بَيْنَ المَسْجِدِ بِمِنًى وبَيْنَ الجَبَلِ فَيُعَدِّدُونَ فَضائِلَ آبائِهِمْ، ويَذْكُرُونَ مَحاسِنَ أيّامِهِمْ.
﴿أوْ أشَدَّ ذِكْرًا﴾ أيْ: أكْثَرَ. وهو في مَوْضِعِ جَرٍّ عَطْفٌ عَلى [ما أُضِيفَ إلَيْهِ] الذِكْرُ في قَوْلِهِ: ﴿كَذِكْرِكُمْ﴾ كَما تَقُولُ: كَذِكْرِ قُرَيْشٍ آباءَهُمْ، أوْ قَوْمٍ أشَدَّ مِنهم ذِكْرًا. و ﴿ذِكْرًا﴾ تَمْيِيزٌ.
﴿فَمِنَ الناسِ مَن يَقُولُ﴾ فَمِنَ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ الحَجَّ مَن يَسْألُ اللهَ حُظُوظَ الدُنْيا فَيَقُولُ: ﴿رَبَّنا آتِنا في الدُنْيا﴾ اجْعَلْ إتْيانَنا، أيْ: إعْطاءَنا في الدُنْيا خاصَّةً، يَعْنِي: الجاهَ والغِنى.
﴿وَما لَهُ في الآخِرَةِ مِن خَلاقٍ﴾ نَصِيبٍ، لِأنَّ هَمَّهُ مَقْصُورٌ عَلى الدُنْيا لِكُفْرِهِ بِالآخِرَةِ. والمَعْنى: أكْثَرُوا ذِكْرَ اللهِ ودُعاءَهُ، لِأنَّ الناسَ مِن بَيْنِ مُقِلٍّ لا يَطْلُبُ بِذِكْرِ اللهِ إلّا أغْراضَ الدُنْيا، ومُكْثِرٍ يَطْلُبُ خَيْرَ الدارَيْنِ، فَكُونُوا مِنَ المُكْثِرِينَ، أيْ: مِنَ الَّذِينَ قِيلَ فِيهِمْ:
{"ayah":"فَإِذَا قَضَیۡتُم مَّنَـٰسِكَكُمۡ فَٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَاۤءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرࣰاۗ فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَقُولُ رَبَّنَاۤ ءَاتِنَا فِی ٱلدُّنۡیَا وَمَا لَهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنۡ خَلَـٰقࣲ"}