الباحث القرآني
(p-٥٠١)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[٢٠٠] ﴿فَإذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكم فاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكم آباءَكم أوْ أشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنا آتِنا في الدُّنْيا وما لَهُ في الآخِرَةِ مِن خَلاقٍ﴾ .
﴿فَإذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ﴾ أيْ: فَرَغْتُمْ مِن أعْمالِ الحَجِّ ونَفَرْتُمْ: ﴿فاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكم آباءَكم أوْ أشَدَّ ذِكْرًا﴾ أيْ: فَأكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ، وابْذُلُوا جُهْدَكم في الثَّناءِ عَلَيْهِ، وشَرْحِ آلائِهِ ونَعْمائِهِ، كَما تَفْعَلُونَ في ذِكْرِ آبائِكم ومَفاخِرِهِمْ وأيّامِهِمْ بَعْدَ قَضاءِ مَناسِكِكم. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ يَقِفُونَ في المَوْسِمِ فَيَقُولُ الرَّجُلُ مِنهُمْ: كانَ أبِي يُطْعِمُ ويَحْمِلُ الحِمالاتِ ويَحْمِلُ الدِّياتِ..! لَيْسَ لَهم ذِكْرٌ غَيْرُ فِعالِ آبائِهِمْ، فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ. وفِيها إشْعارٌ بِتَحْوِيلِ القَوْمِ عَمّا اعْتادُوهُ، وحَثٌّ عَلى إفْرادِ ذِكْرِهِ جَلَّ شَأْنُهُ.
ثُمَّ أرْشَدَ تَعالى إلى دُعائِهِ - بَعْدَ كَثْرَةِ ذِكْرِهِ - فَإنَّهُ مَظِنَّةُ الإجابَةِ، وذَمَّ مَن لا يَسْألُهُ إلّا في أمْرِ دُنْياهُ وهو مُعْرِضٌ عَلى أُخْراهُ، فَقالَ: ﴿فَمِنَ النّاسِ﴾ أيِ: الَّذِينَ نَسُوا قَدْرَ الآخِرَةِ وكانَتِ الدُّنْيا أكْبَرَ هَمِّهِمْ: ﴿مَن يَقُولُ﴾ أيْ: في ذِكْرِهِ: ﴿رَبَّنا آتِنا﴾ أيْ: مَرْغُوباتِنا: ﴿فِي الدُّنْيا﴾ لا نَطْلُبُ غَيْرَها: ﴿وما لَهُ في الآخِرَةِ مِن خَلاقٍ﴾ أيْ: نَصِيبٌ وحَظٌّ لِأنَّهُ اسْتَوْفى نَصِيبَهُ في الدُّنْيا بِتَخْصِيصِ دُعائِهِ بِهِ. فالجُمْلَةُ إخْبارٌ مِنهُ تَعالى بِبَيانِ حالِهِ في الآخِرَةِ؛ أوِ المَعْنى: ما لَهُ في الآخِرَةِ مِن طَلَبِ خَلاقٍ. فَهو بَيانٌ لِحالِهِ في الدُّنْيا، وتَصْرِيحٌ بِما عُلِمَ ضِمْنًا مِن قَوْلِهِ: ﴿آتِنا في الدُّنْيا﴾ أوْ تَأْكِيدٌ لِكَوْنِ هَمِّهِ مَقْصُورًا عَلى الدُّنْيا. وقَوْلُهُ: ﴿فِي الآخِرَةِ﴾ حِينَئِذٍ مُتَعَلِّقٌ بِـ: ﴿خَلاقٍ﴾ حالٌ مِنهُ، وتَضَمَّنَ هَذا الذَّمَّ والتَّنْفِيرَ عَنِ التَّشَبُّهِ بِمَن هو كَذَلِكَ.
قالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: كانَ قَوْمٌ مِنَ الأعْرابِ يَجِيئُونَ إلى المَوْقِفِ فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ! اجْعَلْهُ عامَ غَيْثٍ وعامَ خِصْبٍ وعامَ وِلادٍ حَسَنٍ..! لا يَذْكُرُونَ مِن أمْرِ الآخِرَةِ شَيْئًا. فَنَزَلَ فِيهِمْ ذَلِكَ.
(p-٥٠٢)وهَؤُلاءِ الَّذِينَ حَكى اللَّهُ عَنْهم - أنَّهم يَقْتَصِرُونَ في الدُّعاءِ عَلى طَلَبِ الدُّنْيا - قالَ قَوْمٌ: هم مُشْرِكُو العَرَبِ. وكَوْنُهم لا خَلاقَ لَهم في الآخِرَةِ ظاهِرٌ؛ إذْ لا نَصِيبَ لَهم فِيها مِن كَرامَةٍ ونَعِيمٍ وثَوابٍ. وقالَ قَوْمٌ: هَؤُلاءِ قَدْ يَكُونُونَ مُؤْمِنِينَ ولَكِنَّهم يَسْألُونَ اللَّهَ لِدُنْياهم لا لِأُخْراهُمْ، ويَكُونُ سُؤالُهم هَذا مِن جُمْلَةِ الذُّنُوبِ، حَيْثُ سَألُوا اللَّهَ تَعالى - في أعْظَمِ المَواقِفِ وأشْرَفِ المَشاهِدِ - حُطامَ الدُّنْيا وعَرَضَها الفانِيَ، مُعْرِضِينَ عَنْ سُؤالِ النَّعِيمِ الدّائِمِ في الآخِرَةِ..! ومَعْنى كَوْنِهِمْ لا خَلاقَ لَهم في الآخِرَةِ، أيْ: إلّا أنْ يَتُوبُوا، أوْ إلّا أنْ يَعْفُوَ اللَّهُ عَنْهُ، أوْ لا خَلاقَ لَهُ في الآخِرَةِ، كَخَلاقِ مَن سَألَ المَوْلى لِآخِرَتِهِ، واللَّهُ أعْلَمُ. كَذا يُسْتَفادُ مِنَ الرّازِيِّ.
{"ayah":"فَإِذَا قَضَیۡتُم مَّنَـٰسِكَكُمۡ فَٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَاۤءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرࣰاۗ فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَقُولُ رَبَّنَاۤ ءَاتِنَا فِی ٱلدُّنۡیَا وَمَا لَهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنۡ خَلَـٰقࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











