وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿فَإذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ﴾، (p-٢٧٤)أيْ: مُتَعَبَّداتِكُمُ الَّتِي أُمِرْتُمْ بِها في الحَجِّ، ﴿فاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكم آباءَكُمْ﴾، وكانَتِ العَرَبُ إذا قَضَتْ مَناسِكَها وقَفَتْ بَيْنَ المَسْجِدِ بِمِنًى، وبَيْنَ الجَبَلِ، فَتُعَدِّدُ فَضائِلَ آبائِها، وتَذْكُرُ مَحاسِنَ أيّامِها، فَأمَرَهُمُ اللَّهُ أنْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ الذِّكْرَ لَهُ، وأنْ يَزِيدُوا عَلى ذَلِكَ الذِّكْرِ، فَيَذْكُرُوا اللَّهَ بِتَوْحِيدِهِ، وتَعْدِيدِ نِعَمِهِ، لِأنَّهُ إنْ كانَتْ لِآبائِهِمْ نِعَمٌ فَهي مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ -، وهو المَشْكُورُ عَلَيْها.
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿أوْ أشَدَّ ذِكْرًا﴾، ”أشَدَّ“، في مَوْضِعِ خَفْضٍ، ولَكِنَّهُ لا يَنْصَرِفُ، لِأنَّهُ عَلى مِثالِ ”أفْعَلُ“، وهو صِفَتُهُ، وِإنْ شِئْتَ كانَ نَصْبًا، عَلى: ”واذْكُرُوهُ أشَدَّ ذِكْرًا“، و”ذِكْرًا“، مَنصُوبٌ عَلى التَّمْيِيزِ.
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿فَمِنَ النّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنا آتِنا في الدُّنْيا﴾، ”آتِنا“، وقْفٌ، لِأنَّهُ دُعاءٌ، ومَعْناهُ: ”أعْطِنا في الدُّنْيا“، وهَؤُلاءِ مُشْرِكُو العَرَبِ كانُوا يَسْألُونَ التَّوْسِعَةَ عَلَيْهِمْ في الدُّنْيا، ولا يَسْألُونَ حَظًّا مِنَ الآخِرَةِ، لِأنَّهم كانُوا غَيْرَ مُؤْمِنِينَ بِالآخِرَةِ.
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَما لَهُ في الآخِرَةِ مِن خَلاقٍ﴾، يَعْنِي هَؤُلاءِ، و”اَلْخَلاقُ“: اَلنَّصِيبُ الوافِرُ مِنَ الخَيْرِ.
{"ayah":"فَإِذَا قَضَیۡتُم مَّنَـٰسِكَكُمۡ فَٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَاۤءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرࣰاۗ فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَقُولُ رَبَّنَاۤ ءَاتِنَا فِی ٱلدُّنۡیَا وَمَا لَهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنۡ خَلَـٰقࣲ"}