الباحث القرآني

﴿أُحِلَّ لَكُمۡ لَیۡلَةَ ٱلصِّیَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَاۤىِٕكُمۡۚ﴾ الآية - نزول الآية

٥٨٠٣- عن البراء بن عازب، قال: كان أصحاب النبي ﷺ إذا كان الرجل صائمًا، فحضر الإفطار، فنام قبل أن يُفطر؛ لم يأكل ليلتَه ولا يومَه حتى يُمْسِي، وإنّ قيس بن صِرْمة الأنصاري كان صائمًا، فكان يومه ذاك يعمل في أرضه، فلمّا حضر الإفطارُ أتى امرأتَه، فقال: هل عندكِ طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطَلِقُ فأطلبُ لك. فغلبته عينُه، فنام، وجاءت امرأته، فلما رأته نائمًا قالت: خَيْبَةً لك؛ أنِمتَ؟ فلما انتصف النهارُ غُشي عليه، فذُكر ذلك للنبي ﷺ؛ فنزلت هذه الآية: ﴿أحل لكم ليلة الصيام الرفث﴾ إلى قوله: ﴿من الفجر﴾، ففرحوا بها فرحًا شديدًا[[أخرجه البخاري (١٩١٥)، وأبو داود (٢٣١٤)، والترمذي (٢٩٦٨)، والنحاس في ناسخه ص١٠٠-١٠١، وابن جرير ٣/٢٣٥، والبيهقي في السنن ٤/٢٠١. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (٢/٢٧٢)

٥٨٠٤- عن البراء، قال: لَمّا نزل صومُ رمضان كانوا لا يَقْرَبون النساءَ رمضان كلّه، فكان رجال يخونون أنفسهم؛ فأنزل الله: ﴿علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم﴾[[أخرجه البخاري (٤٥٠٨).]]. (٢/٢٧٢)

٥٨٠٥- عن كعب بن مالك، قال: كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فنام حرُم عليه الطعام والشراب والنساء، حتى يُفْطِر من الغد، فرجع عمر بن الخطاب من عند النبي ﷺ ذات ليلة وقد سَمَرَ عنده، فوجد امرأته قد نامت، فأيقظها وأرادها، فقالت: إنِّي قد نِمْتُ. فقال: ما نِمْتِ. ثم وقع بها، وصنع كعبُ بن مالك مثل ذلك، فغدا عمر بن الخطاب إلى النبي ﷺ فأخبره؛ فأنزل الله: ﴿علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم﴾[[أخرجه أحمد ٢٥/٨٦ (١٥٧٩٥)، وابن جرير ٣/٢٣٦، وابن أبي حاتم ١/٣١٦ (١٦٧٧). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر. قال محقّقو المسند: «إسناده حسن».]]. (٢/٢٧٣)

٥٨٠٦- عن الحسن البصري= (ز)

٥٨٠٧- وعطاء بن أبي رباح= (ز)

٥٨٠٨- وقتادة بن دعامة= (ز)

٥٨٠٩- وزيد بن أسلم، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٦.]]. (ز)

٥٨١٠- عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف-، نحو ذلك[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٣١٦.]]. (ز)

٥٨١١- عن أبي هريرة، قال: كان المسلمون -قبل أن تنزل هذه الآية- إذا صلوا العشاء الآخرة حرُم عليهم الطعام والشراب والنساء حتى يفطروا، وإنّ عمر أصاب أهله بعد صلاة العشاء، وإنّ صِرْمة بن قيس غَلَبْتُه عينُه بعد صلاة المغرب، فنام، ولم يشبع من الطعام، ولم يستيقظ حتى صلى رسول الله ﷺ العشاء، فقام، فأكل وشرب، فلمّا أصبحَ أتى رسول الله ﷺ، فأخبره بذلك؛ فأنزل: ﴿أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم﴾. يعني بالرَّفَث: مجامعة النساء، ﴿كنتم تختانون أنفسكم﴾ يعني: تجامعون النساء، وتأكلون وتشربون بعد العشاء، ﴿فالآن باشروهن﴾ يعني: جامِعُوهُنَّ، ﴿وابتغوا ما كتب الله لكم﴾ يعني: الولد، ﴿وكلوا واشربوا﴾ فكان ذلك عَفْوًا من الله ورحمة[[عزاه السيوطي إلى ابن جرير. وقال محققو الدر: «لم نجده عند ابن جرير، وفي هذا الموضع خرم في نسخة الأصل من ابن جرير، فلعلّ هذا الأثر في هذا الموضع».]]. (٢/٢٧٣)

٥٨١٢- عن ابن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة-: أنّ المسلمين كانوا في شهر رمضان إذا صلوا العشاء حرُم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابِلة، ثم إنّ ناسًا من المسلمين أصابوا الطعام والنساء في رمضان بعد العشاء؛ منهم عمر بن الخطاب، فشَكَوْا ذلك إلى رسول الله ﷺ؛ فأنزل الله: ﴿أحل لكم ليلة الصيام﴾ إلى قوله: ﴿فالآن باشروهن﴾، يعني: انكحوهن[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٣٦. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر. إسناده جيّد. ينظر: مقدمة الموسوعة.]]. (٢/٢٧٤)

٥٨١٣- عن ابن عباس -من طريق العوفي- قال: كان الناس أوّل ما أسلموا إذا صام أحدهم يصوم يومه، حتى إذا أمسى طَعِم من الطعام فيما بينه وبين العَتَمَة، حتى إذا صُلّيتْ حَرُم عليهم الطعام حتى يُمْسِي من الليلة القابلة، وإنّ عمر بن الخطاب بينما هو نائم إذ سَوَّلَتْ له نفسُه، فأتى أهلَه، ثم أتى رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله، إنِّي أعتذر إلى الله وإليك من نفسي هذه الخاطئة، فإنها زيّنت لي، فواقعتُ أهلي، هل تجدُ لي مِن رخصةٍ؟ قال: «لم تكن حقيقًا بذلك، يا عمر». فلما بلغ بيتَه أرسلَ إليه، فأنبأه بعُذْرِه في آية من القرآن، وأمر الله رسوله أن يضعها في المائة الوسطى من سورة البقرة، فقال: ﴿أحل لكم ليلة الصيام﴾ إلى قوله: ﴿تختانون أنفسكم﴾. يعني بذلك: الذي فعل عمر، فأنزل الله عفوه، فقال: ﴿فتاب عليكم﴾ إلى قوله: ﴿من الخيط الأسود﴾. فأحل لهم المجامعة والأكل والشرب حتى يتبين لهم الصبح[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٣٧ واللفظ له، وابن أبي حاتم ١/٣١٦-٣١٧ (١٦٨٠)، ١/٣١٨ (١٦٨٤)، عن محمد بن سعد العوفي، عن أبيه، عن عمه الحسين بن الحسن، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس. وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء، كما بين ذلك الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه لتفسير الطبري ١/٢٦٣. ولكنها صحيفة صالحة، مالم تأت بمنكر أو مخالفة. وينظر: مقدمة الموسوعة.]]. (٢/٢٧٣)

٥٨١٤- عن ابن عباس -من طريق عكرمة- ﴿يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم﴾، قال: فكان الناس على عهد رسول الله ﷺ إذا صلوا العَتَمَة حرُم عليهم الطعام والشراب والنساء، وصاموا إلى القابِلة، فاختان رجلٌ نفسَه، فجامع امرأتَه وقد صلى العشاءَ ولم يُفْطِر، فأراد الله أن يجعل ذلك تيسيرًا لمن بقي ورخصةً ومنفعةً؛ فقال: ﴿علم الله أنكم كنتم تختانون﴾ الآية، فرخّص لهم ويسَّر[[أخرجه أبو داود (٢٣١٣)، والبيهقي ٤/٢٠١. قال الألباني في صحيح سنن أبي داود (٢٠٢٨): «حسن صحيح».]]. (٢/٢٧٥)

٥٨١٥- عن ابن عباس -من طريق الكلبي، عن أبي صالح-: أنّ صِرْمَة بن أنس أتى النبي ﷺ عَشِيَّةً من العَشِيّات، وقد جهده الصوم، فقال رسول الله ﷺ: «ما لك -يا أبا قيس- أمْسَيْتَ طَلِيحًا؟». قال: ظللتُ أمس نهاري في النخل أجُرُّ بالجريد، فأتيت أهلي، فنِمت قبل أن أطْعَم، وأمسيتُ وقد جهدني الصوم. فنزلت فيه: ﴿وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم﴾ الآية[[أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة ٣/١٥٢٤ (٣٨٦٤). إسناده ضعيف جدًّا. وينظر: مقدمة الموسوعة.]]. (ز)

٥٨١٦- عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: كانوا إذا صاموا فنام أحدهم قبل أن يطعم لم يأكل شيئًا إلى مثلها من الغد، وإذا نام قبل أن يجامع لم يجامع إلى مثلها، فانصرف شيخٌ من الأنصار -يُقال له: صِرْمة بن مالك- ذات ليلة إلى أهله وهو صائم، فقال: عشُّوني. فقالوا: حتى نجعل لك طعامًا سُخْنًا تفطر عليه. فوضع الشيخ رأسه، فغلبته عيناه، فنام، فجاؤوا بالطعام وقد نام، فقالوا: كُلْ. فقال: قد كنتُ نِمْتُ. فترك الطعام، وبات ليلته يتقلب ظهرًا لبطن، فلمّا أصبح أتى النبيَّ ﷺ، فذكر ذلك له، فقام عمر بن الخطاب، فقال: يا رسول الله، إنِّي أردت أهلي البارحة على ما يريد الرجل أهله. فقالت: إنها قد نامت. فظننتها تَعْتَلُّ، فواقعتُها، فأخْبَرَتْنِي أنّها كانت نامت. فأنزل الله في صِرْمة بن مالك: ﴿وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر﴾. ونزل في عمر بن الخطاب: ﴿أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم﴾ إلى آخر الآية[[عزاه السيوطي إلى وكيع، وعبد بن حميد.]]. (٢/٢٧٥)

٥٨١٧- عن أبي وائل [شقيق بن سلمة]: أنّ رجلًا -يقال له: صِرْمة بن مالك، وكان شيخًا كبيرًا- جاء إلى أهله عشاءً وهو صائم، وكان إذا نام أحدهم قبل أن يَطْعَم شيئًا لم يأكل إلى مثلها، فنام، فلمّا أصبح أتى النبيَّ ﷺ، فأخبره؛ فنزلت: ﴿كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر﴾[[أخرجه ابن قانع في معجمه ١/٢٤.]]. (ز)

٥٨١٨- عن مجاهد بن جَبْر -من طريق ابن أبي نَجِيح- قال: كان أصحاب محمد يصوم الصائم في شهر رمضان، فإذا أمسى أكل وشرب وجامع النساء، فإذا رَقَد حَرُم ذلك عليه حتى مثلها من القابِلة، وكان منهم رجال يختانون أنفسهم في ذلك، فعفا الله عنهم، أحلَّ لهم ذلك بعد الرقاد وقبله في الليل كله[[تفسير مجاهد ص٢٢١، وأخرجه ابن جرير ٣/٢٣٨. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٢/٢٧٧)

٥٨١٩- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق ابن جُرَيْج- أنّه قال في هذه الآية: ﴿أحِلّ لكم ليلة الصيام الرفثُ إلى نسائكم﴾ مثل قول مجاهد، وزاد فيه: أنّ عمر بن الخطاب قال لامرأته: لا ترقدي حتى أرْجع من عند رسول الله ﷺ. فرقدت قبل أن يرجع، فقال لها: ما أنت براقِدة. ثم أصابها، حتى جاء إلى النبي ﷺ فذكر ذلك له؛ فنزلت هذه الآية. قال عكرمة: نزلت: ﴿وكلوا واشربوا﴾ الآية في أبي قيس بن صِرْمة، من بني الخزرج، أكل بعد الرُّقاد[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٤١.]]. (ز)

٥٨٢٠- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق إسماعيل بن شَروس-: أنّ رجلًا من أصحاب الرسول ﷺ من الأنصار جاء ليلة وهو صائم، فقالت له امرأته: لا تنمْ حتى نصنع لك طعامًا. فنام، فجاءتْ، فقالتْ: نمتَ، واللهِ. قال: لا، واللهِ، ما نِمْتُ. قالت: بلى، واللهِ. فلم يأكل تلك الليلة شيئًا، وأصبح صائمًا يُغْشى عليه، فأنزلت الرحمة فيه[[أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/٧١. وفي سنن سعيد بن منصور (ت: سعد آل حميد) ٢/٦٩٦ (٢٧٥) من طريق عمرو بن دينار بلفظ: كان الرجل يأكل ويشرب ما لم ينم، فنام رجل من المسلمين، فحرم عليه الطعام والشراب إلى مثلها، فأصاب رجل مرتين -أو ثلاثًا-، ثم نزلت الرخصة: ﴿أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم﴾.]]. (ز)

٥٨٢١- عن القاسم بن محمد، قال: إنّ بَدْءَ الصوم كان يصوم الرجل من عشاء إلى عشاء، فإذا نام لَمْ يَصِلْ إلى أهله بعد ذلك، ولم يأكل ولم يشرب، حتى جاء عمر إلى امرأته، فقالت: إنِّي قد نِمْتُ. فوقع بها. وأمسى صِرْمة بن أنس صائمًا، فنام قبل أن يفطر، وكانوا إذا ناموا لم يأكلوا ولم يشربوا، فأصبح صائمًا، وكاد الصوم يقتله؛ فأنزل الله ﷿ الرُّخْصَة، قال: ﴿فَتابَ عَلَيكُم وعَفا عَنكُم﴾ الآية[[أخرجه الواحدي في أسباب النزول (ت: الفحل) ص١٥٩ (٥٦).]]. (ز)

٥٨٢٢- عن إبراهيم التيمي، قال: كان المسلمون في أوّل الإسلام يفعلون كما يفعل أهل الكتاب؛ إذا نام أحدهم لم يطعم حتى تكون القابِلة؛ فنزلت: ﴿وكلوا واشربوا﴾ إلى آخر الآية[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٢/٢٧٧)

٥٨٢٣- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أنْفُسَكُمْ﴾، قال: كان هذا قبل صوم رمضان، أُمِروا بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، من كل عشرة أيام يومًا، وأُمِروا بركعتين غدوة وركعتين عَشِيَّةً، فكان هذا بدء الصلاة والصوم، فكانوا في صومهم هذا وبعد ما فرض الله رمضان إذا رقدوا لم يَمَسُّوا النساء والطعام إلى مثلها من القابِلة، وكان أناس من المسلمين يُصِيبون من النساء والطعام بعد رُقادهم، وكانت تلك خيانة القوم أنفسهم؛ فأنزل الله في ذلك القرآن: ﴿علم الله أنكم كنتم تختانون﴾ الآية[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٣٩. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٢/٢٧٧)

٥٨٢٤- عن محمد ابن شهاب الزهري: كانوا في أول الصّيام إذا صلّى الناسُ العَتَمَة، ونام أحدهم؛ حَرُم عليه الطعام والشراب والنساء، وصلوا الصيام حتى الليلة المقبلة، فاختان رجلٌ نفسَه، فجامع أهله بعد ما صلّى العتمة؛ فنَسَخَ ذلك، فقال: ﴿علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم﴾، وهو عمر بن الخطاب ﵁، وامرأته الأنصارية أم عاصم بن عمر، واسمها جميلة بنت أبي عاصم -الذي حَماهُ الدَّبْرُ أن يُؤْخَذَ رَأْسُه، وقتلوا يومئذ أبا الجيلان بن هذيل، وأسروا خُبَيْب بن عدي وزيد بن الدَّثِنَة-، فنسخ شأن الصوم والنساء، فقال تعالى: ﴿فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل﴾[[الناسخ والمنسوخ للزهري ص١٩-٢٠.]]. (ز)

٥٨٢٥- عن محمد بن يحيى بن حبان: أنّ صِرْمة بن أنس أتى أهله ذات ليلة وهو شيخٌ كبيرٌ، وهو صائم، فلم يُهَيِّئوا له طعامًا، فوضع رأسه، فأغفى، وجاءته امرأته بطعامه، فقالت له: كُلْ. فقال: إني قد نِمْتُ. قالت: إنّك لَمْ تَنَمْ. فأصبح جائعًا مجهودًا؛ فأنزل الله: ﴿وكلوا واشربوا حتى يَتبين لكم الخيطُ الأبيضُ من الخيط الأسود من الفجر﴾[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٣٦-٢٣٧.]]. (ز)

٥٨٢٦- عن ثابت: أنّ عمر بن الخطاب واقع أهله ليلةً في رمضان، فاشتدّ عليه ذلك؛ فأنزل الله: ﴿أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم﴾[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٣٦.]]. (٢/٢٧٥)

٥٨٢٧- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- قال: كُتِب على النصارى رَمَضان، وكُتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم، ولا ينكحوا النساء شهر رمضان، فكُتِب على المؤمنين كما كُتِب عليهم، فلم يَزَل المسلمون على ذلك يصنعون كما تصنعُ النصارى، حتى أقبل رجلٌ من الأنصار يُقال له: أبو قيس بن صِرْمة، وكان يَعمل في حيطان المدينة بالأجر، فأتى أهله بتمر، فقال لامرأته: استبدلي بهذا التمر طحينًا، فاجعليه سَخينةً، لعليّ أن آكلَه، فإنّ التمر قد أحرق جَوْفي. فانطلَقَتْ، فاستبدلت له، ثم صنعتْ، فأبطأتْ عليه، فنام، فأيقظَتْهُ، فكره أن يعصي الله ورسوله، وأبى أن يأكل، وأصبح صائمًا، فرآه رسول الله ﷺ بالعَشِيِّ، فقال: «ما لك -يا أبا قيس- أمسيتَ طليحًا؟». فقصَّ عليه القصة. وكان عمر بن الخطاب وقع على جارية لهُ -في ناس من المؤمنين لم يملكوا أنفسهم-، فلمّا سمع عمرُ كلام أبي قيس، رَهبَ أن ينزل في أبي قيس شيء، فتذكّر هُو، فقام فاعتذر إلى رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله، إني أعوذُ بالله إنّي وقعتُ على جاريتي، ولم أملك نفسي البارحة. فلما تكلّم عُمر تكلّم أولئك الناس، فقال النبي ﷺ: «ما كنتَ جديرًا بذلك، يا ابن الخطاب». فنُسِخ ذلك عنهم، فقال: ﴿أحِلّ لكم ليلةَ الصيام الرفث إلى نسائكم هُن لباسٌ لكم وأنتم لباس لهن عَلم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم﴾ يقول: إنكم تقعون عليهنَّ خيانةً، ﴿فتابَ عليكم وعفا عنكم فالآنَ باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم﴾ يقول: جامعوهنّ، ورجع إلى أبي قيس، فقال: ﴿وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيطُ الأبيض من الخيط الأسود من الفجر﴾[[أخرجه ابن جرير ٣/١٥٤، ٢٣٩-٢٤٠ مرسلًا.]]. (ز)

٥٨٢٨- عن زيد بن أسلم -من طريق القاسم بن عبد الله- أنّه قال: كانوا إذا صَلَّوُا العشاء حَرُم عليهم الطعام والشراب والنساء، وصاموا إلى مثلها من القابِلة، فاختانَ رجلٌ نفسه، فجامع امرأته وقد صلى العشاء ولم يُفْطِر، وهو عمر بن الخطاب، فجعل الله في ذلك رخصة وبركة، فنسخها، فقال: ﴿علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام من الليل﴾[[أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع - تفسير القرآن ٣/٦٥-٦٦ (١٤٧).]]. (ز)

٥٨٢٩- عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق ابن ثور- ﴿وكلوا واشربوا﴾، قال: نزلت في أبي قيس بن صِرمة من بني الخزرج[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٣١٨.]]. (٢/٢٧٥)

٥٨٣٠- عن سفيان الثوري، قال: كانوا إذا ناموا لم يأكلوا ولم يقربوا النساء، فنزلت في عمر ﵁: ﴿أحل لكم ليلة الصيام الرفث الى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله انكم كنتم تختانون أنفسكم﴾[[تفسير سفيان الثوري ص٥٧.]]٦٥٦. (ز)

٦٥٦ قال ابنُ عطية (١/٤٥٠): «سبب هذه الآية فيما قال ابن عباس وغيره: أنّ جماعة من المسلمين اختانوا أنفسهم، وأصابوا النساء بعد النوم، أو بعد صلاة العشاء على الخلاف». ثم قال: «وحكى النحاس ومكّيٌّ أنّ عمر نام ثم وقع بامرأته، وهذا عندي بعيد على عمر ﵄».

﴿أُحِلَّ لَكُمۡ لَیۡلَةَ ٱلصِّیَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَاۤىِٕكُمۡۚ﴾ - تفسير

٥٨٣١- عن أبي هريرة، قال في الآية: يعني بالرَّفَث: مجامعة النساء[[تقدّم قريبًا بطوله في نزول الآية.]]. (ز)

٥٨٣٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- قال: الرَّفَث: الجماع[[أخرجه ابن أبي شيبة (القسم الأول من الجزء الرابع) ص١٥٨، وابن جرير ٣/٢٢٩، وابن أبي حاتم ١/٣١٥، ٣٤٦ (١٦٧٤، ١٨٢٤). وعزاه السيوطي إلى وكيع، وابن المنذر.]]. (٢/٢٧٧)

٥٨٣٣- عن عبد الله بن عباس -من طريق بكر بن عبد الله المزني- قال: الدخول، والتغشّي، والإفضاء، والمباشرة، والرَّفَث، واللَّمْس، والمَسُّ: هذا الجماع، غير أنّ الله حَيِيٌّ كريم، يَكني بما شاء عما شاء[[أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٠٨٢٦)، والبيهقي في سننه ٧/١٦٢. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (٢/٢٧٨)

٥٨٣٤- عن عبد الله بن عمر، قال: الرَّفَثُ: الجماع[[عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٢/٢٧٨)

٥٨٣٥- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم﴾، قال: الجماع[[تفسير مجاهد ص١٠٢، وأخرجه ابن جرير ٣/٢٣٠. وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٥.]]. (ز)

٥٨٣٦- عن طاووس -من طريق ابنه- قال: الدخول، واللمس، والمسيس: الجِماع. والرَّفَث في الصيام: الجِماع. والرَّفَث في الحج: الإغراء به[[أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٠٨٢٨). وعلّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٥.]]. (٢/٢٧٨)

٥٨٣٧- عن ابن لهيعة، أنّه سمع عطاء بن أبي رباح يقول: ﴿الرفث﴾: هو الجماع[[أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع - تفسير القرآن ٢/٤٠ (٧٠). وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٥.]]. (ز)

٥٨٣٨- عن الضَّحاك بن عثمان، قال: سألتُ سالم بن عبد الله عن قوله: ﴿أحلَّ لكم ليلة الصيام الرفثُ إلى نسائكم﴾. قال: هو الجماع[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٣٠. وعَلَّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٥.]]. (ز)

٥٨٣٩- وعن قتادة بن دِعامة -من طريق مَعْمَر- ﴿الرفث﴾: غِشيانُ النساء[[تفسير عبد الرزاق ١/٧١، وابن جرير ٣/٢٣٠. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٢٠٢-.]]. (ز)

٥٨٤٠- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- ﴿أحِلّ لكم ليلةَ الصيام الرفثُ إلى نسائكم﴾، يقول: الجماع[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٣٠، وابن أبي حاتم ١/٣١٥.]]. (ز)

٥٨٤١- عن سعيد بن جبير= (ز)

٥٨٤٢- وإبراهيم النخعي= (ز)

٥٨٤٣- والضحاك بن مزاحم= (ز)

٥٨٤٤- والحسن البصري= (ز)

٥٨٤٥- ومحمد ابن شهاب الزهري= (ز)

٥٨٤٦- وعمرو بن دينار= (ز)

٥٨٤٧- وعطاء الخراساني، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٥.]]. (ز)

٥٨٤٨- عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف-، نحو ذلك[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٣١٥.]]. (ز)

٥٨٤٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿أحل لكم ليلة الصيام﴾ رخصةً للمؤمنين بعد صنيع عمر ﵁ ﴿الرفث﴾ يعني: الجماع ﴿إلى نسائكم﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٦٤.]]. (ز)

٥٨٥٠- عن مالك بن أنس: قال الله -تبارك وتعالى-: ﴿فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج﴾ [البقرة:١٩٧]، قال: فالرفث: إصابة النساء، والله أعلم؛ قال الله تبارك وتعالى: ﴿أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم﴾[[موطأ مالك (ت: د. بشار عواد) ١/٥٢٢ (١١٥٣).]]. (ز)

﴿هُنَّ لِبَاسࣱ لَّكُمۡ وَأَنتُمۡ لِبَاسࣱ لَّهُنَّۗ﴾ - تفسير

٥٨٥١- عن ابن عباس: أنّ نافع بن الأزرق قال له: أخبِرني عن قوله ﷿: ﴿هن لباس لكم﴾. قال: هُنَّ سَكَنٌ لكم، تسكنون إليهِنَّ بالليل والنهار. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعتَ نابغة بن ذبيان وهو يقول: إذا ما الضَّجِيع ثَنّى عِطْفَها تَثَنَّتْ عليه فكانتْ لِباسا[[عزاه السيوطي إلى الطستي.]]. (٢/٢٧٨)

٥٨٥٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق عمرو بن دينار- في قوله: ﴿هن لباس لكم وأنتم لباس لهن﴾، قال: هُنَّ سَكَنٌ لكم، وأنتم سَكَنٌ لَهُنَّ[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٣٣، وابن أبي حاتم ١/٣١٦، والحاكم ٢/٢٧٥. وعزاه السيوطي إلى الفريابي.]]. (٢/٢٧٨)

٥٨٥٣- عن سعيد بن جبير، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٦.]]. (ز)

٥٨٥٤- عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف-، نحو ذلك[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٣١٦.]]. (ز)

٥٨٥٥- عن مجاهد بن جَبْر -من طريق ابن أبي نَجِيح- ﴿هن لباس لكم وأنتم لباسٌ لهن﴾، يقول: سَكَنٌ لَهُنَّ[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٣٢. وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٦.]]. (ز)

٥٨٥٦- عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- ﴿هن لباسٌ لكم وأنتم لباسٌ لهن﴾، قال: هُنَّ سكنٌ لكم، وأنتم سكنٌ لهنّ[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٣٢. وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٦.]]. (ز)

٥٨٥٧- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- ﴿هن لباسٌ لكم﴾ يقول: سكن لكم، ﴿وأنتم لباس لهن﴾ يقول: سكن لهنَّ[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٣٢، وابن أبي حاتم ١/٣١٦.]]. (ز)

٥٨٥٨- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر الرازي- ﴿هن لباسٌ لكم وأنتم لباس لهنّ﴾، يقول: هُنَّ لِحافٌ لكم، وأنتم لِحافٌ لَهُنَّ[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٣٢، وابن أبي حاتم ١/٣١٦.]]. (ز)

٥٨٥٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿هن لباس لكم وأنتم لباس لهن﴾، يقول: هُنَّ سَكَنٌ لكم، وأنتم سَكَنٌ لَهُنَّ[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٦٤.]]٦٥٧. (ز)

٦٥٧ قال ابنُ عطية (١/٤٤٩): «والرفث: كناية عن الجماع، وفي غير هذا: ما فحش من القول. وقال أبو إسحاق: الرفث: كل ما يأتيه الرجل مع المرأة من قُبَل ولمس وجماع. قال القاضي أبو محمد: أو كلام في هذه المعاني، ومنه قول النبي ﷺ: «مَن حجّ هذا البيت فلم يَرْفُثْ ولم يفسق خرج من خطاياه كيوم ولدته أمه»».

٥٨٦٠- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: ﴿هن لباسٌ لكم وأنتم لباسٌ لهن﴾، قال: المُواقَعَة[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٣٣.]]٦٥٨. (ز)

٦٥٨ قال ابنُ جرير (٣/٢٣١-٢٣٣): «فإن قال قائل: وكيف يكون نساؤنا لباسًا لنا، ونحن لهن لباسًا، واللباس إنما هو ما لُبِس؟ قيل: لذلك وجهان من المعاني: أحدهما: أن يكون كل واحد منهما جعل لصاحبه لباسًا، لتجردهما عند النوم، واجتماعهما في ثوب واحد، وانضمام جسد كل واحد منهما لصاحبه بمنزلة ما يلبسه على جسده من ثيابه، وقد يُقال لِما ستر الشيء وواراه عن أبصار الناظرين إليه: هو لباسه، وغشاؤه. فجائزٌ أن يكون قيل: ﴿هن لباس لكم وأنتم لباس لهن﴾ بمعنى: أنّ كل واحد منكم سِتْرٌ لصاحبه -فيما يكون بينكم من الجماع- عن أبصار سائر الناس. والوجه الآخر: أن يكون جعل كل واحد منهما لصاحبه لِباسًا؛ لأنه سَكَنٌ له، كما قال -جَلَّ ثناؤُه-: ﴿جعل لكم الليل لباسًا﴾ [الفرقان:٤٧]، يعني بذلك: سكنًا تسكنون فيه».

﴿هُنَّ لِبَاسࣱ لَّكُمۡ وَأَنتُمۡ لِبَاسࣱ لَّهُنَّۗ﴾ - آثار متعلقة بالآية

٥٨٦١- عن يحيى بن العلاء، عن ابن أنْعُم، أنّ سعد بن مسعود الكندي قال: أتى عثمانُ بن مَظْعُون رسولَ الله ﷺ، فقال: يا رسول الله، إنِّي لأستحي أن يرى أهلي عورتي. قال: «لِمَ، وقد جعلك الله لهم لباسًا، وجعلهم لك؟». قال: أكرهُ ذلك. قال: «فإنّهم يرونه مني، وأراه منهم». قال: أنتَ، يا رسول الله؟ قال: «أنا». قال: أنتَ؟ فمَن بعدك إذًا! فلَمّا أدبر عثمانُ قال رسول الله ﷺ: «إنّ ابنَ مَظْعُون لَحَيِيٌّ سِتِّيرٌ»[[أخرجه عبد الرزاق ٦/١٩٥ (١٠٤٧١)، والطبراني في الكبير ٩/٣٧ (٨٣١٨). قال الذهبي في السير ١/١٥٧: «هذا منقطع». وقال الهيثمي في المجمع ٤/٢٩٤ (٧٥٦١): «فيه يحيى بن العلاء، وهو متروك». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة ٤/٥٨: «إسناده ضعيف».]]. (٢/٢٧٩)

٥٨٦٢- وعن سعد بن مسعود= (ز)

٥٨٦٣- وعمارة بن غراب اليحصبي، مثله[[أخرجه ابن سعد في الطبقات ٣/٣٠١، وهناد في كتاب الزهد ٢/٦٢٨. قال الألباني في الضعيفة ٧/٦٧ (٣٠٦٦): «ضعيف».]]. (٢/٢٧٩)

﴿عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَخۡتَانُونَ أَنفُسَكُمۡ فَتَابَ عَلَیۡكُمۡ وَعَفَا عَنكُمۡۖ﴾ - تفسير

٥٨٦٤- عن أبي هريرة: ﴿كنتم تختانون أنفسكم﴾، يعني: تُجامِعون النساء وتأكلون وتشربون بعد العشاء[[تقدم قريبًا بطوله في سبب النزول.]]. (٢/٢٧٣)

٥٨٦٥- عن ابن عباس -من طريق العوفي- ﴿تختانون أنفسكم﴾، يعني بذلك: الذي فعل عمر؛ فأنزل الله عَفْوَه، فقال: ﴿فتاب عليكم﴾ إلى قوله: ﴿من الخيط الأسود﴾، فأحلّ لهم المجامعة والأكل والشرب حتى يَتَبَيَّن لهم الصبحُ[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٣٧، وابن أبي حاتم ١/٣١٦. وتقدّم بطوله في نزول الآية.]]. (٢/٢٧٣)

٥٨٦٦- عن قتادة بن دِعامة: كان المسلمون في أوّل ما فرض عليهم الصيام إذا رقدوا لم يَحِلَّ لهم النساء، ولا الطعام، ولا الشراب بعد رُقادهم، فكان قومٌ يصيبون من ذلك بعد رُقادهم، فكانت تلك خيانةَ القوم أنفسَهم، فتاب عليهم بعد ذلك، وأحل ذلك إلى طلوع الفجر، وقال: ﴿فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم﴾[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/١٩٦-.]]. (ز)

٥٨٦٧- عن إسماعيل السدي-من طريق أسباط- في قوله: ﴿تختانون﴾، قال: تَقَعُون عليهنَّ خِيانةً[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٣١٦ (١٦٧٩).]]. (٢/٢٧٩)

٥٨٦٨- قال مقاتل بن سليمان: ﴿علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم﴾ يعني: عمر بن الخطاب ﵁ في جِماع امرأته، ﴿فتاب عليكم﴾ يعني: فتجاوز عنكم، ﴿وعفا عنكم﴾، قوله سبحانه: ﴿تختانون أنفسكم﴾ بالمعصية، نظيرها ﴿فخانتاهما﴾ [التحريم:١٠]: فخالفَتاهُما، يعني: بالمعصية. وكقوله سبحانه: ﴿ولا تزال تطلع على خائنة منهم﴾ [المائدة:١٣]، يعني: على معصية، ﴿وعفا عنكم﴾ يقول: ترككم فلم يعاقبكم[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٦٥.]]. (ز)

٥٨٦٩- عن سفيان الثوري، قال: ﴿تختانون أنفسكم﴾: تَظْلِمُون أنفسَكم[[تفسير سفيان الثوري ص٥٧.]]٦٥٩. (ز)

٦٥٩ انتَقَد ابنُ تيمية (١/٤٤٢) هذا القول –مستندًا إلى الدلالة العقلية- بقوله: «وهذا القول فيه نظر؛ فإن كل ذنب يذنبه الإنسان فقد ظلم فيه نفسه، سواء فعله سِرًّا أو علانية». وذكر ابنُ جرير (٣/٢٣٣) أن خيانتهم أنفسهم التي ذكرها الله كانت في شيئين: أحدهما: جماع النساء، والآخر: المطعم والمشرب في الوقت الذي كان حرامًا ذلك عليهم. وذكر ابنُ عطية (١/٤٥١) أن قوله: ﴿عَفا عَنْكُمْ﴾ يحتمل احتمالين: الأول: أن يريد عن المعصية بعينها فيكون ذلك تأكيدًا، وتأنيسًا بزيادة على التوبة. الثاني: أن يريد عفا عما كان ألزمكم من اجتناب النساء فيما يُؤْتَنَف بمعنى تركه لكم، كما تقول: شيء معفو عنه، أي: متروك.

﴿فَٱلۡـَٔـٰنَ بَـٰشِرُوهُنَّ﴾ - تفسير

٥٨٧٠- عن أبي هريرة، ﴿فالآن باشروهن﴾، قال: يعني: جامِعُوهُنَّ[[عزاه السيوطي إلى ابن جرير. وقد تقدم قريبًا بطوله في سبب النزول.]]. (٢/٢٧٣)

٥٨٧١- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿فالآن باشروهن﴾، قال: انكِحُوهُنَّ[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٤٣.]]. (٢/٢٨٠)

٥٨٧٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق بكر بن عبد الله المزني- قال: المباشرة: الجماع، ولكنَّ الله كريم يَكْني[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٤٢، وابن أبي حاتم ١/٣١٧ (١٦٨١)، والبيهقي في السنن الكبرى ٤/٣٢١ من طريق سعيد بن جبير بنحوه. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٢/٢٨٠)

٥٨٧٣- وعن مجاهد بن جبر -من طريق عَبْدة بن أبي لُبابة- قال: المباشرةُ في كل كتاب الله: الجماع[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٤٤.]]. (٢/٢٨٠)

٥٨٧٤- عن ابن جُرَيْج، قال: قلتُ لعطاء [بن أبي رباح]: قوله: ﴿فالآن باشرُوهن﴾. قال: الجماع، وكلُّ شيء في القرآن من ذكر المباشرة فهو الجماعُ نفسه.= (ز)

٥٨٧٥- وقالها عبد الله بن كثير مثل قول عطاء في الطعام والشراب والنساء[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٤٣. وعلّق ابن أبي حاتم ١/٣١٧ نحوه عن مجاهد.]]. (ز)

٥٨٧٦- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- ﴿فالآن باشروهن﴾، يقول: جامِعُوهُنَّ[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٤٣، وابن أبي حاتم ١/٣١٧.]]. (ز)

٥٨٧٧- وعن الضحاك بن مُزاحِم= (ز)

٥٨٧٨- وزيد بن أسلم، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٧.]]. (ز)

٥٨٧٩- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر-= (ز)

٥٨٨٠- ومقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف-، نحو ذلك[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٣١٧.]]. (ز)

٥٨٨١- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فالآن باشروهن﴾، يعني: جامِعُوهُنَّ من حيثُ أحللتُ لكم الجماع الليلَ كله[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٦٥.]]. (ز)

﴿وَٱبۡتَغُوا۟ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ﴾ - قراءات

٥٨٨٢- عن عطاء، قال: قلت لابن عباس: كيف تقرأ هذه الآية: ﴿وابتغوا ما كتب الله لكم﴾، أو: (واتَّبِعُوا)[[هذه قراءة شاذة تروى عن ابن عباس، والحسن البصري، ومعاوية بن قرة. ينظر: البحر المحيط ٢/٥٧.]]؟ قال: أيّتهما شئت، عليك بالقراءة الأولى[[أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/٧١، وابن جرير ٣/٢٤٧. وعزاه السيوطي إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم.]]. (٢/٢٨١)

﴿وَٱبۡتَغُوا۟ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ﴾ - تفسير الآية

٥٨٨٣- عن معاذ بن جبل أنّه قال: ﴿وابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾، يعني: ليلة القدر[[تفسير الثعلبي ٢/٧٨، وتفسير البغوي ١/٢٠٧.]]. (ز)

٥٨٨٤- عن أبي هريرة، ﴿وابتغوا ما كتب الله لكم﴾، قال: يعني: الولد[[عزاه السيوطي إلى ابن جرير. وقد تقدم قريبًا بطوله في سبب النزول.]]. (٢/٢٧٣)

٥٨٨٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي الجَوْزاء- في قوله: ﴿وابتغوا ما كتب الله لكم﴾، قال: ليلة القدر[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٤٦. وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٧ (١٦٨٣)، والثعلبي ٢/٧٢ من طريق أبي الجوزاء. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٢/٢٨٠)

٥٨٨٦- عن عبد الله بن عباس: في قوله: ﴿وابتغوا ما كتب الله لكم﴾، قال: الولد[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٤٥ من طريق العوفي، وابن أبي حاتم ١/٣١٧ من طريق مجاهد.]]. (٢/٢٨٠)

٥٨٨٧- وعن الضحاك بن مزاحم= (ز)

٥٨٨٨- وقتادة بن دعامة، مثله[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٧. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٢/٢٨٠)

٥٨٨٩- وعن أنس= (ز)

٥٨٩٠- وشُرَيح= (ز)

٥٨٩١- وسعيد بن جبير= (ز)

٥٨٩٢- وعطاء بن أبي رباح= (ز)

٥٨٩٣- وزيد بن أسلم، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٧.]]. (ز)

٥٨٩٤- ومقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف-، نحو ذلك[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٣١٧.]]. (ز)

٥٨٩٥- عن أنس -من طريق أبي نصير- في قوله: ﴿وابتغوا ما كتب الله لكم﴾، قال: ليلة القدر[[أخرجه البخاري في تاريخه ٧/٢٦٨.]]. (٢/٢٨٠)

٥٨٩٦- عن مجاهد بن جَبْر -من طريق ابن أبي نَجِيح- ﴿وابتغوا ما كتب الله لكم﴾، يعني: الولد، يقول: إن لم تَلِد هذه فهذه[[تفسير مجاهد ص٢٢٢، وأخرجه ابن جرير ٣/٢٤٥ بزيادة: إن لم تَلِد هذه فهذه .... وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٧ مختصرًا. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٢٠٢- بلفظ: الولد يطلبه الرجل؛ فإن كان ممن كتب الله له الولد، رزقه إياه. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد دون الزيادة.]]. (٢/٢٨٠)

٥٨٩٧- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق عبيد الله- قوله: ﴿وابتغوا ما كتب الله لكم﴾، قال: الولد[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٤٥. وعَلَّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٧ (عَقِب ١٦٨٢).]]. (ز)

٥٨٩٨- عن الحسن البصري -من طريق أبي مردود بحر بن موسى- في هذه الآية: ﴿وابتغوا ما كتب الله لكم﴾، قال: الولد[[أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/٧١، وابن جرير ٣/٢٤٥. وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٧.]]. (ز)

٥٨٩٩- عن الحكم بن [عُتَيبة] -من طريق شعبة- ﴿وابتغوا ما كتب الله لكم﴾، قال: الولد[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٤٤ عن الحكم. وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٧ عن الحكم بن عتبة.]]. (ز)

٥٩٠٠- عن قتادة بن دِعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿وابتغوا ما كتب الله لكم﴾، قال: وابتغوا الرُّخْصَة التي كتب الله لكم[[أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/٧١.]]٦٦٠. (٢/٢٨١)

٦٦٠ علَّق ابنُ عطية (١/٤٥٢) على قول قتادة، بقوله: «هو قولٌ حَسَنٌ».

٥٩٠١- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- ﴿وابتغوا ما كتب الله لكم﴾: فهو الولد[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٤٥، وابن أبي حاتم ١/٣١٧.]]. (ز)

٥٩٠٢- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- في قوله: ﴿وابتغوا ما كتب الله لكم﴾، قال: ما كتب لكم من الولد[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٤٦، وابن أبي حاتم ١/٣١٧.]]. (ز)

٥٩٠٣- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وابتغوا﴾ من نسائكم ﴿ما كتب الله لكم﴾ من الولد، يعني: واطلبوا ما قضى لكم[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٦٥.]]. (ز)

٥٩٠٤- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: ﴿وابتغوا ما كتب الله لكم﴾، قال: الجِماع[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٤٦.]]٦٦١. (ز)

٦٦١ قال ابنُ جرير (٣/٢٤٧-٢٤٨): «وقد يدخل في قوله: ﴿وابتغوا ما كتب الله لكم﴾ جميعَ معاني الخير المطلوبة، غير أنّ أشْبَهَ المعاني بظاهر الآية قولُ من قال: معناه: وابتغوا ما كتب الله لكم من الولد؛ لأنه عَقِيب قوله: ﴿فالآن باشروهن﴾، بمعنى: جامِعُوهن». وقال ابنُ القيم (١/١٦٨-١٦٩): «والتحقيق أن يُقال: لَمّا خفَّف الله عن الأمة بإباحة الجماع ليلة الصوم إلى طلوع الفجر، وكان المُجامع يغلب عليه حكم الشهوة وقضاء الوطر حتى لا يكاد يخطر بقلبه غير ذلك؛ أرشدهم سبحانه إلى أن يطلبوا رِضاه في مثل هذه اللذة، ولا يُباشِرُوها بحكم مجرّد الشهوة، بل يبتغوا بها ما كتب الله لهم من الأجرِ والولدِ الذي يخرج من أصلابهم يعبد الله لا يشرك به شيئًا، ويبتغوا ما أباح الله لهم من الرخصة بحكم محبّته لقَبُول رُخَصِه؛ فإن الله يحبّ أن يؤخذ برخصه كما يكره أن تؤتى معصيته، ومما كتب لهم ليلة القدر وأمروا أن يبتغوها. لكن يبقى أن يُقال: فما تعلقُ ذلك بإباحة مباشرة أزواجهم؟ فيقال: فيه إرشاد إلى أن لا يشغلهم ما أبيح لهم من المباشرة عن طلب هذه الليلة التي هي خير من ألف شهر، فكأنه سبحانه يقول: اقضوا وطَرَكم من نسائكم ليلة الصيام، ولا يشغلكم ذلك عن ابتغاء ما كتب الله لكم من هذه الليلة التي فضلّكم الله بها».

﴿وَٱبۡتَغُوا۟ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ﴾ - آثار متعلقة بالآية

٥٩٠٥- عن عائشة، قالت: قد كان رسول الله ﷺ يدركه الفجرُ في رمضان وهو جُنُب من أهله، ثم يغتسل ويصوم[[أخرجه البخاري ٣/٢٩-٣٠ (١٩٢٥، ١٩٢٦)، ٣/٣١ (١٩٣٠، ١٩٣١)، ومسلم ٢/٧٨٠ (١١٠٩).]]. (٢/٢٨١)

٥٩٠٦- عن أُمِّ سلمة، أنَّها سُئِلَت عن الرجل يُصبِح جُنُبًا، أيصوم؟ فقالت: كان رسول الله ﷺ يُصبح جنبًا من جماعٍ غيرِ احتلامٍ في رمضان، ثم يصوم[[أخرجه البخاري ٣/٢٩-٣٠ (١٩٢٦)، ٣/٣١ (١٩٣٢)، ومسلم ٢/٧٨٠-٧٨١ (١١٠٩).]]. (٢/٢٨١)

٥٩٠٧- عن عائشة، أنّ رجلًا قال: يا رسول الله، إني أصبح جُنبًا وأنا أريد الصيام. فقال النبي ﷺ: «وأنا أصبح جنبًا وأريد الصيام، فأغتسلُ، وأصوم ذلك اليوم؟». فقال الرجل: إنّك لستَ مثلنا، قد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر. فغضب، وقال: «واللهِ، إنِّي لأرجو أن أكون أخشاكم لله، وأعلمكم بما أتَّقِي»[[أخرجه مسلم ٢/٧٨١ (١١١٠).]]٦٦٢. (٢/٢٨٢)

٦٦٢ علَّقَ ابنُ كثير (٢/٢٠٣-٢٠٤) على هذا الحديث بقوله: «وهذا مذهب الأئمة الأربعة وجمهور العلماء سلفًا وخلفًا: أنّ مَن أصبح جُنبًا فليغتسل، وليُتِمَّ صومَه، ولا حرج عليه».

﴿وَكُلُوا۟ وَٱشۡرَبُوا۟ حَتَّىٰ یَتَبَیَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَیۡطُ ٱلۡأَبۡیَضُ مِنَ ٱلۡخَیۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ﴾ - نزول الآية

٥٩٠٨- عن سهل بن سعد، قال: أُنزِلت: ﴿وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود﴾، ولم ينزل: ﴿من الفجر﴾؛ فكان رجالٌ إذا أرادوا الصوم ربط أحدُهم في رجليه الخيطَ الأبيض والخيطَ الأسود، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما؛ فأنزل الله بعدُ: ﴿من الفجر﴾، فعلِموا أنه إنّما يعني: الليل والنهار[[أخرجه البخاري (١٩١٧، ٤٥١١)، ومسلم (١٠٩١)، والنسائي في الكبرى (١١٠٢٢)، وابن جرير ٣/٢٥١، وابن أبي حاتم ١/٣١٨ (١٦٨٧)، والطبراني (٥٧٩١)، والبيهقي في سننه ٤/٢١٥. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٢/٢٨٢)

﴿وَكُلُوا۟ وَٱشۡرَبُوا۟ حَتَّىٰ یَتَبَیَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَیۡطُ ٱلۡأَبۡیَضُ مِنَ ٱلۡخَیۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ﴾ - تفسير الآية

٥٩٠٩- عن عَدِيِّ بن حاتم، قال: لَمّا أُنزِلت هذه الآية: ﴿وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود﴾ عَمَدْتُ إلى عِقالَيْنِ؛ أحدهما أسود، والآخر أبيض، فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت أنظر إليهما، فلا يتبين لي الأبيض من الأسود، فلما أصبحتُ غدوتُ على رسول الله ﷺ، فأخبرتُه بالذي صنعتُ، فقال: «إنَّ وِسادَك إذن لَعَرِيض، إنّما ذاك بياضُ النهار من سوادِ الليل»[[أخرجه البخاري ٣/٢٨ (١٩١٦)، ٦/٢٦ (٤٥٠٩، ٤٥١٠)، ومسلم ٢/٧٦٦ (١٠٩٠)، وسعيد بن منصور في التفسير من سننه ٢/٦٩٧-٦٩٨ (٢٧٧)، وابن جرير ٣/٢٥٠-٢٥١، وابن أبي حاتم ١/٣١٨ (١٦٨٦).]]. (٢/٢٨٣)

٥٩١٠- وعن عَدِيِّ بن حاتم، قال: أتيتُ رسول الله ﷺ، فعَلَّمني الإسلام، ونَعَتَ لي الصلوات كيف أُصَلِّي كلَّ صلاة لوقتها، ثم قال: «إذا جاء رمضانُ فكُلْ واشرب، حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، ثم أتمّ الصيام إلى الليل». ولم أدرِ ما هو، ففتلتُ خيطين من أبيض وأسود، فنظرتُ فيهما عند الفجر، فرأيتُهما سواء، فأتيتُ رسول الله ﷺ، فقلتُ: يا رسول الله، كلَّ شيء أوصيتني قد حفظتُ، غير الخيط الأبيض من الخيط الأسود. قال: «وما منعك، يا ابن حاتم؟». وتَبَسَّم، كأنّه قد عَلِم ما فعلتُ، قلتُ: فَتَلْتُ خيطين من أبيض وأسود، فنظرت فيهما من الليل، فوجدتهما سواء. فضحك رسول الله ﷺ حتى رُئي نواجذُه، ثم قال: «ألم أقل لك: من الفجر؟ إنما هو ضوء النهار من ظلمة الليل»[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٥٠-٢٥١ واللفظ له، وابن أبي حاتم ١/٣١٨ (١٦٨٦). وأورده الثعلبي ٢/٨٠. قال البوصيري في إتحاف الخيرة ٣/٥٩-٦٠ (٢١٧٤): «رواه مسدّد، وأبو يعلى مختصرًا، كلاهما من طريق مجالد، وهو ضعيف».]]. (٢/٢٨٣-٢٨٤)

٥٩١١- وعن عدي بن حاتم، قال: قلتُ: يا رسول الله، ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود، أهما الخيطان؟ فقال: «إنّك لَعَرِيضُ القَفا إنْ أبْصَرْتَ الخَيْطَيْن». ثم قال: «لا، بل هو سوادُ الليل وبياضُ النهار»[[أخرجه البخاري ٦/٢٦ (٤٥١٠)، وابن جرير ٣/٢٥١. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٢/٢٨٤)

٥٩١٢- عن زِرٍّ، عن حذيفة، قال: كان النبيُّ ﷺ يتسحَّرُ وأنا أرى مواقع النَّبْل. قال: قلت: أبعدَ الصبح؟ قال: هو الصبح، إلا أنه لم تطلع الشمس[[أخرجه أحمد (ط: الميمنية) ٥/٣٩٩، والنسائي (٢١٥١)، وابن جرير ٣/٢٥٨.]]. (ز)

٥٩١٣- عن إبراهيم التيمي، قال: سافر أبي مع حذيفة، قال: فسار، حتى إذا خشينا أن يَفْجَأَنا الفجرُ قال: هل منكم من أحدٍ آكِلٌ أو شارِبٌ؟ قال: قلتُ له: أمّا من يريد الصوم فلا. قال: بلى. قال: ثُمَّ سار، حتى إذا اسْتَبْطَأْنا الصلاة نزل فتسحّر[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٥٧. وقد أورد ابن جرير ٣/٢٥٤-٢٥٩ عددًا من الأحاديث المرفوعة والآثار عن بعض الصحابة والتابعين حول هذا المعنى تحت قول: إن الخيط الأبيض هو ضوء الشمس، ثم رجح خلاف ذلك -كما سيأتي-، أما السيوطي فلم يذكر شيئًا من هذا القول.]]. (ز)

٥٩١٤- عن عليّ بن أبي طالب أنّه قال حين طلع الفجر: الآن، حين يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود[[عزاه السيوطي إلى الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير. والذي عند ابن جرير هو الأثر التالي.]]. (٢/٢٨٥)

٥٩١٥- عن علي بن أبي طالب -من طريق هُبَيْرة- أنّه لما صلّى الفجر قال: هذا حين يتبين الخيطُ الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٥٧.]]. (ز)

٥٩١٦- عن عبد الله بن عباس: أنّ نافع بن الأزرق سأله عن قوله: ﴿حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود﴾. قال: بياض النهار من سواد الليل، وهو الصبح إذا انفلق. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعتَ قولَ أُمَيَّة: الخيط الأبيض ضوءُ الصبح مُنغَلِقٌ والخيط الأسودُ لون الليل مَكْمُومُ[[الأثر عند الطستي -كما في الإتقان ٢/٩٢-٩٣-. وعزاه السيوطي إلى أبي بكر ابن الأنباري في الوقف والابتداء.]]. (٢/٢٨٢)

٥٩١٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- ﴿الخيط الأبيض من الخيط الأسود﴾، يعني: الليل من النهار. فأحلّ لكم المجامعة، والأكل، والشرب حتى يتبيّن لكم الصّبح، فإذا تبيّن الصبح حرُم عليهم المجامعة والأكل والشرب حتى يُتِمُّوا الصيام إلى الليل، فأمر بصوم النهار إلى الليل، وأمر بالإفطار بالليل[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٤٩، وابن أبي حاتم ١/٣١٨ مختصرًا.]]. (٢/٢٨٤)

٥٩١٨- عن جابر الجعفي، أنه سُئِل عن هذه الآية: ﴿حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود﴾. فقال: قال سعيد بن جبير: هو حُمْرَةُ الأُفُق[[أخرجه ابن أبي شيبة ١/٣٣٣.]]. (٢/٢٨٤)

٥٩١٩- عن الحسن البصري -من طريق أشْعَث- في قول الله تعالى: ﴿حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر﴾، قال: الليل من النهار[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٤٨.]]. (ز)

٥٩٢٠- عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿وكلوا واشرَبوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل﴾: فهُما عَلَمان وحَدّان بَيِّنان، فلا يمنعكم أذانُ مُؤذِّنٍ مُراءٍ أو قليلِ العقل من سَحُوركم؛ فإنهم يُؤَذِّنُون بهَجِيعٍ من الليل طويل. وقد يُرى بياضٌ ما على السَّحَر يقال له: الصبح الكاذب، كانت تسميه العرب، فلا يمنعكم ذلك من سَحوركم، فإنّ الصبح لا خفاء به، طريقةٌ مُعترِضة في الأفق، وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الصبح، فإذا رأيتم ذلك فأمسكوا[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٤٩.]]. (ز)

٥٩٢١- وعن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- ﴿وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر﴾ قال: حتى يتبيّن لكم النهار من الليل، ﴿ثم أتموا الصيام إلى الليل﴾[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٤٩.]]. (ز)

٥٩٢٢- قال مقاتل بن سليمان: وأنزل في صِرْمة بن أنس: ﴿وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود﴾: حتى يتبين لكم وجه الصبح، يعني: بياض النهار من سواد الليل من الفجر، ﴿ثم أتموا الصيام إلى الليل﴾، والخيط الأبيض يعني: أوّل بياض الصبح؛ الضوء المعترض قِبَل المشرق، والخيط الأسود: أوّل سواد الليل[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٦٤.]]. (ز)

٥٩٢٣- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- ﴿حتى يتبيَّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر﴾، قال: الخيط الأبيض: الذي يكون من تحت الليل، يكشف الليل. والأسود: ما فوقه. ﴿منَ الفجر﴾ قال: ذلك الخيط الأبيضُ هو من الفجر نسبةً إليه، وليس الفجر كله، فإذا جاء هذا الخيط -وهو أوّله- فقد حلَّت الصلاةُ، وحَرُم الطعام والشراب على الصائم[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٦١.]]٦٦٣. (ز)

٦٦٣ رجَّحَ ابنُ جرير (٣/٢٦٠-٢٦١ بتصرف) قولَ السُّدِّيِّ، وابن زيد، ومَن قال بقولهما، مستندًا إلى السنة، ولغة العرب، فقال: «وأَوْلى التأويلين بالآية التأويلُ الذي رُوي عن رسول الله ﷺ أنّه قال: «الخيط الأبيض: بياض النهار، والخيط الأسود: سوادُ الليل». وهو المعروف في كلام العرب. وأما قوله: ﴿من الفجر﴾ فإنه -تعالى ذكره- يعني: حتى يتبين لكم الخيطُ الأبيضُ من الخيط الأسود الذي هو من الفجر، وليس ذلك هوَ جميعَ الفجر، ولكنه إذا تبيَّن من الفجر -ذلك الخيط الأبيض الذي يكون من تحت الليل الذي فوقه سواد الليل- فمن حينئذ فصُوموا، ثم أتِمُّوا صيامكم من ذلك إلى الليل. وأما الأخبارُ التي رويتْ عن رسول الله ﷺ أنّه شرب أو تسحَّر، ثم خرج إلى الصلاة؛ فإنه غير دافع صحّةَ ما قلنا في ذلك؛ لأنه غير مستنكر أن يكون ﷺ شَرب قبل الفجر ثم خرج إلى الصلاة؛ إذ كانت الصلاةُ -صلاة الفجر- هي على عهده كانت تُصلى بعد ما يطلع الفجر ويتبيَّن طلوعه، ويؤذَّن لها قبل طلوعه. وأما الخبر الذي رُوي عن حذيفة: أنّ النبي ﷺ كان يتسحّر وأنا أرى مَواقعَ النَّبل. فإنه قد استُثبتَ فيه، فقيل له: أبعد الصبح؟ فلم يُجِب في ذلك بأنه كان بعد الصبح، ولكنه قال: هو الصبح. وذلك من قوله يُحتمل أن يكون معناهُ: هو الصبح لقربه منه، وإن لم يكن هو بعينه، كما تقول العرب:»هذا فلان«شبهًا، وهي تشير إلى غير الذي سمَّته، فتقول:»هو هو«تشبيهًا منها له به، فكذلك قول حذيفة: هو الصبح، معناه: هو الصبح شبهًا به وقربًا منه. وفي قوله -تعالى ذِكْرُه-: ﴿وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيضُ من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيامَ إلى الليل﴾ أوضحُ الدلالة على خطأ قول من قال: حلالٌ الأكلُ والشربُ لِمَن أراد الصومَ إلى طلوع الشمس؛ لأن الخيط الأبيض من الفجر يتبين عند ابتداء طلوع أوائل الفجر». ووافقه ابنُ عطية (١/٤٥٢) مشيرًا إلى أنه قول جميع العلماء. وقال ابنُ كثير (٢/٢٠١) فيمن يقول الإمساك من طلوع الشمس: «وهذا القول ما أظُنُّ أحدًا من أهل العلم يستَقِرُّ له قدم عليه؛ لمخالفته نص القرآن في قوله: ﴿وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر﴾».

﴿وَكُلُوا۟ وَٱشۡرَبُوا۟ حَتَّىٰ یَتَبَیَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَیۡطُ ٱلۡأَبۡیَضُ مِنَ ٱلۡخَیۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ﴾ - من أحكام الآية

٥٩٢٤- عن أبي الضحى، أنّ رجلًا قال لابن عباس: متى أدَعُ السَّحُورَ؟ فقال رجل: إذا شَكَكْتَ. فقال ابن عباس: كُلْ ما شَكَكْتَ حتى يتبيَّن لك[[أخرجه ابن أبي شيبة ٣/٢٥-٢٦، والبيهقي في سننه ٤/٢٢١. وعزاه السيوطي إلى وكيع.]]. (٢/٢٨٥)

٥٩٢٥- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله ﷿: ﴿حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود﴾، قال: إذا تسحَّر الرجل وهو يرى أنّ عليه ليلًا، وقد كان طلع الفجر؛ فلْيُتِمَّ صومَه؛ لأن الله يقول: ﴿وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم﴾، وإذا أكل وهو يرى أن الشمس قد غابت ولم تغب فلْيَقْضِه؛ لأنّ الله تعالى يقول: ﴿ثم أتموا الصيام إلى الليل﴾[[أخرجه سعيد بن منصور في سننه (ت: سعد آل حميد) ٢/٧٠١ (٢٧٨). وذكر ابن حزم في المحلى ٦/٢٢٣-٢٢٤ نحو أوله.]]. (ز)

﴿وَكُلُوا۟ وَٱشۡرَبُوا۟ حَتَّىٰ یَتَبَیَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَیۡطُ ٱلۡأَبۡیَضُ مِنَ ٱلۡخَیۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ﴾ - آثار متعلقة بالآية

٥٩٢٦- وعن سَمُرَة بن جُندُب، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا يمنعكم من سحوركم أذانُ بلال، ولا الفجرُ المستطيل، ولكنَّ الفجرَ المستطيرَ في الأفق»[[أخرجه مسلم ٢/٧٦٩-٧٧٠ (١٠٩٤)، وابن جرير ٣/٢٥٣ واللفظ له. وأورده الثعلبي ٢/٨١.]]. (٢/٢٨٥-٢٨٦)

٥٩٢٧- وعن عائشة، أنّ النبي ﷺ قال: «لا يمنعَنَّكم أذانُ بلال من سحوركم؛ فإنَّه يُنادي بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم؛ فإنّه لا يُؤَذِّنُ حتى يطلع الفجر»[[أخرجه البخاري ١/١٢٧ (٦٢٢)، ٣/٢٩ (١٩١٨، ١٩١٩)، ومسلم ١/٢٨٧ (٣٨٠)، ٢/٧٦٨ (١٠٩٢).]]. (٢/٢٨٦)

٥٩٢٨- وعن طَلْق بن علي، أنّ رسول الله ﷺ قال: «كلوا واشربوا، ولا يَهِيدَنَّكم السّاطِعُ المُصْعِد[[أي: لا تنزعجوا للفجر المستطيل؛ فتمتنعوا به عن السحور، فإنه الصبح الكاذب. وأصل الهَيْد: الحركة، وقد هِدْت الشيء أهيده هيْدًا: إذا حركته وأزعجته. النهاية (هيد).]]، وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمرُ[[الفجر الأحمر المعترض: المراد به الصبح الصادق. تحفة الأحوذي ٢/٣٩.]]». ولفظ أحمد: «ليس الفجرُ المستطيلَ في الأفق، ولكنه المعترضُ الأحمرُ»[[أخرجه أحمد ٢٦/٢١٨-٢١٩ (١٦٢٩١)، وأبو داود ٤/٣٣ (٢٣٤٨)، والترمذي ٢/٢٣٩-٢٤٠ (٧١٤)، وابن خزيمة ٣/٣٧٤ (١٩٣٠). قال الترمذي: «حديث حسن غريب من هذا الوجه». وقال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء ص٧٣٧: «ولأحمد من حديث طلق بن علي ... وإسناده حسن». وقال المناوي في التيسير ٢/٣٢١: «إسناده حسن» أي: إسناد أحمد. وقال الألباني في صحيح أبي داود ٧/١١٢ (٢٠٣٣): «إسناده حسن صحيح».]]. (٢/٢٨٦)

٥٩٢٩- وعن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، أنّه بَلَغَه: أنَّ رسول الله ﷺ قال: «الفجرُ فجران، فأمّا الذي كأنه ذَنَب السَّرْحان[[السرحان: الذئب، وقيل: الأسد. النهاية (سرح).]] فإنه لا يُحِلُّ شيئًا ولا يُحَرِّمُه، وأما المستطيل الذي يأخذ بالأفق فإنه يُحِلُّ الصلاة، ويُحَرِّمُ الطعام»[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٥٢-٢٥٣، والدارقطني ١/٥٠٥ (١٠٥٣)، ٣/١١٥ (٢١٨٤)، والبيهقي في الكبرى ١/٥٥٥ (١٧٦٦)، ٤/٣٦٤ (٨٠٠٢). قال الدارقطني: «هذا مرسل». وقال البيهقي: «هذا مرسل، وقد رُوي موصولًا بذكر جابر بن عبد الله فيه». وقال ابن كثير في تفسيره ١/٥١٦: «وهذا مرسل جيد». وقال الألباني في الصحيحة ٥/٩ (٢٠٠٢): «الحديث صحيح لشاهده» أي: حديث جابر.]]. (٢/٢٨٧)

٥٩٣٠- وعن جابر موصولًا[[أخرجه الحاكم ١/٣٠٤ (٦٨٨). قال الحاكم ١/٣٠٤ عَقِب ذكره لحديث ابن عباس: «وله -أي: حديث ابن عباس- شاهدٌ بلفظ مُفَسّر، وإسناده صحيح»، ثم ذكر حديث جابر. وقال البيهقي في الكبرى ١/٥٥٤ (١٧٦٥): «هكذا روي بهذا الإسناد موصولًا، وروي مرسلًا، وهو أصح». وقال ابن الملقن في البدر المنير ٣/١٩٨: «رواه الحاكم، والدارقطني، وقالا: إسناده صحيح». وقال الألباني في الصحيحة ٥/٨ (٢٠٠٢): «وإسناده جيد».]]. (٢/٢٨٧)

٥٩٣١- وعن ابن عباس، أنّ النبي ﷺ قال: «الفجر فجران؛ فَجْرٌ يَحْرُم فيه الطعام والشراب، وتَحِلُّ فيه الصلاة، وفَجْرٌ يَحِلّ فيه الطّعام، وتحرُم فيه الصلاة»[[أخرجه ابن خزيمة ١/٤٤٨-٤٤٩ (٣٥٦)، ٣/٣٧٣ (١٩٢٧)، والحاكم ١/٣٠٤ (٦٨٧)، ١/٥٨٧ (١٥٤٩). قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين في عدالة الرواة، ولم يخرجاه». وأقرّه الذهبي. وقال البيهقي في الكبرى ١/٥٥٥ (١٧٦٧): «هكذا رواه أبو أحمد -الزبيري- مسندًا، ورواه غيره موقوفًا، والموقوف أصحّ». وقال ابن الملقن في البدر المنير ٣/١٩٧: «حديث صحيح». وأورده الألباني في الصحيحة ٢/٣٠٧ (٦٩٣).]]. (٢/٢٨٧)

٥٩٣٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطاء- قال: هما فجران؛ فأما الذي يَسْطَعُ في السماء فليس يُحِلُّ ولا يحُرِّم شيئًا، ولكن الفجر الذي يستبين على رؤوس الجبال هو الذي يحُرِّم الشراب[[أخرجه عبد الرزاق (٣٧٦٥)، وابن جرير ٣/ ٢٥٢ واللفظ له.]]. (٢/٢٨٥)

٥٩٣٣- عن أبي الضُّحى، قال: كانوا يرون أنّ الفجرَ المستفيضُ في السماء[[عزاه السيوطي إلى وكيع.]]. (٢/٢٨٥)

٥٩٣٤- عن أبي مِجْلَز -من طريق عِمران بن حُدَيْر-: الضوء الساطعُ في السماء ليس بالصبح، ولكن ذاك الصبح الكاذب، إنّما الصبح إذا انفَضَحَ الأُفُق[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٥٢.]]. (ز)

٥٩٣٥- عن مسلم-من طريق الأعمش- قال: لَمْ يكونوا يَعُدُّون الفجرَ فجرَكم هذا، كانوا يعدُّون الفجرَ الذي يملأ البيوتَ والطرُقَ[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٥٢.]]. (ز)

٥٩٣٦- عن يحيى بن سلام: الفجر فجران؛ فأما الذي كأنه ذَنَب السَّرْحانِ فإنّه لا يُحِلُّ شيئًا ولا يُحَرِّمه، وأما المستطيلُ الذي يأخذ بالأفق فإنه يُحِلُّ الصلاة ويوجب الصيام[[تفسير ابن أبي زمنين ١/٢٠٢.]]٦٦٤. (ز)

٦٦٤ قال ابنُ جرير (٣/٢٥١-٢٥٢): «وقالوا: صفة ذلك البياض أن يكون منتشرًا مستفيضًا في السماء، يملأ بياضه وضَوءُهُ الطرق، فأما الضوء الساطع في السماء، فإنّ ذلك غير الذي عناه الله بقوله: ﴿الخيط الأبيض من الخيط الأسود﴾». وقال ابنُ عطية (١/٤٥٣): «واخْتُلِف في الحد الذي بتَبَيُّنِه يجب الإمساك؛ فقال الجمهور -وبه أخذ الناس، ومضت عليه الأمصار والأعصار، ووردت به الأحاديث الصحاح-: ذلك الفجرُ المُعْتَرِضُ الآخذُ في الأُفُقِ يَمْنَةً ويسرة، فبطلوع أوّله في الأفق يجب الإمساك، وهو مقتضى حديث ابن مسعود وسَمُرَة بن جندب».

﴿ثُمَّ أَتِمُّوا۟ ٱلصِّیَامَ إِلَى ٱلَّیۡلِۚ﴾ - تفسير

٥٩٣٧- عن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا أقبل الليل من ههنا، وأدبر النهار من ههنا، وغربت الشمس؛ فقد أفطر الصائم»[[أخرجه البخاري ٣/٣٦ (١٩٥٤)، ومسلم ٢/٧٧٢ (١١٠٠)، وابن جرير ٣/٢٦٣.]]. (٢/٢٨٨)

٥٩٣٨- وعن ليلى امرأة بشير بن الخَصاصِيَة، قالت: أردتُ أن أصوم يومين مواصلةً، فمنعني بشيرٌ، وقال: إنّ رسول الله ﷺ نهى عنه، وقال: «تفعل ذلك النصارى، ولكن صوموا كما أمركم الله، وأتموا الصيام إلى الليل، فإذا كان الليل فأفطروا»[[أخرجه أحمد ٣٦/٢٨٦-٢٨٧ (٢١٩٥٥)، وابن أبي حاتم ١/٣١٩ (١٦٨٩). قال الهيثمي في المجمع ٣/١٥٨ (٤٩٠٢): «رواه أحمد، والطبراني في الكبير، وليلى لم أجد من جَرَّحَها، وبقيّة رجاله رجال الصحيح». وقال ابن حجر في الفتح ٤/٢٠٢: «وقد أخرجه أحمد، والطبراني، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم في تفسيرهما بإسناد صحيح».]]. (٢/٢٨٩)

٥٩٣٩- وعن أبي ذرٍّ، أنّ رسول الله ﷺ واصَل يومين وليلة، فأتاه جبريل، فقال: إنّ الله قد قَبِل وِصالَك، ولا يَحِلُّ لأحدٍ بعدَك؛ وذلك لأنّ الله قال: ﴿ثم أتموا الصيام إلى الليل﴾[[أخرجه الطبراني في الأوسط ٣/٢٧٧ (٣١٣٨)، وابن عساكر في تاريخه ٣٧/١٥. قال ابن كثير في تفسيره عن إسناد ابن عساكر ١/٥١٨: «وهذا إسناد لا بأس به». وقال الهيثمي في المجمع ٣/١٥٨ (٤٩٠٧): «رواه الطبراني في الأوسط عن عبد الملك، عن أبي ذر، ولم أعرف عبد الملك، وبقيّة رجاله رجال الصحيح». وقال السيوطي في الإكليل في استنباط التنزيل ص٤٢: «وروى الطبراني في الأوسط بسند لا بأس به». وقال ابن حجر في الفتح ٤/٢٠٥: «وأما ما رواه الطبراني في الأوسط ... فليس إسناده بصحيح».]]. (٢/٢٨٩)

٥٩٤٠- عن قتادة، قال: قالت عائشة: ﴿ثم أتموا الصيام إلى الليل﴾. يعني: أنها كَرِهَت الوِصال[[أخرجه ابن أبي شيبة ٣/٨٣. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٢/٢٨٩)

٥٩٤١- عن معاذة: أنّ امرأة سألت عائشة عن وِصال صيام رسول الله. فقالت: أتعملين كعمله؛ فإنّه قد غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، وكان عملُه نافِلةً؟! ثم قالت عائشة: أمّا أنا -فواللهِ- ما صمتُ ليلًا قط؛ إنّ الله قال: ﴿ثم أتموا الصيام إلى الليل﴾[[أخرجه أبو يعلى في مسنده (ط: دار الثقافة العربية) ٨/٥٨ (٤٥٨٠).]]. (ز)

٥٩٤٢- عن أبي العالية -من طريق داود- أنّه ذُكِر عنده الوِصال، فقال: فَرَض الله الصوم بالنهار، فقال: ﴿ثم أتموا الصيام إلى الليل﴾؛ فإذا جاء الليل فأنت مُفطِرٌ، فإن شِئت فَكُلْ، وإن شِئت فَلا[[أخرجه ابن أبي شيبة ٣/٨٣-٨٤. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٢/٢٩٠)

٥٩٤٣- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في مَن أفطر ثم طلعت الشمس، قال: يقضي؛ لأنّ الله يقول: ﴿ثم أتموا الصيام إلى الليل﴾[[أخرجه ابن أبي شيبة ٣/٢٤.]]. (٢/٢٨٨)

٥٩٤٤- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: ﴿ثم أتمُّوا الصيامَ إلى الليل﴾، قال: من هذه الحدود الأربعة. فقرأ: ﴿أحِلّ لكم ليلةَ الصيام الرفثُ إلى نسائكم﴾، فقرأ حتى بَلغ: ﴿ثم أتمُّوا الصيام إلى الليل﴾.= (ز)

٥٩٤٥- وكان أبي، وغيره من مَشيختِنا يقولون هذا، ويتلونه علينا[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٦٧.]]. (ز)

﴿ثُمَّ أَتِمُّوا۟ ٱلصِّیَامَ إِلَى ٱلَّیۡلِۚ﴾ - آثار متعلقة بالآية

٥٩٤٦- وعن أبي أُمامة: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان، فأخذا بِضَبْعِي[[الضبع: ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاه. اللسان (ضبع).]]، فأتيا بي جبلًا وعِرًا، فقالا لي: اصعد. فقلت: إنِّي لا أُطِيقُه. فقالا: إنّا سنسهله لك. فصعدتُ، حتى إذا كنتُ في سَواءِ الجَبَلِ[[أي: ذروته. اللسان (سوى).]] إذا أنا بأصوات شديدة، فقلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عُواءُ أهل النار. ثم انطُلِق بي، فإذا أنا بقوم مُعَلَّقين بعَراقِيبِهم، مُشَقَّقَةً أشْداقُهُمْ، تسيل أشْداقُهم دَمًا، قلتُ: مَن هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يُفطِرون قبل تَحِلَّةِ صومهم»[[أخرجه ابن خزيمة ٣/٤١١-٤١٢ (١٩٨٦)، وابن حبان ١٦/٥٣٦-٥٣٧ (٧٤٩١)، والحاكم ١/٥٩٥ (١٥٦٨)، ٢/٢٢٨ (٢٨٣٧). قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط مسلم، ولم يخرجاه». وأقره الذهبي. وقال الهيثمي في المجمع ١/٧٦-٧٧ (٢٤٠): «رواه الطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح». وأورده الألباني في الصحيحة ٧/١٦٦٩ (٣٩٥١).]]. (٢/٢٨٨)

٥٩٤٧- وعن ابن عمر: أنّ رسول الله ﷺ نهى عن الوِصال، قالوا: إنّك تُواصِل؟ قال: «لستُ مثلكم؛ إنِّي أُطعَم وأُسْقى»[[أخرجه البخاري ٣/٢٩ (١٩٢٢)، ٣/٣٧ (١٩٦٢)، ومسلم ٢/٧٧٤ (١١٠٢)، وابن جرير ٣/٢٦٦.]]. (٢/٢٩٠-٢٩١)

٥٩٤٨- وعن أبي سعيد، أنّه سمِع النبي ﷺ يقول: «لا تُواصِلوا، فأيُّكم أراد أن يُواصِل فلْيُواصِل حتى السَّحَر». قالوا: فإنّك تُواصِل، يا رسول الله! قال: «إنِّي لست كهَيْئَتِكم، إنِّي أبِيتُ لي مُطعِمٍ يُطْعِمُني، وساقٍ يَسْقِيني»[[أخرجه البخاري ٣/٣٧ (١٩٦٣)، ٣/٣٨ (١٩٦٧)، وابن جرير ٣/٢٦٦-٢٦٧.]]. (٢/٢٩١)

٥٩٤٩- وعن عائشة، قالت: نهى رسول الله ﷺ عن الوِصال رَحْمَةً لهم، فقالوا: إنّك تواصل! قال: «إنِّي لستُ كهَيْئَتِكم، إنِّي يُطْعِمُني ربي ويَسْقِيني»[[أخرجه البخاري ٣/٣٧ (١٩٦٤)، ومسلم ٣/٧٧٦ (١١٠٥).]]. (٢/٢٩١)

٥٩٥٠- وعن أبي هريرة، قال: نهى النبي ﷺ عن الوِصال في الصوم، فقال له رجل من المسلمين: إنّك تُواصِل، يا رسول الله؟ قال: «وأيُّكم مِثْلِي؟! إنِّي أبيتُ يُطعِمُني ربي ويَسْقِيني»[[أخرجه البخاري ٣/٣٧ (١٩٦٥)، ٩/٨٥-٨٦ (٧٢٤٢)، ٩/٩٧ (٧٢٩٩)، ومسلم ٢/٧٧٤، ٧٧٥ (١١٠٣).]]٦٦٥. (٢/٢٩١)

٦٦٥ قال ابنُ جرير (٣/٢٦٣): «وأما قوله: ﴿ثم أتموا الصيام إلى الليل﴾ فإنّه -تعالى ذِكْرُه- حَدَّ الصومَ بأنّ آخر وقته إقبالُ الليل، فدلّ بذلك على أن لا صوم بالليل، كما لا فطر بالنهار، وعلى أنّ المُواصِل مُجَوِّعٌ نفسَه في غير طاعة ربه». وقال (٣/٢٦٥-٢٦٦ بتصرُّف): «فإن قال قائِلٌ: فما وجه وِصال مَن واصَل؟... قيل: وجْهُ مَن فعل ذلك -إن شاء الله تعالى- على طلب الخُموصة لنفسه والقوة، لا على طلب البِرِّ لله بفعله. وفعلُهم ذلك نظيرُ ما كان عمر بن الخطاب يأمرهم به بقوله: اخشَوشِنوا، وتمَعْددوا، وانزُوا على الخيل نَزْوًا، واقطعوا الرُّكُب، وامشوا حُفاة. وقد رَغِب -لِمَن واصل- عن الوصال كثيرٌ من أهل الفضل، حدَّثنا ... عن أبي إسحاق: أنّ ابن أبي نُعم كان يواصل من الأيام حتى لا يستطيع أن يقومَ، فقال عمرو بن ميمون: لو أدرَك هذا أصحابُ محمد ﷺ رَجمُوه. وقد رُوي عن النبي ﷺ الإذنُ بالوصال من السَّحر إلى السَّحر». وقال ابنُ كثير (٢/ ٢٠٦-٢٠٧ بتصرُّف) في الوِصال: "هو أن يَصِل صوم يوم بيوم آخر، ولا يأكل بينهما شيئًا، وقد ثبت النهي عنه من غير وجه، وثبت أنه من خصائص النبي ﷺ، وأنّه كان يُقَوّى على ذلك ويُعان، والأظهر أنّ ذلك الطعام والشراب في حقّه إنما كان معنويًّا لا حسيًّا، وإلا فلا يكون مواصلًا مع الحسي، ولكن كما قال الشاعر: لها أحاديثُ من ذِكْراك تُشْغِلُها ... عن الشراب وتُلْهِيها عن الزّاد". وقال (٢/٢٠٧-٢٠٨) فيما رُوِي من وصال بعض السلف: «يحتمل أنهم كانوا يفهمون من النهي أنّه إرشاد، أي: من باب الشفقة، كما جاء في حديث عائشة: رحمة لهم. فكان ابنُ الزبير وابنُه عامر ومَن سلك سبيلهم يَتَجَشَّمُون ذلك ويفعلونه، لأنهم كانوا يجدون قُوَّة عليه. وقد رُوِي عن ابن الزبير أنه كان يُواصِل سبعة أيام، ويُصْبِح في اليوم السابع أقواهم وأجلدهم. وقال أبو العالية: إنّما فرض الله الصيام بالنهار، فإذا جاء بالليل فمن شاء أكل ومن شاء لم يأكل».

﴿وَلَا تُبَـٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمۡ عَـٰكِفُونَ فِی ٱلۡمَسَـٰجِدِۗ﴾ - نزول الآية

٥٩٥١- عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق عَلْقَمة بن مَرْثَد- قال: كانوا يُجامِعون وهم معتكفون، حتى نزلت: ﴿ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد﴾[[أخرجه ابن أبي شيبة ٣/٩٢، وابن جرير ٣/٢٦٩. وعزاه السيوطي إلى وكيع، وابن المنذر.]]. (٢/٢٩٤)

٥٩٥٢- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال: كان الرجل إذا اعتكف فخرج من المسجد جامع إن شاء؛ فنَزَلَتْ[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر. وعند ابن جرير ٣/٢٧٠ بلفظ: كان الرجل إذا خرج من المسجد وهو معتكف ولقي امرأته باشرها إن شاء، فنهاهم الله ﷿ عن ذلك، وأخبرهم أن ذلك لا يصلح حتى يقضي اعتكافه. كما أخرج نحوه من طريق مَعْمَر عبدُ الرزاق في تفسيره ١/٧٢، ومن طريقه ابن جرير ٣/٢٧٠.]]. (٢/٢٩٤)

٥٩٥٣- وعن الكلبي، نحوه[[تفسير الثعلبي ٢/٨١.]]. (ز)

٥٩٥٤- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ولا تباشروهن﴾، نزلت في علي بن أبي طالب ﵁، وعمّار بن ياسر، وأبي عبيدة بن الجراح، كان أحدهم يعتكف، فإذا أراد الغائِط من السَّحَر رجع إلى أهله بالليل، فيباشر ويجامع امرأته، ويغتسل، ويرجع إلى المسجد؛ فأنزل الله ﷿: ﴿ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٦٤. وفي تفسير الثعلبي ٢/٨١ عن مقاتل -دون تعيينه- نحوه دون ذكر اسم أحد.]]. (ز)

﴿وَلَا تُبَـٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمۡ عَـٰكِفُونَ فِی ٱلۡمَسَـٰجِدِۗ﴾ - تفسير الآية

٥٩٥٥- عن عبد الله بن مسعود، قال: لا يقربها وهو مُعْتَكِف[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٩.]]. (ز)

٥٩٥٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- في قوله: ﴿ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد﴾، قال: المُباشَرَة والملامسة والمسُّ جِماعٌ كلُّه؛ ولكنَّ الله يَكني ما شاء بما شاء[[أخرجه البيهقي في السنن ٤/٣٢١.]]. (٢/٢٩٤)

٥٩٥٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿ولا تباشروهن﴾ الآية، قال: هذا في الرجل يعتكف في المسجد في رمضان أو غير رمضان، فحرَّم الله عليه أن ينكح النساء ليلًا و نهارًا، حتى يقضيَ اعتكافَه[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٦٨. وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٩.]]. (٢/٢٩٤)

٥٩٥٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن جُرَيْج- قال: كانوا إذا اعتكفوا، فخرج الرجل إلى الغائط؛ جامع امرأتَه، ثم اغتسل، ثم رجع إلى اعتكافه، فنُهُوا عن ذلك[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٧١.]]. (٢/٢٩٥)

٥٩٥٩- عن إبراهيم النخعي -من طريق منصور- قال: لا يُقَبِّل المعتكفُ، ولا يُباشِر[[أخرجه ابن أبي شيبة ٣/٩٣.]]. (٢/٢٩٦)

٥٩٦٠- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- ﴿ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد﴾، قال: الجِوارُ، فإذا خرج أحدكم من بيته إلى بيت الله فلا يقرب النساء[[أخرجه ابن جرير ٣/٥٤١.]]. (ز)

٥٩٦١- عن مجاهد بن جبر، في الآية، قال: نُهي عن جِماع النساء في المساجد، كما كانت الأنصار تصنع[[عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٢/٢٩٥)

٥٩٦٢- عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق علقمة بن مَرْثَد- في قوله: ﴿ولا تباشروهنّ وأنتم عاكفون في المساجد﴾، قال: كان الرجل إذا اعتكف، فخرج من المسجد؛ جامع إن شاء؛ فقال الله: ﴿ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد﴾. يقول: لا تقرَبوهن ما دُمْتُم عاكفين في مسجدٍ، ولا غيرِه[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٦٩.]]. (ز)

٥٩٦٣- عن ابن جُرَيْج، قال: قلتُ لعطاء: الجماعُ: المباشرةُ؟ قال: الجماع نفسه. فقلت له: فالقُبلة في المسجد، والمَسَّة؟ فقال: أما ما حُرِّم فالجماع، وأنا أكره كلَّ شيء من ذلك في المسجد[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٧١، وعبد الرزاق في مصنفه (٢٠٨٢) بنحوه. وعلّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٩.]]. (ز)

٥٩٦٤- عن الحسن البصري= (ز)

٥٩٦٥- ومحمد بن كعب، قالا: لا يقربها وهو معتكف[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/٣١٩.]]. (ز)

٥٩٦٦- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- ﴿ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد﴾، يقول: مَن اعتكف فإنّه يصوم، لا يَحِلُّ له النساءُ ما دام معتكفًا[[أخرجه ابن جرير ٣/٥٤١، وابن أبي حاتم ١/٣١٩.]]. (ز)

٥٩٦٧- عن إسماعيل السُّدِّي: كان الرجل يعتكف، فإذا خرج من مصلّاه فلقي امرأته غشيَها، فنهاهم الله عن ذلك حتى يفرغ من اعتكافه[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٢٠٣-.]]. (ز)

٥٩٦٨- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- قال: كان ناس يصيبون نساءهم وهم عاكفون، فنهاهم الله عن ذلك[[أخرجه ابن جرير ٣/٥٤١، وابن أبي حاتم ١/٣١٩.]]. (٢/٢٩٥)

٥٩٦٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد﴾، يقول: لا تُجامِعُوا النساء ليلًا ولا نهارًا ما دُمْتُم معتكفين[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٦٤.]]. (ز)

٥٩٧٠- عن مُقاتل بن حَيّان -من طريق بُكَيْر بن معروف- قال: لا يقربها وهو معتكف[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٣١٩.]]. (ز)

٥٩٧١- عن سفيان الثوري، في قول الله -جلَّ وعزَّ-: ﴿ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد﴾: فإن خرجتَ فلا تُباشِر[[تفسير سفيان الثوري ص٥٨.]]. (ز)

٥٩٧٢- عن مالك بن أنس -من طريق ابن وهْب-: لا يمسّ المعتكفُ امرأتَه، ولا يباشرُها، ولا يتلذّذ منها بشيء؛ قُبلةٍ ولا غيرها[[أخرجه ابن جرير ٣/٥٤٢.]]٦٦٦. (ز)

٦٦٦ اختلف أهل التأويل في معنى المباشرة التي عنى الله بقوله: ﴿ولا تُباشروهن﴾ على قولين: أولهما: المقصود بذلك الجماعُ دون غيره من معاني المباشرة. والآخر: المقصود بذلك جميع معاني المباشرة: من لَمْس وقُبلة وجماع. ورَجَّحَ ابنُ جرير (٣/٢٧٢-٢٧٤ بتصرُّف) أنّ يكون المقصود: الجماع، وكلّ ما قام مقامَ الجماع في الالتذاذ، مستندًا إلى السُّنَّة، والدلالة العقلية، فقال: «أوْلى القولين عندي بالصواب قولُ من قال: معنى ذلك: الجماعُ، أو ما قام مقامَ الجماع مِمّا أوجبَ غُسلًا إيجابَه. وذلك أنه لا قول في ذلك إلا أحد قولين: إما جعل حكم الآية عامًّا، أو جَعل حكمها في خاصٍّ من معاني المباشرة. وقد تظاهرت الأخبار عن رسول الله ﷺ: أن نساءَه كنّ يُرجِّلنه وهو معتكف، فلما صحّ ذلك عنه عُلِم أنّ الذي عُنِي به من معاني المباشرة البعضُ دون الجميع ...، فإذا كان ذلك كذلك، وكان مُجْمَعًا على أنّ الجماع مما عُني به؛ كان واجبًا تحريمُ الجماع على المعتكف وما أشبهه، وذلك كلُّ ما قام في الالتذاذ مقامه منَ المباشرة». وهذا الذي رجّحه ابنُ جرير نسبه ابنُ عطية (١/٤٥٥) إلى الجمهور. وقال ابنُ تيمية (١/٤٤٧-٤٤٨): «وقوله: ﴿في المساجد﴾ يتعلق بقوله: ﴿عاكفون﴾، لا بقوله: ﴿تباشروهن﴾؛ فإنّ المباشرة في المسجد لا تجوز للمعتكف ولا لغيره، بل المعتكف في المسجد ليس له أن يُباشِر إذا خرج منه لِما لا بُدَّ منه». وقال ابنُ كثير (٢/ ٢٠٨-٢٠٩بتصرُّف): «الأمرُ المتَّفَقُ عليه عند العلماء: أنّ المعتكف يحرُم عليه النساء ما دام معتكفًا في مسجده، ولو ذهب إلى منزله لحاجة لا بُدَّ منها فلا يَحِلُّ له أن يَتَلَبَّث فيه إلا بمقدار ما يفرغ من حاجته تلك من قضاء الغائط أو الأكل، وليس له أن يُقَبِّل امرأتَه، ولا أن يَضُمَّها إليه، ولا يشتغل بشيء سوى اعتكافه، ولا يعود المريض لكن يسأل عنه، وهو مارٌّ في طريقه ...، والمراد بالمباشرة: إنما هو الجماع ودواعيه؛ من تقبيل، ومعانقة، ونحو ذلك، فأما مُعاطاة الشيء ونحوه فلا بأس به».

٥٩٧٣- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: ﴿ولا تُباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد﴾، قال: المباشرة: الجماعُ وغيرُ الجماع، كلُّه محرم عليه. قال: المباشرة بغير جِماع: إلْصاقُ الجِلْدِ بالجلد[[أخرجه ابن جرير ٣/٥٤٣.]]٦٦٧. (ز)

٦٦٧ عَلَّقَ ابنُ جرير (٣/٢٧٢) على هذا القول قائلًا: «عِلَّةُ مَن قال هذا القول: أنّ الله -تعالى ذِكْرُه- عَمَّ بالنهي عن المباشرة، ولم يُخَصِّص منها شيئًا دون شيء، فذلك على ما عمَّه، حتى تأتي حُجَّةٌ يجب التسليمُ لها بأنه عنى به مباشرةً دون مباشرةٍ».

﴿وَلَا تُبَـٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمۡ عَـٰكِفُونَ فِی ٱلۡمَسَـٰجِدِۗ﴾ - من أحكام الآية

٥٩٧٤- عن محمد ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وعن عروة بن الزبير، عن عائشة، أنّها أخْبَرَتْهُما: أنّ النبي ﷺ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، حتى توَفّاه الله ﷿، ثم اعتكف أزواجُه مِن بعده. والسُّنَّة في المعتكف ألّا يخرج إلا لحاجة الإنسان، ولا يتبع جنازة، ولا يعود مريضًا، ولا يمسَّ امرأة، ولا يباشرها، ولا اعتكافَ إلا في مسجد جماعة، والسُّنَّة في المعتكِف أن يصوم[[أخرجه الدارقطني ٣/١٨٧، ١٨٨، (٢٣٦٣، ٢٣٦٤)، والبيهقي في الكبرى ٤/٥١٩ (٨٥٧١)، ٤/٥٢٦ (٨٥٩٣، ٨٥٩٤). قال الدارقطني: «يُقال: إن قوله:»وإن السنة للمعتكف«إلى آخره ليس من قول النبي ﷺ، وإنه من كلام الزهري، ومَن أدرجه في الحديث فقد وهِم. والله أعلم. وهشام بن سليمان لم يذكره». وقال البيهقي في الكبرى ٤/٥٢٦ (٨٥٩٤): «قد ذهب كثير من الحفاظ إلى أنّ هذا الكلام من قول مَن دون عائشة، وأنّ مَن أدرجه في الحديث وهم فيه».]]. (٢/٢٩٦)

٥٩٧٥- وعن حذيفة، قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «كلُّ مسجد له مُؤَذِّنٌ وإمامٌ فالاعتكاف فيه يَصْلُح»[[أخرجه ابن عدي في الكامل ٤/٢٩٨ (٧٦٤) في ترجمة سليمان بن بشار، والدارقطني ٣/١٨٥ (٢٣٥٧). قال ابن عدي: «وهذا وإن كان مرسلًا -لأن الضحاك عن حذيفة يكون مرسلًا- فإنه ليس بمحفوظ». وقال الدارقطني: «الضحاك لم يسمع من حذيفة». وقال ابن الجوزي في التحقيق ٢/١٠٩ (١١٨٢): «هذا الحديث في نهاية الضعف؛ الضحاك لم يسمع من حذيفة، وجويبر ليس بشيء، قال أحمد: لا يشتغل بحديثه. وقال يحيى: ليس بشيء. وقال النسائي والدارقطني: متروك». وقال الألباني في الضعيفة ٩/١١٧ (٤١١٦): «موضوع».]]. (٢/٢٩٩)

٥٩٧٦- عن عائشة، أنّ النبي ﷺ قال: «لا اعتكاف إلا بصيام»[[أخرجه الحاكم ١/٦٠٦ (١٦٠٥). قال الدارقطني ٣/١٨٤-١٨٥ (٢٣٥٦): «تفرد به سويد، عن سفيان بن حسين». وقال الحاكم: «لم يحتج الشيخان بسفيان بن حسين، وعبد الله بن يزيد». وقال ابن الجوزي في التحقيق ٢/١١١ مُعلِّقًا على كلام الدارقطني: «قال أحمد: سويد متروك الحديث. وقال يحيى: ليس بشيء. وفي الإسناد سفيان بن حسين؛ قال يحيى: لم يكن بالقويّ، وقال ابن حبان: يروي عن الزهري المقلوبات». وقال البيهقي في الصغير ٢/١٢٨ (١٤٤٦): «وروي من وجه آخر عن عائشة موقوفًا، ومن وجه آخر ضعيف مرفوعًا ...، ولم يثبت رفعه». وقال الألباني في الضعيفة ١٠/٣١٠ (٤٧٦٨): «ضعيف».]]. (٢/٢٩٩)

٥٩٧٧- عن ابن عباس، أنّ النبي ﷺ قال: «ليس على المعتكف صيامٌ، إلا أن يجعله على نفسه»[[أخرجه الحاكم ١/٦٠٥ (١٦٠٣). قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». وقال ابن حجر في بلوغ المرام ١/١٨١ (٧٠٣): «رواه الدارقطني، والحاكم، والراجح وقفه». وقال المناوي في التيسير ٢/٣٢٤: «إسناده صحيح». وقال الألباني في الضعيفة ٩/٣٦٦ (٤٣٧٨): «ضعيف».]]. (٢/٣٠٠)

٥٩٧٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق مجاهد- قال: إذا جامع المعتكف بطل اعتكافه، ويَسْتَأْنِفُ[[أخرجه ابن أبي شيبة ٣/٩٢. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر. وقد ذكر السيوطي هنا ١/٢٩٦-٣٠٢ آثارًا عديدة متعلقة بالاعتكاف، وفضله، وآدابه.]]. (٢/٢٩٥)

٥٩٧٩- عن ثابت، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، قال: قلت له: ما أراني إلا مُكَلِّم الأمير في هؤلاء الذين ينامون في المسجد فيُجْنِبون ويُحْدِثون. قال: فلا تفعل؛ فإن ابن عمر سُئِل عنهم. فقال: هم العاكفون[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٣١٩.]]. (ز)

٥٩٨٠- عن سعيد بن المسيب -من طريق قتادة- قال: لا اعتكاف إلا في مسجد[[أخرجه ابن أبي شيبة ٣/٩١ بلفظ: إلا في مسجد نبي.]]. (٢/٢٩٩)

٥٩٨١- عن مالك، أنّه بَلَغه: أنّ القاسم بن محمد= (ز)

٥٩٨٢- ونافعًا مولى عبد الله بن عمر، قالا: لا اعتكاف إلا بصيام؛ لقول الله تعالى: ﴿وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد﴾. فإنما ذكر الله الاعتكاف مع الصيام.= (ز)

٥٩٨٣- قال مالك [بن أنس]: وعلى ذلك الأمرُ عندنا؛ أنه لا اعتكاف إلا بصيام[[موطأ مالك (ت: د. بشار عواد) ١/٤٢٣ (٨٧٧).]]٦٦٨. (٢/٢٩٩)

٦٦٨ قال ابنُ كثير (٢/٢٠٩): «وفي ذكره تعالى الاعتكافَ بعد الصيام إرشادٌ وتنبيهٌ على الاعتكاف في الصيام، أو في آخر شهر الصيام، كما ثبتت السنة عن رسول الله ﷺ».

﴿تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَقۡرَبُوهَاۗ﴾ - تفسير

٥٩٨٤- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿تلك حدود الله﴾، يعني: طاعة الله[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٣١٩.]]. (٢/٣٠٢)

٥٩٨٥- عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق عبيد بن سليمان- ﴿تلك حدود الله﴾، قال: معصية الله، يعني: المباشرة في الاعتكاف[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٧٥، وابن أبي حاتم ١/٣٢٠.]]. (٢/٣٠٢)

٥٩٨٦- عن شَهْر بن حَوْشب: فرائض الله[[تفسير الثعلبي ٢/٨٢، وتفسير البغوي ١/٢١٠.]]. (ز)

٥٩٨٧- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- قال: أمّا ﴿حدود الله﴾: فشروطه[[أخرجه ابن جرير ٣/٢٧٤، وابن أبي حاتم ١/٣٢٠.]]. (ز)

٥٩٨٨- عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف- ﴿تلك حدود الله فلا تقربوها﴾، يعني: الجماع[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٣٢٠.]]. (٢/٣٠٢)

٥٩٨٩- قال مقاتل بن سليمان: ثُمَّ قال ﷿: ﴿تلك حدود الله﴾: المباشرة، تلك معصية الله؛ ﴿فلا تقربوها﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٦٥. وقد علَّق ابن أبي حاتم ١/٣٢٠ نحو هذا القول عن مقاتل دون تعيينه، ثم أسند قول مقاتل بن حيان السابق.]]٦٦٩. (ز)

٦٦٩ ذهب ابنُ جرير (٣/٢٧٤) إلى الجمع بين ما قيل في معنى ﴿حدود الله﴾، وانتَقَد مَن قال: هي شروطه. مستندًا إلى اللغة، فقال: «يعني -تعالى ذِكْرُه- بذلك: هذه الأشياء التي بَيَّنتُها من الأكل والشرب والجماع في شهر رمضان نهارًا في غير عذر، وجماع النساء في الاعتكاف في المساجد، يقول: هذه الأشياء حَدّدتُها لكم، وأمرتُكم أن تجتنبوها في الأوقات التي أمرتكم أن تجتنبوها، وحَرَّمتُها فيها عليكم؛ فلا تقربوها، وابعدوا منها أن تركبوها، فتستحقوا بها من العقوبة ما يستحقه من تَعَدّى حدودي، وخالف أمري، وركب معاصي. وكان بعض أهل التأويل يقول: ﴿حدود الله﴾: شروطه. وذلك معنًى قريب من المعنى الذي قلنا، غير أنّ الذي قلنا في ذلك أشبه بتأويل الكلمة؛ وذلك أن حَدَّ كلِّ شيء: ما حصره من المعاني، ومَيَّز بينه وبين غيره. فقوله: ﴿تلك حدود الله﴾ من ذلك، يعني به: المحارم التي ميّزها من الحلال المطلق، فحدّدها بنعوتها وصفاتها، وعرّفها عباده».

﴿كَذَ ٰ⁠لِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ ءَایَـٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ یَتَّقُونَ ۝١٨٧﴾ - تفسير

٥٩٩٠- عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء بن دينار- في قوله: ﴿كذلك﴾، يعني: هكذا ﴿يبين الله﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٣٢٠.]]. (٢/٣٠٢)

٥٩٩١- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- ﴿لعلهم يتقون﴾، قال: يطيعون[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٣٢٠.]]. (ز)

٥٩٩٢- عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف- قوله: ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آياتِهِ لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ المعاصي، وعلى كُلِّ معتكف الصيامُ ما دام معتكفًا[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٣٢٠.]]. (ز)

٥٩٩٣- قال مقاتل بن سليمان: ﴿كذلك يبين الله آياته﴾ يعني: أمره للناس، وأمر الاعتكاف؛ ﴿لعلهم﴾ يعني: لكي ﴿يتقون﴾ المعاصيَ في الاعتكاف[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٦٥.]]٦٧٠. (ز)

٦٧٠ قال ابنُ جرير (٣/٢٧٥): «يقول: أُبَيِّنُ ذلك لهم؛ لِيَتَّقوا مَحارمي ومعاصيَّ، ويتجنَّبوا سَخطي وغضبي». وقال ابنُ كثير (٢/٢١٠): «﴿لعلهم يتقون﴾، أي: يعرفون كيف يهتدون، وكيف يطيعون».
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب