الباحث القرآني
روى شعبة عن الحكم عن مجاهد قال: هو الولد. وقاله الحكم، وعكرمة، والحسن البصري، والسدي، والضحاك.
وأرفع ما فيه: ما رواه محمد بن حر عن أبيه حدثني عمي عن أبيه حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «هو الولد»
وقال ابن زيد: هو الجماع. وقال قتادة: ابتغوا الرخصة التي كتب الله لكم.
وعن ابن عباس رواية أخرى: قال: ليلة القدر.
والتحقيق أن يقال: لما خفف الله عن الأمة بإباحة الجماع ليلة الصوم إلى طلوع الفجر، وكان المجامع يغلب عليه حكم الشهوة وقضاء الوطر، حتى لا يكاد يخطر بقلبه غير ذلك، أرشدهم سبحانه إلى أن يطلبوا رضاه في مثل هذه اللذة. ولا يباشروهن بحكم مجرد الشهوة، بل يبتغوا ما كتب الله لهم من الأجر والولد الذي يخرج من أصلابهم يعبد الله ولا يشرك به شيئا، ويبتغون ما أباح لهم من الرخصة بحكم محبته بقبول رخصه. فإن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يكره أن تؤتي معصيته. ومما كتب الله لهم: ليلة القدر، فأمروا أن يبتغوها.
لكن يبقى أن يقال: فما تعلق ذلك بإباحة مباشرة أزواجهم؟
فيقال: فيه إرشاد إلى أن يشغلهم ما أبيح لهم من المباشرة عن طلب هذه الليلة التي هي خير من ألف شهر. فكأنه سبحانه يقول: اقضوا وطركم من نسائكم ليلة الصيام، ولا يشغلكم ذلك عن ابتغاء ما كتب الله لكم من هذه الليلة التي فضلكم بها. والله أعلم.
* (فائدة)
العدوان: هو تعدي حدود الله التي قال فيها: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها ومَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ﴾.
وقال في موضع آخر: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها﴾ فنهى عن تعديها في آية وعن قربانها في آية وهذا لأن حدوده سبحانه هي النهايات الفاصلة بين الحلال والحرام ونهاية الشيء تارة تدخل فيه فتكون منه وتارة لا تكون داخلة فيه فتكون لها حكم المقابلة فالاعتبار الأول نهى عن تعديها، وبالاعتبار الثاني نهى عن قربانها.
(فائدة في إضافة ظروف الزمان للأحداث)
إنما أضيف ظروف الزمان إلى الأحداث الواقعة فيها نحو يوم يقوم زيد لأنها أوقات لها وواقعة فيها فهي لاختصاصها بها أضيف إليها وهذا بخلاف ظروف المكان لأنها لا تختص بتلك الأحداث فإن اختصت غالبا حسنت الإضافة نحو هذا مكان يجلس القاضي ويكون بمنزلة يوم يجلس القاضي سواء وربما أضيفت أسماء الزمان إلى أحداث لا تقع فيها لاتصالها بها كقوله تعالى: ﴿لَيْلَةَ الصِّيامِ﴾ فالليلة من ظروف الزمان وقد أضيف إلى الصيام وليس بواقع فيها فلما جاز في بعض الكلام أن يضاف الظرف إلى الاسم الذي هو الحدث وإن لم يكن واقعا فيه أضافوه إلى الفعل لفظا وهو مضاف إلى الحدث معنى وأقحم لفظ الفعل إقرارا للمعنى وتخصيصا للغرض ورفعا لشوائب الاحتمال حتى إذا سمع المخاطب قولك يوم قام زيد علم أنك تريد اليوم الذي قام فيه زيد ولو قلت مكان قولك ﴿ليلة الصيام﴾ ليلة صيام زيد ما كان له معنى إلا وقوع الصيام في الليل فهو الذي حملهم على إقحام لفظ الفعل عند إرادتهم إضافة الظروف إلى الأحداث وقس على ذلك المبتدأ والخبر.
* (فصل: الدَّرَجَةُ الثّانِيَةُ حِفْظُ الحُدُودِ عِنْدَ ما لا بَأْسَ بِهِ)
إبْقاءً عَلى الصِّيانَةِ والتَّقْوى. وصُعُودًا عَنِ الدَّناءَةِ. وتَخَلُّصًا عَنِ اقْتِحامِ الحُدُودِ.
يَقُولُ: إنَّ مَن صَعَدَ عَنِ الدَّرَجَةِ الأُولى إلى هَذِهِ الدَّرَجَةِ مِنَ الوَرَعِ يَتْرُكُ كَثِيرًا مِمّا لا بَأْسَ بِهِ مِنَ المُباحِ، إبْقاءً عَلى صِيانَتِهِ، وخَوْفًا عَلَيْها أنْ يَتَكَدَّرَ صَفْوُها. ويُطْفَأ نُورُها. فَإنَّ كَثِيرًا مِنَ المُباحِ يُكَدِّرُ صَفْوَ الصِّيانَةِ، ويُذْهِبُ بَهْجَتَها، ويُطْفِئُ نُورَها، ويُخْلِقُ حُسْنَها وبَهْجَتَها.
وَقالَ لِي يَوْمًا شَيْخُ الإسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - قَدَّسَ اللَّهُ رَوْحَهُ - في شَيْءٍ مِنَ المُباحِ: هَذا يُنافِي المَراتِبَ العالِيَةَ، وإنْ لَمْ يَكُنْ تَرْكُهُ شَرْطًا في النَّجاةِ. أوْ نَحْوَ هَذا مِنَ الكَلامِ.
فالعارِفُ يَتْرُكُ كَثِيرًا مِنَ المُباحِ إبْقاءً عَلى صِيانَتِهِ. ولا سِيَّما إذا كانَ ذَلِكَ المُباحُ بَرْزَخًا بَيْنَ الحَلالِ والحَرامِ، فَإنَّ بَيْنَهُما بَرْزَخًا - كَما تَقَدَّمَ - فَتَرْكُهُ لِصاحِبِ هَذِهِ الدَّرَجَةِ كالمُتَعَيِّنِ الَّذِي لابُدَّ مِنهُ لِمُنافاتِهِ لِدَرَجَتِهِ.
والفَرْقُ بَيْنَ صاحِبِ الدَّرَجَةِ الأُولى وصاحِبِ هَذِهِ: أنَّ ذَلِكَ يَسْعى في تَحْصِيلِ الصِّيانَةِ. وهَذا يَسْعى في حِفْظِ صَفْوِها أنْ يَتَكَدَّرَ، ونُورِها أنْ يُطْفَأ ويَذْهَبَ. وهو مَعْنى قَوْلِهِ: إبْقاءً عَلى الصِّيانَةِ.
وَأمّا الصُّعُودُ عَنِ الدَّناءَةِ فَهو الرَّفْعُ عَنْ طُرُقاتِها وأفْعالِها.
وَأمّا التَّخَلُّصُ عَنِ اقْتِحامِ الحُدُودِ، فالحُدُودُ هي النِّهاياتُ. وهي مَقاطِعُ الحَلالِ والحَرامِ. فَحَيْثُ يَنْقَطِعُ ويَنْتَهِي، فَذَلِكَ حَدُّهُ. فَمَنِ اقْتَحَمَهُ وقَعَ في المَعْصِيَةِ. وقَدْ نَهى اللَّهُ تَعالى عَنْ تَعَدِّي حُدُودِهِ وقُرْبانِهِ. فَقالَ: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها﴾ [البقرة: ١٨٧].
وَقالَ: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها﴾ [البقرة: ٢٢٩]. فَإنَّ الحُدُودَ يُرادُ بِها أواخِرُ الحَلالِ. وحَيْثُ نَهى عَنِ القُرْبانِ فالحُدُودُ هُناكَ: أوائِلُ الحَرامِ.
يَقُولُ سُبْحانَهُ: لا تَتَعَدُّوا ما أبَحْتُ لَكُمْ، ولا تَقْرُبُوا ما حَرَّمْتُ عَلَيْكم.
فالوَرِعُ يُخَلِّصُ العَبْدَ مِن قُرْبانِ هَذِهِ وتَعَدِّي هَذِهِ. وهو اقْتِحامُ الحُدُودِ.
{"ayah":"أُحِلَّ لَكُمۡ لَیۡلَةَ ٱلصِّیَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَاۤىِٕكُمۡۚ هُنَّ لِبَاسࣱ لَّكُمۡ وَأَنتُمۡ لِبَاسࣱ لَّهُنَّۗ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَخۡتَانُونَ أَنفُسَكُمۡ فَتَابَ عَلَیۡكُمۡ وَعَفَا عَنكُمۡۖ فَٱلۡـَٔـٰنَ بَـٰشِرُوهُنَّ وَٱبۡتَغُوا۟ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ وَكُلُوا۟ وَٱشۡرَبُوا۟ حَتَّىٰ یَتَبَیَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَیۡطُ ٱلۡأَبۡیَضُ مِنَ ٱلۡخَیۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ ثُمَّ أَتِمُّوا۟ ٱلصِّیَامَ إِلَى ٱلَّیۡلِۚ وَلَا تُبَـٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمۡ عَـٰكِفُونَ فِی ٱلۡمَسَـٰجِدِۗ تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَقۡرَبُوهَاۗ كَذَ ٰلِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ ءَایَـٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ یَتَّقُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق