الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿أُحِلَّ لَكم لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إلى نِسائِكُمْ﴾، ”اَلرَّفَثُ“: كَلِمَةٌ جامِعَةٌ لِكُلِّ ما يُرِيدُ الرَّجُلَ مِنَ المَرْأةِ، والمَعْنى هَهُنا: كِنايَةٌ عَنِ الجِماعِ، أيْ: أُحِلُّ لَكم لَيْلَةَ الصِّيامِ الجِماعُ، لِأنَّهُ كانَ في أوَّلِ فَرْضِ (p-٢٥٦)الصِّيامِ الجِماعُ مُحَرَّمًا في لَيْلَةِ الصِّيامِ، والأكْلُ والشُّرْبُ بَعْدَ العِشاءِ الآخِرَةِ، والنَّوْمُ، فَأحَلَّ اللَّهُ الجِماعَ، والأكْلَ والشَّرابَ إلى وقْتِ طُلُوعِ الفَجْرِ. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿هُنَّ لِباسٌ لَكم وأنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ﴾، قَدْ قِيلَ فِيهِ غَيْرُ قَوْلٍ، قِيلَ: اَلْمَعْنى: فَتُعانِقُوهُنَّ، ويُعانِقْنَكُمْ، وقِيلَ: كُلُّ فَرِيقٍ مِنكم يَسْكُنُ إلى صاحِبِهِ، ويُلابِسُهُ، كَما قالَ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَجَعَلَ مِنها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إلَيْها﴾ [الأعراف: ١٨٩]، والعَرَبُ تُسَمِّي المَرْأةَ ”لِباسًا“، و”إزارًا“، قالَ الشّاعِرُ: ؎إذا ما الضَّجِيعُ ثَنى عِطْفَهُ ∗∗∗ تَثَنَّتْ فَكانَتْ عَلَيْهِ لِباسا وَقالَ أيْضًا: ؎ألا أبْلِغْ أبا حَفْصٍ رَسُولًا ∗∗∗ فِدًى لَكَ مِن أخِي ثِقَةٍ إزارِي قالَ أهْلُ اللُّغَةِ: ”فِدًى لَكَ امْرَأتِي“ . قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾، قالُوا: مَعْناهُ: اَلْوَلَدُ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ - وهو الصَّحِيحُ عِنْدِي - واللَّهُ أعْلَمُ - ”وابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكم“: اِتَّبِعُوا القُرْآنَ فِيما أُبِيحَ لَكم فِيهِ، وأُمِرْتُمْ بِهِ، فَهو المُبْتَغى. (p-٢٥٧)وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ﴾، هُما فَجْرانِ، أحَدُهُما يَبْدُو أسْوَدَ مُعْتَرِضًا، وهو الخَيْطُ الأسْوَدُ، والأبْيَضُ يَطْلُعُ ساطِعًا، يَمْلَأُ الأُفُقَ، وحَقِيقَتُهُ: ”حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ اللَّيْلُ مِنَ النَّهارِ“، وجَعَلَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - حُدُودَ الصِّيامِ طُلُوعَ الفَجْرِ الواضِحِ، إلّا أنَّ اللَّهَ - عَزَّ وجَلَّ - بَيَّنَ في فَرْضِهِ ما يَسْتَوِي في عِلْمِهِ أكْثَرُ النّاسِ. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَلا تُباشِرُوهُنَّ وأنْتُمْ عاكِفُونَ في المَساجِدِ﴾، مَعْنى المُباشَرَةِ هُنا: اَلْجِماعُ، وكانَ الرَّجُلُ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ وهو مُعْتَكِفٌ، فَيُجامِعُ، ثُمَّ يَعُودُ إلى المَسْجِدِ، والِاعْتِكافُ أنْ يَحْبِسَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ في مَسْجِدِ جَماعَةٍ يَتَعَبَّدُ فِيهِ، فَعَلَيْهِ إذا فَعَلَ ذَلِكَ ألّا يُجامِعَ، وألّا يَتَصَرَّفَ إلّا فِيما لا بُدَّ لَهُ مِنهُ مِن حاجَتِهِ. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها﴾، مَعْنى ”اَلْحُدُودُ“: ما مَنَعَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - مِن مُخالَفَتِها، ومَعْنى ”اَلْحَدّادُ“، في اللُّغَةِ: اَلْحاجِبُ، وكُلُّ مَن مَنَعَ شَيْئًا فَهو ”حَدّادٌ“، وقَوْلُهُمْ: ”أحَدَّتِ المَرْأةُ عَلى زَوْجِها“: مَعْناهُ: قَطَعَتِ الزِّينَةَ، وامْتَنَعَتْ مِنها، و”اَلْحَدِيدُ“، إنَّما سُمِّيَ ”حَدِيدًا“، لِأنَّهُ يُمْتَنَعُ بِهِ مِنَ الأعْداءِ، و”حَدُّ الدّارِ“، هو ما يَمْنَعُ غَيْرَها أنْ تَدْخُلَ فِيها. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آياتِهِ لِلنّاسِ﴾، أيْ: مِثْلَ البَيانِ الَّذِي ذُكِرَ، المَعْنى: ما أمَرَهم بِهِ يُبَيِّنُ لَهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب