الباحث القرآني
طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (١٧١) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (١٧٢) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾ [النساء ١٧١ - ١٧٣].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ﴾، قوله هنا: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾ عامٌّ أريد به الخاص، والمراد بهم النصارى؛ لأن الله سبحانه وتعالى ذكر حال اليهود فيما سبق من قوله: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ﴾ إلى آخره [النساء: ١٥٧]، وما قبلها أيضًا.
ثم خاطب أهل الكتاب الذين هم النصارى، فقال: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ﴾، والغلُوّ هو الزيادة، الزيادة في الشيء تسمى غلوًّا، وتسمَّى إفراطًا، وضدها التفريط والتقصير.
وقوله: ﴿لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ﴾ أي: فيما تدينون الله به، وذلك أنهم اعتقدوا أن المسيح الله، أو ثالث ثلاثة، أو قالوا: إن المسيح وأمه إلهان، وقالوا: إن المسيح ابن الله، كل هذه الأقوال يرونها أيش؟ يرونها دينًا، فقال لهم الله: ﴿لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ﴾، أي: فيما تدينون الله به.
﴿وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ﴾ أي: لا تقولوا على الله تعالى فيما تصفونه به إلا الحق، أي الشيء الثابت المقبول عقلًا وفطرةً ونقلًا، وضده الباطل، فمن قال: إن المسيح ابن الله، فقد قال على الله غير الحق، ومن قال: إن الله ثالث ثلاثة، فقد قال على الله غير الحق، ومن قال: إن المسيح وأمه إلهان، فقد قال على الله غير الحق، ﴿وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ﴾.
﴿إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾، هذه الجملة إبطال لقولهم: إن المسيح ابن الله، وإن المسيح وأمه إلهان، وإن الله ثالث ثلاثة، وما أشبه ذلك.
قال: ﴿إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ﴾ عندنا أربع كلمات: المسيح، وعيسى، وابن مريم، ورسول الله، فلا بد من إعرابها.
أما قوله: ﴿الْمَسِيحُ﴾ فهو مبتدأ.
وأما قوله: ﴿عِيسَى﴾ فهو عطف بيان.
وأما قوله: ﴿ابْنُ مَرْيَمَ﴾ فهو صفة.
وأما قوله: ﴿رَسُولُ اللَّهِ﴾ فهو خبر.
وهذه الجملة ﴿إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ﴾ جملة تدل على الحصر، فيكون التركيب: ما المسيح عيسى بن مريم إلا أيش؟ إلا رسول الله، يعني: وليس جزءًا من الله ولا إلهًا.
﴿إِنَّمَا الْمَسِيحُ﴾، المسيح لقب لعيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، وسُمِّي بذلك لأنه لا يمسح ذا عاهة إلا برئ، يُبرِئ الأكمه والأبرص بإذن الله عز وجل، بخلاف المسيح الدجال؛ فإنما سُمِّي المسيح لأنه ممسوح العين، أي أعورها.
وقوله: ﴿عِيسَى﴾ هو العلَم.
فإن قال قائل: كيف قدَّم اللقب على العلَم واللقب وصف والعلَم ذات؟ قلنا: إن اللقب إذا اشتهر به الملقَّب صار بمنزلة العلَم، بل أظهر في تعيين الملقَّب من العلَم، ولهذا تقول: الإمام أحمد، مثلًا، تقدِّم اللقب، المسيح عيسى بن مريم، تقدِّم اللقب؛ لأنه بلقبه أظهر وأبين.
وقوله: ﴿ابْنُ مَرْيَمَ﴾ هي مريم بنة عمران، ونُسِب إليها؛ لأنه ليس له أب، وإلا فمن المعلوم أن من له أب شرعي فإنه يجب أن يُنسب إليه لا إلى أمه، وقولنا: أب شرعي، احترازًا ممن له أب قدَري لا شرعي، وهو ما حصل بالزنا -والعياذ بالله- فإن هذا له أب قدري، وهو الزاني، لكن الزاني ليس أبًا شرعيًّا.
﴿عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ﴾ أي: مُرسَل من الله عز وجل، وليس ربًّا ولا جزءًا من رب، بل إنه رسول الله حقًّا.
﴿رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ﴾، الواو حرف عطف.
﴿كَلِمَتُهُ﴾ معطوفة على ﴿رَسُولُ اللَّهِ﴾.
﴿كَلِمَتُهُ﴾ أي: كلمة الله، أي الكائن بكلمة، وليس هو الكلمة؛ لأن الكلمة وصف للمتكلم لا شيء بائن منه، وعلى هذا فيكون معنى ﴿كَلِمَتُهُ﴾ أي: الكائن بكلمته، كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عمران ٥٩].
﴿وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ﴾، أوصلها إلى مريم بأن قال لها: احملي، مثلًا، أو كلمة نحوها، نعوذ بالله أن نقول على الله ما لم يقله، لكن هذا معنى كون كلمة تصل إلى مريم، عن طريق من؟ عن طريق جبريل، كما قال تعالى: ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا﴾ [التحريم ١٢]، ﴿نَفَخْنَا فِيهِ﴾ أضاف الله النفخ إليه؛ لأنه فِعْل رسوله، أرسله لينفخ فيه، في فرجها، وإضافة النفخ إلى الله مع أنه كان من جبريل كإضافة القراءة إلى الله مع أنه كان من جبريل في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة ١٨]، من اللي يقرؤه؟ جبريل، يقرؤه والنبي ﷺ يتبعه.
﴿كَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ﴾، ﴿أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ﴾ ابنة عمران، وموسى بن عمران، هل هما أخوان؟
* الطلبة: لا.
* الشيخ: سبحان الله! مريم بنة عمران وموسى بن عمران.
* الطلبة: تشابه أسماء..
* الشيخ: ليس هو؟ ليست أخًا لموسى؟ كيف؟ ما هو الأب واحد؟
الجواب: أُورِد هذا الإشكال على النبي ﷺ، فقال: «إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَسْمَاءِ أَنْبِيَائِهِمْ»[[أخرجه مسلم (٢١٣٥ / ٩) من حديث المغيرة بن شعبة.]] يعني موسى بن عمران، أيضًا مريم بنة عمران، فعمران اللي هو أبو موسى هو لا نعلم أنه نبي، لكنه أبو نبي، فكان هذا الاسم شائعًا في بني إسرائيل، فسُمِّيَ أبو مريم عمران.
﴿وَرُوحٌ مِنْهُ﴾، كلمة ﴿رُوحٌ مِنْهُ﴾ ويش معنى ﴿رُوحٌ مِنْهُ﴾؟ هل معناه أنها ريح منه وهو ما حصل بالنفخ من جبريل؟ أو أنه روح منه، أي أن روحه مخلوقة من الله عز وجل؟ أو الأمران؟ الأمران؛ لأنهما لا يتنافيان، فإن جبريل نفخ في فرجها، والنفخ ريح، وكذلك عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام جسد نُفِخَت فيه الروح فصار إنسانًا، ولهذا سماه الله تعالى روحًا يغلِب على دينه المسالك الروحية والرهبانية، وما أشبه ذلك.
وقوله: ﴿رُوحٌ مِنْهُ﴾ من الله، و(من) هنا ليست للتبعيض قطعًا، وقد استدل بها النصراني على أن عيسى جزء من الله، وجعل (من) أيش؟ للتبعيض، وذلك لأنه زائغ، والزائغون هم الذين يتبعون ما تشابه من الأدلة ابتغاء الفتنة، فهم يتبعون المتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله.
وذُكِرَ أن نصرانيًّا استدل بها على أن عيسى جزء من الله، وقال: إن قرآنكم يدل على ما قلنا أن عيسى جزء من الله، وكان عنده أحد العلماء، فتلا هذه الآية: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ [الجاثية ١٣]، فقال للنصراني: إذن السماوات والأرض وما فيها جزء من الله؟ فحارَ النصراني وعرف أنه على ضلال ثم أسلم، أسلم لأنه تبيَّن له الحق. فـ (من) هنا ليست للتبعيض، ولكنها للابتداء، أي أنها من عند الله عز وجل ﴿وَرُوحٌ مِنْهُ﴾.
يقول: (واعلم أن المضاف إلى الله عز وجل) سنتكلم عليه إن شاء الله في الفوائد.
﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ (آمِنوا)، الضمير الواو تعود إلى من؟
* طالب: النصارى.
* الشيخ: إلى أهل الكتاب الذين يراد بهم النصارى.
﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ عيسى وموسى ومحمد، جميع الرسل، لا تقولوا: لا نؤمن إلا بعيسى؛ لأن محمدًا ليس هو الذي بشر به، بل آمنوا بالله ورسله كلهم من أولهم إلى آخرهم.
والإيمان في اللغة اشتهر بأنه التصديق، ولكن الصحيح أنه ليس التصديق، وأنه الإقرار، ولهذا يعدَّى بالباء، يُقال: آمَن بكذا، أي أقرَّ به إقرار مؤمِن مصدِّق، وقد ذكر هذا شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه الإيمان بأن مَن فسَّره بالتصديق فليس بصواب، لكن قد يُضَمَّن معنى التصديق ثم يتعدَّى باللام، مثل قوله: ﴿فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ﴾ [العنكبوت ٢٦]، والإيمان هنا بمعنى الانقياد، أي: فانقاد له لوط، ﴿وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي﴾.
﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ﴾، جملة ﴿لَا تَقُولُوا﴾ فعل مضارع، أو نقول: إنها جملة مكوَّنة من فعل مضارع وفاعل، والقول هو النطق باللسان، وهنا كلمة ﴿ثَلَاثَةٌ﴾ هل وقع عليها الفعل؟
* طلبة: لا.
* الشيخ: لا؛ لأن القول لا ينصب إلا جملة أو شبه جملة، لا ينصب الاسمَ المفرَد إلا على لغة بعض العرب الذين يجعلون القول كالظنّ فينصبون به المفرد، وعلى هذا فنقول: ﴿ثَلَاثَةٌ﴾ ليست مفعولًا لـ ﴿تَقُولُوا﴾، ولكنها خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: ولا تقولوا الله ثلاثة، وكانوا يقولون بالتثليث كما ذكر الله ذلك عنهم في قوله: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ﴾ [المائدة ٧٣].
﴿انْتَهُوا﴾ انتهوا عن أيش؟ عن قول: ثلاثة، فنهى أولًا، ثم أمر ثانيًا، ﴿انْتَهُوا﴾.
﴿خَيْرًا لَكُمْ﴾، ﴿خَيْرًا﴾ هذه هي خبر (يكن) المحذوف، تقدير: انتهوا يكن خيرًا لكم.
و﴿إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ هذا دفع لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ﴾، وإنما أداة حصر، فالجملة فيها حصر الألوهية بالله عز وجل.
﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ﴾ (سبحان) بمعنى تنزيه، وهي اسم مصدر، وفعلها (سبَّح)، والمصدر منه (تسبيح)، واسم المصدر (سبحان)، وهي ملازمة للنصب على المفعولية المطلقة دائمًا، كلما جاءت (سبحان) فهي منصوبة على أنها مفعول مطلق، وعاملها محذوف وجوبًا، لا يُجمع بينها وبين عاملها.
وقوله: ﴿سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ﴾، (أن) هذه مصدرية، وقد حُذِفَ حرف الجر منها للعلم به، أي: تنزيهًا له عن أن يكون له ولد، وإنما هو منزَّه عن الولد جلَّ وعلا؛ لأمور متعددة:
أولًا: لأنه مالك كل شيء، والمالك لا بد أن يكون المملوك مباينًا له في كل الأحوال.
وثانيًا: أنه ليس له زوجة، الابن إنما يكون غالبًا ممن له زوجة، كما ذكر الله ذلك في سورة الأنعام: ﴿أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ﴾ [الأنعام ١٠١].
ومنها أيضًا: أن الولد إنما يكون لمن يحتاج للبقاء، أي بقاء النوع باستمرار النسل، والرب عز وجل ليس بحاجة إلى ذلك، لماذا؟ لأنه الحي الذي لا يموت.
ومنها: أن الابن إنما يحتاج إليه والده ليساعده ويعينه على شؤونه وأموره، والله سبحانه وتعالى غني، وقد أشار الله إلى ذلك في قوله: ﴿سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ﴾ [يونس ٦٨]، فعلى كل حال هو منزَّه عن أن يكون له ولد، وما قدَّر اللهَ حق قدره من قال: إن له ولدًا.
﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾، هذا كالدليل على أنه مُنَزَّه عن الولد؛ أن له ما في السماوات والأرض ملك، والولد لا بد أن يكون كوالده في أنه له قسط من الملك؛ لأنه سوف يرث والده إذا مات مثلًا، والله سبحانه له ملك السماوات والأرض.
﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾، و(ما) هنا للعموم، أي: كل ما في السماوات من ذوات وأحوال وأمور فهي لله عز وجل، وكذلك ما في الأرض.
﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾، قال المعرِبون: إن الباء هنا زائدة، والتقدير: وكفى الله وكيلًا، أي حافظًا على كل شيء، فلا يحتاج إلى ابن يساعده أو يعينه في حفظ الملك.
* في هذه الآية الكريمة فوائد، منها: النهي عن الغُلُوّ في الدين؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ﴾، وإذا نهى الله أمة عن شيء وقصَّه علينا فهو عبرة لنا، يعني أننا منهيُّون عنه، ويؤكد هذا قول النبي ﷺ: «لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحَ بْنَ مَرْيَمَ»[[أخرجه البخاري (٣٤٤٥) من حديث عمر بن الخطاب.]]، أي: لا تَغْلُوا فِيَّ.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الغلو في الدين كالنقص منه، فكما أن الإنسان منهيٌّ عن النقص في دينه هو أيضًا منهي عن الغلو.
* ومن فوائد الآية: أنه لا يجوز لنا أن نغلو في ديننا، سواء ما يتعلق برسولنا ﷺ، أو بأعمالنا، وعلى هذا فمن أحب النبي ﷺ أكثر من محبة الله فهو أيش؟ غالٍ فيه عليه الصلاة والسلام، ومن نزله منزلة الرب وأنه يتصرف في الكون فهو غالٍ فيه، ومن زعم أن غيره ممن هو دونه يتصرف في الكون فهو غالٍ فيه، فالغلُوّ إذن مجاوزة الحد في كل شيء.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تحريم القول على الله إلا بالحق؛ لقوله: ﴿وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ﴾، وهو الشيء الثابت.
* ويتفرع من هذه الفائدة: تحريم تحريف آيات الصفات وأحاديثها؛ لأن الذي يحرِّفها لم يقل على الله الحق، بل قال عليه الباطل، واضح؟
* طلبة: نعم.
* الشيخ: نعم، آيات الصفات، مثلًا: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة ٦٤]، قال قائل: ليس المراد باليدين اليد الحقيقية، بل المراد النعمة والقدرة، وما أشبه ذلك، نقول: هذا قال على الله غير الحق؛ لأنه قال ما لا يريده الله عز وجل.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: بيان أن المسيح عليه الصلاة والسلام لا يستحق من أمر الربوبية شيئًا، من أين تؤخذ؟ من قوله: ﴿رَسُولَ اللَّهِ﴾.
* ومن فوائدها: جواز نسبة الإنسان إلى أمه إذا لم يكن له أب؛ لقوله: ﴿عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾، وعيسى بن مريم ليس له أب كما هو معلوم للجميع، إذا كان الولد ولد زنا قلنا: إنه ليس له أب شرعي، فإلى من يُنسب؟
* طالب: إلى أمه.
* الشيخ: إلى أمه، يبقى عندنا إشكال، هو يُنسب إلى أمه حقيقة وحكمًا لا شك فيه، لكن عند المناداة عندما نضع له اسمًا يشتهر به بين الناس وينادَى به هل نحن ننسبه إلى أمه، فيكون بذلك نشر عارها وكسر قلبه، أو نضع له اسمًا ننسبه إلى من هو حقيقة منسوب إليه، فنقول مثلًا: عبد الله بن عبد الكريم؟ الثاني أولى، نحن إذا قلنا: هو عبد الله بن عبد الكريم، هل أخطأنا؟ لأن الزاني عبد لله عز وجل، وإن كان زانيًا فهو عبد لله، فنسيمه بهذا الاسم؛ لأنه لو سمَّيناه منسوبًا إلى أمه لكان كل إنسان يسمع سيقول: لماذا؟ ثم يلحق العار هذا الرجل وذريته، ويبقى وصمة عار في تاريخهم إلى ما شاء الله.
فنقول: الحمد لله، أما من جهة الأحكام الشرعية فلا شك أننا لا نرتِّب عليها أحكام الأبوة، ولهذا لو مات ابن الزنا من يرثه؟ أمه، ترثه فرضًا وتعصيبًا، نعم، فلهذا نقول: يوضع له اسم يُنسب إليه، ولا يخالف الواقع.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات رسالة عيسى بن مريم؛ لقوله: ﴿رَسُولُ اللَّهِ﴾، ولهذا يجب علينا أن نؤمن بأن عيسى رسول ليس له حق من الربوبية بأي حال من الأحوال.
* طالب: بارك الله فيكم، الولد إذا كان من الزنا، ولكن بعد أن حملت المرأة تزوَّج بها الزاني زواجًا شرعيًّا، ثم ولدت، فهذا الولد إلى من يُنسب؟
* الشيخ: أولًا نقول: لا بد من توبة الزاني والزانية، لا بد من تحقق ذلك، ثانيًا: إذا تزوجها فأكثر العلماء يقولون: إنه لا يجوز أن يتزوجها؛ لأنها الآن في عِدَّة لا يلحقه ولدها، فيجب أن ينتظر حتى تنتهي العدة، وذلك بوضع الحمل على الوجه المعروف، ومن العلماء من يجوِّز ذلك إذا تحققت التوبة، وأنه إذا استلحقه الزاني يُلحَق به، لكن هذا الباب لا يجوز إطلاقًا أن يُفتح للناس؛ لأنه لو كان هذا القول من الناحية النظرية قولًا صحيحًا لكن لا يجوز أن يُفتى به الناس علنًا، لماذا؟
* الطلبة: يتساهلون.
* الشيخ: يتساهلون في هذا الأمر، كل إنسان يزني بامرأة فإذا حملت ذهب يتزوجها، وأهلها سوف يُضطرون إلى أن يزوِّجوه، ويفتح باب شر على الناس.
* طالب: شيخ، كيف إذا قال أحدهم: قوله تعالى: ﴿سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ [الجاثية ١٣] يختلف عن قوله تعالى: ﴿وَرُوحٌ مِنْهُ﴾ هناك سخَّر منه.
* الشيخ: لا، جميعًا منه.
* الطالب: القضية أنه بداية سخَّر، يعني التسخير منه، يعني تباشر..
* الشيخ: الروح هي اللي خلقت نفسها؟ لا بد مخلوقة، كيف صار النصراني أفقه منك؟! النصراني أسلم، انتقل من دينه لأجل هذا.
* الطالب: أنا قلت إذا كانت شبهة مثلًا.
* الشيخ: ما هي شبهة.
* طالب: في المثال اللي مرّ علينا عبد الله بن عبد الكريم، (بن) يا شيخ وذكر اسمه يا شيخ..
* الشيخ: إي، هذا -بارك الله فيك- لا شك أنه ابنه قدرًا، هو ابنه قدرًا مخلوق من مائه، وهذا لا يمتري فيه أحد، لكن لما كان على غير وجه شرعي لم يلحق به شرعًا، أما قدرًا فهو ابنه ما فيه إشكال.
* الطالب: إي يا شيخ بس (ابن)؟
* الشيخ: ابن إيه.
* الطالب: ابن عبد الكريم (ابن) لفظة (ابن) تجاه نفسه يا شيخ.
* الشيخ: هذا ابن ما هو ابن شرعي، ابن قدري؛ لأن هذا الزاني.
* الطالب: المنسوبة لله سبحانه وتعالى.
* الشيخ: لا.
* الطالب: يعني منسوب عبد الله بن عبد الكريم.
* الشيخ: إي، لو كان عندنا واحد اسمه عبد الله وأبوه عبد الكريم، ما نقول عبد الله بن عبد الكريم؟
* الطالب: إي، لفظة (ابن) صار بها الإشكال.
* الشيخ: ما فيه إشكال.
* طالب: شيخ بارك الله فيكم، بعض النصارى بعد مناقشتهم قد وقعت لهم مع بعض الناس، يقولون: نحن نقرّ بأن الله واحد، وأن عيسى رسول، ما يذكرون باللسان هل هذه تورية يا شيخ، يعني يريدون أن يخرجوا من المأزق، أم أنها عقيدة عندهم، وبعضهم يقول هكذا؟
* الشيخ: يمكن، قد يكون بعضهم يطلق ذلك؛ لأنهم فِرق مثل غيرهم، افترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، قد يكون هذا، لكن إذا لم يؤمنوا بمحمد فهم كفار حتى بعيسى.
* طالب: أحسن الله إليك، يسمون المسيح الدجال المسيخ؛ بالخاء.
* الشيخ: لا، غلط، الثابت في الصحيحين وغيرهما: «وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٨٣٢)، ومسلم (٥٨٩ / ١٢٩) من حديث عائشة.]].
* طالب: أحسن الله إليك، ننسبه إلى من يا شيخ –القبيلة- ابن الزنا؟
* الشيخ: يكفي عبد الله بن عبد الكريم فقط، تكون العائلة التي تكون منه، إذا أراد الله أن تكون له عائلة آل عبد الكريم.
* طالب: إذا وجدنا صغيرًا وما علمنا له لا أب ولا أم، إلى من يُنسَب؟
* الشيخ: اللقيط، هذا يُنسَب مثل ما قلنا، يوضع له اسم مثل: عبد الله بن عبد الكريم، عبد الرحمن بن عبد العزيز، أو فلان ابن أبيه، الذي خُلِق من مائه، لكنه ليس أبًا شرعيًّا، وقد يكون أبًا شرعيًّا؛ لأن بعض الناس ربما يلقي أولاده في الطرقات وفي المساجد عجزًا عنهم؛ لأن هذا اللقيط في الحقيقة ما ندري هل هو ابن زنا ولّا ابن رشد، لكن أبوه ألقى به لعجزه عنه.
* طالب: كيف يعامَل شرعًا يا شيخ، من حيث ميراثه، أو من حيث الأحكام التي تلحق ابن الزنا، هذا اللقيط..
* الشيخ: أما على المشهور عند أهل العلم فميراثه لبيت المال، وديته إن قُتِل لبيت المال، إلا إذا تزوج مثلًا صار له أولاد فأولاده يرثون، ولكن القول الراجح أنه يكون لمن التقطه، يكون ماله لمن التقطه؛ لأنه قام عليه وحضنه وتعب فيه فيكون له، وهو أولى من بيت المال الذي يكون لعموم الناس.
* طالب: نسينا ذكر أنواع الإضافات لله؟
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: كنا ذكرنا روح منه، ذكرتم يا شيخ بأنكم ستذكرون أنواع الإضافات.
* الشيخ: إي، ما وصلنا لها، هذه إن شاء الله في الفوائد.
* طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، بالنسبة لما اشتهر في عهد الصحابة بالنسبة لأمه، كابن أم مكتوم وابن بحينة، كيف يكون هذا مع وجود لهم آباء؟
* الشيخ: إي نعم، هذا لأنهم يرضون بذلك، واشتهر هذا الشيء، وليس فيه أدنى شك في أنهم أولاد حقيقة لآبائهم، وإلا فيه ابن مكتوم وفيه عبد الله بن مالك ابن بحينة.
* الطالب: والحديث اللي فيه وعيد «مَنِ انْتَسَبَ لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٥٠٨)، ومسلم (٦١ / ١١٢) من حديث أبي ذر.]].
* الشيخ: لا، هو ما انتسب، كلٌّ يعرف أن أباه فلان.
* طالب: أحسن الله إليك يا شيخ: أحد الإخوان.. (...)
* * *
* طالب: ﴿فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (١٧٢) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (١٧٣) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (١٧٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ [النساء ١٧٢ - ١٧٥].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، * من فوائد الآية الكريمة: في قوله تعالى: ﴿وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ﴾ إطلاق السبب على مسبَّبِه؛ لقوله: ﴿وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ﴾، فإن عيسى ليس هو الكلمة نفسها، لكنه خُلِق بالكلمة، فأُطلِق السبب وأريد المسبَّب.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن عيسى عليه الصلاة والسلام من أشرف عباد الله وأكرمهم عليه؛ لأنه أضافه إلى نفسه، فقال: ﴿وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ﴾، والإضافة للتخصيص والتكريم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن عيسى عليه الصلاة والسلام روح من الله، يعني أنه من جملة الأرواح التي خلقها الله عز وجل، ولكن أضيف إلى الله عز وجل من باب التكريم والتشريف.
واعلم أن المضاف إلى الله تعالى نوعان: نوعٌ معنى لا يقوم إلا بغيره، وهذا يكون من صفاته، مثل عِلم الله، قدرة الله، سمع الله، كلام الله، وما أشبه ذلك، هذه معاني إذا أضيفت إلى الله فهي من صفاته وليست بمخلوقة.
ونوع آخر يضاف إلى الله لكنه بائن منه منفصل عنه، وهذا يكون مخلوقًا، لكن أضيف إلى الله من باب التشريف والتكريم، ومنه قوله هنا: ﴿وَرُوحٌ مِنْهُ﴾، وقوله تعالى: ﴿فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا﴾ [الشمس ١٣]، فأضاف الناقة إليه، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ [البقرة ١١٤]، وقوله تعالى: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ﴾ [الحج ٢٦]، بيتي، كل هذه أعيان قائمة بنفسها، فإضافتها إلى الله إضافة أيش؟ تشريف وتكريم.
اذكر ما ذكرنا من التقسيم، المضاف إلى الله ينقسم؟
* طالب: النوع الأول: الأعيان..
* الشيخ: الأعيان، نعم.
* الطالب: النوع الثاني..
* الشيخ: لا، المضاف إلى الله نوعان، الأول؟
* طالب: أعيان.
* الشيخ: أن يكون عينًا قائمة بنفسه، فإضافته هنا من باب؟
* الطالب: إضافة الصفات.
* الشيخ: أيش؟ خطأ.
* طالب: (...).
* الشيخ: الأول ما ليس قائمًا بنفسه، فهذا يكون صفة، مثل؟
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم، والثاني.
* طالب: (...).
* الشيخ: أن يكون عينًا قائمًا بنفسه، فهذا؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إضافته إلى الله؟
* طالب: (...).
* الشيخ: طيب، مثاله؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إذا كان الشيء ليس بمعنى ولكنه مضاف إلى الله، وهو بالنسبة إلينا أبعاض وأجزاء، مثل يد الله، فهذا أيضًا يلحق بكونه من الصفات؛ لأنه ليس منفصلًا بائنًا عن الله عز وجل، فيكون من صفاته.
* ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب الإيمان بالله ورسله كلهم أجمعين، من نوح إلى محمد عليه الصلاة والسلام؛ لقوله تعالى: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾، وقد سبق لنا مرارًا ما يتضمنه الإيمان بالله عز وجل، فلا حاجة إلى التكرار، وكذلك ما يتضمنه الإيمان بالرسل.
* ومن فوائد الآية الكريمة: النهي عن التثليث؛ لقوله: ﴿وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ﴾، يعني أنه يحرم أن يقول الإنسان: إن الله ثالث ثلاثة، وهذا من الشرك، فالنهي عنه كقوله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ [النساء ٣٦]، فلا يقول قائل: لماذا اقتصر على النهي فقط؟ نقول: نعم، اقتصر على النهي ولو كان هو شركًا؛ لأن الشرك منهيٌّ عنه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن من تاب من التثليث وانتهى عنه تاب الله عليه؛ لقوله؟
* طالب: (...).
* الشيخ: من أي الكلمتين؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: نعم، من قوله: ﴿انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ﴾ فدل هذا على أن من تاب فهو خير له، وهذا يستلزم قبول التوبة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: انفراد الله تعالى بالألوهية، من أين تؤخذ من الآية؟
* طالب: (...).
* الشيخ: وجه الدلالة على أن الله منفرد بالألوهية؟
* الطالب: ﴿إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾.
* الشيخ: من قوله: ﴿إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾، واحد، كلمة (واحد)، أيضًا دليل آخر؟
* الطالب: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾.
* الشيخ: لا.
* طالب: الفصل، فصل..
* الشيخ: خطأ ما فيه فصل.
* طالب: الحصر.
* الشيخ: الحصر؟
* طالب: القصر.
* الشيخ: القصر؟ إحنا بلغتنا الحصر، وهو يسمى قصرًا، لكن إنّا درجنا على الحصر، الحصر في قوله: ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ﴾، فقوله: ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ﴾ دلَّت على الحصر، وهو أن الله تعالى هو الإله وحده، لكن قوله: ﴿وَاحِدٌ﴾ يكون زيادة تأكيد.
* من فوائد الآية الكريمة: تنزيه الله أن يكون له ولد، يعني أنه مُنَزَّه عن أن يكون له ولد، من أين تؤخذ؟
* طالب: قوله: ﴿سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ﴾.
* الشيخ: قوله: ﴿سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ﴾ تنزيهًا له، ما وجه كون اتخاذ الولد بالنسبة إلى الله تعالى عيبًا ونقصًا؟
* طالب: لأنه يفتقر (...).
* الشيخ: نقص..
* الطالب: (...).
* الشيخ: لأنه يستلزم؟
* الطالب: أن يكون محتاجًا إليه.
* الشيخ: أن يكون محتاجًا إليه، وأن يكون باقيًا فيما لو هلك الأب، مَنْ الذين قالوا: إن الله اتخذ ولدًا؟
* طالب: النصارى.
* الشيخ: غيرهم؟
* طالب: اليهود.
* الشيخ: غيرهم؟
* طالب: (...).
* الشيخ: المشركون، ثلاثة، اللي نعرف ثلاثة أصناف ادعوا لله ولدًا.
* من فوائد الآية الكريمة: انفراد الله تعالى بالملك، من أين تؤخذ؟
* طالب: (...).
* الشيخ: ما وجه ذلك؟
* الطالب: وجه ذلك (...).
* الشيخ: ما عندنا معمول يا ولدي.
* الطالب: (...).
* الشيخ: قدم أيش؟
* الطالب: ما حقه التأخير.
* الشيخ: ما حقه التأخير، أحسنت، قدم ما حقه التأخير، وتقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر.
* من فوائد الآية الكريمة : إثبات أن السماوات عدد لكنه مبهَم، السؤال في الجمع ﴿السَّمَاوَاتِ﴾ هل بُيِّن؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: في أي آية؟
* الطالب: في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ [الطلاق ١٢].
* الشيخ: أحسنت، الأرض؟
* الطالب: الأرض فيها آية فيها إشارة، وقد بَيَّنَت السنة أن الأرض سبع أرضين.
* الشيخ: نعم، جاءت السنة بذلك صريحًا، في مثل قوله؟
* الطالب: قوله ﷺ: «مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣١٩٨)، ومسلم (١٦١٠ / ١٣٧) واللفظ له، من حديث سعيد بن زيد. ]].
* الشيخ: «طَوَّقَهُ اللهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ»، أحسنت، هل يكون الله تعالى وكيلًا لغيره؟
* طالب: لا يا شيخ.
* الشيخ: لا؟!
* الطالب: الله وكيل على (...).
* الشيخ: أيش لونه؟ هل الله وكيل على الخلق؟
* طالب: وكيل نعم.
* الشيخ: بمعنى؟
* الطالب: رب لهم.
* الشيخ: رب لهم، وحافظ لهم، ليس بمعنى أنه وكيل لغيره فيهم، متأكد؟
* الطالب: إي نعم.
* الشيخ: أحسنت، أين الدليل على ذلك؟
* الطالب: الدليل أن الله له ما في السماوات وما في الأرض.
* الشيخ: أين الدليل على أنه وكيل على خلقه؟
* الطالب: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾.
* الشيخ: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾، طيب وهل الله موكِّل؟ هو وكيل الآن، لكن هل هو موكِّل؟
* طالب: ما هو موكِّل.
* الشيخ: ما هو موكِّل.
* طالب: موكِّل الملائكة.
* الشيخ: أين الدليل؟
* الطالب: ألم تعلم أن الله (...).
* الشيخ: ما فيه وكالة.
* طالب: أن الله سبحانه وتعالى قد أمر النبي ﷺ (...).
* الشيخ: لا يا أخي، نبغي إثبات أن الله يوكِّل، ﴿فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ﴾ [الأنعام ٨٩].
قوله تعالى: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ هذا يوجب للإنسان صدق الاعتماد على الله عز وجل، وأن يعتمد على الله وحده؛ لقوله تعالى: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾، لا تعتمد إلا على الله عز وجل، اجعل اعتمادك على الله فإنه كافيك، ولو أننا صدقنا في ذلك لكان الله حسبنا، ومن كان الله حسبه فقد تم له أمره، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق ٣]، أتموا، ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ﴾.
فأنت يا أخي توكَّل على الله، فإن صدقت التوكل على الله فإن الله حسبك وكافيك، يسهل لك أمرك، وهذا وعد من الله عز وجل، ما هو من زيد ولا من عمرو.
وجاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لَوْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا»[[أخرجه الترمذي (٢٣٤٤)، والنسائي في المجتبى (١١٨٠٥)، وابن ماجه (٤١٦٤) من حديث عمر بن الخطاب. ]]، الطير تغدو من أوكارها خماصًا جائعة، قد مضى عليها الليل ونفد ما في بطونها، لكنها متوكِّلة على الله عز وجل، تعرف ربها وتعتمد عليها، ولا ترجع إلا وهي أيش؟ بطانٌ، ممتلئة البطون.
فلو أننا توكَّلنا على الله حق التوكل لكفانا، لكن ينقصنا ذلك كثيرًا، وجود الأسباب المادية تجد أكثر الناس يعتمد عليها وينسى المسبِّب عز وجل.
{"ayah":"یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ لَا تَغۡلُوا۟ فِی دِینِكُمۡ وَلَا تَقُولُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ إِنَّمَا ٱلۡمَسِیحُ عِیسَى ٱبۡنُ مَرۡیَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُۥۤ أَلۡقَىٰهَاۤ إِلَىٰ مَرۡیَمَ وَرُوحࣱ مِّنۡهُۖ فَـَٔامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۖ وَلَا تَقُولُوا۟ ثَلَـٰثَةٌۚ ٱنتَهُوا۟ خَیۡرࣰا لَّكُمۡۚ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَـٰهࣱ وَ ٰحِدࣱۖ سُبۡحَـٰنَهُۥۤ أَن یَكُونَ لَهُۥ وَلَدࣱۘ لَّهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِیلࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق