الباحث القرآني

قَوْله - تَعَالَى -: ﴿يَا أهل الْكتاب لَا تغلوا فِي دينكُمْ﴾ الغلو: مُجَاوزَة الْحَد، وَالْآيَة فِي النَّصَارَى، قَالَ الْحسن: يجوز أَن تكون فِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى؛ فَإِنَّهُم غلوا فِي أَمر عِيسَى، أما الْيَهُود بالتقصير فِي حَقه، وَأما النَّصَارَى بمجاوزة الْحَد فِيهِ. الغلو غير مَحْمُود فِي الدّين، روى ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " إيَّاكُمْ والغلو فِي الدّين؛ فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بالغلو ". ﴿وَلَا تَقولُوا على الله إِلَّا الْحق إِنَّمَا الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم رَسُول الله وكلمته﴾ وَقد بَينا أَقْوَال الْعلمَاء فِي كَونه " كلمة " وَجُمْلَته ثَلَاثَة أقاويل: أَحدهَا: أَنه بكلمته، وَهِي قَوْله: كن، فَكَانَ، وَالثَّانِي: أَنه يَهْتَدِي بِهِ، كَمَا يَهْتَدِي بِكَلِمَة الله، الثَّالِث: كَلمته: بشارته الَّتِي بشر بهَا فِي الْكتب " يكون عِيسَى " فَهَذَا معنى قَوْله: ( ﴿وكلمته﴾ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ) وَفِي تَسْمِيَته " روحا " ثَلَاثَة أقاويل: أَحدهَا: أَنه كَانَ لَهُ روح كَسَائِر الْأَرْوَاح، إِلَّا أَن الله - تَعَالَى - أَضَافَهُ إِلَى نَفسه تَشْرِيفًا. وَالثَّانِي: أَنه تحيا بِهِ الْقُلُوب، كَمَا تحيا الْأَبدَان بِالروحِ. الثَّالِث: أَن الرّوح: هُوَ النفخ الَّذِي نفخ فِي مَرْيَم جِبْرِيل بِإِذن الله؛ فَسمى ذَلِك النفخ روحا. (فآمنوا بِاللَّه وَرُسُله وَلَا تَقولُوا ثَلَاثَة) وَكَانَت النَّصَارَى يَقُولُونَ بِالثَّلَاثَةِ، كَانُوا يَقُولُونَ: ابْن، وآب، وروح الْقُدس، وَهَذَا معنى قَوْله - تَعَالَى -: ﴿لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة﴾ وَقَوله: ﴿انْتَهوا خيرا لكم﴾ تَقْدِيره: يكن الِانْتِهَاء خيرا لكم. ﴿إِنَّمَا الله إِلَه وَاحِد سُبْحَانَهُ أَن يكون لَهُ ولد﴾ وَاعْلَم أَن الله - تَعَالَى - كَمَا لَا يجوز لَهُ أَن يتَّخذ ولدا، لَا يجوز عَلَيْهِ التبني؛ فَإِن التبني إِنَّمَا يكون حَيْثُ يكون بِهِ الْوَلَد، فَإِذا لم يتَصَوَّر لله ولد وَلم يجز عَلَيْهِ التبني ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَكفى بِاللَّه وَكيلا﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب