الباحث القرآني

﴿يا أهْلَ الكِتابِ لا تَغْلُوا في دِينِكُمْ﴾ الخِطابُ لِلْفَرِيقَيْنِ، غَلَتِ اليَهُودُ في حَطِّ عِيسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ حَتّى رَمَوْهُ بِأنَّهُ وُلِدَ مِن غَيْرِ رِشْدَةٍ، والنَّصارى في رَفْعِهِ حَتّى اتَّخَذُوهُ إلَهًا. وقِيلَ الخِطابُ لِلنَّصارى خاصَّةً فَإنَّهُ أوْفَقُ لِقَوْلِهِ: ﴿وَلا تَقُولُوا عَلى اللَّهِ إلا الحَقَّ﴾ يَعْنِي تَنْزِيهَهُ عَنِ الصّاحِبَةِ والوَلَدِ. ﴿إنَّما المَسِيحُ عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وكَلِمَتُهُ ألْقاها إلى مَرْيَمَ﴾ أوْصَلَها إلَيْها وحَصَّلَها فِيها. ﴿وَرُوحٌ مِنهُ﴾ وذُو رُوحٍ صَدَرَ مِنهُ لا بِتَوَسُّطِ ما يَجْرِي مَجْرى الأصْلِ والمادَّةِ لَهُ، وقِيلَ سُمِّيَ رُوحًا لِأنَّهُ كانَ يُحْيِي الأمْواتَ أوِ القُلُوبَ فَآمِنُوا بِاللَّهِ ورُسُلِهِ ولا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ أيِ الآلِهَةُ ثَلاثَةٌ اللَّهُ والمَسِيحُ ومَرْيَمُ، ويَشْهَدُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أأنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّيَ إلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ أوِ اللَّهُ ثَلاثَةٌ إنْ صَحَّ أنَّهم يَقُولُونَ اللَّهُ ثَلاثَةُ أقانِيمَ الأبُ والِابْنُ ورُوحُ القُدُسِ، ويُرِيدُونَ بِالأبِ الذّاتَ، وبِالِابْنِ العِلْمَ، وبِرُوحِ القُدُسِ الحَياةَ. ﴿انْتَهُوا﴾ عَنِ التَّثْلِيثِ. ﴿خَيْرًا لَكُمْ﴾ نَصْبُهُ كَما سَبَقَ. ﴿إنَّما اللَّهُ إلَهٌ واحِدٌ﴾ أيْ واحِدٌ بِالذّاتِ لا تَعَدُّدَ فِيهِ بِوَجْهٍ ما. ﴿سُبْحانَهُ أنْ يَكُونَ لَهُ ولَدٌ﴾ أيْ أُسَبِّحُهُ تَسْبِيحًا مِن أنْ يَكُونَ لَهُ ولَدٌ، فَإنَّهُ يَكُونُ لِمَن يُعادِلُهُ مِثْلٌ، ويَتَطَرَّقُ إلَيْهِ فَناءٌ. ﴿لَهُ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ﴾ مُلْكًا وخَلْقًا لا يُماثِلُهُ شَيْءٌ مِن ذَلِكَ فَيَتَّخِذُهُ ولَدًا. ﴿وَكَفى بِاللَّهِ وكِيلا﴾ تَنْبِيهٌ عَلى غِناهُ عَنِ الوَلَدِ فَإنَّ الحاجَةَ إلَيْهِ لِيَكُونَ وكِيلًا لِأبِيهِ واللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى قائِمٌ بِحِفْظِ الأشْياءِ كافٍ في ذَلِكَ مُسْتَغْنٍ عَمَّنْ يَخْلُقُهُ أوْ يُعِينُهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب