الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى:
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَلاةَ وأنْتُمْ سُكارى حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ولا جُنُبًا إلا عابِرِي سَبِيلٍ حَتّى تَغْتَسِلُوا وإنْ كُنْتُمْ مَرْضى أو عَلى سَفَرٍ أو جاءَ أحَدٌ مِنكم مِنَ الغائِطِ أو لامَسْتُمُ النِساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فامْسَحُوا بِوُجُوهِكم وأيْدِيكم إنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُورًا﴾
سَبَبُ النَهْيِ عن قُرْبِ الصَلاةِ في حالِ سُكْرٍ: أنَّ جَماعَةً مِن أصْحابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ شَرِبَتِ الخَمْرَ عِنْدَ أحَدِهِمْ قَبْلَ التَحْرِيمِ، فِيهِمْ أبُو بَكْرٍ وعُمَرُ، وعَلِيٌّ، وعَبْدُ الرَحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَحَضَرَتِ الصَلاةُ فَتَقَدَّمَهم عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ فَقَرَأ: ﴿ "قُلْ (p-٥٦٠)يا أيُّها الكافِرُونَ"﴾ [الكافرون: ١] فَخَلَطَ فِيها بِأنْ قالَ: "أعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ، وأنْتُمْ عابِدُونَ ما أعْبُدُ"، فَنَزَلَتِ الآيَةُ، ورُوِيَ أنَّ المُصَلِّيَ عَبْدُ الرَحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ.
وجُمْهُورُ المُفَسِّرِينَ عَلى أنَّ المُرادَ سُكْرُ الخَمْرِ، إلّا الضَحّاكَ فَإنَّهُ قالَ: إنَّما المُرادُ سُكْرُ النَوْمِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وهَذا ضَعِيفٌ.
والخِطابُ لِجَمِيعِ الأُمَّةِ الصالِحِينَ، وأمّا السَكْرانُ -إذا عَدِمَ المَيْزَ لِسُكْرِهِ- فَلَيْسَ بِمُخاطَبٍ في ذَلِكَ الوَقْتِ، وإنَّما هو مُخاطَبٌ إذا صَحا بِامْتِثالِ ما يَجِبُ عَلَيْهِ، وبِتَكْفِيرِ ما ضاعَ في وقْتِ سُكْرِهِ مِنَ الأحْكامِ الَّتِي تَقَرَّرَ تَكْلِيفُهُ إيّاها قَبْلَ السُكْرِ، ولَيْسَ في هَذا تَكْلِيفُ ما لا يُطاقُ عَلى ما ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ الناسِ.
وقَرَأتْ فِرْقَةٌ "سَكارى" جَمْعَ: سَكْرانٍ، وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: "سَكْرى" بِفَتْحِ السِينِ، عَلى مِثالِ: فَعْلى، وقَرَأ الأعْمَشُ: "سُكْرى" بِضَمِّ السِينِ وسُكُونِ الكافِ عَلى مِثالِ: فُعْلى، وقَرَأ النَخْعِيُّ: "سَكْرى" بِفَتْحِ السِينِ، قالَ أبُو الفَتْحِ: هو تَكْسِيرُ "سَكْرانَ" (p-٥٦١)عَلى "سَكْرى"، كَما قالُوا: رَوْبى نِيامًا، وكَقَوْلِهِمْ: هَلْكى ومَيْدى في جَمْعِ: هالِكٍ ومائِدٍ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ صِفَةً لِمُؤَنَّثَةٍ واحِدَةٍ، كَأنَّ المَعْنى: وأنْتُمْ جَماعَةٌ سَكْرى. وأمّا "سُكْرى" بِضَمِّ السِينِ فَصِفَةٌ لِواحِدَةٍ، كَحُبْلى، والسُكْرُ: انْسِدادُ الفَهْمِ، ومِنهُ: سَكِرْتُ الماءَ إذا سَدَدْتَ طَرِيقَهُ.
وقالَتْ طائِفَةٌ: الصَلاةُ هُنا- العِبادَةُ المَعْرُوفَةُ حَسَبَ السَبَبِ في نُزُولِ الآيَةِ. وقالَتْ طائِفَةٌ: الصَلاةُ -هُنا- المُرادُ بِها مَوْضِعُ الصَلاةِ والصَلاةُ مَعًا، لِأنَّهم كانُوا حِينَئِذٍ لا يَأْتُونَ المَسْجِدَ إلّا لِلصَّلاةِ، ولا يُصَلُّونَ إلّا مُجْتَمِعِينَ، فَكانا مُتَلازِمَيْنِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وإنَّما احْتِيجَ إلى هَذا الخِلافِ بِحَسَبِ ما يَأْتِي فِي: "عابِرِي السَبِيلِ".
ويَظْهَرُ مِن قَوْلِهِ: "حَتّى تَعْلَمُوا" أنَّ السَكْرانَ لا يَعْلَمُ ما يَقُولُ، ولِذَلِكَ قالَ عُثْمانُ بْنُ عَفّانَ رَضِيَ اللهُ عنهُ وغَيْرُهُ: إنَّ السَكْرانَ لا يَلْزَمُهُ طَلاقُهُ، فَأسْقَطَ عنهُ أحْكامَ القَوْلِ، لِهَذا، ولِقَوْلِ النَبِيِّ عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ لِلَّذِي أقَرَّ بِالزِنى: « "أسَكْرانٌ أنْتَ"؟» فَمَعْناهُ: أنَّهُ لَوْ كانَ سَكْرانًا لَمْ يَلْزَمْهُ الإقْرارُ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وبَيْنَ طَلاقِ السَكْرانِ وإقْرارِهِ بِالزِنى فَرْقٌ، وذَلِكَ أنَّ الطَلاقَ والإقْرارَ بِالمالِ والقَذْفَ، وما أشْبَهَ هَذا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُقُوقُ الغَيْرِ مِنَ الآدَمِيِّينَ، فَيُتَّهَمُ السَكْرانُ إنِ ادَّعى أنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ، ويُحْكَمُ عَلَيْهِ حُكْمُ العالِمِ، والإقْرارُ بِالزِنا إنَّما هو حَقٌّ لِلَّهِ تَعالى فَإذا (p-٥٦٢)ادَّعى فِيهِ بَعْدَ الصَحْوِ أنَّهُ كانَ غَيْرَ عالِمٍ دِينَ، وأمّا أحْكامُ الجِناياتِ، فَهي كُلُّها لازِمَةٌ لِلسَّكْرانِ.
"وَأنْتُمْ سُكارى" ابْتِداءٌ وخَبَرٌ، جُمْلَةٌ في مَوْضِعِ الحالِ، وحُكِيَ عَنِ ابْنِ فُورَكٍ أنَّهُ قالَ: مَعْنى الآيَةِ النَهْيُ عَنِ السُكْرِ، أيْ لا يَكُنْ مِنكم سُكْرٌ فَيَقَعُ قُرْبَ الصَلاةِ، إذِ المَرْءُ مَدْعُوٌّ إلى الصَلاةِ دَأبًا، والظاهِرُ أنَّ الأمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ، وقَدْ رُوِيَ: أنَّ الصَحابَةَ -بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ- كانُوا يَشْرَبُونَ ويُقَلِّلُونَ إثْرَ الصُبْحِ وإثْرَ العَتَمَةِ، ولا تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ صَلاةٌ إلّا وهم صاحُونَ.
وقَوْلُهُ: "وَلا جُنُبًا" عَطْفٌ عَلى مَوْضِعِ هَذِهِ الجُمْلَةِ المَنصُوبَةِ، والجُنُبُ: هو غَيْرُ الطاهِرِ مِن إنْزالٍ أو مُجاوَزَةِ خِتانٍ، هَذا قَوْلُ جُمْهُورِ الأُمَّةِ، ورُوِيَ عن بَعْضِ الصَحابَةِ: لا غُسْلَ إلّا عَلى مَن أنْزَلَ، وهو مِنَ الجَنابَةِ وهِيَ: البُعْدُ كَأنَّهُ جانَبَ الطُهْرَ، أو مِنَ الجَنْبِ كَأنَّهُ ضاجَعَ ومَسَّ بِجَنْبِهِ جَنْبًا، وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: "جَنْبًا" بِإسْكانِ النُونِ.
و"عابِرِي سَبِيلٍ" هو مِنَ العُبُورِ، أيِ: الخُطُورِ والجَوازِ، ومِنهُ: عُبْرُ السَفِينَةِ النَهْرُ، ومِنهُ: ناقَةٌ عُبْرُ السَيْرِ والفَلاةِ والمُهاجَرَةِ، أيْ: تَعْبُرُها بِسُرْعَةِ السَيْرِ، قالَ الشاعِرُ وهي امْرَأةٌ: (p-٥٦٣)
؎ عَيْرانَةٌ سُرُحُ اليَدَيْنِ شِمِلَّةٌ عُبْرُ الهَواجِرِ كالهِزَفِّ الخاضِبِ
وقالَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ، وابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ جُبَيْرٍ، ومُجاهِدٌ، والحَكَمُ، وغَيْرُهُمْ: عابِرُ السَبِيلِ: هو المُسافِرُ، فَلا يَصِحُّ لِأحَدٍ أنْ يَقْرَبَ الصَلاةَ وهو جُنُبٌ إلّا بَعْدَ الِاغْتِسالِ إلّا المُسافِرَ فَإنَّهُ يَتَيَمَّمُ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ أيْضًا وابْنُ مَسْعُودٍ، وعِكْرِمَةُ، والنَخْعِيُّ، وغَيْرُهُمْ: عابِرُ السَبِيلِ: الخاطِرُ في المَسْجِدِ، وهو المَقْصُودُ في الآيَةِ، وهَذا يَحْتاجُ إلى ما تَقَدَّمَ مِن أنَّ القَوْلَ بِأنَّ الصَلاةَ هي المَسْجِدُ والمُصَلّى، ورَوى بَعْضُهم أنَّ سَبَبَ الآيَةِ "أنَّ قَوْمًا مِنَ الأنْصارِ كانَتْ أبْوابُ دُورِهِمْ شارِعَةً في المَسْجِدِ، فَإذا أصابَتْ أحَدَهُمُ الجَنابَةُ اضْطُرَّ إلى المُرُورِ في المَسْجِدِ فَنَزَلَتِ الآيَةُ في ذَلِكَ"، ثُمَّ نَزَلَتْ: ﴿وَإنْ كُنْتُمْ مَرْضى﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ بِسَبَبِ عُدْمِ الصَحابَةِ الماءَ في غَزْوَةِ "المُرَيْسِيعِ" حِينَ أقامَ عَلى التِماسِ العِقْدِ، هَكَذا قالَ الجُمْهُورُ. وقالَ النَخْعِيُّ: «نَزَلَتْ في قَوْمٍ أصابَتْهم جِراحٌ ثُمَّ أجْنَبُوا، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ،» ذَكَرَ النَقّاشُ أنَّ ذَلِكَ نَزَلَ بِعَبْدِ الرَحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، والمَرِيضُ المَقْصُودُ في هَذِهِ الآيَةِ هو الحَضَرِيُّ، والَّذِي يَصِحُّ لَهُ التَيَمُّمُ هو الَّذِي يَخافُ المَوْتَ لِبَرْدِ الماءِ ولِلْعِلَّةِ بِهِ، وهَذا يَتَيَمَّمُ بِإجْماعٍ، إلّا ما رُوِيَ عن عَطاءٍ: أنَّهُ يَتَطَهَّرُ وإنْ ماتَ. والَّذِي يَخافُ حُدُوثَ عِلَّةٍ عَلى عِلَّةٍ، أو زِيادَةَ عِلَّةٍ، والَّذِي يَخافُ بُطْءَ بُرْءٍ، فَهَؤُلاءِ يَتَيَمَّمُونَ بِإجْماعٍ مِنَ المَذْهَبِ فِيما حَفِظْتُ، والأسْبابُ الَّتِي لا يَجِدُ المَرِيضُ بِها الماءَ هِيَ: إمّا عُدْمُ المُناوِلِ، وإمّا خَوْفُ ما ذَكَرْناهُ. وقالَ داوُدُ: كُلُّ مَنِ انْطَلَقَ عَلَيْهِ اسْمُ المَرِيضِ فَجائِزٌ لَهُ التَيَمُّمُ، وهَذا قَوْلُ خُلْفٍ، وإنَّما هو عِنْدَ عُلَماءِ الأُمَّةِ المَجْدُورُ، والمَحْصُوبُ، والعِلَلُ المَخُوفَةُ عَلَيْها مِنَ الماءِ.
والمُسافِرُ -فِي هَذِهِ الآيَةِ-: هو الغائِبُ عَنِ الحَضَرِ، كانَ السَفَرُ مِمّا تُقْصَرُ فِيهِ (p-٥٦٤)الصَلاةُ أو لا تُقْصَرُ، هَذا مَذْهَبُ مالِكٍ وجُمْهُورِ الفُقَهاءِ، وقالَ الشافِعِيُّ -فِي كِتابِ الأشْرافِ-: وقالَ قَوْمٌ: لا يَتَيَمَّمُ إلّا في سَفَرٍ يَجُوزُ فِيهِ التَقْصِيرُ، وهَذا ضَعِيفٌ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وكَذَلِكَ قالَتْ فِرْقَةٌ: لا يَتَيَمَّمُ في سَفَرِ مَعْصِيَةٍ، وهَذا أيْضًا ضَعِيفٌ.
والأسْبابُ الَّتِي لا يَجِدُ بِها المُسافِرُ الماءَ هِيَ: إمّا عُدْمُهُ جُمْلَةً، وإمّا خَوْفُ فَواتِ الرَفِيقِ بِسَبَبِ طَلَبِهِ، وإمّا خَوْفٌ عَلى الرَحْلِ بِسَبَبِ طَلَبِهِ، وإمّا خَوْفُ سِباعٍ أو إذايَةٍ عَلَيْهِ.
واخْتُلِفَ في وقْتِ إيقاعِهِ التَيَمُّمَ، فَقالَ الشافِعِيُّ: في أوَّلِ الوَقْتِ، وقالَ أبُو حَنِيفَةَ وغَيْرُهُ: في آخِرِ الوَقْتِ. وفَرَّقَ مالِكٌ بَيْنَ اليائِسِ والعالِمِ الطامِعِ بِإدْراكِهِ في الوَقْتِ، والجاهِلِ بِأمْرِهِ جُمْلَةً، وقالَ إسْحَقُ بْنُ راهَوَيْهِ: لا يَلْزَمُ المُسافِرَ طَلَبُ الماءِ إلّا بَيْنَ يَدَيْهِ وحَوْلَهُ، وقالَتْ طائِفَةٌ: يَخْرُجُ في طَلَبِهِ الغَلْوَتَيْنِ ونَحْوَهُما، وفي مَذْهَبِ مالِكٍ يَمْشِي في طَلَبِهِ ثَلاثَةَ أمْيالٍ، وقالَ الشافِعِيُّ: يَمْشِي في طَلَبِهِ ما لَمْ يَخَفْ فَواتَ رَفِيقٍ، أو فَواتَ الوَقْتِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وهَذا قَوْلٌ حَسَنٌ.
وأصْلُ "الغائِطِ" ما انْخَفَضَ مِنَ الأرْضِ، وكانَتِ العَرَبُ تَقْصِدُ بِقَضاءِ حاجَتِها ذَلِكَ الصِنْفَ مِنَ المَواضِعِ، حَتّى كَثُرَ اسْتِعْمالُهُ في قَضاءِ الحاجَةِ وصارَ عُرْفَهُ، وقَرَأ قَتادَةُ، والزُهْرِيُّ: "مِنَ الغَيْطِ" ساكِنَةَ الياءِ مِن غَيْرِ ألِفٍ، قالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: هو مَحْذُوفٌ مِن فَيْعَلْ، عَيْنُ هَذِهِ الكَلِمَةِ واوٌ، وهَذا اللَفْظُ يَجْمَعُ بِالمَعْنى جَمِيعَ الأحْداثِ الناقِضَةِ لِلطَّهارَةِ الصُغْرى، واخْتَلَفَ الناسُ في حَصْرِها، وأنْبَلُ ما اعْتُقِدَ في ذَلِكَ أنَّ أنْواعَ الأحْداثِ ثَلاثَةٌ: ما خَرَجَ مِنَ السَبِيلَيْنِ مُعْتادًا، وما أذْهَبَ العَقْلَ، واللَمْسُ. هَذا عَلى مَذْهَبِ مالِكٍ، وعَلى مَذْهَبِ أبِي حَنِيفَةَ: ما خَرَجَ مِنَ النَجاساتِ مِنَ الجَسَدِ، (p-٥٦٥)وَلا يُراعى المَخْرَجُ ولا غَيْرُهُ، ولا يُعَدُّ اللَمْسُ فِيها، وعَلى مَذْهَبِ الشافِعِيِّ: ما خَرَجَ مِنَ السَبِيلَيْنِ، ولا يُراعى الِاعْتِيادُ، والإجْماعُ مِنَ الأحْداثِ عَلى تِسْعَةٍ: أرْبَعَةٌ مِنَ الذَكَرِ وهي البَوْلُ، والمَنِيُّ، والوَدْيُ، والمَذْيُ، وواحِدٌ مِن فَرْجِ المَرْأةِ وهُوَ: دَمُ الحَيْضِ، واثْنانِ مِنَ الدُبُرِ وهُما الرِيحُ والغائِطُ. وذَهابُ العَقْلِ كالجُنُونِ، والإغْماءِ، والنَوْمُ الثَقِيلُ، فَهَذِهِ تَنْقُضُ الطَهارَةَ الصُغْرى إجْماعًا، وغَيْرُ ذَلِكَ كاللَمْسِ، والدُودِ يَخْرُجُ مِنَ الدُبُرِ، وما أشْبَهَهُ، مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ، وعاصِمٌ: "لامَسْتُمُ"، وهي في اللُغَةِ لَفْظَةٌ قَدْ تَقَعُ لِلَّمْسِ الَّذِي هو الجِماعُ، وفي اللَمْسِ الَّذِي هو جَسُّ اليَدِ، والقُبْلَةُ، ونَحْوُهُ، إذْ في جَمِيعِ ذَلِكَ لَمْسٌ. واخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ في مَوْقِعِها هُنا. فَمالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ يَقُولُ: اللَفْظَةُ هُنا عَلى أتَمِّ عُمُومِها تَقْتَضِي الوَجْهَيْنِ، فالمُلامِسُ بِالجِماعِ يَتَيَمَّمُ، والمُلامِسُ بِاليَدِ يَتَيَمَّمُ، لِأنَّ اللَمْسَ نَقَضَ وُضُوءَهُ. وقالَتْ طائِفَةٌ: هي هُنا مُخَصَّصَةٌ لِلَمْسِ اليَدِ، والجُنُبُ لا ذِكْرَ لَهُ إلّا مَعَ الماءِ، ولا سَبِيلَ لَهُ إلى التَيَمُّمِ، وإنَّما يَغْتَسِلُ الجُنُبُ أو يَدَعُ الصَلاةَ حَتّى يَجِدَ الماءَ، رُوِيَ هَذا القَوْلُ عن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُ وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ وغَيْرِهِما، وقالَ أبُو حَنِيفَةَ: هي هُنا مُخَصَّصَةٌ لِلَّمْسِ الَّذِي هو الجِماعُ، فالجُنُبُ يَتَيَمَّمُ، واللامِسُ بِاليَدِ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ فَلَيْسَ بِحَدَثٍ، ولا هو ناقِضٌ لِوُضُوءٍ، فَإذا قَبَّلَ الرَجُلُ امْرَأتَهُ لِلَذَّةٍ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ. ومالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ يَرى أنَّ اللَمْسَ يَنْقُضُ إذا كانَ لِلَذَّةٍ، ولا يَنْقُضُ إذا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ اللَذَّةَ، ولا إذا كانَ لِابْنَةٍ أو لِأُمٍّ، والشافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ يُعَمِّمُ لَفْظَةَ النِساءِ، فَإذا لَمَسَ الرَجُلُ عِنْدَهُ أُمَّهُ أوِ ابْنَتَهُ عَلى أيِّ وجْهٍ كانَ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ.
عَدَمُ وُجُودِ الماءِ يَتَرَتَّبُ لِلْمَرِيضِ ولِلْمُسافِرِ حَسْبَما ذَكَرْناهُ، ويَتَرَتَّبُ لِلصَّحِيحِ الحاضِرِ بِالغَلاءِ الَّذِي يَعُمُّ جَمِيعَ الأصْنافِ، واخْتُلِفَ فِيهِ، فَقالَ الحَسَنُ: يَشْتَرِي الرَجُلُ الماءَ بِمالِهِ كُلِّهِ ويَبْقى عَدِيمًا، وهَذا قَوْلٌ ضَعِيفٌ، «لِأنَّ دِينَ اللهِ يُسْرٌ،» كَما قالَ ﷺ، ويُرِيدُ بِنا اليُسْرَ، ولَمْ يَجْعَلْ عَلَيْنا في الدِينِ مِن حَرَجٍ. وقالَتْ طائِفَةٌ: يَشْتَرِي ما لَمْ يَزِدْ عَلى القِيمَةِ الثُلُثُ فَصاعِدًا، وقالَتْ طائِفَةٌ: يَشْتَرِي قِيمَةَ الدِرْهَمِ بِالدِرْهَمَيْنِ والثَلاثَةِ، ونَحْوِ هَذا. وهَذا كُلُّهُ في مَذْهَبِ مالِكٍ رَحِمَهُ اللهُ، وقِيلَ لِأشْهَبَ: أتُشْتَرى القِرْبَةُ بِعَشْرَةِ دَراهِمَ؟ فَقالَ: ما أرى ذَلِكَ عَلى الناسِ.
(p-٥٦٦)قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وقَدْرُ هَذِهِ المَسْألَةِ إنَّما هو بِحَسَبِ غِنى المُشْتَرِي وحاجَتِهِ، والوَجْهُ عِنْدِي أنْ يَشْتَرِيَ ما لَمْ يُؤْذِ غَلاؤُهُ. ويَتَرَتَّبُ أيْضًا عُدْمُ الماءِ لِلصَّحِيحِ الحاضِرِ بِأنْ يُسْجَنَ أو يُرْبَطَ، وهَذا هو الَّذِي يُقالُ فِيهِ: إنَّهُ لَمْ يَجِدْ ماءً ولا تُرابًا كَما تَرْجَمَ البُخارِيُّ، فَفِيهِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ، فَقالَ مالِكٌ، وابْنُ نافِعٍ: لا يُصَلِّي ولا يُعِيدُ. وقالَ ابْنُ القاسِمِ: يُصَلِّي ويُعِيدُ، وقالَ أشْهَبُ: يُصَلِّي ولا يُعِيدُ، وقالَ أصْبَغُ: لا يُصَلِّي ويَقْضِي. إذا خافَ الحَضَرِيُّ فَواتَ الوَقْتِ إنْ تَناوَلَ الماءَ فَلِمالِكٍ رَحِمَهُ اللهُ قَوْلانِ في "المُدَوَّنَةِ": إنَّهُ يَتَيَمَّمُ ولا يُعِيدُ، وقالَ: إنَّهُ يُعِيدُ، وفي الواضِحَةِ وغَيْرِها عنهُ أنَّهُ يَتَناوَلُ الماءَ ويَغْتَسِلُ وإنْ طَلَعَتِ الشَمْسُ، وعَلى القَوْلِ بِأنَّهُ يَتَيَمَّمُ ولا يُعِيدُ إذا بَقِيَ مِنَ الوَقْتِ شَيْءٌ بِقَدْرِ ما كانَ يَتَوَضَّأُ ويُصَلِّي رَكْعَةً، فَقِيلَ: يُعِيدُ، وقِيلَ: لا يُعِيدُ.
ومَعْنى قَوْلِهِ "فَتَيَمَّمُوا": اقْصِدُوا، ومِنهُ قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ
؎ تَيَمَّمَتِ العَيْنَ الَّتِي عِنْدَ ضارِجٍ ∗∗∗ يَفِيءُ عَلَيْها الظِلُّ عَرْمَضُها طامِي
ومِنهُ قَوْلُ أعْشى بَنِي ثَعْلَبَةَ:
تَيَمَّمْتُ قَيْسًا وكَمْ دُونَهُ ∗∗∗ مِنَ الأرْضِ مِن مَهْمَهٍ ذِي شَزَنْ
ثُمَّ غَلَبَ هَذا الِاسْمُ في الشَرْعِ عَلى العِبادَةِ المَعْرُوفَةِ.
والصَعِيدُ في اللُغَةِ: وجْهُ الأرْضِ، قالَهُ الخَلِيلُ وغَيْرُهُ، ومِنهُ قَوْلُ ذِي الرُمَّةِ:
؎ كَأنَّهُ بِالضُحى تَرْمِي الصَعِيدَ بِهِ ∗∗∗ دَبّابَةٌ في عِظامِ الرَأْسِ خُرْطُومُ
(p-٥٦٧)واخْتَلَفَ الفُقَهاءُ فِيهِ مِن أجْلِ تَقْيِيدِ الآيَةِ إيّاهُ بِالطَيِّبِ، فَقالَتْ طائِفَةٌ: يَتَيَمَّمُ بِوَجْهِ الأرْضِ، تُرابًا كانَ أو رَمْلًا أو حِجارَةً أو مَعْدِنًا أو سَبَخَةً، وجَعَلَتِ الطَيِّبَ بِمَعْنى: الطاهِرِ، وهَذا مَذْهَبُ مالِكٍ. وقالَتْ طائِفَةٌ مِنهُمُ: الطَيِّبُ بِمَعْنى: الحَلالِ، وهَذا في هَذا المَوْضِعِ قَلِقٌ. وقالَ الشافِعِيُّ وطائِفَةٌ: الطَيِّبُ بِمَعْنى: المُنْبِتِ، كَما قالَ جَلَّ ذِكْرُهُ ﴿والبَلَدُ الطَيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ﴾ [الأعراف: ٥٨]، فَيَجِيءُ "الصَعِيدُ" عَلى هَذا: التُرابُ، وهَذِهِ الطائِفَةُ لا تُجِيزُ التَيَمُّمَ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِمّا ذَكَرْناهُ، فَمَكانُ الإجْماعِ: أنْيَتَيَمَّمَ الرَجُلُ في تُرابٍ مُنْبِتٍ طاهِرٍ غَيْرِ مَنقُولٍ ولا مَغْصُوبٍ، ومَكانُ الإجْماعِ في المَنعِ: أنْ يَتَيَمَّمَ الرَجُلُ عَلى الذَهَبِ الصِرْفِ، أوِ الفِضَّةِ والياقُوتِ والزُمُرُّدِ، أوِ الأطْعِمَةِ، كالخُبْزِ واللَحْمِ وغَيْرِهِما، أو عَلى النَجاساتِ، واخْتُلِفَ في غَيْرِ هَذا كالمَعادِنِ - فَأُجِيزَ، وهو مَذْهَبُ مالِكٍ، ومُنِعَ، وهو مَذْهَبُ الشافِعِيِّ، وأشارَ أبُو الحَسَنِ اللَخْمِيُّ إلى أنَّ الخِلافَ فِيهِ مَوْجُودٌ في المَذْهَبِ، وأمّا المِلْحُ فَأُجِيزَ في المَذْهَبِ المَعْدِنِيُّ والجامِدُ، ومُنِعا، وأُجِيزَ المَعْدِنِيُّ، ومُنِعَ الجامِدُ. والثَلْجُ في "المُدَوَّنَةِ" جَوازُهُ، ولِمالِكٍ في غَيْرِها مَنعُهُ، وذَكَرَ النَقّاشُ عَنِ ابْنِ عَلِيَّةَ وابْنِ كَيْسانَ أنَّهُما أجازا التَيَمُّمَ بِالمِسْكِ والزَعْفَرانِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وهَذا خَطَأٌ بَحْتٌ مِن جِهاتٍ.
وأمّا التُرابُ المَنقُولُ في طَبَقٍ وغَيْرِهِ، فَجُمْهُورُ المَذْهَبِ جَوازُ التَيَمُّمِ بِهِ، وفي المَذْهَبِ المَنعُ، وهو في غَيْرِ المَذْهَبِ أكْثَرُ، وأمّا ما طُبِخَ كالآجُرِّ والجِصِّ فَفِيهِ في المَذْهَبِ قَوْلانِ: الإجازَةُ والمَنعُ، وفي التَيَمُّمِ عَلى الجِدارِ الخِلافُ، وأمّا التَيَمُّمُ عَلى النَباتِ والعُودِ فاخْتُلِفَ فِيهِ في مَذْهَبِ مالِكٍ، فالجُمْهُورُ عَلى مَنعِ التَيَمُّمِ عَلى العُودِ، وفي مُخْتَصَرِ الوَقارِ: أنَّهُ جائِزٌ، وحَكى الطَبَرِيُّ في لَفْظَةِ "الصَعِيدِ" اخْتِلافًا أنَّها الأرْضُ المَلْساءُ، وأنَّها الأرْضُ المُسْتَوِيَةُ، وأنَّ الصَعِيدَ: التُرابُ، وأنَّهُ: وجْهُ الأرْضِ.
(p-٥٦٨)وَتَرْتِيبُ القُرْآنِ الوَجْهَ قَبْلَ اليَدَيْنِ، وبِهِ قالَ الجُمْهُورُ، ووَقَعَ في حَدِيثِ عَمّارٍ في البُخارِيِّ في بَعْضِ الطُرُقِ تَقْدِيمُ اليَدَيْنِ، وقالَهُ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ: قِياسًا عَلى تَنْكِيسِ الوُضُوءِ، وتُراعى في الوَجْهِ حُدُودُهُ المَعْلُومَةُ في الوُضُوءِ، فالجُمْهُورُ عَلى أنَّ اسْتِيعابَهُ بِالمَسْحِ في التَيَمُّمِ واجِبٌ، ويَتَتَبَّعُهُ كَما يَصْنَعُ بِالماءِ، وألّا يَقْصِدَ تَرْكَ شَيْءٍ مِنهُ، وأجازَ بَعْضُهم ألّا يَتَتَبَّعَ كالغُضُونِ في الخُفَّيْنِ، وما بَيْنَ الأصابِعِ في اليَدَيْنِ، وهو في المَذْهَبِ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، ومَذْهَبُ مالِكٍ في "المُدَوَّنَةِ" أنَّ التَيَمُّمَ بِضَرْبَتَيْنِ، وقالَ ابْنُ الجَهْمِ: التَيَمُّمُ واحِدَةٌ، وقالَ مالِكٌ في كِتابِ "مُحَمَّدٍ": إنْ تَيَمَّمَ بِضَرْبَةٍ أجْزَأهُ، وقالَ غَيْرُهُ في المَذْهَبِ: يُعِيدُ في الوَقْتِ، وقالَ ابْنُ نافِعٍ: يُعِيدُ أبَدًا، وقالَ مالِكٌ في "المُدَوَّنَةِ" يَبْدَأُ بِأصابِعِ اليُسْرى عَلى أصابِعِ اليُمْنى، ثُمَّ يَمُرُّ كَذَلِكَ إلى المِرْفَقِ، ثُمَّ يَلْوِي بِالكَفِّ اليُسْرى عَلى باطِنِ الذِراعِ الأيْمَنِ حَتّى يَصِلَ إلى الكُوعِ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِاليُمْنى عَلى اليُسْرى كَذَلِكَ. فَظاهِرُ هَذا الكَلامِ أنَّهُ يَسْتَغْنِي عن مَسْحِ الكَفِّ بِالأُخْرى، ووَجْهُهُ أنَّهُما في الإمْرارِ عَلى الذِراعِ ماسِحَةٌ مَمْسُوحَةٌ، قالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَمُرُّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلى كَفَّيْهِ، فَهَذا مَعَ تَحْكِيمِ ظاهِرِ "المُدَوَّنَةِ" خِلافٌ. قالَ اللَخْمِيُّ: في كَلامِ المُدَوَّنَةِ يُرِيدُ: ثُمَّ يَمْسَحُ كَفَّهُ بِالأُخْرى، فَيَجِيءُ عَلى تَأْوِيلِ أبِي الحَسَنِ كَلامُ ابْنِ حَبِيبٍ تَفْسِيرًا، وقالَتْ طائِفَةٌ: يَبْدَأُ بِالشِمالِ كَما في "المُدَوَّنَةِ": فَإذا وصَلَ عَلى باطِنِ الذِراعِ إلى الرُسْغِ مَشى عَلى الكَفِّ، ثُمَّ كَذَلِكَ بِاليُمْنى في اليُسْرى. ووَجْهُ هَذا القَوْلِ ألّا يَتْرُكَ مِن عُضْوٍ بَعْدَ التَلَبُّسِ بِهِ مَوْضِعًا، ثُمَّ يَحْتاجُ إلى العَوْدَةِ إلَيْهِ بَعْدَ غَيْرِهِ. وقالَتْ طائِفَةٌ: يَتَناوَلُ بِالتُرابِ كَما يَتَناوَلُ بِالماءِ في صُورَةِ الإمْرارِ دُونَ رُتْبَةٍ، وقالَ مالِكٌ في "المُدَوَّنَةِ": يَمْسَحُ يَدَيْهِ إلى المِرْفَقَيْنِ، فَإنْ مَسَحَ إلى الكُوعَيْنِ أعادَ في الوَقْتِ، وقالَ ابْنُ نافِعٍ: يُعِيدُ أبَدًا، قالَ غَيْرُهُما: في المَذْهَبِ: يَمْسَحُ إلى الكُوعَيْنِ، وهَذا قَوْلُ مَكْحُولٍ وجَماعَةٍ مِنَ العُلَماءِ، وفي غَيْرِ المَذْهَبِ يَمْسَحُ الكَفَّيْنِ فَقَطْ، وفي ذَلِكَ (p-٥٦٩)حَدِيثٌ عن عَمّارَ بْنِ ياسِرٍ، وهو قَوْلُ الشَعْبِيِّ، وقالَ ابْنُ شِهابٍ: يَمْسَحُ إلى الآباطِ، "وَذَكَرَهُ الطَبَرِيُّ عن أبِي بَكْرٍ الصِدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنهُ أنَّهُ قالَ لِعائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها حِينَ نَزَلَتْ آيَةُ التَيَمُّمِ: إنَّكِ لَمُبارَكَةٌ، نَزَلَتْ فِيكِ رُخْصَةٌ، فَضَرَبْنا ضَرْبَةً لِوُجُوهِنا، وضَرْبَةً بِأيْدِينا إلى المَناكِبِ والآباطِ". وفي مُصَنَّفِ أبِي داوُدَ عَنِ الأعْمَشِ: « "أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ مَسَحَ إلى أنْصافِ ذِراعَيْهِ"،» ولَمْ يَقُلْ بِهَذا الحَدِيثِ أحَدٌ مِنَ العُلَماءِ فِيما حَفِظْتُ، وما حَكى الداوُودِيُّ مِن أنَّ الكُوعَيْنِ فَرْضٌ، والمَرافِقَ سُنَّةٌ والآباطَ فَضِيلَةٌ، فَكَلامٌ لا يُعَضِّدُهُ قِياسٌ ولا دَلِيلٌ، وإنَّما عَمَّمَ قَوْمٌ لَفْظَةَ اليَدِ فَأوجَبُوهُ مِنَ المَنكِبِ، وقاسَ قَوْمٌ عَلى الوُضُوءِ فَأوجَبُوهُ مِنَ المَرافِقِ، وعَمَّمَ جُمْهُورُ الأُمَّةِ، ووَقَفَ قَوْمٌ مَعَ الحَدِيثِ في الكُوعَيْنِ، وقِيسَ أيْضًا عَلى القَطْعِ، إذْ هو حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وتَطْهِيرٌ، كَما هَذا تَطْهِيرٌ، ووَقَفَ آخَرُونَ مَعَ حَدِيثِ عَمّارٍ في الكَفَّيْنِ، واخْتَلَفَ المَذْهَبُ في تَحْرِيكِ الخاتَمِ، وتَخْلِيلِ الأصابِعِ عَلى قَوْلَيْنِ: يَجِبُ، ولا يَجِبُ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَقۡرَبُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمۡ سُكَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعۡلَمُوا۟ مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِی سَبِیلٍ حَتَّىٰ تَغۡتَسِلُوا۟ۚ وَإِن كُنتُم مَّرۡضَىٰۤ أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوۡ جَاۤءَ أَحَدࣱ مِّنكُم مِّنَ ٱلۡغَاۤىِٕطِ أَوۡ لَـٰمَسۡتُمُ ٱلنِّسَاۤءَ فَلَمۡ تَجِدُوا۟ مَاۤءࣰ فَتَیَمَّمُوا۟ صَعِیدࣰا طَیِّبࣰا فَٱمۡسَحُوا۟ بِوُجُوهِكُمۡ وَأَیۡدِیكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق