الباحث القرآني
وَلَمّا صَنَعَ عَبْدُ الرَحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ طَعامًا وشَرابًا ودَعا نَفَرًا مِنَ الصَحابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهم حِينَ كانَتِ الخَمْرُ مُباحَةً، فَأكَلُوا وشَرِبُوا، فَقَدَّمُوا أحَدَهم لِيُصَلِّيَ بِهِمُ المَغْرِبَ، فَقَرَأ: قُلْ يا أيُّها الكافِرُونَ أعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ وأنْتُمْ عابِدُونَ ما أعْبُدُ، نَزَلَ ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَلاةَ وأنْتُمْ سُكارى﴾ أيْ: لا تَقْرَبُوها في هَذِهِ الحالَةِ ﴿حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ﴾ أيْ: تَقْرَءُونَ. وفِيهِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ رِدَّةَ السَكْرانِ لَيْسَتْ بِرِدَّةٍ، لِأنَّ قِراءَةَ سُورَةِ الكافِرُونَ بِطَرْحِ اللاماتِ كُفْرٌ، (p-٣٦٠)وَلَمْ يَحْكم بِكُفْرِهِ حَتّى خاطَبَهم بِاسْمِ الإيمانِ، وما أمَرَ النَبِيُّ عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ بِالتَفْرِيقِ بَيْنَهُ وبَيْنَ امْرَأتِهِ، ولا بِتَجْدِيدِ الإيمانِ، ولِأنَّ الأُمَّةَ اجْتَمَعَتْ عَلى أنَّ مَن أجْرى كَلِمَةَ الكُفْرِ عَلى لِسانِهِ مُخْطِئًا لا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ.
﴿وَلا جُنُبًا﴾ عَطْفٌ عَلى ﴿وَأنْتُمْ سُكارى﴾ لِأنَّ مَحَلَّ الجُمْلَةِ مَعَ الواوِ النَصْبُ عَلى الحالِ، كَأنَّهُ قِيلَ: لا تَقْرَبُوا الصَلاةَ سُكارى ولا جُنُبًا، أيْ: ولا تُصَلُّوا جُنُبًا، والجُنُبُ يَسْتَوِي فِيهِ الواحِدُ والجَمْعُ، والمُذَكَّرُ والمُؤَنَّثُ، لِأنَّهُ اسْمٌ جَرى مَجْرى المَصْدَرِ الَّذِي هو الإجْنابُ.
﴿إلا عابِرِي سَبِيلٍ﴾ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ: "جُنُبًا" أيْ: لا تَقْرَبُوا الصَلاةَ جُنُبًا غَيْرَ عابِرِي سَبِيلٍ، أيْ: جُنُبًا مُقِيمِينَ غَيْرَ مُسافِرِينَ، والمُرادُ بِالجُنُبِ: الَّذِينَ لَمْ يَغْتَسِلُوا، كَأنَّهُ قِيلَ: لا تَقْرَبُوا الصَلاةَ غَيْرَ مُغْتَسِلِينَ.
﴿حَتّى تَغْتَسِلُوا﴾ أيْ: إلّا أنْ تَكُونُوا مُسافِرِينَ عادِمِينَ الماءَ مُتَيَمِّمِينَ، عَبَّرَ عَنِ المُتَيَمِّمِ بِالمُسافِرِ، لِأنَّ غالِبَ حالِهِ عَدَمُ الماءِ، وهَذا مَذْهَبُ أبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ وهو مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وقالَ الشافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: ﴿لا تَقْرَبُوا الصَلاةَ﴾ أيْ: مَواضِعَ الصَلاةِ، وهي المَساجِدُ.
﴿وَلا جُنُبًا﴾ أيْ: ولا تَقْرُبُوا المَسْجِدَ جُنُبًا ﴿إلا عابِرِي سَبِيلٍ﴾ إلّا مُجْتازِينَ فِيهِ، فَيَجُوزُ لِلْجُنُبِ العُبُورُ في المَسْجِدِ عِنْدَ الحاجَةِ.
﴿وَإنْ كُنْتُمْ مَرْضى أوْ عَلى سَفَرٍ أوْ جاءَ أحَدٌ مِنكم مِنَ الغائِطِ﴾ أيِ: المُطْمَئِنِّ مِنَ الأرْضِ، وكانُوا يَأْتُونَهُ لِقَضاءِ الحاجَةِ، فَكَنّى بِهِ عَنِ الحَدَثِ.
﴿أوْ لامَسْتُمُ النِساءَ﴾ جامَعْتُمُوهُنَّ. كَذا عَنْ عَلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وابْنِ عَبّاسٍ.
﴿فَلَمْ تَجِدُوا ماءً﴾ فَلَمْ تَقْدِرُوا عَلى اسْتِعْمالِهِ لِعَدَمِهِ، أوْ بُعْدِهِ، أوْ فَقْدِ آلَةِ الوُصُولِ إلَيْهِ، أوْ لِمانِعٍ مِن حَيَّةٍ، أوْ سَبُعٍ، أوْ عَدُوٍّ.
﴿فَتَيَمَّمُوا﴾ أدْخَلَ في حُكْمِ الشَرْطِ أرْبَعَةً، وهُمُ: المَرْضى، والمُسافِرُونَ، والمُحْدِثُونَ، وأهْلُ الجَنابَةِ. والجَزاءُ الَّذِي هو الأمْرُ بِالتَيَمُّمِ مُتَعَلِّقٌ بِهِمْ جَمِيعًا. فالمَرْضى إذا عَدِمُوا الماءَ لِضَعْفِ حَرَكَتِهِمْ وعَجْزِهِمْ عَنِ الوُصُولِ إلَيْهِ، والمُسافِرُونَ إذا عَدِمُوهُ لِبُعْدِهِ، والمُحْدِثُونَ وأهْلُ الجَنابَةِ إذا لَمْ يَجِدُوهُ [لِبَعْضِ الأسْبابِ]. (p-٣٦١)فَلَهم أنْ يَتَيَمَّمُوا. (لَمَسْتُمْ) حَمْزَةُ وعَلِيٌّ.
﴿صَعِيدًا﴾ قالَ الزَجّاجُ: هو وجْهُ الأرْضِ، تُرابًا كانَ أوْ غَيْرَهُ، وإنْ كانَ صَخْرًا لا تُرابَ عَلَيْهِ لَوْ ضَرَبَ المُتَيَمِّمُ يَدَهُ ومَسَحَ، لَكانَ ذَلِكَ طَهُورَهُ. و"مِن" في سُورَةِ المائِدَةِ لِابْتِداءِ الغايَةِ لا لِلتَّبْعِيضِ ﴿طَيِّبًا﴾ طاهِرًا ﴿فامْسَحُوا بِوُجُوهِكم وأيْدِيكُمْ﴾ قِيلَ: الباءُ زائِدَةٌ.
﴿إنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا﴾ بِالتَرْخِيصِ، والتَيْسِيرِ ﴿غَفُورًا﴾ عَنِ الخَطَأِ والتَقْصِيرِ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَقۡرَبُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمۡ سُكَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعۡلَمُوا۟ مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِی سَبِیلٍ حَتَّىٰ تَغۡتَسِلُوا۟ۚ وَإِن كُنتُم مَّرۡضَىٰۤ أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوۡ جَاۤءَ أَحَدࣱ مِّنكُم مِّنَ ٱلۡغَاۤىِٕطِ أَوۡ لَـٰمَسۡتُمُ ٱلنِّسَاۤءَ فَلَمۡ تَجِدُوا۟ مَاۤءࣰ فَتَیَمَّمُوا۟ صَعِیدࣰا طَیِّبࣰا فَٱمۡسَحُوا۟ بِوُجُوهِكُمۡ وَأَیۡدِیكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق