الباحث القرآني
﴿وإنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسُرَةٍ وأنْ تَصَّدَّقُوا خَيْرٌ لَكم إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ .
عَطْفٌ عَلى قَوْلِهِ: ﴿فَلَكم رُءُوسُ أمْوالِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٧٩] لِأنَّ ظاهِرَ الجَوابِ أنَّهم يَسْتَرْجِعُونَها مُعَجَّلَةً، إذِ العُقُودُ قَدْ فُسِخَتْ، فَعَطَفَ عَلَيْهِ حالَةً أُخْرى، والمَعْطُوفُ عَلَيْهِ حالَةٌ مُقَدَّرَةٌ مَفْهُومَةٌ لِأنَّ الجَزاءَ يَدُلُّ عَلى التَّسَبُّبِ، والأصْلُ حُصُولُ المَشْرُوطِ عِنْدَ الشَّرْطِ، والمَعْنى: وإنْ حَصَلَ ذُو عُسْرَةٍ، أيْ غَرِيمٌ مُعْسِرٌ.
وفِي الآيَةِ حُجَّةٌ عَلى أنْ (ذُو) تُضافُ لِغَيْرِ ما يُفِيدُ شَيْئًا شَرِيفًا.
والنَّظِرَةُ - بِكَسْرِ الظّاءِ - الِانْتِظارُ.
(p-٩٦)والمَيْسُرَةُ بِضَمِّ السِّينِ في قِراءَةِ نافِعٍ وبِفَتْحِها في قِراءَةِ الباقِينَ اسْمٌ لِلْيُسْرِ وهو ضِدُّ العُسْرِ بِضَمِّ العَيْنِ وهي مَفْعُلَةٌ كَمَشْرُقَةٍ ومَشْرُبَةٍ ومَأْلُكَةٍ ومَقْدُرَةٍ، قالَ أبُو عَلِيٍّ ومَفْعَلَةٌ بِالفَتْحِ أكْثَرُ في كَلامِهِمْ.
وجُمْلَةُ ”فَنَظِرَةٌ“ جَوابُ الشَّرْطِ، والخَبَرُ مَحْذُوفٌ أيْ: فَنَظِرَةٌ لَهُ.
والصِّيغَةُ طَلَبٌ وهي مُحْتَمِلَةٌ لِلْوُجُوبِ والنَّدْبِ، فَإنْ أُرِيدَ بِالعُسْرِ العَدَمُ أيْ نَفادُ مالِهِ كُلِّهِ فالطَّلَبُ لِلْوُجُوبِ، والمَقْصُودُ بِهِ إبْطالُ حُكْمِ بَيْعِ المُعْسِرِ واسْتِرْقاقِهِ في الدَّيْنِ إذا لَمْ يَكُنْ لَهُ وفاءٌ، وقَدْ قِيلَ: إنَّ ذَلِكَ كانَ حُكْمًا في الجاهِلِيَّةِ، وهو حُكْمٌ قَدِيمٌ في الأُمَمِ كانَ مِن حُكْمِ المِصْرِيِّينَ، فَفي القُرْآنِ الإشارَةُ إلى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ما كانَ لِيَأْخُذَ أخاهُ في دِينِ المَلِكِ﴾ [يوسف: ٧٦] وكانَ في شَرِيعَةِ الرُّومانِ اسْتِرْقاقُ المَدِينِ، وأحْسَبُ أنَّ في شَرِيعَةِ التَّوْراةِ قَرِيبًا مِن هَذا، ورُوِيَ أنَّهُ كانَ في صَدْرِ الإسْلامِ، ولَمْ يَثْبُتْ، وإنْ أُرِيدَ بِالعُسْرَةِ ضِيقُ الحالِ وإضْرارُ المَدِينِ بِتَعْجِيلِ القَضاءِ فالطَّلَبُ يَحْتَمِلُ الوُجُوبَ، وقَدْ قالَ بِهِ بَعْضُ الفُقَهاءِ، ويَحْتَمِلُ النَّدْبَ، وهو قَوْلُ مالِكٍ والجُمْهُورِ، فَمَن لَمْ يَشَأْ لَمْ يُنْظِرْهُ ولَوْ بِبَيْعِ جَمِيعِ مالِهِ لِأنَّ هَذا حَقٌّ يُمْكِنُ اسْتِيفاؤُهُ، والإنْظارُ مَعْرُوفٌ والمَعْرُوفُ لا يَجِبُ، غَيْرَ أنَّ المُتَأخِّرِينَ بِقُرْطُبَةَ كانُوا لا يَقْضُونَ عَلَيْهِ بِتَعْجِيلِ الدَّفْعِ، ويُؤَجِّلُونَهُ بِالِاجْتِهادِ لِئَلّا يَدْخُلَ عَلَيْهِ مَضَرَّةٌ بِتَعْجِيلِ بَيْعِ ما بِهِ الخَلاصُ.
ومَوْرِدُ الآيَةِ عَلى دُيُونِ مُعامَلاتِ الرِّبا، لَكِنَّ الجُمْهُورَ عَمَّمُوها في جَمِيعِ المُعامَلاتِ ولَمْ يَعْتَبِرُوا خُصُوصَ السَّبَبِ؛ لِأنَّهُ لَمّا أبْطَلَ حُكْمَ الرِّبا صارَ رَأْسُ المالِ دَيْنًا بَحْتًا فَما عُيِّنَ لَهُ مِن طَلَبِ الإنْظارِ في الآيَةِ حُكْمٌ ثابِتٌ لِلدَّيْنِ كُلِّهِ، وخالَفَ شُرَيْحٌ فَخَصَّ الآيَةَ بِالدُّيُونِ الَّتِي كانَتْ عَلى رِبًا ثُمَّ أُبْطِلَ رِباها.
وقَوْلُهُ: ﴿وأنْ تَصَّدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ أيْ أنَّ إسْقاطَ الدَّيْنِ عَنِ المُعْسِرِ والتَّنْفِيسَ عَلَيْهِ بِإغْنائِهِ أفْضَلُ، وجَعَلَهُ اللَّهُ صَدَقَةً لِأنَّ فِيهِ تَفْرِيجَ الكَرْبِ وإغاثَةَ المَلْهُوفِ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ مِنَ العَشَرَةِ ”تَصَّدَّقُوا“ بِتَشْدِيدِ الصّادِ عَلى أنَّ أصْلَهُ (تَتَصَدَّقُوا) فَقُلَبَتِ التّاءُ الثّانِيَةُ صادًا لِتَقارُبِهِما وأُدْغِمَتْ في الصّادِ، وقَرَأ عاصِمٌ بِتَخْفِيفِ الصّادِ عَلى حَذْفِ إحْدى التّاءَيْنِ لِلتَّخْفِيفِ.
{"ayah":"وَإِن كَانَ ذُو عُسۡرَةࣲ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَیۡسَرَةࣲۚ وَأَن تَصَدَّقُوا۟ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق